كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

«بيردمان» للمكسيكي أليخاندرو غ. إينياريتو..

طائر المناقب الخاسرة

زياد الخزاعي (لندن)

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم (أوسكار)

   
 
 
 
 

الشريط الخامس للمكسيكي أليخاندرو غ. إينياريتو «بيردمان» لا مثيل له، ولا شريك. لم يتشبّه بأفلام أخرى، ولم يستلف من قبله. إنه كيان خلاّق قائم بذاته. استغلّ أوسع قدر من تجريب بريشتي (نسبة إلى المسرحي الألماني) قائم على تغريب إزاحة الإندماج الوجداني وميكانيكيته، ليؤسس مخرج «بابل» (2006) كوميديا سوداء حول سقوط عزّة نفس كائن بارع الخيال وموهوب الصنعة، فُطِر على ريبة أنه مدمن خسارات، بسبب تصديع الآخرين لأنفته، وتوالي الرزايا من حوله. فيلم مولييري ناصع، في حدود نزعته الأخلاقية وشخصياته الناريّة. نصّ بورخيسي (نسبة إلى الروائي الأرجنتيني) في حدود «تصنيعه» أزمنة سينمائية متداخلة ضمن قصّ يوحي بـ «تطويل» لقطة سينمائية واحدة غير منقطعة لمآزق وعيه واضطرابات أنانيته.
«
بيردمان» مبنيّ على ظنّ سحري، عماده أن ريغان تومسن (أداء بارع لمايكل كيتن) شخصية مستلّة من فصل خيالي ناقص. كَمَن واجبه الدرامي في ترتيب «أناه» بأوسع الحيل، من دون أن يسمح للآخرين وجساراتهم باختراق وهمه. التفتت مكيدة السينما لدى إينياريتو حول زمنه المقسّم بين إرادة عاجزة على جني نجاح نخبوي، يوازي ما أنجزه في هوليوود نجماً لشريط البطل الخارق «بيردمان»، وأن يُقنع الجميع بموهبته في مسرحة قصّة قصيرة للكاتب والشاعر الأميركي ريموند كارفر «عمّ نتحدث حينما نتكلم عن الحب»، وتدبّره الإداري لإنتاجها. هذا الأخير (التدبّر) هو تبرير الجولان التصويري المبهر لكاميرا إمانويل لبسكي (له «شجرة الحياة» لتيرنس ماليك في العام 2011، و»جاذبية» لألفونسو كويرون في العام 2013)، حيث نتابع تجزّؤ مناكفاته بينه وبين «موظفيه» (مساعدته ـ ابنته سام، محاميه جاك، عشيقته الممثلة لورا، الممثلة الأخرى ليزلي، والممثل البديل مايك، وأخيرا تجلّيات شخصية «بيردمان» نفسها)، بالإضافة إلى محيط قلعته المسرحية الذي تقصد قدراً مرسوماً لريغان وإقدامه لاحقاً على انتحار فوق خشبتها، كثمن لعدم تحقّق أمجاده عليها، قبل أن «يستلف» قوى خارقة مخترعة سينمائياً، ليهاجم حيّ المسارح في «تيمز سكوير» وسط نيويورك، إثر تحريضات طائره وصوته الأجش: «هم يترقّبون منك شيئاً عظيماً. أعطهم إياه. انقذ الأرواح المسكينة تلك من حياتهم المزرية والبائسة».

إلام سعى بطل «بيردمان»؟ إعلان استقلاليته المطلقة مبدعاً أو فرداً عادياً. ما يفسّر المشهد الافتتاحي الصاعق بخياله، إذ نشاهد ريغان طافياً في فضاء منعزله المسرحي وزمنه الميتافيزيقي، لاعناً: «كيف انتهينا إلى هنا. نحن لا ننتمي إلى هذه الحفرة اللعينة»، قبل أن يفيق على شتائم ابنته، و»ينزل» إلى عالم مُلتَبِس بواقعية زمنه، حيث تتداخل وفرة سباب على ألسنة المحيطين به، فهو «وغد» (حسب عشيقته)، و «كائن مسكين» (ليزلي)، و«عليك أن تحترم نفسك قليلا» (مايك)، و «لست سوى مهرج هوليوودي بزيّ طائر» (بحسب ناقدة صحيفة «نيويورك تايمز» النافذة، التي تهدّده أيضاً بـ «سأقتل مسرحيتك»، حتى قبل أن تشاهدها)، فيما تغمز طليقته إلى هوانه: «أنت تخلط الفهم بين الحب والإعجاب». وحدها، تكشف له ابنته مدمنة المخدرات سابقاً (الممثلة أما ستون) سرّ رعبه المخفيّ حينما تصرخ في وجهه: «مَنْ أنت بحق الجحيم؟ تمقت المدوّنين. تهزأ من التويتر. لا حساب لديك على الفيسبوك. أنت لا وجود لك. أنت تتصرّف بهذه الطريقة لأنك خائف من الموت، مثلنا».

ريغان ليس شخصاً شيزوفرينياً، إنما ممحون ذهنياً بقدرة ظروفه على كسر كبريائه. رجل بلا حبّ حقيقي. تُشير إلى هذا الفقدان استعارة لكارفر أوردها إينياريتو في مفتتح نصه، على إيقاعات طبول مواطنه العازف أنتونيو سانشيز: «هل نلت ما تبتغيه من هذه الحياة؟ فعلت. وما بغيت؟ أن أسمّي نفسي محبوباً، أن أشعر بنفسي محبوباً على هذه الأرض». بيد أن هذا الحقّ مستحيل في حالة كائن يصرّ على ارتكاب حماقاته بلا هوادة. تقوده أكبرها، حينما ينغلق عليه باب البناية الخلفي وهو يدخّن، الى السير شبه عارٍ وسط الساحة الشهيرة، بين دهشة معجبيه ورسائل هواتفهم النقّالة. بعدها، يتوالى الزور من حوله، فتعترف له عشيقته بكذبة حملها منه، فيما ناور محاميه بمكيدة «هناك عقد للتصوير مع سكورسيزي»، قبل أن يشهد إغواء الممثل المتشاوف مايك (أدورد نورتن) لابنته في الكواليس، فيصرخ مفجوعاً: «أنا تعيس».

