كتبوا في السينما

سينماتك

كاراميل نادين لبكي يلقى الاستحسان

تنويعات سينمائية في فيلم العيدية الستينية للمهرجان

قصي صالح الدرويش

مهرجان كان الـ 60

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

مع بداية أسبوعه الثاني، صفق جمهور مهرجان كان طويلا لفيلم "العيدية" الستينية للمهرجان، والذي شارك فيه أربعة وثلاثون مخرجا ومخرجة واحدة، لكل منهم ثلاثة دقائق. هذا الفيلم الجماعي الذي شارك فيه كبار مخرجي العالم عبارة عن تنوعات سينمائية إبداعية متفاوتة تحت عنوان "لكل سينماه"، أطلق خلالها كل مخرج جماح خياله. وبالطبع فإن هذا الفيلم ليس قائما على سيناريو موحد. وضمن احتفاليات الذكرى الستينية استمتع زوار المدينة الشهيرة بعرض ساحر للألعاب النارية أضاء بريقه مياه البحر في منتصف الليلة الماضية.

كاراميل نادين لبكي يلقى الاستحسان

ومن ضمن الأفلام التي عرضت يوم أم ولقيت استحسانا كبيرا، فيلم "سكر نبات" أو كما ترجم إلى الفرنسية "كاراميل" للمخرجة اللبنانية نادين لبكي. الفيلم عرض في تظاهرة نصف شهر المخرجين وهو يتناول حياة خمس نساء يجتمعن في معهد للتجميل في بيروت، عالم مصغر غني بالألوان والإثارة: ليلى التي تحب رجلا متزوجا، نسرين التي تستعد للزواج وتواجه مشكلة أنها فقد عذريتها، ريما التي تعذبها ميول مثلية، جمال المتصابية الرافضة لعمرها وروز التي كرست حياتها للاهتمام بشقيقتها الكبرى. أحاديث النساء تمتد من الرجال إلى الجنس والأمومة والصداقة..

الاستحسان الذي لقيه الفيلم جاء بسبب جماليته البصرية وحساسيته الرفيعة التي كانت مفاجئة للجمع، على أساس أن المخرجة اشتهرت في المقام الأول بتصوير أغاني الفيديو كليب.

استيراد وتصدير: فيلم ضعيف رغم النوايا الحسنة

في المقابل لم يحظ الفيلم النمساوي استيراد وتصدير والذي عرض في إطار التظاهرة الرسمية بترحيب حار، رغم الجهود التي بذلها مخرجه اولريش سيدل الذي يعود إلى مهرجان كان بعد خمس سنوات من مشاركته في فيلمه الشهير dog days .

فقد طغت على الفيلم سوداوية مبالغة امتزج خلالها الموت والفقر بالجنس أو بتجارة الجنس، في مجتمعين متقاربين ومتناقضين هما المجتمع الأوكراني والمجتمع النمساوي. في هذا الفيلم مستويات متفاوتة في تصوير المسارين المتعاكسين لبطلي الفيلم اللذين جمعتهما الظروف:

مسار الممرضة الأوكرانية الجميلة أولغا التي غادرت عالمها الشرقي الكئيب حيث تعيش مع ابنتها الصغيرة وأمها إلى النمسا بحثا عن عمل يوفر لها مستوى معيشة أفضل، ومسار الشاب النمساوي بول الذي خرج من فترة بطالة عن العمل وانتقل إلى أوكرانيا بحثا عن نفس الشيء، العمل وحياة أفضل. بين الغرب والشرق هموم ومآس لم يوفق المخرج في إيصالها للمتلقى.

مشاهد تجارة جنس مبالغ فيها من جهة ومشاهد لمستشفيات عجزة من جهة ثانية وبين حين وآخر محاولات فكاهة شبه ناجحة.

التصوير تم ضمن ظروف مناخية شديدة القسوة بدرجات حرارة قاربت الثلاثين تحت الصفر. الممثلان هما من الهواة يخوضان تجربة التمثيل لأول مرة.

