ملفات خاصة

 
 
 

"برلين السينمائي 74": كيف تُختَار الأفلام؟

برلين/ نديم جرجوره

برلين السينمائي

الدورة الرابعة والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

3 أفلام، مُشارِكة في المسابقة الرسمية للدورة الـ74 (15 ـ 25 فبراير/ شباط 2024) لـ"مهرجان برلين السينمائي (برليناله)"، تُثير رغبةً في كتابةٍ عن مفهوم الفيلم الوثائقي، الذي (الفيلم) يُسمّى غالباً، منذ سنين عدّة، "الفيلم غير الروائي"، لأنّه يُبنى على مزيج التوثيق والتخييل، وهناك إضافات تقنية وفنية، بينها التحريك.

الأفلام الـ3 تلك تراوح بين توثيقٍ تسجيلي، بالمعنى التقليدي للمفردة ("داهومي"، للسنغالية الفرنسية ماتي دِيوب)؛ والانصراف إلى خليطٍ يصنع التباساً لا علاقة له بإبداع صُور وتعبير وسرد، إذْ يكشف الالتباس غموضاً غير مُريح وغير مُفيد في صُنع تلك الصُّور والتعابير والسرد (Pepe، للدومينيكاني نلسون كارلو دي لوس سانتوس أريوس)؛ والاشتغال الحِرفي، المتحرّر من كلّ قيد بصري في إنجاز مُنتج سينمائي، من دون تفلّته كلّياً من منهجٍ وسياق يؤدّيان، في النهاية، إلى كشفِ الحاصل سابقاً، والحاصل سابقاً مُحمَّل بكمّ جميل وقاسٍ، في آنٍ واحد، من التقنيات الفنية والدراما المبطّنة، إلى جماليات بصرية مُدهشة، والكمّ هذا منبثقٌ أساساً من وقائع وحقائق ("معماريّ"، للروسي فكتور كوسّاكوفْسْكي).

سؤال يُطرح، لانبثاقه من عدم إدراك سبب اختيار فيلمين من تلك الأفلام ("داهومي" وPepe) في مسابقة رسمية لمهرجان دولي، مُصنَّف فئة أولى، علماً أنّ "داهومي" فائزٌ بـ"االدبّ الذهبي لأفضل فيلم"، وPepe حاصلٌ على "الدبّ الفضّي لأفضل إخراج. سؤال كهذا مطروحٌ أيضاً إزاء أفلامٍ أخرى، مُشاركة في المسابقة نفسها، والمُشاهَدة تقول إنّ أفلاماً كهذه غير مستحقّة عرضاً دولياً أول في "مهرجان برلين"، وفي أي مهرجان دولي أول أو ثانٍ.

فـ"داهومي" مثلاً تقريرٌ تلفزيوني، فيه لقطات تدّعي اشتغالاً سينمائياً، لكنّه متواضعٌ، يُسجِّل تفاصيل حدثٍ مرتبطٍ بتاريخ وذاكرة، وبصراع، وإنْ يكن خفيّاً، بين بلدٍ ومستَعْمِره السابق، من خلال متابعةِ استعادةٍ "مُجتزأة" لتماثيل قليلة العدد، من البلد المستَعْمِر (فرنسا)، إلى البلد المستعمَر سابقاً (ممكلة داهومي، المعروفة حالياً بـ"جمهورية بينين"). وPepe، اسم أول وآخر فرس نهر يُقتَل في منطقة تُعرف بـ"قارة النصف الغربي للأرض" (بين المحيط المتجمّد الشمالي وخليج "هورن" في جنوب القارة الأميركية)، يحاول إيجاد متنفّس سينمائي، فيفشل غالباً، وبعض السينما فيه غير قادر على انتشاله من بهتان الصورة رغم أهمية النصّ، وأهمية النصّ حاضرة في "داهومي" أيضاً، كما في "معماريّ".

لكنّ "معماريّ" (Architecton) لا يُشبه، سينمائياً، الفيلمين الآخرين. فالسينما، تصويراً وتوليفاً والتقاط مشاهد محدّدة بجمالية بصرية رائعة، مُتمكّنةٌ من تحويل البسيط والعادي والمتداول إلى نصٍّ مشغول بصُور، تقول أكثر بكثير مما يتردّد من كلامٍ عابر، قبل أنْ يكشف حوار مقتضب، في خاتمة الفيلم، عن مسائل عميقة ومهمّة، لها علاقة بعمارةٍ وكسّارات وآثارٍ (وكيفية صُنعها)، بين المخرج كوسّاكوفْسْكي، وميكَالي دي لوكي، المُصمّم والمهندس المعماري الإيطالي، المهموم بعمارة وآثار (بينها آثار بعلبك في لبنان)، وبكونهما فنّاً لا مجرّد أحجار.

أفلامٌ كهذه تتناقض في شكلها السينمائي. اختيار بعضها في مسابقة رسمية لمهرجان دولي غير مفهوم. أمْ أنّ الاختيارات غير السليمة دائماً سمة "مهرجان برلين" في الأعوام القليلة الفائتة؟

 

####

 

"ماء العين" التونسي: ارتباكات تُفقِدُه السينما

برلين/ نديم جرجوره

أول فيلم روائي طويل لها ينبثق من فيلمٍ قصير، تُنجزه عام 2018، بعنوان "أخوّة". الروائي الطويل، "ماء العين"، يُعرض للمرّة الأولى دولياً في مسابقة الدورة الـ74 (15 ـ 25 فبراير/ شباط 2024) لـ"مهرجان برلين السينمائي (برليناله)"، علماً أنّ عنوان المشروع نفسه مختلفٌ: "الأمومة".

هذا تفصيلٌ مرتبطٌ بمعلومة، تقول أيضاً إنّ للفيلم نفسه عنوانين آخرين، يُعبّران أكثر من العنوان العربي عن جوهر النصّ، ومسار أفراده، وهواجسهم وسيَرهم ومصائرهم: "إلى من أنتمي" (باللغة الإنكليزية)، و"هناك من حيث أتينا" (باللغة الفرنسية).

