حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

عادل إمام في مواجهة التشدد الديني ضد الفن

"الزعيم".. حكاية عن المسرح والسينما والدراما والمحاكم وإهدار الدم

كتب محمود التركى وشيماء عبد المنعم

·         عادل إمام من بهجت الأباصيرى إلى الزعيم

·         دور "جمعة الشوان" علامة درامية تبرز الدور البطولى للمخابرات العامة المصرية

·         صاحب ظاهرة استمرار العرض المسرحى لسنوات طويلة

رحلة طويلة مع الفن قضاها الزعيم عادل إمام، ليكون واحداً من أكبر العلامات الفنية العربية، طريق إلى النجومية بدأه إمام منذ سنوات طويلة، عرضته للعديد من المواقف الصعبة والتكفير ورفع الدعاوى القضائية، خاصة من التيارات الإسلامية المتشددة التى لم يتوان فى نقدها وتعريتها أمام المجتمع، فى ذروة صعودها واستخدامها العنف حتى الآن/ ما جعله معرضاً للسجن بسبب أعماله التى تمثل عدداً منها علامات فى تاريخ السينما والفن فى مصر

عادل إمام بدأت شهرته فى منتصف سبعينات القرن العشرين، بدور بهجت الأباصيرى فى مسرحية "مدرسة المشاغبين"، قبلها قدم أدواراً عديدة. ومنذ ذلك الوقت يعتبر واحداً من أهم الممثلين العرب، والأكثر شعبية فى تاريخ السينما المصرية، قدم أكثر من مائة فيلم. اشتهر بأدوار الكوميديا الممزوجة بالطابع السياسى، تأخذ بعض أعماله منحنى الجرأة وتثير ضجة وجدلاً لنقاشه لقضايا اجتماعية وسياسية ودينية مهمة.

ولد فى 17 مايو 1940 فى قرية شعا مركز دكرنس المنصورة، وتخرج من كلية الزراعة التى تخرج منها الكثير من الفنانين المصريين، بدأ حياته الفنية على مسرح الجامعة ومنها إلى النجومية

أصبح ممثلاً معروفًاً فى مرحلة السبعينيات من خلال أفلام "البحث عن فضيحة" مع ميرفت أمين وسمير صبرى و"عنتر شايل سيفه" و"البحث عن المتاعب" مع الفنان الكبير محمود المليجى و"إحنا بتوع الأتوبيس" وهو فيلم ذو طابع سياسى، ولكنه تميز بالأدوار الكوميدية، وحقق أعلى الإيرادات عام 1979 فى فيلم "رجب فوق صفيح ساخن".

تلت ذلك مرحلة السيطرة والتربع، ليصبح إمام نجم شباك التذاكر الأول فى حقبة الثمانينات، مثل فيها شخصيات كوميدية جسد فيه دور المواطن المصرى بمختلف مراحله ومستوياته، مثل الشاب المتعلم أو الريفى البسيط، وتصدى لقسوة الحياة فى أفلام مثل "المشبوه" و"المتسول" و"كراكون فى الشارع" و"احترس من الخط" و"خلى بالك من عقلك" و"خلى بالك من جيرانك" و"شعبان تحت الصفر" و"البعض يذهب للمأذون مرتين". وفى نفس الفترة لعب أدواراً أكثر جدية لينافس فيه ممثلى جيله المميزين أحمد زكى ومحمود عبد العزيز ونور الشريف، ووجد ترحيباً من النقاد فى أفلام "الأفوكاتو" و"حب فى الزنزانة" مع سعاد حسنى و"الهلفوت" و"حتى لا يطير الدخان" مع سهير رمزى و"الغول" مع وحش الشاشة فريد شوقى.

واصل عادل إمام نجاحه التجارى فى أفلام الأكشن وأكثر ضخامة على المستوى الإنتاجى مثل "النمر والأنثى" و"المولد" و"حنفى الأبهة".

