صناع فيلم (خللي بالك من زوزو - 1972)
قد تنبهوا إلى أن رفض محيط هذا الشاب الغني لزوزو فقط لان خطيبته
التي اختاروها له جاهزة، ليس رفضا طبقيا، بل انـه رفض عادي وتجاري
يمكنه أن يحدث لألف ظرف وظرف لذلك اهتدى صانعو الفيلم إلى أن أفضل
وسيلة لجعل هذا الرفض يكون طبقيا، هو مقلب المخطوبة الذي دبرته
لزوزو، والذي - في نفس الوقت - سيقلب هذا الرفض الطبقي من قبل
العائلة الغنية إلى حب من قبل المتفرج الذي سيتعاطف تلقائيا مع
زوزو. إن شحذ "زوزو" لأظافرها (خلعها لملابسها لترقص) لتدافع عن
نفسها، تحت شعار الدفاع عن أصولها، هو في النهاية محاولة لإيجاد
ميزان قوى مقبول لإجبار عائلة الشاب الغني على قبولها ضمن صفوفها.
إنها عملية ابتزاز مقلوبة، يقوم بها
الفقير المتخلي عن طبقته حتى يعطى فرصة انتماء طبقي جديد. إن عملية
الابتزاز هذه، والتي استكملتها عملية الابتعاد الشكلي من قبل زوزو
عن الشاب الوسيم، ابن البرجوازية، لم يكن لها إلا هدف واحد، وهو
إقناع هذا الشاب بعدم التخلي عن زوزو. والدليل على ذلك هو أن
الصفعة التي جعلت زوزو تبتعد قليلا عن الشاب، لم تكن إلا نفس
الصفعة التي أدخلتها إلى حريم البرجوازية وكرست قبول الشاب وطبقته
بها.. وان الذي غير موقعه الطبقي هو زوزو وليس الشاب.. والذي
سينتقل إلى الشقة الفخمة هي زوزو وليس الشاب الغني هو الذي سينتقل
إلى شارع محمد علي. ثم لا ننسى أن نضيف أن زوزو لم تشغل بالها
كطالبة جامعية، وهو امتياز في شارع محمد علي، ولو لمرة واحدة بسكان
حارتها وشارعها وبمشاكلهم، إلا عندما اضطرت أن تدافع عنهم دفاعا عن
نفسها، تم تعود وتتخلى عنهم لتصالح نفسها في النهاية، عندما تتزوج
من الشاب الوسيم الغني.
هذه هي حكاية فيلم (خللي بالك من
زوزو)، وهي بالطبع حكاية تقليدية، بل ورجعية، حولتها السينما
المصرية إلى فيلم استعراضي كبير ذو شعبيـة هائلة. والفيلم - بالرغم
من حكايته هذه - مصنوع بدقة وباهتمام زائد من الناحية الفنية
السينمائية، حيث توافرت له إمكانيات وعناصر فنية على مستوى عال من
الجودة، وفرها له المنتج (تاكفور انطونيان).. من سيناريو شاعري
رقيق، إلى حوار بالغ القوة والذكاء كتبهما (صلاح جاهين)، إلى تصوير
متقن من (عبد الحليم نصر) لا يترك أي تفصيل يفوته، ويهتم بتوزيع
الإضاءة بشكل يتناسب والتوتر النفسي للشخصيات.. إلى موسيقى تصويرية
منـاسبة للحدث قدمها صاحب الخبرة الطويلة في هذا المجال فؤاد
الظاهري.. وأخـيرا، أغاني واستعراضات جميلة وقوية، كتبها صلاح
جاهين ولحنها كل من كمال الطويل وسيد مكاوي وإبراهيم رجـب ومنير
مراد.
ثم على رأس هذا اللفيف من الفنانين
يأتي المخرج حسن الإمام، صاحب الخبرة الطويلة في إخراج الفيلم
الاستعراضي والغنائي، والذي وفق إلى حد كبير في إدارة من معه من
فنيين وفنانين وخصوصا في اختياره وأدارته للممثلين من نجوم
وكومبارس.. سعاد حسني المتألقة بسحرها وخفتها وحيويتها، وحسين فهمي
بوسامته وقدرته على التوصيل، وتحية كاريوكا الفنانة القديرة
الصادقة، وغيرهم ممن ظهروا في الفيلم، كل حسب دوره المرسوم له.
وختاما، لابد لنا من التأكيد إلى أن
فيلم (خللي بالك من زوزو)، يـعتبـر واحداً من أبرز الأفلام
الاستعراضية في تاريخ السينما المصرية وانجحها جماهيريا.. فقد حطم
الأرقام القيـاسيـة في الإيرادات ومدة العرض. ففي السبعة أسابيع
الأولى فقط من عرضه حقق ما يفوق المليوني جنيه مصري، واستمر عرضه
ما يقارب العام الكامل ولولا حرب أكتوبر 1973 لما رفع من دور العرض
واستمر عرضه لمدة أكثر. |