الاستناد إلى فيلمٍ سابق، يكون قصيراً غالباً، في إنجاز فيلمٍ طويل، مسألة عادية، يُتقنها سينمائيون وسينمائيات عديدون في بلدان مختلفة. المشكلة تظهر في كيفية الاشتغال، فتجربة "ماء العين" تقول إنّ براعة القصير أهمّ وأعمق وأجمل، وإخراج الطويل غير متمكّن من صُنع عملٍ درامي بجماليات سينمائية أساسية.

المقارنة بين الفيلمين، اللذين تُخرجهما التونسية الكندية ميريم جوبير، ناتجةٌ من تشابه الحكاية. لكنّ القصير أقدر على الإمساك بنبضها وحيويتها، وعلى تحصينها من كلّ مبالغةٍ في اختبار أنواع سينمائية، واشتغال إخراجيّ. في "ماء العين"، يُصيب اعتمادُ الفانتازيا، في سرد وقائع مَعيشة، النصَّ البصري بأكثر من عطب: إطالة مملّة لتفاصيل، بعضها غير مفيدٍ درامياً وفنياً. خللٌ في المسار السرديّ، وفي بعض محطّاته أخطاء، إذْ يُروَى لاحقاً (قبل وقتٍ قليل على الخاتمة) أنّ ريم (ضياء ليان)، المُنقَّبة، مقتولة قبل مجيئها مع زوجها مهدي (مالك مشرقي) إلى منزل والديه، إبراهيم (محمد قريع) وعائشة (صالحة النصراوي)، اللذين يُقيم معهما الابن الأصغر آدم (ريان مشرقي).

هذا مثلٌ. تكثيف الكوابيس الخانقة مُضرٌّ، لعدم التمكّن من صُنعها بحرفيةٍ مهنيّة أولاً، ولعدم التمكّن ثانياً من توظيفها في السياق الدرامي لحكاية العودة، والتمزّق العائلي، والتشتّت الذاتي، وهذه مسائل وانفعالات تطرحها جوبير (كاتبة السيناريو أيضاً) من دون تعمّق في دلالاتها وتأثيراتها وحضورها.

هذا كلّه غير مُلغٍ لأهمية الحبكة ـ القصة، المتشابهة بين الفيلمين، القصير والطويل: ابنٌ (أو أكثر) يختفي فجأة من منزل الأهل، قبل اكتشاف التحاقه بـ"داعش". عودته مُثيرة لتساؤلات وقلق. في القصير، يُخبر الأب محمد (محمد قريع نفسه)، الشرطة بعودة "الإرهابي الداعشيّ"، مع زوجة سورية منقَّبة (تؤدي النصراوي دور الأم أيضاً). في "ماء العين"، لن يُخبر إبراهيم أحداً، لكنّه عاجز عن مواجهة اللحظة والحالة، المنبثقتين من عودة مهدي وريم. والأخيرة تُثير ريبةً، واختفاء أفرادٍ من البلدة الريفية، المطلّة على البحر، يُثير قلقاً.

في "أخوّة"، هناك تعرية للرجل ـ الأب، في صراعه مع ذاته وابنه، ومع "العالم" الذي يعود الابن منه. في "ماء العين"، يغلب الاهتمام بالمرأة ـ الأم، وانهياراتها الذاتية، وغرقها في جحيم اليوميّ، فابنها الثاني أمين (شاكر مشرقي) مقتول على أيدي مقاتلي "داعش" لمحاولته الفرار منهم، ومهدي تائهٌ ومُضطرب لتخلّيه عنه، وارتباطه بريم غير مفهوم، وارتباك علاقته بأبيه غير مُكتمل بصرياً ودرامياً.

"ماء العين" متصنّع في اشتغالٍ، تريده ميريم جوبير سينمائياً، من دون قدرتها على بلوغ حدٍّ معقول، على الأقل، من السينما. هذا لا يُخفي جمالية الأداء التمثيلي لمحمد قريع وآدم بِيسّا (مؤدّي دور بلال، رجل أمن وصديق الأخوين مهدي وأمين) وريان مشرقي. أما صالحة النصراوي، التي في ملامح وجهها طاقة هائلة من جمالية تعبير صامت، تُبالغ أحياناً في تأدية دور عائشة، القلقة والضائعة والصارمة، أحياناً.

 

####

 

إدانة الإبادة الإسرائيلية في غزة تشعل الجدل حول مهرجان برلين السينمائي

لندن/ العربي الجديد

اشتعل الجدل حول مهرجان برلين السينمائي في ألمانيا، الأحد، بعدما طغت إدانة الإبادة الجماعية الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة على حفل توزيع الجوائز وكلمات المخرجين والفنانين الفائزين، السبت الماضي.

واستفزت الدعوة لوقف إطلاق النار وإنهاء الإبادة أنصار ومؤيدي إسرائيل الذين سارعوا لاستعمال الاتهام المعتاد لكلّ خصوم إسرائيل، أيّ معاداة السامية. وقال رئيس بلدية برلين كاي فيغنر، في منشور عبر منصة إكس، إنّ "معاداة السامية لا مكان لها في برلين، وهذا ينطبق أيضاً على الفنانين"، معتبراً "ما حدث في مهرجان برلين السينمائي اجتزاءً لا يُحتمل"، كما دعا إلى محاسبة إدارة المهرجان.

وعلى امتداد أيام مهرجان برلين، الذي أقيم بين 15 و25 فبراير/ شباط الحالي، عبّر عدد من الممثلين والمخرجين عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني ورفضهم للعدوان على قطاع غزة، إن كان من خلال ارتدائهم الكوفية وحمل العلم الفلسطيني أو عبر تصريحاتهم.

