في نهاية
فيلم مايكل مور الجديد “سيكو”، يتوجّه المخرج بعدد من المرضى والمصابين
الأمريكيين العائدين من حرب العراق، حيث شاركوا في رحى معارك السياسة
الأمريكية في المنطقة، الى كوبا حيث يدخلون المستشفيات لمعالجتهم علاجاً
شاملاً. يتساءل البعض ممن لم ير الفيلم، ولماذا لا تتم معالجتهم في
الولايات المتّحدة- أليسوا رعاياها؟ الجواب هو أن مسألة ما اذا كانوا
مواطنين أمريكيين، وما اذا كانوا عائدين من حرب لم يعلنها أحد منهم ولا كان
له يد في افتعالها أو لا، أمور لا علاقة لها بتوفير الطب اللازم لهم.
الجنود
العائدون من أرض المعركة مصابون نفسياً أو جسدياً يملؤون استمارة طلب
مداواتهم مجّاناً يتقدّمون بها الى الادارة العسكرية التي تأخذ وقتها في
المعاينة واقرار ما اذا كان المتقدّم بالطلب يستحق الرعاية المجّانية والى
أي حد. هل توفّر له القيادة عشرة في المائة من كلفة الاستشفاء؟ اولئك الذين
يجدون أنفسهم مُعوّضين جزئياً فقط هم الذين بحاجة الى العلاج في كوبا أو في
أي دولة أخرى تتعامل ومواطنيها على أساس من الرعاية الكاملة.
فيلم
مايكل مور الجديد، المخرج المناوئ للادارة الأمريكية والذي نال السعفة
الذهبية عن “فهرنهايت 11/9”، يترك طعماً مرّاً وشعوراً مؤلماً في النفس مع
وصول المشاهد الى تلك النهاية وما يصاحبها من استنتاج، وكل ما لدى الادارة
الأمريكية فعله لمواجهة كشفه عن هذا الخلل الكبير هو فتح تحقيق حول خروق
مور لقوانين المقاطعة الأمريكية التي تفرضها الولايات المتحدة على كوبا.
لكن
“سيكو” ليس فقط عن جرحى الحرب، بل عن كل نظام الرعاية الصحيّة القائم على
نظام رأسمالي صرف لا مكان فيه لفقراء لا يملكون حق شراء تأمينات صحيّة من
شركات تسطو على الكثير من ايراد المشتركين مقابل دفع جزء من نفقات العلاج.
عن الموت مرضاً أو الحياة عليلاً وكيف تجني شركات التأمين أرباحاً طائلة
بحجّة تأمين العلاج. صحيح أنها تؤمّنه بشروط مختلفة، لكن غاية الفيلم هو
الوصول الى تحديد تخلّف النظام الاجتماعي والصحي في أمريكا عن مثيله في بعض
دول العالم ومن بينها كوبا.
الكوكب
المريض
فيلمان
تسجيليان آخران مُهمان هما “الساعة الحادية عشرة” من اخراج ليلي وناديا
كونورز و”محامي الرعب” للمخرج باربت شرودر. مختلفان في كل شيء.
“الساعة
الحادية عشرة” فيلم عن المصير المظلم الذي ينتظر الأرض ومن عليها اذا ما لم
يتم فعل شيء حيال فساد البيئة. عبر مشاهد مؤلمة لما يقع على الأرض حالياً
من كوارث وضحايا في نحو شبه متواصل، وعبر لقاءات مع بعض أدمغة العالم من
علماء بيئة ومشتغلين في حمايتها وعلماء جيولوجيا وطبيعة، يحدد الفيلم
سريعاً المشكلة بمختلف مستوياتها منحصرة في نهاية الأمر في ذلك الاستهلاك
الفائض الذي نحياه حيث بات همّنا الشراء والمواكبة ولم يعد لدينا ذلك الوقت
الذي نقضيه مع الطبيعة أو الثقافة أو التزوّد بالمدارك الضرورية لحماية
أنفسنا من أخطار التلوّث الحقيقية. صحيح أنني ذكرت مثل هذا الكلام سابقاً،
لكنه هنا كلام الفيلم الذي يتردّد. “الساعة الحادية عشرة” مفجع ومؤلم وتخرج
منه وأنت تريد أن تتوقّف عن مسيرة حياة تعتقد أنك لا تؤلّف فيها سوى جزء
يسير جدّاً، لكن هناك ستة بلايين جزء يسير جداً تؤلّف معاً المعضلة التي
نعيشها والتي سنورثها لجيل لن يشكرنا على انقراض ثروات الحياة من حيوانات
ونباتات أو على حياة قاحلة نتركها له لمجرّد أننا لم نشترك في فعل الشيء
الصحيح الوحيد الممكن وهو فرض حماية البيئة على تصرّفاتنا وتصرفات
حكوماتنا.
