يتعاطى عدد من الاعمال العربية الوثائقية المعروضة
ضمن مسابقة المهر العربي التي تضم 14 شريطا، مع قضايا نفسية تراجيدية
تتناول كيفية
تجاوز صدمات الحروب وتسأل عن كيفية الخروج من ندوبها أو آثارها غير المرئية
التي
تعتمل في دواخل البشر ومنهم صانعوها.
وتحكي هذه الافلام ما ظل طويلا مخفيا في
صدور وقلوب شخصياتها واحيانا صانعيها ليتحول الكلام عبر فيلم ينجز وسيلة
علاج لا بد
منها للانتقال الى الحديث عن شيء آخر او حتى لتصبح الحياة ممكنة.
هذه كانت حالة
اللبناني ديغول عيد الذي رغم اقامته في
كورسيكا الفرنسية مع اسرته الصغيرة ومحيطه
سعيدا في الظاهر كما يصور فيلمه، يظل يخبئ في داخله جرحا مفتوحا من ايام
الحرب
اللبنانية لا يكف يلح عليه ويخرب عليه حياته. فيقرر الذهاب الى لبنان
والعودة الى
قريته والمنزل الذي قتل فيه اهله المدنيون اعداما دون اي ذنب ارتكبوه ومن
قبل
اقرباء وجيران في القرية.
ويبين فيلم 'شو صار؟' الى اي حد يمكن للحروب ان تكون
عبثية وان تولد مآسي ليس فقط عند من يذهبون ضحيتها بشكل مباشر بل ايضا
وكثيرا عند
الاطفال الذين يكونون ضحية غير مباشرة لها ثم يكبرون وفي قلوبهم نقاط سوداء
لا احد
قادر على محوها.
ويصور الفيلم كيف ان منطق الحروب يقضي على أسر بأكملها وان
استمرت الحياة لبعضهم من الذين يدفعون غاليا ثمن صيغ الانتقام وإراقة
الدماء في
حروب عشائر صغيرة تتوارى وراء صورة الحرب الضخمة الاصلية وحيث تضيع تفاصيل
ما حدث
حتى على المعنيين بالقصة والذين يعانون تأثيراتها.
لا أحد يريد ان يتذكر فعلا في
الفيلم الا صاحبه بعدما سكنه هاجس صناعته من سنوات طويلة قبل ان يحققه ليجد
عبره
ربما سلاما نفسيا مستحيلا أو شبه سلام يسكن ديغول عيد.
وفي 'شو صار؟' يعود
المخرج الى قريته ليضع وجها لقاتل امه
يصوره ويصور يديه التي نفذت فعل
القتل.
'كيف لا تتذكرني؟ نسيتني. انا اتذكرك، كيف انساك أنا وأنت قاتل أمي؟'
يقول ديغول عيد في نهاية الفيلم حين يقف في القرية امام احد القتلة لتكون
كل لحظات
الفيلم الذي بناه تمهيدا للوصول الى هذه اللحظة.
ويفتح الفيلم صفحة على مسألة 'العفو
العام' التي اعلنت بعد نهاية الحرب اللبنانية ويبين كيف انه من غير العدل
ان
يظل هذا القاتل حرا طليقا يعيش في القرية التي اضطر هو واخوته من اكثر من
عشرين سنة
لهجرانها بسبب 'المجزرة' وحيث 'لا زالت حيطان المنازل تبكي دموعا على الذين
راحوا'
كما تقول الاخت.
واذا كانت عودة ديغول عيد الذي اسماه والده كذلك لحبه الكبير
للجنرال شارل ديغول وأيضا لأنه ولد عام 1970 يوم رحيل الجنرال، الى قريته
شكلت جزءا
من مسيرته لحل ازمته النفسية مع ذلك الماضي القاتم فإن الفلسطيني رائد
انضوني يعمد
في شريط 'صداع' الى طبيب نفسي لحل مشكلته المزمنة عن طريق السيكولوجيا في
رحلة
داخلية ذاتية ذكية.
وتدخل الكاميرا من خلال الكلام الى الذات وعبرها تكشف
صفحــــات من حياة فلسطين في عمل يحاول الغوص في ذاكرة الفلسطــينيين عبر
حكايا
المخرج وعائلته التي تجد حتى أحلامها محتلة في فلسطين اليوم، وحيث تظل
الذاكرة
مكانا وحيدا محررا ترتسم ملامحه متسلسلة من الفردي الى الجماعي لتنطق بهوية
اكيدة
وان مصابة بالصداع.
بدوره صور سمير عبدالله في 'غزة مباشر' الذكريات المؤلمة
التي يستحيل نسيانها للمصورين الصحافيين في غزة والفرق التي عملت على نقل
تلك الحرب
في غياب الاعلاميين الاجانب الذين منعوا من دخول المكان.
لكن كاميرا عبدالله لا
تنقل صورة هؤلاء فقط بل كل من صادفته
الكاميرا في المكان المنكوب مباشرة بعد النكبة
ولحظة بدأ الجميع يستيقظ على هول وحجم ما حدث.
أما آثار الحروب واعاقاتها
اليومية المباشرة على نحو اكثر ظهورا فصورها رشيد مشهراوي في فيلم 'الاجنحة
الصغيرة' الذي تطرق لموضوع عمالة الاطفال في العراق اليوم نتيجة الفقر
والحاجة.
وعرض الفيلم معاناة هؤلاء الاطفال مقارنة بمعاناة اطفال فلسطين في وقت
كانت الحرب فيه في غزة في اوج استعارها ويبدو هذا الشريط
الذاتي اقل تأثيرا من
سابقيه واكثر ارتباطا بالواقع المباشر.
