ملفات خاصة

 
 
 

مهرجان برلين 74:

ما يحدث في العالم العربي لا يبقى في العالم العربي

هوفيك حبشيان

برلين السينمائي

الدورة الرابعة والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

اذا ما استندنا إلى طبيعة الاختيارات المتعلّقة بالسينما العربية ل#مهرجان برلين السينمائي الرابع والسبعين الذي يُختتم غداً، فإن العالم العربي يحضر بصورة، أقل ما يُقال عنها انها لا يمكن ان تكون محل فخر واعتزاز: حروب، نزاعات، قتل، تعصّب، أزمات لا تنتهي. ومَن يستطيع ان يعترض أو ان يعتبر ما يدور على الشاشة تشويهاً ومبالغة؟ فهذا هو الواقع العربي بكامل تفاصيله، اذ قررت السينما كشفه من على هذا المنبر البرليني.

هذا ما يتكوّن عندنا بعد مشاهدة بضعة أفلام عربية أو عن الشأن العربي، بدايةً مع الفيلم التونسي الممتاز، "ماء العين"، وهو واحد من أقوى الاقتراحات السينمائية داخل المسابقة. في هذا العمل الروائي الطويل الأول تواصل المخرجة التونسية مريم جعبر الحديث عن الراديكالية الدينية في تونس ما بعد ثورة الياسمين، التي شهدت انضمام آلاف الشباب التونسيين إلى تنظيم "داعش" الارهابي، إيماناً منهم بالجهاد. هذا موضوع كانت طرحته في فيلمها القصير "أخوان" (2018) الذي رُشِّح للـ"أوسكار".

السينما التونسية التي انشغلت بهذا السؤال طوال الجزء الثاني من العقد الماضي، تعود مجدداً من خلال هذا الفيلم إلى نبش المستور، ولكن بأسلوب وخيارات فنية وخلاصة تتجاوز كلّ ما سبق وقيل عن هذا الموضوع. ربما لأن المخرجة، إلى موهبتها التي ليست محل شك، تنطلق من مكان صادق وحقيقي، اذ تروي في الملّف الصحافي كيف انه خطر في بالها إنجاز فيلم عن شقيقين ريفيين يتركان أهلهما ليلتحقا بالجهاديين، قبل ان يعود أحدهما أدراجه، تاركاً أخاه قتيلاً على أرض المعركة والأوهام.

تقول جعبر: "بدأت رحلة الفيلم في شباط 2017 بطريقة غير متوقّعة. كنت أقوم برحلة براً عبر الشمال التونسي، مع مصوّر سينمائي أتعاون معه منذ فترة طويلة (فنسان غونفيل - تولّى تصوير "ماء العين")، أنا التي عشتُ طوال حياتي في الولايات المتحدة، كنت متشوّقة لاكتشاف وطني تونس، وكلني فضول لاستكشاف المناظر الطبيعية المختلفة. ذات يوم، التقينا بالأخوين مالك وشاكر المشرقي (يلعبان في الفيلم)، وهما يرعيان أغنام والدهما. كان للشقيقين شكل لم أر مثله من قبل في تونس: شعر أحمر ووجه مغطى بالنمش. لكنهما رفضا ان نلتقط لهما الصور الفوتوغرافية. مع مواصلة رحلتنا، اكتشفنا انه، من هذه المنطقة في تونس، خاصةً بعد الثورة، خرج العديد من الرجال إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم "داعش". هذه المعلومة فاجأتني، لأنه كان من الصعب ان أفهم دوافع ناس من هذه البيئة الريفية للالتحاق بـ"داعش" والانخراط في حرب تدور بعيداً من مكان اقامتهم. بدأتُ أفكّر في عائلات الشباب الذين يغادرون، مع الأخذ في الاعتبار الحسرة والعار والهول التي عانى منها الأهل عندما اتخذ ابنهم مثل هذا القرار. في تلك الفترة، كان هذا الموضوع من المحرمات، اذ كنّا نعرف الكثير عن ضحايا "داعش"، ولكن ليس الكثير عن الملتحقين به وبعائلاتهم".

اذاً، انها قصّة أخ، تم التغرير به فضلّ طريقه، قبل ان يعود إلى بيت أهله الذي كان غادره، بسبب علاقته المتأزمة بوالديه - على ما يبدو -، مصطحباً معه فتاة سورية حاملاً. سيختلف كثيراً النحو الذي ستتعامل به معه طائفة من الشخصيات التي تتجمّع حوله. الأب غير سعيد بابقائه في بيته، يخاف السجن والملاحقة القانونية، أما الأم، فهي في الأخير أم، وماذا عساها ان تفعل!؟ تهتم بابنها، ولكن في الحين نفسه تحاول ان تفهم ماذا جرى في سوريا، لا سيما لأخيه المقتول. هذا كله معقّد جداً، خصوصاً ان الأشباح في كلّ مكان، تحوم فوق الرؤوس، ولا تمانع المخرجة في الزجّ بنا طوال ساعتين في ما يشبه الكابوس السينمائي، موظفةً كلّ ما تجده في البيئة الريفية حيث تجري الأحداث.

لا تقدّم مريم جعبر "فيلماً ملفّاً" مع ما ينبغي ان يعرفه المُشاهد (الغربي) من معلومات لفهم القضية بصورة موضوعية. فهذا كله موجود على الإنترنت لمن يريد ان يفهم ويتقصّى، ولمن يرغب في جرعة من السوسيولوجيا. اهتمامها يصب على طرح التعقيدات العائلية في إطار محض سينمائي. فنحن هنا أمام رؤية سينمائية ناضجة، تولي أهمية لما يصنع أهميتها، من ضوء وكادرات، وجماليات عموماً، حتى لو كان الموضوع المطروح هو العار والذنب والتعصّب في العمق الريفي. يتنفّس الفيلم سينما 24 صورة في الثانية، وكله كادرات بديعة وإيقاع محكم ومضمون جاد، وسنعرف مساء اليوم اذا كان هذا كله خطف قلب لجنة التحكيم أم إنها كانت لامبالية تجاهه.

