كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

يوميات مهرجان كان السينمائي الدولي... (8)

أسلوب ايناريتو يستحق الإعجاب.. "بابل" فيلم السعفة والمخرج نقطة ضعف "حليم"

“كان”  محمد رضا:

مهرجان كان السينمائي الدولي التاسع والخمسون

   
 
 
 
 

حتى اليوم لم نكتب عن عمل يستحق السعفة لكننا الآن نفعل بعد أن شاهدنا “بابل” الذي لا ينافسه فيلم آخر وإن ظهر ما ينافسه فلا شك سيكون عملاً جباراً.. “بابل” في المسابقة ومعه نقرأ اليوم فيلمين عرضا عرضاً خاصاً.

“بابل”

إخراج: الياندرو غونزاليز إيناريتو

تمثيل: براد بت، كايت بلانشيت، جايل غارسيا برنال، بوبكر عيد السيد.

أمريكي/ مكسيكي/ مغربي [المسابقة]

تقييم الناقد: **** (من خمسة)

 بعدما تسرّب الخوف بين الحاضرين خشية أن يمضي النصف الثاني من المهرجان شبيهاً بالنصف الأول (الجاف مما هو مميّز ولامع) وصل دور فيلم “بابل” للعرض وشكّل، على نحو معيّن، بداية جديدة للعروض في هذه الدورة. إنه أفضل ما عرض الى اليوم وأكثرها استحقاقاً للجائزة الأولى. الفيلم يترك في البال أفكاراً جياشة حول الحب والحياة والموت والسعادة والحزن والكثير من الوحدة. لكنه ليس فيلم طروحات فقط. الوسيلة التي يخرج بها ايناريتو الفيلم تستحوذ على الاعجاب المطلق.

مثل فيلميه السابقين “الحب عاهر” و”21 غرام”، يضع المخرج فيلمه على ثلاثة فواصل بثلاث حكايات حول محور واحد. قدر غريب يربط بين القصص الثلاث. لكن في حين أن فيلمه الأول “الحب عاهر” شهد توالي هذه القصص انطلاقاً من حادثة واحدة وهي صدام سيارتين ينفصل الفيلم عنها منتقلاً بين الساعات السابقة لكل ضحية وصولاً الى تلك اللحظة تحديداً، فإن “بابل” يستعرض الحكايات الثلاث ليس بتواليها بل بالانتقال بينها وبفاعلية أفضل بكثير مما مارسها في “21 غرام”.

هناك بندقية صيد أهداها ياباني لقروي مغربي قبل ثلاث عشرة سنة. اليوم، هذا القروي يبيع البندقية لعائلة من القرية القريبة مقابل 500 دولار وعنزة. الذي اشتراها لديه ولدان لا زالا دون سن النضج. في أحد الأيام يأخذان البندقية معهما خلال رعي الماشية يقتلا الضباع المنتشرة والتي تهدد ماشيتهما. وفي هذه الرحلة بالذات، ومن دون فهم لما يقومان به، يبدآن اطلاق النار على أهداف بعيدة. أصغرهما سناً يطلق النار على حافلة سياحية قادمة بين جبال هذه المنطقة البعيدة. ومن دون أن يقصد يصيب سائحة أمريكية (بلانشيت) كانت مع زوجها (بت).

في سرد متواز ننتقل الى حكايتين أخريين: الأولى تدور حول الياباني الذي أهدى البندقية وابنته الخرساء التي تعيش وحدة قاسية تعرّضها للبحث عن حب لا تجده. والثانية حول مربية مكسيكية ترعى شؤون بيت عائلة براد بت. في حديث هاتفي من المغرب يوافق رب البيت على أن تصطحب الخادمة ولديه الى عرس ابنها في المكسيك. بعد الحفل، وخلال العودة، يقرر السائق عدم الامتثال الى حرس الحدود ويطلب من المربية والطفلين ترك السيارة في منطقة صحراوية. بمحنتها هذه تواجه وضعاً جديداً يتركها والطفلين بين الحياة والموت الى أن يجدها بوليس الحدود. بالتحقيق معها تبيّن انها لا تملك أوراق هجرة. ورغم توسلاتها تُرحل.

هذه القصص تختلط بتناسق جيّد. نحن حينا في طوكيو وحينا على الحدود المكسيكية الأمريكية وحينا ثالثاً في المغرب. والعلاقة بين القصص الثلاث لا تتضح من البداية. لا نعرف أن هذين الولدين هما ابنا براد بت وكيت بلانشيت الا لاحقاً. لكن الجامع بين القصص حالة الخوف مما هو آت وغير مفهوم. وحالة من الحزن الشديد يعيش داخل هذه الكائنات. ثم حال العالم بأسره. الفيلم يستغل فرصة تقديم حكاية أمريكيين في المغرب ليخلق وضعاً يتعرّف فيه الأمريكي على خصال عربية رائعة. الشعور الانساني للقروي الذي لا يعرف الاستغلال. المساعدة التي يوفّرها البعض من دون مقابل وأهم من هذا وذاك، البذل. بينما يجد الأمريكي من القرويين المغاربة تعاضداً في محنته، يفتقده بين باقي ركّاب الحافلة الأجانب الذين يودون المضي في رحلتهم (ويفعلون).

يستحق الفيلم كتابة أكثر شمولاً من هذه المساحة المحدودة، لكن الحال هو أنه فيلم “سعفة ذهبية” لا محال. وإذا لم ينلها فإن الفيلم الآخر (أي فيلم) سيفوز بها عليه، أن يأتي أفضل من هذا العمل بمسافة بعيدة.

“حليم”

إخراج: شريف عرفة.

تمثيل: أحمد زكي وهيثم أحمد زكي ومنى زكي وجمال سليمان.

مصري [عرض خاص].

تقييم الناقد: *** (من خمسة).

الفيلم الأخير للممثل الراحل أحمد زكي يدور عن المغني الراحل عبد الحليم حافظ. ثالث مرة قام فيها زكي بتمثيل شخصية ما. الأولى “ناصر” والثانية “أيام السادات” والآن “حليم”. الفيلم ينجح في أنه يؤم منطقتين عاطفيّتين خاصّتين، فكل من أحمد زكي وعبد الحليم حافظ لديه الجمهور الكبير جداً من المعجبين الذين سيتوجهون الى صالات العرض متوقعين عملاً خالداً يجمع بين نجمين تلاقيا في سرد حكاية حياة وموت. فبينما يمثّل أحمد زكي ما تسنّى له من دور في هذا الفيلم، يلعب شخصية المغني الراحل في أيامها الأخيرة وفي أيامه هو الأخيرة أيضاً.

هذا الجانب العاطفي مهم لتسويق الفيلم الذي لم يبخل عليه المنتج (عماد الدين أديب) فحققه -حسبما هو معلن- بميزانية وصلت الى ستة ملايين دولار. حتى ولو كانت أربعة فإنها استغلّت جيداً في الفيلم. فمن ناحية الصورة وشروطها الزمنية وعناصر الديكور والتصاميم الانتاجية والفنية، هذا فيلم من باب أوّل. لذلك للأسف أن اختيار المخرج عرفة لأسلوب عرضه هذه القصّة كان- في المقابل- أقرب لأن يكون نشازاً.

ينطلق الفيلم بحفلة غنائية تنطلق على المسرح. إنها الحفلة الغنائية الأخيرة التي يقيمها المطرب عبد الحليم حافظ. بعدها يسقط على الأرض فاقدا وعيه ويسترده وهو في غرفة المستشفى. هنا تبدأ الذاكرة بالعودة به، وبنا، الى بداياته. طفولته. ما يحمله في داخله من شعور بالذنب كون والدته ماتت بعد ولادته (بثلاثة أيام يقول الفيلم في مشهد وبأسبوع يقول في مشهد واحد) ما ولّد لديه الاعتقاد بأنه السبب في موتها. الفيلم لا يرتكز فقط على ذاكرة المريض المسجى لينطلق منها في رحاب أمسه، بل أيضاً على ما يتولى عبد الحليم سرده في مقابلة اذاعية. بذلك هناك منطلقان للذاكرة. واحد في مستشفى والثاني في حديث. إنه أمر غير مسبوق، حسبما نعلم، ويمر هنا جيّداً حتى ولو افتقد المبرر على الشاشة.

ما لا يمر مطلقاً معالجة شريف عرفة الفنية للمادة الكبيرة التي بين يديه. من بداية الفيلم وحتى نهايته هناك تلك الكاميرا المحمولة التي تتقدم وتتراجع وتستدير يمينا ثم يساراً في حركة مستمرة، أسلوب ريبورتاجي؟ نعم. واقعي؟ كلا. اذ ليس هناك موضوع واقعي بل مؤلّف. سيرة تداخلت فيها الأحداث الحقيقية بالترجمة الخيالية لها. وحنين الى الأمس كان جديرا بأن يلزم المخرج البحث عن أسلوب عمل أكثر رصانة. ما يفعله يجعل المشاهد يواجه فاصلاً بينه وبين الأحداث هو تلك الكاميرا التي لا تود أن تهدأ. بالتالي، قدرة المشاهد على الانغماس في الفيلم وتقدير ما فيه ستكون محدودة. إذا ما كان هناك مبرر قوي دفع المخرج لاعتماد هذا الأسلوب فهو ليس واضحاً حتى لهذا الناقد. المبرر الواضح ليس قويّاً أو كافياً لأنه لا يلتقي وشروط الموضوع وهو التجديد.

“توْق”

إخراج: فالسكا جرايزباك.

تمثيل: أندريه مولر، إلكا ووتلز، أنيت دورنيوش.

 ألماني [عرض خاص]

تقييم الناقد: ** (من خمسة)

في فيلم متوسط الطول أخرجته جرايزباك قبل خمسة أعوام عنوانه “كن نجمي” تلتقط اللحظة الخاصة لفتاة خسرت عذريتها في الرابعة عشرة من عمرها. في هذا الفيلم تصطاد لحظة أخرى: رجل متزوّج يفيق ليجد نفسه في أحضان امرأة أخرى غير زوجته. اللحظتان خاصّتان طبعاً، لكن الأولى متوقعة أكثر من الثانية.

في الطريقة التي كوّنت بها المخرجة أسلوب معالجتها للحظة الثانية ما يضع تلك اللحظة في عداد شبه رمزي. تبدو لحظة مهمة، اذا ما صدّقنا ملامح الممثل حين أدرك صباح اليوم التالي ما فعله ليلة البارحة، لكنها تبقى غامضة وإلى درجة محيّرة الى أن نفهم أن ماركوس (مولر) لم يخن زوجته مطلقاً من قبل. اذ تمر هذه اللحظة الخاصة يتباطىء الفيلم في فتح صفحاته وينحصر الاهتمام الوحيد في كيان قصة صغيرة القيمة والأثر. في قرية لا تبعد كثيراً عن برلين، لكن تبدو كما لو كانت منعزلة تماماً، يعيش العامل ماركوس مع زوجته إيلا (ولتز) التي لا يعرف غيرها. كانا يحبّان بعضهما البعض منذ أن كانا طفلين وانتهيا الى زواج مريح وهادىء يثير قلق الآخرين في القرية كونه يبدو مثالياً أكثر مما يجب. في ليلة أمضاها مع طاقم الاطفائيين الذين يعمل متطوعاً معهم يشرب ويرقص وفي صباح اليوم التالي لا يعرف كيف انتهى الى سرير امرأة غريبة (دورنبوش). يعود الى زوجته التي يحبها لكنه يكتشف أنه يحب الآن المرأة التي تعرّف عليها أيضاً وبالمقدار نفسه. بكلمات أخرى: أصبح لدى ماركوس حبّان وهو غير سعيد بذلك رغم اعتقاده أن ذلك ممكن في البداية.

يسجّل للمخرجة حسن توظيفها ممثليها الثلاثة في تصرّفات وسلوكيات صغيرة تكشف أحياناً عن عمق أحاسيس كل منهم. حين يأتي الأمر للمعالجة بأسرها، فهي تعاني بطء الايقاع والكثير من تفويت الفرص الدرامية. ليس لأن الفيلم ليس مشحوناً بالأحاسيس، لكنه غير مترابط على نحو مثير طيلة الوقت مع تباعد في اللحظات التي تتطوّر فيها القصة فعلياً لما هو مرحلة جديدة أو أهم.

لقطات

 لقاء عقول: من بين المشاريع التي بحثت بين منتجين عدّة في لقاءات تمّت ما بين مقهى الكارلتون وغرف الماجستيك واحد يدور حول اللقاء بين ألبرت أيزنشتاين والممثل والمخرج والمنتج الأسود بول روبسون. الأول العبقري الذي تمخّضت عن أفكاره بضع نتائج جعلته بارزاً في مجاله، والثاني محارب قديم ومنسي من محاربي اثبات حق الأمريكيين السود باعتلاء مناصب سينمائية واطلاق انتاجاتهم التي تتحدث عن العنصرية في زمن (الأربعينات) كانت هوليوود لا تزال قابعة في التنميط.