المخرج وصف فيلمه بأن فيلم عن الجنس والموت، عن السلطة والعجز، عن الرابحين والخاسرين.. مؤكدا أن غايته ليست تسلية المتفرج، لكن هز مشاعره وحتى إزعاجه.. تقديم صورة عن ذاته..

كل هذه النوايا الحسنة لم تكن كافية، فالفيلم ظل ضعيفا. 

حديقة البارانويد": عمق نفسي ذكي ومختلف

في فيلمه الجديد Paranoid Park يعود جوس فان سانت إلى أجواء المراهقة، في اقتباس لقصة كتبها بلاك نيلسن تحمل نفس العنوان، علما بأن الكاتب اشتهر بتحقيقاته الصحافية.  أليكس بطل الفيلم في السادسة عشرة من العمر يهوى عوارض التزحلق skate board  ويجيد الحركات البهلوانية عليها وهو من رواد الحديقة الأسوأ سمعة في بورتلاند والتي يحمل الفيلم اسمها. يتعرف اليكس على رجل أكبر منه سنا ويمشي معه في منطقة ممنوعة من الحديقة بسبب مرور القطارات فيها، لكن أحد حراس الأمن يحاول منعهما. اليكس يحاول الهروب متزحلقا بسرعة كبيرة، فيصطدم بالحارس الذي يقع تحت عجلات قطار سريع يهشمه. 

ومع أن القتل لم يكن متعمدا، إلا أن قراره عدم البوح بما حدث يدخله في حالة عذاب ضمير قاسية، إلى أن تساعده صديقة له بأن تشجعه على أن يكتب بيده ما حدث ثم يحرق ما كتبه وهو ما حدث.

فيلم بسيط ومعقد كما هي أفلام جوس فان سانت في أفلامه الماضية،  مثل "ايام سابقة" و"Elphant " الذي حاز على جائزة الإخراج في مهرجان كان عام 2003.  الفيلم قد لا يبدو مثيرا، لكن المخرج ينتقل في تجربته الجديدة إلى عمق نفسي غريب، ذكي ومختلف. هذا إضافة إلى التصوير المتقن والأداء التمثيلي الرفيع، رغم أن بعض مشاهده صورت بكاميرا صغيرة كما يجري عادة بالنسبة للهواة وأن ممثليه من الشبان الهواة حيث تم اختيار عدد منهم عبر موقع للانترنيت.

قلب لا يقهر الفيلم الحدث: وقائع أقسى من الجماليات

أما الفيلم الحدث هذا اليوم فكان بالطبع فيلم A Migthy Heart أو "قلب لا يقهر" للمخرج الأمريكي مايكل وينتربتوم والذي قامت ببطولته النجمة الشهيرة أنجلينا جولي, وكان حضورها إلى المهرجان برفقة زوجا براد بيت مثار ضجة إعلامية وجماهيرية، فالنجمان يتمتعان بجاذبية وشهرة كبيرة.

ضجة الفيلم، رغم أنه خارج المسابقة، ناجمة أيضا عن موضوعه، فهو يتناول اختطاف وقتل الصحافي الأمريكي دانييل بيرل الذي أعدمته منظمة طالبان بتهمة تعاونه مع الاستخبارات المركزية الأمريكية. 

في 23 يناير 2002 ينقلب عالم ماريان بيرل زوجة الصحافي الحامل في شهرها السادس من السعادة إلى الفجيعة. زوجها دانييل يعمل مدير مكتب جنوب آسيا لصحيفة "وول ستريت جورنال" والذي يجري تحقيقا عن ريتشارد ريد، البريطاني الذي وضع المتفجرات في نعل حذائه وأوقف على متن رحلة طيران بين باريس وميامي. تحقيقه يقوده إلى كراتشي حيث يعده وسيط بأن يعرفه على مخبر غامض سيعطيه معلومات هامة.

