نجح فيلم (عفواً أيها القانون) في
إبراز التناقض في القوانين الوضعية التي تحكم مجمل
العلاقات الاجتماعية، من خلال التفريق في الحكم
بين الرجل والمرأة. ففي قضية معينة يصدر الحكم على
المرأة بالسجن خمسة عشر عاماً مع الشغل والنفاذ
واعتبارها جناية، بينما يكون الحكم في نفس القضية
على الرجل شهر مع إيقاف التنفيذ واعتبارها جنحة.
وتكمن أهمية الموضوع، الذي طرحه
الفيلم، ليس من منطلق الدعوات السطحية بمساواة
المرأة بالرجل، بل من منطلق التشريع الإسلامي، وهو
لا يهدف إلى المساواة فقط، بقدر ما يهدف إلى
محاربة الجريمة ذاتها، وحماية المجتمع من أضرارها،
بغض النظر إن كان المجرم رجلاً أو امرأة.
تقول المحرجة في هذا الصدد: (...في
الشرع لا تفرقة بين الرجل والمرأة في الخيانة..
كلاهما يقع في جريمة الزنا، لكن القانون يقف مع
الرجل ولا يساند المرأة.. أنا لا أطالب بحرية
الخيانة للمرأة، لكنني أطالب بالمساواة.. باحترام
المجتمع لأحاسيس المرأة، التي مازالت مظلومة في
المجتمع...). # مجلة الفيديو العربي أبريل 1985.
إن المخرجة التي شاركت في كتابة
الرؤية السينمائية، والسيناريست إبراهيم الموجي،
قد اتبعا عدة وسائل للوصول إلى الهدف الذي يرمي
إليه الفيلم، لكنهما لم ينظرا بعين الاعتبار لبعض
الأخطاء الواضحة التي حملها السيناريو، وأهمها هو
اعتراف الزانية بواقعة الزنا علناً في المحكمة،
والملابس الداخلية التي أحضرتها النيابة لزوجها،
وهما دليل إثبات قوي لم يستعملهما السيناريست في
الدفاع عن المتهمة، وذلك دون إعطاءنا مبررات
مقنعة.
لقد نجح السيناريو في تقديم نموذج
الرجل الشرقي الجاهل وغير المثقف (بدور فريد
شوقي)، والذي يحمل في أعماقه مفاهيم وموروثات
دينية ودنيوية خاطئة. غير أنه لم ينجح في إنهاء
الفيلم بشكل مناسب، حيث أن الفيلم انتهى فعلاً بعد
النطق بالحكم في المحكمة، وبعد خلوها إلا من
المحامية المحبطة أمام خسارتها لقضيتها. فالمشاهد
التي تلت ذلك لم تعط أي إضافة لفكرة الفيلم
الرئيسية.
ومثلما نجح الفيلم، نجحت المخرجة
في قيادة فريق العمل من فنانين وفنيين بشكل موفق.
وقدمت فيلماً جيداً يطرح قضية جريئة جداً من خلال
الصراع بين الشريعة والفانون والمجتمع. ورغم أن
الفيلم يعالج قضية الزنا، إلا أن المخرجة ابتعدت
عن الإسفاف والابتذال، وقدمت مشاهد الفراش بين
الزوجين في لقطات قصيرة وعابرة، كذلك لقطات الجنس
بين الزوج والعشيقة كانت سريعة. إلا أن المتفرج
استطاع أن يستخرج المقصود في كل لقطة وكل مشهد،
دون الحاجة إلى مشاهد جنسية مبتذلة.
المخرجة إيناس الدغيدي في فيلمها
الأول، استطاعت تفادي أخطاء فنية، كثيراً ما يقع
فيها المخرج في أول أعماله. وقدمت أسلوب بسيط في
التقنية وتجنبت إبراز تكنيك جديد قد يخدم العمل
بشكل أكبر.
عن استخدامها للأسلوب السينمائي،
تقول المخرجة: (...أعتقد أن الفكر يجب أن يكون هو
الأساس، أما التكنيك السينمائي فسأتخذ الأسلوب
العادي والتقليدي، لكن بطريقة خاصة بي، إنما كشكل
غير عادي ـ مثل أشكال يوسف شاهين مثلاً ـ فلا أظن
أنني سأنحو إلى هذا الشكل.. بالرغم من أنه اتجاه
وشكل متقدم ومبهر، إلا أنني أريد أن أصل إلى الناس
أولاً وبسهولة (...) وأعتقد أن أفلامي في البداية
ستكون كلها عن المرأة وحقوقها، لأنني أعتقد أن
هناك أشياء كثيرة جداً عن المرأة لم تناقشها
السينما حتى الآن...). # ملحق جريدة القبس
الكويتية 13/09/1983.
ولقد تأثرت المخرجة بثلاث اتجاهات
سينمائية، عايشتها وتفاعلت معها أثناء عملها
الطويل كمساعدة مخرج. لذلك ليس من الصعب أن نلاحظ
في أولى تجاربها الإخراجية ملامح من واقعية صلاح
أبوسيف في مشهد تهجين الثور والبقرة في الريف، ومن
رومانسية بركات في المشاهد الغرامية، كذلك تأثرت
بإيقاعية ورشاقة كمال الشيخ في مشاهد إطلاق الرصاص
والانتقال إلى المستشفى. والتأثر بمن سبقونا ليس
عيباً، وإنما كان على المخرجة أن تتخذ لفيلمها
أسلوباً محدداً تنفرد به، لإبراز شخصيتها
السينمائية المستقلة. |