المباحثات تدور مع بن كينجسلي في دور ايزنشتاين والممثل داني كلوفر في دور روبسون وكلاهما في المدينة. كلوفر سيستمتع بعرض فيلم “باماكو” الذي حققه المخرج النيجيري عبد الرحمن سيساكو.

 تعابير الوجوه: في حفلة أقيمت على شرف فيلم المسابقة “فلاندرز” التقيت بالمخرج برونو دومانت الذي تحدّث عن اختياره من اللقطات للوجوه. لقطات كثيرة وكلها قريبة تدرس الحركة مهما كانت صغيرة: “أفعل ذلك لأني أريد من المشاهد قراءة ما يفكّر به الممثل على الشاشة. لا أعتمد على الحوارات، بل أعمد الى لقطات الوجه لتكون المعبّر”.

قل ذلك لهواة المسلسلات التلفزيونية عندنا.

 رحلة صيد سمك: لا يمانع الممثل جبريال بيرن في شرح ظروف عمله مع المخرج راي لورنس خلال تصوير فيلمهما الجديد “جينداباين”: “هذا الفيلم هو أكثر الأفلام التي مثّلتها اختلافاً. انه فرصة أتيحت لي لأطلق كل ما في داخلي من مكنونات عادة ما أعتمد عليها لتمثيل أدواري. كل الأشياء التي يعتمد عليها الممثل ليسترجعها حين الحاجة أو يستند اليها لبلورة موقف أو مشهد على الشاشة. أمر مخيف لم أتعرّض له من قبل”.

الفيلم الذي قدم في اطار “نظرة ما” وعنوانه هو اسم القرية التي تقع فيها.

 

ناني موريتي: "التمساح" لم يسقط برلسكوني

ناني موريتي، أو جيوفاني ناني موريتي كما هو اسمه على جواز سفره، مخرج وممثل ايطالي ولد في 19 اغسطس/ آب 1953 ولديه فيلم في المسابقة عنوانه “التمساح”. موريتي قدّم في دورات سابقة من هذا المهرجان أفلاماً اشتهرت وحققت نجاحات نقدية وتجارية منها “غرفة الابن” و”مفكرتي العزيزة”.

“التمساح” فيلمه الجديد كوميديا سياسية ساخرة والسخرية التي توفرها تتمحور حول رئيس الوزراء الايطالي السابق سيلفيو برلسكوني. انه فيلم يقسم ايطاليا بين مؤيد ومعارض له. المؤيدون فرحون به لأنه ضد امبراطور الاعلام الذي تبوّأ مرتبة رئيس الوزراء، والمعارضون هم الذين صوّتوا لبرلسكوني في الانتخابات الأخيرة لكن عددهم، رغم كبره، لم يكن كافياً.

“التمساح” قصة مخرج سينمائي يبحث عن سبل تمويل فيلمه الجديد وسط ظروف انتاج صعبة. في أحد الأيام يستولي على اهتمامه سيناريو قُدّم اليه حول حياة برلسكوني عنوانه “التمساح”. وهنا حوار معه:

·         هذا هو فيلمك السياسي الأكثر مباشرة من أي من أفلامك السابقة.

 نعم. كل أفلامي السابقة كان لديها وضع سياسي تبحث فيه أو تتطرّق اليه لكنها لا تدخل فيه كثيراً، أو مطلقاً. هذا الفيلم خصصته ليكون عن السينما وبرلسكوني. بطريقة ما هما وجهان لعملة واحدة ولو كانت متناقضة.

·         حين جلست تخطط للفيلم هل وضعت في بالك شخصية بارلسكوني ثم أخذت تبحث عن قصة تدور حوله؟

 كلا. كانت الشخصية الأولى في بالي هي شخصية المخرج. كان الفيلم فكرة تدور حول هذا المنتج الذي لم يقدم على عمل ما منذ عشر سنوات، والذي يسمع عديدون في الوسط انه سيعود لكنهم اعتادوا على اعتبار ذلك مجرد اشاعة.

·         هل تعتقد أن لهذا الفيلم أثراً على نتيجة الانتخابات التي خسر فيها برلسكوني مقعده؟

 لا أعتقد أن فيلمي كان له أي تأثير في هذا الوضع. الانتخابات أعلن عنها قبل اجرائها بشهر واحد. خلال ذلك الشهر كان الايطاليون قرروا لمن يريدون التصويت.

·     لكن الصحف الايطالية حسب علمي وضعت فيلمك في مواجهة حملة برلسكوني الاعلامية. فجأة صار هناك ذلك الفيلم السياسي المعادي لجهود الرئيس.

 نعم. لكن تأثير الفيلم على الناخبين محدود جداً. لا أعتقد أن أحداً انتظر مشاهدة الفيلم ليعرف كيف سيصوّت.

·         متى كانت المرة الأولى التي اشتركت فيها في مسابقة “كان”؟

 في 1978 بفيلم “ايكو بومبي”.

·         هل ما زلت تعتبر “كان” المكان الذي على فيلمك أن يتّجه اليه أولاً؟ لم لا تعرض أفلامك في فانيسيا مثلاً؟

 عرضت حتى الآن أربعة من أفلامي في هذا المهرجان. شاهدته ينمو عاماً بعد عام الى ما وصل إليه حالياً من شهرة. وما وفّره لي المهرجان هو تأسيس دعائم نجاح تجاري يمكنني من الاستمرار في العمل. هذا ليس في مقدور مهرجان آخر تقديمه لمخرج. الآن أنا أكثر شهرة من السابق وأظن أن السبب يكمن في مهرجان “كان”.

·         هل ما زلت تشعر بالاثارة التي توفرها المسابقة؟

 كثيراً. كالمرة الأولى.

·     هذا الفيلم يختلف كثيراً عن سوابقه من حيث إنه سياسي مباشر. الأفلام الأخرى حوت تعليقات سياسية لكن هذا يدور في رحاها. هل تعتبر أن المباشرة مبررة هنا؟

 نعم ولسبب جوهري. الفيلم عن سيناريو يدور حول برلسكوني، أما الفيلم نفسه فعلى نحو معيّن لا يدور حول برلسكوني بقدر ما يدور حول ذلك المخرج الذي يحاول انجاز فيلمه الجديد. هل تفهم ما أقصده؟ “التمساح” هو عن مخرج لديه مشروع فيلم عن برلسكوني. هذا ليس عملاً مباشراً من هذه الزاوية. طبعاً، هو أيضاً ليس فيلما رمزياً أو فيلم ايحاءات.

·         انتاجياً هل وجدت صعوبة؟ هل صادفت موالين لبرلسكوني نصحوك بعدم تحقيق هذا الفيلم؟ هل خسرت صداقات بسببه؟

 لم يحدث هذا. ولم يتعرّض لي أحد بطلب عدم انجاز هذا الفيلم. كانت هناك نصائح حول أفضل السبل لإنجاز هذا الفيلم لكنها كانت مجرد نصائح. لكني أقول لك ناحية مهمة، هذا هو فيلمي الأول الذي أنجز من دون مساعدة حكومية.

·         وبالطبع بيعه للقنوات التي يسيطر عليها برلسكوني غير ممكن.

 (يضحك) بالطبع لا. سيكون هذا غريباً جداً لو حدث.

·         هل كل النقاد كتبوا عن الفيلم مادحين؟

 بالطبع لا. كانت هناك نسبة كبيرة من نقاد ايطاليا الذين كتبوا سلباً. معظمهم وصف الفيلم بأنه غير موضوعي. واعترف بذلك، لكن هل من الموضوعي ما تبثّه محطات برلسكوني طيلة 24 ساعة كل يوم؟ هذا ما أود أن أسأله.

المفكرة ... خطوة لمهرجان دبي

خطوة مهمة أقدم عليها مهرجان “دبي السينمائي الدولي” وأعلن عنها في الحفلة الكبيرة التي أقيمت في ليلة الثالث والعشرين وامتدت حتى ليلة الرابع والعشرين. انها الحفلة السنوية التي يقيمها المهرجان. ولو أن مكانها انتقل من شاطىء الكارلتون الى شاطىء الماجستيك. أما الخطوة المهمة فهي الاعلان عن ابتداع مسابقة لأفضل فيلم عربي في المهرجان وسبب أهميّتها أنها ستثبّت الهوية العربية للمهرجان، تلك الهوية التي لم تكن نالت حقّها في الدورتين السابقتين. وهذه الهوية هي التي ستفيد وستثري دولية المهرجان كون هذه الدولية لا تنطلق فقط من جلب أفلام أجنبية وشخصيات عالمية غير عربية، بل من فتح المجال للسينما العربية للاشتراك في الصرح الدولي. ومهرجان دبي هو الفرصة الأثمن لمثل هذا الفعل كونه انطلق بنجاح كرابط بين الشرق والغرب وجسر تواصل بين الثقافات.

وهناك اعلان آخر كان مفاجأة طيّبة أيضاً، اذ أعلن عن تعيين رئيسين فنيين للمهرجان هما الاماراتي مسعود أمر الله والبريطاني سايمون فيلد. ومسعود كفاءة رائعة كونه يحرص على المستوى ويجعله الصميم في كل خطواته من دون “أجندة” خاصة على الاطلاق. هذا الرجل من الإجادة في عمله بحيث خلق نواة للسينما الاماراتية عبر مهرجانه في أبوظبي (أفلام من الامارات) وعزّزها بخمس دورات ناجحة الى الآن.

ولابد من ذكر أن بعض من جيء بهم في العام الماضي للمساعدة في برمجة المهرجان بأفلام عربية كانوا من أصحاب الأجندات الخاصة. بعضهم كان مستعدّاً لضرب مصلحة المهرجان في سبيل مصلحته الشخصية. وبل عمد الى ذلك بالفعل متبوأ فجأة مكانة مؤثّرة. والنتيجة، الاشتراك العربي من أفلام وشخصيات، انتقل خطوات شاسعة الى الوراء بالمقارنة مع الدورة الأولى.

لكن هذه الحركات البهلوانية لا يمكن أن تنطلي على المشرفين والمنظّمين. انها واضحة وعمرها قصير، لذلك جاءت الخطوة المهمة لدعم توجّه لابد منه، جاء اعلان تعيين مديرين فنيين خطوة أخرى الى الأمام.

مبروك لمهرجان دبي. مبروك لدبي نفسها ونتطلّع الآن الى دورة ثالثة أفضل ان شاء الله.

م.ر

merci4404@earthlin

الخليج الإماراتية في

25.05.2006

 
 

هل تذهب دورة "مهرجان كان" ضحية توازنات؟

الفرنسيون يريدون السعفة لملكة لا يحبونها

أحمد نجيم من كان:  

يسدل الستار على عروض أفلام المسابقة الرسمية لمهرجان "كان" السينمائي في دورته التاسعة والخمسين، لتعلن لجنة التحكيم التي يرأسها المخرج الصيني يونغ كار واي، الأحد 28 مايو/أيار اسم الفيلم الفائز بالسعفة الذهبية. وأهم ما شهدته الأيام الأخيرة من المهرجان هو الاحتفاء الكبير الذي حظي به فيلم متوسط للمخرج صوفيا كوبولا عن ملكة فرنسا "ماري أنطوانيت"، إلى درجة أن الصحافة الفرنسية التي أشادت بهذا الفيلم إلى حد الانبهار ، خصوصاً مجلة "فيلم فرنسي" الصادرة خلال المهرجان، تحدثت يومياً تقريباً عن منح ستة صحافيين السعفة الذهبية لابنة المخرج الكبير كوبولا، ويلاحظ ناقد سينمائي عربي وجود لوبي قوي من الإعلاميين وغيرهم من باريس يدعم في شكل كبير صوفيا كوبولا" . يضيف ناقد تونسي: "ماري أنطوانيت بسيط وأقل جودة حتى من أفلام صوفيا كوبولا الأولين "دو فيرجين سويسيد" و"لوست إن ترانسلايشن"، ومع ذلك احتفت كل الصحف الفرنسية بالفيلم وأضحت ترشحه لنيل السعفة الذهبية". أما جريدة "لو ماتان دو نيس" فكتبت أنه "بعد أيام لم يشهد فيها المهرجان مفاجآت، جاء فيلم "ماري أنطوانيت" وأضحى أكبر منافس لفيلم ألمودوفار "العودة"، وختمت: "إنه يستحق السعفة الذهبية". 

وقد ركز الفيلم أساسا على تقديم صورة مغايرة لماري أنطوانيت التي لم تكن محبوبة من الفرنسيين، بأسلوب سينمائي عادي: "هذا الفيلم ما كان ليشارك في المسابقة الرسمية، وهناك أفلام أقوى منه اختيرت في مسابقة "نظرة ما". وينحصر تميزه في ثلاثة أمور، الملابس والديكور خلال التصوير في قصر فيرساي، ثم الأكل من خلال تقديم مختلف أنواع الحلويات"، على ما يفسر الناقد التونسي. وترى مجموعة من النقاد العرب الذين خبروا مهرجان كان السينمائي، أن احتفاء الصحافة الفرنسية بهذا الفيلم سيؤثر في نتيجة الدورة الحالية: "إنه لوبي له امتدادات داخل إدارة المهرجان"، على ذلك يؤكد أحد هؤلاء النقاد. والنقطة الأخرى التي تدفع باللوبي الفرنسي إلى دعم الفيلم، تتعلق بتركيزه على فترة دعم الملك لويس السادس عشر للولايات المتحدة الأميركية في حربها للاستقلال من الاحتلال البريطاني.