مع بداية التسعينات أخذت أفلامه الصبغة السياسية الاجتماعية التى تعكس اهتمامات رجل الشارع العادى فى المجتمع المصرى والعربى بشكل كوميدى ساخر، وشكل فريق عمل ناجح جداً مع السيناريست وحيد حامد والمخرج الشاب شريف عرفة، تارة يناقش الإرهاب فى أفلام "الإرهابى" و"الإرهاب والكباب"، وتارة يناقش الفساد فى أفلام "المنسى" و"طيور الظلام".

وحقق نجاحاً كبيراً فى السنوات الأخيرة على المستوى المحلى والعالمى فى دور "زكى الدسوقى" فى فيلم "عمارة يعقوبيان" الذى أشاد به النقاد العالميون. وعرض الفيلم فى عدة مهرجانات عالمية وفى مهرجان تريبيكا السينمائى الدولى فى نيويورك. وتلته نجاحات فى أفلام "مرجان أحمد مرجان" و"حسن ومرقص" مع النجم عمر الشريف، و"بوبوس" مع الفنانة يسرا، و"زهايمر" مع نيللى كريم.

تم اختياره عام 2000 سفيراً للنوايا الحسنة فى المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وبذلك كثيرًا ما تعرّض للانتقادات والجدل؛ حيث وجّهت له انتقادات من بعض الإسلاميين اتهموه بأنه يستهزئ ببعض الجماعات الدينية، كما فى مسرحية "الواد سيد الشغال"، ومواجهة التطرف الدينى وتقديمه أدواراً عن الجماعات الإرهابية كما فى فيلم "الإرهابى"، وهجومه على الإسلام السياسى ويتهمه بالتحريض على العنف فى فيلم "طيور الظلام"، أيضا انتقده البعض لاحتواء بعض أفلامه على مشاهد "خادشة للحياء" حسب وصفهم.

وأيضا انتقد لاستئذانه من البابا شنودة رئيس الكنيسة الأرثوذكسية القبطية المصرية، لكى يقوم بدور قسيس فى فيلم "حسن ومرقص"، بينما انتقده آخرون لذات السبب ولأنه حسب بعض المنتقدين "لم يستأذن الأزهر فى أى من أعماله السابقة بشأن أدواره التى تناول فيها قضايا تخص التيارات الدينية الإسلامية".

ولا شك أن عادل إمام أحد أبرز النجوم الذين تعرضوا للهجوم من التيارات الدينية، رغم أنه حاول كثيراً أن يقدم رسالة إلى العالم حول سماحة الإسلام، بل أنه فى عز صعود موجات الإرهاب الدينى حرص على أن يزور محافظة أسيوط لمواجهة جموع الشباب المتشدد، والذى هاجم من قبل فرقة "ساحل سليم"، وأعلن "إمام" تحديه، وذهب مع فرقته ليقدم مسرحية "الواد سيد الشغال"، كما تعرض الزعيم لاتهامه بالردة عن الإسلام فى فيلم "حسن ومرقص"، وتم اتهامه بالكفر من قبل بعض المتشددين، بل إن جماعة سلفية بالجزائر أصدرت فتوى بإهدار دمه عقب تصريحاته وتوجيه النصائح لمختلف فصائل المقاومة الفلسطينية بالتوحد فى خندق واحد، والالتفاف حول شعبهم الذى يتعرض للذبح اليومى بقطاع غزة، جراء الهجوم الإسرائيلى عليهم، بدلاً من انشغالهم بالاختلاف، وهو الأمر الذى أغضب العديد من الفنانين وقتها، حيث دافعوا عن عادل إمام، ونظمت وقتها نقابة المهن التمثيلية برئاسة أشرف زكى وقفة تضامنية مع الزعيم.

ويتعرض "إمام" دائمًا لذلك الهجوم على الرغم مما قدمه من أعمال يزخر بها مشواره الفنى الملىء بروائع وأعمال سينمائية ومسرحية مهمة أبكت وأضحكت الجمهور المصرى والعربى، ويتذكرها الجميع، بل إن البعض يحاول أن يحاكيها، ويأتى فى مقدمتها دور "جمعة الشوان"، رجل المخابرات المصرية فى مسلسل "دموع فى عيون وقحة"، والذى يعد أحد أبرز الأعمال الدرامية التى تناولت الدور البطولى للمخابرات العامة المصرية.

