في فن الديكور وتنسيق
المناظر.. يبرز اسم الفنان "إنسي أبوسيف" عالياً، باعتباره واحداً من
المتميزين في مجاله.. لذا أختار نموذجاً من شغل أبوسيف، وهو فيلم (الكيت كات)،
كمثال واضح، لإمكانيات هذا الفنان الكبير.
المكان في فيلم (الكيت كات)،
والذي يعد لوحده شخصية محركة وفاعلة، وليس فقط مجرد خلفية جامدة للأحداث
والشخصيات، فالمكان يكتسب أهمية كبيرة في فيلم عبد السيد هذا. إن "الكيت كات"
كفيلم أو "مالك الحزين" كرواية يعدان بمثابة سيمفونية بصرية عن المكان وعن
البشر داخل هذا المكان، داخل تلك الحواري الضيقة، والتي تحاصر الحركة وتطبق
على الأنفاس، وبالتالي يكتسب الديكور أهمية كبيرة أيضاً. ولم يكن اعتباطا
عندما أهدى عبد السيد فيلمه هذا لصديقه الفنان إنسي أبو سيف. فقد نجح فنان
الديكور أبو سيف في إبداع هندسة المناظر وبناء ديكور يصل إلى أعلى درجات
الإيهام بالتماثل مع الواقع، وذلك من خلال وعي كامل وإدراك حقيقي لطبيعة
المكان.
لقد كانت لمسات أبو سيف واضحة
بالذات في شقة الشيخ حسني وشقة فاطمة حيث كان الديكور يجسد بشكل ملحوظ ما
يسمى بالوظيفة الدرامية للديكور والإكسسوار، فالجدران تحاصر ساكنيها وتدفعهم
إلى الهرب والفكاك منها. كذلك الحجرة الفقيرة المهجورة التي يلتقي فيها يوسف
وفاطمة. فقد عبرت هذه الحجرة، بقطع الأثاث المهشم الذي يعلوه التراب، عبرت
بشكل بليغ عن تلك الفوضى وذلك العجز الجنسي والوضع النفسي المحبط الذي يتملك
يوسف، خصوصاً عندما تصورهما الكاميرا من أعلى بين ركام الأثاث المهمل في لقطة
ذكية ومعبرة لتبدو الحجرة الضيقة كما لو أنها واسعة عليهما وذلك من تأثير
الحالة النفسية المتفائلة. ومن الطبيعي تحت ظل ديكور كهذا أن يكون مدير
التصوير الفنان محسن أحمد قد استفاد كثيراً من تلك المناظر وديكوراتها، بل
وساعدته ـ أيضاً ـ على تجسيد الحالات النفسية للشخصيات عن طريق توزيع الإضاءة
واستخدام زوايا للتصوير ساهمت في نقل مشاعر وأحاسيس شخصياته إلى المتفرج،
وبالتالي ليس من الغريب أننا استمتعنا بكادرات جمالية إبداعية معبرة وقوية،
ارتقت بمستوى الفيلم الفني والدرامي.
|