يقول
الناقد سمير فريد عن فيلم الأخوين كوهين "لا وطن للمسنين" إنه فيلم رائع،
لكنه لا يصل إلى مرتبة التحفة. رائع على كافة المستويات. الروعة هنا تتعلق
بقدرة المبدع على التعبير عن أفكاره ولا تعني موافقة الناقد عليها. في هذا
الفيلم الذي تدور أحداثه على قطعة أرض قاحلة على الحدود الفاصلة بين تكساس
والمكسيك، حيث حل تجار المخدرات محل لصوص الماشية وحيث ينتصر الشر على نحو
مطلق ويبدو الإنسان كما لو أنه هبط لتوه من الجنة ملعونا ليسفك الدماء في
الأرض.
تدور
الأحداث عام 1980 بين شخصين كلاهما خدم أكثر من مرة في حرب فيتنام، هذا
البعد السياسي ليس أساسيا في الفيلم الذي يذهب إلى أبعاد ميتافيزيقية
تتجاوز الواقع بالكامل. لويلين موس بطل الفيلم، وهو رجل باهت وطيب، يعثر
على شاحنة متروكة تحيط بها الجثث الدامية، ودون أن يعرف شيئا عن أسباب
المذبحة، يأخذ المليوني دولار التي يكتشفها داخل الشاحنة. بفعلته هذه لا
يدرك أنه فتح بابا من العنف والانتقام وأنه سيصبح طريدا لقاتل لا يعرف
الرحمة اسمه انتون ولرجل قانون يريد وضع حد للمجزرة. الفيلم المأخوذ عن
رواية الكاتب كورماك ماكارتي يذكر برائعة الأخوين كوين "بارتون فينك" التي
نالا عليها جائزة السعفة الذهبية عام 1991 من حيث تكامل العناصر السينمائية
التي تشكل أسلوبا سينمائيا خالصا، وكأنه من صنع كافكا أو بيكيت أو هيتشكوك،
أو بالأحرى كأنه خلاصة لعوالم المبدعين الثلاثة.
لا وطن
للمسنين
رجح خمسة
من النقاد الفرنسيين الكبار أن ينال فيلم الأخوين كوين "لاوطن لكبار السن"
جائزة السعفة الذهبية أو ما يوازيها، لكن ورغم ما يتميز به أسلوب المخرجين
من سخرية لاذعة وحكمة، يبدو الفيلم مدافعا عن الشر في عدميته المطلقة حيث
لا يتردد البطل الشرير عن قتل كل من يتصدى له، فيما لا تظهر شخصيات أخرى
على درجة من الطيبة والبراءة باستثناء زوجة لويلين موس التي يؤنبها ضميرها
من استحواذ زوجها على أموال الشاحنة وإصراره على الاحتفاظ بها حتى لو كلفه
الأمر حياته في مواجهته مع قاتل أبدع الممثل خافيير بارديم في أداء دوره.
صحيح أن
أسلوب الأخوين كوين على مهارة تقنية عالية في التصوير، لكن السيناريو طويل
بشكل مبالغ فيه، ولا تخفف مقاطع الكوميديا التي تتخلل مشاهد العنف القاسية،
من هذا الطول بل تبدو أحيانا ثقيلة وثقيلة جدا.
سيسكو
صفعة لنظام الضمان الصحي الأميركي
عاصفة من
التصفيق قاربت النصف ساعة وترحيب شديد الحرارة كان في استقبال المخرج
الأميركي التسجيلي مايكل مور، وحتى قبل عرض الفيلم كان الترحيب كبيرا
فالمخرج الشهير سبق له أن نال السعفة الذهبية قبل ثلاث سنوات عن فيلم عن
فيلم
Fahrenheit 9/11 محبوب جدا في فرنسا.
بعد أن
عالج قضية سوق السلاح في فيلم
Bowling for
Columbine
يعود مايكل مور للتنديد مجددا بالنظام السياسي الأمريكي واضعا يده هذه
المرة على ثغرات النظام الصحي الأمريكي وقسوة الطبقة الحاكمة حيال بؤس
شريحة كبيرة من الأمريكيين، مركزا على نظام التعويض الصحي لحالات الأمراض
العقلية. فيلمه الجديد أو حربه الجديدة "سيسكو" يعد صفعة لنظام يفتقر إلى
العدالة والمساواة، تتحكم فيه شركات التأمين الصحي وصناعة الدواء بمصير
البشر.
مسلحا
بكاميرته وإحساسه السلم ومدعوما بعدد كبير من الشهادات، يفضح مور نفاق
النظام الصحي في الولايات المتحدة وطبعا لا ينسى في طريقه انتقاد عدوه
اللدود جورج دبليو بوش، ليخلص إلى أن نحو 50 مليون أمريكي يعجزون عن دفع
تأمين المرض ويجدون أنفسهم دون حول إذا أصابهم مكروه، أكثر من ذلك فإن باقي
الأمريكيين الـ 250 مليون الذين دفعوا التأمين يقعون غالبا ضحايا لقرارات
اعتباطية من قبل شركات التأمين التي تسعى إلى عدم دفع تعويضات المشافي
فتعمل على فسخ العقود بسبب تفاصيل خلافية، ليتحمل الزبون هذه النفقات.
