صفحات ذات صلة

كتبوا في السينما

 

لابد أنك ضحكت علي أحمد أبو كامل البيه البواب

الكوميديا علي طريقته  

بدأ أحمد زكي بالكوميديا.. تعرف عليه الجمهور من خلالها.. استقبلته الابتسامات، ابتسامات الاستمتاع والإعجاب فبدايته المسرحية كانت بداية كوميدية مع مشهد "هالو شلبي" ودوره في مدرسة المشاغبين في أواخر الستينات وأوائل السبعينات وفي بطولته الكوميدية الكبيرة في مسرحية العيال كبرت.

ولكن بدايته السينمائية لم تكن كوميدية علي الإطلاق، وكذلك تميزه لم يأت من هذه المنطقة، كانت بدايته جادة وتراجيدية في فيلم "بدور" وفيلم "أبناء الصمت" عام 1974، وظل أحمد زكي يقدم الأدوار الجادة والتراجيدية في السينما حتي صنع لنفسه مكانة كبيرة وتميزاً هائلاً جعلاه من نجوم الصف الأول السينمائيين محققاً هدفين يبدوان بالنظر لظروف وتاريخ السينما في مصر، هدفين بعيدين جداً عن بعضهما إلي حد التقابل والتناقض، وهو أن يكون نجماً جماهيرياً وأن يكون فناناً حقيقياً يجيد الاختيار، والأداء، وبعبارة أخري أن يجمع بين الشباك والفن، إلا أن احمد زكي عاد مرة أخري للكوميديا عام 1987 بفيلميه الشهيرين وربما الأكثر نجاحاً له علي مستوي الأفلام الكوميدية التي قام بها والأبقي في أذهان المشاهدين وهما فيلما "أربعة في مهمة رسمية" و"البيه البواب"، ومن المفارقات أن هذين الفيلمين جاءا بعد فيلمين من أكثر الأفلام جدية وتراجيدية وهما "الحب فوق هضبة الهرم" "البرئ" 1986 وأعقبهما أيضاً فيلمان من أكثر الأفلام جدية وأهمية في حياة أفلام أحمد زكي المهنية وهما "زوجة رجل مهم" و"أحلام هند وكاميليا" 1988.

إذن القيام بهذين الدورين الكوميديين كان مغامرة بلا شك ومقامرة ذلك أن أحمد زكي بين نجوميته وتميزه بحوائط الأدوار الجادة والتراجيدية.. هي مغامرة ومقامرة، فهل سيقبل المشاهدون والجماهير هذا الممثل الجاد والذي عرفوه في فيلم "البرئ" و"الحب فوق هضبة الهرم" في قمة جديته بل وتراجيدية الموضوع في أدوار كوميدية، وفي موضوع ساخر مثير للضحك؟

ويقدم أحمد زكي أفلاما كوميدية علي الرغم من أن الكوميديا رغم نجاحاتها الجماهيرية لا تزال النظرة إليها يشوبها كثير من الإهمال والتعالي، أما أحمد زكي والذي كان يحظي وقتها بتأييد كبير من النقاد حيث يعتبرونه رمزاً وجزءاً هاماً من موجة ثورة فنية هامة يحققها جيل الواقعية الجديدة ضد السائد وضد التقاليد الفنية البالية وضد أفلام المقاولات، والذي لم يكن يعاني من نقص الاهتمام أو النجاح بل علي العكس كان محققاً للمعادلة الصعبة بل والمستحيلة، كما سبق وأوضحنا، حيث كان يحقق النجاح الجماهيري والنقدي أيضاً، علي الرغم من كل نجاحاته هذه قرر أن يغامر علي كل المستويات النقدي والجماهيري، وتوقفت عجلة الروليت عند الرقم الذي اختاره أحمد زكي ورحب المغامرة/ المقامرة وأحرز بفيلميه الكوميدين نجاحاً جماهيرياً ونقدياً، بل وأيضاً فاز بتحد جديد لنفسه ولموهبته وقدراته التمثيلية غير المحدودة.

أربعة في مهمة رسمية.. البطولة الكوميدية الأولي:

في يوم 28/5/1987 بدأ عرض الفيلم الكوميدي "أربعة في مهمة رسمية" في دور العرض، وهو قصة محمد دوارة وسيناريو عبد الجواد يوسف وحوار علي سالم وأخرجه علي عبد الخالق، يدور الفيلم حول أنور عبد المولي المرشد السياحي الذي يقيم بالأقصر والذي يستعد للهجرة، إلا أنه لايزال عليه أداء مهمة أخيرة في عمله قبل السفر، ألا وهي تسليم تركة أحد القراداتية المتوفين والذي كان يعمل مع وزارة السياحة، سيقوم بتسليم هذه العهدة في الوزارة وهي عهدة رسمية لابد أن تؤول إلي بيت المال في القاهرة، وتأتي الكوميديا في الفيلم من مكونات العهدة الرسمية وهي حمار وقرد ومعزة، والفيلم باختصار يكشف عن الروتين الحكومي الخانق ويعرض لعدد من النماذج والأنماط الفاسدة في المجتمع المصري في الثمانينات من خلال قصة ساخرة وحبكة تصنع المفارقات الكوميدية وربما من أهم نقاط تميز هذا الفيلم من وجهة نظري هي أنه أول الأفلام السينمائية علي الإطلاق وربما آخرها في تاريخ السينما المصرية الذي تشارك الحيوانات فيه دور البطولة مع الممثل البشري بل وأن هذه الحيوانات تصنع مواقفاً تفجر الضحك من خلال هذه المشاركة.. دون أن يقوم أحد الممثلين بأدوار هذه الحيوانات كما اعتادت السينما المصرية أن تستسهل وتقدم الحيوانات.. إذن من نقاط تميز وتفرد هذا الفيلم علي مدار تاريخ السينما المصرية والعربية، ربما هو الدور الهام للحيوانات (الحقيقية) والتي من خلالها تسير الأحداث وتتفجر الكوميديا.

