كتبوا في السينما

سينماتك

الدورة الستون لمهرجان (كان)..

احتفالٌ بسحر السينما

رجا ساير المطيري

مهرجان كان الـ 60

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

احتفلت مدينة (كان) الفرنسية مساء أمس الأربعاء بانطلاق مهرجانها السنوي الصاخب الذي يستمر عشرة أيام وحشدت من أجله سينمائيي العالم في عرس سينمائي بهيج هو الأعلى مكانة بين مهرجانات السينما. ولأن المهرجان قد بلغ عامه الستين فقد كان الاحتفال به وفيه خاصاً ومميزاً، ليس فقط بحجم الأسماء المدعوة لحضور فعالياته، ولا بالأفلام الكبيرة التي سيعرضها، بل أيضاً في تظاهرات موازية تبرز الحس الاحتفالي الذي سيطبع ملامحه، ففي دورته الستين سيعرض المهرجان فيلماً خاصاً من إنتاجه بعنوان (لكلٍ سينماه) من توقيع خمسة وثلاثين مخرجاً عالمياً، يلخصون فيه علاقتهم بالسينما وسبب افتتانهم بها، ومادام مهرجان (كان) وفياً لهذه السينما، محافظاً على رونقها وبهائها طوال تاريخه، فإن الفيلم هو -بشكل ما- رسالة احتفاء من المخرجين لهذا المهرجان العريق. وإضافة إلى ذلك سيكون هناك عرض موسيقي ضخم في الهواء الطلق ستعزف فيه أعظم موسيقى الأفلام التي عرضت في (كان) من بدايته وحتى الدورة الماضية، لتكون أجواء مدينة (كان) عابقة بسحر السينما.

بالنسبة للجمهور فإن عيده الأكبر هو رؤيته لنجومه الكبار وهم يجتمعون في موقع واحد لعشرة أيام، ومشاهدة أفلامهم التي يعرضها بعضهم للمرة الأولى، والنجوم الكبار في (كان) ليسوا هم الممثلين، كما هو معتاد بالنسبة للمهرجانات الأخرى، بل هم صناع السينما الفنية، أولئك المخرجون الذين لا يزالون مخلصين للمبادئ التي عززها مهرجان (كان) في دوراته السابقة، وأبرز هؤلاء المخرج الصيني (وونغ كارواي) الذي يعود هذه السنة بفيلم (ليالي البلوبيري) الذي اختير ليكون فيلم الافتتاح إلى جانب دخوله دائرة التنافس على السعفة الذهبية وهو أول أفلامه الناطقة بالإنجليزية. وعلاقة (وونغ) مع (كان) ظلت على الدوام علاقة مميزة حتى اعتبر كأحد من تحرص إدارة المهرجان على تدليلهم والعناية بهم، وقد بدأت هذه العلاقة منذ العام 1997حين شارك في المسابقة الرسمية كمرشح للسعفة الذهبية بفيلمه (سعداء معاً-Happy Together) وقد حقق وقتها جائزة أفضل مخرج، ثم جاء مرة أخرى عام 2000مع فيلم (في مزاج الحب-In The Mood For Love) ليدخل أيضاً في قائمة الترشيحات للسعفة الذهبية، وتكرر حضوره في العام 2004مع فيلمه السابق (2046).

وإلى جوار (وونغ) في مسابقة الأفلام الطويلة يقف واحداً وعشرين مخرجاً من أنحاء العالم يبرز من بينهم المخرج الكوري (كيم كي دوك) الذي يشارك بفيلم (نَفَس) والأمريكيان المبدعان (إيثان وجويل كوين) بفيلم (لا وطن للعجائز) وهما من المدللين أيضاً في (كان) وقد سبق لهما أن حازا السعفة الذهبية في العام 1991عن فيلم (Barton Fink). ويشارك أيضاً المخرج الأمريكي (ديفيد فينشر) بفيلم (زودياك-Zodiac) وكذلك الروسي (ألكساندر سوخوروف) بفيلم (ألكساندرا).. و(سوخروف) هو صاحب التجربة السينمائية الجريئة والملفتة عام 2002عندما صور فيلمه (السفينة الروسية) بلقطة واحدة من البداية وحتى النهاية.