حمل فيلم إينياريتو عنواناً تكميلياً هو «الفضيلة غير المتوقعة للجهل»، مطوّباً بمغازيه خصيلة مفقودة في كينونة ريغان، متمثّلة بعثرات حقّه في أن يكون بطلاً حقيقياً لا مختلقاً بواسطة مؤثرات خاصة. عليه، فإن الرصاصة الحقيقية التي صوَّبها إلى رأسه في نهاية الفيلم وأخطأت هدفها، جعلت منه إنساناً شديد العادية، لكنّه يأبى إلا أن يحمل مفاجآته إلى الأبد. حينما قرّر التخلّي عن نوائب هذا العالم الشنيع والفاني، ورمى نفسه في الفضاء، أعلن نفسه «طائر المناقب الإنسانية» لا صائد أشرار هوليوودياً، فيما تراقبه ابنته ذاهلة وهو يصوّت في السماء مكرّساً سرمديته!

السفير اللبنانية في

22.01.2015

 
 

(سيلما)..فيلم يعاين حركة الحقوق المدنية الأميركية

عمان - محمود الزواوي

يجمع فيلم «سيلما» (Selma) (2014) بين أفلام السيرة الذاتية والدراما، وهو من إخراج المخرجة آفا دوفريني التي يشتمل رصيدها السينمائي أيضا على الإنتاج والتأليف والتمثيل، وهي منتجة مشاركة لهذا الفيلم. ويستند الفيلم إلى سيناريو للكاتب السينمائي بول ويب.

وتقع أحداث قصة فيلم «سيلما» في ولاية ألاباما في جنوبي الولايات المتحدة في العام 1965، والقصة مبنية على شخصيات وأحداث حقيقية. والشخصية المحورية في الفيلم هو زعيم حركة الحقوق المدنية الأميركية القس مارتن لوثر كنج الابن. وتدور أحداث قصة فيلم «سيلما» حول المسيرات الشعبية التي قادها مارتن لوثر كنج وغيره من زعماء حركة الحقوق المدنية الأميركية من مدينة سيلما إلى مدينة مونتجومري عاصمة ولاية ألاباما، عبر مسافة 72 كيلومترا، تحدّيا لسياسة التمييز العنصري التي كانت مطبقة في تلك المنطقة آنذاك، والمطالبة بالحصول على حق التصويت للأميركيين السود في الانتخابات الأميركية في الولايات الجنوبية. وجرت المسيرات الشعبية الثلاث خلال شهر مارس/ آذار 1965، وشهدت المسيرة الأولى ما يعرف بـ «يوم الأحد الأحمر» الذي ذهب ضحيته عشرات الأميركيين السود خلال اصطدامهم مع قوات الأمن المحلية.

ويقدّم فيلم «سيلما» عرضا واقعيا للمسيرات والأحداث التي استمرت ثلاثة أشهر خلال مرحلة حاسمة في تاريخ حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، كما يتناول عددا من الشخصيات الرئيسة ذات العلاقة، ابتداء بمارتن لوثر كنج وغيره من زعماء حركة الحقوق المدنية، والرئيس الأميركي ليندون جونسون، وعدد من الشخصيات الأخرى المؤيدة لحقوق الأميركيين السود والمعارضين لها، وبينهم حاكم ولاية ألاباما جورج والاس الذي كان معروفا بتعصبه العنصري.

ويتخلل أحداث قصة فيلم «سيلما» عرض واقعي لأعمال العنف التي تعرض لها المتظاهرون السود على أيدي رجال الأمن المحليين البيض خلال المسيرة الشعبية الأولى، وذلك قبل أن يزداد عدد المشاركين في تلك المسيرات ويتوقف تعرضهم لمضايقات عناصر الأمن. وتمت حراسة المسيرة الشعبية الثالثة من قبل عدة آلاف من القوات المسلحة الأميركية وأعضاء الحرس الوطني لولاية ألاباما وأعضاء دائرة التحقيقات الفيدرالية الأميركية (المباحث). وقطع المشاركون في هذه المسيرة المسافة بين مدينتي سيلما ومونتجومري خلال ثلاثة أيام. وانتهت هذه المسيرات بتوقيع الرئيس الأميركي ليندون جونسون على قانون حقوق التصويت في العام 1965، وبنيل الأميركيين السود حقوقهم في التصويت. ويعدّ هذا القانون أحد أهم الانتصارات التي حققتها حركة الحقوق المدنية الأميركية.

وتتناول المخرجة آفا دوفيرني شخصية مارتن لوثر كنج في فيلم «سيلما» بأبعادها السياسية والإنسانية. ويلقي الفيلم نظرة واقعية وصادقة على حياته، تجمع بين التقدير والاحترام والصراحة دون أن تغفل بعض الجوانب الشخصية السلبية، وعلى المرحلة التاريخية والسياسية الحاسمة التي عاش فيها، خاصة بعد فوزه بجائزة نوبل للسلام في العام 1964، وهو العام السابق لمسيرات سيلما – مونتجومري. و»سيلما» هو أول فيلم يتناول حياة مارتن لوثر كنج. وعلقت المخرجة آفا دوفيرني على ذلك بأن فيلمها يعدّ «تصحيحا مهما» لما وصفته بأنه «إهمال إجرامي» من جانب هوليوود.