وتكرّر تعبير المشاركين عن دعمهم لفلسطين في حفل توزيع الجوائز، السبت الماضي، ومن بينهم المخرج الأميركي بن راسل، الذي صعد إلى المسرح واضعاً الكوفية الفلسطينية على كتفيه، واتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية، بحسب وكالة فرانس برس.

لكن الضجة الأكبر جاءت بعد فوز "لا أرض أخرى"، الذي أخرجه الفلسطيني باسل عدرا والإسرائيلي يوفال أبراهام، بجائزة أفضل وثائقي، والذي يتناول قضية التهجير القسري للفلسطينيين من قرية مسافر يطا في الضفة الغربية بسبب العنف الذي يرتكبه المستوطنون الإسرائيليون.

ومن على منصة التكريم، اتهم باسل عدرا دولة الاحتلال بارتكاب إبادة بحق الفلسطينيين وانتقد بيع ألمانيا الأسلحة لإسرائيل. قال عدرا: "إنني أحتفي بالجائزة هنا، ولكن في الوقت نفسه من الصعب جداً بالنسبة لي أن أقيم احتفالاً، فعشرات الآلاف من الناس يُقتلون من قبل إسرائيل في غزة"، مضيفا: "أريد شيئاً واحدا فقط من ألمانيا، وهو احترام نداءات الأمم المتحدة والتوقف عن إرسال الأسلحة إلى إسرائيل".

فيما قال أبراهام: "أنا أعيش في ظل نظام مدني وباسل في نظام عسكري. نقيم على بعد 30 دقيقة فقط من بعضنا بعضاً. أتمتع بحق التصويت، أما هو فلا، ويُسمح لي بالتحرك بحرية في هذا البلد، في حين أن باسل، مثل ملايين الفلسطينيين، مقيد في الضفة الغربية المحتلة. يجب أن تنتهي عدم المساواة هذه بيننا".

وقوبلت مواقف المخرجين بتصفيق كبير من الحاضرين، وفقاً لوكالة الأناضول، لكنّها أثارت السخط في الأوساط الألمانية المؤيدة لإسرائيل.

ووصف المسؤول في الحزب الديمقراطي الاشتراكي (SPD) الحاكم، هيلغه ليند، ردة فعل الحاضرين بـ"الصادمة".

وقال لصحيفة دي فيلت الألمانية: "أشعر بالخزي عندما أرى أن الناس في بلدي يصفقون لاتهامات موجهة إلى إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية".

وفي الوقت الذي دعت فيه بعض الأصوات إلى فرض مزيدٍ من القواعد والرقابة على البرليناله المموّل بشكل رئيسي من الحكومة الألمانية، قالت إدارة مهرجان في بيان تلقته وكالة فرانس برس إن تصريحات المخرجين تمثل "آراء فردية ومستقلة" عن المهرجان ولا تمثل رأي هذا الحدث السينمائي، وينبغي "تقبلها" طالما أنها "ضمن الأطر القانونية".

وأضافت أنها "تتفهم السخط" الذي أثارته التصريحات "التي بدت وكأنها متحيزة جداً" خلال حفلة توزيع الجوائز.

وفي سياق متصل، قام حساب تابع لقسم بانوراما في مهرجان برلين السينمائي على "إنستغرام" يحمل اسم Berlinale.panorama، بنشر صورٍ احتوت شعارات تقول بالإنكليزية: "فلسطين حرة من النهر إلى البحر" و"أوقفوا الإبادة الجماعية في غزة"، ما دفع بإدارة المهرجان لنفي مسؤوليتها، لافتةً إلى أنّ الحساب "تعرض للقرصنة".

وأضافت في بيان تلقته "فرانس برس": "نُشرت تعليقات تتعلق بالصراع في الشرق الأوسط ليست منبثقة عن المهرجان ولا تمثل مواقفه"، وأشارت إلى أنّه "من غير المقبول أن يستخدم الناس حساباً للمهرجان في مواقع التواصل الاجتماعي لنشر دعاية معادية للسامية"، مؤكدةً أنها حذفت الصور وتقدمت بشكوى ضد "هذا العمل الإجرامي".

ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع، أطلقت الحكومة الألمانية حملة لمطاردة الناشطين المؤيدين للفلسطينيين، كما قمعت التحركات المؤيدة لوقف إطلاق النار، واستعملت تهمة معاداة السامية بوجه منتقدي دولة الاحتلال.

 

العربي الجديد اللندنية في

26.02.2024

 
 
 
 
 

بيان من مهرجان برلين حول إدانة الحرب في غزة في حفل الختام

عين على السينما ـ  مهرجانات أجنبية

أصدر مهرجان برلين السينمائي بيانا لتوضيح موقف المهرجان مما جرى خلال الختام يوم الأحد، عندما أبدى الكثير من السينمائيين الذين فاوزا بالجوائز في الأفرع المختلفة، تضامنهم مع الفلسطينيين وإدانة حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل في غزة. وهنا نصل البيان:

يوم الأحد الموافق 25 فبراير، تم اختراق قناة Instagram الخاصة بقسم بانوراما البرليناله Berlinale Panorama لفترة وجيزة وتم نشر منشورات نصية مصورة معادية للسامية حول الحرب في الشرق الأوسط مع وضع شعار المهرجان على القناة.

وهذه التصريحات ليست صادرة عن المهرجان ولا تمثل موقف المهرجان. وقد تم حذف المنشورات على الفور وفتح تحقيق في كيفية وقوع هذا الحادث. وأدان مهرجان برلين السنمائي (برلينالة) هذا العمل الإجرامي بأشد العبارات الممكنة، وقام بحذف المنشورات وفتحت تحقيقًا. بالإضافة إلى ذلك، رفع مهرجان برلين اتهامات جنائية ضد الأشخاص المجهولين (وراء هذا الفعل). وبدأ LKA (المكتب الجنائي بالولاية) تحقيقًا.