******

ما حدث ويتواصل حدوثه في سوريا لن يبقى في سوريا، ولا في علبة أسرار الداعشي العائد إلى قريته، اذ يكشف المخرج برانت أندرسن بعضاً منه في فيلمه "حال الغريب"، المعروض في "خاص برليناله". فالأفلام المعروضة في أي تظاهرة سينمائية قد يحدث ان تتحاور في ما بينها، وهنا نموذج صارخ لهذا الحوار الحاصل بين عملين، وكأن أحدهما يقدّم تتمّة للآخر، أو يتابع عنه ما بدأه، من دون ان يدرك أي منهما ذلك.

يبدأ "حال الغريب" بمقولة لوليم شكسبير تذكّرنا بأهمية التعاطف البشري، فالإنسان لا شيء من دونه. قبل ان ننتقل إلى مستشفى في حلب حيث تعمل طبيبة (ياسمين المصري) وعليها ان تعتني بالمتحاربين. لكن، بعد قصف منزلها بالطائرات الروسية الحليفة لبشّار الأسد، تضطر ان تحمل ابنتها المراهقة ساعيةً للخروج من البلد المنكوب. ستصادف في طريقها مجموعة أشخاص فيهم من هو جيد ومن هو سيئ، إلى جانب المتعاون والبطل والحقير. عملياً، يمكن القول ان الفيلم هو عن خروجها وابنتها من سوريا إلى اليونان، ثم إلى أرض الله الواسعة. لن يحدث ذلك من دون ركوب قوارب الموت التي تتحدّى أمواج المتوسط، وصولاً إلى أقرب شط أمان في اليونان، حيث في الانتظار خفر السواحل لانتشال اللاجئين من البحر.

أندرسن، على غرار مريم جعبر، يقدّم مع "حال الغريب" عملية تطويل لفيلمه القصير "لاجئ"، مستعيناً بمجموعة من الممثّلين العرب والأجانب. يعرف ماذا يريد بالضبط من الموضوع السوري، فهو في الأصل ناشط قبل ان يكون مخرجاً. لكن، للأسف، فرق كبير بين العضلات خلال العمل التطوعي والعضلات على موقع التصوير، وهناك عالم واسع أيضاً بين حبّ اللاجئ والتعاطف معه من جهة، وصناعة عمل ذي قيمة عنه من جهة ثانية. فأندرسن يبدو مشغولاً بترك أثر ضاغط على نفس المُشاهد، خصوصاً الغربي منه (لا ينفع الفيلم مع المُشاهد العربي والشرق أوسطي)، كونه يلجأ إلى كلّ أنواع المؤثرات للضغط عليه، ولفت انتباهه الى ضرورة النظر إلى المأساة، كي لا يكتفي بالجلوس في كرسيه. الفيلم فيه لحظات قوية بلا شك، وفي المقابل لحظات رعناء غير قابلة للتصديق، حيث أداء الممثّلين في أدنى مستوياته. هذا، رغم ان السيناريو يدور حول فكرة ذكية (على طريقة غييرمو أرياغا)، لكن يلامسها ولا يوظّفها كما يجب، وحتى تلك الفكرة اللمّاحة ينسفها في الأخير، مدفوعاً برغبة عارمة في شرح كلّ شيء، وعدم ترك أي تفصيل في الظلّ. ففي هذه السينما، كلّ شيء يُقاس بما نراه لا بما نتخيله، وهي تتوجّه إلى مُشاهد كسول يتورّط بقدر ما يتيح له وقته.

ولأن الأفلام عموماً، والأعمال الفنية خصوصاً، تفلت من يد صنّاعها ووعيهم، فتخرج عن مسارها، حتى تلك الأكثر خضوعاً لبرمجة مسبقة، فنكتشف بسرور ان بطل هذا الفيلم المتنقّل بين ثلاث بقع جغرافية (سوريا، تركيا، اليونان)، ليس أياً من المهاجرين الذين يتعقّب خطاهم، بل انه قبطان السفينة الذي دأب على إنقاذ حيوات العابرين بحراً. خلافاً لكلّ البقية، هو ليس جلاداً أو ضحية، انه يفعل بقدر عال من الحرية والاصرار، ما يملي عليه ضميره، واذا كان ثمة شيء إيجابي في فيلم كله دمار وخراب وقتل، فإنه يتجسّد في هذا الرجل.

 

النهار اللبنانية في

24.02.2024

 
 
 
 
 

على هامش المهرجان

سكورسيزي: ربما أراكم في برلين مع فيلم جديد قريبا ً

 أحمد العياد

إيلاف من برلين: إذا كنتَ من محبي السينما، فلا بد أنك وقعتَ يومًا في حب اثنين أو ثلاثة على الأقل من أعمال المخرج الشهير مارتن سكورسيزي، الابن البار لإيطاليا التي تنثر السحر على أبنائها ليخرجوا إلى العالم محمّلين بهذا الكم من الفن والإبداع.

وجاء تكريمه في الدورة الـ74 الحالية لمهرجان برلين السينمائي الدولي، ومنحه جائزة "الدب الذهبي" للـ"برلينالة"، مستحقًا ومثاليًا، ووصفته إدارة المهرجان عبر حسابها الرسمي على الإنستغرام بأنه "تكريم واحد من أعظم صناع الأفلام في العالم على مر العصور".

التقى سكورسيزي محبيه، قبل تكريمه، في مؤتمر صحافي، وخاطبهم بالكلمات التي تماثل عذوبتها أفلامه، وكان حديثه شيقًا، أكد فيه حبه للأفلام وتطلعه الى التطوير واستخدام التكنولوجيا، إلى جانب تعلقه بالذكريات التي عاشها في مهرجان برلين خلال دوراته السابقة.

