يوسف شاهين.. هذا الفنان
الكبير... قبل أن نختلف عليه كمبدع متميز، علينا أن نعرف بأنه حاول الخروج عن
التقليد السائد، وتقديم المختلف دائماًًًً. فنحن أمام فنان كبير، مثير للنقاش
وللجدل، مصطحباً ضجة مع كل فيلم جديد يقدمه.. يوسف شاهين كفنان يشكل حالة
خاصة ونادرة في السينما المصرية، بل والعربية بشكل عام.. وهو الفنان الباحث
دوماً عن أسلوب جديد وصياغة مختلفة لأفكار ومفاهيم يبدو عادية ومتداولة.
يوسف شاهين.. قدم حتى الآن
أكثر من ثلاثين فيلماً، بدأها بفيلم (بابا أمين ـ 1950) وذلك بعد عودته من
أمريكا، حيث درس السينما هناك.. هذا الفنان، إختلف معه الكثيرون، ووجهت له
الكثير من الإتهامات ـ وبالذات في أفلامه الأخيرة ـ أهمها بعده عن قضايا
الجماهير، والإهتمام بتقديم تكنيك وإبهار سينمائي فقط، على حساب المضمون،
متجهاً بذلك نحو الجمهور الغربي والأوروبي.
أن هذا المخرج لم يتناسى قط
قضايا المجتمع، سياسية كانت أو إجتماعية، بل إنه قدمها بشكل جريء وصارخ لم
يسبقه إليه أحد. وليس دليلاً على هذا القول سوى أفلامه الكثيرة وآراءه الفنية
والإجتماعية والسياسية الجريئة، التي قدمها من خلال أفلامه (باب الحديد،
الأرض، العصفور، اسكندرية ليه).
ثم هل الفنان مطالب بالرضوخ
لرغبات الجمهور، وتقديم ما يريده هذا الجمهور؟ أم إن العكس هو الصحيح؟
شخصياً، أعتقد بأن هذا إجحاف بحق الفن والفنانين بشكل عام.
فيوسف شاهين في مرحلته
الأخيرة، أو في أفلامه الأخيرة على أصح تعبير قرر أن يقدم ما يريده هو، دون
إهتمام قصدي إن كان جمهوره سيعي أو سيتواصل مع ما يقدمه، وهذا بالطبع حق
مشروع لأي فنان، حيث إن إرتفاع مستوى الجمهور الثقافي والفني أو عدمه، يُفترض
أن لا يكون عائقاً أمام أي فنان يسعى الى التجديد، وبالتالي ليس على الفنان
أن يتوقف عن إطلاق الحرية لخياله وأفكاره، لمجرد أن هناك متفرجاً / متلقياً
لم يتطور أو حتى لم يحاول الإرتقاء بفهمه وإستيعابه للفن المتجدد. وهذه
بالفعل معضلة إختلف حولها الكثيرون.
|