قبل مغادرته المنزل يعلن دانييل لزوجته أنه قد يتأخر على العشاء، لكن لا يعود أبدا. موته المأساوي قاد زوجته إلى كتابة هذه القصة، لتسجل الظروف التي أحاطت بمأساة اختفائه والجهود الحثيثة التي بذلتها للعثور عليه في مرحلة أولى ثم للتعرف على قتلته لاحقا.

رغم أن شريحة من جمهور المهرجان ترى في الفيلم موقفا من المسلمين، إلا أن المخرج أراد أن يصور الوقائع كما حدثت دون إقحام أية مواقف خاصة، كما أن ماريان بيرل زوجة الصحافي التي كتبت القصة شاركت في المؤتمر الصحافي الذي عقب عرض الفيلم وأكدت أنها لا تحمل أية كراهية. السيدة بيرل قالت إنها كتبت هذه القصة لكي بتعرف ابنها آدم على والده الذي لم يلتق به.

في كل الحالات من الطبيعي أن يؤكد الفيلم على إدانة هذه الجريمة الفظيعة التي تندرج في إطار الاعتداء على الصحافة والصحافيين. وقتلهم مرفوض أيا كانت الذرائع المطروحة وفي الحقيقة لا توجد إطلاقا مثل هذه الذرائع.

ليس هناك أدنى شك في قدرة المخرج على تصوير مثل هذا الفيلم، بل يبدو منطقيا وهو الذي أخرج فيلم "الطريق إلى غوانتانامو". ولعل من الطبيعي أن تلعب أنجيلينا جولي دور الزوجة وهي سفيرة النوايا الحسنة للاجئين. لكن قبح الأحداث التي صورها الفيلم تطغى على كل المهارات والجماليات والتألق الذي طبع "قلب لا يعرف القهر".

موقع "إيلاف" في 22 مايو 2007

 

شخصيات شبيهة لشخصيات ألمودوفار في سكر بنات

أحمد نجيم من مهرجان كان السينمائي 

لم تنس المخرجة اللبنانية نادين لبكي توجيه تحية حب إلى خطيبها الموسيقى خالد مزنر، وأوضحت المخرجة ليلة أمس الأحد بمهرجان كان السينمائي الستين، خلال تقديمها لفيلمها "بنات سكر" في "لاكانزان دي رياريزاتور"، أنها تحيي خطيبها وموسيقى حياتها، على دعمه لها في هذا الفيلم السينمائي الأول. نادين التي كانت ترتدي فستانا أسود، حضرت إلى كان رفقة بطلات فيلمها اللبنانيات ورفقة عائلتها. وقد بدت في البداية مرتبكة، قبل أن تسترسل في كلمة طويلة شكرت، وبالأسماء، الذين آمنوا بمشروعها وساندوها على إنجازه.

فيلم المخرجة الأول شهد ولادة فكرته في مهرجان كان السينمائي، فقبل ثلاث سنوات شاركت نادين لبكي في محترف فني وتقني تنظمه "سيني فونداسيون" التابعة لمهرجان كان. لذا كان الاحتفاء به بعاصمة السينما كبيرا، فأزيد من 800 شخصا حضروا العرض، ولم يتمكن عدد كبير من ولوج القاعة وظلوا يحملون معهم تذاكرهم.

فيلم المخرجة اللبنانية الأول اختارته أن يكون نسائيا. خمس لبنانيات متباينات على مستوى السن، يجمع بينهما صالون حلاقة ليال، في الثلاثينات ونسرين في الثامنة والعشرين وريما في الرابعة والعشرين وجمال زبونة المحل وجارتهم الجياطة روز. صالون الخلاقة فضاء الحرية الوحيد للبطلات، فهو ليس مؤمن قوتهم اليومي، بل نافذة الحرية الوحيدة في مجتمع محافظ ووصي على المرأة.