بعد حفل توزيع الجوائز، انتقدت وسائل الإعلام الألمانية والعديد من السياسيين التصريحات التي أدلى بها الفائزون بالجوائز حول الحرب في الشرق الأوسط. كانت تلك التصريحات الأحادية الجانب والناشطة أحيانًا التي أدلى بها الفائزون بالجوائز تعبيرًا عن آراء شخصية فردية. وهي لا تعكس بأي حال من الأحوال موقف المهرجان. وفي البيان افتتاحي في حفل افتتاح البرليناله، ثم مرة ​​أخرى في حفل توزيع الجوائز، اتخذت إدارة برليناله موقفًا واضحًا بشأن الصراعات والقتال الحالي في الشرق الأوسط. وفي كلمتها التي ألقتها على خشبة المسرح، أدانت مارييت ريسنبيك، المديرة التنفيذية لبرليناله، الهجوم القاتل الذي نفذته حماس في 7 أكتوبر، ودعت إلى إطلاق سراح الرهائن وتذكرت معاناة جميع ضحايا العنف في إسرائيل وغزة.

إنننا نتفهم الغضب الناتج عن اعتبار التصريحات التي أدلى بها بعض الفائزين بالجوائز متحيزة للغاية، وفي بعض الحالات، غير مناسبة. في الفترة التي سبقت مهرجاننا وأثناءه، أوضحنا تمامًا وجهة نظر برلينالة بشأن الحرب في الشرق الأوسط وأننا لا نتقاسم مواقف أحادية الجانب. ومع ذلك، فإن برلينالة تعتبر نفسها – اليوم، كما في الماضي – منصة للحوار المفتوح بين الثقافات والبلدان. ولذلك يجب علينا أيضًا أن نتسامح مع الآراء والتصريحات التي تتعارض مع آرائنا، طالما أن هذه التصريحات لا تميز ضد الأشخاص أو مجموعات من الأشخاص بطريقة عنصرية أو تمييزية مماثلة أو تتجاوز الحدود القانونية.

من وجهة نظرنا، كان من المناسب من حيث المحتوى لو أن الفائزين بالجوائز والضيوف في حفل توزيع الجوائز قد أدلوا أيضًا ببيانات أكثر تمايزًا حول هذه القضية.

إن برلينالة مع الديمقراطية والانفتاح. نحن نعارض بوضوح التمييز وجميع أشكال الكراهية. ونريد تبادل الأفكار مع المؤسسات الاجتماعية والسياسية الأخرى حول كيفية إدارة خطاب اجتماعي حول هذا الموضوع المثير للجدل للغاية في ألمانيا – مع تضمين وجهات النظر الدولية – من تصريحات فردية معادية للسامية أو معادية للفلسطينيين. علينا أن نواجه هذا الموضوع المثير للجدل – كمهرجان سينمائي دولي وكمجتمع ككل”.

 

موقع "عين على السينما" في

26.02.2024

 
 
 
 
 

حفلة ختام مهرجان برلين تثير عاصفة سياسية

لندن: «الشرق الأوسط»

أعلنت الحكومة الألمانية، اليوم، السادس والعشرين من الشهر الحالي، على لسان وزيرة الثقافة والميديا كلوديا روث، أنها فتحت تحقيقاً حول حفل ختام مهرجان برلين، يوم السبت الماضي، الذي تحوّل، عبر عدد من السينمائيين من لجان التحكيم والمخرجين والممثلين الفائزين، إلى تظاهرة تأييد لغزة والفلسطينيين.

وكان المهرجان الألماني (ثالث أكبر مهرجانات السينما العالمية) قد شهد إلقاء عدة خطابات تنتقد الحكومة الإسرائيلية وتؤازر الفلسطينيين، واصفة ما يحدث بأنه إبادة جماعية، الأمر الذي دفع أكثر من جهة حكومية للتنديد بالفائزين وبإدارة المهرجان التي سمحت لهم بالإعراب عن مواقف عدتها أطراف مختلفة في الحكومة الألمانية منحازة ومعادية للسامية.

وجاء في رسالة الوزيرة روث المفتوحة أن هدف التحقيق الذي ستباشر به خلال هذا الأسبوع هو «كيف جسد أو لم يجسد المهرجان الزعم بأنه مكان لوجهات النظر والحوارات المتعددة والمختلفة، ولكي نضمن في المستقبل أن المهرجان متحرر من الحقد وخطب الكراهية ومن المعاداة للسامية والعنصرية والإسلاموفوبيا وكل أشكال العداوة».

هذا الموقف يبدو معتدلاً حيال موقف محافظ برلين كاي وغنر الذي كان عاد للتو إلى العاصمة الألمانية بعد يومين قضاهما في إسرائيل، والذي صرّح في حديث لصحيفة «Der Tagesspiegel» بأنه «يملك رسالة واضحة عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن الحرية. هذا يعني أيضاً أن مهرجان برلين هو مع إسرائيل بشدة، ليس هناك شك في ذلك مطلقاً».

وغنر أكمل حديثه ملقياً اللوم على «حماس»؛ لكونها هي المسؤولة عن الحرب في غزة وعما أصاب الفلسطينيين هناك: «لا يمكن أن يكون هنا (مهرجان برلين) أي مجال للنسبية (في هذا المجال). أتوقع أفعالاً من الإدارة الجديدة للمهرجان».

ومن المعلوم أن هذه الدورة هي آخر دورات رئيسي المهرجان مارييت ريزنبيك وكارلو شاتريان، حسب العقد المبرم مع وزارة الثقافة والإعلام، على أن تتسلم الدفّة في السنة المقبلة الأميركية تريشيا تاتل.

وكانت حفلة توزيع الجوائز في الدورة الرابعة والسبعين من مهرجان برلين تحوّلت إلى تظاهرة سياسية هاجم فيها المتحدّثون الحكومة الإسرائيلية ودعوا إلى وقف الحرب وحماية المدنيين الفلسطينيين.

