كتبوا في السينما

سينماتك

أفلام مهرجان كان تحلل حال الانسان في العالم

كان من‏:‏ أحـمد عاطـف

مهرجان كان الـ 60

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

أتاحت أفلام الدورة الستين لمهرجان كان السينمائي الدولي الذي اختتم الأحد الماضي‏,‏ فرصة رائعة لتأمل حال الانسان في العالم‏..‏ ومعرفة شكل الحياة التي يعيشها في ظل ما يسمي بالعولمة‏.‏ وسمحت بعض الأفلام أيضا برؤية نظرة الغرب للعرب والمسلمين‏.‏ كان الفيلم الرائع لكل سينما والمكون من خمسة وثلاثين فيلما قصيرا كل منها مدته ثلاث دقائق من إخراج أعلام السينما الاحياء الآن‏..‏ كان فرصة للتمتع بخمسة وثلاثين رؤية وأسلوب سينمائي عن مشاعر كل مخرج تجاه صالة العرض السينمائي‏.‏ ومن ضمن الافلام سينما الصيف للفرنسي ريمون ديبارورن عن حالة الفرحة بالسينما الصيفية في مصر وتحديدا بالاسكندرية وإنغماس الشباب في المشاهدة والتركيز علي المعجبات بشكل ايجابي في حين أن المعجبات اللاتي ظهرن في فيلم بيل أوجست‏,‏ وهن يدخلن السينما مع رجل سويدي تعرضت لإساءات عنصرية من بعض الرجال أخري لفتاة مسلمة ـ هذه الصورة كانت أكثر تبلورا في فيلم الكسندرا للمخرج الروسي الكبير سوكورف الذي عرض حياة سيدة مسنة تزور حفيدها الذي يحارب في صفوف الجيش الروسي علي مشارف قرية في الشيشان‏..‏ ورغم عدم إظهار أي لقطات للحرب ذاتها‏,‏ لكن الفيلم عكس حالة الخراب والعيشة التي خلفتها الحرب في حياة الجنود وحالة المرارة في حياة من يحاربونهم‏,‏ ورغم ذلك أشرق الأمل من خلال لقاء الجدة بسيدات القرية ومساعدتهن لها واكتشافها كم هم طيبون ورائعون‏,‏ وأن العدو ليس كما يصورنه لك من هم حولك ـ إنه فيلم يحمل رسالة سلام ويدعو كل طرف أن ينظر للجانب المشرق في عدوه ـ رسالة لا يجرأ أحد ما في روسيا أن يتفوه بها الا سينمائي كبير في حجم سوكوروف‏.‏

أما بقية الصورة فيكملها إثنان من المخرجين أصولهم من الشرق لكنهم الآن يعيشون في الغرب‏..‏ أولهم التركي ـ الالماني فاتح أكين الذي عرض فيلمه الجانب الآخر للسماء في المسابقة‏,‏ وقدم فيه متابعة لمصائر‏6‏ شخصيات‏(4‏ أتراك و‏2‏ ألمان‏),‏ وقدم رؤية عن القدر كيف يربط أشخاصا يبدون متباعدين ـ وكيف أن صوت شخص منهم قد يكون ميلاد لآخر‏,‏ وكيف أن الشرق والغرب متداخلان إلي حد لا يمكن الفصل بينهما كما تتقاطع حياة البشر اذا أراد الله بشكل لا يستطيع أي انسان الفرار منه‏,‏ إن الرائحة الذكية التي فاحت من الحبكة الدرامية للفيلم ملأت مشاعرنا بأسئلة عن معني الحياة وبأجوبة عن حتمية وقوة القدرة‏.‏

وليس حال الانسان في الغرب أفضل مما نعيشه في مجتمعاتنا‏..‏ فأفضل أفلام المهرجان هي التي رثت الانسان الذي يعيش في الغرب وأن حياته أصبحت في تعاسة وإذا كان مايكل هور ودي كابريو قد انتقدا في فيلمهما التسجيليين الحياة الاستهلاكية بأمريكا بل والنظام الامريكي بأكمله‏..‏ تجاوز السويدي الكبير روي أندرسون كل ذلك في فيلمه أنت أيها الحي مقدما لنا تابلوهات تمتليء بالسخرية والألم لشخصيات تعيش عذابات يومية ـ ولا تستطيع أن تعثر لحياتها علي معني‏..‏ ان واحدا من أكبر مخرجي العالم يؤكد ذلك‏,‏ وليس السويد وحدها‏..‏ فسنيس أركان الحاصل علي الأوسكار مؤخرا عن الغزوات البربرية أثبت في فيلمه الذي عرض في ختام المهرجان وحمل اسم عصر الظلمات أن الحياة في مونتريال بكندا تظهر الجميع‏.‏ إن بطل الفيلم الذي يعاني من قهر زوجته وخيانتها له واحتكار أولاده وتعنيف رئيسته في العمل لتأخره الدائم ـ لا يجد سوي الاحلام يهرب لها‏..‏ أحلام نساء جميلات وعالم صوفي قوي ومشهور ومرغوب‏..‏ ان البطل يمضي في الوصول لمكتبه ساعة يركب فيها ثلاثة أنواع من المواصلات حتي يصل لعمله كموظف لشكاوي المواطنين في الحكومة مونتريال‏..‏ وعن الحالات التي يسممها‏,‏ يرد بأن النظام لا يستطيع أن يحل لكم مشاكلكم والسبب البيرقراطية والنظام الصارم غير المرن لاحتياجات المواطنين بل والعنصرية أحيانا حيث يظهر الفيلم سيدة عربية تشكو من اعتقال زوجها رغم أنه طباخ وليس له علاقة بالسياسة فيرد البطل أليس عربيا؟ طبيعي إذن‏.‏

