كشف عدد من العاملين بالسينما اللبنانية أنها تعاني من عدة مشكلات
تعوق انتشارها عربياً أو وصولها إلى المكانة التي ينشدونها .
وعلى هامش فعالية “ليلة لبنانية” التي أقامها المهرجان تحدث عدد من
فناني السينما اللبنانية عن هذه المشكلات وعبروا عن أحلامهم الفنية .
تقول شيرين أبوشقرا التي شاركت في “ليلة لبنانية” بفيلم “لحظة أيها
المجد”، نواجه نحن المخرجين أهم المشكلات التي تعيق تنفيذ الفيلم
السينمائي، وأولاها عدم العثور على جهة منتجة، أو حتى مجموعة من رجال
الأعمال لديهم اهتمام بصناعة السينما، رغم امتلاك الفنانين قدرات إبداعية
هائلة لتقديم قصص عصرية غير مسبوقة، بالإضافة إلى المعاناة الشديدة أثناء
التنفيذ والمتمثلة في قيام السلطات أحياناً بمنعنا من التصوير في بعض
الأماكن، بعد أن دمرت الحرب كل شيء، ما أدى إلى الانحطاط في كل شيء، حتى
طريقة التفكير .
وعن عدم انتشار السينما اللبنانية عربياً أكدت شيرين أبوشقرا أن
القائمين على صناعتها ما زالوا يفتقدون إجادة تسويقها ربما لأن المضامين
التي تقدم لا تعبر عن الواقع اللبناني القديم خصوصاً الحرب الأهلية، بسبب
أنها وجيلها يرفضون تلك الفترة ويلجأون إلى فعل ما يرونه في مصلحة الإنسان
من وجهة نظر عصرية . وتضيف: أصبحنا لا نفتش عن الأعمال التي ناقشت الحرب،
بل عن همومنا ومشكلاتنا الخاصة .
ويعتقد المخرج جيل طارازي المشارك في الليلة بفيلم “بكرا ستة ونصف” أن
الحرب هي العامل الوحيد وراء تراجع صناعة السينما في وطنه الي يراه دوماً
مثل “العليل” الذي لا ينفع معه طب أو دواء، بالإضافة إلى عدم وجود مخرجين
بكثرة رغم وجود أسماء كبيرة مثل مارون بغدادي، وجوسلين صعب، وغيرهما،
والذين توقف نشاطهم بسبب أشياء عديدة ترجع في النهاية إلى حالة ومزاج
الفنان الواعي .
وأضاف: جيل التسعينات من المخرجين ربما لديه رؤية للنهوض بهذه الصناعة
مثل زياد دويدي صاحب فيلم “غرب بيروت” الذي أعاد للسينما تألقها بعد أن
دمرت، مشيراً إلى أنه لا يفكر أبداً في تلك الحروب ويكرهها لذلك لا ينوي
أبداً الاقتراب منها في عمل فني، لانغماسه في الهم العام العربي، مثل غربة
الشباب وضياع هويتهم .
وترى المخرجة والممثلة ميريام الحاج المشاركة في الليلة أيضاً بفيلم
“ما شفت الحرب ببيروت” أنهم جيل ضائع لأنهم بلا أساتذة، بعد أن دمرت الدولة
صناعة السينما، وأصبحت لا تهتم به إلا في حالة عرضه في الخارج وحصوله على
الجوائز من المهرجانات .
وتقول: هذه طريقة قاتلة للفكر والإبداع، ونحلم بتغيير، لأننا لا يمكن
أن نبدع في جو لا ينظر للمبدعين ولا لإبداعهم . ولفتت إلى أنها وجيلها
يهربون دوماً للخارج بهدف العثور على ممول لأعمالهم .
وأضافت: يوجد لدينا فقط مسرح مزدهر لكنه أيضاً يدور في فلك السياسة،
وغالباً القائمون على صناعته يؤدلجون أفكارهم لتكون مثل أفكار الأطياف
السياسية بهدف تحقيق المكاسب .
وتطالب بأن تثق الحكومة بمبدعي السينما وأن تشجعهم عن طريق جهة توفر
لهم ما يحتاجونه في تنفيذ أعمالهم حتى لا يزداد هروب المزيد منهم للخارج
وتحقيق نجاحات أفضل كما فعل من سبقوهم .
