أفلام مهرجان دبي تتجاوز الصناعة السينمائية إلى معالجة
القضية الإنسانية.
توظف الأفلام الروائية الطويلة بمسابقة المهر العربي إحدى مسابقات
مهرجان دبي
السينمائي الدولي في دورته السادسة، الجنس والعري والألفاظ النابية، وأزمات
العرب
ممثلة في قضاياهم محورية في المجتمع العربي، توظيفا متميزا يكشف عن اتجاه
واع لدى
المخرجين والكتاب والفنانين لمعالجة هموم ومشكلات الإنسان
العربي، حيث طرحت الأفلام
قضايا التطرف الديني ومأساة الفلسطينيين تحت وطأة الاحتلال، واللاجئين في
الغرب
الأوروبي، وكوابيس الفقر والسجن والهجرة، وقد لوحظ أن أغلب الأفلام جمع
مخرجوها بين
الإخراج والتأليف، وأحيانا التمثيل، وأن الأمر يتجاوز مجرد
صناعة فيلم إلى معالجة
قضية، دون أن ينفي ذلك حضور التقنية السينمائية تصويرا وأداء والأداء الفني
المميز
للممثلين.
الفيلم الكوميدي الفرنسي "وداعاً غاري" الفائز بجائزة أسبوع النقاد في
مهرجان
كان السينمائي، الذي أخرجه وألفه الجزائري نسيم عمواش، ولعب بطولته
ألكساندر بونيه،
جان بيير بكري، دومينيك ريموند ، ياسمين بلماضي ويصوّر الفيلم وقائع الحياة
في حي
عمّالي هجره أغلب سكانه، بعد إعلاق المصنع الذي يعملون فيه،
ولم يبق في الحي
المهجور إلا عدد قليل من الأشخاص، هم أفراد عائلة ومجموعة من الأصدقاء،
يحلمون
بالحياة والحب، فرانسيس "الرجل الستيني الذي يصر على العناية بآلته، وابنه
سمير
الخارج من السجن للتو، وجارته وحبيبته ماريا، وابنها خوزيه -
الحالم بكونه ابناً
للنجم الأمريكي الراحل غاري كوبر، ويضم الفيلم مشاهد عري".
ويتعرض الفيلم المصري "واحد- صفر" إلى أزمة الطلاق في الديانة
المسيحية، والتزمت
الديني من خلال سيدة تبحث عن حياتها من جديد من خلال طلاق معلق في المحاكم،
وفي نفس
الوقت مصر تفوز مصر بكأس الأمم.
الفيلم نال إعجاب النقّاد، باعتبار أنه يعيدنا إلى كلاسيكيات السينما
المصرية،
تنقل من خلاله المخرجة "كاملة أبو ذكري" نهائي بطولة الأمم الإفريقية 2008
وما
يثيره من حماس وتشويق. يسلّط الفيلم الضوء على 8 من مشجعي المنتخب المصري،
والذين
يمثّلون مختلف طبقات المجتمع لمدينة تعشق كرة القدم إلى حد
الجنون، ابتداء من النجم
المدمن على الكحول وحتى السيدة المسيحية الملتزمة دينياً، يواجه كل واحد من
هؤلاء
مشاكله الخاصة التي سرعان ما ينسونها ولو لليلة واحدة أمام انتصار الفريق
يلعب
بطولة الفيلم إخراج كاملة أبو ذكري، وسيناريو مريم نعوم،
وبطولة: إلهام شاهين، خالد
أبو النجا، نيللي كريم.
يضيء الفيلم الفرنسي الألماني "كل يوم عيد" حالة مثيرة تشبه كابوساً
تواجهه ثلاث
نساء انطلقن في رحلة على متن حافلة للذهاب إلى سجن الرجال، المرأة الأولى
ذاهبة
لزيارة زوجها الذي سجن في ليلة زفافهما، والثانية لا هدف لها في الحياة إلا
إقناع
زوجها الذي يقضي حكماً مؤبدّاً بتوقيع أوراق طلاقها وتحريرها
من هذا الأسر،
والثالثة تحاول إخفاء ذعرها وهي تقوم بإيصال السلاح الذي نسيه زوجها
السجّان في
المنزل. في الطريق إلى السجن تواجه النساء الثلاثة حادثة مأساوية مرعبة.
