ثلاثة
متنافسين على الأوسكار كانوا رحلوا منذ أن
أقيم الأوسكار آخر مرّة قبل عام من اليوم٠ إنهم الممثل هيث لدجر، الذي
يتحدّث عنه
الجميع، والمنتجين والمخرجين سيدني بولاك وأنطوني منغيلا
اللذين وقفا وراء فيلم
»القاريء«
وأعطياه الضوء الأخضر كمنتجين قبل وفاتهما متباعدين بأشهر قليلة، والذين
لا
يذكرهما أحد اليوم- لكن ربما ورد ذكرهما إذا ما فاز الفيلم في أي من
ترشيحاته
الخمس
أفضل فيلم
- أفضل مخرج (ستيفن دولدري) - أفضل تصوير (كريس منجز وروجر
ديكنز)- أفضل سيناريو مقتبس (ديڤيد هير) - وبالطبع أفضل ممثلة (كيت
وينسلت)٠
المنافسة
الصعبة هي في مجال أفضل إخراج . هي دائماً
مثيرة ربما أكثر من سواها، لكن هذا العام هناك مسألة بالغة الأهمية تتعلّق
بمخرجين
وفيلميهما٠
بداية،
المخرجون المتسابقون في هذه الدائرة هم
The Curious
Case of Benjamin Button
ديڤيد فينشر عن
Frost/ Nixon
رون هوارد عن
Milk
غس ڤان
سانت عن
The Reader
ستيفن دولدري عن
Slumdog
Millionaire
داني بويل
عن
وبداية
أيضاً سيخرج من المولد بلا حمّص المدعو غس ڤان سانت. صاحب »ميلك«
و»ميلك« هو إسم الشخصية التي يؤديها شون بن في هذا الفيلم وليس حليب
العصافير كما
هو
المعتاد او الحليب الذي سيشربه ڤان سانت في تلك الليلة التي سيخرج فيها من
السباق بلا التمثال الذهبي عوض الويسكي والشمبانيا٠
ثم من
المحتمل جدّاً خروج
رون هوارد وستيفن دولدري من السباق بلا غلّة. الأول أنجز أفضل فيلم له،
والثاني
لديه فيلم يستحق اختلاف الآراء، لكن السبب هو أن المنافسة القوية هي بين
فيلمي
ديڤيد فينشر وداني بويل٠ أحد هذين المخرجين هو الذي سيفوز، في
رأيي، هو وفيلمه الا
إذا رأى المصوِّتون أن فيلم الأول يستحق وإخراج الثاني هو الذي يستحق وهذا
مستبعد
رغم حدوثه سابقاً (كما سنة 1989 حين نال ستيفن سبيلبرغ أوسكار أفضل إخراج
عن »إنقاذ
المجنّد رايان« لكن فيلم جون مادن »شكسبير عاشقاً هو الذي خطف
أوسكار أفضل
فيلم)٠
جائزة
المخرجين هذه السنة التي تمنحها نقابتهم ذهبت الى السينمائي
البريطاني داني بويل وهذا عموماً مؤشر جيد له خصوصاً وأنه فاز مسبقاً
بجائزة
الغولدن غلوب التي كثيراً ما كانت -بدورها- تمهيداً لما سيحصل
في حفلة
الأوسكار٠
على أن
ذلك لا يترك ديڤيد فينشر عارياً من الإحتمالات القوية يشجع على
ذلك أن قبول الجمهور (نحو 120 مليون دولار للآن) يعكس قبول
أعضاء الأكاديمية الى حد
بعيد- بالإضافة الى أن هذا الفيلم يستحق معظم الجوائز الثلاثة عشر المرشّح
لها إن
لم
يكن كلّها (نقده في العدد 6 من فيلم
ريدر)٠
ثم
هناك مسألة مهمّة أخرى: فيلم داني بويل »مليونير صعلوك« و»قضية
بنجامين باتون
المثيرة للفضول«فيلمان متناقضان. أعضاء الأكاديمية عليهم أن يحكموا بين
فيلم ينقل
الى الشاشة حالات إنسانية في بلد غريب (الهند) تحيط بشخصيات فقيرة وصولاً
الى نهاية
متفائلة ملوّنة وثرية في استعراضاتها المشهدية وبين فيلم ينقل
الى الشاشة صور من
العزلة النفسية والحزن الشخصي والواقع المشوب بالحالات الإنسانية في
تفاصيلها
الدقيقة الرائعة٠ أحداث فيلم ديڤيد فينشر تقع في الجوار الأميركي وهو أقرب
حسّاً
ولمساً في حالاته الإجتماعية والعاطفية وأكثر
صدقاً٠
ثم
هناك مسألة أريد الخوض فيها إذ يتكاثر الحديث عنها كل سنة.
إنها في التساؤل (وأحياناً
في التأكيد) على أن الفيلم الفائز بالأوسكار هو ذاك الذي يحقق النسبة
الأعلى من الإيرادات تجارياً٠ هذا غير صحيح على الإطلاق
كل ما في
الأمر أن
الأفلام التي تفوز تحظى بنجاح تجاري تلقائي يعود (بنسبة 30 بالمئة) لعنصر
ترشيحه
قبل فوزه. أي أن كل فيلم مرشّح (الا في حالات استثنائية) مؤهل لارتفاع
إيراداته.
وللفيلم الفائز بعد ذلك نسبة لا تزيد كثيراً عن 20 بالمئة تضاف الى
الإيرادات التي
كان حصدها
قبل إعلان النتيجة. الستة آلاف عضو وأكثر لا يدققون بالإيرادات حين
ينتخبون ولا يحسبونها لو انتخبت هذا الفيلم لحقق كذا. هذا تبسيط لا يمر في
فلتر
الحقيقة. لكن صحيح القول أن المصوّتون، وهم من الجسد السينمائي
الأميركي في كافة
حقوله، يميلون للفيلم الذي يحمل معالم ترفيهية وفنيّة معاً وأحياناً ما
ترتفع معالم
الترفيه على معالم الفن، لكن يحدث أيضاً العكس٠
مدونة
"ظلال وأشباح" في 5
فبراير 2009
|