سكورسيزي المفعم بالحياة يعد برلين بالعودة

بهجة كبيرة صنعها سكورسيزي الخاطف للأضواء، بمجرد ظهوره على المسرح لتسلم الجائزة التكريمية التي تضاف إلى قائمة جوائزه الطويلة، فهو أسعد الحضور بوعد العودة إلى مهرجان برلين بعد عامين، قائلًا: "ما زلت أرغب في صنع أفلام جديدة، لذا ربما سأراكم بعد بضع سنوات، آمل ذلك، مع فيلم آخر"، مؤكدا أنه سيحضر بعد عامين، وهي مدة قد تكون كافية لصنع إحدى تحفه الفنية، التي كان آخرها فيلمه المرشح لعشر جوائز أوسكار، مع الثنائي المفضل لديه، ليوناردو دي كابريو وروبرت دينيرو.

ذكريات لا تنسى في برلينالة

وبدا أن وجوده في المهرجان العريق، حفز ذاكرته على استعادة أوقات سابقة عاشها المخرج الكبير في برلين، حيث قال بعد افتتاحية فيلم المخرج فيم فيندرز، أحد أصدقائه المقربين، الذي قدم إليه الجائزة، إن للـ"برلينالة" أثرا كبيرا عليه كمخرج سينمائي، خاصة دورة عام 1968، التي كرم فيها المخرج براين دي بالما بجائزة "الدب الفضي" عن فيلمه "Greetings".

ووصف سكورسيزي ذلك الحدث بأنه كان مهمًا للغاية لهم، إذ شكل نقطة تحول حقيقية للجميع لا سيما في هوليوود، حيث كانوا يعملون بميزانية منخفضة، لافتًا إلى أن الأفلام المستقلة المنخفضة الميزانية كانت نادرة جدًا في أميركا في ذلك الوقت.

أضاف: "ذلك التكريم ساعد في فتح الطريق أمام صانعي الأفلام مثل جيم ماكبرايد وفيل كوفمان"، "لقد أعطانا مكانة كبيرة، بمعنى أن الاستوديوهات بدأت تأخذنا على محمل الجد... لقد مهد الطريق لي للقاء روبرت دينيرو واختياره في فيلم Mean Streets".

أردف أنه، بعد 10 سنوات، جاء إلى برلين ليلة الافتتاح عام 1980 مع فيلم Raging Bull، ثم عاد مرة أخرى مع فرقة "رولينغ ستونز" بفيلم Shine a Light، ثم مرة أخرى مع The 50 Year Argument.

أهمية المهرجانات

وعن المهرجانات، قال سكورسيزي، إنها المكان الذي يلتقي فيه صناع الأفلام للتعرف إلى ثقافات وأفكار مختلفة، من خلال السينما والحياة، وهو لأمر شديد الأهمية لأي مبدع: "هنا نشاهد صور بعضنا بعضا، ونكمل بعضنا بعضا، ونتجادل بعضنا مع بعض، ونسير في مساراتنا الخاصة. أعني، ماذا يمكن للمرء أن يفعل عندما يصبح مهووسًا بأحد أشكال الفن الذي يسمى بالسينما؟"، لافتًا إلى أن "المهرجانات هي المكان الذي يمكنك فيه مشاهدة أفلام لن تراها مرة أخرى، ولكن من الممكن أن يظل أحدها عالقًا في ذاكرتك لسنوات طويلة"، مؤكدًا أنها "فرصة حقيقية تُمنح للأصوات الجديدة والمواهب الواعدة".

لِمَ الخوف من التكنولوجيا؟

وعلى عكس الكثر من صنّاع السينما في العالم، أكد سكورسيزي أنه يجب عدم الخوف من التكنولوجيا التي تطورت بشكل كبير. بل يجب تسخيرها وتوجيهها في الطريق الصحيح لخدمة الفن وأغراضه.

وعن تطور وسائل مشاهدة الأفلام حديثًا، قال: "السينما لا تموت لكنها تتطور"، مشيرًا إلى أنه نشأ في وقت كانت الوسيلة الوحيدة لمشاهدة فيلم ما هي الذهاب إلى صالة العرض، وكأن مشاهدة الأفلام هي تجربة جماعية، لا تصلح إلا لذلك.

إرث ممتد

في حديثه عن سبب اهتمامه بترميم الأفلام القديمة من خلال مؤسسته المعنية بهذا الأمر، وعرض بعضها في دورات سابقة لمهرجان برلين، ضمن قسم الكلاسيكيات، قال إنه يختار الأفلام التي أثرت فيه وشركائه المخرجين ستيفن سبيلبيرغ وبراين دي بالما وبول شريدر.

وأوضح أن أكثر ما يفكر فيه أثناء اختيار تلك الأفلام هو أنها ربما تؤثر في الأجيال الصغيرة خاصة الأطفال، مثلما فعلت فيه السينما وغيرت حياته، متأملًا أن تغير حياة طفل ما أيضًا، ووصف اللحظة التي يحصل فيها على فيلم نادر بأنها "لحظة ساحرة"، خاصة أنه كان يعاني هو ورفاقه في الحصول على نسخ جيدة لتلك الأفلام التي أثرت فيهم.

حلم الطفولة بات قريبًا من التحقق

واختتم سكورسيزي حديثه في المؤتمر الصحافي، عن فيلمه الجديد الذي يحضّر له عن السيد المسيح، قائلًا، إنه التقى بابا الفاتيكان من أجل هذا الفيلم، كما كان التقى به مرات سابقة أثناء إعداد فيلمه Silence.

وعن سبب إخراج فيلم عن المسيح، قال إنها فكرة راودته كثيرًا منذ نعومة أظفاره، حتى قبل عمله في صناعة الأفلام، ولذلك قدم فيلم Silence، ويريد الآن إعادة التجربة، مؤكدًا أنه يرغب في صناعة فيلم لا مثيل له ومتفرد عن المسيح.