ويتفق عيد ديغول المشارك بفيلم “شو صار” في مسابقة المهر العربي
للأفلام الوثائقية، مع كل ما سبق، متسائلاً عن الأسباب التي تدفع أصحاب
رؤوس الأموال إلى عدم الاستثمار في صناعة السينما كما يحدث في مصر، رغم أن
الجيل الجديد والذي يحمل رايتها في لبنان يمتلك العديد من المقومات
الإبداعية بدليل حصد أعمالهم العديد من الجوائز في المهرجانات العالمية .
وأوضح أن القضية تكمن في التركيبة السياسية الموجودة في لبنان، والتي
يتبع العديد من الفنانين لها، مطالباً باستقلال صناع السينما وأن تكون
لديهم خطوات جادة يتفقون على تحقيقها من خلال أعضاء مجلس النواب اللبناني،
وعمل حراك فني داخل المجتمع المدني .
ويرى طلال خوري المشارك في مسابقة المهر العربي للأفلام القصيرة بفيلم
“وآب” أن أهم الأسباب التي تعيق صناعة السينما محصورة في الانقسام السياسي
حول الحرب “التي لن نتفق أبداً على حكايتها في السينما، لأنها بلا صدى في
الشارع”، منوهاً بأن السينما لن تزدهر أبداً لأن هذا الانقسام هو أساس تأخر
لبنان وعدم قدرته على مواجهة مشكلاته التي وراء تدهور كل المشاريع الفنية
والإبداعية .
وطالب بتدخل النظام للنهوض بالسينما وتوفير دعم حقيقي لصناعتها، وإلا
ستبقى الأمور “محلك سر” .
ويرى المخرج علي حمود المشارك في الليلة بفيلم “عن أولئك الذين رحلوا”
أن توقف السينما اللبنانية قبل ما يزيد على عشر سنوات راجع إلى ظروف الحرب،
وعدم وجود جهات داعمة لصناعتها، لكنه يرى أنها عادت من جديد بفضل جهود
العديد من الشباب الفنانين الذين حركوا آلتها بقوة . ويوضح أن لجوء بعض
المخرجين إلى أوروبا لإنتاج أعمالهم مثل نادين لبكي التي أخرجت “كليبات”
لنجوم كبار وحصد أول عمل سينمائي لها “سكر بنات” العديد من الجوائز، مسألة
عادية جداً، لأن المبدع بتكوينه الفني لا يهدأ له بال حتى يعثر على الجهة
القادرة على تنفيذ إبداعه، ولا يمكن أن نلوم، برأيه، هؤلاء المبدعين .
وعن الحرب في السينما اللبنانية أوضح حمود أنها موجودة ولا يمكن أن
يبتعد الإبداع عنها لأنها تعيش داخل كل إنسان وفي الشوارع والبيوت .
ويشير إلى أنه رغم وجود العديد من العقبات التي لا يريد الدخول فيها،
إلا أن صناعة السينما لا تتوقف لأن صناعها عاشقون لها .
الخليج الإماراتية
في
14/12/2009
يشارك به في مسابقة "المهر
العربي"
شوكت أمين: "ضربة البداية" محاولة لاستعادة
الأمل العراقي
الفيلم العراقي الياباني “ضربة البداية” للمخرج العراقي شوكت أمين،
ومن بطولة كوار رسول، وروزان محمد وشوان عطوف من الأفلام المشاركة
بالمهرجان في مسابقة “المهر العربي” فئة الأفلام الروائية الطويلة . وحصل
الفيلم، وهو باللغتين العربية والكردية، من قبل على جائزتين، الأولى جائزة
أفضل فيلم، والأخرى جائزة النقاد، من مهرجان يوسان السينمائي بكوريا
الجنوبية خلال هذا العام .
تدور قصة الفيلم عن مباراة ودية لكرة القدم بين فريقين من عراقيين
يعيشون في مخيم للاجئين تتحول لمأساة .شوكت أمين أكد في حوار مع “الخليج”
أن الفيلم يعبر عن مأساة الشعب العراقي الذي تحول معظمه الى التشرد، بعد ان
تحولت أهم أماكن ممارسة الهوايات الى سكنى للمشردين . وذكر انه واجه العديد
من الصعوبات لتوفير التمويل، بالاضافة الى تعرض حياته وكل العاملين بالفيلم
للخطر أثناء التصوير بسبب ما آلت إليه الحياة في العراق، ولفت الى انه جاء
بالفيلم لمهرجان دبي بناء على دعوة رسمية من ادارته، ما جعله يشعر بأنه
يمشي في طريق كله نجاح .والى نص الحوار:
·
ما الخطوط الرئيسية لقصة الفيلم؟
الفيلم تدور أحداثه في ملعب عراقي لكرة القدم، يعاني من الدمار، وتعيش
فيه 300 عائلة عراقية، قامت ببناء بلدة صغيرة من أكواخ الصفيح، وفيها يعيش
“اسو” الابن الأكبر لاحدى هذه العائلات، وهو شاب مثالي يؤمن بالقيم
النبيلة، ويقوم بتنظيم مباراة لكرة القدم بين الصبية العرب والأكراد من
العراقيين الذين يعيشون في المخيم، سعياً للترفيه عن نفسه واخيه الصغير .
