كتبوا في السينما

سينماتك

يوميات مهرجان كان السينمائي الدولي (3)

الفيلم الثاني للمخرج الروسي أندريه زفياجنتسيف

"الصد" تحفة فنية على شاشة المهرجان

محمد رضا

مهرجان كان الـ 60

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

“الصد” يلغي كل ما سبق عرضه على شاشات دورة مهرجان كان الحالية الى الآن. إنه أفضل من الأفلام السبعة التي شاهدتها في اليومين الأخيرين داخل أو خارج المسابقة، وبالحكم على أساليب وأعمال مخرجين مُدرجين معروفة أعمالهم ومستوياتها، سيبقى من بين الأفضل حتى نهاية هذه الدورة. إذا ما كان سينال السعفة الذهبية أم لا، أمر يبقى في طيّات المجهول وحسب آراء لجنة التحكيم التي يرأسها المخرج ستيفن فريرز وتتكوّن من الممثلة الصينية ماجي شيونك، الكاتب التركي عرفان باموك، الممثلة الفرنسية ماريا دمدريوس، المخرج الموريتاني عبد الرحمن سيساكو، الممثلة الاسترالية توني كوليت، الممثل الفرنسي ميشيل بيكولي، الممثلة الأمريكية سارا بولي والمخرج الإيطالي ماركو بيلوكيو.

“الصد” هو ثاني فيلم للمخرج الروسي أندريه زفياجنتسيف بعد “العودة” وهو -بالتأكيد وكما هو متوقع- يشابهه في الكثير من الشؤون.

“العودة” (2004) الذي نال ذهبية مهرجان فالنسيا بجدارة فيلم عن أب يعود الى عائلته الصغيرة بعد غياب لا ندري أين أمضاه. يأخذ ولديه في رحلة صيد. نكتشف سريعاً طريقته القاسية التي يتبعها معهما. ليس لأنه لا يحبّهما، لكنه اعتاد على أن يعتبرهما نسخة كاملة منهما. يضعهما على الصورة التي نشأ هو عليهما ويفضّلهما كما يريدهما أن يكونا. أكبرهما سنّاً قبل من دون جدل. أصغرهما هو المتمرّد. لا يريد تنفيذ الأوامر ولا يشعر بالعلاقة التي قد يشعر بها كل ابن تجاه أبيه فوالده غادر العائلة وهو لا يزال صغيراً.

“الصد” عودة أب من بعد غياب. العائلة فيها الأم وولدان  فتاة وصبي. الجميع ممتثل للحياة التي يقررها هو. الاختلاف الرئيسي هنا هو أنك لا تشعر بأن هذا الأب متجنٍ كما هو واضح بالمقارنة مع الأب في الفيلم السابق. كلاهما لا يقصد أن يكون متعنّتاً أو عنيداً وذا خطّة مسبقة لا تنظر الى استقلالية الروح في أجساد الآخرين، لكنه يمارس كل ذلك على أي حال. هنا، الأب شخصية أكثر تودّداً، لكن الزوجة التي يكبر حجمها في هذا الفيلم عن ذلك الذي في الفيلم السابق) هي التي تُعاني بشدّة. وحين تخبر زوجها بأنها ليست حاملاً منه يفقد توازنه على الأرض. تقتله برصاصة من “الصد” والنكران. بعد حين يطلب منها الإجهاض ويجلب طبيبين للغاية، لكنها تموت منتحرة.

الفيلم لا يخلو من شائبة: فلاشباك نكتشف فيه أن الزوجة لم توضّح له أن الجنين هو له، لكنها  وكما تقول لأخيه الذي ينطلق بطل الفيلم لقتله اعتقاداً منه أنه المسؤول  هو ليس ابنه “كما أن ولديه ليسا كذلك. لكنهما ولداه”. بذلك تقصد القول إنه صنعهما كنسخة منه وتضيف على أن هذا الأب، في نهاية المطاف “نسخة من والده” تبعاً لنوع من الاستمرارية التي تعصف بأرواح الآخرين من دون أن ترى أمامها “لم أعد قادرة على العيش من دون روح”. تقول.

المشكلة هنا أن الفيلم حمّل نفسه عبء افتراض أن حكاية “ولده  ليس ولده” تفعيل كافٍ لاستكمال الحكاية.

بكلمات أخرى، ما نراه هو اتكال على مفاجأة صغيرة (لم تخنه، بل الجنين هو ابنه بالفعل  لكنها لم تخبره ما تعنيه) لمد الأحداث صوب نهايتها الوخيمة ومفادها الأخلاقي.

