فاطمة زهراء زموم، ومرزاق علوش، وجمال وهب، ولمياء بوسكين، وصديق بن
يعقوب، وفضيلة بلبكة، وقادر قادا من الفنانين الجزائريين الذين يعيشون في
فرنسا، ولم تمنعهم غربتهم من التواصل مع وطنهم الذي مر بمشكلات عدة منذ
بداية حرب التحرير وحتى نهاية التسعينات من القرن الماضي . لذلك يظهر العنف
في أعمالهم، لإيمانهم بأن المجتمع هو الذي يصدره للأفراد، ويتوارثه الصغار،
مبررين إنجاز أعمالهم المشاركة في المهرجان بالخارج، بأنهم يجدون تسهيلات
لا يجدونها في وطنهم الأم .
العنف، والحرب، والحب، وغير ذلك من التناقضات التي يعيشها المجتمع
الجزائري معان تتجسد في فيلمي “زهر” للمخرجة فاطمة زهراء زموم، و”حراقة”
لمرزوق علوش، المشاركين في مسابقة المهر العربي للأفلام الروائية الطويلة،
وفيلم “الجربوع الأزرق” للمخرج جمال وهب، المشارك في مسابقة المهر العربي
للأفلام الوثائقية .
تقول فاطمة زهراء زموم انها تشارك في المسابقة بفيلم “زهر” أول
أعمالها الطويلة، لأنها أخرجت العديد من الأفلام السينمائية القصيرة من قبل
. وتؤكد أنها صورت الفيلم بكاميرا رقمية اشترتها على نفقتها، مشيرة إلى أن
إنجاز الفيلم سبب لها العديد من المتاعب، لأنها أصرت على تصويره بنفسها من
دون الاستعانة بمصور، لأن الفكرة تسكنها منذ زمن بعيد عندما زارت الجزائر .
وأضافت: الدافع لفكرة الفيلم أحداث العنف التي جرت وصدمتني كجزائرية،
ما جعل فكرتي تتمحور إلى عدة مستويات بهدف إظهار العنف الذي انتقل من
المجتمع إلى الأفراد حيث إنه عندما يصبح سمة سائدة في المجتمع فإنه يتحول
إلى أسلوب في التعامل بين المرأة والرجل، وبين الرجال وبعضهم، وبالتالي
يتوارثه الأطفال . وتضيف: هذا ما سلطت عليه الضوء من خلال حياتي الشخصية
بأسلوب مبتكر أشبه بالأعمال الوثائقية . وأروي حكاية العودة للوطن لتصوير
فيلم، لذلك أوظف ثلاثة أفراد من عائلتي من خلال البطلة “عليا”، ولكل واحد
منهم حكاية يرويها، وعلياء مصورة تنطلق في رحلة من تونس إلى قسطنطينة
لزيارة والدها المريض، وشريف الذي يرافقها في الرحلة كاتب طاعن بالسن، يقرأ
في الصحف خبر وفاة والدها، وعندما يخبر السائق، يقرر الذهاب بهما إلى رحلة
داخل الجزائر .
وقالت: “زهر” فيلم مبشر بميلاد سينما جديدة لشباب يمتلك الموهبة
والدراسة، مبررة إنجاز الفيلم في فرنسا وليس بالجزائر بأنها تعيش هي وطاقم
العمل هناك مما سهل عملية التصوير بعد أن نقلت الديكورات اللازمة من
الجزائر إلى فرنسا، بالإضافة إلى وجود مضايقات قابلتها من قبل في الجزائر
أثناء إنجاز بعض الأفلام القصيرة .
ويشير جمال وهب إلى أن السينما لا يمكن أن تبقى محصورة في الحرب فقط،
بدليل وجود العديد من الأعمال بعيدة عنها ومنها فيلمه “الجربوع الأزرق”
الذي يتحدث عن التجارب النووية الفرنسية في الجزائر، وأن معظم جيله يحب
الحكي في السينما عن الشعب الجزائري من خلال الحرب .
وعن الدافع لصناعة “الجربوع الأزرق” أوضح أنه الكذب الذي مارسته فرنسا
عندما نفذت التجارب النووية في الجزائر وأعلنت أن الذين ماتوا لا يزيدون
على 9 أفراد فقط، في حين أنها حصدت ما يزيد على 30 ألف شخص بينهم فرنسيون
من العسكريين .
وأكد أن المشكلات التي واجهته في صناعة فيلمه عديدة، لكنها نفس
الأسباب المعرقلة للصناعة في الداخل، والمحصورة في عدم العثور على
المعلومات المملوكة لجهات سرية، ما دفعه إلى اللجوء لبعض الناس الذين كانوا
يعيشون في الفترة التي يحكي عنها وسألهم عما يريده . ويوضح أن الفيلم يحكي
عن تنفيذ الحكومة الفرنسية سلسلة من الاختبارات النووية في الصحراء الكبرى،
والتي تمثلت في مجموعة من التفجيرات لها آثار مروعة على شعب الجزائر، وفاقت
أضعاف آثار قنبلة “هيروشيما” .
ويرى مرزاق علوش أن العنف الذي واجهته الجزائر مؤخراً سيبقى في مخيلة
كل المبدعين الجزائريين الذين يعيشون في الداخل والخارج، وهو ما يدفعهم
لصنع سينما على حسابهم، وأحياناً على حساب جهات خارجية يكون شرطها أن تسوق
الأعمال لحسابها بخلاف بعض الأعمال التاريخية الكبيرة التي تمولها الدولة
مثل “مصطفى بولعيد” للمخرج أحمد راشدي، و”رحلة إلى الجزائر” و”نهر لندن” .
ويوضح أن حرب الجزائر في السينما لن تموت أبداً وسيتوارثها جيل بعد آخر،
لأن كل جيل يريد قراءتها من منظوره الثقافي قراءة موضوعية، ومثلما فعل سليم
أغار في فيلمه الوثائقي “حرب الجزائر في السينما الجزائرية” .
وأضاف: “حراقة” فيلم مشحون بالوطنية، وتدور أحداثه في ميناء “مستغانم”
شمال الجزائر، وتلقي الضوء على جحافل اللاجئين الساعين للهروب خارج البلاد
بأية وسيلة ممكنة، من خلال ثلاثة أشخاص يدفعون مبلغاً للهروب فيأخذ “حسان”
المبلغ لتسفيرهم إلى اسبانيا على قارب متهالك، وسط العديد من المهاجرين
العرب والأفارقة الذين يخاطرون بحياتهم إلى مجهول غامض . ويؤكد أن فكرة
فيلمه تؤكد اختلاف السينما من حيث الولادة والهدف والمسار في جميع تجارب
السينما الجزائرية عنها في الوطن العربي .
ويقول قادر قادا ان دوره في فيلم “زهر” تحد كبير لنفسه، لأنه جديد
عليه، فهو يؤدي دور الصديق المثقف للمياء، لكنه استطاع تأكيد وجوده كفنان
متلون بفضل صديقته فاطمة زهراء التي شجعته كثيراً رغم الحيرة التي كان يشعر
بها .
وعن حرب التحرير الجزائرية تمنى أن يقوم ببطولة عمل سينمائي جزائري
بشرط أن تكون الجهة المنتجة من داخل الجزائر حتى لا تتدخل جهات أخرى تفرض
شروطاً على العاملين، بهدف خدمة أفكارها التي دائماً مع تتعارض مع أفكارنا
نحن العرب . ولفت إلى أن غربة العديد من الفنانين الجزائريين في الخارج لم
تنسهم وطنهم الذي عانى الكثير من الحروب .
الخليج الإماراتية
في
15/12/2009 |