وكان "إمام" بدأ مسيرته الفنية بانضمامه لفرقة التليفزيون المسرحية عام 1962، وهو لا يزال طالبا بالجامعة، وكانت الأدوار صغيرة وقتها لكنها لفتت الأنظار إلى موهبته كممثل كوميدى، وقدم مسرحية "أنا وهو وهى" عام 1962، ثم اشترك فى العديد من المسرحيات، حتى جاءت مسرحية "مدرسة المشاغبين"، والتى استمر عرضها من عام 1971 إلى 1975، وواصل ذلك النجاح فى مسرحية "شاهد مشافش حاجة" ليستمر عرضها 7 سنوات، وتبعها بمسرحية "الواد سيد الشغال" التى واصل من خلالها ظاهرة استمرار العرض المسرحى لعدد من السنوات الطويلة، دون غيره من الفنانين فى ذلك الوقت، حيث استمرت مسرحية "الواد سيد الشغال" حوالى 8 سنوات، ثم مسرحية "بودى جارد"، وغيرها من الأعمال.

اليوم السابع المصرية في

27/04/2012

 

الفنانون يرحبون بالمسيرات ضد الحكم على عادل إمام

كتب - عمرو صحصاح 

أعلن عدد من الفنانين استياءهم وغضبهم الشديد من منطق محاسبة الفنان على آرائه السياسية والاجتماعية، وإبداعه الفنى والفكرى، مؤكدين أن هذا من سمات الدول المتخلفة، ويؤدى إلى تقييد حرية الإنسان بشكل عام، وليس الفنان والمبدع فحسب، ورحبوا جميعهم بالمسيرات لوقف الأحكام التى وصفوها بأنها إهانة للفنان، خاصة بعد صدور حكم حبس عادل إمام، والحكم ضد عدد من المبدعين والمخرجين بتهمة الإساءة إلى الديانة الإسلامية، وهما الكاتبان وحيد حامد ولينين الرملى، ومن المخرجين نادر جلال، وشريف عرفة، ومحمد فاضل.

النجم صلاح السعدنى وصف المسيرات بالخطوة الجيدة، معلقا على الأحكام بأنها «الكارثة الحقيقية» التى تشكل خطرا جسيما على حرية الفنان المصرى، وتؤكد أن الفنانين والمبدعين وكل العاملين بالفن مقبلون على أيام سوداء، موضحا أن ما يدور فى الوقت الحالى شىء غير منطقى بالمرة، لأن مصر ليست إيران أو أفغانستان، لافتا إلى أن التيارات الإسلامية فى مصر تريد القضاء على الفن وهيبة الفنان، معربا عن أسفه من الحكم على عادل إمام، خاصة بعد تأكيد العديد من المستشارين القانونيين أن الفنان أو المبدع غير مسؤول عما يقدم، لوجود الرقابة على المصنفات الفنية، وهى التى سمحت بخروج هذه الأعمال، مشيرا إلى أنه لولا صحته التى تمنعه من المشى الكثير لشارك فى هذه المسيرات التى تطالب بحرية الفنان، وتدافع عن حقوقه، بعد أن أراد البعض أن يسلبها فى الفترة الأخيرة.

وأضاف السعدنى: «مصر هى بلد الفنون، ولن نسمح بأى شخص متطرف دينيا أن يصادر على الفن الذى يقدم، ومصر تميزت وسط الدول العربية بفنها الهادف، فهى بلد نجيب الريحانى وأم كلثوم وإحسان عبد القدوس ونجيب محفوظ».