فيلم آخر رائع هو الرجل الوحيد للأمريكي هارموني كورين يحكي عن مشاعر الوحدة التي يعيشها رجل من المتشبهين بالنجوم يمشي بباريس يقلد مايكل جاكسون ويتكسب من ذلك حتي يقابل سيدة فتشبه بمارلين مونرو لقلعة في اسكتلندا يعيش بها أشباه شابلن وابراهام لينكولن وجيميس دين وجون بول بابا الفاتيكان الراحل وآخرون ويعرض لنا الفيلم كيف صنع هؤلاء عالم خاص بهم هروبا من العالم الخارجي الذي لا يشعرون فيه بالأمان‏.‏

أما جوائز المهرجان فذهب أغلبها للأفلام ذات العمق الفلسفي الوجود حتي لو لم يلق بعضها نجاحا كبيرا في المهرجان‏,‏ فالسعفة الذهبية التي ذهبت للفيلم الروماني‏4‏ أشهر و‏3‏ أسابيع ويومان هي الوحيدة المستحقة‏...‏ فقد كان الفيلم حديث كل الحاضرين منذ اليوم الأول وأعطاه الجميع أعلي التقديرات‏...‏ وهذا الفيلم درس حقيقي في فن السينما‏,‏ حيث لم يتكلف أكثر من مائة ألف دولار أي أقل من مليون جنيه مصري وأغلب مشاهده في لقطات ثابتة‏..‏ لكن المخرج كرستيان مانجوي عرف كيف يختار ايقاع حكي يجعلك تتوحد مع الشخصيات رغم أن القضية نفسها وهي الإجهاض تم تقديمها في عشرات الأفلام من قبل ناهيك عن اختيار ألوان مونوكروم باهته وأجزاء كبيرة مظلمة في الصورة مما اعطي ايحاء بالقرب من الواقع‏,‏ وحاولت اللجنة التي توزع جوائزها علي أكبر عدد من الافلام الرائعة التي كانت تستحق الفوز فمنحت جائزة السيناريو للتركي ــ الألماني أكير عن فيلمه من الجانب الآخر والسيناريو بالفعل اقوي ما في الفيلم ــ وجائزة الإخراج للأمريكي جوليان شنابل عن فيلمه الفرنسي حبل الغوص والفراشة وكان الإخراج مجددا وجريئا رغم ما اتسم الفيلم من ترهل في ثلثه الأخير‏...‏ أما الجوائز التي لم تكن موفقة فكانت الجائزة الكبري لليابانية نوامي كاوازي عن غابة موجاري وجائزة لجنة التحكيم الخاصة للمكسيكي كارلوس ريجاداس عن الضوء الصامت وجائزتا التمثيل للروسي كوستاتتين لافرنينكو عن النفي والصينية جوون دويون عن شروق سري للشمس‏..‏ وكل تلك الجوائز نبعت من فكر واحد‏,‏ وهو الاعجاب بالسينما التي توحي أكثر مما تظهر بطيئة الايقاع التي بها اقتصاد شديد في التعبير يصل لدرجة الشح‏..‏ وتكاد تمضي اللقطات بتلك الافلام بدون أن يحدث منها أي تطور درامي‏,‏ ويكاد الممثلون يثبتون علي شعور واحد يصل الاستمرار فيه إلي حد الإفراط‏...‏ إن رئيس لجنة التحكيم الإنجليزي الرصين ستيفن فريزر انتصر لذوقا في إقناع أعضاء اللجنة بالجوائز‏,‏ ولهذا اخرج كل الأفلام الأمريكية بدون أي جائزة لامتلائها علي عنف شديد‏.‏

الأهرام اليومي في 30 مايو 2007

 

سينماتك