 

إيلاف السعودية في

24.02.2024

 
 
 
 
 

«ماء العين» في برلين... فيلم تونسي يحاكي العودة من «داعش»

تجربة «مختلفة» مزجت الواقعية بالفانتازيا

القاهرةأحمد عدلي

في عمق الريف التونسي، تتجوّل المخرجة مريم جعبر بالكاميرا؛ لترصد معاناة الشباب العائدين إلى مسقطهم، بعد انخراطهم في تنظيم «داعش» الإرهابي، وذلك عبر فيلمها الروائي الطويل الأول «ماء العين» المعروض ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان «برلين السينمائي».

تدور الأحداث ضمن الشمال التونسي وطبيعته الساحرة، في محيط عائلة صغيرة، ينضمّ ولداها مهدي وأمين إلى «داعش» في سوريا من دون رضا الوالدين اللذين يخشيان على ابنيهما من الموت في الحرب أو السجن لدى العودة إلى بلادهما.

تتصاعد الأحداث طوال نحو ساعتين، مع عودة مهدي حاملاً خبر وفاة شقيقه، وبرفقته امرأة حامل تضع النقاب، لنشاهد الحياة الجديدة التي يحاولان التأقلم معها، خصوصاً مع عدم قدرتهما على مغادرة المنزل خوفاً من الملاحقة الأمنية.

اعتمدت المخرجة على الاستعارات خلال الطرح، لتضع المتلقّي في مساحة بين الخيال والحقيقة. كما أبرزت معاناة الأم، مع الصدمة والخيبة التي يعود بهما الشاب بعد انخراطه في التنظيم، ورؤيته لأحلامه تذوي، والحقائق تتكشّف.

استطاعت المعالجة البصرية ببصمة فنسان غونفيل، توظيف الصورة بشكل يخدم العمل، فرغم أنّ مخرجته ولدت في الولايات المتحدة، وتعيش معظم الوقت بمونتريال الكندية، فإنها تنقل الواقع التونسي وخصوصيته بحساسية شديدة.

وقدّمت الممثلة صالحة النصراوي شخصية الأم والزوجة، لتجسّد علاقة الحب الوطيدة التي تجمعها بزوجها، ثم صدمة سفر الأبناء، بالإضافة إلى المعاناة بعد عودة ابنها.

تعليقاً، يرى الناقد الفني السعودي أحمد العياد أنّ الفيلم طرح قضية العودة من «داعش» من جانب اجتماعي بصورة فنية ضمّت كثيراً من التفاصيل، التي جاءت استكمالاً لفيلم المخرجة القصير «إخوان» (قدمته قبل 6 سنوات)، لا سيما بما يتعلّق بتكرار تعاونها مع الممثلين.

ويصف الفيلم لـ«الشرق الأوسط» بأنه «أحد أهم الإنتاجات العربية المُنتَظرة خلال العام الحالي لطرحه المتميّز للقضية التي يناقشها، بالإضافة إلى جمالياته الفنية»، مشيراً إلى أنّ «العمل عانى قليلاً لناحية السرد في جزئه الثاني، لكنه لا يزال من أهم الأعمال التي يُتوقّع حصدها جوائز في مهرجانات سينمائية عدّة خلال العام».

في السياق عينه، يشيد الناقد المصري أحمد شوقي بتوظيف المخرجة أدواتها الفنية بشكل جيد للتعبير عن فكرتها، ويذكر لـ«الشرق الأوسط» أنه «رغم تكرار مناقشة قضية انضمام الشباب التونسي لتنظيم (داعش) في أعمال عدة سابقة، فإنّ مريم جعبر استطاعت تقديم التجربة بشكل مختلف مزجت فيه الواقعية والفانتازيا».

ويرى أنّ «الفيلم سيكون من التجارب واضحة التأثير في السينما العربية خلال 2024، لا سيما مع تميّز عناصره الفنية المتعلّقة بالصورة وتوظيفها للتعبير عن الفكرة».

وهو رأي يدعمه الناقد المصري محمد عبد الرحمن، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أنّ «الفيلم يطرح قضية مكرّرة ولكن بزاوية مختلفة، وسط عدم انشغاله بالحديث عن طرق تجنيد الشباب أو تفاصيل ما يحدث، بل بالتركيز على الأسرة، وانعكاس الأمر بشكل مباشر عليها».

ويضيف أنّ «الفيلم أظهر دوافع الشباب للانخراط في التنظيمات المتطرّفة بشكل غير مباشر، سواء بسبب الظروف الحياتية السيئة التي يعيشونها، أو لغة الخطاب الديني المُستَخدمة لاستقطابهم».

 

الشرق الأوسط في

24.02.2024

 
 
 
 
 

«ماء العين» الإرهاب الداعشى جريمة متكررة فى تونس

طارق الشناوي

مع اقتراب نهاية الفعاليات فى المهرجان الفقير فنيا فى أفلامه وبكل تظاهراته، جاء ختام العروض داخل المسابقة الرسمية مع الفيلم التونسى (ماء العين)، ورغم أن نفس هذه (التيمة) الدرامية التى تتناول داعش والتطرف الدينى شاهدناها بمختلف اللغات عشرات المرات، كما أن المهرجان فى هذه الدورة تضمنت بعض أفلامه عددا منها، إلا أنها لا تزال تشكل فى الضمير العالمى مساحة من الترقب والخوف والحذر، ولا يوجد بلد فى مأمن من مرمى هؤلاء الإرهابيين.

الحكاية عن اختراق الشباب التونسى فكريا وغسل أدمغتهم ليصبحوا أداة سهلة فى يد من يريدون تجنيدهم، تشغل بال المبدع التونسى، الكثير من الأفلام والمسلسلات شاهدناهم فيها.

