الزائر.. هو العنوان الذي
اختاره بسام الذوادي وفريد رمضان لفيلمهما الجديد.. وكم كانت مفاجأة سعيدة أن
أكون من أوائل المتفرجين على فيلم بحريني آخر، وذلك في العرض الخاص للفيلم
الذي أقيم في إحدى صالات مجمع السيف الأسبوع الماضي.. كانت بالفعل سهرة جميلة
استمتعنا فيها بتجربة سينمائية جريئة في زمن التنازلات..
تجربة أيقضت فينا الحلم من جديد، الحلم بوجود سينما بحرينية.
يتناول الفيلم موضوع مختلف بالنسبة للساحة المحلية والخليجية.. فهو يقدم
الإثارة والرعب في زمن الميلودراما البكائية المسيطرة على كافة دراما
التليفزيون.
وبهذا اختار فيلم "الزائر" أن
يختلف ويفاجيء في موضوعه وأسلوبه. فموضوع الفيلم ليس موضوعاً جديداً على
السينما. ولكنه هنا يأتي بنكهة محلية محببة لمتفرج هذه الأيام. هذا المتفرج
الذي عوده سوق السينما المحلي على نمط الأكشن والإثارة والرعب ومن ثم
الكوميديا. الفيلم يطرح موضوع ظاهرة التخاطر أو (استقبال رسائل من الموتى).
وهي ظاهرة علمية تدعى (علم نفس الخوارق)، وهو علم يتوقع له العلماء والباحثين
النفسانيين بأنه سيحل في المستقبل محل (علم نفس البشرية)، كما ستسيطر
الروحانيات على علم نفس المستقبل.
يحكي الفيلم عن فاطمة (فاطمة
عبد الرحيم)
التي تملك قدراً كبيراً من الشفافية، وقدرة خارقة على الاتصال بالموتى، حيث
تنتابها كوابيس يظهر فيها شخص لا تعرفه (جمعان الرويعي) وتطاردها روحه
دائماً، طالباً منها إغاثته بعد أن قُتل
ودُفنت
جثته بين قبور عالي، مع العلم بأنها لم تراه تماماً...
هذه هي الفكرة الأساسية التي صنعها الذوادي ورمضان، لتقديم أحداثاً مليئة
بالإثارة والترقب والرعب.. وليعلنا أيضاً للمتفرج البحريني، عن استمرار الحلم
بسينما بحرينية.
سيناريو
الزائر.. بالرغم من عدم خلوه من السلبيات الكثيرة، إلا أنه يحاول أن يكون
منطقياً في طرحه لموضوع يحتاج إلى تقنيات في الخدع والتمويه.. حيث نجح المخرج
بسام الذوادي في استخدام قدرات الكاميرا الرقمية والجرافيك السينمائي في
توصيل الفكرة المطلوبة.
الفيلم من إنتاج شركة البحرين
للسينما في باكورة إنتاجها السينمائي.. لتضع هذه الشركة يدها في مضمار يتناسب
وتخصصها.. هذا الدور الذي طال انتظاره.. منذ أن تأسست هذه الشركة.
البطل الحقيقي للفيلم هي
الكاميرا.. فكان لهذه الكاميرا الحساسة الفضل في خلق صور جميلة معبرة، كان
لها شأن كبير في تحمل الأعباء الفنية للفيلم، والارتقاء من المستوى الفني
للفيلم. فكان على الصورة إبراز اللون والإضاءة بشكل يوازي الحدث الدرامي في
الكادر. وكان ذلك واضحاً في مشاهد الكوابيس التي
أظهرت
قدرات المصور في استخدام العدسات الخاصة والزوايا الصعبة للكاميرا، وخصوصاً
المحمولة منها.
يعد المونتاج من أهم العناصر
في أي فيلم، وخصوصاً في فيلم كهذا، يقدم الإثارة والترقب، لذلك كان من الصعب
على المتفرج أن يقبل أي نوع من التهاون في القطع بين المشاهد.. ذلك ما
لاحظناه
في الكثير من مشاهد الفيلم.. التي بدت مطولة ومملة..
كان الأداء الذي قدمته بطلة
الفيلم فاطمة عبد
الرحيم ومع علي الغرير، جمعان الرويعي، أحمد مبارك، أحمد عقلان، أمين الصايغ،
مصطفى رشيد، الذين قاموا بالشخصيات الرئيسية
الأخرى.. عاملاً مهماً في
نجاح هذا الفيلم.. فقد كان
أداءً
تلقائياً وبعيداً عن التشنج
والمبالغة. حيث نجح المخرج تماماً في إدارة ممثليه، وتخليصهم من ذلك الأداء
المسرحي الإنشائي الذي بالطبع لا يتناسب وفن السينما.
وبالرغم من أن واضع الموسيقى
التصويرية للفيلم قد استفاد من قدرات الموسيقى الإلكترونية، إلا أن هناك عدم
انسجام وتآلف بين الموسيقى والحدث في أحيان كثيرة.
كل هذا، كان بمثابة ملاحظات
انطباعية أولى عن فيلم
بحريني آخر، قدمه المتألق بسام الذوادي.. فيلم انتظرناه طويلاً منه، لكي لا
يظل ضحية لعقدة نجاح
فيلمه الأول، وهو
فيلمه "الحاجز" الذي قدمه عام
1990،
ويتخلص من كل العوائق التي تحد من طموحات هذا الفنان المثابر.
وباعتبار أن هذه النسخة التي
شاهدناها هي النسخة صفر.. فلابد أن يكون هناك بعض الأخطاء في عملية الطبع
والتحميض.. والتي بالطبع سيتخلص منها الفيلم في نسخته الأولى، التي ستعرض على
الجمهور البحريني الشهر القادم.
قلت ذات مرة.. بأن بسام
الذوادي الذي أعرفه.. هو
فنان مصر على صنع فعل
السينما، دون ملل أو كلل أو إحباط، رغم كل
تلك العقبات التي يواجهها في مشواره هذا.. لا أحد يجرأ على إثنائه عن فعله
هذا.. السينما..
يسعى للمستحيل دوماً..
ويجعل من الصعاب أصدقاء يعينونه على هذا الفعل.
|