الفيلم الذي أجمع عليه الكل خلال هذه الدورة ولم يثر تباينا في الرأي هو فيلم "العودة" لألمودوفار. يعالج بلغته السينمائية المعروفة فكرة الموت، وبالإضافة إلى الإخراج المشوق والسيناريو المحكم، قدم حضورا لافتا للممثلة الإسبانية بينيلوب كروز. وقوة السيناريو مستمدة، حسب المخرج ، من استثماره الواقع المعيوش: "كل النساء اللاتي أتحدث عنهم في الفيلم كن يحطن بي، إنه فيلم يعود بي إلى بلدتي الأصلية لامانشا، ويعود بي كذلك إلى ما هو أكثر عمقا، إلى جذوري، فبهذا الفيلم تصالحت مع شبابي". وظل فيلم "العودة" الشاعري إلى اليومين الأخيرين على رأس الأفلام المرشحة ل"السعفة الذهبية" في مجلات فرنسية وأجنبية تصدر بمناسبة مهرجان "كان". وهناك أفلام أخرى مرشحة كفيلم "لانديجان" (بلديون) لرشيد بوشارب وتمثيل جمال الدبوز وسامي بوعجيلة وسامي ناصيري ورشدي زم، يتحدث عن الجزائريين والمغاربة الذين حاربوا لتحرير فرنسا قبل أن تهملهم وتتنكر لمجهوداتهم. والفيلم الأميركي "بابل" للمخرج أليخاندرو كونزاليس، الفيلم الإيطالي "إلكايمانو" لناني موريتي، والفيلم التركي "إكليملير" لنوري سايلان. بالإضافة إلى "فلاندر" للفرنسي برونو ديمون، وهذه الأفلام تحظى هي الأخرى بحظوظ للفوز بإحدى جوائز "كان".

فهل سيؤثر اللوبي الفرنسي الداعم لفيلم "ماري أنطوانيت" على لجنة التحكيم، المكونة بالإضافة إلى الرئيس كار واي، من مونيكا بيلوتشي وهلينا بونهام كارتر ولوكريسيا مارتل وزانك زيي وصموئيل جاكسون وإيلي سليمان وباتريك لا كونت وتوم روت، أم أن السينما هي التي ستنتصر وتمّحي الحسابات "غير السينمائية" ؟ اكثر من المعتادين على مهرجان كان لا يعتقدون أن ضغط اللوبي سيذهب هباء. وسيظهرالأحد، من خلال النتائج، مدى استقلالية لجنة التحكيم المكونة من سينمائيين كبار.

najim@elaph.com

موقع "إيلاف" في

26.05.2006

 
 

مهرجان كان···

انحياز للفن الخالص في زمن التسطيح والتسلية

إبراهيم الملا: 

''صراع الفن مع التكنولوجيا''، ''صراع سينما المؤلف مع سينما الإبهار''، ''سقوط الخيال الذاتي أمام هجمة الميكنة والجرافيك''··· تظل هذه العناوين المقلقة مصدرا لإحياء الإشكالات الكبيرة الذي تواجهها المهرجانات العتيدة والعريقة مثل مهرجان ''كان'' الذي ينتشي حاليا بدورته التاسعة والخمسين التي تقام من 17 إلى 28 من شهر مايو الجاري، وهو محاصر من كل الاتجاهات بآليات السوق التجارية ونهم المعلنين وأباطرة الإنتاج السينمائي·

كيف يمكن للفن الخالص في السينما أن ينجو من تيارات الترفيه والتسطيح والفنون المتبخرة والمحمولة والسريعة الهضم، تماما مثل وجبات ''الفاست فوود'' المجيّرة على فكرة الإشباع المؤقت والضرر المستديم!

لا لموت الفنون

لننظر الآن إلى الأهداف المعلنة لإدارة مهرجان''كان'' والمتمثلة في: البحث عن أصوات متفردة في الثقافات المختلفة، التميز النوعي في أساليب الإخراج، ممارسة السينما كفن لا كسلعة، البحث عن العالم الروائي في السينما والذي يتعرف على ذاته من خلال الشاشة، إعادة الروح لعلاقة المتفرج بالسينما الحقيقية·

تساهم كل هذه الأهداف الذي يصر مهرجان كان على التمسك بها في صياغة هذا التمازج أو هذه الكيمياء القادرة على الجمع بين الخيال والصنعة السينمائية المتقنة وبين النقد الجمالي والجمهور المتعطش للسينمات الأخرى·

يحفر مهرجان ''كان'' باتجاه مغاير ومضاد لكل النظريات المتشائمة والمروجة لموت الفنون، ولـ ''كان'' الحق في التمسك بهذا الأمل المعني بإنقاذ السينما من ثقافة الفرجة العابرة والمسلية والتأكيد على أهمية الفرجة المتأملة والمفكرة·

تبقى رهانات ''كان'' قائمة من أجل مقاومة العولمــــــة الســــينمائية ومن أجل الاحـــتفاظ على الأقل بالصورة النقية للإبداعات والثقافات الأخرى المجهولة والمغيبة عن خارطة العالم·

شيفرة دافنشي

نال فيلم ''شيفرة دافنشي'' للمخرج ''رون هوارد'' والمقتبس عن رواية شهيرة بذات الاسم للكاتب ''دان براون'' شرف الانضمام لأفلام الافتتاح في هذا المهرجان العريق، وعادة ما يمنح مثل هذه التدشين الدعاية المناسبة والمضاعفة للفيلم المعني، وكانت الرواية قد أثارت ضجة كبيرة ولغطا هائلا ونقاشات مثيرة في العالم وفي الأوساط المسيحية بشكل خاص لأنها زلزلت الثوابت القديمة المتعلقة بحياة السيد المسيح، وتركز الرواية على الصراع القائم بين أنصار نظرية ''الكأس المقدسة'' التي ظهرت بشكل رمزي في لوحة العشاء الأخير لدافنشي وبين جمعية ''أوبوس داي'' التي ترفض هذه النظرية وتحاربها بشتى الوسائل المشروعة وغير المشروعة، ومن المنتظر أن يترك الفيلم الذي صورت أجزاء منه في متحف اللوفر الأثر نفسه والنقاشـــــــات ذاتها التي أثارتهـــا الرواية في أذهان القراء في مختلف بقاع الأرض، هذه البداية الساخنة للحدث السينمائي الأهم في فرنسا ستتحول بلا شك إلى إشارة إيجابية للمفاجآت والاكتشافات المنتظرة في البرامج الرئيسية والفرعية للفعاليات الثرية والمتنوعة في أروقة المهرجان·

حضور متواضع

يظل الحال كما هو عليه بالنسبة للتواجد العربي في مهرجان ''كان''، فهو دائما أقل من مستوى الطموح، وهذه السنة لم يختلف الوضع كثيرا، لكن ورغم ذلك فإن الحضور العربي الأبرز في المهرجان تمثل هذه السنة في اختيار المخرج الفلسطيني ''إيليا سليمان'' ضمن لجنة تحكيم أفلام المسابقة الرسمية، كما أن المخرج الجزائري ''رشيد بو شارب'' متواجد في المسابقة الرسمية بفيلمه ''إنديجنس''، والترجمة الأقرب لهذا العنوان هو ''السكان الأصليون''، وأتى اختيار ''سليمان'' ضمن كوكبة من الأسماء اللامعة استنادا على تجربته الإبداعية المميزة، خصوصا بعد تقديمه لفيلم ''يد إلهية'' الذي ناقش مشكلة الحواجز الإسرائيلية في الأراضي المحتلة بشكل فانتازي ومختلط في ذات الوقت بالواقع المؤلم للحصار ولنتائجه المدمرة والقادرة على محو وتشويش أكثر العواطف الإنسانية لطفا وبراءة والتي جمعت بين بطلي الفيلم روحيا وفرقت بينهما جسديا·

ضمت لجنة التحكيم أيضا رموزا سينمائية لامعة لعل أهمها المخرج ''وونغ كار واي'' ـ رئيس اللجنة ـ صاحب الفيلم التحفة: ''مزاج رائق للحب'' والذي أطلق شهرته في الأوساط السينمائية العالمية كواحد من أبرز مخرجي الموجه الجديدة في هونج كونج (سابقا) ـ الصين حاليا ـ، ومن المشاركين الآخرين في اللجنة يبرز اسم المخرج الفرنســي ''باتريك ليكونت''، والممثل الأميركي ''صامويل جاكســـــــون''، والممثل البريطـــــــاني ''تيم روث''، والإيطــــــالية الساحرة ''مونيكا بيللوتشي''، والصينية ''زيهانج زيوي''، والبريطانية ''هيلينا بونهام كارتر''·

منافسة ''ذهبية''

بالنسبة للأفلام المتنافسة على السعفة الذهبية فبجانب الجزائري ''رشيد بو شارب'' تبرز أسماء قوية وحاضرة في معظم دورات ''كان'' السابقة أمثال: الإسباني ''بيدرو ألمودفار'' صاحب الفيلم الاستثنائي ''كل شيء عن أمي''، حيث يشارك هذه السنة بفيلمه الجديد ''فولفر''، وتشارك ''صوفيا كوبولا'' القادمة من عائلة سينمائية ضاربة بجذورها في أرض الفن السابع بفيلم يتناول الشخصية التاريخية الشهيرة ''ماري أنطوانيت''، وهناك أسماء اخراجية شهيرة مشاركة في المسابقة أمثال: ''آكي كوريسماكي'' و''نيكول جارسيا'' و''جويليرمو ديل تورو'' والبريطاني ''كين لوش''، والإيطالي ''ناني موريتي''·

أما الأقسام الأخرى في المهرجان مثل ''نظرة ما'' و ''أسبوع النقاد'' و ''نصف شهر المخرجين'' و ''كل سينمات العالم'' و''الكاميرا الذهبية'' فما زالت هي الأقسام المفضلة للباحثين عن مغامرات ورؤى سينمائية جديدة، كما أنها تتيح الفرصة لمتابعي السينما المجهولة كي يتعرفوا عن قرب إلى المواهب السينمائية البعيدة عن صخب الشهرة وفلاشات المصورين وإغراء الشركات المسيطرة على سوق الفيلم في الغرب!

الإتحاد الإماراتية في

26.05.2006

 
 

صـوفيا كابولا وماري انطوانيت ضد الصحافة

بقلم بول ريكار (اف ب)

علقت المخرجة الاميركية صوفيا كوبولا بعد عرض فيلمها ‘’ماري انطوانيت’’ خلال مؤتمر صحافي تابعه والدها المخرج الكبير فرنسيس فورد كوبولا ‘’من الافضل الحصول على رد فعل حاسم من مشاهدين اما اعجبهم الفيلم كثيرا او لم يعجبهم اطلاقا، بدل تجاوب فاتر معه’’.

وكانت ردة فعل الصالة بعد العرض الذي استمر ساعتين من الاكثر سلبية منذ انطلاقة المهرجان وقد تجاوز بحدته ردة الفعل على فيلم ‘’دافينشي كود’’ (شيفرة دافينشي).

ويتناول الفيلم الذي قامت بدور البطولة فيه الممثلة الاميركية كيرستن دانست وصورت بعض مشاهده في فرساي، شخصية وحياة آخر ملكة فرنسية فيصفها كفتاة اقتلعت من بيئتها في فيينا لتزرع وسط بلاط ملكي تجهل القواعد البروتوكولية البدائية فيه.

وينصرف الملك لويس السادس عشر الخجول والضعيف الشخصية عنها وتخضع لضغوط قوية من اجل ان تلد له ولي عهد في حين ان زواجهما لم يزل شكليا، فتحول الملكة الفتية حبها للحياة وتعطشها لاختبارها الى الحفلات وما يرافقها من سلوك طائش.

ويتميز فيلم ‘’ماري انطوانيت’’ بمعالجة موضوعه التاريخي على وقع معاصر سواء في الشكل او في المضمون.

فعلى صعيد الشكل يمكن ادراج هذا العمل السينمائي في فئة فن البوب سواء من حيث الوانه المستوحاة من الوان الحلوى الزاهية التي كانت شائعة في فرساي او من حيث اختيار الممثلين فيه وهم فنانون ونجوم يصعب تصنيفهم امثال آسيا ارجنتو وماريان فايثفول وستيف كوغن.