ذهاب الشباب إلى محافظة (الرقة) للانضمام للتنظيم الإرهابى الذى يتدثر عنوة بالدين، ويأخذ ظاهريا بعض الأحاديث الدينية يعيد تفسيرها كما يحلو له حتى تمنحه غطاء يدعى أنه شرعى، ولديه أسلحته المتعددة فى استقطاب عناصر شبابية تبدو عصية على الاختراق، كثير من القضايا المماثلة أثيرت فى السنوات الأخيرة داخل تونس، تشير إلى أن هناك جيوبا ما لتلك التنظيمات الإرهابية التى ينتشر عملاؤها فى العالم، وحتى فى أوروبا، وجدنا من هم يلعبون هذا الدور، رغم اختلاف الثقافة واللغة والدين إلا أنهم يملكون المفتاح، وأعتقد أن تونس كانت هدفا لهم، وهكذا رأينا العديد من الأفلام وهى تقف فى مقدمة المشهد، للدفاع عن الهوية التونسية.

الأسرة التى تنطلق منها الحكاية نرى فى اللقطات الأولى الأم والأب والطفل الذى يشكل بالنسبة لهم مرفأ الأمان، والبسمة الممكنة، وربما الأمل الذى يلوح عن بعد، إلا أننا نلمح حزنا ما على الأم وغموضا يغلف وجه الأب، وسرعان ما نكتشف مأساة تلك العائلة؛ أن ابنيها هاجرا إلى (الرقة) على الحدود السورية مركز (داعش)، بينما الأسرة المسالمة لا تدرى عنهما شيئا، وتتكشف الأمور مع انتهاء نحو 20 دقيقة من الأحداث، عندما يعود أحدهما ومعه زوجة حامل، ونتعرف من خلال التداعيات على باقى الحكاية.

عدد من الأفلام التونسية تناول هذا الجانب، أتذكر منها قبل سبع سنوات (زهرة حلب) إخراج رضا الباهى وبطولة هند صبرى، ومؤخرا أيضا (بنات ألفة) لكوثر بن هنية المرشح هذا العام بين خمسة أفلام تسجيلية طويلة لجائزة الأوسكار، بطولة أيضا هند صبرى التى تثبت دائما باختيارها للعمل الفنى أن النجم يجب أن يكون أولا صاحب موقف ولا يكفى أن يكون فقط صاحب موهبة.

الغريب أن تونس هى أكثر دولة عربية تحاول الاقتراب فى قوانينها من مفهوم العلمانية، ولديهم محددات اجتماعية تتعلق بحقوق المرأة، تتجاوز الكثير مما يعتبره البعض لا يمكن الاقتراب منه شرعيا، إلا أن الدولة تسارع بإصدار القوانين طبقا لرؤية مرنة شرعيا لحماية المرأة، وذلك منذ نهاية الخمسينيات فى زمن الحبيب بورقيبة أول رئيس للجمهورية بعد الاستقلال، ورغم ذلك أو الصحيح أن نقول بسبب ذلك، صارت هدفا لجماعات مثل داعش وأخواتها، وتردد لأول مرة تعبيرات مثل جهاد النكاح وغيره، وأتذكر قبل نحو ست سنوات وقبل مهرجان (قرطاج) السينمائى بساعات، دبرت جماعة إرهابية انفجارا بالقرب من مقر إقامة المهرجان وكانت الرسالة واضحة، (أوقفوا المهرجان)، إلا أن القرار الرسمى الذى تبنته الدولة ونفذه بحماس المدير التنفيذى الراحل للمهرجان نجيب عياد هو إقامة الفعاليات فى موعدها، بل وتعمدت إدارة المهرجان أن تعزف الموسيقى فى نفس المكان الذى حدث فيه الانفجار، لنزع مساحة الخوف كما أراد وقتها الإرهابيون.

هذه الأفلام التى تحمل الجنسية التونسية تلعب دورا مشابها، الشارع التونسى بطبيعة تكوينه يرفع شعار الحرية للجميع، وتجد فيه كل الملابس ترتديها النساء ولا توجد مصادرة أو استهجان، كما أن المرأة فى تونس تمسك عادة بزمام الأمور حتى لو لم تكن هى الفاعلة، إلا أنها تحرض على الفعل، وهكذا وجدنا الأم التونسية هى المحور الدرامى، فى فيلم (ماء العين)، رغم أنها من الناحية الفعلية تتلقى الفعل.

الفيلم يقدم لنا لقطات من (الرقة) أشبه فقط بومضات، لا تقول كل شىء، بينما مريم جوبار المخرجة وهى أيضا كاتبة السيناريو، تعتبر أن البطل هو تلك القرية وانعكاس تفاصيل الحكاية عليها والتى انتهت بمقتل الابن الأكبر وانتحار الثانى، لنتابع بعيون الأم المكلومة، ما فعله الإرهاب على تلك الأسرة تحديدا، والتى غادرتها الابتسامة، بينما الخوف استوطن فيها.

الفيلم ليس مطالبا بأن يسرد الحكاية بتفاصيلها، ولكن تعميق الرؤية التى نتابعها بكل ظلالها وليس فقط ألوانها.

المتلقى فى العالم صار وكأنه على الموجة مع تلك الأفلام التى شاهدنا الكثير منها، وسنرى أيضا الكثير، فهى تشكل قضية عالمية، كيف تم الاستقطاب على هذا النحو، حالة الأسرة التى أصيبت فى مقتل ليس بفقدان ابنين ولكن نزيف المشاعر وفقدان جدوى الحياة؟، هذا هو ما تقدمه المخرجة مريم جوبار من خلال الشريط السينمائى، ليس سردا مباشرا للحكاية بقدر ما هو شاشة تعبر عن ظلال الحكاية، إلا أنها أبدا لا تحكيها.

ونلتقى غدا لنتابع معا النتائج التى أسفرت عنها تلك الدورة التى تحمل رقم 74، الفقيرة فى إنجازها الفنى، والثرية فيما أثارته من أفكار وقضايا!!.