لكن باستثناء هذه الشائبة، التي قد لا يراها البعض منا مهمّة، فإن الفيلم ليس أقل من تحفة عناصرها الجمالية مستوحاة من سينما أندريه تاركوفسكي بالكامل تقريباً باستثناء المنحى الشعري والتصوّفي الذي لدى ذلك المخرج العبقري الراحل. أبرز العناصر المستخدمة هو الماء في سينما زفياجنتسيف الشابّة. وحين تمطر في فيلميه تمطر كما لو أن باب السماء كله منصب في وقع واحد رافعاً الحس بالدراما الى الأعلى وبتأثير غير خاف.

مثل فيلمه السابق ما يكشفه زفياجنتسيف من حياة يعكس صورة ذهنية ماثلة عن موت. المدينة التي تقع فيها بعض الأحداث عبارة عن جدران من الباطون الممتد تخفي وراءها مصانع غامضة. رجل وحده يمشي بعيداً. سيارات قليلة جداً. إنه كما لو أن الحي كله تقطنه حفنة من الناس.

والريف هو بالتأكيد أجمل بكثير: كاميرا ميخائيل كريكمان تلتقطه وهو يتنفّس جماله بترحاب وسعة، ولو أن البيوت في الداخل تبدو مثل نفسيات البعض مجرّدة من اللون، متآكلة مع الزمن.

وجوه...

إيمانويل سيجنر ممثلة بالوراثة

إيمانويل سيجنر واحدة من الممثلات اللواتي صعدن سلم الشهرة الفرنسية في الثمانينات وتبوأن لاحقاً مكانة جديرة بالإشارة. وُلدت في 22/5/1966 من أب عمل مصوّراً (وكان مشهوراً في مهنته) وأم صحافية. وإذا لم يكن ذلك كافياً كمصدر للوحي، فإن جدّتها كانت لويز سيجنر، ممثلة مسرحية وسينمائية ورئيسة “الكوميدي فرنسيسز” لسنوات.

في سن الرابعة عشرة من عمرها فازت بالعمل موديلاً. ثم أصبحت ممثلة سينمائية. وظهرت في فيلم “تحري” للمخرج جان-لوك غودار الذي قاد بطولته كل من جوني هوليداي ونتالي باي سنة 1985.

بعد بضعة أفلام أخرى تبنّاها المخرج رومان بولانسكي وعرض عليها الزواج. تحت إدارته ظهرت في أول فيلم فرنسي حققه ناطق بالإنجليزية وهو “فزع” من بطولة هاريسون فورد (1988).

حضرت برلين هذا العام كونها اشتركت في تمثيل “حياة وردة” عن حياة المغنية إديت بياف. وإلى جانب “الجرس الغطّاس والفراشة” الذي يعرض في المسابقة و”حياة وردة” مثّلت هذا العام فيلماً لجانب ستانلي توشي عنوانه “أربع أغان أخيرة”.

إيتان كُوِن منتج وكاتب

عادة ما يوقّع جوويل كُوِن الأفلام التي ينفّذها مع شقيقه إيتان كمخرج والذي يعرض له المهرجان ضمن المسابقة فيلم “لا بلد للرجال العجائز”، بينما يوقّع إيتان تلك الأفلام كمنتج وككاتب مشارك.

هذه المرّة إيتان هو الذي يقف وراء الكاميرا، ولو أن المرء لا يعرف إذا ما كان الفرق سيتّضح على الشاشة، فأفلام الأخوين كوِن متداخلة، لا تعرف من نفّذ -بالتحديد- ماذا. إيتان كان كثيراً ما يسهم بالإخراج مع شقيقه. في الأفلام الأولى اسميهما كانا يظهران كمخرجين، لاحقاً انفرد جوويل بالإسم لكن كوِن كان دائماً قريباً.

إذ يصعب التفريق فإنه من السهل مراجعة أفلامهما كثنائي.

في العام 1984 حقّقا معاً فيلمهما الأول “دم بسيط”: فيلم بوليسي تشويقي مُحكم تلاه فيلم “موجة جريمة” و”نشأة أريزونا” و”عبور ميلر” و”بارتون فينك” و”رئيس هدسكر” وكلها عرضت في مهرجان “كان” في سنواتها المتعاقبة (1985- 1994).

