انتهى
رمضان.. وانتهت معه تلك الزحمة الدرامية التي صاحبته. وعلينا نحن
كمتابعين مراجعة ما شاهدناه من دراما وبرامج وفقرات وحتى إعلانات.
شخصياً.. كنت في حالة طوارئ خلال رمضان بأكمله.. لم أكن أفعل أي
شيء مهم سوى متابعة التلفزيون.. ليل نهار أراني أرجع من العمل
ظهراً وأبدأ المشوار الدرامي.. أرى نفسي تلقائياً مسمراً أمام هذا
الجهاز الخطير.. إنه خطير فعلاً.. وليس الأمر مزحة.. كنت أشاهد كل
ما يعرض أمامي.. أهم المسلسلات تابعتها.. وشاهدت الأخرى بعين
متفحصة لما هو جديد فيها.
صحيح
بأن مشاهدة هذا الكم الهائل من الدراما في اليوم الواحد أمراً
مستحيلاً.. وأن فرص متابعة أعمال جيدة يهمها تشغيل عقل المتفرج،
ستضيع في زحمة الدراما والسوق التلفزيونية، إلا أن إصرار تجار
التلفزيون ومنتجي الدراما ووكلاء الإعلانات هو من نجح في تدمير أي
جهد وإبداع خلاق همه الوصول إلى عقل المتفرج قبل قلبه.
المهم
أنني توصلت إلى أن 50% من هذه الدراما هي تقليدية، بل ومملة.. بها
كم كبير من المشاهد المطولة والمملة، من أجل وصولها إلى الرقم
ثلاثين، إضافة إلى كم الإعلانات المتكررة التي تأتي بشكل مفاجئ
للصراخ في إذنيك عن سلعتها وكيف يتم تجميلها من أجل الوصول إلى
اهتمامك ومن ثم جيبك.. فكيف لنا أن نجد بعد ذلك، متفرج متزن يمكنه
التمييز بين الفن والترفية وبين الهلس والتهريج.
لاحظوا
بأنني أتكلم فقط عن الدراما المصرية.. باعتبارها الأهم والأكثر
خبرة، ولأنني أيضاً، لم أجد في غيرها ما يشدني.. ما عدى حلقات
(هدوء نسبي) الذي يبشر فعلاً بدراما تبحث في واقع عربي حقيقي..
واقع وماضي قريب جداً.. وهي نوعية من الدراما عهدناها من المخرج
المتميز شوقي الماجري، في كل ما قدمه من دراما سابقاً.
عموماً.. إن نسبة الـ 50% ليست قليلة بالنسبة للدراما المصرية.. بل
هي تعد تفوقاً لما قدم سابقاً.. بل أرى بأن المصريين قد بدأوا
يشعرون بالخوف من سيطرة غيرهم على سوق الدراما.. لذا نراهم قد
استعدوا جيداً هذا العام بكم هائل من المسلسلات وصل إلى ما يقارب
الثمانين عملاً.. إضافة إلى التغيير الواضح في شكل القنوات
التلفزيونية المصرية، الحكومية والخاصة منها. فقد شاهدنا هذا العام
قنوات النيل الفضائية بشكل يجعل المتفرج منجذباً بشكل غير إرادي،
لما تطرحه من برامج وإعلانات علاوة على الدراما الطاغية على 80% من
البث التلفزيوني.
كما أن
هناك تلك القنوات المصرية الخاصة التي نجحت أيضاً في جذب المتفرج
بأشكال أخرى، خصوصاً قناة (القاهرة والناس) ببرامجها المثيرة.. هذه
القناة التي ولأول مرة تبث في رمضان فقط.. وربما لن يستغرب المتفرج
من أقفال هذه القناة حتى رمضان 2010، عندما يعرف بأن طارق نور صاحب
أكبر شركة إعلانات في مصر والوطن العربي، هو صاحبها، وأنها قناة
تأسست لجني الأرباح من بث كم الإعلانات الكثيف الذي يساعدها على
التنفس والتنفيس..!!
|