من المحتمل جداً، أن يكون اسم "بهيجة حافظ" قد نسِى من قبل الجيل
القديم.. ومن المؤكد أن الجيل الجديد لا يعرف الكثير عن هذا الاسم،
أو حتى لم يسمع عنه تماماً.. فمَنْ هي "بهيجة حافظ"؟
في سبتمبر من كل عام يصادف ذكرى وفاتها، لذا فهي مناسبة للحديث عن
هذه الفنانة الرائدة والمنسية، والتي كان لها دور بارز في مجال
التأليف الموسيقي، قبل أن تصبح من رائدات السينما المصرية.. فهي
أول مصرية تعمل في التأليف الموسيقي الكلاسيكي، كما تعتبر أول
فنانة تنشئ شركة إنتاج سينمائي.
ولدت "بهيجة حافظ" في الرابع من أغسطس عام 1908، ونشأت في بيئة
فنية، نالت فيها قسطاً من الثقافة العلمية والفنية.. تلقت تعليمها
ما بين مدرستي "الفرنسيسكان" الإيطالية و"الميردي دييه" الفرنسية
بالإسكندرية، ومن ثم حصلت علي دبلوم في الموسيقى من باريس في يناير
1930.
من عائلة موسيقية:
كان والدها "إسماعيل حافظ باشا" هاوياً للموسيقى، وقد مارس تأليف
الأغاني وتلحينها، وكان يعزف على العود والقانون والرق والبيانو،
وكانت والدتها تعزف على الكمان والفيولنسيل، بينما أخوتها يعزفون
على الآلات المختلفة، أما بهيجة فكانت تعزف على البيانو.
ولقد كان للمايسترو الإيطالي "جيوفاني بورجيزي"، والذي كان يقود
الفرقة الموسيقية بالإسكندرية، أثر كبير في حياة "بهيجة حافظ"، فقد
كان يتردد على قصرهم في حيّ "محرَّم بيك" بحكم صداقته لوالدها،
لذلك درست قواعد الموسيقى الغربية على يديه. وتقول "بهيجة حافظ"
إنها بدأت تعزف على البيانو وهي في سن الرابعة، وإنها قد ألّفت أول
مقطوعة موسيقية وهي في التاسعة، حيث أعجب والدها بهذه المقطوعة
وأسماها "بهيجة".. بعد ذلك ألّفت مقطوعتين، الأولى اسمها "من وحي
الشرق" والثانية "معلهشي".
الحياة موسيقى:
بعد طلاقها من زوجها الذي ـ كما تقول ـ كان لا يحب الموسيقى، وبعد
وفاة والدها، قررت أن تترك بيت الأسرة في الإسكندرية وتستقر في
القاهرة، لتبدأ صفحة جديدة من حياتها، تعتمد فيها على نفسها وتكافح
في سبيل العيش والفن.. فاشتغلت بالموسيقى وقامت بتدريس العزف على
البيانو لبنات العائلات، ونسخ النوتة الموسيقية للفرقة الموسيقية
بالقاهرة في مقابل جنيه واحد للصفحة الواحدة، هذا إضافة إلى
الاستمرار في التأليف الموسيقي.. وفي ذلك الوقت قامت بتسجيل
مؤلفاتها الموسيقية لدى شركة "كولومبيا" بالإسكندرية، و"أوديون" في
القاهرة، فاشترت منها شركة "كولومبيا" أربع مقطوعات، اثنتان منها
"تانجو" والثالثة "فالس" أما الرابعة فهي "أنشودة إيطالية".. أما
الشركة الثانية فقد اشترت مقطوعتين سجلتهما علي أسطوانة واحدة.