من بين هؤلاء المخرجة السنغالية ماتي ديوب التي فاز فيلمها الجديد «داهومي» بالدب الذهبي للفيلم الروائي، والممثلة البرازيلية يوليانا روياس والمخرج الأميركي بن رسل (الذي ظهر بالكوفية الفلسطينية على مسرح المهرجان) والمخرج الفرنسي - الألماني غوليوم كاليو.

لكن التعبير الأفضل لتلك المؤازرة وردت على لسان المخرج الإسرائيلي يوفال إبراهام، الذي اشترك في إخراج الفيلم الوثائقي «لا أرضَ أخرى» (No Other Land) مع الفلسطيني باسل عدرا، وهو الفيلم الذي نال ذهبية هذه الدورة كأفضل فيلم تسجيلي.

إذ صعد إلى المسرح وتسلم الجائزة، وتوجه المخرج إلى الجمهور والحشد الإعلامي الموجود بكلمة قال فيها: «بعد يومين سنعود أنا وباسل إلى بلد حيث لسنا متعادلين. أنا أعيش تحت قانون مدني. باسل تحت قانون عسكري. كل منا يعيش على بعد 30 دقيقة من الآخر، لكني أملك حق الانتخاب وهو لا يملكه. أنا حر في التجوال حيث أريد، لكن باسل حبيس الضفة الغربية هو وملايين الفلسطينيين. هذا الوضع من التمييز يجب أن ينتهي».

في اليوم التالي، وصف تلفزيون محطة «Kan11» المخرج إبراهام بأنه «معاد للسامية».

وكانت لجنة التحكيم أشارت في سياق التعريف بفيلم «لا أرضَ أخرى» بأن الفيلم يظهر «كيف أن السياسة غير الإنسانية والجاهلة للحكومة الإسرائيلية تعيث الفساد والدمار عن عمد».

كلمات أضافت الحماس للمؤيدين ودعمت مواقفهم، بينما أثارت عداء الذين ما زالوا معارضين مخلصين لأي نقد يوجه إلى إسرائيل.

 

الشرق الأوسط في

26.02.2024

 
 
 
 
 

على هامش مشاركته في مهرجان برلين السينمائي الدولي

باسل عدرا يتحدث لإيلاف عن فيلمه الوثائقي "لا أرض أخرى"

 أحمد العياد

إيلاف من برلينوسط المشهد السياسي المرتبك في فلسطين، شهد مهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته الـ74، العرض الأول للفيلم الفلسطيني الوثائقي، "لا أرض أخرى"، لصحافيَين وناشطَين سياسيين، أحدهما الفلسطيني باسل عدرا، والآخر الإسرائيلي يوفال إبراهام.

الفيلم يروي قصة "مسافر يطا" وهو تجمع من 20 قرية تقع جنوب الضفة الغربية، تحديدًا في محافظة الخليل، التي يعاني سكانها من تضييق الخناق واعتداءات المستوطنين، طمعًا في إخلاء منازلهم وتخليهم عن أراضيهم للاستيلاء عليها.

الفيلم الوثائقي شارك بمسابقة بانوراما في مهرجان برلين السينمائي في دورته الـ74 وفاز بجائزتي "أفضل فيلم وثائقي" في المهرجان، بالإضافة إلى "جائزة الجمهور" في برنامج "البانوراما" لأفضل فيلم وثائقي.

إيلاف التقت بباسل عدرا خلال فعاليات مهرجان برلين السينمائي الدولي، وتحدثت معه عن الفيلم الذي استغرق إنتاجه 5 أعوام، وعن مخاوفه حول التعاون مع ناشط إسرائيلي، وأشياء أخرى.

·        هل راودك القلق والخوف من فكرة التعاون مع ناشط وصحافي إسرائيلي؟

- نعم. في الواقع يوجد عدد قليل جدا من الإسرائيليين في المجتمع الإسرائيلي ممن يقفون ضد الاحتلال وآلة القمع الموجودة بالمنطقة. لكن هذا الشيء لم يقلقني بقدر ما منحني القوة، لأن كل شخص يقف معنا من تلك الجهة يعطينا قوة، ونحن نرحب بأي شخص يعلن وقوفه ضد ما يحدث ويضم صوته إلى صوتنا ويساندنا وينضم إلينا.

·        لم توضح في نهاية الفيلم هل عائلتك تركت المكان أم لا؟

- عائلتي موجودة هناك. نحن تجمع من 20 قرية في منطقة "مسافر يطا"، ويوجد أيضا المزيد من القرى بحسب المنطقة، وهي كلها تجمعات لفلاحين ومزارعين، والإسرائيليون يحاصرون تلك المناطق بمستوطنات وبمعسكرات للجيش.

عائلتي بشكل خاص، والمجتمع الذي أنا منه، لم نترك المكان حتى الآن. لكن ثمة 6 تجمعات من جنوب الضفة الغربية ترك سكانها منازلهم منذ شهر أكتوبر الماضي.

·        حدثنا عن فكرة الفيلم من البداية، ومتى قررت استكمال التصوير، وبدء رحلة المهرجانات. وهل كانت مسألة الاشتراك في مهرجان برلين مطروحة منذ البداية، وهل ساهم موضوع غزة في تعجيل إنجاز الفيلم؟

- موضوع غزة لم يساهم في التعجيل بالفيلم، لأننا كنا وضعنا خطة بأن ننهي العمل على الفيلم في شهر أكتوبر أو نوفمبر. كانت فكرة انجاز فيلم مطروحة منذ البداية قبل 5 سنوات.