ولكن هنا سؤال هام من هذا الممثل الكوميدي الذي غامر وقبل أن يعمل مع هذه الحيوانات التي عرفت مما كتب عن كواليس الفيلم أنها لم تكن مدربة أو علي أحسن الاحتمالات لم تكن مدربة كفاية.. كان أحمد زكي الممثل الجاد الذي صنع تميزه بأدواره الجادة.. وهذه نقطة تميز جديدة للفيلم وبالطبع للممثل وهذا ما يدفع الناقدة والصحفية الكبيرة إيريس نظمي أن تقول: "إن فيلم أربعة في مهمة رسمية خطوة كبيرة للنجم أحمد زكي الذي يقدم لنا مع كل فيلم دوراً جديداً والذي شاهدناه من قبل وهو يؤدي بعض المشاهد الكوميدية في بعض الأفلام ولكن هذه المرة يقدم نفسه نجماً وبطلاً لفيلم كوميدي كامل... بشكل يجعلنا ننتظر منه أدواراً وبطولات لأفلام كوميدية أخري لتكسب الشاشة نجماً كوميدياً مختلفاً عن الآخرين لسبب بسيط أنه لا يقلد احداً فله شخصيته الخاصة وسط نجوم الكوميديا الآخرين".

إذن لم يفاجئ أحمد زكي الجمهور فقط بدوره الكوميدي الجديد في الفيلم بل فاجأ النقاد أيضاً ولكنها كانت مفاجأة جيدة جعلت تقريباً جميع النقاد الذين تصدوا للكتابة عن الفيلم يثنون علي أداء أحمد زكي الكوميدي المتقن وعلي قدراته اللامتناهية علي إثارة الضحك، ولابد أيضاً أن نرصد هنا التجربة بأكملها، حيث جاءت أقرب إلي الكمال الفني وفي وقت سيطرت وهيمنت علي السينما المصرية نوعية الأفلام الجادة التي تمثلها الواقعية الجديدة أو أفلام المقاولات فكان المخرج علي عبد الخالق موفقاً في غدارته وتحقيقه لهذا الفيلم، "كما كان علي عبد الخالق موفقاً في اختيار ممثلي الفيلم، وبالذات أحمد زكي في دور أنور عبد المولي الذي يؤكد بهذا الفيلم قدراته الكبيرة علي أداء مثل هذه النوعية من الأفلام الكوميدية".

* إذن كان أحمد زكي في هذا الفيلم الذي جاء ليخالف تيار السينما الجادة وليعالج ربما نفس المواضيع التي اضطلعت بها افلام الواقعية الجديدة ولكن في قالب كوميدي ساخر، ربما هذا الفيلم وفيلم "البيه البواب" لحسن إبراهيم هما الوجه الساخر والكوميدي لأفلام الواقعية الجديدة، وربما يكون أنور عبد المولي هو الوجه الآخر لعلي، " إذن جاء أداء أحمد زكي نجمه الشمال الأكثر إضاءة بين نجوم السماء جميعها في فيلم علي عبد الخالق فربما اختلف بعض النقاد علي بعض النقاط في الفيلم دون أن ينال هذا الاختلاف أداء أحمد زكي.. فتقول الناقدة خيرية البشلاوي عن الفيلم "الفكرة كما تري كئيبة (فكرة الفيلم) لكن الفيلم عالجها بنزعة ساخرة وفكاهية ساهم في إبرازها أداء أحمد زكي الفاهم لطبيعة وخصائص الدور الذي أداه بقدرة كممثل موهوب وساعده حوار لاذع وفطن لعلي سالم".