ويجمع فيلم «سيلما» بين العديد من المقومات الفنية المتميزة، كقوة الإخراج وسلاسة السيناريو وبراعة التصوير والموسيقى التصويرية والمونتاج، وبقوة أداء الممثلين، وفي مقدمتهم الممثل البريطاني ديفيد أوييلوو المتحدر من أصل نيجيري، الذي جسد شخصية مارتن لوثر كنج بواقعية، وغاص في شخصية هذا الزعيم. وقال هذا الممثل إنه أمضى سبع سنوات وهو يكافح في محاولة للحصول على هذا الدور وإنه درس شخصية مارتن لوثر كنج على مدى عدة سنوات، مضيفا أنه تحوّل على مدى ثلاثة أشهر إلى مارتن لوثر كنج.

ويشترك في فيلم «سيلما» عدد كبير من الممثلين القديرين الذين تفوقوا في أدائهم، ومنهم الفنانة المرموقة أوبرا وينفري في دور ناشطة حقوق الإنسان آني لي كوبر والممثلة كارمين إيجوجو في دور كوريتا سكوت كنج زوجة مارتن لوثر كنج، والممثل توم ويلكنسون في دور الرئيس ليندون جونسون، والممثل تيم روث في دور جورج والاس حاكم ولاية ألاباما، والممثل مارتن شين في دور القاضي الفيدرالي فرانك مينيس جونسون.

وافتتح فيلم «سيلما» في مهرجان معهد الأفلام الأميركي السينمائي، حيث استقبل بحماس وفاز فيه بجائزة فيلم العام. كما استقبل بثناء واسع النطاق من قبل النقاد، وحصل على تقدير بنسبة 100 بالمائة من موقع «الطماطم الفاسدة»، أكبر وأشهر تجمّع لنقاد السينما في الولايات المتحدة. ورشح الفيلم لما مجموعه 87 جائزة سينمائية وفاز بسبع عشرة منها، شملت عددا من جوائز روابط نقاد السينما الأميركيين، ورشح الفيلم لاثنتين من جوائز الأوسكار لأفضل فيلم وأفضل موسيقى تصويرية. وبلغت إيرادات فيلم «سيلما» 29 مليون دولار خلال ثلاثة أسابيع، فيما بلغت تكاليف إنتاجه 20 مليون دولار.

الرأي الأردنية في

22.01.2015

 
 

«أوسكار» تعلن التفاصيل الشهر المقبل:

تبرير التوحش العسكري الأمريكي والتفوق الغربي

لوس أنجليس – أسامة صفار:

تحولت جائزة الأوسكار، والتي تعد أرفع وأهم الجوائز السينمائية في العالم الى ما يشبه الوجبة الجاهزة في مطاعم الوجبات السريعة، ويستطيع أبسط متابع لأفلام هوليوود طوال العام أن يتوقع مكونات نتائجها النهائية قبل إعلانها.

وتستند توقعات الجوائز إلى نمط اعتادت أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة الأمريكية اتباعه في منح جوائزها، ومن ثم يمككنا رسم الصورة الكلية للجائزة، التي ستعلن نسختها الجديدة في فبراير/شباط المقبل.

وتحرص الأكاديمية ومصوتوها الذين يتجاوز عددهم ألف ناقد وسينمائي على تمثيل الاهتمامات الأمريكية على المستويين الحكومي والشعبي ومن ثم الاهتمامات الأوروبية بنسب قد تختلف كل عام.

ويبدو ذلك جليا في قائمة ترشيحات أوسكار 2015 والتي احتوت على العناصر «الأوسكارية» المعروفة مسبقا وتتلخص في فيلم «للجلد الذاتي» عن اضطهاد السود في أمريكا وكيف انتصروا في النهاية.

تتجسد هذه السمة هذا العام في فيلم «سلمى»، الذي يدور حول الدكتور «مارتن لوثر كينغ» ونضاله من أجل الحقوق المدنية للسود ويقابله في العام الماضي فيلم «12 عام من العبودية» هو فيلم دراما تاريخي، مبني على السيرة الذاتية لـ»سليمان نورثوب»، وهو شخص أسود حر يتم اختطافه في واشنطن سنة 1841 ليقع في العبودية.

والسمة الثانية التي تميز ترشيحات الأوسكار هي «تبرير التوحش العسكري الأمريكي» عبر استعراض الآلام والإحباطات التي تصيب الجندي الأمريكي بينما يقتل الآخرين، وقد تكررت هذه السمة منذ حصول المخرجة كاترين بيجلو على أوسكار 2009 بفيلمها «خزانة الألم» الذي يستعرض بالتفصيل آلام وإحباطات الجنود الأمريكيين في العراق نتيجة القلق والمخاوف والإصابات التي يتعرضون لها بينما يقاتلون في العراق.

المخرجة نفسها، كاترين بيجلو، حصلت على أوسكار آخر عام 2012 عن فيلمها «نصف ساعة بعد منتصف الليل»، ويحكي قصة قتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن، وتبرر خلاله التعذيب الذي تعرض له المشتبه فيهم من العرب والمسلمين للوصول لمعلومات حول مكان إقامته.

في المقابل فإن ترشيحات 2015 التي تؤكد على السمة نفسها فهي فيلم «قناص أمريكي» من إخراج الأمريكي المخضرم «كلينت يستوود».

ويحكي الفيلم القصة الحقيقية لحياة الجندي كريس كايل (برادلي كوبر)، القناص الأمريكي المعروف بالجندي الأكثر فتكًا في تاريخ العسكرية الأمريكية، برصيد مائة وستين قتيلًا مؤكدًا باسمه، ويستعرض الفيلم أيضا مدى تأثير مواجهته للموت يوميًا أثناء عمله على حياته الشخصية والعاطفية، والذي يؤدي بعد ذلك إلى انفصاله عن زوجته وعائلته.

السمة الثالثة السائدة في الأفلام المرشحة لنيل الأوسكار هي دعم فكرة التفوق الحضاري الغربي بفيلم «فندق بودابست الكبير».

