كتبوا في السينما

سينماتك

بيلا تار عالمه بلا ألوان... وترنتينو خيّب الآمال

من «الرجل اللندني»: بيلا تار خان جورج سيمنون

كان ــ محمّد رضا

مهرجان كان الـ 60

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

رواية المؤلف البوليسي الفرنسي جورج سيمنون «الرجل اللندني» صارت فيلماً على يد بيلا تار. إلا أنّ هذا المخرج لا يعرف سوى رسم عالمه الخاصّ، بصرف النظر عن الاختلافات التي تطرأ على المادّة المُقتبسة، وتبعدها عن أجوائها الأصلية. فيلمه «تانغو الشيطان» (1994) كان عملاً سينمائياً بالغ الثراء. وعلى رغم أنّ مدّته تجاوزت سبع ساعات، نجح في أسر انتباه المشاهد حتّى الدقيقة الأخيرة. علماً أنّ العمل تميّز بالرتابة المقصودة والإسهاب في وصف الحركة والبطء في معايشة الإيقاع العام للحياة.

الإضافات الفنية والجماليّة التي حملها فيلم بيلا تار في «تانغو الشيطان» نقع عليها في «الرجل اللندني» الذي عُرض أخيراً في مهرجان كان. إلا أنّ المخرج المجري مال هذه المرّة الى أسلوب الإيحاء، ليس على صعيد القصّة فحسب، بل على صعيد اللغة السينمائيّة خصوصاً في الدقائق العشر الأخيرة، إذ يستمر الفيلم في أسلوبه التأمّلي المتأنّي... من دون تدخّل أي عنصر درامي يعطي نوعاً من المَغزى لما نراه.

بالأبيض والأسود، رصد المخرج حياةً اختار لها أسماءً غير مجريّة، لكنّه جعل شخصياتها تتحدّث المجرية... مضيفاً بذلك من غموض العمل. العالم الذي يرسمه بلا ألوان على الشاشة، هو أيضاً بلا ألوان على نطاق الثراء الحياتي. الشخصيات محدودة، وإن صوّر المدينةً كاملةً. يلتقط الشارع فإذا به مهجور. يلتقط المدينة فإذا بنوافذها شبيهة بعيون الموتى. المشهد الوحيد الذي يجمع أكبر عدد من الناس هو الحانة: سبعة أشخاص اثنان منهم يرقصان على أنغام عازفة أكورديون، تماماً كما في «تانغو الشيطان».

استعان بيلا تار بالممثلة الأميركية تيلدا سوينتون التي تؤدّي دور زوجة مراقب قطارات يعمل ليلاً في برجه، ويشهد مشادّة تنتهي بجريمة قتل.

يهتمّ سيمنون، في روايته، بالحبكة والشخصيات... لكنّه لم يلجأ إلى تصوير مناخ قاس وداكن، يدعو الى التشاؤم. أما بيلا تار فأولى اهتمامه للبيئة المحيطة... وأرجع كل ما بقي إلى الخلفيّة. استعار من الرواية فقط ما يخدم عمله. والنتيجة؟ فيلم رائع على الصعيد البصري، والحس الفنّي، والمعايشة الوجدانية، بأصوات المؤثرات الموسيقية وسواها، وباللوحات الكبيرة التي يصوّر عبرها الحياة. شِعرٌ مرسوم بقلم رصاص، وممهور بيد فنّان يعاني دائماً همّ البحث عن تمويل. وحين يجده، يصرّ على إنجاز فيلمه بلا تنازلات... ولو أنّه سيعاني مجدداً حين يخفق العمل في استقطاب ما يكفي من المشاهدين.

أما اختيار «عصيّ على الموت» لكوينتن ترنتينو للمشاركة في «كان»، فجاء من قبيل استعمال الهالة المحيطة باسم المخرج الأميركي، لأن قيمته السينمائية محدودة من دون شك.