**

كما يتضح من النماذج التي اقتبستها واقتبست عنها ـ وهي للعلم مجرد نماذج ـ الاتفاق الكبير بين النقاد علي اداء احمد زكي المبدع في بطولته الكوميدية الأولي.. ومن وجهة نظري أُزيد علي النقاط التي تُشير إلي تميز أحمد زكي في أدائه، بعضاً من نقاط أخري لم يلتفت إليها، وتتلخص في أن أحمد زكي كممثل يقوم بتطويع أدواته وأدائه ليقوم بالأداء في بعض المشاهد بمصاحبة أحد الحيوانات أو ربما الحيوانات كلها فقط دون وجود أي من الممثلين البشريين في المشهد، وذلك أمر صعب وجديد لم يختبره الممثل المصري من قبل، فكما يقولون بلغة الصناعة أنه يمكن للممثل أن يضبط أدائه وفق أداء الممثل الذي يشاركه المشهد.. أما مع الحيوان فالأمر يبدو صعباً جداً.. ومع احتمالات الإعادة المستمرة لأن الحيوان قد يأتي بحركة مخالفة للديكوباج، بشكل قد يفسد اللقطة أو المشهد فهذا يزيد من الضغوط النفسية التي تُثقل كاهل الممثل.

أيضاً لابد أن نضع في الاعتبار المخاوف الشخصية والاحترازات الصحية التي ربما تكون عند الممثل ويتجاهلها للقيام بالدور، وضع في اعتبارك أن الحيوانات غير مدربة فهذا يضاعف كل شئ ويخلق شكلاً من أشكال الخطورة، إلا أنه علي الرغم من كل هذا جاء أداء أحمد زكي متقناً مرتاحاً لايبدو عصبياً، بل ربما ظهر علي العكس، وهذه من النقاط التي أراها في صالح أحمد زكي، إنه الأمر العادي الذي ينتظر منه دائماً ومهما كانت الظروف والملابسات.

البيه البواب: خطوة واسعة أخري نحو الكوميديا

"الميزة الأولي لهذا الفيلم هي التمثيل العبقري لأحمد زكي الذي يعيش كل شخصية تماماً وأياً كانت أبعادها وتنوعها، فهو اكثر ممثلي مصر إكتمالاً وصدقاً وتوهجاً الآن؟

سامي السلاموني ـ مجلة الإذاعة والتلفزيون ـ 1987

هكذا رأي أحد كبار النقاد ـ الناقد الراحل سامي السلاموني ـ فيلم البيه البواب، وهكذا للمرة الثانية يكون أداء أحمد زكي أكثر نقاط الفيلم الكوميدي تميزاً وهو الضيف الجديد علي عالم الكوميديا.

في فيلم "البيه البواب" قصة وسيناريو وحوار يوسف جوهر وإخراج حسن إبراهيم والذي عرض في أواخر شهر أغسطس 1987 يدور حول رحلة عبد السميع الصعيدي الذي يهجر الصعيد إلي القاهرة بحثاً عن فرصة أفضل ويعمل بمساعدة أحد أقربائه بواباً لإحدي العمارات ويبدأ في السمسرة حتي يستطيع بإحدي الحيل، أن يشتري قطعة أرض ويبدأ في بيعها وهكذا حتي يبدأ في رحلة صعوده الطبقي حتي يبدأ في التحكم في مجريات حياة من كانوا بمثابة أسياد له من خلال معالجة ساخرة وكوميدية وكما سبق وأوضحت أنها رحلة صعود طبقي تعتمد في أجزاء كثيرة منها علي الاستغلال والطفيلية.. قصة معتادة لأفلام الواقعية الجديدة المسيطرة وقتها علي السينما المصرية ولكن الجديد أن هذه الرحلة تم معالجتها بطريقة ساخرة وكوميدية.. كما سبق وأوضحنا بأنه الوجه الساخر من أفلام الصعود الطبقي لأفلام الثمانينات.

وكما هو واضح من تفاصيل حكاية الفيلم المساحات التي يمكن أن تثير المواقف المضحكة والكوميديا فهذا هو الصعيدي القح الذي يحتك ويصطدم بالمدنية لأول مرة وها هو أيضاً الصعيدي وهو يحاول اللحاق بركب الصاعدين طبقياً في الثمانينات وها هو يحاول أن يقيم رابطة للبوابين ويصبح بطلاً وزعيماً لأبناء مهنته بشكل جعل الجميع يؤكد أنه "لم يكن يستطيع أن يتحمل بطولة هذا الفيلم سوي فنان قدير هو أحمد زكي الذي أدي دور البواب بتمكن وقدرة فائقة.. لقد اختار أحمد زكي منذ بدايته الطريق الصعب، الشخصيات المركبة التي تتطور مع تصاعد الأحداث وهذا ما حدث مع البيه البواب الفقير المعدم الذي استطاع أن يدخل عالم السمسرة.. وقد أتاح له الفيلم أن يمثل ويغني ويقدم استعراضات مرحة... تمثيل رائع مع خفة ظل غير مفتعلة مع اهتمام بكل تفاصيل الشخصية التي درسها دراسة مستفيضة كما إهتم بكل صغيرة وكبيرة، الجلسة والشكل وطريقة الأداء والسلوك العام للشخصية إن أحمد زكي هو الوحيد بين نجوم السينما الذي لم يكرر حتي الآن شخصية سبق وأن قدمها في فيلم سابق.. استطاع أن يثبت أنه نجم أيضاً في عالم الكوميديا وبدت بجانبه الشخصيات الأخري مكملة لشخصيته"