الفكرة في الأصل بدأناها من أجل دعم مجتمعات "مسافر يطا" التي نسكنها. هذا شكّل جزءاً من نشاط الفيلم، لذا كان من الضروري الانتهاء منه لنجعل المجتمعات الغربية تشاهد ما يجري، وخصوصا الذين يدعمون الكيان المحتل بالسلاح والأموال، لتعلم تلك الشعوب ماذا ترتكب حكوماتها بدعمها هذا الكيان عسكريا وماليا. والهدف من ذلك الضغط لفرض عقوبات على إسرائيل ووقف مدها بالسلاح والأموال ووضع حد للاحتلال.

قدمنا إلى مهرجانات عدة من بينها برلين، ولم يكن موضوع غزة مدرجاً في خطة الفيلم، لكن الحرب وقعت في الشهر العاشر فألقت بظلالها على الفيلم.

·        بصفتي مهتما بالقضية الفلسطينية وأعرف تفاصيلها ، لم أشعر بأن الفيلم لمسني من الداخل. هل كان في بالكم من البداية أن الفيلم موجه للغرب؟

- لأكن صريحا، لم يكن ذلك في بالنا بنسبة 100%، إنما إلى حد كبير. نحن كفلسطينيين نعرف أن الدول والشعوب العربية مطلعة على ما يحدث في الواقع، لكنها للأسف لا تفعل الكثير لكي تساندنا كفلسطينيين، نرى أن الدول المؤثرة هي بريطانيا وألمانيا وأميركا، وهي التي تمد إسرائيل في الأساس بالسلاح، وقد رغبنا في أن يرى الناس في هذه الدول ماذا يفعل الجيش الذي يدعمونه بالسلاح والأموال.

·        هل وفّر وجود شركاء إسرائيليين في الفيلم،الحماية أو القبول في المجتمع الغربي والأميركي؟

- من الممكن أن يكون وجودهم فعل ما تقوله بعض الشيء. لست عضوا في كل اللجان التي تختار الأفلام، ولا أعرف سبب رفض مشاركتنا في بعض المهرجانات، مثل "صانداس" الأميركي. كنا نتوقع قبولنا هناك لكن الفيلم رُفض، ولا نعلم السبب.

·        بصفتك ناشطا وصحافيا، كيف عملت على فكرة تقديم فيلم وثائقي، علما أن انطباعا تكوّن لديَّ خلال المشاهدة بأنك صوّرت مواد كثيرة ثم استخدمتها بعد ذلك لتناسب الفيلم وليس العكس. حدثنا عن هذا الموضوع.

- عندما بدأنا التصوير لم يكن الفيلم كله من تصويري، أنا صورت أجزاء والآخرون صوروا أجزاء أخرى، علما أنه يوجد أرشيف في المنطقة منذ 20 عاما. هدفنا منذ البداية سياسي أكثر منه سينمائيا والمشاركة في مهرجانات. كنا نرغب في إيصال ما يحدث إلى الجمهور. وقد اعترضتنا صعوبات حيال ما نختاره للعرض.

بدأ تصوير الهدم والاعتقالات والاقتحامات في منطقتنا منذ أكثر من 20 عاما، فكان لا بد من العمل على فرز ذلك الكمّ من الصور لتظهير قصة. في الصحافة نكتب المقالات، لكننا رغبنا في إظهار السياسة التي نصورها، ولم يكن الأمر سهلا في اختيار المشاهد التي صورناها. كما كان هناك صعوبة في اختيار نهاية للفيلم، لأن لا نهاية للواقع. كنا نرغب في نهاية توثيقية.

·        الانطباع الذي تكوّن لديّ أن هناك عائلات مهددة، وعليها أن تختار بين الاحتلال أو المغادرة إلى التجمعات العمرانية خارج المكان. هل تشعر بأن اليأس بدأ يدب لدى الناس وخصوصاالأجيال الجديدة؟

- صحيح، الموضوع يتعلق بالأجيال، لكنه أيضا يتعلق بالواقع، وهذا الواقع مستمر. كل يوم، تتكرر الوقائع نفسها، لكن الواقع يزداد سوءا، والهدم يتفاقم. ما شاهده والدي قبل 20 سنة نراه نحن اليوم ولكن أصبح أسوأ بكثير. لقد وصل الضغط إلى مستوى لا يمكن تحمله.

·        هل ترى أن ذلك المستوى بلغ مرحلته القصوى؟

- ربما لا، لكنه بلغ مراحل متقدمة، والأمر بات بالغ الصعوبة. الضفة الغربية مقسمة إلى أكثر من جزء (أ و ب و ج)، ونحن في منطقة يسيطر عليها الجيش والمستوطنون بنسبة 100%، ولا توجد أي حماية. وقد يتخيل الأشخاص هناك حصول أمور هي لا تحدث فعلا، وذلك بسبب الخوف والرعب، فيقررون الخروج من المنطقة.

 

إيلاف السعودية في

26.02.2024

 
 
 
 
 

«ماء العين» لمريم جعبور:

شبح التطرف يخيم على قرية تونسية

نسرين سيد أحمد

برلين ـ «القدس العربي»: في تونس، تغدو قرية صغيرة بالقرب من البحر مسرحا للكثير من الأحداث الكابوسية الغريبة، التي يختلط فيها الواقع بالمتخيل، الذي يقض المضاجع.. هذه القرية هي الأرض التي تدور فيها أحداث فيلم «ماء العين» للمخرجة التونسية/الكندية مريم جعبر، المشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين في دورته الرابعة والسبعين (١٥ إلى ٢٥ فبراير/شباط).

تبدأ أحداث الفيلم بالخوف المسيطر على قلب عائشة (صالحة النصراوي) وهي أم لثلاثة أبناء، ذهب اثنان منهما، وهما مهدي وأمين، للقتال مع داعش، ولم يبق معها إلا ابنها الصغير آدم. الأم تراودها الكوابيس دوما عن مصير ابنيها، وترجو عودتهما، رغم ما قد يكونا اقترفاه من جرائم.

