فنان الضوء، هو اللقب الذي أطلقه النقاد على مدير التصوير المصري
عبدالعزيز فهمي. هذا الفنان
الذي رحل عن عالمنا في مارس 1988، بعد أن وقف خلف الكاميرا أكثر من
خمسة وأربعين عاماً.. وفهمي كفنان، كان أقدر من قام بإدارة
الكاميرا السينمائية على مستوى الوطن العربي، فهو الذي قدم للسينما
العربية أفلاماً هامة تعتبر علامات ونقاط تحوُّل بارزة في تاريخها،
(المومياء، زوجتي والكلب، فجر الإسلام، عودة الابن الضال).. وأكثر
من ثمانين
فيلماً سينمائياً، وأكثر من عشرين جائزة عالمية ومحلية، وأول فيلم
مصري بالألوان، وابتكارات في مجال التصوير، ونشاط نقابي، وإنتاج
سينمائي، وتدريس لمادة التصوير في معهد السينما.. ومشوار زاخر
بالإنجازات الفنية الهامة للفنان المبدع عبدالعزيز
فهمي.
لقد بدأ عبدالعزيز فهمي هذا المشوار عام 1937، كمساعد مصور صغير
للفنان حسن مراد رئيس جريدة مصر الناطقة، ثم تعلم التصوير، وانطلق
بعدها من فيلم
إلى آخر. لقد كان يشعر بحاجة
شديدة للتعلم، ومن هنا بدأ رحلته مع الكتب، وكانت رحلة شاقة
تبدأ بالبحث عن اسم
الكتاب المناسب. فالمكتبة العربية كانت تفتقر لمثل هذه الكتب.
وعندما يحصل على اسم
الكتاب، يرسل للناشر وينتظر إلى أن يأتي أو يضيع في الطريق. أما
إذا وصله، فهو يبدأ
في محاولة فهمه، والتي قد تنتهي بالفشل.. لكنه كان يملك إصراراً
على المعرفة جعله
يقوم بترجمة الكثير من الأبحاث وعرضها على زملائه ليستفيدوا
جميعاً ويحاولوا صنع
سينما أفضل. وكان حريص على متابعة كل جديد أولاً بأول لأنه كان
يؤمن بأن توقفه عن
المتابعة سيجعله يتقهقر أمام كل هذا التقدم والتطور.
إن هذه الطريقة الصعبة في
البحث والمتابعة، قد جعلت من هذا الفنان مصوراً متميزاً يحمل فكراً
وفناً صادقاً،
استطاع ترجمته من خلال أعماله السينمائية، والتي اختارها بعناية
شديدة. فقد كان يظل
لسنوات بلا عمل، حتى لا يصور فيلماً غير راضٍ عنه ويخجل منه.
أحياناً، كانت إمكانيات السينما
المصرية تقف عائقاً أمام تصوراته، لكنه مؤمن بأنه لا يوجد مستحيل
أمام محاولاته المخلصة. فقد تعود إن يستخرج صور جميلة وجديدة من
المشاكل التي واجهته. فهو الذي
استطاع أن يبهر العالم في فيلم (المومياء)، رغم أنه استخدم نفس
الكاميرا البدائية التي صورت الكثير من الأفلام الرديئة. إن
الأزمات تساعده على الابتكار والإبداع، ولذلك نراه يخلق أزمة
مصطنعة أحياناً، يذهب إلى مكان التصوير ومعه نصف المعدات فقط.
|