وتدور أحداث القصة في دولة خيالية تدعى «زوبروفكا» تقع أقصى شرق أوروبا عند جبال الألب وقد أصابتها الحروب بالفقر والضعف، ويصل كاتب روائي إليها وبالتحديد إلى فندق بودابست الكبير، حيث يعتزم قضاء عدة أيام بمفرده، ويتعرف إلى مالك الفندق الذي يدعى «زيرو مصطَفى»، ويروي له مصطفى كيف أصبح مالكا للفندق.

السمة الرابعة التي تجعل الفيلم مرشحا لنيل الجائزة السينمائية الأشهر عالميا هي فكرة الحنين، حيث رشح فيلم «الرجل الطائر»، والذي يستعرض قصة محاولة ممثل ونجم سابق لأمجاده بعد أفول الأضواء وابتعادها عنه.

«الرجل الطائر» هو استعادة بشكل أو آخر لفيلم «نبراسكا»، الذي رشح العام الماضي للأوسكار وتدور أحداثه حول رحلة رجل فقير على وجهه علامات الشيب يدعى وودي ديرن (بروس ديرن) يتسلم رسالة من إحدى المجلات، تخبره بأنه حصل على جائزة قيمتها مليون دولار، وأنه يجب أن يذهب إلى نبراسكا لاستلام الجائزة.

ويحاول ابنه الأصغر أن ينصحه بأن تلك الجائزة عبارة عن إعلان توزعه كبريات مؤسسات الإعلان الأمريكية لغرض كسب زبائن جدد لها، إلا أن الأب يصر على أن هذه الجائزة هي ملك له وبعد عدد من المحاولات يقرر الابن (دايفيد) أن يرافق والده في تلك الرحلة الطويلة بين مونتانا ونبراسكا، حيث يتم استعادة الذكريات والتواصل مع العديد من رفاق الطفولة والشباب، وتكتمل الصورة عندما تلحق بهم الأم ثم الابن الأكبر.

وتضفي السمة الخامسة على جائزة الأوسكار بهاء خاصا حيث تمنح للتفوق والتفاني معا وهو ما انطبق العام الماضي على فيلم «جاذبية» للنجم المخضرم «جورج كلوني» و»ساندرا بولوك» وهو الفيلم الذي حصد أكثر من 500 مليون دولار في شباك التذاكر.

أما الفيلم الموازي له هذا العام فهو «الصبا» وقد تم تصويره في فترات متقطعة على مدار 11 سنة من مايو/آيار 2002 إلى أكتوبر/تشرين الأول 2013، ويروي قصة نشأة الطفل «ميسون» وأخته «سامانثا» حتى مرحلة البلوغ.

ولا يمكن للأوسكار أن تتجاهل السمة السادسة والأهم لها وهي الانتصار لليهود المضطهدين دائما رغم تكذيب الواقع والوقائع في هوليوود نفسها لهذه المزاعم لذلك يفوز فيلم «عايدة» بالترشح لأفضل فيلم أجنبي.

الفيلم يحكي قصة فتاة بولندية تستعد لطقوس الرهبنة في أحد الأديرة بعد أن نشأت فيه وتحاول الاتصال بأي من أقاربها قبل هذه الطقوس فلا تجد سوى خالتها التي تكشف لها أنها يهودية وليست مسيحية وأن أسرتها قتلت غدرا خلال محاولتها الهروب من النازي، ويستدعي الفيلم نفسه قصة فيلم «سليمان نورثوب» بطل فيلم «12 عاما من العبودية» لنعرف أنه يهودي أيضا طبقا للفيلم.

وقد جاءت الترشيحات لأوسكار أحسن فيلم للعام الحالي لتشمل «قناص أمريكي» و «الرجل الطائر» أو «الصبا» و»لعبة المحاكاة» و»نظرية كل شيء» و»ويبلاش» و»سلمى».

وجاءت مسابقة أحسن مخرج لتتضمن كلا من «اليخاندرو إيناريتو جونزاليس» عن «الرجل الطائر» و «ريتشارد لينكلاتر» عن «الصبا» و»بنيت ميللر» عن «صائد الثعالب» و»ويس أندرسون» عن «فندق بودابست الكبير» و»مورتين تيلدوم» عن «لعبة المحاكاة».

أما قائمة ترشيحات أحسن ممثل فاحتلها كل من «ستيف كاريل» عن «صائد الثعالب» وبرادلي كوبر عن «قناص أمريكي» و»بنيديكت كومبرباتش» عن «لعبة المحاكاة» و»مايكل كيتون» عن «الرجل الطائر» و»إيدي ريدمياين» عن «نظرية كل شيء».

وفي قائمة ترشيحات أحسن ممثلة كانت «ماريون كوتيار» عن «يومان وليلة» و»فليسيتي جونز» عن «نظرية كل شيء» و»جوليان مور» عن «ما زالت أليس» و»روزاموند بايك» عن «فتاة مختفية» و»ريز ويثرسبون» عن «متوحش». وتعلن أسماء الفائزين بأوسكار 2015 مساء يوم 22 فبراير/شباط المقبل.

القدس العربي اللندنية في

22.01.2015

 
 

لماذا انتصر فيلم “سيلما” لمارتن لوثر كينج على حساب ليندون جونسون؟

بلال فضل – التقرير

بدون شك، نجح فيلم (سيلما) الذي يروي جانبًا مهمًا من حياة المناضل الأمريكي الأشهر مارتن لوثر كينج، في تقديم صورة مشرقة لبطل حركة الحقوق المدنية ونضال ملايين السود من أجل الحصول على حقوقهم كاملة، لكن هل كان لا بد أن يحدث ذلك بالانتصار دون وجه حق لمارتن لوثر كينج، على حساب معاصره الرئيس الأمريكي ليندون جونسون؟، ولماذا لم تحرص مخرجة الفيلم أفا دوفيرناي وكاتبه بول ويب على تحري الدقة التاريخية، التي كان يمكن أن تضيف إلى الفيلم الكثير وتجنبه الاتهامات بتزييف التاريخ؟، خاصة أن الأمر لم يكن يستدعي ذلك أبدًا.

