إن مدير التصوير عبدالعزيز فهمي يؤمن تماماً، بأن الضوء قادر على
التعبير الدرامي، وإن الصورة عليها أن تعبر عن الموقف دون كلمات
حوارية.. فمثلاً نراه يصر على أن يفتح باباً في مكان معين
أثناء التصوير ـ في أحد
مشاهد (زوجتي والكلب) ـ في أحد المنازل ودفع تعويض لصاحب المنزل
لكي يوافق.. كل هذا
ليضع لمبة صغيرة فقط، أحس بأنها مهمة. وفي مشهد آخر، ظل أكثر من
سبع ساعات يجرب
الإضاءة، لكي يحقق للمخرج الشكل الذي تخيله.
لقد استطاع عبدالعزيز فهمي أن يتخطى الكثير من الأزمات التي
اعترضته أثناء التصوير.. فقد استعمل قطعاً زجاجية ملونة ومهشمة
ووضعها أمام الكاميرا للوصول إلى التأثير المناسب لأحد أفلامه. وفي
فيلم (النصف الآخر) قام بنثر الدقيق في الشرفة، فقط ليعطي إيحاءً
بجو الصباح الباكر. وعندما أراد الإيحاء بوجود الرسول، في فيلم
(فجر
الإسلام)، وكان قد أشار لوجوده من قبل في فيلم سابق، ببريق ضوء،
فكان عليه أن يجرب ويبتكر ويبدع ولا يلجأ للتكرار، فتوصل إلى جعل
الصورة ضبابية شفافة فأعطت الإيحاء الذي أراده، بالرغم من أن هذا
خطأ علمي وتقني ـ كما يقول ـ إلا أنه أعطى النتيجة المطلوبة.
وكان عبدالعزيز فهمي يؤمن بأن الفنان عليه أن يظل طالباً للعلم
ومعلماً لزملائه حتى آخر لحظة من حياته.. وكان يؤمن ـ أيضاً ـ
بأن الموهبة تحتاج أن
تصقل بالدراسة والعلم، لذلك كان هو من أوائل الذين دعوا إلى إنشاء
معهد للسينما، وظل يعمل بهذا المعهد منذ إنشائه وحتى وفاته، كأستاذ
لمادة التصوير، وكان يفخر ـ
دائماً ـ بأن كل المصورين أو أغلبهم تلاميذه..!!
وبعد هذا المشوار الفني الطويل والصعب، لابد من التأكيد من أن
الفنان عبدالعزيز فهمي، من خلال محاولاته الدءوبة، قد أرسى قواعد
وأسس جديدة للتصوير السينمائي في مصر. وبالرغم من ذلك، إلا أنه لم
ينل حقه من التقدير والاهتمام، لا أثناء مسيرته الفنية ولا حتى بعد
رحيله. وهذا ليس جديداً علينا نحن العرب، فهذا الفنان الكبير مثل
الكثير من الفنانين والأدباء العرب الذين رحلوا دون أن ينالوا ما
يستحقونه من التكريم والتقدير المناسبين.
|