أعلنت
جوائز الدورة "60" لمهرجان كان أول أمس وفاز بالسعفة الذهبية الفيلم
الروماني "4 شهور و3 أسابيع ويومين" إخراج كريستيان مونجيو. وبهذا الفوز
دخلت السينما الرومانية نادي السعفة الذهبية لأول مرة. وفي نفس عام دخولها
الاتحاد الأوروبي. وعلي مسرح حفل الختام عبر المخرج الشاب الذي ولد عام
1968 عن فرحته. وقال انه منذ ستة شهور فقط لم يكن يملك ما يكفي من المال
لاتمام الفيلم. وان هذا الفوز يؤكد أن ميزانيات الأفلام لا علاقة لها
بالقيمة الفنية. ولا تحول دون الفوز بأكبر الجوائز.
الفيلم
تكلف حوالي مليون جنيه مصري. وهو الفيلم الروائي الطويل الثالث لمخرجه وكان
أول أفلامه "غرب" قد عرض في برنامج "نصف شهر المخرجين" في مهرجان كان 2002.
وكان بداية ما عرف في السنوات الخمس الماضية بالموجة الجديدة في السينما
الرومانية. أو سينما الحرية.. بعد سقوط نظام شاوشيسكو الديكتاتوري بأقل من
عقدين من الزمان.
العصر
الذهبي
"4 شهور"
بداية مشروع عن عدة أفلام أطلق عليه المخرج "حكايات من العصر الذهبي"
تتناول الحياة في ظل النظام السابق. ليس من أجل ادانة الماضي. وإنما من أجل
المستقبل حتي لا تتكرر المأساة مرة أخري.. والواضح من الفيلم المتوج في كان
2007 ان الفنان لا يتناول السياسة عن طريق التعبير عن القضايا السياسية.
وإنما من خلال الحياة العادية للناس العاديين.
في مدينة
صغيرة من مدن رومانيا عام 1987. وفي بيت الطالبات تساين أوتيليا "آنا ماريا
مارنيكا" زميلتها جابيتا "لاورا فاسيليو" للقيام بعملية اجهاض رغم مرور 4
شهور و3 أسابيع ويومين علي الحمل "عنوان الفيلم". وهو حمل من دون زواج..
ومن الجدير بالذكر أن شاوشيسكو أصدر عام 1966 قانونا يمنع الاجهاض. ويعتبر
تقليل عدد المواليد من الأعمال المعادية للنظام. وبعض التقديرات تذهب إلي
أن نصف مليون امرأة علي الأقل لقين حتفهن أثناء عمليات الاجهاض السرية في
نحو عشرين سنة بعد صدور ذلك القانون.. ومما يؤكد صحة هذا الرقم ان أكثر من
مليون عملية اجهاض تمت في السنة الأولي بعد الغاء القانون عام ..1989هذا
فيلم عن الوطن عندما يتحول إلي سجن كبير بالمعني المادي والروحي معا..
الغرف مثل الزنازين والممرات مثل ممرات السجون بين العنابر. والناس في
الشوارع والأوتوبيسات والفنادق والشقق ما بين الصمت الخانق والثرثرة
الفارغة ولاتوجد لقطة واحدة يظهر فيها الأفق.
وبينما
كان من المتوقع فوز الفيلم الروماني علي مسرح حفل ختام المهرجان بجائزة ما.
لم يكن من المتوقع فوز الفيلم الياباني "غابة الأحزان" إخراج ناعومي كواسي.
وخاصة بالجائزة الكبري التي تلي السعفة الذهبية مباشرة. وفي وجود عدة أفلام
كبيرة في المسابقة لم تفز مثل "أعطني هذا الوعد" إخراج أمير كوستوريتشا.
و"لا وطن للشيوخ" إخراج الأخوين كوين. أو فازت بجوائز أقل من الجائزة
الكبري مثل "العقاب" إخراج أندريا زفيا جينتسيين الذي فاز بجائزة أحسن ممثل
"كونستانتين لافروتينكو" أو "بلاد فارس" إخراج بارجاني اترابي وفينسنت
بارونو الذي فاز بجائزة لجنة التحكيم مناصفة مع الفيلم المكسيكي "ضوء صامت"
إخراج كارلوس ريا جاراس.
مسابقة
الأفلام الطويلة في المهرجان للأفلام الروائية والتسجيلية وأفلام التحريك.