لم يكن غريبًا أن أجد قاعة العرض الضخمة ممتلئة عن آخرها، حين ذهبت لمشاهدة فيلم (سيلما)، برغم أنه فيلم تاريخي يحكي عن بطل تدرس سيرته في المدارس والجامعات، ولا يكشف الفيلم عنه مفاجآت صارخة، كالتي جاءت في الكتب التي تناولت سيرته الذاتية، والتي قدمت حياته الخاصة بشكل أكثر صراحة وجرأة -من بينها كتاب مهم لمارشال فاراداي سأعرضه قريبًا على حلقات بإذن الله- فقد نجح الفيلم في عبور تلك المنطقة الشائكة التي تحكي عن علاقات مارتن لوثر كنج النسائية بحذر شديد، دون أن يتجاهلها تمامًا أو يوغل فيها كثيرًا، مركزًا على قيام المباحث الفيدرالية بقيادة رجلها الغامض جي إدجار هوفر والذي كان يكره كنج بشدة، بإيصال شريط تسجيل يحتوي على “مقاطع صوتية ساخنة” لكنج مع إحدى صديقاته.

وقدم الفيلم مشهدًا به مواجهة بين كنج وزوجته تسأله إذا كان يحب غيرها، فيتردد طويلًا قبل أن يجيب بلا، ليوحي الفيلم بالمأزق الذي كان يعاني منه كنج، والذي برغم أن كثيرًا من الكتب والوثائق كشفت تفاصيله، إلا أنها لم تفلح في تشويه صورته المشرقة لدى ملايين الأمريكيين الذين اتخذوه رمزًا للحقوق المدنية والنضال السلمي والكفاح من أجل العدالة الاجتماعية والمساواة.

كان واضحًا جدًا أن الفيلم قام بكسر الحاجز بين الشاشة التي تعرض ما حدث في الماضي والشارع الملتهب بأوجاع الحاضر، فقد كانت قاعة العرض الممتلئة عن آخرها تضج بتفاعل قوي مع كافة مشاهد الفيلم الذي يعيد تجسيد أحداث مسيرات مدينة سيلما الواقعة بولاية ألاباما التي تعرضت للقمع من قبل مأمور المدينة العنصري، بدعم من حاكم الولاية المتعصب، وهو ما لم يحدث فقط في دار العرض التي شاهدت فيها الفيلم، والتي تقع على بعد خطوات من ميدان تايم سكويرالذي كان يشهد في نفس الوقت مسيرات حاشدة وغير مسبوقة احتجاجًا على تبرئة رجلي شرطة قاما بقتل شابين أسودين في مدينتي فيرجسون ونيويورك، فقد كتبت كثير من الصحف والمواقع الإخبارية عن مظاهر تأثير الفيلم على آلاف المشاهدين في دور العرض الأمريكية، خصوصًا في المشاهد التي يقوم رجال الشرطة بالاعتداء الوحشي على المتظاهرين السود.

حيث كانت تضج القاعة بالصيحات والتأوهات والشتائم أحيانًا، لتصل ذروة تأثير الفيلم مع عرض أغنية (المجد) في نهاية الفيلم بعد خطبة مؤثرة لمارتن لوثر كنج، لتفعل تلك الأغنية الرائعة الأفاعيل بكل من سمعها، ولذلك لم يكن غريبًا أن تحصل على جائزة جولدن جلوب لأحسن أغنية، وأظنها حتمًا ستحصل على جائزة أوسكار أحسن أغنية أيضًا، خصوصًا بعد أن تم استبعاد الفيلم من الترشيح لأبرز الجوائز، في ظلم بين للممثل البريطاني من أصل نيجيري ديفيد أويلوو، والذي لم يكتف بالاعتماد على وجود تقارب شكلي كبير بينه وبين شخصية مارتن لوثر كنج، بل أدى الشخصية بإحساس مذهل، متفوقًا على نفسه في مشاهد الخطابات التي بعث فيها مارتن لوثر كنج من جديد على يديه، وربما ساعده في ذلك أن مخرجة الفيلم لم تستخدم نفس نصوص الخطب التي اشتهرت لدى الكثيرين؛ لأن حقوقها كان قد تم شراؤها لمشروع سينمائي آخر، فقامت بكتابة خطب جديدة تستلهم أهم أفكار مارتن لوثر كينج، ليكون ذلك في مصلحة أداء ديفيد أيولوو ومصلحة العمل بأكمله.

ثمة لغط كبير حول أسباب استبعاد الفيلم من الترشيح لأهم جوائز الأوسكار، والاكتفاء بترشيحه لجائزة أفضل فيلم مع تسعة أفلام أخرى، وجائزة أفضل أغنية، ومع أن ذلك الاستبعاد لا يتم ذكر أسباب محددة له في العادة؛ لأنه يتوقف على اختيارات أعضاء الأكاديمية ومزاجهم العام، لكنّ الكثيرين يرون أن ذلك لا ينفصل عن الهجوم الذي شنه العديد من المؤرخين والكتاب المرموقين على الفيلم، واتهامه بتزييف التاريخ عمدًا، خاصة أنه لم يقم بارتكاب خطأ غير مقصود كما حدث من قبل في فيلم (لينكولن) قبل عامين، ولم يقم بتفسير واقعة تاريخية مختلفة عليها بشكل يعبر عن رؤية صانعي الفيلم، بل قام بإعادة كتابة تاريخ معروف للكافة، بشكل يساهم في تأجيج تصورات غاضبة عن مسيرة الحقوق المدنية الأمريكية، فأساء من حيث أراد أن يحسن.