وقال النجم حسين فهمى: «إننا بهذا الشكل لا نسير على خطا الدول المتقدمة، بل نعود إلى الخلف، خاصة أن الفن هو أساس الحضارة المصرية، وجميع الدول المتقدمة تقدس الفنون وتحترم العاملين بها»، ورحب فهمى بالمسيرات التى خرجت للدفاع عن كرامة وحرية الفنان.
وترى النجمة إلهام شاهين أن هذه قضايا وهمية، وحدثت كثيرا فى السابق، وفى النهاية يحصل أصحابها على البراءة، مشيرة إلى أن أصحاب هذه القضايا ما هم إلا أشخاص معقدون يبحثون عن الشهرة، معلنة رفضها لهذه المسيرات، خاصة أنها ستكون ضد القضاء، وأنه لابد من احترام القضاء المصرى.

أما الكاتب الكبير يسرى الجندى فأكد أنه لولا حالته الصحية التى تمنعه من الخروج لكان أول المشاركين فى هذه المسيرات، وقال الجندى إنه ليس من حق أى شخص أن يصدر حكما على الفنان لتقديمه عملا فنيا، أو على المبدع لإبداعه، خاصة فى ظل وجود الرقابة على المصنفات الفنية، وهى الجهة الرسمية التابعة للحكومة المصرية، والتى كان بإمكانها أن تمنع هذه الأعمال فى حالة إساءتها لأى شىء.

ووصف الجندى هذه المحاكمات بالمؤشر المدمر للفن المصرى الذى يجب التصدى له بكل قوة، لافتا إلى ترحيبه بالمسيرات التى لم تقتصر على الفنانين فحسب، بل ستجمع جميع فئات المجتمع المصرى، لأن الشخصية المصرية بطبيعة الحال ترفض التطرف، ولكنها تميل وتعشق الوسطية، مؤكدا أن المحاكمة بالأثر الرجعى ما هى إلا «مسخرة».

ويرى الفنان حسن يوسف أنه من حق الفنان أن يعبر عن رأيه ويرفض إهانته، خاصة بعد محاولة تقييد حرية الفنون والإبداع، لأن الفنان مثل السياسى، وجوده على الساحة مهم، ومن حقه أن يقدم مايراه دون تقييد حريته، حتى يخرج خبايا المجتمع على الشاشة.

وأكد الفنان عزت العلايلى خطورة محاكمة الفنان على فنه والمبدع على إبداعه، موضحا أن هذا سيعيد مصر إلى العصور الوسطى، داعيا لأصحاب المسيرات التى ترفض المزايدة على الفنانين وحرية إبداعهم بالنصر العظيم، مؤكدا أن مصر هى أساس حرية الإبداع والفنون، وأن الفنون والآداب أحد أضلاع الحضارة المصرية.

وقال الكاتب والسيناريست كرم النجار إن ما يتعرض له الفن والفنان والمبدع المصرى بشكل عام يحتاج لثورة كبيرة، وليس مجرد مسيرة، وأضاف النجار أن هذه الأحكام تشكل خطرا جسيما على حرية الإنسان المصرى بشكل عام وليس الفنان فحسب، وتابع النجار: «هذا تقييد للحرية نحن نرفضه الآن»، مؤكدا أن الفنان هو الذى جعل مصر تتميز فى المنطقة العربية، وأن حرية الإبداع مثلها مثل حق المواطنة، وأن الإسلام لم يأت ليكون قيدا على البشر ولكن جاء لحرية البشر.

اليوم السابع المصرية في

27/04/2012

 

حبس الزعيم يهدد السينما والثقافة ويعيد مخاوف الحسبة

كتب أكرم القصاص 

جدد الحكم الصادر على الفنان عادل أمام، واتهامه بازدراء الإسلام، الحديث عن دعاوى الحسبة، التى طالب القانونيون بإلغائها، خاصة وأنها تحول الآراء الشخصية إلى أحكام قضائية. فقد صدر حكم المحكمة ضد إمام بأنه يزدرى الإسلام، لأنه قدم عددا من الأفلام انتقد فيها شخصيات متعصبة، ولم يتعرض للإسلام. ففى أفلام مثل طيور الظلام أو الإرهابى أو حسن ومرقص، كانت الأعمال تدور حول انتقادات لشخصيات من تيارات سياسية، توظف الدين لارتكاب أعمال قتل وتكفير.