الفيلم إخراج وتأليف ديما الحر، وبطولة رايا حيدر، منال خضر، هيام
عباس
ويطرح الفيلم المصري "عصافير النيل" جانبا من حياة المهمشين في مصر،
معاناتهم في
الحياة والحب والمرض ويمكن تلمس رؤيته في قول بطله الريفي "عبد الرحيم":
لست ضحية
القاهرة..."، والتي يلخص بها رحلته من الريف إلى المدينة المتوحشة التي فقد
فيها كل
شيء، المرأة التي أحبها، والناس الذين ألفهم، حتى روحه الصاخبة الفائرة
التي حاصرها
مرض توطّن في جسده الضئيل، وبين جدران المستشفى الكئيبة، يقابل
عبد الرحيم حب عمره،
ويحاولان معاً استعادة زمن لا يرجع، ويواصلان البحث في متاهات طريق بلا
نهاية، حيث
يحاول الجميع فهم ما يحدث للبشر والوطن. فيلم مقتبس عن رواية "عصافير
النيل" للأديب "إبراهيم
أصلان".
الفيلم إخراج وسيناريو مجدي أحمد علي، وبطولة إلهام شاهين، عبير صبري،
فتحي عبد
الوهاب.
ويفضح الفيلم الياباني العراقي "ضربة البداية" مأساة العراق من خلال
ملعب عراقي
لكرة القدم يعاني من الدمار، تعيش فيه 300 عائلة من اللاجئين، قاموا ببناء
بلدة
صغيرة من أكواخ الصفيح. "آسو" هو الابن الأكبر لإحدى العائلات الكردية، شاب
مثالي
يؤمن بالقيم النبيلة، يقوم بتنظيم مباراة لكرة القدم بين الصبية الأكراد
والعرب من
العراقيين الذين يعيشون في المخيم، وذلك سعياً للترفيه عنهم
وعن أخيه الصغير من
ناحية، ونيل إعجاب جارته الجميلة "هيلين" من ناحية أخرى. ومع حلول الموعد
المنتظر،
تتحول حياة هؤلاء إلى فوضى رهيبة إثر حادث مأساوي. عمل متميز للمخرج
والمؤلف شوكت
أمين كوركي الحاصل على جوائز. يعرض الفيلم في مهرجان دبي
السينمائي الدولي بعد فوزه
بجائزة مهرجان بوسان السينمائي. وهو من بطولة روزان محمد، شوان عتوف، كوار
رسول.
تسلّط المخرجة
الجزائرية فاطمة الزهراء زعموم في فيلمها "زهر" الضوء على حياتها
الشخصية بأسلوب مبتكر أشبه بالأفلام الوثائقية، وتروي حكاية عودتها إلى
الجزائر
لتصوير فيلمها، حيث قامت بتوظيف ثلاثة من أفراد عائلتها، ولكل
واحد منهم رواية
يحكيها. الأولى "عليا"، مصوّرة تنطلق في رحلة من تونس إلى القسطنطينية
لزيارة
والدها المريض. أما "شريف"، فهو كاتب طاعن بالسن، يقرأ في أحد الصحف خبر
وفاته.
تتقاطع دروب "عليا" و "شريف" مع "فريد"،
سائق سيارة الأجرة ودليلهما في الأحياء
الجزائرية. فيلم يبشّر بميلاد موهبة جزائرية جديدة.
الفيلم إخراج وتأليف وتصوير وبطولة فاطمة الزهراء زعموم، ويشاركها
البطولة فضيلة
بلقبلة، قادر قادا.
الفيلم الفلسطيني "زنديق" يعود فيه المخرج القدير ميشيل خليفي في قصة
عن مخرج
فلسطيني يدعى "م"، يعيش في أوروبا، يقرر المخرج العودة إلى رام الله لتصوير
فيلم
يوّثق للنكبة مع شهود عيان، وذلك لكشف آلام تلك الحقبة، وما ضمته من أحداث
وفظائع،
وانعكاساتها على الحياة المعاصرة في فلسطين، بكل ما تحمله من
توترات وشكوك. وعلى
مدى يوم وليلة، يواجه المخرج أزمة حقيقية تهدد وجوده وذاته ومعتقداته حين
يقوم أحد
أقاربه بقتل رجل من الناصرة، مما يضع جميع أفراد العائلة تحت خطر الانتقام!