نقسم العمل الى قسمين: الأول تمهيدي يعرّفنا الى الشخصيات، والثاني ينقلنا الى الحركة. نحن برفقة ثلاث نساء يثرثرن في سيارة. حين يحلّ الظلام، يدخلن حانة ليستأنفن الثرثرة... ويُقحمن أنفسهنّ في مغامرات لا تنتهي، قوامها القتل والتشويق. في البار سيتعرّفن على «دوبلير» في أفلام الأكشن (كيرت راسل)، يحمل علامة على الخد تكشف أنّ طبيعة عمله عرّضته للكثير من المشقّات. وهذا الرجل سنتبيّن أنّه قاتل خطير، يتفنّن في القتل. يملك سيارة مقعدها مقسّم الى نصفين تفصلهما نافذة سميكة. يجلس ليقود الجزء المحصّن ضدّ الموت، بينما المقعد الخلفي معزّز بوسائل قتل فتّاكة. هكذا سيبدأ في مطاردة بطلاتنا الثلاث... لكن قبل أن ينجز مهمّته تتعرّض له سيارة سريعة تقودها امرأة تبزّه قدرةً في القيادة، ما يفتح المجال أمام سلسلة لا تنتهي من المطاردات الشيّقة... على الطريقة الترنتينيّة! «عصيّ على الموت» ليس في مستوى أفلام ترنتينو السابقة، مثلPulp Fiction وKill Bill»... لكنّه يبقى ممهوراً ببصمة هذا السينمائي الخاص والغريب. جديد ترنتينو إذاً يأتي مجرداً من المفاجآت، فما هي المفاجآت التي ستحملها له (ولنا) جوائز المهرجان؟

الأخبار اللبنانية في 24 مايو 2007

 

عشرة أفلام لبنانية في مهرجان «كان» الستين

فيلما نادين لبكي ودانييل عربيد يثيران نقاشات متباينة  

أثار الفيلمان اللبنانيان الروائيان الطويلان الجديدان «سكّر بنات» لنادين لبكي و«رجل ضائع» لدانييل عربيد، بعد عرضهما للمرّة الأولى في تظاهرة «أسبوعا المخرجين» في الدورة الستين لمهرجان «كان» السينمائي الدولي، جدلاً نقدياً وشعبياً تراوح بين الإعجاب الشديد باللغة السينمائية وبالمعالجة الدرامية للموضوع المختار وبشكل النتاج البصري، والنفور والاستياء من المادة الفنية التي قدّمتها عربيد تحديداً في ثاني أفلامها الروائية هذا. وإذا أثار الفيلمان معاً كمّاً من التعليقات والنقاش، فإن ذلك يعني أنهما حرّضا الجمهور والنقّاد على مقاربة نتاج سينمائي هو الأول لنادين لبكي والثاني لدانييل عربيد.