وقد جاءت الأفلام فى وقت تصاعدت فيها أعمال العنف، حيث أقدمت جماعات دينية على اغتيال الدكتور فرج فودة بعد خلافاته الفكرية مع عدد من مفكرى الإسلام، واعترف قتلته أنهم لم يقرأوا كتبه، لكنهم علموا بفتوى إهدار دمه، كما أقدمت جماعة أخرى على اغتيال الكاتب العالمى الراحل نجيب محفوظ، واعترف قاتله، أنه لم يقرأ روايته "أولاد حارتنا" لكنه سمع أنه يسخر فيها من الإسلام.

تصاعدت هذه الدعاوى فى منتصف التسعينيات، عندما تفجرت قضية حسبة ضد الدكتور نصر حامد أبو زيد بمناسبة وقف ترقيته إلى منصب الأستاذ، وقد عرف بكتاباته فى الفكر الإسلامى والدينى عندما قدم أبحاثه بعنوان "نقد الخطاب الدينى" للحصول على درجة الأستاذية، تكونت لجنة من أساتذة جامعة القاهرة برئاسة الدكتور عبدالصبور شاهين، الذى اتهم فى تقريره أبوزيد بالخروج عن الإسلام، ورفض ترقيته.

وانشغلت الأوساط العلمية والفكرية فى مصر والعالم العربى بالقضية، خصوصاً أن د. شاهين أرفق اتهامه لأبى زيد بتقرير تضمن اتهامه بـ"العداوة لنصوص القرآن والسنة". فى مقابل كتاب ومفكرين، أعلنوا أن "أبو زيد" يقدم اجتهادات ضمن أفكار مختلفة لا تخالف الإسلام ولكنها تنتقد أفكارا واجتهادات أخرى.

والتقط طرف الخيط المستشار الراحل صميدة عبدالصمد، وتوجه إلى القضاء، ورفع دعوى حسبة، طالباً إدانته بتهمة الردة، فصدر حكم المحكمة باعتباره مرتداً، وأن عليه أن يطلق امرأته، وأيدت محكمتا الاستئناف والنقض الحكم على أبوزيد بتطليق زوجته منه على اعتبار أنه مرتد. وانتهت القصة بهجرة نصر حامد وزوجته للعمل بإحدى الجامعات الهولندية حتى رحيله.

هذه الفترة التى شهدت فى بدايتها حالة جدل شديدة لم تقتصر على مصر فقط، بل امتدت عربياً وعالمياً.

وقد أعاد التعامل مع نصر أبوزيد قضايا الفكر والدين ومنها قضية طه حسين الذى ألف فى عام 1926 كتابه "فى الشعر الجاهلى"، وتصدى له العديد من علماء الفلسفة واللغة، ومنهم: مصطفى صادق الرافعى، والخضر حسين ومحمد لطفى جمعة، والشيخ محمد الخضرى وغيرهم. لكن عددا من رجال الأزهر، قدموا بلاغا ضد طه حسين ،إلا أن المحكمة برأته لعدم ثبوت أن رأيه قصد به الإساءة المتعمدة للدين أو للقرآن. فعدل اسم كتابه إلى "فى الأدب الجاهلى" وحذف منه المقاطع الأربعة التى أخذت عليه. قبلها تفجرت معركة كتاب الإسلام وأصول الحكم الذى أصدره الشيخ على عبدالرازق، عام 1925 ورأى البعض أنه يدعو إلى فصل الدين عن السياسة، بينما يرى البعض الآخر أنه أثبت بالشرع وصحيح الدين عدم وجود دليل على شكل معين للدولة فى الإسلام، بل ترك الله الحرية فى كتابه للمسلمين فى إقامة هيكل الدولة، على أن تلتزم بتحقيق المقاصد الكلية للشريعة، والكتاب أثار ضجة بسبب آرائه فى موقف الإسلام من "الخلافة"، حيث نُشَر الكتاب فى نفس فترة سقوط الخلافة العثمانية، وبداية الدولة الأتاتركية، بينما كان يتصارع ملوك العرب على لقب "الخليفة"، رد عليه عدد من العلماء من أهمهم الشيخ محمد الخضر حسين شيخ الأزهر بكتاب "نقد كتاب الإسلام وأصول الحكم" ثم سحب منه الأزهر شهادة العالمية، وهو ما اعتبره الكثير من المفكرين رداً سياسيا من الملك فؤاد الأول -ملك مصر وقتئذ-، وشن حملة على رأيه. يُعد كتاب الإسلام وأصول الحكم استكمالا لمسيرة تحرير فكرى بدأها الإمام محمد عبده فى كتابه "الإسلام والنصرانية بين العلم والمدنية" وقاسم أمين والشيخ عبد الرحمن الكواكبى فى كتابه طبائع الاستبداد.