من ناحيته صور العراقي هادي ماهود اعاقات
الحرب ولكن على جبهة الثقافة التي تقتل كل يوم في العراق، وحيث تحول المثقف
الى ميت
أو صامت مغلوب على أمره او منفي في افضل الاحوال.
وصور المخرج في شريطه 'انهيار'
نهب المؤسسات الثقافية في الدولة وارشيف الاشرطة السينمائية ووضع المثقف
النفسي
بصفته مهمشا بامتياز.
هذه الصورة من العراق الى فلسطين الى لبنان تكاد تكون
نفسها مثل صفحات من كتاب الحروب التي تلتقطها الصورة الابداعية وتتمهل
عندها لعل
فيها محاولات ناجعة لنسيان ما يمكن نسيانه.
وتشارك أعمال من لبنان وسورية
وفلسطين والعراق والجزائر والمغرب والولايات المتحدة والسودان الذي يدخل
لاول مرة
في مسابقة المهر العربي الوثائقي في دبي عبر عمل اخرجته تغريد السنهوري
بعنوان 'أم
مجهولة'.
القدس
العربي
في
15/12/2009
أفلام مهرجان 'دبي السينمائي' تؤكد الحضور
المتنامي للمرأة
في الإخراج
دبي - (د ب
أ)
يسلط مهرجان 'دبي' السينمائي في دورته السادسة
التي تستمر حتى يوم الاربعاء المقبل، الضوء على الإنجازات
المتميزة التي حققتها
المرأة في عالم صناعة السينما إقليمياً ودولياً، حيث يعرض هذا العام مجموعة
كبيرة
من الأعمال السينمائية لمخرجات مبدعات.
وقال مسعود أمر الله المدير الفني
للمهرجان: 'يشهد عالم الإخراج السينمائي حضوراً متنامياً
للمرأة، التي تواصل تحقيق
إنجازات في صناعة الفن السابع على مستوى العالم. ومختارات المهرجان هذا
العام تعكس
بوضوح الخطوات المتميزة التي قطعتها المرأة في مختلف مجالات هذه الصناعة'.
وتدور أحداث فيلم 'كل يوم عيد'، باكورة أعمال المخرجة اللبنانية ديما
الحر في
بيروت حيث تتقاطع حياة ثلاث نساء في حافلة تنقلهن إلى السجن. وفي الطريق
إلى السجن
يواجهن حادثة مأساوية مرعبة. وتم عرض الفيلم في مهرجان تورنتو السينمائي
الدولي،2009 ضمن برنامج 'اكتشافات'. وقد رأى مهرجان تورنتو في
المخرجة ديما الحر
صوتاً مؤثراً جديداً في الساحة السينمائية بمنطقة الشرق الأوسط.
ويعرض المهرجان
المستمر على مدار أسبوع مجموعة من الأفلام من فرنسا والدنمارك وأمريكا
الجنوبية
والتي تعكس عمق وتميز مهارات المرأة في صناعة الأفلام منها الفيلم
الدنماركي
'الجندية
الصغيرة'، للمخرجة أنيته كي. أولسين الذي يتناول قضية الاتجار بالبشر من
خلال قصة جندية شابة تعمل سائقة لصديقة والدها النيجيرية.
ويروي فيلم 'القنفد'
أول عمل للمخرجة منى أشاشي، قصة 'بالوما'، فتاة جادة تعاني من ملل كبير وهي
ابنة (11
عاماً) وتقرر قتل نفسها في عيد ميلادها الثاني عشر. ومع اقتراب موعدها مع
الموت
تبدأ 'بالوما' بالاقتراب من شخصيتين في حياتها: حارس بنايتها
الحاد الطباع وجارها
الغامض والأنيق وكلاهما يدفعانها لتعيد التفكير بنظرتها المتشائمة للحياة.
ويعرض فيلم 'صندوق العرس الكوري' للمخرجة أولريك أوتينجر الذي يروي
بأسلوب ساخر
وحساس قصة عن الحب والزواج في المجتمع الكوري المعاصر، تقارن بين العادات
والتقاليد، وكل ما هو جديد.
وتدور أحداث الفيلم الروائي الإسباني 'حمادة'
للمخرجة آنا بوفارول في الصحراء الكبرى شمالي إفريقيا ويلقي الضوء على حياة
الصحراويين من خلال الطفل 'دادا' الذي يعيش في مخيم لاجئين.
ويترقب الجميع فيلم
'أمريكا'،
العمل الروائي الطويل الأول للمخرجة 'شيرين دعيبس'، الذي يروي قصة 'منى'،
وهي أم وحيدة تترك الضفة الغربية مع ابنها المراهق 'فادي' حالمة بحياة أفضل
في
ولاية إلينوي في أمريكا.
وقد عِرض فيلم 'أمريكا'، أحد مشاريع 'ملتقى دبي
السينمائي - 2007' لأول مرة في 'مهرجان سندانس السينمائي -
2009' وحصل على جائزة
النقاد الدوليين 'فيبرسكي' المرموقة في مهرجان كان السينمائي.
ويعرض الفيلم
البيروفي 'حليب الأسى'، الفائز بجائزة الدب الذهبي لأفضل فيلم في 'مهرجان
برلين
السينمائي 2009'، والفيلم للمخرجة كلوديا للوسا بوينو في اليوم الاخير من
مهرجان
دبي.
وانطلقت دورة 'مهرجان دبي' يوم الاربعاء الماضي ويشارك فيها 168
فيلماً من 55
دولة بينها 29 فيلماً في عرض عالمي أول. وستكرم لجان التحكيم الأعمال
المتميزة
في مجالات التمثيل، والتصوير، والمونتاج، والموسيقى، والسيناريو، وتبلغ
القيمة
الإجمالية لجوائز المهرجان 575 ألف دولار أمريكي.
القدس
العربي
في
15/12/2009 |