* أدي أحمد زكي دوراً تكاملت فيه أدواته الجسدية والصوتية ليجيد تقديم شخصية الصعيدي في تصادق مع عالم المدينة، وقد بلغ أحمد زكي من الإجادة للدور ما دفع الناقد أحمد صالح أن يقول "هذا الممثل البلدوزر المدهش يقتحم أي فيلم فيأكله كله ويغوص في اعماق أي شخصية فيبرز ما فيها، ويخترق أي دور فيجسده علي طبيعته، إن أحمد زكي ليس قادراً فقط علي توظيف مشاعره وأحاسيسه لخدمة الدور والشخصية بل وملامحه وشكله ايضاً.. حتي لنتصور أنه يصنع أوداجاً جديدة لوجهه تتناسب مع الشخصية الجديدة أو يضيف لغداً فوق رقبته أو يوسع من محور أذنيه أو فتحتي أنفه!!!

وإذا كنت قد كتبت في هذا المكان من قبل إن أحمد زكي في البريء قد استطاع أن يمثل بقفاه ليوحي أنه نفر نطع في الجهادية فقد رأيته في البيه البواب يمثل بجبهته العريضة ليوحي بها أنه قفل أبله، ساذج، عبيط، قابل للضحك عليه بسهولة، أشاع في نفسي الإحساس بأن جبهته تزداد عرضاً وسلطحة لتوحي بأن خلفها فراغاً كبيراً حيث لا عقل بالمرة. ثم عاد فأشاع في نفسي الإحساس في الجزء الثاني من الفيلم أنها تضيق وتلتف لتحتضن في حذر عقله الذي بدأ يعمل بدقة الكمبيوتر"

**

هذا الاستغلال لسيماء الوجه ـ وهو ما سبق وأوضحناه في الفصل السابق عندما تحدثنا عن سيماء الوجه والجسد للنجم أحمد زكي ـ تكمن وراءه خبرة كبيرة واتقان واطلاع واسع وهو ما مكن أحمد زكي من استغلال تحكمه في تفاصيل وجهه الجسدية ليقنع المشاهد بشخصيته وليثير الكوميديا يستخرج "من طاقاته المختزنة ما أذهلنا وقادنا إلي عتبة النشوة، إن أحمد زكي في دور البيه البواب يحلق إلي أفاق جديدة فوق الآفاق التي وصل إليها في أيام طه حسين وطبال إحسان عبد القدوس"

***

وهكذا قدم أحمد زكي نفسه من خلال خطوتين مفاجئتين كبطل كوميدياً مستغلاً أدواته الأدائية التي سبق وأن جعلته من اهم نجوم وأبطال الصف الأول السينمائيين، مستغلاً هذه الأدوات ليطرح نفسه كممثل كوميدي من الطراز الأول، وتعددت بعدها خطواته الكوميدية، ولكن علي استحياء محققاً كل مرة نجاحات تجعلك تغادر الفيلم حتي لو اعترفت أحياناً بتواضع مستواه الفني مثل فيلم "سواق الهانم" الذي لم يعكس قدرات غير عادية كما تعودنا منه من قبل، لكن يظل أحمد زكي مبدعاً بشكل يستحق التقدير، ليصبح إحدي أهم قيم السينما المصرية، وخاصة سينما الواقعية الجديدة.

جريدة القاهرة المصرية بتاريخ 29 مارس 2005

 

ملف أحمد زكي

أحمد زكي يعود إلى القاهرة لاستكمال علاجه فيها

أحمد زكي أستاذ يحلم النجوم بالوقوف أمامه

حكاية صراع الامبراطور مع الالام في الغربة

الفنانون العرب والمصريون يلتفون حول أحمد زكي

محمد هنيدي:أحمد زكي مقاتل مملوء بالإيمان والتفاؤل

تصوير الضربة الجوية بعد الشفاء مباشرة

مديرة منزل احمد زكي تبحث له عن زوجة

ملف أحمد زكي

طارق الشناوي يكتب:

فيلم «حليم» مجرد «صفقة» وليس مشروعا خيريا لإنقاذ أحمد زكي

منال العارف بكت علي الهواء وهي تذيع رسائلها عن النجم الأسمر في البرنامج العام يوميات مراسلة إذاعية نقلت مقر إقامتها إلي غرفة أحمد زكي