وبالنتيجة ترزح العديد من العائلات تحت الديون وتجد نفسها إما عالة على
أولادها في أحسن الحالات أو في الشارع عندما لا تجد مفرا آخر.
الجوانب
التي يقدمها المخرج لاذعة وتصل إلى حد الكاريكاتيرية عندما تنتقل الكاميرا
إلى كل من كندا، فرنسا وانجلترة حيث يرتكز النظام الاجتماعي والصحي على
المساواة والمجانية ليصبح التباين هائلا.
الأكيد أن
الفرنسيين حمدوا الله على نعمة ضمانهم الصحي الذي يعاني من خسائر كبيرة
والذي قد يقترب مستقبلا من النظام الأميركي، فيما رأى البعض أن الصورة التي
قدمها مايكل مور شديدة التشاؤم وأن النظام الصحي الأمريكي قد لا يكون بهذا
السوء، بحيث يبدو النظام الصحي في كوبا أفضل منه بكثير.
قد يحاكم
مايكل مور لأنه سافر إلى كوبا ولأنه دافع عن نظام كوبا في هذا الميدان لكن
ذلك لن يخفف من شعبيته الكبيرة الواسعة ولا من نجاح فيلمه كعمل متكامل
متميز المونتاج، ولا من نجاح مور كمخرج مبدع وذكي ورائج جدا.
فيلم
فرنسي إسرائيلي ضعيف المستوى
من جهته
بدا الفيلم الفرنسي الإسرائيلي "تهيليم" ضعيف المستوى من ناحية الجانب
الفني ومن ناحية السيناريو ومن ناحية الموضوع الذي يبدو ناقصا. الفيلم الذي
أخرجه رافاييل نجاري يتحدث عن عائلة يهودية هادئة مسالمة تتمسك بالطقوس
الدينية.
لكن أثناء
قيادة سيارته وإلى جانبه ولداه يحدث تصادم مع سيارة أخرى. وعندما يعود
الولدان مع الشرطة والنجدة يجدون أن الأب قد اختفى. تمر الأسابيع دون أن
يعرف أحد شيئا عن هذا الغياب الغامض، ويحاول كل فرد في العائلة مواجهة هذا
الغياب وفق قدرته، الكبار يعمدون إلى الصمت أو التدين، فيما يحاول الأبناء
إيجاد الأب على طريقتهم.
بين الجد
المتشدد دينيا والأم الصامتة يضيع الطفلان، والخطيئة تكون على طريق الضياع،
لكن الأم تسامح. وفي مشهد تجلس الأم وولديها على حافة الطريق يراقبون
السيارات نقرأ إعلانا على أحد المباني مكتوبا بالعبرية وفيه كلمة واحدة
بالعربية هي "شرطة" ، دون أن نفهم دلالات هذه اللقطة وما إذا كانت هناك صلة
بين كلمة "شرطة" العربية وبين اختفاء الأب، علما بأننا لا نشاهد أية شخصية
عربية أو وجه عربي رغم أن الأحداث تدور في القدس وأحيائها.
"نفس"
العنف والألم في فيلم مثير ومتميز
الفيلم
المثير والجميل في هذا المهرجان فيلم "نفس" للمخرج الكوري كيم كي ويك والذي
حصل على جائزة أفضل مخرج في مهرجان برلين عام 2004 وبجائزة الأسد الفضي عن
فيلم "سماريا" لمهرجان البندقية عن فيلم "المستأجر" في مناسبة ثانية لعام
واحد.
فيلم نفس
الذي يقدم في مهرجان كان وفي إطار المسابقة الرسمية يتكلم عن بداية غيرة
زوجة جميلة مخدوعة تواجه زوجها الذي يعتدي عليها ويكاد يخنقها. لكنها تحتفظ
بما تبقى لديها من نفس تستعيد عبره شعورها بالاضطهاد وتسعى إلى الانتقام أو
إلى متنفس لها عبر محاولة الاتصال مع مسجون محكوم بالإعدام "شانج شن" لا
يتوقف عن محاولة الانتحار في سجنه خاصة عبر طعن عنقه بفرشاة الأسنان.
تنجح
الزوجة في مرادها وتنتهي إلى زيارة السجين الذي لا تعرفه بمساعدة مدير
السجن الغريب الأطوار.
