بهيجة حافظ والسينما:
كان فيلم (زينب ـ 1930) هو بداية علاقتها بالسينما، وذلك عندما
اختارها المخرج "محمد كريم" لدور البطولة فيه، ولكن كيف تم
اختيارها لهذا الدور ؟
بعد أن نالت شهرة في عالم الموسيقى، كأول سيدة مصرية تقتحم هذا
الميدان، نُشرت صورتها في مجلة "المستقبل" التي كان يصدرها
"إسماعيل وهبي المحامي" شقيق "يوسف وهبي"، وقد نُشرت صورتها على
غلاف المجلة، بالبرقع والطرحة، وكُتب تحتها عبارة "أول مؤلفة
موسيقية مصرية"، حينها كان "محمد كريم" يبحث عن بطلة لفيلمه الأول
(زينب)، بعد أن رفض "يوسف وهبي" قيام الفنانة "أمينة رزق"
بالبطولة.
عندها، لفتت فتاة الغلاف انتباه "محمد كريم"، فعرض عليها بطولة
الفيلم، ورحبَّت "بهيجة" بالعمل في السينما بالرغم من معارضة
أسرتها الشديدة، لدرجة أن شقيقتها وقفت في السرادق حينها تتلقى
العزاء فيها.
ولم تكتف "بهيجة حافظ" ببطولة الفيلم فحسب، بل قامت أيضاً بوضع
الموسيقى التصويرية له، والتي تتكون من اثنتي عشرة مقطوعة
موسيقية.. وقد قامت بدور زينب أمام "سراج منير" و"زكي رستم" و"دولت
أبيض" و"علوية جميل" و"عبدالقادر المسيري".. ولأن هذا الدور يعتبر
أول علاقتها بالتمثيل، فلم تكن "بهيجة" على دراية بكافة إمكانياته،
خصوصاً بأن الدور ـ لكونه صامتاً ـ يحتاج بل يعتمد على التعبير
بالحركة والإشارة والتحكم في ملامح الوجه وتقلصاته، لذلك كان "محمد
كريم" حريصاً بأن تكون "بهيجة" دوماً بين كبار الممثلين، لتحتك بهم
بما فيه الكفاية، حتى تتعلم منهم وتندمج معهم من ثم يكون
باستطاعتها إعطاء الانفعالات المطلوبة، والطريف في الأمر إن "محمد
كريم" قد استعان في ذلك الوقت بعازف على الكمان ليعزف لها لحناً
أثناء التمثيل حتى تستطيع أن تعبر من موقف حزين.
وقد عرض الفيلم في سينما مترو في التاسع من أبريل عام 1930، وتقاضت
"بهيجة حافظ" عن هذا الدور أجراً قدره خمس وعشرون جنيهاً شهرياً،
طوال أيام تصوير الفيلم الذي استغرق تصويره فترة طويلة. وبعد نجاح
فيلم (زينب)، اختارها "يوسف وهبي" للبطولة أمامه في فيلم (أولاد
الذوات)، وسافرت بالفعل إلى باريس لتصوير بعض المشاهد من الفيلم،
بعد أن وقَّعت العقد بأجر قدره مائتين وخمسين جنيهاً.. ولكن بسبب
الخلاف الذي وقع بينها وبين "يوسف وهبي"، اعتذرت عن الدور وعادت
إلى القاهرة لتحل مكانها الفنانة "أمينة رزق" التي اشتهرت بنفس
الدور على المسرح. |