فيلم
روائي رائع بحبكة درامية ذكية لا تخلو من التعقيد والسوريالية
حول حياة المهاجرين،
وعلاقتهم ببلدهم فلسطين، ينتقل فيه ميشيل خليفي إلى مساحة إخراجية جديدة لم
يتطرق
إليها سابقاً!
الفيلم إخراج و تأليف: ميشيل خليفي، وبطولة محمد بكري، ميرا عوض.
يقدم المخرج الجزائري المخضرم مرزاق علواش في فيلمه "حراقة" دراما
مشحونة تدور
أحداثها في ميناء "مستغانم" شمالي الجزائر، وتلقي الضوء على
جحافل اللاجئين الساعين
إلى الهرب خارج البلاد بأية وسيلة ممكنة. يروي الفيلم قصة رشيد وناصر
وإيمان الذين
يقومون بدفع مبلغ من المبال للمهرّب "حسّان" ليأخذهم إلى إسبانيا على متن
قارب
متهالك. يسافر الثلاثة مع جماعة من المهاجرين العرب والأفارقة
الذين يخاطرون
بحياتهم لتجاوز المضيق العاصف. وهكذا، ينقل لنا "علواش" ببراعة حجم
المعاناة واليأس
الذي يعيشه هؤلاء في رحلة تأخذهم إلى مصير غامض.
الفيلم إخراج وتأليف مرزاق علواش، وبطولة صديق بن يعقوب، لمياء
بوسكين، محمد
تاكرّت، نبيل أصلي.
ويأتي الفيلم المغربي "الرجل الذي باع العالم" رؤية مغربية معاصرة
لرواية "قلب
ضعيف" للروائي الروسي فيودور دوستويفسكي، يقدّمها الأخوان عماد وسهيل نوري،
تدور
أحداثها في مدينة مزّقتها الحروب. الممثل سعيد باي يلعب دور شاب يبدو أنه
قد نال
حظّه من الدنيا، خطيبته الجميلة، وزواج مرتقب، وحياة رغيدة طويلة لا يعكّر
صفوها
شيء، لكنه بالرغم من ذلك، يعجز عن تقبّل ما ينتظره من مستقبل
واعد، ويبدأ بالانحدار
في دوّامة من الكوابيس التي تجرّه إلى الجنون. وهكذا يسرّد لنا الأخوان
"نوري"
رواية "دوستويفسكي" في حبكة جريئة وإخراج قوي، يكتملان بالأداء المؤثر من
"سعيد
باي".
الفيلم إخراج سويل نوري , عماد نوري، وبطولة أودري مارناى، حسن مضياف،
حكيم
نوري، سامية بيرادة، سعيد باي، فهد بنشامسي، لطيفة أحرار.
فيلم آخر يطرح المعاناة الفلسطينية ولكن من زاوية التعامل مع ثقافة
الآخر وهو
فيلم "أمريكا" الذي فاز أخيرا بإحدى جوائز مهرجان القاهرة السينمائي
الدولي، ويبحث
عن الهوية الضائعة بين عالمين بثقافتين مختلفتين هو العنوان العريض للعمل
الروائي
الطويل الأول من أنجاز المخرجة "شيرين دعيبس"، يروي الفيلم قصة "منى"، وهي
أم وحيدة
تترك الضفة الغربية مع ابنها المراهق "فادي" حالمة بحياة أفضل في ولاية
إيلنوي في
أميركا. وفي قلب الغرب الأميركي، تبني منى بطبيعتها المكافحة والمرحة حياة
جديدة من
خلال طبخ الفلافل في مطعم الوجبات السريعة، فيما يبقى إبنها
"فادي" رهين تجاربه
الشخصية، متنقلاً بين ردهات المدرسة وكأنّه يتنقل بين الحواجز العسكرية.
يتناول
الفيلم تجارب عائلات تعيش معاناة الهجرة، وتبحث عن مكان جديد يسمى "الوطن".
الفيلم إخراج وتأليف شيرين دعيبس، وبطولة عليا شوكت، ملكار معلم،
نسرين فاعور،
هيام عباس، يوسف أبو وردة.
ميدل
إيست أنلاين
في
14/12/2009 |