ملفات خاصة

 
 
 

منع وغرابة وتدليس سياسي في أول ويك أند من مهرجان برلين

هوفيك حبشيان

برلين السينمائي

الدورة الرابعة والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

من أكثر الأفلام التي نالت الاعجاب في مسابقة الدورة الحالية من #مهرجان برلين السينمائي (15-25 الجاري)، "كعكتي المفضّلة" للمخرجة الإيرانية مريم مقدّم وزميلها ومواطنها بهتاش صناعي، اللذين احتُجِز جوازاهما ومنعتهما سلطات بلادهما من السفر إلى الـ"برليناله"، وهما يخضعان الآن إلى التحقيق. كان هذا متوقَّعاً، لا بل يُمكن وصفه بمشهد بات مألوفاً منذ فترة في كلّ مهرجان سينمائي يعرض فيلماً إيرانياً يخالف معتقدات نظام الملالي. والواقع ان كثرا يوظّفون هذا المنع لمصلحتهم. 

بعث المخرجان برسالة، قرأتها ممثّلة الفيلم ليلي فرهاد بور، خلال المؤتمر الصحافي حيث تُرك كرسياهما شاغرين، وجاء فيها: "نحن ممنوعان من الانضمام إليكم ومشاهدة فيلم على الشاشة عن الحبّ والحياة، وأيضاً عن الحرية، الكنز المفقود في بلادنا، حيث ليس من الممكن سرد قصّة إمرأة إيرانية مع التزام القوانين الصارمة مثل الحجاب الإلزامي". 

صُوِّر الفيلم قبل الاحتجاجات التي عمّت إيران في أيلول من العام 2022، رُفعت خلالها شعارات مؤيدة للمرأة قبل ان يتم قمعها. ثورة وُلدت على وقع وفاة شابة كردية إيرانية اسمها مهسا أميني، خلال احتجاز شرطة الأخلاق الإيرانية لها. ولكن بما ان قضية المرأة مترابطة في إيران، فهذا الفيلم امتداد لكلّ ما يحدث في هذا البلد، وذلك من خلال حكاية بسيطة لا تنطوي على أي تعقيد.

هذا ثاني فيلم روائي طويل لهذا الثنائي الذي لفت الأنظار بعمل أول عُرض في النسخة التي أقيمت "أونلاين" من مهرجان برلين عام 2021، وجاء بعنوان "أغنية البقرة البيضاء" الذي يروي نضال إمرأة تكتشف ان زوجها الذي أُعدِم كان بريئاً، ومنذ تلك اللحظة يبدأ صراعها مع نظام بيروقراطي لا يرحم. مُنع الفيلم في إيران، وواجه المخرجان مضايقات عديدة، لكن مع ذلك صورا جديدهما، وهذا سيناريو صار مألوفاً كثيراً في إيران، ولا يفهمه أحد. 

جديد هذا الثنائي لا يختلف كثيراً عن العمل السابق، اذا أخذنا في الاعتبار انه فيلم موجَّه ضد كلّ أشكال السلطة المفروضة، الدينية والسياسية والأخلاقية، التي تتدخّل في حياة الإنسان. الفيلم في هذا المعنى يتجاوز "الخطوط الحمر" التي وُضعت في إيران في ما يتعلّق بالسينما. فالبطلة هنا أرملة سبعينية تعيش وحدها، بعد موت زوجها وهجرة ابنتها إلى أوروبا، على الأرجح للأسباب التي تعاني منها أمّها وكانت ستعاني هي منها لاحقاً لو لم تغادر. الأم حبيسة جدران أربعة، تتلقّى زيارات رفيقات لها بين حين وآخر، لكن تشعر بالملل في حضورهن. حياتها روتين، لكن ذات يوم وهي تستعد لتناول الغداء في مطعم، تلتقي سائق تاكسي من عمرها. جملة واحدة تسمعه يقولها فتنجذب اليه. تتطور الأشياء بسرعة، بعد أن تستضيفه في بيتها، ومن هنا يأخذ الفيلم اتجاهاً يمكن نعته بالجريء قياساً لفيلم إيراني، ذلك انه سيشهد رقصاً وخمراً وسفوراً وتفاصيل أخرى تبثّ الدفء بينهما، لكن هذا كله غير مقبول في بلد يحرّم ظهور المرأة بلا حجاب على الشاشة. لا يلتزم المخرجان هذه القاعدة، ذلك ان مناقشتها هي في الأساس من صميم العمل نفسه، وهناك مشهد يشير حتى إلى عدم قدرة المرأة الإيرانية على الظهور بلا شيء يغطّي رأسها في الأفلام.