هناك أكثر من مائة فيلم يقدمها مهرجان (كان) في برامجه الرئيسية، تتوزع بين مسابقة الأفلام الطويلة، ومسابقة الأفلام القصيرة، وأقسام أفلام الطلبة وسوق الأفلام ونظرة خاصة وكل سينمات العالم وكلاسيكيات (كان). يضاف إليها فعالية (درس في السينما) التي يقدمها هذه السنة المخرج الأمريكي المعروف (مارتن سكورسيزي) مانحاً بحضوره نوعاً من الوقار على الدورة الحالية، فهو ليس مخرجاً فقط، بل عاشق أصيل للسينما ومؤرخ من نوع خاص. أما الجديد الذي حملته قائمة أسماء حضور الدورة الحالية من (كان) فهو وجود اسم الروائي التركي (أورهان باموق) الحائز على نوبل الذي اختير كواحد من أعضاء لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة. وكأن القائمين على المهرجان بهذا الحشد من الأسماء اللامعة في عالمي السينما والأدب يريدون من هذه الدورة أن تكون مناسبة خاصة للاحتفاء بالفن وبأباطرته الكبار..

آخر الفائزين بالسعفة الذهبية

في مثل هذه الأيام من السنة الماضية كان المخرج البريطاني المستقل (كين لوتش) على موعد مع أول سعفة ذهبية ينالها في حياته بعد سبعة ترشيحات للسعفة تلقاها من مهرجان كان السينمائي منذ العام 1981.والفيلم الذي حقق له هذا الإنجاز منتزعاً السعفة الذهبية هو فيلم (الريح التي تهز الشعير-The Wind That Shakes the Barley) الذي يحكي قصة شقيقين أيرلنديين يتعاهدان على الثورة في وجه المحتل البريطاني مدفوعين بأمل كبير في تحقيق الاستقلال.

أحداث الفيلم تجري في العام 1920مع شباب أيرلنديين يلعبون الركبي في سهوب أيرلندا الفسيحة، ويبدو بينهم الشاب (داميان) الطبيب حديث التخرج الذي يوشك أن يغادر بلدته متوجهاً بحماس شديد إلى لندن لإكمال مشواره الأكاديمي في أحد مستشفياتها. لكن مسار حياته يتغير إلى الأبد إثر حادثة أليمة راح ضحيتها صديقه (ميكائيل) الذي قتل على يد القوات البريطانية لأنه فقط لم يستطع نطق اسمه بشكل سليم عندما طلب منه الجنود ذلك. هذه الحادثة كانت سبباً في اندلاع شرارة الثورة الايرلندية التي قادها (داميان) مع شقيقه (تيدي).

تكمن قيمة الفيلم في واقعيته وفي الأداء المذهل لجميع الممثلين. أيضاً في الجدل السياسي المحموم والانقسام الذي نشأ بين الثوار الأيرلنديين بعد حصولهم على اتفاق مع حكومة الاحتلال البريطانية في معاهدة مشبوهة جعلت الشقيقين يواجهان بعضهما في قتال محموم أشغلهما عن مواجهة العدو الحقيقي. ف(داميان) يرفض التعاون مع المحتل ويرغب في مواصلة الثورة حتى يتحقق الاستقلال الكامل، أما شقيقه (تيدي) فيرغب في دخول اللعبة السياسية راضياً بالمناصب ومتجاهلاً القَسَم الذي أقسمه في بداية الثورة. وهذا هو قَدَر كل حركة ثورية في التاريخ عندما يُلقى أمامها بالطعم الذي يقسمها إلى قسمين؛ احدهما يرضخ للمحتل والآخر لا يزال على عهده السابق محارباً حتى النهاية، وهذه اللحظات التي تُمتحن عندها المبادئ ويُختبر الإخلاص، برع في تصويرها المخرج (كين لوتش) بشكل مؤثر للغاية، صانعاً في النهاية واحداً من أفضل الأفلام التي صورت كفاح الأيرلنديين وسعيهم للخلاص من الاحتلال البريطاني.

