القناعة كنز لا يفنى.. عبارة كان لها دور هام وإيجابي وسلبي في نفس
الوقت. فهذه العبارة كانت تأشيرة السماح للفيلم بالعرض من قبل الرقابة.
أما سلباً، فهو أن هذه العبارة قد عنت أن يتقبل الأسطى حسن واقعه
الفقير كما هو. وبالطبع فقد أثارت هذه العبارة ضجة في أوساط المثقفين.
وفيلم (الأسطى حسن) يشكل وصفاً تفصيلياً لمجتمع الأغنياء ومجتمع الفقراء..
بين حيين: الزمالك الذي يعتبر أغنى أحياء القاهرة، وبولاق الذي يعتبر
أفقرها. وهما قريبان من بعض ولا يفصلهما إلا نهر النيل ويربطهما جسر يمتد
في النهر. حيث نلاحظ في أكثر من مشهد منظر هذا الجسر، وكأن أبو سيف يريد
التأكيد على هذا التقارب المكاني بينهما، بالرغم من التفاوت الطبقي بينهما.
وبعد ثورة يوليو 52، برزت موهبة صلاح أبو سيف بوضوح، بعد أن قبل الثورة في
حالة وصف للمجتمع (الأسطى حسن). فقد اتخذ من الإنسان الفقير والمسحوق بطلاً
لأفلامه، بعد أن كان بطل غالبية الأفلام السابقة من الباشوات.. فيما عدا
بعض الأفلام التي قدمت الإنسان البسيط ولكن قدمته مشوهاً.
واصل أبوسيف مسيرة كمال سليم وقدم أفلامه الأربعة الخالدة (ريا وسكينة ـ
الوحش ـ شباب امرأة ـ الفتوة).. ناقش في الفيلمين الأولين الانهماك في
الملذات التي تميز بها المجتمع القديم والجرائم والاضطهاد الاجتماعي وعلاقة
المجرم بالسلطة الاجتماعية والمصلحة المشتركة بينهما.. بينما وصف في
الفيلمين الآخرين ألاعيب ودسائس النظام الاجتماعي والاقتصادي من خلال حركة
الأفراد ومواقفهم الخاصة.