نتيجة هذا كله، يمكن ان نفهم لماذا يشكّل الفيلم كابوساً للسلطات الإيرانية، لأنه لا يخضع إلى لائحة الأخلاقيات والتدابير والأعراف. وما بطلة الفيلم هنا سوى امتداد لمهسا أميني، لكن في عمر مختلف وظروف مختلفة وغضب تعبّر عنه على طريقتها. هذا فيلم عن سيدة تحاول ان تذوق طعم الحرية خلال ما تبقّى لها من وقت، وان تختار رجلاً وتحاول ان تحيي شبابها من خلاله. في احد المشاهد، تقول بأن معظم الرجال لم يعرفوا ماذا يعني ان تحبّهم إمرأة، وفي تعليقها نشعر بأنها تتحدّث عن نفسها. 

سينمائياً، وبعيداً عمّا يقدّمه من مضمون يتجاوز السائد في السينما الإيرانية، لا يحلّق الفيلم عالياً في فضاء الفنّ السابع. هناك بعض الارباك داخل السيناريو، بعض البلادة، لحظات جيدة تليها لحظات ضعف، ومحاولة متكررة واضحة جداً لصناعة طرافة. الألمان، الذي لا يضحكون عادةً، ضحكوا كثيراً (شاهدتُ الفيلم مع الجمهور)، ولم أفهم دائماً لماذا. لعل ما يحدث بين الرجل والمرأة داخل بيتها، من تفاصيل حميمة وتفاصيل دالة على القمع الذي يعيشانه، أشياء لا يمكن ان تحدث في ألمانيا. لسوء الحظ، أهمية الفيلم تنتهي عند هذا الحد. الخاتمة غير موفّقة، نشعر ان ثمة حيطا مسدودا وصل اليه النصّ، مما اضطر الفيلم إلى اختلاق حل مرقّع. في النهاية، علينا ان نسأل دائماً ماذا يبقى من فيلم اذا حجبنا أو صرفنا النظر عن كلّ الظروف المحيطة به والأسباب العقائدية التي تساهم في اعجابنا به. في هذه الحالة، سيبقى مجرد كوميديا رومنطيقية تذوب في قدر آلاف الأفلام المعروضة.

******

في المقابل، لن ينسحب هذا الكلام على "الأمبرطورية"، جديد المخرج الفرنسي الكبير برونو دومون المعروض في المسابقة. فيلم على نسق أحد أعماله السابقة، "ما لوت"، لكن يتجاوزه جنوناً وسوريالية وحسّاً "بورلسكياً". تجري الأحداث في ساحل أوبال، شمال فرنسا. يحملنا سيناريو دومون الغرائبي إلى قرية صيادين هادئة، ستشهد ولادة طفل غير كلّ الأطفال، منتظر الى درجة انه سيطلق العنان لحرب سرية بين قوى الخير والشر التي تأتي من خارج كوكب الأرض.

كثر لم يتوقّعوا فيلماً كهذا من دومون، لكن تكمن أهمية صاحب "كاميّ كلوديل" في انه لا يتوقّف عن ادهاشنا في كلّ مرة، مقحماً إيانا في مناطق جديدة. ماذا يمكن القول عن فيلمه هذا سوى انه جرعة من السينما الخالصة، نعيشها بحواسنا وطبعاً بعدم فهمنا لكلّ ما يحدث على الشاشة، من أحداث متلاحقة تزج بالفيلم في الـ"بارودي"، اذا يتبين بعد دقائق من انطلاق الفيلم ان الهدف منه هو محاكاة تلك السينما التي تأخذ من صراع الخير والشر قضية لها. هنا، كلّ شيء ساخر، لا يمكن تناوله في مستواه الأول. 

******

مخرجان مخضرمان في السبعينات من عمرهما، خيّبا أملنا في مهرجان برلين هذا العام: الأميركي أبيل فيرارا مع "نكء الجرح" والإسرائيلي أموس غيتاي مع "شيكرون"، المعروضين خارج المسابقة، في اطار "خاص برليناله". قد لا تكون الخيبة الكلمة المناسبة، ذلك إننا لم نكن ننتظر الكثير منهما، بعد تجارب عدة سيئة في السنوات الأخيرة، لكن لم تكن على هذا القدر من السوء والارتجال والخفّة والرداءة والافتعال والادعاء. 

في "نكء الجرح"، ينتقل فيرارا إلى أوكرانيا لتصوير ما خلفته فيها الحرب من دمار، يستجوب الناس، وغالبهم من النساء، عمّا عاشوه في تلك الأثناء من معاناة. ولا ينسى محاورة الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي، الذي غاب هذا العام عن حفل الافتتاح، لكنه عاد وأطل في فيلم فيرارا كي ينطق بكليشيهات لا معنى لها. المهم، يمزج فيرارا كلّ ما التقطه في أوكرانيا مع مشاهد لمغنية الروك الشهيرة باتي سميث، وهي تقول الشعر وتغنّي. هذا كله من المفترض ان يحمل معاني سامية، ويعبّر عن ضمير الفنّان وألم الضحايا، لكن، بدلاً من ذلك، يكشف الهوة الكبيرة بين المكان الذي يقيم فيه الإنسان المنكوب الذي يتلقّى القذائف فوق رأسه، والآخر الذي ينجز عنه وثائقياً ليجوب به المهرجانات. عمل صغير، معنى وقيمة، قد يكون فيرارا تعلّم شيئاً ما وهو يصوّره أو ربما استمتع به، لكن من مصلحته ان يسقط من سجلّه، كي لا يحاسبه عليه أحد لاحقاً.  