غوس فان سانت

لم يكن النجاح الهوليودي الكبير الذي حققه فيلم (ويل هانتنغ الطيب) عام 1997مقنعاً لمخرجه الأمريكي (غوس فان سانت) لمواصلة عمله في هوليود، حيث اتجه عوضاً عن ذلك نحو السينما البسيطة الأكثر أصالة وفنية. تلك التي تقترب من مزاج السينما الأوربية. وقد بدأ طريقه الجديد في العام 2002مع فيلم (جيري). ثم قدم عام 2003فيلم (الفيل - Elephant) الذي أكد أن رهانه على المزاج الأوربي لم يكن خاسراً. ذلك أن التكريم الأكبر الذي تحصل عليه الفيلم جاء من أوربا ومن مهرجان (كان) بالذات الذي منحه ثلاث جوائز كبيرة أهمها السعفة الذهبية. بعد ذلك بسنتين تجددت علاقته بالمهرجان مع فيلم (الأيام الأخيرة) ثم ها هو يعود في الدورة الحالية كمتنافس على السعفة الذهبية بفيلمه الجديد (منتزه بارانويد).

كوينتن تارنتينو

قبل ثلاثة عشر عاماً جاء الأمريكي (كوينتن تارنتينو) إلى مدينة (كان) حاملاً معه فيلمه الروائي الثاني (بلب فيكشين) ليتنافس مع مخرجين كبار لهم باع طويل في السينما. وكانت المفاجأة الكبيرة بالنسبة له. وهو الشاب المبتدئ الذي لم يكن في رصيده سوى هذا الفيلم وفيلم (كلاب الخزان). وفيلم قصير قبلهما. أنه تمكن من اقتناص السعفة الذهبية لأول وآخر مرة في مشواره السينمائي. الآن يعود (كوينتن تارنتينو) إلى (كان) مرة أخرى مترشحاً للسعفة الذهبية للمرة الثانية عن جزئه في فيلم (غريندهاوس). لكن مع اختلاف كبير عن المرة الأولى. إذ يأتي محمولاً بسمعة كبيرة جعلته قبل ثلاث سنوات رئيساً للجنة التحكيم في مسابقة (كان) للأفلام الطويلة.

ستيفن فريرز

في هذه الدورة من مهرجان (كان) لن يصبح المخرج البريطاني (ستيفن فريرز) ملكاً بل سيكون مجرد رئيس للجنة التحكيم في مسابقة الأفلام الطويلة. ومن لهم أدنى اهتمام بالسينما سيعلمون أن هذا المنصب -إن جاز لنا تسميته بذلك- هو بالنسبة لأي سينمائي أهم شيء على الإطلاق. إذ ما الذي يمكن اعتباره أهم من احتلال موقع التقييم وانتقاء الأفضل في مهرجانٍ عرف أصلاً بشروطه الفنية الصارمة؟. من هنا يكون البريطاني (فريرز) قد نال تتويجه الأهم بعد رحلة صاخبة قطعها عام 2006مع فيلمه السياسي (الملكة) الذي رغم نجاحه في العديد من المهرجانات لم يوصل (فريرز) إلى (كان) مكتفياً عن ذلك بترشيحين للسعفة الذهبية كان قد نالهما عامي 1987و 1996عن فيلميه (Prick Up Your Ears) و(The Van).

الرياض السعودية في 17 مايو 2007

 

سينماتك