أبدعت نادين لبكي، في خلال أعوام عدّة، في ابتكار أنماط بصرية متنوّعة في إنجازها عدداً من أشرطة الـ«فيديو كليب» لمغنين ومغنيات لبنانيات، قبل أن تخوض غمار التجربة السينمائية الأولى، من خلال قصّة خمس نساء يلتقين في صالون للتجميل في بيروت اليوم، فيكشفن، في حواراتهنّ وتصرّفاتهنّ الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية والثقافية، جوانب عدّة من المجتمع اللبناني وسلوكه اليومي. كما أبدعت دانييل عربيد في فيلمها الأول «معارك حب»، بكل ما فيه من «أخطاء» جميلة يُصاب بها العمل الأول عادة، إلاّ أنها (بحسب تعليقات نقدية عدّة) لم تبلغ المستوى الإبداعي الرفيع لفيلمها الأول في جديدها «رجل ضائع». مع هذا، فإن بعض النقّاد العرب والأجانب وجد فيه ما رآه تطوّراً ملحوظاً في آلية الاشتغال البصري والفني والتقني، وفي كيفية سبر أغوار النفس البشرية على مستوى العلاقة الملتبسة بالجسد وانفعالاته وتصرّفاته. وإذا اختارت لبكي خمس نساء لتسليط الضوء على واقع الحال اللبنانية في المرحلة الآنيّة، بعيداً عن الحرب وآثارها، فإن عربيد اقتبست موضوع فيلمها الجديد من قصّة حقيقية (كما قالت في أكثر من حوار صحافي)، بطلها مصوّر فوتوغرافي فرنسي يُصوّر مغامراته الجنسية مع النساء بآلته الخاصّة. لكن «رجل ضائع» أثار تناقضاً واضحاً في مواقف النقّاد والصحافيين والجمهور، أكثر بكثير من «سكّر بنات»، الذي جمع هذه المواقف في التعاطي الإيجابي معه، ذلك أن بعضاً من هؤلاء لم يجد فيه أي بُعد درامي أو جمالي أو إنساني، معتبراً أن خللاً واضحاً أصاب بنية السيناريو، في مقابل تصوير جميل وبناء فني متقن الصنعة. في حين أن بعضاً آخر رآه جيّد الكتابة، ومثيراً قضايا حياتية واجتماعية لا تزال خاضعة لمنطق المحرّمات. يُذكر في هذا الإطار، أن الفيلمين يُعرضان في تظاهرة واحدة، لكن «سكّر بنات» وحده يتنافس وأفلاماً أخرى على جائزة «الكاميرا الذهبية»، التي تذهب، عادة، إلى «أفضل أول عمل». وكتبت الزميلة هدى إبراهيم (وكالة الصحافة الفرنسية) أن «سكّر بنات»، بعرضه في التظاهرة المذكورة، «عزّز الحضور اللبناني القوي هذا العام في مهرجان «كان» السينمائي، مع فيلم لبناني آخر لدانييل عربيد». ونقلت إبراهيم عن المخرجة قولها إن «المرأة اللبنانية تبحث عن صورتها بين المرأة الغربية والمرأة الشرقية، وعليها دائماً أن تحتال لتعيش كما تريد. وحين تفعل، تحسّ دائماً بعقدة ذنب». في حين أن الصحيفة الفرنسية «ليبراسيون» كتبت عن فيلم لبكي أنه «ليس هناك مشهد واحد ليس فيه ذكاء، إلى درجة أن كل شيء يمرّ بسهولة غريبة».

إذا تمّ تحديد موعد لإطلاق العروض اللبنانية لـ«سكّر بنات»، في منتصف حزيران المقبل، فإن أحداً لم يؤكّد أو ينف ما إذا كان «رجل ضائع» سيجد طريقه إلى الصالات التجارية المحلية. في هذا الإطار، كتب أحد النقّاد أن موضوع الفيلم الروائي الثاني لعربيد «يُمكن أن يحول دون نيله إذناً رسمياً لعرضه التجاري في بيروت».

لكن فيلمي لبكي وعربيد ليسا العملين اللبنانيين الوحيدين في «كان»، وإن شاركا في إحدى التظاهرات الأساسيــة.

ذلك أن أفلاماً لبنانية أخرى عُرضت في مطلع الأسبوع الجاري في إطار تظاهرة جديدة تأسّست منذ ثلاثة أعوام فقط بعنوان «سينمات العالم كلّها»، التي تُعنى بتقديم أفلام من دول مختلفة، في محاولة ثقافية وفنية لتفعيل التواصل الإبداعي بين السينمات المختلفة والمُشاهدين. وتخصّص هذه التظاهرة، على مدى سبعة أيام فقط، كل يوم بأفلام مختارة من دول عدّة. واختيرت ثمانية أفلام لبنانية في دورة هذا العام، أربعة طويلة هي: «لما حكيت مريم» لأسد فولادكار، «فلافل» لميشال كمّون، «أطلال» لغسان سلهب و«يوم آخر» لجوانا حاجي توما وخليل جريــج، وأربــعة قصيرة هي: «بيروت، بعد الحلاقة» لهاني طمبا، «ملابس جاهزة، أم علي» لديما الحرّ، «في اليوم الأول» لقصيّ حمزة و«011010010» لشادي روكز.

السفير اللبنانية في 24 مايو 2007

 

سينماتك