 

المصري اليوم في

25.02.2024

 
 
 
 
 

ختام مهرجان مهرجان برلين السينمائي في دورته الـ74

البلاد/ طارق البحار

دخلت المخرجة الفرنسية السنغالية ماتي ديوب التاريخ في حفل توزيع جوائز مهرجان برلين السينمائي، لتصبح أول مخرجة سمراء تفوز بجائزة الدب الذهبي، وهي الجائزة الأولى في المهرجان عن فيلمها الوثائقي المبتكر ”داهومي“

استقطب مهرجان برلين السينمائي الرابع والسبعين، جمهورًا كبيرًا من صانعي الأفلام من جميع أنحاء العالم، كأهم المهرجانات السينمائية في أوروبا، مع عدد كبير من المشاركين السياسيين الأوروبيين والمحليين الذين يتابعون عن كثب وراء الكواليس.

mبعد أسبوعين من السينما الجديد ، يختتم مهرجان برلين السينمائي اليوم الأحد 25 فبراير بحفل توزيع الجوائز السنوي. يمثل حدث هذا العام تغييرا، حيث يتنحى المدير الفني للمهرجان كارلو شاتريان، في منصبه منذ عام 2018 لإفساح المجال أمام تريشيا تاتل، التي ستتولى المهمة العام المقبل.

وأثار برلين السينمائي هذا العام الكثير من الضجة لأفلام مثل فيلم "La Cocina" للمخرج ألونسو رويزبالاسيوس، وهو دراما تدور أحداثها في مطبخ مدينة نيويورك وبطولة روني مارا، وفيلم تيم ميلانتس الافتتاحي "أشياء صغيرة مثل هذه"، بطولة سيليان ميرفي الفائزة بجائزة الأوسكار. كلا الفيلمين مؤهلان للحصول على جوائز، إلى جانب فيلم "الشاي الأسود" للمخرج عبد الرحمن سيساكو، ومخرجي فيلم "ليلة سعيدة يا أمي" فيرونيكا فرانز وفيلم "حمام الشيطان" للمخرج سيفيرين فيالا، وفيلم "الأبناء" للمخرج غوستاف مولر، وفيلم "الوقت المعلق" لأوليفييه أساياس، بالإضافة إلى فيلم صندانس "رجل مختلف" لآرون شيمبرغ، وغيرها الكثير

 قادت لجنة تحكيم المسابقة الرئيسية المليئة بالمؤلفين هذا العام لوبيتا نيونغو وضمت برادي كوربيت وآن هوي وكريستيان بيتزولد وألبرت سيرا وياسمين ترينكا وأوكسانا زابوزكو وهذه لائحة بالفائزين:

*جائزة الدب الذهبي لأفضل فيلم قصير: الفيلم الأرجنتيني Un movimiento extrano من إخراج "فرانسيسكو ليزاما“، يدور الفيلم حول لوكريسيا التي تعمل كحارسة أمن في أحد المتاحف، تتنبأ يومًا ما بارتفاع حاد في قيمة الدولار، فتقع في حب موظف دار صرافة.

*جائزة أول فيلم: للفيلم الفيتنامي Cu Li Never Cries للمخرج 'فام نجوك لان‘، يتبع الفيلم قصة امرأة تتشبث بعلاقاتها المتضائلة بماضيها بعدما استلمت رماد زوجها الذي طال غيابه في ألمانيا، بينما تستعد ابنة أختها لحفل زفاف.

*جائزة أفضل فيلم وثائقي: لـ No Other Land تم انتاجه بتعاون مشترك بين مجموعة فلسطينية اسرائيلية، ويروي قصة باسل ناشط فلسطيني شاب يكافح منذ طفولته ضد الاحتلال الإسرائيلي، حيث يوثق الإبادة التي تحدث لقريته فينشأ تحالف بينه وبين بصحفي اسرائيلي يدعم موقفه.

*جائزة الدب الفضي لأفضل مساهمة فنية في فيلم سينمائي:  للمصور السينمائي مارتن غشلاشت وذلك عن فيلم The Devil's Bath

*جائزة أفضل إخراج: لفيلم Pepe للمخرج ”نيلسون كارلو دي لوس سانتوس أرياس“، ويروي قصة فرس النهر يدعى (بيبي) الذي كان يومًا ما مملوكًا لبابلو اسكوبار، يموت ويعود للمنطقة كشبح.

*جائزة أفضل سيناريو: فيلم DYING، على مدار ثلاث ساعات وخمسة فصول مختلفة، يروي الفيلم معاناة عائلة متباعدة مكونة من أربعة أفراد زوجان مسنان على شفا الموت، وابنهما الملحن الناجح، وابنتهما المدمنة على الكحول .

*جائزة الدب الفضي لأفضل أداء مساعد: إميلي واتسون عن أدائها في فيلم SMALL THINGS LIKE THESE، الفيلم أيضًا من بطولة كيليان مورفي، وتدور أحداثه في 1985 حول تاجر فحم يقوم باكتشاف صادم في دير محلي، مما يجعله يواجه أسرارًا في مدينته الأيرلندية الصغيرة .

*جائزة الدب الفضي لأفضل أداء رئيسي في مهرجان برلين السينمائي: للنجم سيباستيان ستان، وذلك عن أدائه في فيلم A DIFFERENT MAN، يروي الفيلم قصة رجل منبوذ يبحث عن حياة جديدة وبداية جديدة، وذلك بعد أن خضع لعملية تجميل بالوجه .

*جائزة لجنة التحكيم: إلى فيلم L'EMPIRE للمخرج برونو دومونت، ويروي الفيلم قصة قرية صغيرة في شمال فرنسا والتي تصبح ساحة معركة بين فُرسان متخفين من خارج كوكب الأرض .

*جائزة لجنة التحكيم الكبرى تذهب لفيلم A TRAVELER'S NEEDS للمخرج هونغ سانغ سو، وبطولة النجمة الفرنسية إيزابيل أوبي .

امرأة فرنسية تدمن نبيذ الأزر  في كوريا بعد أن فقدت مصدر دخلها، ثم تشرع في تدريس اللغة الفرنسية لامرأتين كوريتين.

*جائزة الدب الذهبي لأفضل فيلم في مهرجان برلين السينمائي: الفيلم الوثائقي DAHOMEY للمخرجة ماتي ديوب.