يقدم فيلم (سلما) رواية مفادها أنه كان هناك خلاف حاد بين الرئيس الأمريكي ليندون جونسون ومارتن لوثر كينغ في عام 1965 حول قانون الحق في التصويت، وأن جونسون كان يعارض مشروع القانون لفترة، لكن كينج قام بالضغط عليه من خلال تحركات شعبية لإجباره على إصدار ذلك القانون، وهو ما تصفه إليزابيث درو الكاتبة المتخصصة في دراسة تلك الفترة في مقال نشرته مجلة (نيويورك ريفيو أوف بوكس) المرموقة، بأنه “تشويه للحقيقة ومحض خيال لا علاقة له بالواقع”، ويثير أسئلة حول المدى الذي تدين به صناعة السينما للجمهور في تقديم الحقيقة التاريخية، لكي لا يصل الأمر إلى حد صراخ آلاف الشباب في دور السينما استنكارًا كلما ذكر اسم جونسون، مع أنه لم يكن ضد القانون كما ذكر الفيلم، ولم يكن هناك أي صراع بينه وبين كينج.

ومع أن درو تؤكد أن جونسون وكينج كان لديهما الكثير من الاختلافات في المسؤوليات ودوائر الاهتمام والخلفيات السياسية، لكن ذلك لم يمنع تشكيلهما لشراكة رائعة وملهمة لإقرار قانون حق التصويت، وكان على الفيلم أن يبرز هذه الاختلافات ولكن ليس إلى الحد الذي وصل إليه، بالافتراء على جونسون وإظهار أنه لم يكن له أي دور في حركة الحقوق المدنية، وأن الدور كله لعبه كينج منفردًا، بهدف زيادة التشويق الدرامي للفيلم.

ترى إليزابيث درو أن معظم ما قدمه فيلم “سيلما” كان حقيقيًا وجيدًا ومهمًا، خصوصًا في عرضه لتفاصيل المسيرات الشعبية المناهضة للعنصرية، وهو ما يوقع على صناعه مسؤولية أكبر؛ لأنه كان عليهم أن يبرزوا بشكل أكبر تنوع وثراء شخصيتي جونسون وكينج، وكيف أدى التفاعل بينهما إلى التسريع بإقرار قانون الحق في التصويت، الذي لم يأت من العدم في إدارة جونسون، بل كان الرئيس السابق جون كينيدي قد أرسله ضمن تشريع الحقوق المدنية الموسع إلى الكونجرس عام 1963 قبل اغتياله، وأعلن جونسون بعد توليه المنصب خلفًا لكينيدي أنه سيمنحه الأولوية في إقراره تشريعيًا، ثم تم تأجيل التصويت على إقرار القسم الخاص بحقوق التصويت بعد تصاعد وتيرة العنف ضد السود في الجنوب؛ لذلك، قرر المتحمسون للتشريع تأجيله لكي لا يساهم في تغذية العنف العنصري، حتى قرر جونسون في خريف عام 1964 إعادة تقديمه بشكل أقوى، حين يكون الظرف السياسي مهيئًا لاستقباله بشكل أفضل.

يقدم الفيلم لقاءً تم بين جونسون وكينج في ديسمبر 1964، يحث فيه كينج الرئيس على الإسراع بإصدار القانون، في حين أن جونسون في ذلك التاريخ كان قد فعل ذلك قبل اللقاء، أندرو يانج مساعد جونسون الذي أظهره الفيلم حاضرًا لذلك اللقاء، قال في تصريح لصحيفة (واشنطن بوست) إنه لم يكن هناك خلاف بين الرجلين، وأن كينج لم يكن متوترًا جدًا طيلة اللقاء كما أظهره الفيلم، ولم يكن هناك أي مواجهة من أي نوع، وأن جونسون لم يقل أبدًا الجملة التي نسبها الفيلم إليه والتي تكاد تكون تلخيصًا لموقفه من وجهة نظر الفيلم “لديك شيء واحد لتهتم به، أما أنا فأهتم بـ 101 شيء”، وأن الاختلاف الوحيد الذي وقع بين الرجلين كان بخصوص التوقيت، وحتى فيما يخص ذلك، لم يكونا متباعدين تمامًا كما يصور ذلك المشهد.

يبدو ظلم فيلم (سلما) لجونسون أكثر وضوحًا، حين يتم التركيز على مكالمة بين كينج وجونسون، تظهر صراع الاثنين بشكل أوضح، في حين يغفل الفيلم مكالمة مهمة ومسجلة بين الاثنين في 15 يناير 1965، لا يمكن ادعاء صناع الفيلم أنهم لم يطلعوا عليها لأنها منشورة ومعروفة لكل دارسي الفترة، وفي تلك المكالمة يقوم جونسون بحث كينج على دعم ومساندة تشريع المجتمع العظيم الذي قدمه جونسون للتو، قبل أن يتم تشكيل ائتلاف مضاد له، طالبًا من كينج أن يفعل كل ما بوسعه لجذب انتباه الجماهير إلى أهمية ذلك التشريع الذي سيساعد السود وسيحسم مسألة حق التصويت، التي قال جونسون في تلك المكالمة إنها “ستحل 70 في المئة من مشاكلكم”، فوافقه كينج وأعلن أنه سيدعم التشريع جماهيريًا بكل ما قدر عليه، وكل هذا لم يظهره الفيلم، بل على العكس تمامًا، أظهر أن هذا هو المنطق الذي يفكر به كينج، ويعارضه جونسون، مما يتجاوز مسألة تقديم تفسير مختلف لواقعة تاريخية، إلى تزييف حقيقة تاريخية مثبتة بالفعل في وثائق تلك الفترة.