كرم محمود عفيفي  

منذ أسابيع قليلة أذاعت إحدي القنوات الفضائية تنويها يحمل أخبارا غير سارة تتعلق بحياة الفنان الكبير أحمد زكي في بداية مرضه الأخير فأسرعت إلي الريموت لاتنقل بين القنوات الفضائية مرارا وتكرارا لعل الأمر يزداد وضوحا ببرنامج أو بلقاءات مع أطبائه توضح لملايين المشاهدين الحالة الصحية للنجم أحمد زكي ولكن للأسف لم أجد ما أريد، وفجأة تناهي إلي سمعي عبر موجات الأثير صوت ملائكي حزين ينقل للمستمعين لحظة بلحظة من إذاعة البرنامج العام الحالة الصحية الحقيقية لأحمد زكي في سبق إذاعي أعاد لي مرة أخري الثقة في إذاعتنا.. فعلي مدار يومين استطاعت المذيعة الموهوبة منال العارف أن تقدم رسائل يومية في تغطية إخبارية شاملة أعادت بها البسمة إلي شفاه ملايين من عشاق النجم الأسمر حينما علموا باستقرار حالته الصحية نسبيا عبر لقاءات مع نجله هيثم وأقاربه وأطبائه.. لذلك كان هذا اللقاء أو تللك المشاعر الجياشة التي ستحكيها لنا المذيعة الموهبة منال العارف من وجهة نظرها الخاصة كمذيعة يوميات ـ أو يشبه اليوميات ـ مراسلة إذاعية في مهمة إنسانية جدا دون تدخل مني ولنبدأ من البداية.

الأربعاء 9 مارس

أذاعت إحدي القنوات الفضائية تنويها يحمل أخبارا غير سارة تتعلق بحياة النجم أحمد زكي فكان لزاما علينا أن نوضح للمستمعين حقيقة الأمر لذلك تكون فريق عمل إذاعي من منوعات البرنامج العام كنت أنا واحدة منه.. وصلنا إلي المستشفي فوجدنا كل القنوات التليفزيونية والمحطات الإذاعية سواء عامة أو خاصة موجودة في مستشفي دار الفؤاد، وبالتالي أصبحت المهمة أصعب مما تصورنا فالضيف الواحد ستقاسمه عشرات الفضائيات والإذاعات حتي نستطيع الحصول منه علي لقاء عابر ومن هنا تأتي المعاناة فهذا الضيف المشطور يجب أن تقنعه أولا بالتسجيل ثم تتصل باستديو الهواء حتي تكون معهم علي الهواء قبل أن يختطف هذا الضيف لقناة فضائية أو لإذاعة خاصة وهذه المغامرة مغامرة إقناع الضيف لا تأتي بسهولة بل يجب أن تكون لديك ثقة في النفس لكي تستطيع أن تستحوذ علي اهتمام الضيف فلا يتركك لأي سبب.

حينما وصلت إلي المستشفي كان علي أن أجد سبيلا مختلفا عن الآخرين حتي أحصل علي أخبار يأخذها الجميع فما سيقوله بيان مطبوع أو مدير المستشفي سيـأخذه الجميع فكان لابد من التقرب من موظف المستشفي ومن طاقم التمريض وموظفي الأمن والعمال وعن طريقهم ستصل إلي أخبار متميزة وخاصة جدا وبالفعل استطعنا في اليوم الأول أن نقدم تغطية شاملة بثت الأطمئنان في قلوب الملايين ممن يريدون معرفة حالة النجم الكبير أحمد زكي لقد دخلت منزلي في هذا اليوم بعد منتصف الليل وذهبت إلي المستشفي في اليوم التالي.

الخميس 10 مارس

في السابعة والربع تقريبا كنت أجلس في بهو الاستقبال بالمستشفي حينما دخل علي موظف الاستقبال فاندهشوا من وجودي في هذا الوقت واقسموا فيما بينهم أنني لم أغادر المستشفي منذ الأمس لكي أحصل علي سبق إذاعي. في هذا اليوم وقبل أن أخرج من منزلي اتصلت بالزميلين حمدي عبدالمجيد وإيمان عبدالحليم لأنسق معهما كيف سنكون معا علي الهواء في هذه الفترة الصباحية التي تكون نسبة الاستماع فيها مرتفعة جدا فوجدت من حمدي وإيمان كل الحماس والملاحقة عبر تليفوني المحمول.. في التاسعة إلا ربع حدثت المفاجأة فلقد شاهدت هيثم نجل الفنان الكبير أحمد زكي وهو يصطحبه إلي الحديقة للترويح عنه والسؤال الآن كيف سأخترق تلك الحواجز الأمنية لكي أصل إلي النجم وإلي نجله أيضا وعلي الفور خرجت من باب المستشفي إلي الحديقة من الخارج حتي يبدو الأمر وكأنني من المتواجدين في المستشفي وأقوم برياضة التمشية في المستشفي ولا استطيع أن أصف مشاعري حينما وجدت نفسي وجها لوجه أمام عصفور الجنة أحمد زكي وقدمت رسالتي في ذلك اليوم إذ ذكرت أن أمامي الآن الفنان الكبير أحمد زكي في حديقة المستشفي علي كرسيه المتحرك بصحبة ابن خاله الفنان التشكيلي سمير عبدالمنعم ونجله هيثم وطبيبه الخاص بالعلاج الطبيعي ولكن كان لابد أن أدعم ما أقوله بأقوال شخص آخر حتي يتأكد المستمع من صحة الرسلة كذلك جاءت الرسالة الثانية علي لسان ابن خاله سمير عبدالمنعم المقيم معه دائما بالمستشفي لكي يطمئن الجماهير علي صحة النجم وأثناء تلك الرسالة أو بعدها وأنا لا تفصلني عن النجم الأسمرالكبير إلا بضع سنتيمترات فجأة اجهشت بالبكاء ولم اتمالك نفسي ألم أقل لكم إنه عصفور من الجنة استطاع أن يغرد عبر سنوات طويلة من الكفاح والمعاناة بألحان شجية ستظل محفورة في ذاكرة الملايين من عشاقه ومحبيه الذين تدقوا بالعشرات وبالمئات حول المستشفي، فهذا مهندس ديكور ترك عمله وجاء إلي المستشفي للاطمئنان علي صحته حاملا معه أدعية مطبوعة قام بتوزيعها علي الجميع لعل الله يفرج عنه كربته وذاك معجب ترك عمله وأخذ إجازة لمدة ثلاثة أيام لكي يطمئن علي نجمه المفضل يأتي في الصباح ولا يترك المستشفي إلا في العاشرة مساء موعد انتهاء الزيارة وهناك عشرات من القصص الإنسانية التي وجدتها أمامي وهي إن دلت فإنما تدل علي مدي عشق المصريين لهذا النجم الأسطورة.. لقد نجحت في هذا اليوم أيضا في تسجيل حي مباشر مع هيثم نجل الفنان الكبير وإقناعه بالتسجيل مع الإذاعة لكي يطمئن المستمعون علي النجم وعلي حالته الصحية وفي هذا اليوم أيضا استطعنا اختراق الحواجز الأمنية بمساعدة ابن خالة الفنان أحمد زكي فكنت المراسلة الوحيدة التي استضافت الطبيب المعالج وأمامه أحمد زكي وبجواره الفنانة شهيرة والفنانة رغدة وبطل العالم المصارع كرم جابر.. لقد كانت مهمة شاقة لكنها بحمد الله أصبحت يسيرة بفضل دعاء أمي لي الذي تذكرته كلما انتهت مشكلة وأرسلت رسالة صوتية تبعث الأمان في نفوس الملايين من عشاق أحمد زكي لقد تذكرت دعاء أمي الدائم لي وهو: «إلهي يحبب فيك خلقه».. فأخذت أدعو له. هامش جانبي مهم في المذكرات