محامي
الثورات
“محامي
الرعب” عن المحامي الفرنسي (أو نصف فرنسي على نصف فيتنامي) جاك فرجِس.
الجيل الأسبق منّا يتذكّره كمحام فرنسي اندفع بإيمان مطلق للدفاع عن الثورة
الجزائرية والسجناء السياسيين الذين زجّت بهم قوّات الاحتلال الفرنسية في
السجون. انه من دافع عن جميلة بوحيرد (وتزوّج منها لاحقاً). بعد تحرير
الجزائر انتقل فرجِس الى الصف الفلسطيني حيث دافع عن من تم القاء القبض
عليهم من الفدائيين الفلسطينيين الذين كانوا، حينها، يقومون بعمليات مسلّحة
ضد “اسرائيل” في الخارج. أصبح صديقاً مقرّباً من جورج حبش ووديع حدّاد. ومن
كارلوس والمؤمن بالنازية كلاود باربي.
انه
اختيار مفعم بحب اللحظات النضالية الحاسمة وفيه حديث عن تاريخ عربي مشرق في
سبيل التحرر من الاستعمار واستعادة فلسطين ما لم نعد نسمع به بعد ذلك. صحيح
أن الفيلم لا يتبنّى الرأي السياسي الذي يطلقه المتحدّثون، لكنه بالنتيجة
يتوخّى الحقيقة مما يعرضه وحين يفعل تصبح هذه الحقيقة جزءاً من الفيلم شاء
أم أبى.
باربت
شرودر الذي انتقل بين مختلف أنواع الدراما، ينجز فيلمه التسجيلي هذا
محقّقاً انجازه الكبير حتى من قبل الصورة الأولى. لقد وُفق في الحصول على
موافقة المحامي فرجِس للمقابلة حيث انطلق هذا يسرد ذكرياته حول مراحل حياته
كاشفاً عما يريد الكشف عنه اليوم ومستتراً عما يريد ابقاءه بعيداً عن
التداول.
حرب
عصابات
روائياً،
نجد المزيد من انتقال مخرجين الى العمل في مواضيع والتعامل مع شخصيات جلّها
ليس من البلد التي جاء منها كل مخرج. ففي حين نزح كار-واي وونغ الى امريكا
لتصوير فيلم الافتتاح “ليالي التوت”، صنع المخرج التايواني هاو سياو سيين
فيلمه الجديد “رحلة البالون الأحمر” في فرنسا. الأم الفرنسية جولييت بينوش
تترك ابنها الصغير في رعاية المهاجرة التايوانية صونغ فانغ، وبعد ثلاثة
أرباع الساعة من هذا القرار كان الفيلم لا يزال يبرح مكانه في مشاهد طويلة
فرنسية الأسلوب مئة في المائة تتابع صغائر الأمور التي لا تُثير الاهتمام
ولا تستطيع أن تستولي على ملكيّته. نعم هي سينما تأمّلية، لكنها من النوع
الذي يتأمّل فقط بمعنى أن الدراما -اذا ما وجدت- والأحداث -اذا صح تسميتها
على هذا النحو- تُترك في الخلفية وكثيراً ما يتم نسيان ضروراتها.
أفضل منه
فيلم جوِول كوِن الجديد “لا بلد للمسنّين” والعنوان لافت لكنه لا يمت الى
الأحداث بصلة فعلية. هذا الفيلم الذي عُرض داخل المسابقة يعود بجووِل
وشقيقه ايتان الى صرح أعمالهما البوليسية السابقة. وتستقبل في البداية ما
يوعز بأن الفيلم سيكون واحداً من أفضل ما شوهد على شاشة “كان” هذه السنة،
لكن في حين أن الفيلم يبقى من بين أفضل ما حققه المخرجان المعروفان الا أن
فيه ما يكفي لغرق مركبه اذا ما جرى فحص الثقوب الكبيرة التي في أرضيّته.