غير ان اكثر ما يلفت شكلا في الفيلم هو الموسيقى وهي موسيقى عصرية بعيدة كل البعد عن حقبة احداث الفيلم، فتتضمن مقطوعات من الموسيقى الرومنطيقية الجديدة من الثمانينات او حتى اغان لفرق روك مثل ‘’ذي كيور’’ و’’غانغ اوف فور’’ و’’نيو اوردر’’ وغيرها.

اما في المضمون، فان المخرجة ارادت تصوير فتيان واحداث يعيشون تلك المرحلة الانتقالية الى سن البلوغ، وهو موضوع مشترك بين جميع البشر في جميع الازمنة، ولو انه هنا يعني شبانا يصنعون مستقبل فرنسا.

ويندرج الفيلم في استمرارية الموضوعين الذين عالجتهما صوفيا كوبولا في فيلميها السابقين وهما بحث الشباب عن انفسهم في فيلم ‘’فيرجين سويسايدز’’ (انتحار فتاة عذراء) وغربة شخص في بيئة لا ينتمي اليها ولا يفهمها في ‘’لوست اين ترانسليشن’’ (تائه في الترجمة). غير ان العديد من رواد المهرجان رأوا ان هذا الفيلم على جماليته يفتقر الى العمق الذي طبع عملي المخرجة السابقين اللذين اثنى عليهما النقاد عند عرضهما. وقد تكون هذه الخيبة ازاء الفيلم ناتجة الى حد ما عن الترقب الكبير الذي كان يحيط به بعد نجاح الفيلمين الاولين. وقالت صوفيا كوبولا ‘’ثمة في الافلام الثلاثة التي اخرجتها فتيات يبحثن عن طريقهن ويمكن ان نعتبر هذا الفيلم بمثابة آخر هذه الفصول الثلاثة’’.

وصادفت ملكة فرنسا على طريقها في كان كما في الباستيل قبل قرنين بسطاء ونماذج من الناس ابعد ما يكونون عن عالمها، حيث كان الفيلم الثاني الذي عرض في اطار المسابقة يوم أمس الأول ‘’لا ريزون دو بلو فيبل’’ (منطق الاضعف) للمخرج البلجيكي لوكا بلفو وهو ما بين الفيلم البوليسي والكوميديا الاجتماعية ابطاله عمال عاطلون عن العمل. ورأى بلفو ان ‘’السينما تسمح بمعالجة مسائل انسانية (..) نخشى في غالب الاحيان في السينما كل ما هو مباشر، الخطاب الشديد النبرة. لكن يأتي وقت يتعين فيه قول الامور كما هي حتى ان كنا مخطئين، والسينما تتيح ذلك’’. واضاف ان ‘’السينما يمكن ان تكون وسيلة لايصال الصوت’’. ويعرض في اطار المسابقة في مهرجان كان فيلم ‘’انديجان’’ (السكان المحليون) للمخرج الفرنسي من اصل جزائري رشيد بوشارب الذي يستعيد دور الجيوش الافريقية في الحرب العالمية الثانية وفيلم ‘’صديق العائلة’’ للمخرج الايطالي باولو سورنتينو.

الوقت البحرينية في

26.05.2006

 
 

رضـــا الباهي يبـــدأ تصــوير فيلمه في كان

هدى إبراهيم (أ.ف.ب)

بدأ المخرج التونسي رضا الباهي بتصوير أولى مشاهد فيلمه الجديد، حيث تتواصل فعاليات المهرجان السينمائي الدولي التاسع والخمسين، وبدأ الباهي التصوير بعد ان تعثر تصوير الفيلم خاصة بسبب موت مارلون براندو الذي كان الشريط سيتمحور حوله.

وكان رضا الباهي اعلن من مهرجان كان قبل عامين انه وقع عقدا مع الممثل الاميركي الكبير الراحل مارلون براندو للتمثيل في الفيلم، لكن موت براندو الذي كان مريضا وفي مرحلة متقدمة من العمر كاد يقضي على ولادة الفيلم قبل ان يعمد المخرج وبتشجيع من الاصدقاء على اعادة كتابة السيناريو بشكل شبه كامل. وكان براندو العملاق في افلام من طراز ‘’عربة اسمها اللذة’’ قرأ سيناريو الفيلم الاساسي وطلب من الباهي تعديله، معتبرا ان الشاب التونسي بطل الفيلم لن يكون بمقدوره اقتحام هوليوود بعد الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول كما اقتحمها عمر الشريف في الخمسينات. وكان ان عدل الباهي في سيناريو فيلمه الذي يصور حلم شاب تونسي يقول له سائح اميركي انه شبيه ببراندو، فيقرر الرحيل الى الولايات المتحدة والتحول الى نجم.

وقبل عامين حال رفض شركات التأمين على حياة براندو خلال مرحلة التصوير دون بدء تصوير الفيلم في موعده الاصلي وأخره لثلاثة اسابيع توفي خلالها براندو. ويقول رضا الباهي لوكالة فرانس برس ‘’في البداية اخترت انيس الرعاش من تونس لاداء دور الشاب، لكن مع تاخر الفيلم ومرور الوقت تغير شكله كليا فاحترت في الامر، ثم اخترت الفرنسي نيكولا غازاليه وبعد فترة من التجارب وجدت انه لا يتكلم العربية ثم رسا الخيار على الممثل المصري خالد ابو النجا’’.

وعن سبب اختياره لهذا الممثل الشاب الذي شارك في فيلم ‘’سهر الليالي’’ ولعب دور البطولة في ‘’مواطن ومخبر وحرامي’’ يقول الباهي ‘’اخترته لانه يعطي لمحة عن براندو وهو في عنفوان شبابه’’.

واشار المخرج الى ان ابو النجا سيقيم لأسابيع في تونس قبل التصوير حتى يتمكن من اتقان اللهجة التونسية.

وسيصور الفيلم لمدة 4 اسابيع في تونس و 3 اسابيع في لوس انجلس ‘’في شهر سبتمبر؛ لأن الضوء يكون اجمل’’.

وتلعب هند صبري امام خالد ابو النجا دور المراة التي تعارض رحيله وهي في الفيلم ابنه خاله تعيش في القرية ولا تتحمل السياح الاميركيين، وتعرف سلفا بأن حلم قريبها زائف.

ولا تختلف شخصية المراة في هذا الفيلم لرضا الباهي عن ادوارها السابقة، فهي دائما الواعية والاقوى والاكثر حكمة وحدسا في التعاطي مع الاشياء. واوضح رضا الباهي انه لا يسعى لاختيار نجوم ‘’حين استخدمت المصري محمود مرسي في فيلمي ‘’شمس الضباع’’ (عرض في مهرجان كان في اطار تظاهرة ‘’خمسة عشر يوما للمخرجين’’ العام 1977) لم يكن نجما بعد وكذلك الحال حين عملت مع بن غازارا وجولي كريستي في فيلم وشم على الذاكرة فهما لم يكونا في حينه نجوم شباك’’. ويعتبر الجزء الاول من الفيلم تسجيليا، حيث يسجل المخرج اعلانه عن اطلاق الفيلم في كان العام 2004 وسيتم تصوير بعض المشاهد الاستعادية التسجيلية في لندن، حيث من المفترض ان تلعب المنتجة نورما هايمن دورها في الحياة في الفيلم وقد وافقت على ذلك. وبموت براندو فإن انتاج الفيلم بات تونسيا- فرنسيا- هولنديا.

الوقت البحرينية في

26.05.2006

 
 

كاميرا رضا الباهي تدور في «كان»...

شريط تونسي عن حلم عربي أجهضه موت براندو وعبدالخالق 

المكان: فندق فخم في أحد شوارع مدينة «كان» الجانبية.

الزمان: خلال عقد الدورة التاسعة والخمسين لمهرجان «كان».

الكاميرا تدور في إحدى قاعات الفندق المكشوفة. والمخرج التونسي رضا الباهي يعطي إشارة بدء التصوير. وجه الباهي يعبر عن الفرح والحزن في آن معاً. ذلك أن المشهد الذي يصوره يروي أموراً كانت جرت معه شخصياً خلال دورة العام 2004 من «كان». التصوير في «كان» لمشهد كان دار فيها حقاً، لكن الفيلم ليس عن المهرجان تماماً. الفيلم اسمه «المواطن براندو» ستشكل مشاهد «كان» منطلق أحداثه التي ستدور لاحقاً بين لندن ولوس انجليس. فلماذا يفرح تصوير أول فيلم عربي في «كان»، مخرجه ويحزنه الى هذا الحد؟

الحكاية طويلة سنرويها باختصار فيما نحن نتابع تصوير المشهد. الحكاية حكاية فيلم كان الباهي قد بدأ الخطوات الأولى لتحقيقه في كان 2004 تحديداً، عن شاب تونسي يشبه الفنان الكبير مارلون براندو شبهاً مدهشاً، يجعله يتقمص سمات الرجل وتصرفاته في حياته اليومية، وصولاً الى السفر الى لوس انجليس لعيش التجربة الهوليوودية من خلال التعرف الى بطل «العراب» و «يوم القيامة الآن». يومها تمكن الباهي من الحصول على مارلون براندو شخصية محورية في فيلمه ووقع معه عقداً سهّل عليه الحصول على انتاج انكليزي. وفي انطلاقة المشروع من «كان» لمناسبة مهرجانها في ذلك العام، راح العالم كله يتحدث عن هذا الجسر السينمائي بين السينما العربية و «أعظم ممثل في تاريخ الفن السابع»... وراح رضا الباهي يحلم. وكان أول مشاركيه في الحلم يومها الناقد السينمائي اللبناني غسان عبدالخالق الذي تبنى المشروع تماماً، الى درجة أصبح معها شبه مستشار فني لصديقه المخرج التونسي. بالنسبة الى عبدالخالق كان المشروع مشروعه وراح يتحدث عنه الى أصدقائه وزملائه بحماسة بدت أحياناً أكبر من حماسة صاحب الفيلم الأصلي. خصوصاً أن عبدالخالق اعتبر – وشاركه الباهي في ذلك الاعتبار – أن العام 2004 وعبر ذلك المشروع بالذات سيشكل انطلاقة جديدة لنوع جديد من السينما العربية يتخذ من السينما نفسها موضوعاً له. لكن ذلك لم يحصل لأن العام 2004 سرعان ما أصبح عام رحيل الاثنين معاً: مارلون براندو ثم غسان عبدالخالق.

دمعة وابتسامة

بالنسبة الى رضا الباهي كان يعني هذا ان المشروع مات: أجهض تماماً، خصوصاً أن المنتجين الانكليز راحوا يماطلون. فوجود مارلون براندو كان هو ما أغراهم، والعقد الذي رضي بأن يوقعه لرضا الباهي كان هو ما فتح خزائن أموالهم.

اليوم، إذاً، بعد سنتين فاجأ رضا الباهي أهل مهرجان «كان» بعودته الى مشروعه، ولكن بعد تعديلات كثيرة» ربما ستفقد الفيلم حين ينتهي موضوعه الأساس، لكنها ستعطيه ثراء جديداً، ذلك ان الباهي، صاحب «شمس الصباح» و«صندوق عجيب» قرر ان يكون فيلمه الجديد حكاية فيلمه المجهض: فيلم عن الفيلم، سينما داخل السينما. سيظل موضوع حلم «براندو» التونسي الشاب هو الأساس، واللقاء مع براندو الطيف المحوّم فوق الفيلم وفوق حياة ذلك الشاب، لكن هذا كله يأتي هذه المرة، من خلال فيلم يروي الحكاية كلها: كيف ولد المشروع، كيف كان اللقاء مع براندو، كيف ثارت الحماسة في العالم كله ازاء أخبار تتحدث عن عودة عملاق التمثيل من طريق سينمائي عربي تونسي... وصولاً الى التفاصيل واللقاءات الجانبية واستنكاف المنتجين بعد موت براندو، واليأس التام الذي أصاب الباهي بعد موت غسان عبدالخالق.

اليوم إذ يصور الباهي المشاهد الأولى لفيلمه في «كان» قد لا يكون ضرورياً ان نقول لماذا يتسم وجهه بكل هذا القدر من الفرح... ومن الحزن... خلال تصوير مشهد يخيم عليه طيف غسان عبدالخالق، الذي يروي المشهد بعض علاقته بالفيلم. والباهي إذ يمسح دموعه، وهو يتحدث عن براندو وخصوصاً عن عبدالخالق (الذي سيهدي فيلمه الى ذكراه)، يقول انه ما كان ليقدم على هذا المشروع لو لم يتمكن من إحداث هذه التعديلات، وتحويل «المواطن براندو» الى عمل شديد الخصوصية وشديد السينمائية. ثم خصوصاً لو لم ينل دعماً كبيراً وحاسماً من بعض أكبر أصدقاء مارلون براندو وورثته (من شين بن الى أفراد عائلة براندو)، سيمكنه من جعل براندو حاضراً من خلال أفلامه وصوره ومن خلال طيفه «الذي بات مخيماً على حياتي منذ ذلك الحين» كما يقول.