فأسرة ليال المسيحية تنتظر عريسا لهذه البنت، بينما تفضل هي دور عشيقة لرجل متزوج، أما نسرين المسلمة فعليها أن تخرج من ورطة، فقبل أيام من زواجها، تحتاج إلى عملية جراحية كي تستعيد بكرتها الضائعة في لحظة حب سابق. زميلتهم الثالثة في صالون الحلاقة ريما، تواجه هي الأخرى مشكلة تتمثل في التسامح مع ميولاتها الجنسية المثلية، أما جمال العانس، فتحاول أن تكذب على نفسها وعلى المجتمع بصغر سنها، تخترع أكاذيب لتحقيق هدفها. الجارة روز تعيش مشكلتين، الأولى مع أختها إيللي الفاقدة لقدرات كبيرة من عقلها، ثم مع نفسها بعد أن بدأ قلبها ينبض من جديد لما التقت أحد الزبناء. نساء نادين لبكي يواجهن قدرهن بأنفسهن، فلا أحد سيحل لهن مشاكلهن، غير مساعدتهن لبعضهن البعض. تبدو الشخصيات شبيهة بلبنان، صراعات خارجية تتحكم في مصائر الشخصيات.

صراعات لم تفتعلنها، بل فرضت عليهن. لكن تحديهن كان أقوى وعزيمتهن أكبر، فلن، كل حسب استطاعتها، ما صبون إليه. في هذا المجتمع النسائي يغيب الرجل، حضوره يقتصر على عشيق خائن لزوجته ومتنكر لحبيبته، المخرجة لم تكشف عن وجهه، وظل نكرة، كما يحضر الرجل من خلال الشرطي الذي يبدي إعجابا بليال، بالإضافة إلى شخصية الأجنبي الذي يسعى إلى تفادي ما فاته وبناء علاقة حب مع الخياطة روز، بالإضافة إلى شخصيات رجالية أخرى. لكن هؤلاء الرجال لن يحلوا مشاكل النساء، وإن كان بعضهم سبب هذه المشاكل.

فيلم "بنات سكر" أو "كاراميل" كما أطلق عليه بالفرنسية، يقحم المشاهد في عوالم المخرج الإسباني بيدرو ألمودوفار. الممثلة ليال كانت أشبه ببينيلوب كروز في فيلم ألمودوفار الأخير "فولفير"، كما أن شخصيات الخياطة روز شديدة الشبه بشخصيات هذا المخرج الإسباني العاشق للنساء، المخرجة، لم تتعامل بنفس الرقة مع شخصيات فيلمها، وهذا أمر يبدو مقبولا، فهو أول فيلم سينمائي، طريقة لعب بعض الممثلات، رغم عفويتهن، ساهمت في التأثير على إيقاع الفيلم في بعض الأحيان.

أما الرجل البطل الوحيد في فيلم "الدركي" فله تقاطعات مع الممثل الإيطالي مارشيلو ماستروياني، ليس على مستوى الشكل، لكن طريقة لعب هذا الممثل الذي كان أداؤه في المستوى، لتقليد النجم السينمائي الإيطالي الكبير.

المخرجة لم تكتف بالإخراج وكتابة السيناريو بمعية جيهان حجيلي وروندي حداد، بل لعبت دور البطولة من خلال تقمص شخصية "ليال". تبدو تلك المشاركة توقيعا آخر من المخرجة على هذا الفيلم، توقيع تؤكد من خلاله أنها ورغم شهرتها في إخراج الفيديو كليبات، إلا أن حبها الأول للسينما.

حتى ولم تنل المخرجة أية حائزة في هذا المهرجان، فإنها كشفت عن ميلاد مخرجة سينمائية لها حساسية كبيرة لموضوع المرأة. أفلامها المقبلة ستكشف عن هذه المخرجة الجميلة والملتزمة.

موقع "إيلاف" في 21 مايو 2007

 

سينماتك