لقد سقط سهوا من ذاكرتي حتي حين أن أطمئن علي ابنتي آمال وابني أحمد وزوجي المخرج الإذاعي علي عبدالعال بحكم ما كنت فيه انتهت كلمات المراسلة ولكن لم تنته الدلالات التي تستطيع أن تستخرج منها شواهد تدل علي إمكانية حدوث الريادة المزعومة حينما تتاح الحرية للإعلاميين وإعطاء الفرصة للكوادر الشابة كمال العارف لإثبات قدراتهم.

فالإذاعة كما يعرف الجميع مثقلة بالمشاكل التي تنتظر حلا من الوزير النشيط أنس الفقي وزير الإعلام فهذه رسالة موجه له للاهتمام بالإذاعة وتطوير أدائها وتفعيل رسالتها وتحديثها وتنقية الإذاعة ودروبها الضيقة ممن يريدون اغتيالها وتكفينها وإحالتها إلي المعاش المبكر فإذا كان التليفزيون هو عقل ماسبيرو فإن الإذاعة هي روحها.

جريدة القاهرة المصرية بتاريخ 29 مارس 2005

صور لأحمد زكي

كل شيء عن أحمد زكي

شعار الموقع (Our Logo)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

* كلام عماد أديب لم يكن ليجرؤ أحد أن يصرح به وأحمد زكي في حالته الطبيعية، لأنه يتضمن إهانة للنجم الكبير

* لا أحد يعرف مصير الفيلم.. والغموض يحيط به خاصة مع صمت محفوظ عبدالرحمن وشريف عرفة أول خبر موثق عن حالة أحمد زكي انفردت به إذاعة نجوم F.M بعد أن أصدر وزير الصحة د. عوض تاج الدين تقريرا عن انتشار الورم الخبيث في جسده.. استمعت للخبر قبل أكثر من ثلاثة أسابيع في تلك الإذاعة الشبابية الجماهيرية واستوقفني أن الخبر أضيفت له عبارة، وجدير بالذكر أن «أحمد زكي» قد انتهي من تصوير 90% من مشاهد فيلم «حليم»!! وهذه المحطة يملكها الإعلامي «عماد الدين أديب» منتج فيلم «حليم»!!

استشعرت شيئا غريبا في الخبر.. لأن انتشار الورم وإصدار بيان رسمي لا يتيح لأحد أن يسأل عن مصير فيلم «حليم».. إن مصير «أحمد زكي» بالطبع هو الذي يأخذ اهتماما ومشاعر، ولا يمكن أن يضاف تعبير وجدير بالذكر!!

في البداية اعتبرت أن الأمر مجرد ـ فذلكة ـ من المذيع وما أكثر تلك ـ الفذلكات ـ في ظل القنوات التليفزيونية والمحطات الإذاعية!!

إلا أن الحكاية لم تتوقف عند هذا الحد.. كل تصريح خاص بالحالة الصحية لـ«أحمد زكي» يعقبه تصريح يطمئن الجمهور علي فيلم «حليم» حتي حالة غياب أحمد زكي.