حكاية
صيّاد في يوم قائظ في صحراء تكساس يكتشف عدّة شاحنات والكثير من الجثث فيها
وحولها. الواضح أن عملية بيع مخدّرات تحوّلت الى تصفية حساب. الصيّاد (جوش
برولين) يترك المخدّرات ويأخذ حقيبة مال تحتوي على مليوني دولار ويفر بها.
لكنه لا يهرب بعيداً: العصابة تحاول الوصول اليه. البوليس (ممثّل بتومي لي
جونز) يحاول الوصول اليه. تحر خاص (وودي هارلسون) يحاول الوصول اليه ومجرم
مخيف (جافييه باردم) يحاول الوصول اليه وهذا الأخير يفعل أكثر من مرّة وفي
كل مرّة يفلت الصيّاد من بين يدي القاتل في اللحظة الأخيرة.
كفيلم
بوليسي حكاية رائعة بشخصيات يفقد المخرجان السيطرة عليها كونهما يصرّان على
معالجتها كرتونياً. كل شخصية من شخصيات الفيلم فيها قدر فائق من التركيز
على نمطيّة مرفوضة. التكساسي ليس دائماَ بهذه السذاجة وجورج بوش ليس
نموذجاً. لكن المخرج جوِول والكاتب ايثان يصرّان على منح تلك الشخصيات تلك
الملامح الكرتونية التي تعيق قبولها.
الى ذلك،
ليس هناك في هذا الفيلم ما لم يسبق لسام بكنباه أن فعله في فيلمه الأفضل
(والأكثر قابلية للتصديق وذي الموضوع القريب) “الفرار” سنة 1974. والشخصية
التي يؤديها وودي هارلسون -والتي تظهر وتمضي قبل أن تترك أثراً ما- هي
ذاتها التي لعبها جو دون بايكر في فيلم لدون سيغال تم انجازه في “تشارلي”:
نفس الملابس. نفس القبّعة. نفس اللون.
براندو.. براندو
فيلم
تسجيلي مختلف عن حياة وأعمال الممثل مارلون براندو بعنوان “براندو” تم عرضه
في قسم “كلاسيكيات كان”.
هذا فيلم
مؤلف من وثائقيات ومشاهد من أفلام ومقابلات عديدة لمخرجين أرادا إلقاء
تحيّة صادقة على أحد أعمدة التمثيل في العالم هما لسلي غريف وميمي فريدمان.
ينقل الفيلم إلينا مشاهد شخصية لممثل جهد كثيراً في بداياته وعرف التحديات
التي كانت بحجم مواهبه وطموحاته. لكنه انتصر عليها وأثبت نوعيّته غير
المتهادنة لمعظم مراحلها. براندو لم يكن مؤثرا وفناناً رائعاً في أعماله
الأولى (“قطعة على صفيح ساخن”، “عربة اسمها الرغبة” و”على رصيف الميناء”)
بل مارس فنّه في معظم ما أدّاه بعد انتشارته ونجوميّته (“العرّاب”، “احرق”،
“التانغو الأخير في باريس” الخ...)
المقابلات
التي يجريها الفيلم تشمل عدداً من الممثلين المعروفين بينهم آل باتشينو
وإيلاي والاك وجوني دب وجون ترافولتا وكلهم يكيلون المدح لمن وضع الأسلوب
قبل فعل التمثيل وتميّز عن أترابه. أكثر المتحدّثين إدراكاً لهذه المعاني
آل باتشينو فهو ينتمي الى المدرسة ذاتها.
وجوه ...
جورج
كلوني..
أمه مغنية وأبوه صحافي
حين شهدت
هوليوود قبل عامين بداية موجة من الأفلام ذات المواضيع السياسية، كانت ذلك
بمثابة الخروج عبر باب موصد الى آفاق جديدة تتعامل والقضايا الصعبة في
حياتنا اليوم.