وقد سبق ان فاز أكثر من فيلم تسجيلي. ولكن كان 2007 شهد فوز أول فيلم تحريك
في تاريخ المهرجان. وهو الفيلم الفرنسي "بلاد فارس" المصور بالأبيض
والأسود. وهو رباعية من كتب الرسوم "الجرافيك" أصدرتها الفنانة التشكيلية
الايرانية مارجاني ساترابي في باريس بنفس العنوان منذ عام 2002. وهو الفيلم
الطويل الأول لها. وكذلك لفنان التحريك الفرنسي فينسنت بارونو الذي اشترك
في إخراج الفيلم معها. وكما في الرباعية المطبوعة تعبر الفنانة في الفيلم
عن سيرتها الذاتية وحياتها مع أسرتها في ايران حيث كانت في العاشرة من
عمرها عندما قامت "الثورة الإسلامية" عام 1979 تدرس في مدارس الليسية
الفرنسية. وبعد سبع سنوات ذهبت لدراسة الفنون في فيينا. ثم عادت إلي إيران.
واستقرت في فرنسا منذ عام .1994
يعتبر
الفيلم أعنف هجوم شهدته شاشة السينما. ضد الحكم الديني. أو بالأحري الحكم
باسم الدين. وأكبر فضح لممارسات المتطرفين الإسلاميين عندما يتولون الحكم.
وليس هناك أي فرق عمليا بين حكم طالبان في أفغانستان وحكم آيات الله في
إيران.. ويوضح الفيلم رجا لأول مرة حقيقة ان الثورة الإسلامية في ايران
كانت ثورة كل اتجاهات الحركة للوطنية وتشمل اليسار الشيوعي. ثم استولي
عليها آيات الله وانفردوا بالحكم.
يذكر
الفيلم ان عدد المعتقلين في نظام الشاه وصل إلي 30 ألفا بينما وصل في نظام
الثورة الاسلامية إلي 300 ألف.. والشخصية الرئيسية واسمها بوضوح هو اسم
المخرجة تنتمي إلي أسرة شيوعية وقفت ضد النظام السابق والنظام الحالي.
اننا نري
كيف تنعدم الحرية الشخصية للأفراد في شوارع ايران حيث تستطيع الشرطة
الدينية القبض علي أي شاب لأن أزياءه "غير مناسبة". أو حتي طريقة حلاقة
شعره وانعدام الحرية للأفراد حتي داخل منازلهم حيث من الممكن أن تقتحم
الشرطة أي منزل. أي وقت لأي سبب تراه. ونري الأشياء الممنوعة من الدخول في
المطارات والموانيء ومنها الأفلام وشرائط الموسيقي. وتصل ذروة فضح التطرف
في مشهد طلبة الفنون وهم يرسمون "موديل" لا يظهر منها إلا وجهها. وآخر تهجم
فيه الشرطة علي منزل يرقص فيه الشباب والفتيات.
احتجاج..ولم يكن من الغريب ان تقدم الحكومة الايرانية احتجاجا رسميا ضد
الفيلم وضد عرضه في المهرجان إلي السفارة الفرنسية في طهران. ولكن كان من
الغريب أن يفوز بجائزة لجنة التحكيم. ومناصفة مع الفيلم المكسيكي. وليس
بالجائزة الكبري أو جائزة السعفة الذهبية.
جوائز
المهرجان
السعفة
الذهبية: "4 شهور و3 أسابيع ويومين" إخراج كرسستيان مونجيو "رومانيا"
والجائزة الكبري: "غابة الأحزان" إخراج ناعومي كواسي "اليابان" وجائزة
الدورة "60": "حديقة البارانويا" إخراج جوس فان سانت "فرنسا" وأحسن إخراج:
"جرس الغوص والفراشة" إخراج جوليان شنابل "فرنسا" وأحسن سيناريو: "الجانب
الآخر" سيناريو وإخراج فاتح أكين "ألمانيا" وأحسن ممثلة: جيون دوريون عن
دورها في "شروق سري" إخراج لي شانج - دونج "كوريا الجنوبية" وأحسن ممثل
كونستانتين لافرونينكو عن دوره في "العقاب" إخراج أندريه زفيا جينتسييف
"روسيا" وجائزة لجنة التحكيم "بلاد فارس" إخراج مارجاني ساترابي وفينسينت
بارونو "فرنسا" و"ضوء صامت" إخراج كارلوس رياجاداس "المكسيك". السعفة
الذهبية لأحسن فيلم قصير "رؤي المطر" إخراج أليسا ميللر "المكسيك" وشهادة
تقدير "أجري" إخراج مارك أبيستون "نيوزيلند" وشهادة تقدير "جدتي" إخراج
انتوني شين "سنغافورة".
الجمهورية المصرية
في 30 مايو 2007
|