تبدو أسرة عائشة وزوجها إبراهيم، الذي يرعى الأغنام، كما لو أنها أصابتها لعنة، أو تعيش وسط كابوس لا ينتهي. أجواء منقبضة، حتى ساحل البحر القريب بتلاله وكثبانه الرملية وصخوره يبدو مخيفا منذرا بالشر رغم جماله. بيت عائشة ليس البيت الوحيد الذي يعيش هذا الكابوس، إذ تزورها إحدى الجارات باكية متوسلة أن تقرأ لها الطالع في فنجان قهوتها، لعلها تتلمس بعض أخبار ابنها الذي غادر هو أيضا للانضمام إلى داعش.

«ماء العين» هو الفيلم الروائي الطويل الأول لجعبر، التي تبدي تمكنا كبيرا من صنعتها وأدواتها، وهي تختار لفيلمها أن يجمع بين الواقع والمتخيل، أو بين الواقع وما يدور في العقل الباطن لهذه الأسرة الصغيرة، فالواقع بمفرده لا يمكنه أن يصور مدى العذاب النفسي الذي تعيشه تلك الأسرة.

وفجأة يعود الابن الاكبر، مهدي، بعد غياب أعوام مع داعش. يعود تاركا خلفه شقيقه الأصغر، ومصطحبا امرأة متشحة دوما بالسواد ولا يظهر من نقابها الأسود إلا عينيها الزرقاوين العميقتين، اللتان تبدوان خائفتين ومخيفتين في آن. لهذه المرأة، الصامتة دوما والتي لا تخلع نقابها قط، وجود أثيري أو ربما شبحي أو طيفي، حتى أننا نتساءل إن كانت حقا موجودة ملموسة.

وعلى عكس المتوقع، لا يصبح الابن المهشم نفسيا الباكي العائد من داعش هو محور الأحداث، بل يصبح محور الأحداث تلك المرأة صاحبة العينين الزرقاوين المتشحة بالسواد، والأم عائشة. كما هو الحال في فيلم «بنات ألفة» للمخرجة التونسية أيضا كوثر بن هنية، تفتش المخرجة هنا في «ماء العين» عن الذنب الجماعي المجتمعي، عن السبب في تطرف الأختين في «بنات ألفة» وعن تطرف الشقيقين في ماء العين.

يلقي الأب اللوم على الأم لتدليلها الزائد للابنين، وتلقي الأم باللوم على الأب لصرامته الزائدة ولتحميله للأبناء من العمل أكثر مما يحتملون. أو ربما يكون السبب هو ظروف البلاد بأسرها، حيث تدفع قسوة العيش والبطالة الأبناء الواحد تلو الآخر إما صوب البحر للفرار إلى إيطاليا وأوروبا، كما نسمع من أم أحد الشباب الغائبين في الفيلم، أو إلى أحضان التطرف وداعش.

العار والذنب هما الشعور المسيطر على أسرة عائشة وإبراهيم. إنها أسرة عليها أن تتعامل مع حقيقة أن ابنها سفك الدماء وقطع الرقاب، لكن عائشة أم أيضا يتنازعها حب ابنها رغم ما ارتكبه من فظائع. لا يكشف مهدي، المرتعد الباكي المتألم دوما، عما قام به في سوريا، ولا نستشف إلا في لمحات قليلة ما حدث لريم، زوجته. كل ما نعلمه عنها هو أنها سورية غير مسلمة نكلت بها داعش أشد تنكيل وعذبتها أشد العذاب، وأنها هي التي أنقذت مهدي، وأنها تصر على أن ترتدي النقاب والسواد.

هذه الملامح الخاطفة عن ريم تجعلنا نتساءل إن كان وجودها في تونس أمرا حقيقيا أم متخيلا. هل قُتلت ريم على يد داعش حقا وما عاد إلى تونس سوى شبحها أو شعور مهدي بالذنب، لأنه شارك في تعذيبها حتى الموت؟ هل هي ضمير تلك القرية المعذب؟ هل هي عذاب سُلط على هذه القرية انتقاما لمن قتلتهم داعش بلا ذنب؟ لا يجيب الفيلم على هذه التساؤلات ويترك لنا الباب مفتوحا لإيجاد تفسير.

هذا الشعور الطاغي بالذنب والعار يسيطر على الفيلم بأسره. وتدور أغلب أحداثه في داخل منزل عائشة، خافت الإضاءة، الذي تسكنه الكوابيس، والكثير من مشاهد الفيلم لقطات مقربة لوجه عائشة أو إبراهيم أو مهدي، وجميعها وجوه حزينة متألمة. تأتي لحظات الابتسام الوجيزة، حين يذهب آدم، الأخ الأصغر، للعب، لكن وجهه سريعا ما يكسوه الوجوم حين يردد ما قاله أصحابه له عن أن شقيقه إرهابي.

بعد عودة مهدي وريم يتخذ الفيلم بعض سمات أفلام الرعب.. حيوانات تقتل بطريقة مريبة.. شبح متشح بالسواد يجوب طرقات القرية ليلا.. اختفاء العديد من رجال القرية بلا أثر. ونرى هذا تحولا مبررا بل ضروريا، فهل هناك ما يشعر بالرعب أكثر من عودة متطرف مارس التعذيب وقطع رقاب الأبرياء مصطحبا معه إحدى ضحاياه.

 

####

 

ألمانيا تفتح تحقيقاً بعد انتقادات وجهها مخرجون لإسرائيل في ختام مهرجان برلين- (فيديو)

(أ ف ب)  برلين:

يواجه مهرجان برلين السينمائي اتهامات بتقديم منصة لمعاداة السامية، بسبب تصريحات أدلى بها مخرجون خلال احتفال توزيع الجوائز السبت على خلفية الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، ما دفع بالسلطات الألمانية إلى إعلان عزمها فتح تحقيق في الموضوع.