خلال شهور ينجز رضا الباهي تصوير فيلمه... فهل نأمل بأن نشاهده العام المقبل في «كان» فنستعيد مع الباهي، فصولاً عشناها معه وتحمسنا له فيها، مرة حين ولد المشروع في العام 2004، ثم حين عاد من جديد في العام 2006؟

الحياة اللبنانية في

26.05.2006

 
 

يومان وتعلن لجنة التحكيم أسماء الفائزين في أضعف دورات «كان» للأعوام الأخيرة...

الملكة المراهقة تقسم الحضور و «بابل» و«بولبر» ينقذان سمعة المهرجان

كان (جنوب فرنسا) – ابراهيم العريس

«بابل» أو «بولبر»؟ «فلاندر» أو «التمساح» أو «ماري انطوانيت» أو حتى «السكان الأصليون»؟ التكهنات وصلت الى الذروة في وقت يشارف فيه مهرجان «كان» على نهايته. يومان آخران وسيكون على رئيس لجنة التحكيم وونغ كارواي ورفاقه (وبينهم مونيكا بيلوتشي والفلسطيني ايليا سليمان) ان يحسموا أمرهم ويجيبوا على السؤال المرتسم في أفق المهرجان منذ البداية... بل منذ ما قبل البداية. فإذا كانت هناك لحظات كبيرة منـتـظرة يـوماً بعد يوم في المهرجان من المؤكد ان اللحظة الأسمى هي لحظة إعلان النتائج. وصحافة المهرجان لا تنتظر عادة تلك اللحظة، بل هي – وعلى رأسها «سكرين» و «الفيلم الفرنسي» – تعطي ترجيحاتها وعلاماتها يوماً بيوم.  

ويحدث أحياناً ان تتغير العلامات، زيادة أو نقصاناً، تبعاً لأحوال المفاجآت غير المتوقعة. وحتى الآن يكاد يكون هناك إجماع على ان الأكثر ترجيحاً هو فيلم بيدرو ألمودوفار «بولبر» (العودة)، مع منافسين أقوياء هم الذين ذكرناهم اول هذا الكلام. غير ان كل هذا الجهد اليومي قد لا يعني شيئاً في نهاية الأمر، فلجنة التحكيم نادراً ما تأخذ هذه «الاجتهادات» في الاعتبار. بل الأدهى من هذا انه يحدث في بعض المرات – كما حدث مع تارانتينو قبل عامين، ومع كروننبرغ قبل أعوام، حيث كان على رأس لجنة التحكيم -، ان يشعر رئيس اللجنة ان ما ينشر في الصحافة في هذا المجال إنما هو محاولة للضغط، فيكون المفعول عكسياً.

لكن هذه ليست القاعدة، لحسن الحظ، فوونغ كارواي رجل مهذب ليس له نزق تارانتينو بالأحرى. من هنا – حتى وإن لم يكن ثمة شيء مؤكد – يمكن القول، مثلاً، ان ألمودوفار لن يخرج من دون جائزة كبرى... وربما تكون السعفة من نصيبه. مهما يكن هو حصل على «سعفته» من النقاد والجمهور. مثله في هذا ناني موريتي، صاحب «التمساح» وعدو برلسكوني الشهير. بالنسبة اليه سقوط هذا الأخير في الانتخابات الإيطالية وابتعاده عن السلطة، سعفة ذهبية في حد ذاته «ولكن... حاذروا فابتعاد التمساح لا يعني موته او اختفاءه. الرجل لا يزال يملك سلطات ووجوداً كبيرين. لذا لن تنتهي معركتنا معه على هذا النحو»، قال موريتي في «كان». وكان من الواضح انه يلمح الى ان سعفة ذهبية تعطى لفيلمه ستكون سلاحاً إضافياً في المعركة!

كل هذا يبقى افتراضياً على أي حال عند كتابة هذه السطور ووصولها الى القارئ. ما يمكن قوله منذ الآن هو ان هذه الدورة لم تكن – في المحصلة الأخيرة – دورة قوية، مقارنة بدورة العام الفائت. لنقل انها دورة اكتشافات، ودورة تمهد لستينية العام المقبل. ويمكن لمهرجان «البندقية» الذي أعلن في «كان» لائحة عروضه الأولية ان يفترض انه هذا العام، سيهزم «كان». ولكن هذه تبقى حكاية أخرى يمكن العودة إليها.

خيبة للسيدة ماري انطوانيت

حكايتنا الآن هي حكاية التوقعات والخيبات. وربما حكاية هذا الترابط المتجدد بين السينما والتلفزيون. وحكاية «الصغار» الذين لسنوات قليلة خلت كانوا نجوماً ثانويي الأهمية في التظاهرات الموازية (ديل تورو، اينبراتو، صوفيا كوبولا...) فإذا بهم يقفزون اليوم الى الصدارة. وربما ايضاً حكاية كبار من ابرز فائزي الأعوام الماضية، عرضوا هذا العام افلامهم في تظاهرات ثانوية (بلوكيو مع فيلمه «مخرج الأعراس»، أوجين كامبيون مع فيلم قصير عنوانه «ثمانية» عن السيدا... الخ). فماذا عن الأفلام نفسها، وردود الفعل تجاهها؟ هنا يصح الحديث عن خيبات وصدمات، اكثر مما عن مفاجآت جيدة. مثلاً فيلم صوفيا كوبولا «ماري انطوانيت» الذي شغل الحديث عنه الصحافة والناس طوال الشهور السابقة، قوبل بنوع من الاستياء، أو على الأقل لم يزد عدد المصفقين له في العرض الأول، عن عدد المصفرين. ولم يكن هذا ناتجاً – كما قد يقول البعض – عن عصبية فرنسية لم تستسغ تدخل الصبية الأميركية في حياة زوجة آخر ملوكهم الكبار وفي سيرة ثورتهم، بل عن خطية في الفيلم ورسم كاد يبدو كاريكاتورياً لسيرة ملكة لم يكن ممكناً مشاهدتها أختاً لسكارليت جوهانسون في «ضاع في الترجمة» (فيلم كوبولا السابق). فإذا أضفنا هذه الخيبة الى الخيبة – العارمة والعامة هذه المرة – ازاء «دافنشي كود»، فيلم الافتتاح الذي بات الآن في مهب النسيان، يمكننا ان نتساءل عما اذا كانت باريس (التي صور فيها الفيلمان) قد تبدت سيئة الطالع بالنسبة الى محاولة السينما الأميركية التصوير فيها؟ يشتغل ضد هذه الفكرة تلك التحفة السينمائية المضمونة «باريس... كم أحبك» الفيلم الذي حققه عدد كبير من المخرجين وافتتح تظاهرة «نظرة ما...» فباريس هنا بدت رائعة في لحظات كثيرة، حتى وإن كانت صوّرت كبطاقات بريدية في لحظات أخرى.

مجد الختام

لقد برهنت أيام «كان» ان الغياب العربي كان شكلياً فقط، اما في ثنايا الأمور وعلى مدى المناسبات والتظاهرات، فإن العرب حضروا بأشخاصهم وسينماهم وأخبارهم المفاجئة – راجع مكاناً آخر في هذه الصفحة – لكنهم حضروا ايضاً من خلال افلام الآخرين... ولا سيما في فيلم اينبراتو «بابل» الذي يشكل قسمه العربي جزءاً اساسياً منه وينطق بالعربية شخصيات عدة فيه. ثم حدث هذا ايضاً في فيلم «فلاندر» الرائع، والذي يمكن ان يحسب له حساب مميز في يوم الختام. «فلاندر» فيلم يتملك متفرجه بالتدريج ويهيمن عليه. يظل في باله بعدما تنسى أفلام كثيرة. لنا عودة، طبعاً، الى هذا الفيلم الذي صور جزء كبير منه في تونس، تماماً كما ان ارض المغرب كانت المكان الذي صورت فيه أفلام اخرى كثيرة.

وإذا ذكرنا تصوير مثل هذه الأفلام في الشمال الافريقي، لا بد من إشارة اساسية هنا، الى ان معظم افلام دورة هذا العام لمهرجان «كان»، بما فيها الأفلام الأميركية الرئيسة – تدين بوجودها الى الإنتاج الفرنسي ولا سيما الى «استديو كنال» الذي عاد الى «كان» بقوة في هذا العام.

ومن هنا، حتى في مجال محاولة إرضاء فرنسا – كطقس معتمد ومعتاد في يوم الختام، لا يمكن التكهن بشيء. ذلك ان فرنسا، في شكل أو في آخر، ستخرج فائزة ولا سيما في شكل غير مباشر. اما اذا فازت مباشرة من طريق فيلم فرنسي فستكون السعادة الفرنسية مضاعفة. وربما ستكون في حجم السعادة التي شعر بها الفرنسيون من اهل مهرجان «كان» حين عرض فيلم تسجيلي عن زيدان بطل كرة القدم ذي الأصل الجزائري. هذا الفيلم كان من عروض «كان» الرئيسية – ولو خارج المسابقة – وسجل بالنسبة الى الفرنسيين لحظة مجد سينمائي – رياضي كبيرة.

فهل تكون اللحظة الوحيدة او ان حفل الختام سيضفي المزيد؟ سؤال لا نزال أبكر من ان نجيب عليه وإن كان في وسعنا ان نأمل في ان يذهب مجد الختام الى إسبانيا («بولبر»)، أو الى ايطاليا («التمساح») أو الى المكسيك («بابل») ولم لا؟

الحياة اللبنانية في

26.05.2006

 
 

على خطى ستيفن سبيلبرغ... رشيد بوشارب يوقظ «كان» من السبات بفيلمه الجديد...

«الفرنسيون الأفارقة»: السينما الكبيرة في لعبة تصفية الحساب مع الذاكرة

كان (الجنوب الفرنسي) - ابراهيم العريس

هل هو أوان تصفية الحساب مع الذاكرة... الذاكرة الفرنسية تحديداً، هذه الذاكرة التي تبدو شديدة الانتقائية في نشاطها؟ هذا السؤال هو ما يطرحه على نفسه الخارج والدموع في عينيه والدهشة على ملامح وجهه، من العرض المهرجاني، فيما كان لفيلم «الفرنسيون الافارقة» (وهي الترجمة الأكثر منطقية لعنوان فيلم رشيد بوشارب)، المشارك في المسابقة الرسمية في المهرجان والذي شكل مفاجأة اليوم التاسع لهذه التظاهرة السينمائية، مفاجأة فنية ومفاجأة سياسية ايضاً. مفاجأة هي من القوة بحيث ايقظت المهرجان من سباته ونبهته الى ان ثمة أشياء أخرى يمكن الحديث عنها غير مراهقة الملكة ماري انطوانيت والوجبات السريعة الاميركية. ولكن نبهت كثيراً ايضاً الى ان تحرير فرنسا على يد الأميركيين الداخلين الى باريس في العام 1944، ليس التحرير كله، وجنود ايزنهاور لم يكونوا وحدهم المحررين.   

كان هناك ايضاً أولئك الريفيون البائسون الذين جيء بهم من قرى الشمال الافريقي ومن أرياف السنغال على صرخة «هيا يا قوم لننقذ فرنسا» فركضوا ببؤسهم وشجاعتهم ليحرروا «الوطن الأم». هؤلاء الجنود المنسيون هم موضوع فيلم رشيد بوشارب. الفيلم الذي صفقت له الصالة طويلاً حين عرض، وستبدأ السجالات عنيفة من حوله على الفور. لأنه ببساطة يقول لفرنسا بعض الحقائق التي تميل الى نسيانها. وتشير بالأصابع الى جدود هؤلاء الشبان الذين ينتفضون اليوم في شوارع فرنسا مطالبين بحقوقهم، متحدثين عن خديعة كبرى تعرضوا لها.

كثيرون، غير رشيد بوشارب، الفرنسي من أصل جزائري، قالوا هذا من قبل، في الأدب والمناشير والبيانات السياسية، وكثر قالوه في التظاهرات المطلبية. لكن السينما لم تدن منه كثيراً... وكما يجب، أو حين دنت منه، مرات نادرة، فعلت هذا في أفلام مملة. بوشارب خاض الدرب الاخرى: حقق فيلماً مميزاً فنياً، عالي التقنية «يكاد يكون هوليوودياً» كما قال احدهم. فيلم يستحق «السعفة الذهبية» بعد ثلاثين سنة من فوز جزائري آخر بها، عن فيلم آخر كان فيه تصفية حساب ولكن مع ثورة الجزائر تلك المرة.

فيلم «الفرنسيون الأفارقة» عنيف، ساخر وصادق. وصل فيه أداء ممثليه (من جمال دبوز الى سامي نصيري وسامي بوعجيلة، وكلهم من رموز النجاح المغاربي في فرنسا اليوم) الى ذروة لا يمكن ان يكون وراءها إلا مخرج كبير متمكن، عرف ايضاً كيف يسخر موسيقى الشاب خالد لخدمة عمل كبير... ستكون له مكانته بالتأكيد، في «كان»، ولكن على مدى الشهور المقبلة. وبالتأكيد لن يكون الكل راضياً عنه، فتصفية الحسابات أمر يصعب قبوله، خصوصاً حين يقول حقائق يفضل كثر طمسها في مهب النسيان.

