كتبوا في السينما

سينماتك

كريستيان مونجيو الفائز بسعفة كان الذهبية الأخيرة أحد رواد ربيع السينما في أوروبا الوسطى

مهرجان كان الـ 60

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

باريس ـ كان من الطبيعي جدا أن يحرص مهرجان كان السينمائي الدولي في دورته الأخيرة على تقديم صورة عنه للعالم باعتباره أهم المهرجانات السينمائية وأعرقها لاسيما وأن هذه الدورة شهدت الاحتفال بمرور ستين عاما على انطلاق المهرجان. و بدا واضحا من خلال تكريم المخرج الروماني كريستيان مونجيو ومنحه السعفة الذهبية عن فلمه "أربعة أشهر وثلاثة أسابيع ويومان" أن لجنة التحكيم أرادت أن تنفض الغبار عن مهرجان أخذت عليه في السنوات الأخيرة مآخذ كثيرة من بينها أنه شاخ وأصبح يجتر نفسه عبر التركيز على الجانب الاحتفالي أكثر من الاهتمام بنبض الإبداع السينمائي لاسيما عند المخرجين الشبان.

فحصول مونجيو الذي يبلغ من العمر التاسعة والثلاثين من العمر على السعفة الذهبية أهم جوائز مهرجان كان يعد تكريسا للنقلة النوعية التي تشهدها اليوم السينما في عدد من بلدان أوروبا الوسطى وبخاصة في رومانيا. ولابد من التذكير بأن الأنظمة الشيوعية التي كانت قائمة في هذه البلدان منذ أكثر من نصف قرن قد حولت المبدعين في مجال السينما من كتاب ومخرجين وممثلين إلى أبواق لها. ولأن أولي الأمر في الأنظمة الشيوعية التي كانت قائمة في أوروبا الوسطى كانوا يحرصون على التباهي أمام العالم بأن لديهم في بلدانهم ثروات بشرية قادرة فعلا على التعاطي مع الصناعية السينمائية تعاطيا يقوم على الاحتراف والمهنية فإنهم أسهموا في إنشاء معاهد للسينما تدرس فيها مختلف فنون هذه الصناعة. بل إن كثيرا من مخرجي بلدان العالم الثالث ومبدعيها الآخرين في مجال السينما تعلموا في هذه المعاهد.

وقد تنفس السينمائيون الرومانيون الصعداء عند سقوط نظام تشاوسيسكو في ديسمبر عام تسعة وثمانين من القرن الماضي. وعقدوا آمالا عريضة على انخراط رومانيا في منظومة الديمقراطية على الطريقة الغربية. ولكن أحلامهم سرعان ما تبددت بعد أن اكتشفوا أن المثل الهوليودي السينمائي الجديد القائم أساسا على المال وحب الظهور والتعاطي مع سوق السينما كما يتم التعاطي مع سوق الخضار إنما هو المثل الطاغي في العالم الغربي والراغب في فرض نفسه على أوروبا الوسطى.

وبرغم كل المصاعب التي وجد السينمائيون الرومانيون أنفسهم أمامها فإن كثيرا منهم جعلوا من هذه الصعاب تحديات شخصية لكل واحد منهم. ويعد كريستيان مونجيو أحد هؤلاء الذين تعاملوا مع المصاعب باعتبارها جزءا من عملية الانعتاق من مقص الشيوعية ورواسبها من جهة والابتعاد عن من منطق المادة والربح الهوليودي من جهة أخرى.

وليس ثمة شك في أن تجربة رواد السينما الرومانية الجديدة تقوم بشكل خاص على المثابرة وعلى السيطرة على تقنيات الصناعة السينمائية سيطرة كلية. وهو ما يعكسه مسار مونجيو الذي درس في بلاده الأدب الإنجليزي والأمريكي قبل أن يدرس في بوخاريست فني الإخراج والكتابة السينمائية. ولم يكتف بذلك بل إنه تولى تدريس المادتين في الجامعة وعمل مخرجا مساعدا لعدة مخرجين موهوبين من بينهم الفرنسي برتران تافيرنييه. وعمل مونجيو أيضا في حقل الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية وفي التلفزيون. وأنشأ عام ألفين وثلاثة شركة للإنتاج السينمائي والتلفزيوني مما سمح له بصقل موهبته وتغذيتها على نحو فيه كثير من الانفتاح على العالم.

وقد اكتشفه مهرجان كان لأول مرة عام ألفين واثنين عبر شريط وثائقي عنوانه "غرب". ويعد الشريط الذي أحرز من خلاله سعفة كان الذهبية الأخيرة ثاني عمل طويل له. وفيه يصف معاناة مئات الآلاف من الفتيات الحوامل في عهد تشاوسيسكو من اللواتي كن يرغبن في الإجهاض ولكن القوانين التي كانت قائمة في رومانيا كانت تمنع ذلك. وإذا كان مونجيو يعتقد أن أفضل ديكور لأي عمل سينمائي هو الديكور الطبيعي، فإنه من الذين يرون أيضا أنه لا يكفي لهذا المخرج أو ذاك الحصول على مبالغ مالية ضخمة حتى يؤمن نتاجا جيدا بدليل أن الشريط الذي حصل من خلاله على سعفة مهرجان كان الذهبية هذه السنة لم يكلفه إلا ستمائة ألف يورو. وينظر إلى هذا المبلغ في قاموس السينما الهوليودية باعتباره جزءا من مصاريف بعض الأكسسوارات.

الرياض السعودية في 31 مايو 2007

 

سينماتك