سيكون حديثنا، هذا الأسبوع، عن فيلم
يعد من أهم وأبرز الافلام المصرية في مجال الغناء والاستعراض..
ويعتبر نموذجاً هاماً للاستعراض السينمائي في مصر والعالم العربي
في تلك الفترة.. حتى أن الجيل الجديد عند مشاهدته لهذا الفيلم فأنه
سيشعر بالحسرة لعدم وجود فيلم استعراضي حقيقي في الوقت الحاضر.
كتب السيناريو والحوار لفيلم (خللي
بالك من زوزو - 1972) الفنان صلاح جاهين، وقدمه للسينما المخرج
الذائع الصيت حسن الإمام، وقامت ببطولته الفنانة سعاد حسني وهي في
قمة تألقها الفني (السبعينات)، يشاركها البطولة حسين فهمي، تحية
كاريوكا، سمير غانم، شفيق جلال، نبيلة السيد وحشد كبير من الممثلين
والكومبارس.
يحكي الفيلم عن زينب عبدالكـريم
الشهيرة بزوزو (سعـاد حسني)، والتي تعيش حيـاة مزدوجة.. في الصباح
طالبة في الجامعة، مثالية، متفوقة.. وفي المساء راقصة تسير كل خطى
والدتها نعيمة ألماظية (تحية كاريوكا). إن زوزو ابنة شارع محمد
علي، ابنة الراقصة التي ترقص في الأفراح، تظهر عليها تغييرات في
شخصيتها، وذلك من تأثير حياة الجامعة عليها. فمن طريقة اشتراكها في
المسابقات الرياضية، إلى أحاديثها الصحافية التي تتوج فوزها
رياضيا، إلى محـاولة تجيير الشهرة لمصلحـة علاقات اجتماعية يومية
مع زملائها، نشاهد أمثلة واضحـة من التطلعات التي تحلم بها زوزو،
للقفز فوق أصولها الطبقية الفقيرة، والحلم بالارتقاء نحو حياة
الغنى والشهرة.
لذا يكون أول مطالب زوزو، من والدتها،
هو التوقف عن ممارسة مهنتها (الرقص). ومن الخطأ أن نعتبر طلب زوزو
هذا ناتجا عن النظرة الأخلاقية أو الدينية لمهنة الرقص.. حيث أننا
لو افترضنا بأن زوزو كانت بائعة فول وطعمية أو أية مهنة هامشية
أخرى، لطلبت أيضا التخلي عنها، لان هذا في النهاية بداية التخلي عن
كل حاجتها من طبقتها، كشرط من اجل دخول نعيم البرجوازية الذي تحضره
لها الجامعة. ولا يمكن أن تغيب عنا حكاية المدافعين عن الدين في
الجامعة، والتي حشرت في الفيلم بغية ابتزاز تعاطف المتفرجين وجعلهم
يقبلون تخلي زوزو عن طبقتها وأصولها، فالصراع الذي شاهدناه في حدود
الجامعة بين الرافضين والمؤيدين لزوزو، قدم صورة الفيلم باعتباره
جاء من اجل فتاة جميلة وبطلة رياضية، في حدود مطموسة فكرياً وعلى
نحو متعمد.
ثم تأتي حكاية الفتى الوسيم ابن
العائلة الغنية، الذي سينتشل زوزو من الحضيض، حيث تلتقي زوزو
بالمخرج المسرحي الشاب سعيد كامل (حسين فهمي) في ندوة له بالكلية،
فتعجب به لتتخيل بأنه فتى أحلامها.. تتعرف زوزو على سعيد، وتتعدد
اللقاءات، لتبدأ قصة حب بينهما حيث أن مجمل المواصفات الموجودة في
هذا الشاب الوسيم والمحيطة به، والتي تسمح بمداعبة خيال أي فتاة
فقيرة، هي التي ستقنع من لم يقتنع بعد بالسير في طريق التخلي
الطبقي، والذي ستسير فيـه زوزو.
تغار خطيبة المخرج سعيد بعد أن تكتشف
علاقة زوزو بخطيبها، لذا تفكر في طريقة لإزاحتها من طريقها. فتذهب
وتتفق مع والدة زوزو للرقص في حفل عيد ميلادها، وفى الحفل تحضر
زوزو أيضا مع سعيد لتشاهد والدتها ترقص وسط مدعوين يسخرون منها،
بشكل يدعو للخجل والأسى.
فجأة وبالرغم من اعتراض سعيد، تقوم
زوزو لترقص بتحد أمام انبهار المدعوين. وهي عندما ترقص أمام
الحاضرين من الأغنياء فإنها لا ترقص لتدافع عن طبقتها أو عن
والدتها أو عن أي شيء غير نفسها. فقد استطاعت خطيبة الشاب الوسيم
في جرها إلى ميدان معركة حددته هي، معركة في بيت الأغنياء،
المستعدين للرفض الأبله لكل ما يذكر بالفقر. |