ربما
الباب فُتح قبل ذلك بعامين حينما قدّم مايكل مور “فهرنهايت 11/9” سنة ،2005
لكن العامين السابقين شهدا المزيد من الأعمال التي خرجت الى العلن تطرح
اسئلة حول أمريكا والعالم. حتى ستيفن سبيلبرغ في “ميونخ” ربط بين حادثة
الهجوم الفلسطيني على الأولمبياد والانتقاص “الاسرائيلي” من الفاعلين
والحرب الحاضرة على الارهاب بغاية القول أن العنف لا يولّد الا العنف.
لكن جورج
كلوني يذهب الى أبعد من ذلك ولو في ذات الخط. عبر فيلميه “ليلة طيّبة وحظ
سعيد” الذي يطرح الصراع بين الاعلامي ادوارد مورو ورجل الكونجرس اليميني
جوزف مكارثي الذي انتهى الى سقوط مكارثي والمكارثية، و”سيريانا” الذي يصوّر
تشابك الخطوط السياسية تحت مظلّة المصالح التي من أجلها تتم عمليات اغتيال
او حتى حوادث ارهابية. ولا ننسى اشتراكه في بطولة “ثلاثة ملوك” قبل سبع
سنوات ولا “سيريانا” قبل عامين.
ولد جورج
كلوني في مايو 1961 في بلدة لكنسغتون، كنتاكي من أصول أيرلندية، وفي حين أن
والده كان صحافياً تلفزيونيا، كانت عمّته مغنية أوبرا أسمها روزماري كلوني.
عم والده نِك ليس سوى الممثل جوزي فَرير وولديه، ميغوَل ورفاييل ممثلين
أيضاً والثلاثة حطّوا في زيارة وجوزيه دعا جورج لأن يصبح ممثلاً، وسواء
أثمرت هذه الدعوة عن رغبة جورج التحوّل الى التمثيل او أنها بقيت في البال
طويلاً الى أن أصبحت جزءاً من الأسباب الخفيّة، فان النتيجة هي أن سنوات
كثيرة مرّت قبل أن يتحقق هذا الاهتمام ويصبح جورج ممثلاً.
سلسلة
“أوشن” (بدأت ب “أوشن 11” ثم “12” والآن “13” ليست أفضل وسيلة للحكم على
نوعيّة هذا الممثل. انها بالنسبة اليه مطيّة للبقاء ناجحاً ومطلوباً والمهم
عنده، كما قال ذات مرة: “ماذا أصنع بهذا النجاح؟ كيف أوظّفه في تحقيق ما
ينفع الآخرين”.
امير
كوستاريتزا مخرج حالة خاصة
المخرج
امير كوستاريتزا حالة خاصّة من حيث انه جاء من بلد تمزّق مباشرة بعد انهيار
الجدار الشيوعي وشهد حرباً أهلية ضارية بين ثلاثة فرقاء فيه كرواتيا،
بوسنيا وصربيا. ومن حيث أنه ولسنوات طويلة رفض اعتبار أفلامه آتية من أي من
هذه المحافظات (او الدول) بل تحدّث أكثر من مرة معتبراً نفسه وأفلامه
يوغسلافياً.
ولد سنة
1954 في ساراييفو وتخرّج في مدرسة براغ في تشيكوسلوفاكيا (الآن جمهورية
التشيك) سنة 1978. لكن خلال دراسته نال جوائز وشهادات تقدير عن عدّة أفلام
قصيرة من بينها فيلم بعنوان “غويرنيكا” الذي نال جائزة أفضل فيلم لطالب من
مهرجان كارلوفي فاري.
بعد ذلك
أخرج للتلفزيون ثم عمل مع كاتب السيناريو البوسني عبد الله سدران على انجاز
فيلمه الأول “من يتذكّر دولي بل؟” الذي نال جائزة الأسد الذهبي كأفضل فيلم
أوّل. بعد ذلك أخرج الفيلم الساخر “عندما ذهب والدي في رحلة عمل” (1985)
الذي حصد الجائزة الأولى في “كان” ذلك العام كما نال جائزة اتحاد النقاد
الدوليين وتم ترشيح ذلك الفيلم لجائزة أفضل فيلم أجنبي.
