موسم
الجوائز بدأ قبل فترة مع الإعلان عن جوائز ما يسمى بجولدن جلوب ثم ترشيحات
جوائز الأوسكار الأمريكية، وبافتا البريطانية وسيزار الفرنسية.. أشهر ثلاث
مسابقات للجوائز في العالم بحكم التاريخ الكبير للسينما في الدول الثلاث.
الغريب في
أمر الأوسكار الأمريكي أنه قرر منذ سنوات عديدة منح جائزة لأحسن فيلم أجنبي
(أي غير ناطق بالانجليزية فاللغة هنا هي المعادل للقومية وهذا تصنيف واضح
على الأقل وليس شأن السائد لدينا من فوضى، فنحن نقول فيلما عربيا لكل ما
ينتج في أي مكان في العالم من إخراج مصطفى أو رشاد أو جميل حتى لو كان
ناطقا بلغة الجن والعفاريت!).
أما
الغريب أن الأوسكار الأمريكي قرر في السنوات الأخيرة منح جوائز أخرى قد
تكون أفضل فيلم مثلا أو أفضل تمثيل لفنيين وممثلين في هذا الفيلم نفسه
المصنف باعتباره أجنبيا كما حدث العام الماضي عندما حصلت الممثلة الفرنسية
ماريون كوتيار على جائزة أحسن ممثلة عن دورها في الفيلم الفرنسي "الحياة
وردية"، وهو نوع من الفوضى التي لا يمكن تبريرها.
وقد فشل
الاتحاد الأوروبي في إقامة "صرح" يضارع الأوسكار الأمريكي بجوائزه التي
تمنح سنويا أيضا وتحاط بالأضواء، لكن لم يعد أحد ينتظرها منذ فترة طويلة أو
يهتم بها.
وكان
الأوروبيون قد أطلقوا على جوائزهم في البداية، عند تأسيس المسابقة عام
1988، اسم "فيليكس" (اسم سخيف قد يصلح اسما لكلب أو قط) ثم أقلعوا عن
استخدام فيليكس وأصبحوا يكتفون بأن يطلقوا عليها "جوائز السينما
الأوروبية". وقد منحت آخر مرة في ديسمبر 2008 ونال فيلم "جومورا" الإيطالي
جائزة أحسن فيلم.
وأسخف ما
وجدت أن البريطانيين رشحوا تقريبا نفس الترشيحات الرئيسية التي رشحها
الأمريكيون للأوسكار مع بعض التنويعات البسيطة في الفروع الأخرى، لكي
يثبتوا أنهم "مستقلين"، وهو المبدأ المتبع في السياسة البريطانية منذ
تشرشل، فبريطانيا معروفة كـ "ذيل" لأمريكا سياسيا لكنها تحب أن توهم نفسها
وشعبها بأنها مستقلة ولو حفاظا على الشكل.
أما
الفرنسيون فهم من أنصار "التميز الخاص" المفتعل بحكم الاصطناع الكامن في
اللغة نفسها وطريقة التعبير، فلو قلت لأي فرنسي من الطبقة الوسطى المثقفة
مثلا أنك معجب بالخبز الفرنسي لربما يرد عليك بسؤال مثل: وهل تحب اختلاس
القبلات؟
وكان يوسف
شاهين – رحمه الله- يميل إلى كتابة السيناريو والحوار بالفرنسية أولا لكي
يعرضه على الفرنسيين للحصول على التمويل، ولذلك كان يمكنك أن تجد في
حواراته بعض الطرائف، كان تسأل داليدا مثلا محسن محيي الدين في فيلم "اليوم
السادس" قائلة: إنت بتبصلي في عينية كده ليه؟
فيرد
عليها قائلا: علشان ما بعرفش أطلع على اكتاف حد!
ما هي
العلاقة؟ ابحث في طريقة التعبير "البورجوازية" الفرنسية.
وحسب
التميز الخاص يختار الفرنسيون منح جوائزهم لأفلامهم ولا يخصصون جائزة لأحسن
فيلم أجنبي ربما لأن معظم المخرجين المتميزين في السينما الفرنسية عمليا من
الأجانب (جول داسان الأمريكي، جودار السويسري، كوستا جافراس اليوناني، عبد
اللطيف قشيش التونسي، راؤول رويز التشيلي، رشاد بوشارب الجزائري، رومان
بولانسكي البولندي، أندريه ديلفو البلجيكي، أوتار يوسيلياني الجورجي،
وغيرهم كثيرون).
في مصر
مهرجان للسينما المصرية تقيمه الدولة سنويا يعرف باسم المهرجان القومي
للسينما المصرية ويمنح جوائز مالية لكن سمعته سيئة لأنه حكر على شخص واحد
يديره، هذا الشخص مهما حاول أن يبدو نزيها لا يستطيع، ليس فقط بحكم تربعه
على المنصب منذ سنوات طويلة تماما مثلما يحتكر شخص آخر السلطة السياسية
لنفسه (وربما لأولاده من بعده)، ويحتكر وزيره "الفنان" السلطة منذ 22 عاما،
ولكن أيضا بسبب مصالحه الشخصية التي باتت متعددة ومتشعبة وتداخلت معا
بطريقة شائنة في عهد "الفنان". أما المهرجان الأهم الذي يلقى احترام كل
السينمائيين المصريين فهو مهرجان جمعية الفيلم الذي لا يمنح جوائز مالية بل
مجرد شهادات ورقية، من خلال لجنة تحكيم متخصصة تتمتع بالمصداقية لا يعينها
جهاز حكومي بل أعضاء مجلس ادارة تلك الجمعية التي نشأت أصلا كجمعية لهواة
السينما.
أما في
المغرب فقد أصبح يقام بانتظام منذ عشر سنوات مهرجان الفيلم الوطني في طنجة.
وقد منح هذا المهرجان جائزة أحسن فيلم لفيلم "أجنبي" ناطق بالانجليزية يدعى
"كل ما تريده لولا" الذي سبق أن أوليناه اهتماما كافيا في هذه المدونة..
وابحث تجد ما تريد!
حياة في
السينما في 1
فبراير 2009
|