أصبحت المعركة التي نشاهد فصولها الأخيرة حاليا ليست حياة أحمد زكي ولكن مصير مشروع فيلم «حليم»!!

ولن أجادل في أن «أحمد زكي» صور 90% أو حتي 100% من مشاهد الفيلم لأن تلك قضية لا يملك أحد التشكيك فيما تعلنه جهة الإنتاج، وذلك انتظارا لما نراه علي الشاشة إلا أنني لاحظت أن كل المشاهد التي ذكرت أن أحمد زكي صورها علي لسان جهة الإنتاج.. كل هذه المشاهد تصور معاناة عبدالحليم حافظ في سنواته الأخيرة..وفيلم «حليم» يروي كل حياة عبدالحليم وليست أيامه الأخيرة وصراعه فقط مع المرض، فهل كتب محفوظ عبدالرحمن مخلا بإيقاع السيناريو 90% من مشاهد فيلمه عن أيام عبدالحليم الأخيرة متجاهلا أهم مراحل حياته وكفاحه ومنذ نهاية الأربعينيات وحتي الخمسينيات أعتقد أن هذا لا يمكن تصديقه علي كاتب بحجم وفكر محفوظ!! لاحظت أيضا أنه توجد تعليمات مشددة لكل النجوم والنجمات الذين شاركوا «أحمد زكي» في بطولة الفيلم أن يعلنوا في كل اللقاءات الصحفية والإذاعية والتليفزيونية أنهم صوروا كل لقطاتهم في حين أنهم في حواراتهم الشخصية ـ غير المسموح فيها بالنشر ـ يؤكدون أن القليل فقط هو الذي تم تصويره أو أنهم لم يصوروا شيئا علي الإطلاق مع أحمد زكي!! لاحظت أيضا أنه قد تردد اسم هيثم أحمد زكي لاستكمال دور أبيه في مرحلة شباب عبدالحليم التي لم يمثلها «أحمد زكي» وفي البداية اعتبرت الأمر مجرد اجتهاد صحفي إلا أنني قرأت أكثر من تصريح علي لسان عماد الدين أديب يؤكد فيه أن هيثم سوف يكمل الدور للتشابه بينه وبين أحمد زكي في الملامح وتعجبت أولا هل يؤدي هيثم دور أحمد زكي أم دور عبدالحليم!! والمهم أن يتشابه مع عبدالحليم وليس أحمد زكي! الملاحظة الثانية من الذي قال إن هيثم يملك موهبة فن الأداء حتي لو كان يتشابه في الملامح مع أبيه فلا يوجد توريث في مجال الفن! الملاحظة الثالثة أن هيثم نفسه نفي ذلك رغم تأكيد عماد والرابعة أن هذا هو دور المخرج شريف عرفة الذي لم يعلق لا بالتأكيد ولا بالنفي!

ثم توالت بعد ذلك المفاجآت الخاصة بالفيلم منها أن المخرج يصور بثلاث كاميرات بثلاث زوايا حتي تتسع أمامه القدرة في المونتاج علي الاختيار بين ثلاث زوايا رغم أن الفيلم السينمائي عادة يصور بكاميرا واحدة.

وتذكرت أن أول إعلان رسمي أصدرته الشركة المنتجة عن الفيلم هو أنه يتم تصويره كمسلسل وفيلم في نفس الوقت، وفي التصوير التليفزيوني يتم الاستعانة بثلاث كاميرات ولكني استبعدت وقتها علي صفحات «روزاليوسف» أن يتم استثمار أحمد زكي في فيلم ومسلسل معا لأننا نصبح في هذه الحالة أمام مشروع استثماري وليس عملا فنيا.. لأن قانون الإخراج السينمائي يختلف تماما عن الرؤية التليفزيونية علي الورق وأيضا في «الديكوباج» تقطيع اللقطات.. وأغلب الظن هو أن شريف عرفة أصر ألا يجهد أحمد زكي في التصوير أمام أي احتمال خطأ ما نظرا لظروف أحمد زكي الصحية ولهذا كان ينبغي أن يستثمر الوقت القادر فيه أحمد زكي علي الوقوف أمام الكاميرا أو الجلوس أو حتي الارتماء علي السرير أمامها لتصوير مشاهد معاناة حليم مع المرض موازية لآلام أحمد زكي مع المرض!وينبغي فقط التوقف أمام قاعدة فنية مهمة جدا وهي أن أداء دور المريض بصدق وإبداع يحتاج أن يستدعي الممثل لحظات معاناة من الذاكرة الإبداعية لا أن يعيش هو هذه اللحظات في الواقع.. إن في إبداع الممثل هو في هذا الهامش المحدود جدا بين قانون الحياة وقانون الفن.. الحياة تصبح مادة خام ثرية في إطار الفيلم التسجيلي لكنها لا تقدم مباشرة في فيلم روائي في هذه الحالة تصبح نغما نشازا في العمل الروائي.. ولكن علينا أن ننتظر حتي ينتهي العمل الفني لنصدر حكما فنيا بعد المشاهدة.. إلا أن حكايات الفيلم المثيرة لم تتوقف لأنني قرأت علي لسان مدير إنتاج الفيلم «عادل أديب» شقيق عماد أن هناك خطتين أعدتا لتصوير الخطة ألف والخطة باء.. الأولي تنفذ في حالة حياة أحمد زكي والثانية في غيابه.. وأنهم مازالوا ملتزمين بالخطة «ألف» علي الأقل حتي كتابة هذه السطور!