من بعد
ذلك فُتحت الأبواب أمام المخرج، وحالفه النجاح في كل مرّة باستثناء محاولته
تحقيق فيلم أمريكي حين أدار جوني دب وفاي داناواي في “حلم أريزونا” فحصد
اخفاقاً تجارياً ولو أنه ظُلم نقدياً أكثر بقليل مما استحق.
سنة 2002
أخرج “قطّة سوداء، قطّة بيضاء” الذي لم يكن أفضل أفلامه كونه أعاد تكرار
ذات الصيغة، لكن ذلك لم يمنع احتفاء كان به وبذلك الفيلم. فيلمه الجديد
“عدني بذلك” ينتهج ما يمكن أن يتطوّر الى خط جديد ولو أنه عمل يحافظ فيه
كوستاريتزا على سخريته مما حوله.
بعد
المشاهدة
·
Sicko:
تسجيلي جديد لمايكل مور يتناول فيه فوضى منظّمة وغياب مسؤولية التأمين
الصحي
·
Terror Advocate:
باربت شرودر يتعامل وتاريخ حقبة رهيبة من الأحداث عبر مقابلة مع جاك
جرفِس.
·
The 11th Hour
: ما
صنعناه بالأرض وبطبيعتها وثرواتها مخيف لكن ما نواصل فعله أكثر مرعب.
·
Le Voyage du Ballon Rouge:
بالون أحمر طائر في الفضاء تماماً مثل كاميرا المخرج التي تحوم حول شيء
غير محدد
·
No Country for Old People:
بوليسي داكن وساخر لكنه لا يتطوّر بإتجاه صحيح ويحمل مشاكل في شخصياته.
·
Avocat de la Terreur:
تسجيلي من المخرج باربت شرودر حول محامي القضايا النضالية جاك فرجيز.
·
The Banishment:
“الصد” قمّة تعبيرية شعرية جمالية بموضوع إنساني آسر عن العائلة
المتداعية.
·
Brando:
تسجيلي عن حياة الممثل مارلون براندو من خلال شهادات ممثلين آخرين
ومشاهد.
·
My Blueberry Nights:
نورا جونز تجد أكثر مما تحتاجه من نماذج حين تبدأ رحلتها بحثاً عن معنى
الحب.
من سجل
المهرجان
... 1957
"إقناع
لطيف"
* المخرج
جان كوكتو والمؤلف أندريه موروا على رأس لجنة التحكيم التي ضمّت الممثلة
المكسيكية- الأمريكية دولوريس دل ريو، والمخرج البريطاني مايكل باول وزميله
الروسي فلاديمير فولتشك والمخرج الأمريكي جورج ستيفنس بين آخرين. أول
اشتراك لبناني تمثّل بفيلم “الغريب الصغير” لجورج نصر.
* فيلم
السعفة: “اقناع لطيف” [ويليام وايلر- الولايات المتحدة] :
ليس أفضل
أفلام وايلر لكنه يحتفظ بسمات المخرج الدائمة: رغبته في انجاز الأفضل
وتقديم شخصيات واضحة بموضوع هادف. حكاية عائلة من طائفة “الكواكر” المسالمة
يقودها في الفيلم غاري كوبر ودوروثي ماغواير مع أنطوني بيركنز ابناً
متذمّراً. الأحداث في زمن الحرب الأهلية ورب العائلة كوبر يحاول البقاء على
الحياد.
1958”البجع تطير”
* انغمار
برغمان مُنح أول جائزة له في “كان” وهي جائزة أفضل مخرج عن فيلم “حافة
الحياة”. بيبي أندرسن وانغريد ثولين، اللتان مثّلتا تحت ادارة برغمان أكثر
من مرّة لاحقاً، نالتا جائزة أفضل تمثيل نسائي (لجانب أخريات) عن دوريهما
في هذا الفيلم. الأمريكي بول نيومان نال الجائزة الرجالية عن دوره في “صيف
طويل وحار” للمخرج مارتن رِت.
