(عفواً أيها القانون) صرخة احتجاج
ضد قانون العقوبات المصري، أطلقتها المخرجة
الجريئة (إيناس الدغيدي)، في فيلمها الذي يحمل نفس
الاسم. وقد أثار هذا الفيلم ضجة كبيرة عند عرضه،
بين مؤيد ورافض للفكرة التي طرحها، ولكن الكل اتفق
على أن المخرجة قد نجحت في إثبات وجودها في مجال
الإخراج السينمائي، واستطاعت أن تجد لها مكاناً
مرموقاً بجانب أساتذتها في الإخراج.
فإذا كانت نادية حمزة قد طرحت
اسمها بشكل تجاري مباشر في فيلمها (بحر الأوهام)،
ونادية سالم قد أشارت إلى موقفها الإيجابي من
الثقافة الوطنية في فيلمها (صاحب الإدارة بواب
العمارة)، فإن إيناس الدغيدي قد قدمت نفسها بشكل
ملفت للنظر لجرأة الموضوع الذي تناولته.
بداية اتصال المخرجة بعالم السينما
كان عام 1971، حيث دخلت معهد السينما وتخرجت منه
في 1975، التحفت في البداية بقسم الإنتاج، ثم
تحولت إلى قسم الإخراج. وأثناء دراستها في المعهد
زاولت العمل في السينما، حيث عملت كمساعدة مخرج مع
كبار المخرجين أمثال صلاح أبوسيف في (الكذاب،
السقامات)، وهنري بركات في (أفواه وأرانب).. كما
عملت مع عدد كبير من المخرجين الشباب كمساعدة
أيضاً لمدة عشر سنوات، آخرها كان مع المخرج يوسف
فرنسيس في فيلم (عصفور من الشرق). وعندما أحست
أنها قد استفادت من خبرة هؤلاء المخرجين الكبار،
مما يؤهلها لخوض أولى تجاربها في الإخراج
السينمائي، باشرت في الإعداد لفيلمها (عفواً أيها
القانون) إنتاج عام 1984، والذي عثرت على فكرته
بالصدفة، أثناء قراءتها لكتاب صغير لضابط شرطة
اسمه (نبيل مكاوي). وعندما علمت أن القصة حقيقية،
أصرت على تطويرها وتقديمها في أول أفلامها. ومن ثم
بدأت مرحلة التحضير الأولى مع السيناريست (إبراهيم
الموجي).
أثناء مراحل التحضير تحدثت إيناس
الدغيدي مع بعض أساتذة القانون للاستشارة، فوجدت
البعض يعترض على هذا القانون ويطالب بتغييره، مما
أعطاها دافعاً قوياً للاستمرار في تنفيذ الفيلم،
بعد أن كانت خائفة ومترددة قليلاً.
(...وجدت أن وراء القصة قانون لم
أكن أعرفه، تماماً مثلما لا تعرفه ملايين النساء
مثلي، لقد كان الموضوع كله مفاجأة لي، فأردت أن
أفاجئ به الجميع، كي يعرفوا أن هناك قانوناً ينتمي
إلى محاكم التفتيش التي تم إلغاؤها منذ عهود
بعيدة، المهم أنني شعرت بالظلم بالكبير الواقع
تجاه المرأة، فأردت تصحيح الأوضاع المائلة...). #
ملحق جريدة القبس الكويتية 13/01/1986.
وبعد أن تم تجهيز الفيلم على الورق
تقدمت به المخرجة إلى المنتج (واصف فايز) الذي
وافق بدون تردد في إنتاج الفيلم مع علمه أن المخرج
امرأة تمارس الإخراج لأول مرة.
(...لا أعتقد أن السبب عائد إلى
جمالي، كما تناهى إلى مسمعي، فأنا أولاً وحسب
اعتقادي لست جميلة، ومن ينظر إليّ مثل هذه النظرة
فإنما ينظر للمرأة من زاوية متخلفة، إذ لا يعقل أن
يدفع منتج ربع مليون جنيه من أجل شكل امرأة أو
جمالها، المنتج يدفع فلوساً حتى يكسب فلوساً..
وتلك حقيقة..)# مجلة ألوان 24/01/1986.
يبدأ الفيلم بحفل زفاف عليّ (محمود
عبدالعزيز) وهدى (نجلاء فتحي) وهما أستاذان في
الجامعة.. تفاجأ هدى في ليلة الزفاف أن زوجها عاجز
جنسياً، لكنها تتحمل الصدمة لأنها تحبه وتعرف مدى
حبه لها. في النصف الأول من الفيلم تسعى هدى،
بمساعدة الطبيب إلى علاج زوجها واكتشاف العقدة
النفسية التي يحملها، وتهتدي إلى أن خيانة زوجة
والده وقتل الأب لها مع عشيقها أمام عينيه وهو
مازال طفلاً، هو السبب فيما أصابه، وهكذا تستطيع
تخليصه من هذه العقدة.
ولكن ذلك يترتب عليه محاولة الزوج
تعويض مراهقته الماضية في البحث عن علاقات نسائية
جديدة، هنا يبدأ النصف الثاني من الفيلم. في حفلة
أقامها الزوجان لأصدقائهما، يتعرف الزوج على زوجة
صديقه صلاح (هياتم) التي تحاول جذبه إليها، فيقيم
معها علاقة جنسية تصل إلى حد اصطحابها إلى منزله.
حيث يضع الفيلم الزوجة في الموقف نفسه، الذي وضع
فيه والد زوجها، حين تفاجئ بمشهد الخيانة الزوجية
لها وفي منزلها وفوق فراشها، فتطلق النار عليهما
وهي في حالة غير طبيعية من هول الصدمة. يموت الزوج
في المستشفى بينما تنجو العشيقة من الموت، وتبدأ
النيابة في التحقيق وتوجه إلى الزوجة تهمة القتل
المتعمد. ورغم محاولات المحامية (ليلى طاهر)
المستميتة لإثبات براءة الزوجة من هذه التهمة، إلا
أن الحكم يصدر عليها بالسجن خمسة عشر عاماً مع
الشغل والنفاذ. |