غيتاي، هذا اليساري التقدّمي، المناصر للقضية الفلسطينية، مشكلته مشابهة لمشكلة فيرارا. يموضع كاميراه في مسكن شعبي، حيث الناس الذين يخشون من حيوان الخرتيت الذي تحوّل اليه البعض. الفيلم يقول غيتاي انه استوحاه من "الخرتيت" لأوجين يونيسكو، مسرحية تتحدّث عن صعود الفكر التوتاليتاري. كلّ مَن دخل الفيلم توقّع بياناً سينمائياً عمّا يحدث في غزة، وما حدث في إسرائيل في السابع من تشرين الأول الماضي، لكن مخيلة غيتاي في مكان آخر، تسرح بين النجوم، رغم ان قدميه على الأرض. 

في الملف الصحافي، يوضح ان فكرة الفيلم وُلدت في السياق الذي كان قائماً داخل إسرائيل، قبل السابع من تشرين الأول: "كنّا وسط حركة احتجاجية ضخمة ضد محاولة نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة لإصلاح النظام القانوني، وقامت تظاهرات جمعت جمعيات نسوية وجنودا وأكاديميين واقتصاديين، وكلّ مَن كان يناضل من أجل التعايش السلمي مع الفلسطينيين، وكذلك قطاع كبير من المجتمع المدني الذي يقف ضد تدمير النظام القانوني الديموقراطي. كانت هذه الحركة بمثابة رد فعل على ظهور شكل من أشكال الامتثال واختفاء الروح النقدية في المجتمع الإسرائيلي. في هذا السياق، أعدتُ قراءة مسرحية يونيسكو، التي كُتِبت في نهاية الخمسينات وتناولت مناهضة الشمولية. فبدا لي انها تعكس ما كنّا نختبره. رأيتُ فيه إمكان إلهام فيلم عن الحاضر الذي كنّا نعيش فيه".

 

####

 

برلين 74 - "خارج الزمن": حنين إلى الحجر الصحّي

برلين-"النهار"/ هوفيك حبشيان

بعد انتهاء الحجر الصحّي، كان عالم السينما يتوقّع تسونامياً من الأفلام التي تتناول تلك الفترة من حياتنا التي جلسنا خلالها نتأمّل أنفسنا من دون ان نفهم الكثير عمّا يحل بنا وبالعالم الذي حولنا. لكن الأفلام جاءت قليلة ومحدودة التأثير، لذلك ما يقدّمه المخرج الفرنسي أوليفييه أساياس في جديده، "خارج الزمن"، المتسابق على "الدبّ الذهبي" في مهرجان برلين السينمائي الرابع والسبعين (15-25 الجاري)، قد يكون واحدا من أهم أفلام تلك الحقبة التي بقدر ما هي قريبة تبدو أيضاً بعيدة، اذ ان بعض الممارسات التي كانت ضرورية آنذاك تثير الضحك والسخرية اليوم.

اذاً، بعد مجموعة أفلام فيها الجيد والأقل جودةً، جعلته أحد أبرز السينمائيين في فرنسا، حاول أساياس تناول حياته الشخصية، من مدخل الجائحة والثقب الذي أحدثته للتفكير في ماضينا وحاضرنا وأيضاً في مستقبلنا، على ضوء المتغيرات التكنولوجية التي لاحت في الأفق وطرحت حلولاً بديلة للتعامل مع القيم، من بينها العمل.

"خارج الزمن" أرض اختبار، ليس كلّ ما فيه ناجحا وإستثنائيا بالضرورة، لكنه "وورك إن بروغريس"، وليد حاجة، واللافت انه على صلة بفيلم أساياس السابق، "حياة مزدوجة" حيث كان لأساياس آراء في التحولات التي طرأت على عالم النشر وهي تنعكس على القراء. يمكن اعتبار فيلمه هذا تتمة له، كونه عن الثورة الرقمية، لكن في زمن مضطرب أكثر، حيث شقيقان (فنسان ماكاين وميشا لسكو) وحبيبتاهما (نورا حمزاوي ومود وايلر) عليهما التعايش مع بعض لفترة، بسبب الظروف القاهرة، مع ما يترتب على ذلك من خلافات بسيطة ومشاكسات يومية، بعضها ذو صلة بهواجس البيئة التي ينتمي اليها المخرج، كون الفيلم ليس مستوحى ممّا عاشه فحسب أثناء الجائحة، بل صُوِّر أيضاً في بيت والديه، وهذا يعني ان هناك اقحاماً لخصوصية معينة، وأشياء عالقة يصفّي أساياس حسابه معها على نحو ممتاز، بعد عثوره على هذا التوازن الجميل بين ما هو ذاتي وما هو موضوعي.