تكراراً... ليس بالأمر السهل الذي يمكن المرور عليه مرور الكرام ان يكون للسينما المغاربية، حتى ولو كانت فرنسية التقنية والانتاج، عمل يستقي مصدره، الفني الرئيس من ابدع ما حقق سلف كبير للسينمائيين المبدعين في عصرنا: ستيفن سبيلبرغ في «لائحة شندلر» وفي «إنقاذ الجندي ريان» في آن معاً. ذلك ان «الفرنسيون الأفارقة» إذا كان يذكر بشيء، من الناحية السينمائية، فإنه يذكر بهذا!

الحياة اللبنانية في

27.05.2006

 
 

شفرة دافنشي أصاب النقاد بالملل

السينما السعودية حديث العالم في كان

كان ـ محمد رضا 

هناك ما يدعو للسخرية في أمر العديد من النقاد الذين يذهبون إلي هذا المهرجان في كل عام‏.‏ أمر متمثل في شكوي دائمة تسمعها هي ذاتها في كل دورة‏:‏ أفلام العام الماضي كانت أفضل من أفلام هذا العام‏.‏ المضحك في الموضوع هو أنه لو كانت أفلام كل سنة أسوأ من أفلام السنة السابقة لكنا الآن في حاضرة أسوأ مهرجان سينمائي في التاريخ‏.‏ لكن الحقيقة هي غير ذلك‏,‏ وللتعرف عليها‏,‏ هذه رحلة عبر الدورة الـ‏59‏ الحالية‏.‏

في مقابلاته يتحدث الممثل المعروف توم هانكس عن الضجة التي دارت حول الفيلم الذي افتتح كان والذي قاد بطولته شفرة دافنشي فيقول إنها غير مبررة‏,‏ لأنه فيلم خيالي لا علاقة له بالواقع‏.‏ إنها ذات العبارة التي يلجأ إليها عديدون يريدون التأكيد علي أنهم لا يقصدون ما فهم العديدون أنه المقصود‏.‏ المخرج رون هوارد قال لي ذلك‏.‏ كاتب السيناريو تحدث لتليفزيون أبو ظبي وقال ذلك‏.‏ الممثل الفرنسي جين رينو أصر علي ذلك‏,‏ والممثل البريطاني ألفرد مولينا قال‏:‏حين تريد شراء كتاب دان براون‏,‏شفرة دافنشي تدخل قسم الروايات الخيالية‏.‏ حين تشاهد هذا الفيلم تشاهد فيلما خياليا‏.‏ ربما كل هذا صحيحا لكنه بالتأكيد متأخر‏.‏

ما إن جلس الناس لمشاهدة هذا الفيلم بعيون يطل منها الترقب حتي أخذت مفاجآت الفيلم تتبلور علي نحو مخيب لآمال كل هؤلاء المذكورين‏,‏ هانكس وهوارد ورينو ومولينا وفوقهم الممثلة أودري توتو ولو أنها التزمت الصمت حيال هذا الموضوع أكثر من سواها‏.‏ في اليوم التالي سبقت الصحف الفرنسية الجميع بإعلانها موقفها من الفيلم‏.‏ سبعة من أصل عشرة نقاد كانت لديهم ملاحظات دامية حول الفيلم ومنحوه درجات متدنية‏.‏ الثلاثة الآخرين ليس من بينهم من اعتبره عملا خارقا‏.‏ هذا الناقد شاهد ألاف الأفلام القائمة علي التشويق لكنه قليلا ما شاهد أفلاما تشويقية مليئة بالادعاء والافتعال كما يفعل هذا الفيلم‏.‏ ليس لأن المشكلة في جانب دون آخر بل هي أفقية تشطر الفيلم وتترك علامتها فارقة‏.‏ نتحدث عن السيناريو وعن الإخراج وعن التمثيل وعن الحوار وعن احتمال كارثة تجارية ستحط علي فيلم تجاوزت ميزانيته الثمانين مليون دولار‏.‏

الفيلم يتحدث‏,‏ كما يعلم المتابعون الآن‏,‏ حول عالم رمزيات ليس هناك من اختصاص في هذا الشأن‏)‏ أميركي‏(‏ يؤديه توم هانكس‏)‏ يصل إلي فرنسا لإجراء محاضرات ليجد نفسه متهما بقتل عالم آخر وجدت جثته في متحف اللوفر‏.‏ القاتل الحقيقي مهووس ديني والذي يقف وراءه الفاتيكان الذي يريد إخفاء سر يكاد يتفشي‏:‏ السيد المسيح‏(‏ عليه السلام‏)‏ تزوج من مريم المجدلية وأنجب منها والسلالة من نحو‏2000‏ سنة وإلي اليوم معروفة‏...‏ بطلة الفيلم أودري توتو بالنتيجة هي الحفيدة المهددة أيضا بالموت‏.‏ ليس هناك دليل واحد في الفيلم يصلح لأن يبني عليه ما يستكمل هذه النظرية‏.‏ رغم ذلك يمضي الفيلم بها كمن كذب كذبة وقرر أن يصدقها بنفسه‏.‏ أكثر من ذلك‏,‏ أن هناك نظريات أخري لتأييد النظرية السابقة أو الوصول إليها‏,‏ لكنها بدورها تطير علي علو منخفض‏.‏ الفيلم من دون قصد يطلق عليها النار ويقتلها‏.‏

حين تبدي أودري دهشتها مما تسمعه من كلام المؤرخ لي تيبينغ إيان مكيلين الذي يؤمن بنظرياته حول الموضوع يخبرها بأن لديه الدليل‏,‏ ويمضي معلنا نظرية أخري لتأكيد النظرية التي قبلها‏.‏ توم هانكس في هذا المشهد الطويل والمثرثر يوافق بهز رأسه علي نحو متواصل‏.‏ تسأله أودري‏:‏ هل هذا ممكن؟

فيجيبها بفصاحة كاتب السيناريو أفيكا غولدزمان‏:‏ ليس غير ممكن‏.‏

ما يلي ذلك هو المزيد من السوء نفسه‏.‏ المخرج يحاول التنويع لإنقاذ مشاهده الطويلة من الغرق في الملل عبر عرض مواز علي الشاشة منقسمة إلي نصفين يعرض في نصفها الأول المشهد الحالي‏,‏ وفي نصفه الثاني ترجمة صورية للكلام المسموع‏.‏ فحين يتم الحديث عن الحملة الصليبية‏,‏ نري حملة صليبية‏.‏ بعد ذلك هناك كلام حول هروب مريم المجدلية إلي فرنسا‏(!)‏ فإذا بالنصف الأيسر من الصورة يعرض لقطة لامرأة تهرب بحماية من يبدو تابعا يريد تهريبها‏.‏

أزمة زوجية

ربما ليس من المنصف تخصيص فيلم الافتتاح بكل هذا القدر من الاهتمام خصوصا وأن المهرجان مليء كالعادة بالأفلام الأخري التي تستحق تسليط الضوء‏.‏ لكنك لن تجد فيلما آخر بين كل هذه المعروضة الذي استقطب هذا القدر من الاهتمام عالميا‏.‏ كما أن اختياره كفيلم افتتاح يحمل في طياته مسألة تلك الاختيارات الأقل من موفقة التي يعمد إليها المهرجان عادة‏.‏ هل كان جمهور كان بحاجة لأن يري شفرة دا فنشي علي شاشة مهرجان من المفترض به أن يكون خط دفاع أخير ضد الأفلام التجارية والسائدة التي إليها ينتمي فيلم رون هوارد؟

من حسن الحظ أن الأفلام المشتركة في المسابقة ليست جميعا مخيبة كهذا الفيلم‏.‏ بسدس ميزانية شفرة دافنشي أخرج التركي نوري بيلج سيلان فيلما أكثر تواصلا مع الذات البشرية بعنوان أجواء‏.‏ فيلم مثير للاهتمام بمعظمه ولو أنه ليس بنفس قوة فيلم المخرج السابق عن بعد الذي سبق وقدمه في إطار دورة العام‏2003.‏

القصة هنا تدور حول رجل يقوم به المخرج نفسه يعيش أزمة مع زوجته‏.‏ إنهما متباعدان عاطفيا ولاحقا ما ندرك إنه يخونها وفي خلال رحلة صيفية يتفقان علي الانفصال‏.‏ يعود إلي اسطمبول في الخريف‏.‏ هناك يلتقي بالمرأة التي كان علي علاقة معها من وراء ظهر زوجته‏.‏ لكنه يترك في الشتاء القارس ويمضي إلي منطقة بعيدة حيث يعلم أن زوجته تعمل مديرة فنية في محطة إنتاج تليفزيوني هناك يلتقي بها مجددا ثم يفقدها مجددا‏.‏ الفيلم لا يستمر إلي ما بعد الشتاء‏.‏ بكلمات أخري ليس هناك من ربيع‏.‏

الكثير من مشاهد الفيلم فنيا رائعة‏,‏ لكن المخرج ليس شخصية سينمائية جاذبة‏.‏ لمعظم الوقت يبدو ثقيل الظل‏,‏ مثيرا للأعصاب‏.‏ ربما هذا هو المطلوب لكن الخوف من أنه إذا لم يكن ذلك تمثيلا فإن المخرج هو فعلا علي هذه الصفات في حياته الخاصة وهذا الفيلم يبدو كما لو كان حياة خاصة‏.‏

شيء ما في البرغر

وبين الأفلام التي أثارت ضجة‏,‏ ولو أن ليس كل ضجة فيلم بعنوان أمة الطعام السريع للمخرج ريتشارد لينكلاتر‏.‏ إنه معروض داخل المسابقة وبذلك يضمن لنفسه أعلي نسبة من المشاهدين‏,‏ هذا إلي جانب أن المخرج معروف ومقدر بسبب أفلامه العاطفية الرقيقة السابقة‏.‏ لكن فيلمه الجديد هذا أبعد عن أن يكون رقيقا ولو كان عاطفيا‏.‏ العاطفة التي نقصدها هي عاطفة المخرج الباردة تجاه الهمبرجر‏.‏ من المشهد الأول حيث يحمل نادل قطعة همبرغر مكشوفة تدرك أن الأمور ليست علي ما يجب ويتأكد لك ذلك عندما ينتقل المخرج من قطعة اللحم إلي لقطة لكلب‏.‏ لكن عوض أن يكون الموضوع عن احتمال أن آكلي الهمبرغر يتناولون لحوما أخري غير البيف‏,‏ يقترح الفيلم أن لحم البقر ذاته هو المشكوك فيه‏...‏ حسب القصة‏,‏ تكتشف شركة مطاعم أن هناك فضلات حيوانات في اللحم فترسل أحد رؤساء أقسامها إلي التحقيق في الموضوع ويخرج مذهولا‏:‏ بسبب سرعة الآلات التي تحمل البقرة بعد ذبحها من قسم إلي آخر فإن العاملين ليس لديهم وقت كاف لتنظيف داخل البقر ما يجعل اختلاط فضلاتها باللحم أمرا ممكنا‏.‏

بعد الفيلم‏,‏ وبينما كنت من الذين قرروا عدم تناول الهمبرجر مطلقا طوال حياتي‏,‏ كان الفرنسيون يعودون إلي وليمتهم المفضلة‏:‏ طبق البقر الني‏.‏ حين سألت صديقا ناقدا‏:‏ ألم يجعلك الفيلم تقرر عدم تناول اللحم بعد اليوم؟ نظر إلي بامتعاض وقال‏:‏ نحن الفرنسيين لا نحب أن يخبرنا أحد ماذا نأكل‏.‏

عودة إلي الفيلم‏.‏ أعجبت بمنحاه التحذيري وكرهت سذاجته في بعض المواضع‏.‏ إنه من النوع الذي تدرك أنه سيحدث ضجة حين عرضه تجاريا لكنه لن يغير من الواقع شيئا‏.‏

