السينما.. كما هو معروف، هو الفن الأكثر
انتشاراً.. بمعنى هو فن شعبي.. يتعامل معه غالبية
الشعب، الفقير والغني، الصغير والكبير.. ولكن هذا
لا يعني أن يكون التوجه الأساسي هو التعاطي مع
السينما كفن استهلاكي، خال من الإبداع الجمالي..
مقدماً ما يطلبه المتفرج من تسلية وترفيه فقط..
لابد أن يتعامل المشتغلون بالصورة مع السينما
بشكلها الأشمل.. فالسينما صناعة وتجارة وفن.. ثلاث
مرتكزات يقوم عليها هذا الفن الساحر..!!
مدخل حديثنا هذا، يمكن اعتباره بداية لحديث خاص عن
صناعة الصورة السينمائية في البحرين.. فربما يختلف
معي الكثيرون، عندما أقول بأن الاشتغال على هذه
الصورة في البحرين، لابد أن يتجه لتقديم السينما
الفنية.. أي بمعنى عليه أن يبتعد عن السينما
الاستهلاكية التي تسعى وراء الربح ودغدغة غرائز
الجمهور العريض وتلبية رغباته غير المشروعة..
فالأفلام الأمريكية والهندية والعربية التي تقوم
بهذا الأمر كثيرة.. بل وتسيطر على مجمل العروض
السينمائية في البحرين.. ومن المنطقي أن نجزم بأن
صانع الصورة البحريني لن ينجح في مجاراة تلك
السينما السائدة.. لذا لابد له من تقديم شيء آخر،
وهو السينما الفنية، التي تعتمد على نواحي إبداعية
خلاقة.. تسعى لرفع مستوى التلقي لدى المتفرج
والاستحواذ على اهتمامه.
وبصرف النظر عما شاهدناه من تجارب طموحة لشباب
السينما في البحرين.. فهي تعد تجارب متواضعة
مقارنة بما هو مطلوب منها.. حتى لدى هؤلاء الشباب
أنفسهم..!!
بصفتي متابعاً ومهتماً بما يقدمه المشتغلين
بالصورة السينمائية عندنا.. فدائما ما تبرز أمامي
الكثير من الملاحظات التي سبق وتحدثت عنها كثيراً
وأعيد وأكرر ذكرها في كل المناسبات..!!
وما أثار نفس هذه الملاحظات من جديد.. هو ذلك
الملف الخاص عن شباب السينما في البحرين.. الذي
نشر في جريدة الوطن البحرينية.. حيث كان ملفاً
زاخراً، تناول آراء مهمة من صناع هذه الصورة،
وروادها.. والجميع اتفق على تأثير ندرة الإمكانيات
الإنتاجية لتقديم صورة سينمائية مؤثرة وخلاقة..
ذلك الإنتاج الذي يدعم جهود هؤلاء الشباب دون
النظر للسوق السينمائي المليء بالغث والسمين..
واضعاً في عين الاعتبار، بأن ما يصنعه هؤلاء
الشباب قطعاً لن يكون بديلاً لما هو موجود في هذه
السوق.. وإنما سيكون له تأثير آخر، ومناخ مختلف في
البحث عن بدايات لسينما بحرينية في المستقبل..!!
لن
أدخل في تفاصيل تلك الملاحظات التي أشرت إليها
مسبقاً.. وإنما أردت التأكيد على أن صانع الصورة
عندنا.. عليه أن يكون أولاً وأخيراً..مثقفاً
سينمائياً، ومتابعاً لما تنتجه استوديوهات ومطابع
العالم، من أفلام وكتب.. هذه الثقافة والإطلاع
سيكونان عوناً حقيقاً له في تقديم المختلف والمبهر
في تناوله لأي موضوع عادي وتقليدي.
|