وما أدراكم ما هو العائلي والشخصي، عندما يمتزجان بسيرة الجدة والأم والخلفية الثقافية والذكريات والأشباح، ويمتزج هذا كله مرة أخرى بتجربة مخرج عاش وعيه بالثقافة والفنّ في زمن معين في باريس، أضف إلى كلّ ما سبق تلك الحاجة إلى الكلام والبوح عند وصول الإنسان إلى عتبة السبعين من العمر. النتيجة: عمل هادئ يأخذ من الطبيعة في زمن الأزمة وإيجاد الحلول البديلة، مسرحاً لتسكّعات بول (ماكاين في أداء باهر وهو ألتر إيغو المخرج)، حيناً للاجتماع بمعالجته النفسية بعيداً من الأعين، وحيناً لتبادل قبلة شاعرية مع حبيبته.

يقول أساياس في الفيلم بأنه شعر بالحنين إلى هذه الفترة القصيرة من حياته بعد انتهائها، وهذا هو الشعور الذي تملّكني أيضاً بعد عبور الجائحة. هناك فعل مشترك يلتقطه الفيلم بحساسية معينة، انه هذا العالم المملوء بالكتب والأفلام واستحضار الماضي والنميمة والخوف على الرحيل من دون ترك أي شيء. ما يصنع جلسات المثقّفين في المقاهي خلال الأيام الطبيعية، يحضره أساياس إلى قريته في ربيع مضطرب، تحت سماء الريف الفرنسي الزاخر بذكريات الطفولة. أنجز أساياس هذا الفيلم وهو يعلم انه محظوظ كونه عاش هذه الحالة التي ربما لن تتكرر مرة ثانية في حياته. وما يبدو ميزة عنده، قد يشكّل عقبة أمام المُشاهد، لأن التجارب الكوفيدية كانت مختلفة بعضها عن بعض، أي انها محلية وعابرة للقارات في آن واحد، ومن كان محشوراً في بيت من غرفة ومطبخ، على الأرجح سيجد ان ما عاشه أهل الريف هؤلاء، فيما أكبر مشكلة عندهم صوت التلفاز العالي ليلاً، ترف لا يستحق ان يُروى، لأنه تجربة لا تعبّر عمّا عاشته الأكثرية. هناك، في المقابل، من سيقدّر الفيلم للسبب نفسه.

 

####

 

برلين 74 - "رجل مختلف": ماذا لو لم يكن الجمال كلّ شي؟

هوفيك حبشيان

إدوارد ممثّل أدوار ثانوية في أفلام درجة عاشرة وكليبات توعية، ويحمل وجهاً مشوهاً، هو بطل فيلم المخرج الأميركي أيرون شيمبرغ، "رجل مختلف"، المشارك في مسابقة الدورة الرابعة والسبعين من مهرجان برلين السينمائي الذي يستمر إلى الخامس والعشرين من الجاري. لكن رجلنا (سيباستيان ستان)، يرفض هذا الوجه، فيخضع لعملية تطيح القديم وتأتي بجديد، ليعود معها شاباً وسيماً، لكن لن تنتهي حكايته ولن تجد محنته الخاتمة التي كان يتمنّاها، فمع اختيار جارته المخرجة المسرحية (الإنسانة الوحيدة التي تتقرّب منه وتجد فيه شيئاً ما) ممثّلاً مشوّهاً ليلعب دورا مستوحى من حياته السابقة، ستتغلغل الغيرة في داخله وتنقلب حياته رأساً على عقب، أكثر ممّا كانت مقلوبة في السابق، ليصبح شخصاً موتوراً لا يُطاق، بعد أن يفقد السيطرة الكاملة على حياته وأفعاله، مطالباً بما راح من دربه، بل يضعه هذا الصراع أمام أسئلة من نوع جديد لا يمكن تخيله. باختصار، ينتقل من كابوس إلى كابوس أفظع. فالرجل كان يعتقد ان مشكلته في منظره الخارجي الذي يصوغ علاقته بالواقع، وصلته بالآخرين، ذلك انه كان ينظر إلى نفسه مثلما ينظر الآخرون إليه. لكن عندما يتعرف الى أوزفالد، الذي يتبيّن انه يلعب دوره في مسرحية كان يتمنّى لو لعبه، والنجاح الذي يعيشه هذا الرجل بصرف النظر عن منظره الخارجي، سيكون صفعة له وللمشاهدين كذلك. فماذا لو لم يكن الجمال كلّ شيء؟

