على الرغم
من النكات القليلة التي قالها المخرج الوثائقي الأميركي المثير للجدل مايكل
مور في المؤتمر الصحافي الذي أعقب عرض فيلمه (سايكو)، إلا أنه بدا هادئًا
جدًا على غير عادته وحتى اجاباته على أسئلة الصحافيين كانت أقل من حدة
حوارات سابقة للمخرج. هذا المخرج الذي تنتظره مجموعة من المشاكل في أميركا
بسبب ذهابه إلى كوبا، دون إذن رسمي أميركي، وهذا ما يعاقب عليه القانون
الأميركي، فقال إن العاصفة تنتظره في أميركا فور عودته إلى هناك.
هذا الأخير، ذهب الى كوبا كجزء من بحثه لفيلمه الذي عرض في مهرجان كان
السينمائي. فيلم (سايكو) هو عن النظام الصحي في اميركا ومشاكله وتعقيدات
وجشع شركات التأمين الكبرى في أميركا التي لا تتلقى دعم من الحكومات
الاميركية، على عكس ما يحصل في أوروبا وكندا واستراليا.
المخرج
يهاجم في فلمه النظام الصحي الاميركي الذي يعرض حياة الكثيرين الى الخطر،
ويقلل معدل حياة الأميركين ويعرض بعض الأطفال في بعض المدن الاميركية الى
اخطار الأمراض والوفيات المبكرة. فيلم مايكل مور يختلف عن أعمال المخرج
السابقة بسبب تجنبها التصادم مع مراكز النفوذ في القطاع الصحي او الحكومة
الأميركية، وهو ما ميز أفلام سابقة للمخرج التي شهدت مواجهات مثيرة جدًا
بين المخرج وشخصيات حكومية ومؤسسات.
المخرج
شرح سبب غياب المواجهات في فيلمه إلى اختيار فني، ألزمه حساسية الموضوع
وتعلقه بقضايا الصحة. وأحب أن يناقش كل هذا، بأسلوب مختلف يبتعد عن الصخب.
مايكل مور
تحدث بثقة عن ثقته بالأميركيين الذين يعرفون أن الفيلم هو لهم في النهاية،
وأنه لم يقصد من زيارته إلى كوبا، إلا ان يكون قريبًا من موقع القاعدة
الأميركية(غواليتما) التي تحتجز مجموعة من العرب منذ أنتهاء حرب أفغانستان
عام 2002، وكيف أن هؤلاء المحجزين يتلقون رعاية صحية أفضل من الرعاية
الصحية للكثير من الأميركيين.
مايكل مور
رفض ربط الفيلم بالحملات الإنتخابية القادمة في أميركا، وبأن الفيلم هو من
مصلحة الديمقراطيين الذين يمتلكون الكثير من الانتقادات للجمهوريين على
إداراتهم للنظام الصحي الأميركي الذي ترك حوالى 20 مليون أميركي دون رعاية
صحية. مايكل مور أكد أن الأسباب التي دفعته إلى الفيلم هو أهمية الموضوع
للجميع في أميركا التي يجب ألا يقل نظامها الصحي عن أوروبا أو كندا.
المخرج
الذي يتعرض لهجومات من زملاء في المهنة في كندا، لم يرد على الاتهامات
بتزييف الحقائق. وقال انه سوف يناقش كل شيء في حينه وبأنه لا يفكر بترك
أميركا هربًا من الضغوط.
المخرج
مايكل مور كشف أنه هو من اختار أن يعرض فيلمه في المسابقة وليست لجان
الإختيار، لأنه أراد لموضوع فيلمه الحساس أن يكون بعيدًا عن التنافس في
مهرجان سينمائي. وأنه ما زال سعيدًا بفوزه بالجائزة الرئيسة لمهرجان كان عن
فيلمه (فهرنهات 11) عام 2005 وانه سوف يحضر مرة أخرى إلى كان ويشترك في
المسابقة الرئيسة.