في الواقع، فإن قراءة الوثيقة التي تعرض نص المكالمة بين الاثنين كما تقول إليزابيث درو، تفيد وصول جونسون وكينج إلى درجة عالية من التعاون، لدرجة أن كينج سعى في المكالمة لإقناع جونسون بتعيين أمريكي أسود في طاقمه الحكومي، فلم يلجأ جونسون للمراوغة في هذا الطلب، بل قال لكينج إنه يريد من السود أن يساندوا تشريعه بإنشاء وزارة للإسكان، وبعدها سيقوم بتعيين وزير أسود، بل وقام بتسمية عدد من الأمريكيين السود الذين يفكر فيهم بالفعل، فوافقه كينج على ذلك، ثم قام جونسون بحث كينج على أن يساعده في تمهيد الطريق لإقرار قانون حق التصويت، باختيار مكان يعاني فيه السود بشدة من حرمانهم من حق التصويت، وجعل ذلك معروفًا للعالم، وبنص تعبير جونسون “بحيث يحدث قريبًا جدًا أن سائق الجرار الذي لا يعرف شيئًا عن القضية يقول بعد متابعة ما يحدث إن حرمان السود من التصويت ليس عادلًا ولا صحيحًا، وسيساعدنا ذلك على شق طريقنا حتى نهاية المطاف”، ليقول له كينج “أنت على حق تماما في ذلك”، بل إن الوثائق تبثت أن كينج كان أكثر اتفاقًا في بعض النقاط مع جونسون، من اتفاقه مع بعض قادة الحقوق المدنية المتشددين الذين اعتمدوا ما عرف بخطة ألاباما التي تسعى لتنظيم المظاهرات في منطقة يقودها مأمور متعصب سيقوم بضرب المظاهرات بوحشية، ليتم استغلال ذلك لدى الرأي العام، وعندما انتصر رأي أولئك القادة على كينج الذي كان متحفظًا، وبدأت مظاهرات سيلما التي حدث فيها يوم الأحد الدامي الذي صوره الفيلم، والذي كان كينج متغيبًا عنه لانشغاله بفعالية أخرى، جرت محادثة هاتفية بين جونسون وكينج، قال فيها جونسون لكينج، إنه يدرك أن هذا القانون لو مر فإن ذلك سيكون أعظم إنجاز لإدارته، وهو ما تصفه درو بأنه “ليس كلمات مترددة من محارب”، عاتبة على الفيلم أنه تجاهل الخطاب العظيم الذي أدلى به جونسون أمام الكونجرس، محولًا أعمال الشغب الدامية في سيلما إلى قوة دفع لإنجاز حقوق التصويت للسود، وقدمه بصورة باردة جدًا، لا تتفق مع حقيقة ما حدث تاريخيًا.

في نهاية مقالها المهم، تعتبر إليزابيث درو أن ما قام به صناع فيلم سيلما وعلى رأسهم مخرجته أفا دوفيرناي، يشكل تراجعًا عن الخطوة التي تمت في الصيف الماضي في برودواي، في مسرحية “على طول الطريق” التي لعب بطولتها النجم برايان كرانستون وقدم فيها شخصية ليندون جونسون بشكل إيجابي، مؤكدة على أنها لا تعترض على اختيار رؤية منحازة ضد جونسون؛ لأن هذا حق كامل لصناع أي فيلم، مستشهدة بالعديد من الأعمال التي قدمت تفسيرات تاريخية لأحداث وشخصيات تاريخية لا يعرف الناس على وجه اليقين كل الحقائق المرتبطة بها.

وهو ما لم يحدث في فيلم سيلما الذي اصطنع صراعًا بين جونسون وكينج وانحاز فيه ضد جونسون وقدمه بصورة سلبية بالكامل، وهو ما تعتبره درو أمرًا لا يمكن تبريره بدعوى الرغبة في تقوية الصراع الدرامي، منتقدة الذين اعتبروا مثل ذلك التزييف التاريخي أمرًا يمكن تقبله؛ لأن بمقدور أي أحد التأكد من الحقائق التاريخية بالفعل، متسائلة عما إذا كان كل شاب شاهد الفيلم وأخذ صورة خاطئة عن تاريخه القريب سيذهب إلى ندوة لمعرفة الحقيقة، خاصة أننا لا نتحدث هنا عن تقديم رؤية درامية لحدث مختلف عليه، بل نتحدث عن حقائق تم تقديمها على عكس ما جرت عليه، وخاتمة كلامها بالقول إنه إذا كنا سنعترض على قيام أحد بدهن نصب واشنطن التذكاري باللون البرتقالي، فمن باب أولى أن نعترض على تزييف حقائق تاريخية في فيلم سينمائي؛ لأن صناعه يتصورون أن ذلك سيساعدهم على زيادة إيرادات شباك التذاكر.

للأسف، كان يمكن لصناع هذا الفيلم الجميل أن يتجنبوا الوقوع في هذا الفخ الذي أثار لغطًا كانت له آثار سلبية على مجهودهم الكبير المتميز، وهو ما لا أجد له تفسيرًا مقنعًا سوى ما قاله أبو الطيب المتنبي في بيته الشهير: “ولم أر في عيوب الناس عيبًا.. كنقص القادرين على التمام”.

التقرير الإلكترونية في

22.01.2015

 
 

3 أخطاء تاريخية في فيلم «American Sniper» تشوه حقيقة الحرب على العراق

لينة الشريف

بدأ عرض فيلم «القناص الأمريكي American Sniper» في دور العرض المصرية، الذي يحكي قصة القناص الأمريكي كريس كايل، الذي شارك في الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، ولكن هل يروي الفيلم القصة الحقيقية للحرب؟

يقول بطل الفيلم «برادلي كوبر» إن الفيلم «ليس نقاشًا سياسيًا عن الحرب»، ولكن يقول زاك بوشامب، في مقال على موقع Vox، إن المشاهدين يستمعون إلى رواية سياسية عن الحرب على العراق، وهي تحرف حقيقة الحرب.