لحسن الحظ، ولو إن الاحتمال كان كبيراً، لا يقع شيمبرغ في فيلم مغلف بالكاراميل، ميلودرامي الهوى، ولا يعطي محاضرة في كيفية التعاطي مع الناس الذين يشكون من هذه الحالة المرضية التي تجعل منهم حالات اجتماعية يجب التعامل معها بتمييز، وذلك رغم ان الفيلم يحمل مضموناً اجتماعياً، لكن فطنة المخرج انه يتعامل معه بوعي من المطبات، محوّلا اياه إلى عمل يجمع ما بين الجدية والخفّة، مما يسهّل بلوغه قلوب المشاهدين بسرعة. يأتي الفيلم بخطاب معاكس، مسلّ بعض الشيء، يجدر التذكير به بين حين وآخر، علماً انه لا ينطوي بالضرورة على حقيقة مطلقة. انها حقيقة الشخصيات، لا حقائق تنسحب على الجميع.

"رجل مختلف" مصوَّر بشريط خام 35 ملم، فتكتسح البثور سطح الشاشة، وتعطي الجانب البصري للفيلم سمة أفلام السبعينات، خصوصاً عندما تنزل الكاميرا إلى شوارع نيويورك، وترافقها موسيقى الجاز، فيكتسب الفيلم كاراكتيراً خاصاً. في دورة لا تحلّق مسابقتها عالياً إلى الآن، وبلغت ذروتها مع "الأمبرطورية" للمخرج الفرنسي برونو دومون، يبدو فيلم شيمبرغ مقترحاً سينمائياً سليماً، يحمل توقيع شركة A24 التي اعطتنا في الآونة الأخيرة أفلاماً مستقلّة ذات بصمة مختلفة، تحاول اعادة السينما الأميركية المستقلّة إلى ما كانت عليه في أفضل أيامها.

 

النهار اللبنانية في

20.02.2024

 
 
 
 
 

الغرابة والغموض يهيمنان على مهرجان برلين

من خرائب أوكرانيا إلى آثار أفريقية ثم فرس البحر والحب العائد من الموت

هوفيك حبشيان

تهيمن الغرابة ويسيطر الغموض على مجموعة لا بأس بها من الأفلام المعروضة هذا العام في مهرجان برلين السينمائي (15-25) فبراير (شباط) الجاري، سواء داخل المسابقة أو خارجها، حتى ليمكن الاعتقاد أن المدير الفني كارلو شاتريان الذي يتنحى بعد الدورة الحالية أخذ مجده واختار ما يحلو له، وهو يعلم أن ما من محاسبة أو تداعيات لخياراته، فبقاؤه ما عاد رهناً باختياراته والنحو الذي يتم استقبالها. هذا الذي اتهم بتحويل برلين إلى "لوكارنو ثان" (تولى إدارة الأخير طوال ست سنوات)، جاء بعديد من الأفلام التي لا نعلم حتى إن كانت ستجد شاشات تجارية لعرضها، بعد مرورها من ساحة بوتسدامر، لشدة خروجها عما ألفته عيون المشاهدين. والغرابة لا تعني دائماً تميزاً. أحد الظرفاء علق قائلاً إن مهرجان برلين هو الوحيد الذي يجعل آلاف الصحافيين يجلسون في الساعة التاسعة صباحاً داخل صالة لمشاهدة صخور تتدحرج، وهذا في إشارة إلى فيلم "اركيتكتون" للمخرج الروسي فيكتور كوساكوفسكي، المعروض في المسابقة، الذي يتيح لنا القيام برحلة استثنائية عبر المواد التي تشكل موطننا: الخرسانة وأسلافها الحجرية، ويطرح المخرج من خلال هذا الوثائقي المهموم بالبيئة وحمايتها من شر الطبيعة البشرية، سؤالاً جوهرياً: كيف سنعيش في عالم الغد؟

أما كيف أن فيلماً روسياً شق طريقه إلى المهرجان الذي كان حظر السينما الروسية بعد عدوان بوتين على أوكرانيا، فيجب التذكير أن كوساكوفسكي من أشد المعارضين لسياسة رئيسه، ويقول في مقابلة: "صورت في الفيلم المدن الأوكرانية التي دمرتها الصواريخ الروسية. هذه الآثار أوضح من أي وثيقة، وترينا ما حدث هناك ومن أين انطلقت الصواريخ. بدأنا بتصوير الآثار القديمة. نحن لسنا الحضارة الأولى على هذه الأرض. أعتقد أن الحضارات التي سبقتنا ستبقى هنا إلى الأبد، تماماً كما نعتقد ونتصرف نحن الآن. لكنها انقرضت، بسبب الحروب والأوبئة والفيضانات وغيرها. يشن البشر بشكل منظم الحروب بعضهم على بعض، ويصنعون أعداء مع صعود المدن وهبوطها. ولكن هناك حرباً أخرى تجري الآن: حرب البشر ضد الطبيعة، وهو أمر لا ينبغي أن يمر من دون أن يلاحظه أحد".