وقد تواصل الجدل السياسى طوال فترة التسعينيات، حيث اختلطت الآراء الفكرية والثقافية والفنية بالآراء الدينية، ومن استعراض أفلام عادل إمام التى جرت محاكمته بسببها، نكتشف أنها أفلام كان ينتقد فيها متعصبين، ولم يعرض للإسلام، كما أنها تدخل ضمن الفنون التى يمكن إخضاعها للنقد الفنى أو الفكرى، دون القياس على القانون، الذى يصعب التوصل من خلاله إلى أحكام أخلاقية.

ويعد صدور حكم حبس عادل إمام مؤشرا على مرحلة يخاف منها الكثير من المبدعين، الذين يرون فى صعود المتعصبين خطرا على حرية الإبداع. لأنهم لايناقشون الأفكار، وإنما يتخذون أحكاما نهائية. وقد بدأت مجموعة من الدعاوى ضد كتاب منهم لينين الرملى، ووحيد حامد، وغيرهما بنفس التهمة التى جرت بها محاكمة عادل إمام.

عادل إمام حارب التعصب فى "الإرهابى" و"حسن ومرقص" ليتهم بالإساءة للإسلام

كتب - خالد إبراهيم

يجمع الكثيرون على أن الأزمة لا تنحصر فى الدفاع عن الفنان عادل إمام، لكنها دفاع عن حرية التعبير والفن والإبداع التى باتت فى مهب الريح، بسبب الهجمات المتطرفة والمتعصبة عليها، فالقضية ليست فى اسم الفنان عادل إمام، ولكنها قضية هوية تحاول الجماعات المتعصبة سحق ملامحها واستبدالها بأخرى. الزعيم طوال مشواره الفنى حارب بأعماله تلك الجماعات المتطرفة والمتأسلمة، ويأتى على رأسها فيلم "الإرهابى" الذى أحدث صدمة كبيرة فى الوسط الفنى، حينما قام الزعيم ببطولته، وقام بكتابته الكاتب الكبير لينين الرملى عام 1994، حيث جسد "الرملى" الإرهابى فى شخص "على عبدالظاهر" الذى ينفذ عملية إرهابية، وبعدها يفشل فى الهرب فتصدمه فتاة بسيارتها، وتأخذه لبيتها، وهناك يبدأ حياة جديدة، ونرى معايشة الشخص الإرهابى فى منزل وسطى ليس متشددا، ويبدأ "على" فى تغيير موقفه وفكره حتى يقتل على يد أمير الجماعة. قائمة الأفلام التى اتهم بسببها الفنان عادل إمام بازدراء الإسلام طويلة، ومجرد ذكرها هو فى حد ذاته دفاع عن الزعيم، فحيثيات الحكم ذكرت أن من بين هذه الأفلام: مرجان أحمد مرجان، وحسن ومرقص، وطيور الظلام، ولا يخفى على أحد أن فيلم "طيور الظلام" من أكثر أفلام الفنان الكبير عادل إمام إثارة للجدل، والذى كتبه الكاتب الكبير وحيد حامد، أما فيلم "حسن ومرقص" فيلقى الضوء بالأساس على العلاقة الطيبة بين عنصرى الأمة المسلمين والمسيحيين.

اليوم السابع المصرية في

27/04/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)