فمنذ الأحد، يُتّهم المهرجان بنشر معاداة السامية بعدما دان سينمائيون على منبر الحدث “الإبادة الجماعية” في قطاع غزة، حيث خلف القصف الإسرائيلي ما يقرب من 30 ألف شهيد، معظمهم من المدنيين، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.

ومن بين الذين وجهوا هذه الانتقادات، مخرج الأفلام الوثائقية الفلسطيني باسل عدرا الذي فاز بجائزة عن فيلم يتناول قضية طرد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، إذ اتهم إسرائيل بارتكاب “مذبحة” في حق الفلسطينيين وانتقد بيع ألمانيا الأسلحة لإسرائيل.

المخرج الإسرائيلي يوفال أبراهام يدون: “فاز فيلمنا “لا أرض أخرى” حول التهجير الوحشي لأهالي مسافر يطا المحتلة بجائزة أفضل وثائقي في مهرجان برلين السينمائي. القناة 11 الإسرائيلية بثت مقطعا من خطابي زعمت أنه “معاد للسـ.ـامية” – ومنذ ذلك الحين وأنا أتلقى تهديدات بالقتل”.. شاهد المقطع… pic.twitter.com/upaxVhm0ZA

وفي الوقت نفسه، لم يتطرق أصحاب الانتقادات إلى أن الحرب اندلعت إثر هجوم غير مسبوق شنّته حماس على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وأدى إلى مقتل ما لا يقل عن 1160 شخصاً، معظمهم من المدنيين.

وقالت الناطقة باسم الحكومة الألمانية كريستيان هوفمان خلال مؤتمر صحافي دوري “من غير المقبول إغفال ذكر هجوم حماس الإرهابي في السابع من تشرين الأول/أكتوبر”.

وذكرت أن المستشار الألماني أولاف شولتس يعتبر أن “مثل هذا الموقف المتحيز لا يمكن القبول به، وبأنه في أي نقاش حول الموضوع، من المهم ذكر الحدث الذي شكّل شرارة هذا التصعيد الجديد في النزاع في الشرق الأوسط”.

وأعلنت وزيرة الثقافة الألمانية كلاوديا روث الاثنين أنها ستنظر في “الوقائع التي حصلت” خلال الحفلة، بالتعاون مع رئيس بلدية برلين المحافظ كاي فيغنر الذي تتشارك معه المسؤولية عن الـ”برليناله”.

ورداً على سؤال حول إمكان إعادة النظر في التمويل العام المقدّر بملايين اليورو لهذا المهرجان، أكدت هوفمان أن الهدف الرئيسي يكمن حالياً في ضمان عدم حصول أمور مماثلة مجدداً.

وألمانيا حيث ما زالت محرقة اليهود (الهولوكوست) التي ارتكب خلالها النازيون مذابح راح ضحيتها ملايين اليهود خلال الحرب العالمية الثانية ماثلة بقوة في ذاكرة البلاد الجماعية، هي من أبرز الداعمين لإسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها بعد هجمات حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.

وكتب رئيس بلدية العاصمة الألمانية كاي فيغنر، في منشور عبر منصة “اكس”، أنّ “معاداة السامية لا مكان لها في برلين، وهذا ينطبق أيضاً على الفنانين”.

وأضاف “ما حدث في مهرجان برلين السينمائي كان اجتزاء لا يُحتمل”، مطالباً بمحاسبة إدارة المهرجان.

 “آراء فردية” 

وقد قوبلت الانتقادات الموجهة لإسرائيل خلال الحفلة الختامية لمهرجان برلين بتصفيق من الحاضرين.

ووصف هيلغه ليند، المسؤول في الحزب الديموقراطي الاشتراكي الذي يتزعمه المستشار الألماني أولاف شولتس، ردة فعل الحاضرين بـ”الصادمة”.

وقال لصحيفة “دي فيلت” اليومية “أشعر بالخزي عندما أرى أن الناس في بلدي يصفقون لاتهامات موجهة إلى إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية”.

وفي بيان، اعتبرت إدارة مهرجان برلين أن تصريحات المخرجين تشكل “آراء فردية ومستقلة” عن المهرجان ولا تمثل رأي هذا الحدث السينمائي، وينبغي “تقبلها” طالما أنها “ضمن الأطر القانونية”.

في الوقت نفسه، أشارت إدارة المهرجان إلى أنها “تتفهم السخط” الذي أثارته التصريحات “التي بدت وكأنها متحيزة جداً” خلال حفلة توزيع الجوائز.

وفي خطوة عززت الجدل، نشر حساب في انستغرام لمهرجان برلين السينمائي يحمل اسم “Berlinale.panorama”، صوراً مثيرة للجدل فيها شعارات بالانكليزية بينها “فلسطين حرة من النهر إلى البحر” و”أوقفوا الإبادة الجماعية في غزة”.

وأكدت إدارة المهرجان أنّ هذا الحساب “تعرض للقرصنة”.

وأضافت في بيان “نُشرت تعليقات تتعلق بالصراع في الشرق الأوسط ليست منبثقة عن المهرجان ولا تمثل مواقفه”.

وأضافت “من غير المقبول أن يستخدم الناس حساباً للمهرجان في مواقع التواصل الاجتماعي لنشر دعاية معادية للسامية”، مؤكدةً أنها حذفت الرسائل وتقدمت بشكوى ضد “هذا العمل الإجرامي”.

 

القدس العربي اللندنية في

26.02.2024

 
 
 
 
 

إن المخرج أوليفر ستون يقدم من خلال فيلمه هذا، إدانة جديدة لأمريكا وجنودها، كما يقدم إدانة لكل الحروب بشكل أو بآخر. لقد قدم المخرج فيلماً متقناً في حرفيته، يعد من بين أهم أفلام الحركة والتكنيك السينمائي الأمريكي، ولكن هذا لا يجعله يتميز كثيراً عن الجيد من أفلام حرب فيتنام.

 

المصرية في

26.02.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004