فيلم آخر يتمسك بالغرابة على المستويين الشكلي والمضموني: "داهوميه" (مسابقة) للمخرجة الفرنسية السنغالية ماتي ديوب التي تصور رحلة مجموعة من التماثيل والآثار والتحف التي قررت الدولة الفرنسية إعادتها إلى جمهورية بنين، بعدما كانت استولت عليها أيام الإمبراطورية الفرنسية الاستعمارية. إلى هنا، كل شيء عادي، ولكن في لحظة معينة تبدأ التحف بالتحدث عن تاريخها ورؤيتها للأشياء، وهي تقوم برحلتها من متحف باريسي إلى القصر الرئاسي في كوتونو، حيث يستقبلها حشد كبير. هناك مستويان في الفيلم: الأول تحاول عبره ديوب إنجاز عمل خرافي يرتقي بالحدث إلى مرتبة الميثولوجيا، حيث ثمة ربط بين الحاضر والماضي، في حين يتمحور الثاني على السجال الذي تثيره عودة التحف إلى موطنها، علماً أن هناك الآلاف منها لم تستردها بنين بعد. وهذا نقاش يثير آراء متضاربة بين الطلبة في إحدى الجامعات حيث تموضع ديوب كاميراها. لا يكفي أن يعود التراث الأفريقي الفني إلى بيئته الطبيعية، بل هناك كثير مما يجب أن نفعله في هذا المجال. هذا ما تقوله المخرجة التي تقدم فيلماً وثائقياً فيه كثير من الفانتازيا والارتواء من ينبوع الأساطير، ولا يسلم نفسه ألبتة إلى الرؤية والمعالجة التقليدية، أما إذا كان مكانه في المسابقة، فهذا نقاش آخر. 

شيء من الأسطورة يعبر أيضاً فيلم "پيپيه" (مسابقة)، للمخرج الدومينيكاني نيلسون كارلو دو لوس سانتوس أرياس. يحمل هذا النص الغرائبي الدلالات والرمزيات التي تجمع الأماكن والأفكار في توليفة سينمائية عجيبة جداً تضلل المشاهد. فرس البحر هو الشخصية الرئيسة، إلى جانب شخصيات أخرى، تدخل الكادر وتخرج منه من دون أن نفهم ما مشكلتها في الحياة، وماذا تريد منا تحديداً. كثر لم يفهموا شيئاً من هذا العمل الذي تشكل مشاهدته تحدياً وضياعاً تاماً في آن واحد. "صوت يدعي أنه ينتمي إلى فرس البحر. صوت لا يفهم إدراك الزمن. پيپيه، فرس البحر الأول والوحيد الذي قتل في الأميركتين، يروي قصته". هكذا يلخص الفيلم الكاتالوغ، لكن على الشاشة، ثمة حكاية أخرى. 

إلا أن ذروة الغرابة هي تلك التي بلغها المخرج الفرنسي برونو دومون واكتشفناها في فيلمه الأحدث "الإمبراطورية" (مسابقة). دومون كان دائماً متنوعاً في خياراته، بمعنى أنه انتقل من نوع سينمائي إلى آخر "تفادياً للملل"، كما قال في مقابلة جمعتني به أمس. لكن هذه المرة يذهب أبعد من أي وقت مضى في إطلاق العنان لمخيلته الخصبة والضارية. تجري الأحداث في ريف بعيد على البحر، وهو مسرح لعديد من أفلامه السابقة. إنه مكان يعرفه جيداً ويجيد التعامل معه، سكان الريف من الصيادين متجذرين في بيئة محلية، لغة ومنطقاً وتصرفات. صراع بين الخير والشر يقع في هذه القرية، يتورط فيها سكانها، فينقسمون بعضاً على بعض، وتدور معركة، لكنها ستكون على طريقة دومون، أي لا شيء مألوفاً فيها. 

رحلة إلى أقاصي الجنون تخيلها مخرج "حياة يسوع" في عمله هذا الذي يتجاوز كل منطق، بل يملك منطقه الخاص في التعامل مع الأشياء. توقعوا رؤية ما يشبه الصحون الطائرة والمركبات الفضائية وكاتدرائيات تسبح في الفضاء وبالونات مطاطية تنطق وتأمر وتذكي الصراع القائم. يحدث هذا كله في ضوء بهلوانات الممثل فابريس لوكيني الذي استوحى دومون الزي الذي يرتديه من لوي جوفيه في دور دون جوان! 

