كل
شيء كان متوقعاً إلا هذا، ومع ذلك كان يمكن حساب المسألة منطقياً، ففي
مهرجان سينمائي يريد ان تكون دورته الراهنة نقطة انعطاف بين سينما
مخضرمين وسينما جدد، كان يمكن منطقياً حسبان ان العدد الأكبر من
الجوائر، أساسية أو غير اساسية، ستذهب الى الجدد، خصوصاً ان عدد
الأفلام الأولى لأصحابها لم يقل عن 33 فيلماً. من هنا لم يكن غريباً ان
تختفي الاسماء الكبرى ليلة الختام، ويفاجأ المتابعون بأسماء جديدة
تماماً، أو جديدة نسبياً. كذلك لم يكن غريباً، والشرق الأوسط حاضر بقوة
في الأجواء، إن لم يكن في عدد الأفلام، ان تفوز ثلاثة افلام لثلاثة شرق
أوسطيين بجوائز لا بأس بأهميتها، بما فيها فيلم «برسبوليس» للايرانية
الأصل مارجان ساترابي، وهو فيلم رسوم متحركة يروي طفولة هذه السيدة
المناضلة وهروبها طفلة من ايران الخميني، ما أثار احتجاج السلطات
الايرانية، ولكن بلا جدوى. ساترابي فازت مناصفة بجائزة لجنة التحكيم
الخاصة، مع الفيلم المكسيكي «الضوء الصامت».
من
الشرق الأوسط أيضاً فاتح آكين التركي المقيم في المانيا والذي فاز
بجائزة السيناريو عن فيلمه الجديد «من الجانب الآخر» الذي يتحدث عن
حياة الأتراك المهاجرين الى المانيا. وفي الوقت نفسه اعطيت جائزة
الكاميرا الذهبية الى فيلم اسرائيلي هو «السمكة الذهبية».
إزاء
كل هذه الجوائز كان التصفيق كبيراً، ولكن من دون حماسة شديدة، اللهم
إلا إذا اعتبرنا الحماسة التي صاحبة ظهور جمال دبوس على الخشبة للاعلان
عن احدى الجوائز وتنكيته على الرئيس الجديد نيكولا ساركوزي حماسة تذكر!
جائزتا التمثيل الرجالي والنسائي تقاسمهما الصينيون والروس... وايضاً
بإسمين جديدين وبفيلمين يشكلان بداية مخرجيهما: دو يوان جيون، الفاتنة
الشابة عن «شمس سرية» والروسي المميز قسطنطين لافرونينكو عن «العقاب»،
وهو كان ظهر عالمياً قبل عامين في «البندقية» حيث لعب الدور الرئيسي في
الفيلم المميز «العودة».
وإذا
كان جوليان شنيبل، الفائز بجائزة الاخراج عن فيلمه الثالث، الذي يتحدث،
بشكل رائع هنا عن مقعد يتوصل الى التفاهم مع العالم من دون ان يعيقه
شيء، إذا كان شنيبل، معروفاً، فكرسام أكثر منه سينمائياً، ومع هذا بات
حضوره السينمائي أكبر واكبر. في المقابل، كان لا بد من اسم كبير، قبل
الاعلان عن السعفة الذهبية فابتدعت جائزة الستينية لتمنح على غير توقع،
الى غاس فان سانت، عن فيلمه «بارانويد بارك». وإذ حانت اللحظة الأخيرة،
وضع كثر ايديهم على قلوبهم متسائلين: بعد كل هذا اي حماقة سترتكبها
الآن لجنة التحكيم؟ وأتت الإجابة سريعة: لا حماقة على الاطلاق. منذ أول
المهرجان برز الفيلم الروماني «4 أشهر 3 أسابيع ويومان» لكريستيان
مونجيو، وقال كثر ان السعفة ستكون له. وهكذا كان بالفعل، حتى وان كان
مخرجون كبار مثل تارانتيو والاخوان كون وكوستوريتشا سيخرجون خائبين.
على عكس ناؤومي كاواسي اليابانية التي كان فيلمها «غابة موغاري» مفاجأة
ايجابية حقيقية آخر المهرجان، فأعطيت جائزة المحكمين الكبرى مكملة بذلك
عقد الجدد أو أشباه الجدد، من الذين ليس سهلاً الاحتجاج على جوائزهم،
او توقع ان المستقبل سيكون لهم في «كان» وربما في غير «كان» ايضاً.
الحياة اللندنية
في 28 مايو 2007