ويسرد بوشامب 3 أخطاء توضح تشويه حقيقة الحرب على العراق:

الفيلم يشير بشكل خاطئ إلى أن أمريكا اقتحمت العراق بسبب أحداث 11 سبتمبر

في الفيلم، يظهر من البداية أن مهمة كريس كايل العسكرية استجابة للإرهاب، فهو ينضم للجيش بعد تفجيرات القاعدة للسفارات الأمريكية في كينيا وتنزانيا في 1998، كما نرى ردود أفعاله المذهولة هو زوجته تجاه أحداث 11 سبتمبر، ثم فجأة نجد كيلي في الحرب على العراق.

يقول بوشامب، إن الفيلم لا يحتوي على أي إشارة للرئيس الأمريكي السابق جورج بوش أو الرئيس العراقي الراحل صدام حسين أو أسلحة الدمار الشامل، الفيلم يشير إلى أن الحرب على العراق كانت استجابة مدروسة لأحداث 11 سبتمبر.

ويوضح بوشامب أن الحرب على العراق في الواقع لم تكن بسبب 11 سبتمبر، والأهم أنه اتضح عدم وجود أسلحة الدمار الشامل العراقية، التي كانت أساس الحرب، مضيفًا أن الفيلم يشير إلى أن أحداث 11 سبتمبر لم تمنح أمريكا خيارًا سوى غزو العراق، وأن الغزو الأمريكي عام 2003 كان شيئًا حدث للأمريكيين، وليس باختيارهم.

يستكمل بوشامب «يوضح كايل مرارًا وتكرارًا أنه يحارب لحماية أسرته، مما يشير مجددًا إلى أن الغزو كان دفاعًا وقائيًا ضروريًا ضد الإرهابيين العراقيين، على الرغم من أنه لم يكن هناك أي تهديد بالفعل».

الفيلم يصور الحرب ردًا للقاعدة، في الواقع العكس هو الصحيح

في رواية الفيلم، تبدأ الحرب على العراق مع مهمة كايل الأولى ضد تنظيم القاعدة في العراق، وعلى مدار أربع جولات، يحارب كايل عددًا من المنضمين الأشرار للتنظيم.

ويُترك المشاهدون مع انطباع أن الحرب على العراق كانت ضد القاعدة في البداية، وكان القتال خاصة ضدهم، ولكن يقول بوشامب، إن الواقع هو أن العراق أصبحت بؤرة لعمليات القاعدة، ولكن ذلك لم يحدث سوى بعد الغزو، وفي الواقع كان الغزو والاحتلال الأمريكي الفاشل هو ما سمح بهذه الأرض الخصبة، حسب وصف بوشامب.

يقول بوشامب، إن الفيلم يصور الغزو الأمريكي ضربة صالحة ضد شر القاعدة، بينما في الحقيقة كان الغزو واحدًا من أفضل الأشياء التي حدثت للقاعدة، ومن ثم الفيلم لا يتجاهل هذا التاريخ، ولكنه يشوهه بنشاط.

الفيلم يصور العراقيين «متوحشين» وإرهابيين معظمهم من الأشرار

يرى بوشامب، أن الرواية تصور الحرب كمسرحية أخلاقية: هناك إرهابيون أشرار، ويحتاج كريس كايل لقتلهم. وفي كلمة توضح سياسة الفيلم يقول والد كايل، إن هناك ثلاث أنواع من البشر: الأغنام، والذئاب التي تفترسهم، وكلاب الراعي التي تحميهم، ويوضح لابنه أن العائلة لا تقوم بتربية أي أغنام، وأنه سيعاقبه إذا أصبح ذئبًا، وهذا يعني أن كايل كلب الراعي، وهو وزملاؤه رجال صالحون يقومون بقنص الإرهابيين.

ويشير كايل مرارًا وتكرارًا إلى العراقيين، أنهم «متوحشون»، ولا يبذل الفيلم أي جهد لإثبات خطأه، ويظهر طفلان من أصل ثلاثة في الفيلم وهما يحملان الأسلحة، على الرغم من أن أحدهما يتركه قبل إطلاق النار، بينما يتعرض الثالث للتعذيب على يد رجل عراقي.

يقول بوشامب، إن آلاف العراقيين قتلوا أثناء محاربة القاعدة، ولم تكن ستنجح هزيمة القاعدة إذا لم تحدث صحوة الأنبار في 2005، حيث حمل العديد من المجتمعات المحلية العراقية في بؤر القاعدة، الأسلحة لاستئصال التنظيم.

كما يتجاهل الفيلم واحدة من أبشع وأهم جوانب الفيلم، وهو الانقسامات بين السنة والشيعة في العراق، اللذين حاربا أمريكا وحاربا بعضهما البعض أيضًا، مما أدى إلى الحرب الأهلية.

يتفهم بوشامب عدم رغبة فيلم أمريكي الخوض في السياسة الطائفية، ولكن بدلًا من مجرد تجنب الصراع الطائفي في العراق، يسرد الفيلم رواية أن الحرب كانت عن مواجهة أمريكا للقاعدة، وهو الأمر غير الصحيح والمضلل.

الآثار الخطيرة لتشوهات الفيلم

يقول بوشامب، إنه بمجرد أن وضع الفيلم الغزو كاستجابة صالحة لأحداث 11 سبتمبر، وهو الأمر الخاطئ، وأن الحرب نفسها معركة ضد إرهابي القاعدة الأشرار، بينما الحقيقة أكثر قتامة بكثير، فهو بذلك يحمل هذا السرد إلى نهايته المنطقية وهي أن «معارضة حرب العراق، أو التأييد غير الكافي لمجدها، هو بمثابة خيانة».

يرى بوشامب، أنه بدون استكشاف لماذا يقاتل العراقيون، الأخطاء الأمريكية و دينامية الطائفية السنية الشيعية، لا يمنحنا الفيلم أي مصادر لرؤية ما وراء منظور كايل عن «الخير في مواجهة الشر»، مضيفًا أنه في الفيلم، لا تبدو الحرب على العراق سوى مجرد حرب ضد القاعدة، وأن الضحايا الوحيديين هم الجنود الأمريكيون.

الشروق المصرية في

22.01.2015

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)