حتماً، لا نفهم كل التفاصيل، لكن لا بأس، ليس هذا المطلوب من المتفرج، هناك دائماً جانب من الغموض والظلال في أعمال هذا السينمائي، وهذا ما يصنع سحرها، لكن الأهم هو الاستمتاع بالمشهدية العريضة التي يضعها دومون أمامنا. لا يهتم بالصح والصواب، عالمه غير واقعي تماماً، ولا يوظف الفن لأهداف اجتماعية نبيلة، بل كل ما يهمه هو أن يبث الفوضى طوال ساعتين، انتقاماً من عديد من الأفلام الأميركية التي، على حد قوله، تنمط الصراع بين الخير والشر، خصوصاً في سينما علم الخيال. 

في فيلمه الأبوكاليبتي هذا، يقول ما تقوله تلك الأفلام الأميركية، ولكن بلغته الخاصة وأساليبه المختلفة. يعلق قائلاً "لي عالمي السينمائي، لذلك ما كنت مهتماً به، هو أن أجدد من خلال إدخال عالم جديد إليه، وهذا العالم الجديد هو السينما المضادة لسينماي. إنها السينما الأميركية الترفيهية. وهما لا تلتقي إحداهما بالأخرى، تتحدثان عن شيء واحد، لكن كل بطريقتها الخاصة، وما كان يهمني هو أن أصنع مواجهة بينهما، كي أراقب ما الذي سيحدث بعد ذلك".

لا يمكن عزل هذه الغرابة التي تلقي بظلالها على أفلام المهرجان عن التطور التكنولوجي الحاصل أو الذي يتخيله السينمائيون الرؤيويون. وهذا ما نراه في "نهاية أخرى" (مسابقة) للإيطالي بيارو ميسينا. منذ أن فقد سال حبيبته زوي، أصبح يعيش فقط في ذكرياته: الذكريات كشظايا مرآة مكسورة لا يمكن جمعها مرة أخرى. لكن، ثمة تكنولوجيا باتت تتيح تخفيف آلام الانفصال من طريق إعادة الفقيد إلى الحياة لفترة وجيزة. ما تم كسره فجأة، يجتمع مرة أخرى. ولكنه فرح هش، عابر، بل وغادر. 

 

الـ The Independent  في

20.02.2024

 
 
 
 
 

وجهك فى المرآة.. أم وجهك فى عيون الناس؟!

طارق الشناوي

الفيلم الأمريكى (رجل مختلف) يملك فيضًا من الشحنات العاطفية يدفعك لا شعوريًا للتوحد مع الشاشة، فى ظل حياة صارت تدفع النساء والرجال- كل بوسائله- للبحث عن ملامح نموذجية تعارف عليها المجتمع باعتبارها هى (ترمومتر) الجمال، ومع مرور الزمن تتغير تلك المرجعية، وربما تنقلب المقاييس، وما كان يعد نموذجًا للجمال يصبح مؤشرًا يدل على أقصى وأقسى درجات القبح، يكفى أن نطل مثلًا على جميلات القرن العشرين لندرك أن القرن الواحد والعشرين طرح لنا مقومات أخرى.

البطل فى العقد الخامس من عمره سيباستيان ستان أصيب بما يعرف علميا بتليف فى العصب الليفى، وأدى إلى تشوهات حادة فى الوجه تعبر عن نفسها عند النظرة الأولى، وقطعًا رد الفعل يختلف بين البشر، كما أن البيئة والثقافة التى ننشأ فيها تؤثر على تقبلنا لهذا الاختلاف فى الشكل، ولا يستمر الأمر طويلًا، سرعان ما نألف ذلك، إن اختلفت قطعًا قدرة كل منا على التسامح والتقبل للآخر بما هو عليه، وليس بما نريده أن يصبح عليه.

البطل هنا، وتلك هى المفارقة، ممثل، أى أن ملامحه تعتبر واحدة من أهم القوة الضاربة التى يمتلكها، وتلعب دورًا رئيسيًا فى إتاحة فرص العمل فى المسلسلات والأفلام والإعلانات.

المخرج أرون شيمبرج أكد، فى المؤتمر الصحفى، أنه كان يقف فى نفس الدائرة التى عليها البطل، أى أنه يروى جزءا من حياته، وولد بقدر من التشوهات فى الوجه واستعاد معاناة البطل، لأنها أيضا معاناته فى مرحلة الطفولة، قبل أن يجرى واقعيًا جراحة تجميل، لمعالجة التشوه.

