مثلما كانت الهواية وراء كثير
من الأفلام المصرية وروادها، كانت أيضاً وراء النقد السينمائي وكتّاب
السينما. فقد كان معظمهم من الهواة بدأوا حياتهم شباباً محباً للسينما، يقرأ
عنها ويحاول فهمها. فقد أصدر السيد حسن جمعة وزكريا الشربيني مجلة (كواكب
السينما) في القاهرة عام 1926، وكانا يطبعانها من 50 نسخة في 16 صفحة محلاة
بالصور والرسوم ويوزعانها على أصدقائهما ومعارفهما. وفي الإسكندرية صدرت مجلة
(معرض السينما الجميلة) التي شارك في تحريرها السيد حسن جمعة، في نفس الفترة.
ولأن فن السينما الوليد، كان
ثورة ذلك العصر، فقد جعل كبار الكتاب والأدباء يهتمون به، بل ويكتبون عنه.
ولأن الكتاب والأدباء يعدون من قادة الفكر والرأي، فلا شك من أن لكلمتهم قوة
تأثيرية كبيرة. فكانوا سنداً كبيراً للسينما منذ البداية، وكان لمساهماتهم
أثر واضح بالنسبة لازدياد الوعي بالسينما وتأصيل مفهومها عند الهواة وجمهور
السينما على السواء. فكتب زكي مبارك في مجلة "المصري" عن فيلم (ليلى بنت
الصحراء) عام 1937. وكتب طه حسين في "كوكب الشرق" عام 1933عن فيلم (الوردة
البيضاء). وكتب أحمد حسن الزيات في "الرسالة" عام 1942 عن فيلم (يوم سعيد).
الصحافة الفنية العامة،
الأسبوعية أو الشهرية أو حتى الفصلية، كانت تخصص للفنون ـ ومن بينها السينما
ـ مساحات على صفحاتها، تتناسب حسب سياسة كل صحيفة وأهدافها. ومن أبرز هذه
الصحف، مجلة "الصباح" التي خصصت باباً بعنوان "السينما في مصر وأوروبا" عام
1928. وبالرغم من أن موضوعاتها تتناول السينما الأجنبية، إلا أن ذلك لم يمنع
المجلات الأخرى أن تحذو حذوها، وتخصص مساحات للسينما. فقد دأبت "البلاغ
الأسبوعي" و"السياسة الأسبوعية" على نشر مقالات متخصصة في السينما ابتداء من
عام 1927. وتبعتهما مجلة "الهلال" العريقة، والتي استمرت في نشر موضوعات
متخصصة عن السينما حتى وقتنا هذا. ثم جاءت مجلة "الكواكب" الأسبوعية عام
1932، التي كانت تنشر ملخصات لأفلام الأسبوع، وأحاديث مع النجوم، ومقالات
لرجال السينما، إضافة إلى أخبار الأفلام التي يجرى تصويرها. وعندما صدرت مجلة
"آخر ساعة" عام 1933، لم يكن النقد السينمائي يشكل حيزاً يذكر على صفحاتها.
فيما عدى تلك المقالات ذات الطابع الإعلاني. ولكنها فيما بعد خصصت باباً
سينمائياً ثابتاً بعنوان "هوليوود تقول" ابتداء من عام 1939.
|