أفلامهما التالية هي أقرب الى الأذهان اليوم، لكنها ليست بجودة أفلام تلك الفترة ففي كل من “أيها الأخ، أين أنت” و”الرجل الذي لم يكن هناك” و”قاتلو السيدة” من الثغرات الفنيّة ما يكفي للإطاحة بمكتسباتهما السابقة. أما “قسوة غير محتملة” (2003) فكان من أسوأ الأفلام الكبيرة في ذلك العام، وهو الفيلم الوحيد الذي عرضه للأخوين في مهرجان فانيسيا عوض عرضه في مهرجان “كان” كالعادة.

"أسبوع النقاد" مكتشف المواهب

بين التظاهرات المتعددة لمهرجان “كان” السينمائي الدولي تلك التي تُقام كل سنة تحت راية “الأسبوع الدولي للنقاد”، (غالباً ما يسمّيها أهل الشرق “أسبوع النقاد”). وهي تظاهرة يشرف عليها اتحاد النقاد الفرنسيين منذ 46 سنة.

رسمياً، هي أول تظاهرات المهرجان المحاذية للمسابقة، أي قبل نشأة تظاهرة “نظرة ما” قبل نحو عشرين سنة، ودائماً ما تحتوي على تلك الأفلام التي يعتقد مختاروها أنها بحاجة الى أن يتم إكتشافها لكنها أصغر من أن تنضم الى الأعمال المميّزة بإنتاجاتها الكبيرة أو بأسماء مخرجيها المشهورين.

وهي بالفعل مخصّصة لأول أو ثاني عمل لمخرج، وفي سنوات عمرها، من عام ،1962 ساهمت في اكتشاف عدد من المخرجين الذين أصبحوا في عداد المشاهير، من البريطاني كن لوتش، الفائز في العام الماضي بالذهبية عن فيلمه “الريح التي تهز الشعير” الى الإيطالي برناردو برتولوتشي، ومن الفرنسي فرنسوا أوزون الى الكوري وونغ كار- واي الذي افتتح دورة هذا العام.

وللتظاهرة مسابقتها الخاصّة وبالتالي لجنتها التحكيمية المختلفة عن تلك التي يقودها هذا العام ستيفن فريرز المناطة بالمسابقة الرسمية الكبرى.

اختيارات هذا العام تحتوي على سبعة عشر بطابع لاتيني أغلب، يتجاوز عدد الأفلام، فبداية يقود الممثل المكسيكي غاييل غارسيا برنال لجنة التحكيم ويعرض كذلك فيلمه الأول كمخرج وهو بعنوان “عجز” خارج مسابقة هذه التظاهرة طبعاً، وبرنال ظهر على شاشة المسابقة في العام الماضي لاعباً أحد الأدوار المهمّة في فيلم “بابل”.

افتتاح هذه التظاهرة بدأ بفيلم “أبطال” وهو فرنسي من إخراج برونو ميرل الذي كان حقق فيلماً واحداً من قبل هو “الآلة النافخة”. فيلمه الجديد من بطولة إلودي بوشيز وميشيل يون.

أما فيلم الاختتام فسيكون الأمريكي “منتهى مفعوله” من المخرجة الأمريكية سيسيليا مينوويشي مع جاسون باتريك، تيري غار وسامنتا مورتون حول موظف تنظيف “باركينغ” وموظّف تحصيل أجور العدّادات فيه. لا يبدو الموضوع مثيراً، لكن مشكلة مثل هذه الأفلام أن القليل جداً معروف عن مخرجيها ما يجعل إمكانية التخمين صعبة، وحين تكون لديك عشرة أفلام جديدة كل يوم عليك أن تختار منها خمسة على الأقل لتراها من الساعة الثامنة صباحاً الى الساعة الواحدة ليلاً، فإن بعض هذه الأفلام يسقط من الحسبان كضحايا بريئة.

من سجل المهرجان ... 1953 (أجور الخوف)

المخرج والكاتب والممثل جان كوكتيو ترأس لجنة التحكيم التي ضمّت المخرج الفرنسي الآخر آبل غانس (“نابليون”، “اني أتهم” الخ...).