إنه تنازل من قبل المهرجان الفرنسي ولو أنه لا يبدو كذلك من الوهلة الأولي نظرا لأن باقي الأفلام المشتركة لاتزال طاغية وهي قادمة من شتي أنحاء العالم‏.‏ إنه علي أفلام لمخرجين لا علاقة لهم بالآلة الهوليوودية أن تبرهن أن المهرجان لا يزال يتنفس برئة فنية رغم كل هذا البزنس القائم بينه وبين هوليوود‏.‏ أحد هؤلاء المخرجين هو الأسباني بدرو ألمادوفار الذي شاهدنا له هنا فيلمه الجديد فولفر‏.‏ فيلم حول عائلة من النساء الأم وإبنتها وشقيقتها وعلاقتهن بالماضي‏.‏ البطولة نسائية‏.‏ بينيلوبي كروز تؤدي شخصية المرأة التي لديها ابنة يوهانا كوبو يتحرش بها جنسيا زوج الأم الحالي‏.‏ الابنة تطعنه خارج الكاميرا بسكين المطبخ‏.‏ الأم تهرع صوب ابنتها الملتاعة وتقرر أن تخفي الجثة في براد مطعم مجاور مغلق منذ فترة بعيدة‏.‏ بينما هي غارقة في إخفاء معالم الجريمة تعود أمها من الموت المفترض‏.‏ قبل نحو خمس عشرة سنة نشب حريق التهم منزلا يعيش فيه والداها‏.‏ وتم نعي الأم علي أساس أنها ضحية‏.‏ لكن الأم بقيت علي قيد الحياة واختفت لكي تعود الآن‏.‏ هنا تختلط الأمور بعض الشيء من حيث لا يريد المخرج لها أن تختلط‏.‏ الأم مقدمة في البداية علي أساس أنها شبح أو روح ثم هناك تلك القصة عن الحريق والاعتقاد الخاطيء أنها قضت فيه‏.‏ فولفر جيد‏,‏ ولو بحدود‏,‏ وربما ممتاز لمن يستهضمون بدرو ألمادوفار ويعتقدون بالفعل إنه يستحق الهالة الكبيرة المرسومة حوله‏.‏ التمثيل جيد والشخصيات مرسومة ثم منفذة بتجاوب وحسن دراية للمطلوب‏.‏ السيناريو أحيانا مفهوم ومتوقع لكنه بلا فجوات تذكر‏.‏ التصوير يختلف عن المعتاد في أفلام المخرج‏,‏ عادة ما بات يرتاح للألوان الهادئة‏,‏ لكنه هنا يعود الي جملة من الألوان الأكثر تعبيرا وتلاقيا مع الشخصيات ولو كانت أحيانا فاقعة‏.‏

عربيا

السينما العربية‏,‏ رسميا‏,‏ غائبة‏.‏ لكن خارج الإطار الرسمي للمهرجان هناك عروض عدة‏.‏ المنتج عماد الدين أديب عرض بنجاح فيلميه عمارة يعقوبيان وحليم‏.‏ والنجاح المقصود هو الخطوات السليمة المتخذة من قبل شركته لإثبات حضورها علي صعيد الصناعة السينمائية العالمية‏.‏ العدد الأول من مجلة فاراياتي اليومية حمل إعلانا عن فيلم حليم علي الغلاف‏.‏ والأثر الإعلامي كان كبيرا‏.‏ كذلك فإن الجناح الذي أوجدته الشركة في سوق الفيلم‏,‏ والذي يذكرنا بأجنحة مهرجان القاهرة السينمائي أيام زمان‏,‏ نظيف وفيه من يجيد لغات متعددة يتعامل بها مع الزبائن والسائلين‏.‏

الفيلم السعودي كيف الحال للمخرج الفلسطيني ايزودور مسلم كان حديث العديد من المحافل السينمائية مثيرا لغطا كبيرا حوله علي أساس أنه الفيلم السعودي الروائي الطويل الأول في التاريخ‏.‏ الفيلم في واقعه فصيل مختلف عن إنتاجات شركة روتانا‏.‏ أكثر فنية في بعض الوجوه ومنفذا بروحية غربية وهو وطأ كان غريبا مهددا بالنسيان لكنه سريعا ما تعرض لاهتمام الإعلام الغربي خصوصا بعدما نشرت نيويورك تايمز مقالة عنه تشرح خلفيته وتشيد به‏.‏

فيلم سعودي روائي آخر هو ظلال الصمت للمخرج عبد الله المحيسن‏.‏ إنه عمل مختلف يتحدث اللغة الفصحي لكنه يدور حول أوضاع المثقف العربي في أزمته الحالية مع الحكومات العربية من دون تسمية واحدة ومع العالم‏.‏

وجدير بالإشارة إلي أن فيلم المخرج الجزائري رشيد بوشارب‏,‏ وعنوانه أيام المجد‏,‏ مشترك بالمسابقة‏,‏ لكنه مقدم باسم فرنسا‏-‏ البلد الذي يمول معظم إنتاجاتنا العربية العالمية هذه الأيام‏*‏

الأهرام العربي في

27.05.2006

 
 

الجلباب المغربي على البساط الأحمر

شهد البساط الاحمر الشهير في مدينة 'كان' الفرنسية صعود مغربيين صغيرين بجلبابهما وبلغتهما. الحدث كان عرض الفيلم الاميركي 'بابل' من اخراج الساندرو كونزاليس ايناريتو وبطولة براد بيت وكيت بلانشيت وجاييل غارسيا ومجموعة من الممثلين اليابانيين، امثال كوجي ياكوشو ورينكو كيكوشي، بالاضافة الى ادريس الروخ وممثلين مغاربة آخرين. كان الطفلان الاصغر بوبكر آيت القايد بجلبابه الابيض منتعلا بلغة باللون نفسه وسعيد طرشاني بجلباب مائل الى اللون الاخضر وقميص ابيض منتعل هو الآخر بلغة، غير آبهين كثيرا للهالة الاعلامية الكبيرة التي احاطت بالفريق. الممثل بوبكر سنا كان إلى يسار النجمة السينمائية الكبيرة كيت بلانشيت، اما سعيد فسار يمين الممثلة والمخرج الممثلين اليابانيين. ما ان وصلا، فرقة فريق الفيلم، في عرضه الرسمي في 'كان' حتى استقبلتهم صيحات وهتافات عشاق السينما حد الجنون، ثم ولجوا البساط الاحمر، من اللحظات الاكثر اثارة في مهرجان كان السينمائي. كان مسؤول عن البروتوكول يوجه الفريق جميعه كي يتلقط كل المصورين الواقفين على جنبات المدخل الى المسرح الكبير في قصر المهرجان. مكث الشابان المغربيان مع الفريق ما يفوق ربع ساعة، واستمرا في صعودهما يقلدان حركات من حولهم، وقبل ان يستقبلهما رئيس المهرجان والمدير الفني ل'كان'، رفقة فريق الفيلم، لوحا بايديهما الصغيرتين ثم ولجا القاعة.

اختارت 'دين فيلم'، شركة الانتاج المغربية التي كلفت، رفقة الشركة الاميركية، بالانتاج خلال تصوير الفيلم في وارزازات والدار البيضاء والضواحي، ان تلبسهما اللباس التقليدي المغربي، وقال المسؤول عن الشركة ابو نعوم احمد، الذي رافقهما انه آثر ان يظهرا الممثلين الصغيرين باللباس التقليدي المغربي، وجاءا لهما به من المغرب. لم يكن لباسا موقعا لاسم كبير في الموضة المغربية، فقد زاحم المنتج المغربي الوقت وعدم التزام البعض لوعودهم الى اقتناء الجلابيب من قيسارية بالمغرب.

المغرب كان حاضرا، كبلباس، منذ اول ظهور لهما صباح الثلاثاء خلال لحظة التقطا الصور وخلال الندوة الصحافية لفريق الفيلم، فقد ارتدى الطفل الصغير قميصا مغربيا للمنتخب المغربي، احمر اللون يحمل الراية المغربية.

في الفيلم قدم الطفلان، خاصة الاصغر، اداء مميزا، وحكايتهما محورية في هذا الفيلم، فالزوج الاميركي، جسدهما براد بيت وكيت بلانشيت، اصيبا برصاصة الطفل الصغير خلال لحظة مرح ببندقية صيد قدمت هدية الى احد المغاربة من سائح ياباني. جسدا شخصيات راعيين للاغنام في قرية باعماق الاطلس.

تلك اللحظة تحولت الى قضية كبيرة ودشن الامن حملة كبيرة وتبادل اطلاق النار مع الطفل الصغير. كان الطفلان على جانب كبير من الحرفية في اداء الدور، لم يشعر المشاهد في اي لحظة من هذا الفيلم الممتع بالملل او التصنع من جانبهما، لم تقتصر براعة التمثيل على الطفلين فقط، بل شملت كل الممثلين المغاربة المشاركين في الفيلم. التصفيقات الحارة على الفيلم جعلت المخرج يدمع تأثرا، كما اثنى السينمائيون الحاضرون كثيرا على اداء الممثلين المغاربة، كانوا يحيون ابو نعوم معتقدين انه ابوهما. وقد حضرا ليلة الثلاثاء الى حفل كبير اقيم على شرف فريق الفيلم.

القبس الكويتية في

27.05.2006

 
 

بطلة فيلم «شفرة دا فينشي» تحدثت الى «الحياة» في مهرجان «كان» السينمائي...

 أودري توتو: شتّان ما بين ذوق الجمهور والمهرجانات

كان - نبيل مسعد

قبل خمس سنوات رفضت لجنة تنظيم مهرجان «كان» السينمائي أن يشارك الفيلم الفرنسي «مصير أميلي بولان العظيم» في مسابقته الرسمية بحجة أنه لا يتفق مع روح المهر جان . وعلى رغم ذلك عرف الشريط نجاحاً عالمياً واسعاً وأطلق بطلته الممثلة الفرنسية أودري توتو إلى سماء الفن السابع، فهي عملت بعد ذلك تحت إدارة البريطاني ستيفن فريرز في فيلم «أشياء صغيرة قذرة» والأميركي أموس كوليك في «نهاية سعيدة»، إضافة الى الأفلام الفرنسية التي ظهرت فيها وأبرزها «يوم خطوبة طويل» من إخراج جان بيار جونيه الرجل الذي نفذ «أميلي بولان». ومن الطريف أن تكون توتو هي بطلة الفيلم الإفتتاحي لمهرجان «كان» في دورة 2006، وهو «شفرة دا فينشي» من إخراج الأميركي رون هوارد وبطولة توم هانكس وجان رينو، علماً أن توتو تفوقت على كل من صوفي مارسو وفيرجيني لودوايان وليندا هاردي وغيرهن من بطلات السينما الفرنسية اللاتي رشحتهن أوساط هوليوود من أجل للدور النسائي الرئيسي في «شفرة دا فينشي».

وحضرت النجمة الشابة (26 سنة) سهرة إفتتاح المهرجان. ووافقت في اليوم التالي أن تلتقي «الحياة» تحت خيمة نصبتها شركة «كولومبيا» الأميركية منتجة الفيلم، على شاطئ «كان».

·     تهدف بطلة فيلم «مصير أميلي بولان العظيم» الى تغيير مصائر الناس وإسعادهم بأي طريقة ممكنة فهل غير هذا الدور حياتك ومنحك السعادة؟

- نعم، لقد غير حياتي بكل تأكيد وحولني من فنانة مبتدئة نصف مجهولة إلى نجمة يتعرف عليها الجمهور في الطريق العام ويطلب منها الصور والتوقيعات. أما عن السعادة فهي حكاية ثانية، وأنا سعيدة بنجاحي بلا أدنى شك إلا أنها سعادة جزئية لاتكتمل إلا بالإتزان النفسي، وأعتبر نفسي في طريقي إليه (تبتسم).

·         هل تعتقدين أن نجاح «أميلي بولان» هو الذي دفع هوليوود الى منحك بطولة «شفرة دا فينشي»؟

- طبعا، وإن كان ذلك بشكل غير مباشر، فالذي حصل هو تغيير وضعي الفني كلياً بعد «أميلي بولان» وبالتالي سمعت هوليوود عني وشاهدت الفيلم وعلمت بوجودي في أفلام أخرى جيدة ومختلفة الجنسيات، ما جعلني أستحق التواجد على قائمة المرشحات لبطولة «شفرة دا فينشي» إلى جوار صوفي مارسو وفيرجيني لودوايان وغيرهما من النجمات الفرنسيات المعروفات في الخارج.

·         أنت تفوقت عليهن جميعا في الإختبار إذاً؟

- لا تحاول أن تدفع بي إلى قول أشياء سلبية عن زميلاتي، فأنا لا أعرف إذا كنت تفوقـت عليهن في الاختبار في شأن «شفرة دا فينشي» أو إذا كانت العملية مبنية على المظهر أو لا، لكن خلاصة الحكاية إنني فزت بالدور مثلما يحدث أن تفوز زميلة لي بأحد الأدوار على حسابي أنا، فهذا هو قانون المهنة الفنية وهو لا يتعلق فقط بدرجة الموهبة في كل مرة بل بعوامل عدة يلعب مجموعهــا لمــصلحة فنانة معينة أو ضدها.

·         وهل تحتل النجومية الفنية المكانة الأولى في حياتك الآن؟

- أن النجومية لا تحتل المكانة الأولى بل وأكثر من ذلك، فأنا لست من النوع الذي يبدي إستعداده لفعل أي شيء وكل شيء من أجل الشهرة والعمل أمام الكاميرات. أنا محظوظة بما حدث لي حتى الآن وفي الوقت نفسه أعرف جيداً أن حياتي قابلة للتغيير فجأة بين يوم وليلة إذا عجزت عن تحقيق النجاح ذاته عبر أفلامي المستقبلية. لن أكافح من أجل السينما فأنا قادرة على العمل غداً كمعلمة في مدرسة أو مخرجة تلفزيونية أو أي شيء آخر، بحسب الظروف.