يروي الوثائقي رحلة 26 كنزًا ملكيًا منهوبًا من مملكة داهومي معروضة في باريس، حيث يتم إعادتها الآن إلى بنين وتعبر ديوب فنيًا عن مطالب الجيل الجديد من الشعب البنيني.

 

####

 

لوبيتا نيونغو.. امرأة تصنع التاريخ في برلين السينمائي

البلاد/ طارق البحار

الممثلة الكينية لوبيتا نيونغو، نجمة عالمية وتم تكريمها بالفعل بجائزة الأوسكار في سن 31 - كأول امرأة أفريقية سوداء على الإطلاق، وهذا العام هي أول رئيسة للجنة تحكيم مسابقة دولية  ”سمراء البشرة“ في السنة 74 من وجود مهرجان برلين السينمائي.

وحققت العديد من الانجازات قبل ذلك مثل ظهورها على مسرح برودواي لأول مرة،  وتم ترشيحها لجائزة توني - أهم جائزة للمسرحيات الموسيقية والمسرحيات في الولايات المتحدة الأميركية، واحتل كتابها للأطفال "Sulwe" على الفور المرتبة الأولى في قائمة نيويورك تايمز الأكثر مبيعا، كما تم ترشيحه لجائزة كتاب الأطفال في المانيا .

اختيارها ليس من قبيل الصدفة، فالنجمة  لوبيتا نيونغو هي شخصية سياسية ناجحة، ولدت في 1 مارس 1983 في مكسيكو سيتي، حيث فر والداها من الاضطرابات السياسية من كينيا عندما كان عمرها بضعة أشهر فقط، عادت نيونغو إلى نيروبي مع أشقائها الخمسة ووالديها، يعمل والدها أستاذ للعلوم والسياسية، وهو الآن عضو في مجلس الشيوخ في كينيا.

ذهبت إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأميركية للدراسة، ودرست دراسات السينما والمسرح في كلية ”هامبشاير“ وبعد ذلك في مدرسة ”ييل“ للدراما الشهيرة، وكان أول فيلم وثائقي لها بعنوان "في جيناتي" عن المهق في وطنها كينيا.

أرادت لوبيتا أن تصبح مخرجة أو منتجة في بداية دخولها عالم الفن، وقامت بتدريب داخلي مع المخرجة ميرا ناير والمخرج فرناندو ميريليس في مجموعة "The Eternal Gardener“ حتى دخلت وتعمقت في التمثيل وصولا الى عام 2014، عندما فازت بجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة مساعدة عن فيلم "12 Years a Slave" لستيف ماكوين، وفي خطاب فوزها أعربت عن رغبتها في أن يذكرها ”التمثال الذهبي" بأن أحلام الاطفال لها قيمة، بغض النظر عن مصدرها.

جعلت جائزة الأوسكار الشابة البالغة من العمر 30 عاما نجما بين عشية وضحاها لعدة أشهر، وكانت على أغلفة المجلات الكبرى في انتشار الأزياء المتقنة، وفقط أمام الكاميرا جعلت نفسها نادرة ومميزة.

منذ فيلم "12 Years a Slave"، صنعت أحد عشر فيلما فقط، كحوالي فيلم واحد في السنة، لكن كان لها تأثير كبير، فبمجرد التفكير في فيلم Marvel المقتبس نتذكر "Black Panther" وتكملة "Wakanda Forever"، التي قدمت نوع من الأبطال الخارقين بقوة، وفيه لعبت دور المحارب ”نايكا“ فيلم يسد الفجوة بين التقاليد الأفريقية التي تعود إلى آلاف السنين وثقافة البوب الحديثة، بدولة خيالية تم إنشاؤها بواسطة التأثيرات الأفريقية، ومستوحاة من أفارقة حقيقيين“.

قدمت صوتها إلى الأم الذئب راكشا في طبعة جديدة "لكتاب الأدغال"، وللقرصان ماز كاناتا في "حرب النجوم“، ولعبت دور البطولة في فيلم الرعب "Us" للمخرج جوردان بيل، وفي فيلم التجسس "355" إلى جانب جيسيكا شاستين وديان كروجر وبينيلوبي كروز.

ومع ذلك، فهي اختيار جيد كرئيسة لجنة التحكيم اليوم، وعن ذلك يقول مديرو المهرجان: ”تجسد لوبيتا نيونغو ما نحبه في السينما، النهج متعدد الأوجه للمشاريع المختلفة، وجذب مجموعات مستهدفة مختلفة، وفي الوقت نفسه الاتساق الذي يظهر بوضوح في أدوارها، بقدر ما قد تكون مختلفة“.

 

####

 

من مهرجان برلين السينمائي

مخرج “الشاي الأسود”: هناك عالم آخر خارج أوروبا

البلاد/ مسافات

سعى المخرج الموريتاني عبدالرحمن سيساكو إلى إظهار جانب من إفريقيا كثيراً ما تغفل شاشات السينما عن تصويره، وذلك عبر فيلمه الرومانسي الذي يربط بين قارتين، ويركز على الشاي (الشاي الأسود) الذي عرض في مهرجان برلين السينمائي .

وقال سيساكو المرشح لجائزة الأكاديمية البريطانية للأفلام (بافتا) للصحافيين قبل العرض: “كان من المهم بالنسبة لي أن أوسّع هذه النظرة. في معظم الأحيان تكون هناك نظرة أوروبية، أو تركز على ما هو أوروبي، كما لو كان هذا هو كل العالم”. وتابع: “لكن هناك عالماً آخر موجوداً”.

ويبدأ الفيلم الذي يشبه الحلم أحياناً في حفل زفاف في ساحل العاج، حيث تترك (آية)، التي تلعب دورها نينا ميلو، عريسها في اللحظة الأخيرة وتنتهي بها الحال في مجتمع الشتات الإفريقي الراسخ في قوانغتشو بالصين. وهناك، تقع (آية) في حب (كاي)، صاحب المقهى الذي تعمل فيه، والذي يلعب دوره تشانغ هان، بينما كان يعلمها قواعد حفلات الشاي في قبو المتجر.