موقع "إيلاف"
في 19 مايو 2007
فيلم
المخرجة اللبنانية دانييل رجل ضائع
جنس مجاني في فيلم متوسط المستوى
فريق إيلاف
لتغطية مهرجان كان (فرنسا)
بملصق
أفيش الإعلان تبدأ الصدمة مع فيلم المخرجة اللبنانية دانييل عربيد، خاصة
لدى الجمهور العربي، بإعتبار هذه الصورة الملصقة تمثل مشهدًا جنسيًا بين
رجل وامرأة... وإذا كانت المشاهد الجنسية أمرًا معتادًا في الأفلام
الغربية، وأحيانًا الآسيوية وحتى في بعض الأفلام العربية أيضًا، إلا أننا
لم نشهد مثل هذه الصور الصريحة والجريئة التي ظهرت في فيلم "رجل ضائع"
لدانييل عربيد المعروفة كمخرجة مقتدرة وموهوبة، أثار فيلمها السابق (في
ساحة المعركة) الإعجاب. في فيلمها الجديد والذي عرض في تظاهرة "نصف شهر
المخرجين" تكسر عربيد حاجز محرمات في الصورة. يتحدث الفيلم عن لقاء صدفة
يجمع بين مصور فرنسي يدعى توما كواريه وبين لبناني فاقد الذاكرة يدعى فؤاد
صالح. المصور الفرنسي الذي يجوب العالم بحثًا عن تجارب مختلفة ومثيرة،
تقوده طريقه بين سورية والأردن، حيث نراه يراقب رجلاً يجلس إلى جانب فتاة
محتشمة الملبس في مقعد السيارة التي استقلها بين المسافرين. بشكل مفاجئ يضع
الرجل، الذي سنعرف لاحقًا أنه فؤاد صالح، يده على فخذ جارته التي تستجيب
للمسته. وفي الاستراحة قرب الحدود السورية الأردنية، وبينما تخرج المرأة
المحتشمة من حمام السيدات، يلتقي بها الرجل المسافر فيتبادلان القبل، أمام
عدسة المصور الفرنسي الذي انتحى زاوية خفية عن الأنظار ليصورهما. لكن رجال
الشرطة يلقون القبض على الثلاثة معًا... هكذا يبدأ لقاء الرجلين الراحلين
الضائعين، العربي الصامت والفرنسي الفضولي. يترافق الرجلان شطرًا من
الطريق، حيث يعرف الفرنسي أن زميله في السفر فاقد للذاكرة فيحاول مساعدته
على استرجاع هويته.
بعد هذه
الحادثة، يبدأ الرجلان رحلة على الأراضي الأردنية في قلب شرق ساحر، يعرض
توماس خلالها على فؤاد أن يعمل معه مترجمًا، بما يتيح توثيق المعرفة
بينهما. وفي الأردن يرتاد الفرنسي كباريهات الليل حيث فتيات الهوي، ونراه
يضاجع فتاة مغربية ويصورها عارية وأثناء ممارسة الجنس، كما يدفع زميله إلى
فتاة أخرى... تتابع الأحداث ليكتشف توما أن فؤاد لبناني الأصل، وأنه مفقود
منذ 17 سنة. فيذهب به إلى بيروت حيث يودعه المستشفى بحثًا عن شفائه، قبل أن
يتوجه إلى بيته ويلتقي بزوجته. وهنا أيضًا يحدث تواصل بين الاثنين ينتهي
بلقاء جنسي، قبل أن يرافق توما الزوجة إلى المستشفى حيث يوجد زوجها الضائع
الذي استمر في حبها، لكن أعوامًا كثيرة مضت... فرحة أنه ما زال على قيد
الحياة، لم تكن كافية لكي تستمر الزوجة في مشاركة زوجها العائد من الضياع
حياته القديمة الجديدة.
يخرج توما
من التجربة وقد غيرته بالكامل، أما فؤاد الذي رفضته زوجته فيعود بعد غيابه
إلى والدته ليواصل الحياة معها على إيقاع ضياعه.
في الفيلم
مستوى رفيع من التصوير والإخراج، إلا أن السيناريو ظل ضعيفًا، سواء من حيث
بناء شخصية المصور الفرنسي الذي يسير على غير هدى لا يعرف ما ينتظره
ليصوره، ليبدو بدوره رجلاً ضائعًا، كما يبدو غريبًا أن يبحث فرنسي عن معنى
للجنس في بلد كالأردن ومع فتيات هوى. في مجتمع صعب ومعقد مسكون بمفاهيمه
الأخلاقية والاجتماعية خاصة المتعلقة بالجنس منها، لا تبدو الأحداث منطقية
ومنسجمة مع المحيط. كذلك تبدو مشاهد الجنس غريبة عن مبررات العمل الدرامية،
وكأن المخرجة أرادت لهذه المشاهد أن تكون أداة استفزازية لا ضرورة درامية
لها، خلافًا لما نراه في أفلام أخرى كثيرة مليئة بمشاهد الجنس الغنية من
حيث دلالة الموضوع ومن حيث جماليته البصرية.
في مقابلة
صحافية لها، قالت عربيد إنها تهتم بوجه عام في أفلامها بعلاقة الفرد مع
المجموعة، التي تعد قضية حساسة في الشرق الأوسط، حيث تواجه الفرد مشكلة
أخرى هي الوحدة.
طبعًا هذا
الفيلم غير مدرج على قائمة التنافس وهو فيلم يبدو متوسط المستوى، لكنه ينم
عن انطلاقة جريئة حتى لو بدت ناقصة.
موقع "إيلاف"
في 19 مايو 2007
|