فيلم السعفة: “أجور الخوف” (هنري- جورج كلوزو):

هذا التشويق الذي لا يُنسى، عن رواية جورج أرنو، يقوم على فكرة بسيطة: شاحنة محمّلة بنيترو غليسيرين في بلد أمريكي لاتيني جنوبي عليها أن تجتاز طريقاً جبلية وعرة للوصول الى مبتغاها. أي اهتزاز تتعرّض له الشاحنة سيؤدي لانفجارها والطريق مملوء بمثل هذه الاحتمالات الخطرة. لكن المسألة ليست مسألة شاحنات بل شخصيات. المخرج كلوزو يمنح إيف مونتان، تشارلز فانيل، لولكو لولي الوقت الكافي لبلورة شخصياتهم ولإشعارنا بمعاناتهم طوال الرحلة

1954 (بوابة الجحيم)

 لأول مرّة تذهب فيها السعفة الى بلد غير أوروبي [باستثناء الجائزة التي ذهبت الى فيلم “عطيل” الذي تم تقديمه باسم المغرب بينما تمويله جاء أيضاً من فرنسا وإيطاليا]. يوسف شاهين في المسابقة بفيلم “صراع في الوادي” كذلك صلاح أبو سيف في فيلمه الرائع “الوحش”.

فيلم السعفة: “بوابة الجحيم” (تاينوسكي كينوغازا- يابان):

عن مسرحية كان كيكوشي هذا فيلم ساموراي حول محارب أحب فتاة كانت ضليعة في محاولة اغتيال أحد السادة الذي يصفح عنها لكنه يرفض زواجها من المحارب كونها لا تزال على عصمة أحد أقاربه. المخرج كينوغازا من السينمائيين الذين لم يستولوا على مقاليد شهرة واسعة رغم انطلاقته حين كانت السينما صامتة وعمله حتى العام ،1978 خمس سنوات قبل وفاته.

أوراق ناقد ... الفيلم السعودي و"كان"

هذا هو العام الثاني على التوالي الذي يقرر فيه المنتج السعودي أيمن حلواني حضور فعاليات مهرجان “كان” السينمائي الدولي.

في العام الماضي حضر بصحبة فيلمه السعودي “كيف الحال؟” الذي أخرجه إيزودور مسلّم حول عائلة سعودية تعكس واقع الوضع المعيش حالياً في الكثير من طبقات وشرائح المجتمع السعودي. هناك الرغبة في الانفتاح المسؤول، ورغبة مناوئة من قبل البعض الساعين للحفاظ على ما هو تقليدي عميق وبعيد خطأ كان أو صواباً.

في العام الماضي قدّم أيمن حلواني ذلك الفيلم في عرض خاص أقيم في صالة داخل قصر المهرجانات، إنما خارج العروض الرسمية. لكنه كان عرضاً ناجحاً الى حد ملحوظ. في البداية وصل الفيلم من دون أي خبر مسبق عنه. بعد ذلك أخذوا يتهامسون حوله: “هذا أول فيلم روائي سعودي”، وبعد ذلك أصبح عدد الذين يودّون حضور العرض أكثر مما تستوعب الصالة. فعدد مقاعدها كان 70 مقعداً شغرت جميعاً بالإضافة الى الجلوس على الأرض على جانبي المقاعد. أي أن عدد الذين كانوا في الصالة نحو ثمانين شخص، بينما كان هناك على الباب غير قادر على الدخول نحو 25 فرداً.

هذه السنة، ليس لدى المنتج فيلم سعودي آخر، لكن لديه فيلم مصري كان قدّمه في مهرجان “دبي السينمائي الدولي” في العام الماضي هو “خيانة مشروعة”. مثل “كيف الحال؟” ليس فيلم مسابقة، لكنه فيلم يستحق النظر إليه. على عكسه، لا يسعى لأن يقول الكثير. القليل مما يقوله له علاقة بالفساد والإرث والخلاف العائلي حول المال وليس حول كيف سيسير المجتمع قدماً أو الى الخلف.

لكن المهم ليس هنا، ولا أريد أن أدخل في تفضيل فيلم على آخر.

المهم هو أن المنتج السعودي أصر هذا العام على الحضور لسبب يحدده بالكلمات التالية:

“أريد أن أثبت أن الإنتاج السعودي، سواء أكان الفيلم سعودياً أو مصرياً، موجود. “كان” هو المساحة الدولية الأهم لعرض الإنتاجات صغيرة أو كبيرة ومن دون تفرقة بين البلدان الناشئة أو الكبيرة في هذا المجال”.

وماذا عن إنتاج سعودي لفيلم سعودي آخر؟

“توجد أفكار أخرى نتدارسها، لكن من السابق لأوانه التصريح بها. لكني أستطيع أن أقول إنني آمل كثيراً العودة في العام المقبل بفيلم سعودي آخر مائة في المائة”.

الخليج الإماراتية في 19 مايو 2007

 

سينماتك