 

البلاد البحرينية في

25.02.2024

 
 
 
 
 

مهرجان برلين: "الدب الذهبي" للفرنسية ــ السنغالية ماتي ديوب

(فرانس برس)

توج مهرجان برلين السينمائي، أمس السبت، المخرجة الفرنسية السنغالية ماتي ديوب (41 عاما) بجائزة الدب الذهبي عن فيلم وثائقي، يتناول استعادة أعمال فنية نهبتها القوى الاستعمارية السابقة في أفريقيا.

ومن خلال مكافأة فيلم يتطرق بشكل مباشر إلى حقبة ما بعد الاستعمار، حافظت لجنة التحكيم برئاسة الممثلة المكسيكية الكينية لوبيتا نيونغو، وهي أول شخص أسود يتولى هذه المسؤولية المهمة، على نهج المهرجان المعروف باهتمامه بالقضايا السياسية.

وقالت ماتي ديوب لدى تسلمها جائزتها: "بإمكاننا إما أن ننسى الماضي، ذلك العبء المزعج الذي يمنعنا من التطور، أو أن نتحمل مسؤوليته ونستخدمه للمضيّ قدماً"، بعد اقتباسها مقولة للمفكر المارتينيكي إيميه سيزير.

وأضافت: "بصفتي مخرجة سينمائية فرنسية سنغالية من أصل أفريقي، اخترت أن أكون واحدة من أولئك الذين يرفضون النسيان، والذين يرفضون فقدان الذاكرة كوسيلة".

ويروي فيلم "داهومي" استعادة بنين 26 عملاً فنياً، كانت نهبتها القوات الاستعمارية الفرنسية أواخر القرن التاسع عشر، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021. واندرجت هذه الخطوة في إطار حركة بدأت خلال السنوات الخمس الماضية من جانب القوى الغربية السابقة، بينها فرنسا وألمانيا وبلجيكا.

ماتي ديوب، التي وُلدت ونشأت في باريس لأب سنغالي هو المؤلف الموسيقي واسيس ديوب وأمّ تعمل أيضاً في مجال الفن، كانت قد فازت بالجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي عام 2019 عن فيلم "أتلانتيك"، وهي أرفع مكافأة بعد جائزة السعفة الذهبية.

وقالت المخرجة لوكالة فرانس برس إنها ترغب في أن يُشاهَد فيلمها "في أكبر عدد من البلدان الأفريقية" و"في المدارس والجامعات".

وهذا ثاني فيلم أفريقي ينال جائزة الدب الذهبي بعد الفيلم الجنوب أفريقي "يو- كارمن إي -كايليتشا" U-Carmen e-Khayelitsha للمخرج مارك دورنفورد-ماي عام 2005.

وتخلف ماتي ديوب الفرنسي نيكولا فيليبر الحائز على "الدب الذهبي" العام الماضي.

كما تضيف ماتي ديوب اسمها إلى مجموعة من المخرجات الفرنسيات اللواتي فزن بجوائز سينمائية كبرى في السنوات الأخيرة: جوليا دوكورنو (السعفة الذهبية في مهرجان كان عام 2021)، أودري ديوان (الأسد الذهبي في البندقية في العام نفسه)، أليس ديوب (جائزتان في البندقية عام 2022)، وبالطبع جوستين ترييه التي هيمنت يوم الجمعة على جوائز سيزار بعد فوزها بالسعفة الذهبية العام الماضي في مهرجان كان، والتي ينافس فيلمها "أناتومي دون شوت" بقوة على جوائز الأوسكار.

من باريس إلى كوتونو إلى الدب الذهبي

يسرد الفيلم قصة 26 عملاً نهبتها القوات الاستعمارية الفرنسية عام 1892 في مملكة داهومي، في الجزء الجنوبي الأوسط من بنين الحالية، التي تكونت آنذاك من ممالك عدة.

أعطت ماتي ديوب التعليق الصوتي على أحداث العمل لتمثال مجسم للملك غيزو.

وبلغة بنين، الـ"فون"، يشكو الملك غيزو في العمل من أنه لم يعد يحمل اسماً، بل فقط رقم "26"، في محفوظات متحف كيه برانلي في باريس.

ويصف الراوي في الوثائقي اقتلاعه من أرضه وحياته في المنفى، ثم إعادته إلى موطنه أخيراً ليُعرض في أحد متاحف كوتونو، عاصمة بنين.

ولا يظهر في الفيلم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره البنيني باتريس تالون، وهما وراء عملية الإعادة التي أُنجزت في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021.

وتشدد المخرجة على أن عملية الإعادة اقتصرت على هذه الأعمال الـ26 وحدها، "في مقابل سبعة آلاف عمل لا تزال محتجزة في متحف كيه برانلي" في باريس.

كما منحت لجنة تحكيم الدورة الرابعة والسبعين لمهرجان برلين السينمائي الممثل الروماني الأميركي سيباستيان ستان، عن فيلم "إيه ديفرنت مان" A different man، جائزة أفضل أداء تمثيلي.

ومنحت أيضا جائزة لجنة التحكيم الكبرى لأحد رواد المهرجان وهو المخرج الكوري الجنوبي هونغ سانغ سو عن فيلم "إيه ترافيلرز نيدز"'A Traveler’s Needs مع الممثلة إيزابيل أوبير، وجائزة لجنة التحكيم لفيلم "لامبير" L'Empire للمخرج برونو دومون الذي طُرح الأربعاء في دور السينما الفرنسية.

وفي وقت سابق السبت، منحت منظمة العفو الدولية بفرعها الألماني جائزتها الخاصة بمهرجان برلين السينمائي لعمل درامي أردني يتناول قضية اللاجئين، بعنوان "ذا سترينجرز كايس" The Stranger's Case (قضية الغريب)، واصفة إياه بأنه "فيلم مثير للإعجاب يتناول قصة ملحمية عن الهروب من سورية".

 

العربي الجديد اللندنية في

25.02.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004