* فيلم
السعفة: البجع تطير (ميخائيل كالاتزوف- الاتحاد السوفييتي)
الفيلم
الذي لا شك منح الدولة السوفييتية حبوراً كونها فازت -أخيراً- بسعفة
المهرجان الفرنسي الكبير يدور حول بوريس (ألكساي باتالوف) وفيرونيكا (تاتيانا
ساميولفا) اللذين يحبّان بعضهما البعض، لكن الحرب تقع ولا وقت لتبادل
العواطف. جميل للنظر اليه، عميق في بساطته الانسانية وشاعري في معالجته
و-خصوصاً- في تصويره (شُغل سيرغي يورسلوفسكي المسؤول بعد أربعة أعوام عن
تصوير “أنا كوبا”، أحد أفضل الأفلام تصويراً الى اليوم).
أوراق
ناقد ... نموذج
300
سوق
مهرجان “كان” السينمائي لا يقل أهمية عن المهرجان نفسه... ليس بالنسبة لنا
نحن النقاد ولا حتى لفريق من السينمائيين الحاضرين وبالطبع ليس بالنسبة
لمعظم القرّاء، بل لتلك الفئة التي تتعامل معه مباشرة من منتجين وموزّعين
ومشتري أفلام وأصحاب صالات.
انه فرع
آخر من السينما لا يمكن -ولا يجب- تجاهله لأنه في نهاية الأمر عبارة عن
مجموعة من الانتاجات والتيارات والظواهر كما حال السينما التي نكتب عنها
ونتابعها. انه الجانب الصناعي والتجاري الذي لا يزال، في نهاية الأمر، صاحب
كلمة أولى فيما نشاهده، سينما أو دي في دي أو فيديو.
والمنتمون
الى هذا السوق قلّما ينتمون الى باقي “كان”. جمهوره ليس اولئك الذين يحضرون
أفلام المسابقة أو أي فيلم معروض رسمياً في المهرجان، الا اذا قصد ذلك عن
غرض. أساساً العديد من الأفلام الكبيرة مُباع ومُشترى من قبل وصولها ، لكن
في حال وجود بضعة أسواق ما زالت طليقة فإن عين وأذن الموزّع السينمائي لا
تمانع في معرفة بعض الشيء عنها.
* مثل كل
سنة يتبادل أهل المهنة الحديث عن الظواهر الحالية. أحياناً ما تكون غلاء
الأسعار وأحياناً ما تكون حول نهوض سينما معيّنة أو ما شابه. هذا العام
الحديث الذي سمعته، عبر موزّعي أفلام عرب، معظمهم لبنانيون، وغير عرب هو أن
النجاح الكبير (جدّاً) لفيلم “300” حول العالم يدفع المنتجين لصنع أفلام
مماثلة من حول بطولات ناريّة في حكايات تاريخية مع معالجات فانتازية.
السبب في
هذا الاهتمام ليس نابعاً من نجاح الفيلم فقط. بالطبع هو أهم العوامل، فلو
فشل “300” لما بقي عالقاً في البال، لكن سبباً موازياً في أهميّته يعود الى
أن هذا الفيلم الذي موّلته وورنر كلّف 60 مليون دولار فقط (عوض 160 مليوناً
لفيلم تاريخي آخر مثل “الاسكندر” أو “طروادة”). هذا التوفير عامل في مضاعفة
الأرباح وهذا لم يكن ممكناً لولا أن الفيلم في جزء كبير منه مصنوع على
الكمبيوتر جرافيكس، ولولا أن ليس من بين ممثليه من هو نجم عليه أن يتقاضى
15 مليوناً أو أكثر (أجر جيرارد باتلر لا يمكن أن يكون قد زاد عن خمسة
ملايين) وهو الممثل الأكثر شهرة من جميع من في الفيلم وشهرته رغم ذلك
محدودة.
* هذا
يعني شيئاً خطيراً:
وداعاً
للأفلام التاريخية التي على طريقة “غلادياتور” و”مملكة السماء” حيث العنصر
البشري في الدراما هو الغالب (رغم اعتماد التكنولوجيا مساعداً). من الآن
وصاعداً سنشاهد أفلاماً تختصر المسافة والميزانية بصنع الأفلام 05-60 في
المائة في المعامل عوض الاكتفاء بنسبة 20-30 في المائة من مجمل الفيلم كما
في الحالات الأخرى.
الخليج الإماراتية
في 21 مايو 2007
|