أي أن مدير الإنتاج يعترف أنهم وضعوا في خطتهم لإنتاج الفيلم أن احتمال غياب أحمد زكي أو عدم قدرته علي التصوير واردة جدا، ولهذا فإن هناك خطة بديلة لا نعرف بالطبع تفاصيلها لكنها في النهاية تؤكد علي أن جهة الإنتاج مدركة تماما أن حالة أحمد زكي حرجة جدا منذ أن وقع عقد تنفيذ الفيلم!! ولا استطيع أن أوجه اللوم المباشر للإنتاج عندما يتم تصوير فيلم لفنان في مرحلة صحية حرجة وذلك لأن هناك فريقا طبيا من مستشفي دار الفؤاد هو المسئول الأول عن التصريح لأحمد زكي بالوقوف أمام الكاميرا ولا يمكن أن يسمح الطبيب للمريض حتي ولو كان هذا المريض نجما مثل «أحمد زكي» بارتكاب خطأ يؤدي بحياته.. رغم يقيني الشخصي بأن التمثيل بالنسبة لفنان مثل أحمد زكي مرتبط بجهازه العصبي وأنه يجهد نفسه كثيرا ويضع كل ما لديه من طاقة أثناء حالة التشخيص إلا أنني سوف أتنازل طواعية أمام كل ذلك لأن المسئول الأول والأخير عن التصريح لأحمد هو الفريق الطبي وهؤلاء يحكمهم ضميرهم المهني ولهذا سمحوا لأحمد زكي بالتصوير ليس استجابة لإرادة أحمد زكي ولا لإرادة عماد الدين أديب ولكن لأن التمثيل لا يؤثر علي الحالة الصحية سلبا علي أحمد زكي بل طبقا لما أعلنوه التـأثير إيجابي!

ولهذا سوف أقفز مباشرة فوق هذه النقطة لكي أتابع كلمات «عماد الدين أديب» عن الفيلم وأحمد زكي وهو يؤكد مرة بلسانه ويؤكد أصدقاؤه الصحفيون عشرات ومئات المرات بلسانهم أنه يقدم هذا الفيلم حبا في أحمد زكي وليس من أجل استثمار أحمد زكي.. وأن هذا المشروع خاسر لا محالة لو كان الهدف هو التجارة لكن الصداقة بين أحمد زكي وعماد هي الهدف من المشروع! أولا هذا الكلام لم يكن يجرؤ عماد أو غير عماد علي التصريح به وأحمد زكي في حالة وعي كامل لأن هذه الكلمات تهين أحمد زكي الذي يبدو أمام الرأي العام ينتظر مشروعا لإنقاذه، حيث إن عماد لم يقدم عملا خيريا لأحمد زكي ولا لابنه هيثم عندما وقع معه عقد تصوير هذا الفيلم أو أفلام قادمة أخري من المؤكد أن عماد كرجل يعمل في ـ بيزنس ـ الإعلام والإنتاج الفني يعلم تماما أن فيلم «أحمد زكي» صفقة مربحة له كمنتج أولا وبالمناسبة هذا لا يتعارض مع إقرارنا بأن عماد صديق شخصي لأحمد.. ولكن علينا أن ندرك أن عماد صاحب شركة جود نيوز.. تعاقد مع أحمد زكي لكي يقدم صفقة مربحة للشركة وفي نفس الوقت فإن أحمد زكي لم يجامل عماد أديب ويتنازل عن أجره، ووافق علي الصفقة وحصل علي المقابل المادي الذي أراده!!

الطرفان تعاملا في إطار المشروع الاقتصادي إلا أن عماد الدين أديب ربما لإحساس غامض بالذنب أو بالخوف من أن يتهمه أحد باستثمار أحمد زكي يسارع بالتأكيد علي أنه تعامل معه فقط كصديق وأن الصفقة ماديا خاسرة.. عماد أديب لا يهين فقط أحمد زكي كصديق ولكنه يهين أيضا. عقولنا.. كانت وصية أحمد زكي في كلماته الأخيرة قبل أن يذهب في غيوبة أرجوكم لا تهينو أحمد زكي وأتمني من عماد الدين أديب أن يعمل بوصية أحمد زكي!!

في قانون الملاكمة يمسك المدرب بـ«فوطة» يلقيها علي اللاعب أثناء الجولة لينهي بها المباراة إذا وجد أن هناك خطرا ما يهدد حياة اللاعب إذا أصر علي استكمال «الجولة».. هل تأخر عماد في إلقاء «الفوطة» علي صديقه «أحمد»!!

جريدة القاهرة المصرية بتاريخ 29 مارس 2005