بين
كائنين ضائعين وعلى حافة الاختناق، وتحت أنظار مدير السجن الذي يراقب
لقاءاتهما عبر منظاره تبدأ صلة غريبة، فبينما تحاول البطلة إدخال شيء من
البهجة إلى حياة السجين، يسعى هو إلى تقبيلها، ثم إلى أكثر من ذلك في مرحلة
لاحقة. مدير السجن الذي يتابع الأحداث يقرر متى يتوقف الأمر عند قبلة ومتى
يصل إلى اللقاء الجنسي الذي يصل إلى حد الألم، حيث نرى البطلة وهي تحاول
التوقف عن التنفس وخنق السجين أثناء اتصالها الجنسي به وهو مقيد اليدين.
الزوج الخائن يعلم يعلاقة زوجته الشائكة مع السجين ويحاول استرجاعها بعد أن
ندم على ابتعادها . أما المسجون فيتعلق بها إلى درجة الهوس إلى درجة الحب
إلى درجة الرغبة في الموت، لكن لا يموت على يدها وإنما على يد شريكه في
الزنزانة الذي يعشقه والذي يخنقه غيرة.
موقع "إيلاف"
في 22 مايو 2007
فيلم اسرائيلي ينافس على السعفة الذهبية لكان
بدراما عائلية!
محمد موسى
من كان
احدى
الاشياء المميزة عن الفيلم الاسرائيلي (ثاليم) والذي عرض ضمن المسابقة
الرسمية لمهرجان كان السينمائي هو خلوه من اي اشارات عن الصراع الاسرائيلي
الفلسطيني رغم ان احداث الفيلم تجري في مكان ما من القدس وشخصيات الفيلم
تنتمي الى التيار الديني المحافظ. تتعرض الأفلام الاسرائلية بالعادة الى
الوضع السياسي والامني لبلدهم باشكال متعددة حتى ان المخرج الاسرائيلي
عاموس غيتاي والذي شارك مجموعة كبيرة من المخرجيين العالميين في صناعة
افلام عن السينما وعن مهرجان كان في الذكرى الستين للمهرجان صنع فيلما
قصيرا يقتل فيه مجموعة من الاسرائليين بانفجار صاروخ في صالة السينما في
يافا!
فيلم (ثاليم)
هو الفيلم الرابع للمخرج الشاب الفرنسي الاصل رافيل نادجيري، هناك ظروف
خاصة احاطت بصناعة هذا الفيلم، تكاليف الانتاج للفيلم لم تتعدى المليون
دولار، الفيلم هو مشروع خاص للمخرج الذي اشتغل على فكرته دون كتابة سيناريو
خاص للفيلم، المخرج مع شخصيات الفيلم قاموا اثناء تنفيذ الفيلم بكتابة
الحوارات التي اعتمدت كثيرا على اجتهادات الممثليين وخبراتهم الشخصية،
اسلوب الارتجال ليس غريبا على السينما الحديثة فهو اسلوب مخرجيين كبار
ابرزهم الانكليزي مايك لي، الارتجال هنا يناسب مواضيع السينما الواقعية
بمواضيعها الراهنة ويمنح الممثليين الحرية المعقولة لمنح شخصياتهم
وحواراتهم خبراتهم الحياتية التي قد تكون بعيدة عن الشخصيات المرسومة لكن
بالامكان دائما الأجتهاد في العثور على ردات فعل مشابه وهو اساس الطريقة
الحديثة في الأداء.
قصة
الفيلم هي عن اسرة يهودية متدينة عادية تعيش في القدس،رغم عادية مشاهد
البداية كان هناك ترقبا صنعه المخرج بجودة كبيرة عن حدث ما ينتظر تلك
العائلة، الحدث الغير متوقع تماما كان أختفاء الاب والذي لم تسبقه اي
مقدمات، بعد حادث مروي بسيط يختفي الأب اختفائا غامضا ويترك عائلته الصغيرة
فاقدة للأتجاه. لا ينشغل الفيلم كثيرا في البحث عن اسباب اختفاء الاب بل
يهتم كثيرا في العائلة وكيف تتعامل مع هذا الغياب،المخرج قضى وقت طويل مع
الممثليين لخلق رابطة قوية تجعل اداء ادوار العائلة اكثر صدقا. الفيلم ركز
على الصبي المراهق في العائلة وكيف كان عليه ان يهتم بوالدته واخيه الصغير،
الصبي الذي كان متشتت بين تربيته الدينية ومراهقته كان عليه ان يهتم بعلاقة
امه مع عائلة ابيه المتشدده دينيا.الفيلم يهتم فقط بوميات العائلة الصغيرة
بالاسابيع التي اعقبت أختفاء الأب،الفيلم بالنهاية هو فيلم عن نجاة عائلة
من محنة كبيرة كأختفاء الاب. الفيلم شديد الحميمية ويمتلك اسباب قد تجعل
فوزة باحد جوائز مهرجان كان امرا ليس مستبعدا كثيرا.
موقع "إيلاف"
في 22 مايو 2007
|