وتعجب به جارته “هيلين” من ناحية أخرى، ومع حلول موعد المباراة، تتحول حياة
اعضاء الفريقين الى فوضى إثر حادث مأساوي .
·
وكيف جاءتك فكرة الفيلم؟
كانت البداية عندما كنت في كوكوك وشاهدت ملعباً مهجوراً أصبح مليئاً
بالمتشردين الذين استخدموه كسكنى، يمارسون فيه حياتهم بطريقة سيئة، ما
جعلني اسأل نفسي: لماذا تبدل الملعب من ترفيه الى بلطجة؟ وتتابعت الأجوبة
في مخيلتي وتأكدت ان شباب الملعب الحقيقيين قتلت أحلامهم ويحاولون الهروب
من حياتهم في ظل ما يحدث في العراق .
·
هل تقصد أن الأمل في الرجوع
للحياة الطبيعية لم يعد له وجود لدى شعب العراق؟
لا، والعمل محاولة لرجوع الأمل وممارسة الحياة الطبيعية بين كل الناس
في الملاعب وأماكن التسلية من دون خوف، وهو ما حاولت ان أعبر عنه خلال فترة
الفيلم .
·
من كتب سيناريو الفيلم مادمت
صاحب الفكرة؟
لم أرد أن يكتبها غيري لأنني فنان أشعر بمأساة الشباب العراقي، ففضلت
ان اصنعها على الورق بنفسي قبل التفكير فيمن ينتج العمل .
·
هل وجدت صعوبة أثناء التصوير؟
بالتأكيد وجدنا صعوبة شديدة، ومتعددة، لأن العراق بشكل عام، ومدينة
كركوك بشكل خاص، الوضع الأمني فيه سيئ، ومن الصعب ان تقرر الدخول بفريق
العمل والمعدات لتعمل لمدة تزيد على شهرين، وكنا نسمع خلالها أصوات
انفجارات من حولنا مما اثر في المعنويات .
·
هل توجد تقنية حديثة في العراق
لتنجز الفيلم؟
لا توجد أي تقنية سينمائية في العراق لتصوير عمل سينمائي كبير مثل
“ضربة البداية” ولكننا اجتهدنا من خلال بعض آلات التصوير البسيطة .
·
كيف حصلت على جهة لإنتاج الفيلم؟
بقيت طيلة عام أبحث عن تمويل للعمل الذي فاقت قيمته ما تكلفه أعمال
أخرى في المنطقة، الى أن فوجئت بمؤسسة “سينما” باقليم كردستان تعلن
موافقتها مع جهة أخرى يابانية .
·
وما القيمة الانتاجية؟
مبلغ كبير جداً أنفق على الفيلم، لكن حقيقته لدى الجهات المنتجة في
كردستان، وفي اليابان .
·
كيف دخل الفيلم مسابقة المهر
العربي للأفلام الروائية الطويلة بالمهرجان؟
دخول الفيلم كان رسمياً من خلال دعوة إدارة المهرجان التي وافقت على
إدراجه ضمن أفلام المسابقة .
·
هل لديك أمل في الفوز باحدى
الجوائز؟
لا استطيع الجزم بذلك، لأنني لم أشاهد الأفلام الأخرى المتنافسة، لكن
ما استطيع قوله إن فيلمي جيد .
·
وماذا لديك من أعمال أخرى؟
عندي أفكار عديدة أحاول اختيار احداها وتحويلها الى فيلم يعبر عن وطني
العراق، ولن يهدأ فكر الفنان في داخلي حتى أحول كل ما اشعر به الى أعمال
سينمائية تحاكي الواقع العراقي .
·
من أهم المخرجين الذين تأثرت
بهم؟
يوسف شاهين، ويلمظ جوني، وغيرهما .
الخليج الإماراتية
في
14/12/2009 |