على الرغم
من أن فيلم «زودياك» جمع بين سمتين لا يتحمس لهما جمهور مهرجان كان عادة،
وهما انه فيلم قادم من هوليوود أولا ويدور في إطار أفلام الجريمة والعنف
والإثارة ثانيا، إلا أن ذلك لم يمنع الجمهور من متابعته بأنفاس لاهثة، ولم
يحل دون التفاف النقاد حوله واهتمامهم به.
ربما يرجع
ذلك في احد الجوانب إلى أن فيلم «زودياك» هو أول فيلم للمخرج ديفيد فينشر
ينطلق به إلى كان، وداخل المسابقة الرسمية للمهرجان على وجه التحديد، وربما
يرجع من جانب آخر إلى أن فينشر يعود بهذا الفيلم إلى عالم الجريمة الوحشية
والقتل المتتابع بعد انقطاع دام عشر سنوات عن هذه النوعية من الأعمال منذ
تقديمه لفيلمه الشهير سبعة
وهناك
أيضا المجموعة الفريدة من الممثلين التي شاركت في فريق الفيلم والتي
يتصدرها جيك جلينهاي ومارك روفالو وروبرت داوني. وفي مؤتمر صحافي عقده فريق
الفيلم في كان يعود ديفيد فينشر بالذاكرة إلى زودياك الحقيقي الذي افزع سان
فرانسيسكو بأسرها عندما كان فينشر لا يزال طفلا.
وهو يقول
في هذا الصدد لو انك نشأت هناك في ذلك الوقت لكانت لك طفولة يغمرها الخوف،
ويلونها الفزع، ولرحت تتساءل ماذا لو أن ساحة الجريمة المقبلة هي الحافلة
التي تستقلها؟ ماذا لو أن المجرم اطل في حينا؟ وأنت بالفعل توجد دراما أكثر
احتداما من الدراما الحقيقية عندما تكون صبياً في مقتبل العمر حول الأحداث
التي تواجهها، فهذا ما يفعله الصبية عادة.
أما جيك
جلينهاي فيبادر إلى القول إنه يتذكر بقوة المرة الأولى التي قرأ فيها
سيناريو الفيلم، حيث بدت له جرائم القتل بصفة خاصة مفزعة إلى أبعد الحدود،
ومضى بقلب صفحات السيناريو ويحدث نفسه قائلاً: «هذا حقيقي، لقد وقع هذا
بالفعل» وفي التو ساوره الشعور بالرغبة في أداء دوره في الفيلم.
وبدوره
يتذكر فينشر كيف وصل إلى مرحلة الرغبة في المشاركة في مشروع الفيلم، فيقول:
«لديَّ بالفعل نوع من السياسة التي كنت ألتزم بها في ذلك الوقت، والتي
لخصتها لوكيل أعمالي بالقول: «لا ترسل لي أي سيناريوهات أفلام عن جرائم قتل
متتابعة!
غير أنه
اتصل بي في صبيحة أحد أيام السبت وقال لي إنه سيرسل لي عملاً يحطم كل
القواعد التي نتبعها وعنوانه: زودياك، فقلت له إن عليه إرساله لي لأن تلك
اللحظة كانت منعطفاً خاصاً في حياتي، وعندما وصل لي السيناريو في نهاية
المطاف، أدركت أنني لا أعرف أي شيء عن عالمه،
واستقطبني
بشدة، كانت الجوانب السياسية فيه أكثر إثارة للاهتمام مما تصورت. ولست
أعتقد أن هذا فيلم جرائم متتابعة وإنما هو فيلم يدور حول الحياة في صحيفة،
حول احتياج الفعل البشري إلى الخروج بمعنى من قلب شيء هو الفوضى والعماء
على نحو عشوائي».
ويلقي
جلينهاي الضوء على دوره في الفيلم فيشير إلى أنه أتيحت له فرصة قراءة
السيناريو قبل معالجة فينشر له، وأعتقد أن الخطين الأساسيين للعمل هما خطان
فذان حقاً. وهو يتذكر أيضاً أن فينشر بادره لدى لقائهما لمناقشة العمل
بالقول إنه في النصف الأول من الفيلم لن يكون أكثر من كومبارس لكنه في
النصف الثاني منه سينتزع صدارة الفيلم، وقد جعله هذا يهتم بالفيلم أشد
الاهتمام.
ويلاحظ
فينشر أنه لم يرد جعل الفيلم يبدو تقليدا لأجواء السبعينيات، وان سان
فرانسيسكو التي تظهر فيه ليست مدينة صيف الحب والهوى، وإنما هي سان
فرانسيسكو الشركات والمؤسسات المالية التي انداحت لتغدو سان فرانسيسكو
الهيبية.
ويتابع
أنه لم يرد بالقطع للفيلم أن تكون له أي علاقة بأجواء مغامرات ستارسكي
وهاتش، وإنما أراد فيلماً يضرب جذوره بقوة عند حواف الأشياء. وفي ضوء هذا
تأتي القيمة الإنتاجية للفيلم وتأتي أهمية المؤثرات الخاصة وتأتي المعلومات
عن الفترة التاريخية والأحداث، التي ليست أحداثاً جنسية حقاً.
هكذا فإنه
من الأهمية بمكان ما يقوله الناس في الفيلم، حيث من الضروري أن يتابع
الجمهور جزئيات المعلومات التي تتوالى عليه عبر تقدم الفيلم في مسيرته، ومن
هنا جاء القرار الذي اتخذه فريق الفيلم في وقت مبكر بعد الإغراق في العناصر
التي يمكن أن تشتت انتباه الجمهور عما يقوله الناس في الفيلم، وهو ما أدى
إلى اتباع أسلوب صارم في تطوير الأحداث في الفيلم.
ويعلق جيك
جلينهاي على دور روبرت داوني في الفيلم فيقول إن العمل مع داوني يشبه العمل
في البعد الثامن، فهو ممثل جيد، يطرح 25 خياراً وفكرة في الدقيقة الواحدة،
ثم هناك أيضا روبرت داوني الذي لديه ما يتراوح بين 500 إلى 750 فكرة في
الدقيقة، وبعض الناس يقولون عن هذا انه جنون ولكنه بالتأكيد عبقرية.
ويقول
مارك روفالو عن ديفيد توتشي وهو الصحافي الذي يلعب مارك في الفيلم الدور
الذي أداه توتشي في الحياة انه أمضى يومين كاملين معه، فأوضح توتشي له انه
لم يكن متحمسا للغاية لمشروع الفيلم وان زوجته أرادت ألا تكون له علاقة
بمشروع الفيلم أصلا ولكن مارك أقنعه بأنه يقوم بدوره لتكريمه قبل أي شيء
آخر، وانه يريد أن يؤدي مهمته بالشكل الصحيح وكذلك يريد فينشر هذا أيضاً،
وبالفعل
استمر بينهما الحوار على امتداد يومين كاملين، كان مارك يراقب فيهما كل
حركة من حركاته، حيث كان مقتنعاً بأن عليه ان يعرفه عن قريب في كل أحواله،
ومن هنا نشأت الصداقة بينهما ولا يزالان يتراسلان حتى اليوم.
البيان الإماراتية
في 24 مايو 2007
|