·     عودة إلى فيلم «مصير أميلي بولان العظيم» الذي يقف وراء نجاحك، فهل توقعت له مثل هذا المصير العظيم عندما قرأت السيناريو أساساً؟

- توقعت أن ينجح الفيلم في الصالات، لكن ليس بهذا الشكل أبداً، إذ لم أتخيله من النوع التجاري الذي يجذب الجماهير العريضة. وقد ذهلت حينما علمت أنه جذب عشرة ملايين متفرج إلى الصالات الفرنسية وحدها.

·         وما رأيك في كون مهرجان «كان» الذي يفتح لك ذراعيه اليوم قد رفض تقديم الفيلم في مسابقته الرسمية؟

- أرى في ذلك الدليل القاطع على انعدام الصلة بين ما يحدث في المهرجانات الرسمية من ناحية وذوق الجمهور العريض من ناحية أخرى، إلا في بعض الحالات مثل «شفرة دا فينشي»، فأنا مقتنعة بأن هذا الفيلم سيحقق في الصالات نفس ما حققته الرواية في المكتبات، سواء عرض في «كان» أو لم يعرض.

·         هل تعنين أن مهرجان «كان» هو المستفيد الأول من عرض «شفرة دا فينشي» فيه وليس العكس؟

- أنها من دون شك فائدة متبادلة لكن المهرجان يستفيد في رأيي كثيراً من عرض هذا الفيلم في سهرته الافتتاحية.

·     هل صحيح أن المخرج جان بيار جونيه كان قد اختار ممثلة أخرى في أول الأمر لبطولة «أميلي بولان» ولم يستعن بك إلا بعدما اعتزلت هي المشروع؟

- نعم، اتصل جونيه أولًا بالفنانة البريطانية إميلي واتسون فوافقت على أداء الدور، ولكنها اعتذرت في ما بعد لأسباب شخصية حالت دون مغادرتها لندن والانتقال الى باريس لتصوير الفيلم. وهنا تلقيت مكالمة هاتفية من وكيلة أعمالي تؤكد لي ان جان بيار جونيه يريد لقائي إثر مشاهدته فيلم «معهد التجميل فينوس» وهو يفكر في منحي بطولة فيلمه الجديد. وأنا أدرك الآن مدى حظي وكيف يمكن للقدر أن يتدخل في حياة إنسان ويحولها إلى ما هو أفضل.

·         كيف بدأت احتراف التمثيل؟

- أنا فتاة ريفية نشأت في مدينة «مونلوسون» الفرنسية الصغيرة، ولم أحلم في يوم ما باحتراف الفن بل كنت أفكر في تعلم المحاماة، إلا غير أن العلامات النهائية التي حصلت عليها في نهاية دروسي الثانوية لم تسمح لي بتحقيق طموحي، فاتجهت إلى الآداب والفلسفة واللغات إضافة إلى حصص في فن الدراما، لمجرد تعبئة وقتي وخوض تجربة مسلية.

وعن طريق الحصص هذه عثرت على أدوار صغيرة في حلقات تلفزيونية ثم على دور لا بأس به في فيلم «معهد فينوس للتجميل» الذي سمح لي بالحصول على جوائز عدة، فكانت الانطلاقة.

وعلى رغم أن الانطلاقة لم تتبعها نجومية فورية على مستوى دولي، فهي التي جلفتتلت المخرج جان بيار جونيه إلي فعرض علي بطولة «مصير أميلي بولان العظيم».

·     تقاسمت بطولة «شفرة دا فينشي» مع النجم الهوليوودي الكبير توم هانكس، فهل طلبت منه النصيحة في طريقة مواجهتك لدورك؟

- تفاديت أن أفعل ذلك حتى لا أثير القيل والقال من قبل العاملين في الفيلم، فكوني فزت بالدور يعني بوضوح في نظر الجميع إنني فنانة محترفة تعرف ما الذي يجب فعله ومتى، لكنني شعرت بأن توم هانكس كان يراقب تصرفاتي عن بعد، وهو نصحني من مرة عن طريق الهمس في أذني في شأن موقف معين.

·         ما هو لونك السينمائي المفضل كمتفرجة؟

- أنا مولعة بكل الروايات المبنية سينمائيا حول المؤثرات المرئية والصوتية، فأحدق في الشاشة مثل الصبية ولا أصدق ما أراه. أحب السينما التي تدهشني لا تلك التي تحكي لي ما أشاهده في حياتي اليومية، وبالتالي أعتقد بأن لوني المفضل هو لون المغامرات الخيالية شرط أن تتضمن نبرة رومانسية في حبكتها.

·     كتبت مجلة فرنسية معروفة أنك تغيرت الآن بعد عملك في فيلم هوليوودي كبير فأصبحت عصبية مع الإعلاميين في أحاديثك الصحافية، لكنني لم أجدك هكذا طوال حوارنا هذا فما رأيك في ما قيل أذاً؟

أترك لكل صحافي الحرية التامة في إستنتاج ما يريده في شأن شخصيتي وتصرفاتي. أما عن نفسي فلست على دراية بأي تغيير طرأ على أسلوب معاملتي للغير بعدما عملت في «شفرة دا فينشي».

الحياة اللبنانية في 27 مايو 2006

أخبار العرب على هامش «كان» 

على رغم كل ما قيل ويقال عن «ضآلة» الحضور السينمائي العربي في هذه الدورة لمهرجان «كان» السينمائي، من الواضح أن الصخب العربي كبير هذه المرة الى درجة يفاجأ معها المرء بأخبار سينمائية عربية كثيرة تتصدر صفحات الصحافة اليومية في المهرجان. ومن يقرأ هذه الأخبار سيجد نفسه، من دون شك أمام صورة حيوية مدهشة، لسينما كان يعتقد بأنها تلفظ أنفاسها الأخيرة. وينطبق هذا على بلدان عربية عدة، كما ينطبق بخاصة على مصر. ولعل الظاهرة الأبرز في هذا المجال أتت من الحضور السعودي المزدوج، عرضاً في سوق الفيلم أي ليس في أي من التظاهرات الأساسية التي يُقبل عليها الهواة والنقاد، بل في تظاهرة تشكل العالم الخاص للموزعين والمنتجين. المفاجأة هي أن بلداً لم يعرف الانتاج السينمائي الروائي الطويل في تاريخ القرن العشرين، يقدم نفسه فجأة من خلال فيلمين، لمخرجين مختلفين، يسعى كل منهما على طريقته للحصول على لقب «أول فيلم سعودي في التاريخ». الفيلم الأول هو «ظلال الصمت» لعبدالله المحيسن. أما الثاني فعنوانه «كيف حالك» لإيزادور مسلّم. طبعاً واضح ان الأخير غير سعودي. هو كندي من أصل عربي، لكنه عرف كيف يحصل على تمويل سعودي – إماراتي، لفيلم اجتماعي خليجي يقدمه الآن باسم السعودية، في محاولة لمنافسة فيلم عبدالله المحيسن، الذي هو – بحسب التقاليد السينمائية التي تنسب الفيلم الى مخرجه ومؤلفه – الفيلم السعودي الأول بالتأكيد. الفيلمان عرضا في يوم واحد واستقطبا اهتمام النقاد والسينمائيين، بادئين – كل منهما على طريقته – جولة المهرجانات والعروض. وبالنسبة الى عبدالله المحيسن قال لـ «الحياة» ان هذا الفيلم الذي يعمل عليه منذ عقد ونيف هو تحقيق حلم لديه بات عمره الآن ربع قرن. ويأمل المحيسن في أن ينطلق قريباً لتحقيق فيلم ثان له، ربما يكون موضوعه مدينة القدس هذه المرة.

حضور مزدوج من السعودية في سوق الفيلم، قابله حضور مزدوج من مصر أيضاً. وكذلك بفيلمين هما، بالتأكيد، أبرز ما أنتج في مصر منذ سنوات طويلة. «عمارة يعقوبيان» و «حليم» شكلا بطاقة دخول شركة «غود نيوز» عالم الانتاج السينمائي وأثارا صخباً كبيراً، من ناحية لأنهما أعادا السينما المصرية الى جدية كانت افتقدتها منذ زمن بعيد، وثانياً لأنهما كشفا ان السينما المصرية ما زالت ممكنة، وأن لوصول الفيلم العربي الى العالم، دروباً وأساليب يجب أن تكتشف، على اعتبار ان دخولك العالمية لا يمكن إلا أن يكون تتويجاً لاهتماماتك المحلية. حتى الآن يمكننا أن نتحدث عن نجاح – إعلامي على الأقل – حققه فيلما «غود نيوز»، ولا سيما «عمارة يعقوبيان» الذي يواصل في «كان» جولته العالمية حاصداً الإعجاب ومسهلاً على السينما المصرية دخول آفاق جديدة، بعدما كادت تقتصر خلال سنوات، من ناحية على أفلام «المهرجين الجدد»، ومن ناحية على الأفلام النخبوية. في هذا السياق بدأت المشاريع المقبلة لشركة عماد الدين أديب تأخذ شكلها بأرقام تبدو مذهلة في الواقع العربي. من بين هذه المشاريع ثمة اثنان بدأ العمل عليهما يتحول من التخطيط الى التنفيذ: فيلم «القاعدة» الذي رصد له مبلغ 7 ملايين دولار، وفيلم «محمد علي» الذي لم تحدد موازنته حتى الآن.

الفيلم المصري الآخر الذي حضر في «كان»، وبقوة أكبر طالما انه عرض، هو، في المسابقة الرسمية (إنما خارج سياق المنافسة)، هو فيلم «البنات دول» لتهاني راشد. هذا الفيلم هو باكورة انتاج شركة «ستديو مصر» الجديدة التي يشرف عليها السينمائي كريم جمال الدين. والحقيقة انه اذا كان كثر حيّوا جرأة هذه الشركة التي تعتبر الآن وريثة أكبر مجمّع سينمائي مصري في تاريخ الفن السابع، إذ بدأت نشاطها بإنتاج فيلم تسجيلي مثير للسجال وخطير الرؤية في الوقت نفسه، فإن الشركة أعلنت في «كان» انها لن تتوقف عن مساندة هذا النوع من المشاريع لمبدعين مختلفين، لكنها في الوقت نفسه ستدخل سينما الموازنات الضخمة بدورها بفيلم «مأساة البيت الكبير» الذي تقول الشركة ان موازنته لن تقل عن 15 مليون دولار، معلنة انه حتى الآن أكبر مبلغ يستثمر في أي فيلم مصري على الإطلاق. والفيلم يدور في الأجواء الفرعونية، وسيعلن قريباً عن بدء العمل عليه، علماً أنه سيكون الأول بين سلسلة مشاريع ضخمة تخطط لتنفيذها هذه الشركة، التي أثار حماستها الاستقبال العالمي، النقدي، الكبير الذي كان من نصيب «البنات دول»، وهذه السلسلة ستتكون من ما لا يقل عن 12 فيلماً في العام بحسب كريم جمال الدين. و «هي أفلام ستكون مصرية وعربية، تمويلاً وانتاجاً وتقنيات» كما يقول عصام المغربي أحد مسؤولي الشركة والذي إذ يُسأل عن التقنية العالية التي ميزت «البنات دول» صورة وصوتاً، يبدي فخره بأنها تقنية مصرية، إذ صور الفيلم بالديجيتال ونسخ لاحقاً الى 35 ملم منتجاً صورة تضاهي أحدث ما توصل اليه فن السينما.

ولمناسبة الحديث عن الحضور العربي في «كان»، لا بأس من إشارة أخيرة مفادها ان ثمة حضوراً عربياً من نوع آخر، يذكر مثلاً بحضور المغرب في العام 1951، بفيلم «عطيل» لأورسون ويلز، معيداً إحياء تقليد لم يختف، على أية حال ابداً: بعض أبرز عروض دورة «كان» هذه المرة، وتحديداً في المسابقة الرسمية، دنا من العالم العربي موضوعاً، أو تصويراً، أو بأي شكل آخر: «سكان أصليون» لرشيد بوشارب تحدث عن مساهمة المغاربة في تحرير فرنسا، «فلاندر» لبرونو دومون، يدور جزء من أحداثه في أرض عربية (صور في تونس)... ويتكلم عربية غامضة مبهمة عدد من شخصياته. وفي «بابل» لاينيراتو، المكسيكي، تحضر اللغة العربية بين لغات عدة ينطق بها الفيلم، ناهيك بأن جزءاً أساسياً من أحداثه يدور في المغرب. فهل نحتاج بعد هذا كله الى العودة للحديث عن «حضور» عربي آخر تماماً، من خلال فيلم «أوليفر ستون» الجديد – الذي عرض «كان» ثلث ساعة منه – أو من خلال فيلم بيتر غرينغراس عن الطائرة التي أسقطت في بنسلفانيا يوم 11/9/2001 المشؤوم؟

الحياة اللبنانية في

27.05.2006

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)