كثير من الأفلام العالمية توقفت عند تلك النقطة، أشهرها (الرجل الفيل)، ولدينا محليا فيلم (يوم الدين) لأبوبكر شوقى، والذى مثل السينما المصرية رسميا فى مهرجان (كان)، قبل نحو خمس سنوات، ستجد فيه ملامح من هذا الفيلم، عندما أسند أبوبكر البطولة لمريض بالجزام، وحصل بطل الفيلم على أكثر من جائزة فى مهرجانات أخرى.

من خلال المؤتمر الصحفى فى برلين، الذى عقد لفيلم (رجل مختلف)، اكتشفت أن الاستعانة بمريض يعانى تشوهًا ما للوقوف أمام الكاميرا يعتبر خطأ يجرمه القانون، لأنه ينطوى على استغلال للمعاناة، والأمر يحتاج إلى التقدم بطلب لتحقيق ذلك، وفق شروط محددة مسبقا، وكانت الشروط هى أن يشارك بطل الفيلم سيباستيان ستان، ممثل آخر مريض يعانى بالفعل من تلك التشوهات، وهو أدم بيرسون، وأعتقد أن المخرج كتب السيناريو وفقا لتك المعطيات التى فرضها القانون الأمريكى، ممثل محترف يؤدى الشخصية قبل وبعد إجراء الجراحة، وممثل يعانى بالفعل من هذا التشويه ويتعايش معه، الممثل الأول كان من المفترض أن يؤدى هذه الشخصية بالفعل فى عمل فنى، ولكن بعد إجرائه الجراحة التجميلية أصبح لا يصلح لأداء الدور، ولهذا أسند دوره لمريض لا أقول يعانى بقدر ما هو يعايش الحالة التى أصيب بها، وصارت لا تشكل فقط ملامحه، بل مصيره، فهى مصدر حياته ورزقه، بل وجوده وكيانه، وهكذا نجد الممثل المحترف بعد إجرائه الجراحة لديه إحساس بالغيرة من صاحب الوجه المشوه، بل يحتفظ فى بيته بقناع يرتديه بين الحين والآخر.

تتعدد وتتباين ردود الفعل، جارة بطل الفيلم سيباستيان، التى كانت تربطها به علاقة دافئة قبل إجرائه عملية التجميل، لم تتغير مشاعرها نحوه، فهو لا يزال يحظى بنفس المكانة قبلها وبعدها، ولكن قطعًا بعد العملية- عملية التجميل- صار (جان) بمقياس السينما، وله معجبات، ولكن إلى أى مدى سيتعايش مع ملامحه الجديدة؟، وهل المعاناة تتوقف أم تختلف؟، ويصبح الأمر فى النهاية مرتبطًا بقدراتنا على القناعة بما نملكه، فهو رأسمالنا، كما أن للآخرين أيضا رأسمالهم.

ربما يبدو السيناريو للوهلة الأولى خاضعًا لتلك الحالة الهندسية (السيميترية)، أقصد التماثل، عندما يتوافق عنصران وفى نفس الوقت يتضدان فى الاتجاه، بل أراد الكاتب والمخرج أيضًا أن يحيل الأمر إلى رؤية مباشرة تتجاوز الخيال إلى الواقع، عندما نرى أمامنا بالفعل بطلًا حقيقيًا على الشاشة يعانى فى حياته من نفس المرض، وغالبًا فإن تلك التشوهات جزء منها من الناحية الطبية يتم علاجه بالتدخل الجراحى مثل بطل الفيلم، وجزء آخر يصبح الحل الوحيد هو التعايش الذى نراه فى حالة الممثل الذى يعانى حقيقة تلك التشوهات ويعيش الحياة بكل أطيافها، بل يتعرض إلى غيرة من بطل الفيلم الذى أصبح وسيما فى الملامح، بينما انتقل التشوه من وجهه إلى روحه.

الاستوديو يعتبر فى هذا الفيلم هو أكثر الأماكن المحورية، حيث يتقمص كل فنان دوره، الشخصية المحورية الذى كان ينظر إليه باعتباره (كاركتر) يلعب أدورًا ثانوية، أو يشارك فى إعلانات متواضعة تنقلب حياته ويصبح بطلًا بعد الجراحة، إلا أنه يجد أن أدواره السابقة صارت لممثل آخر يعيش الحالة واقعيًا، ويختلط عليه الأمر، بعد ذلك هل ما يراه فى المرآة هو وجهه الحقيقى، أم أنه عندما يضع قناع التشويه يتعايش مع هذا الوجه ويصدقه، فهو ليس فقط وجهًا بقدر ما هو روح تعبر عن حقيقة.

استطاع هذا الفيلم اختراق الحاجز الوهمى بين الشاشة والجمهور، فهو يقدم صراعًا على الشاشة أنت جزء منه، مرة بملامح وجهك وسيمًا أم مشوهًا، وأخرى بما تنضح به روحك القانعة أم المشوهة، وعليك أن تختار إلى أين تقف، هل تختار القناعة أم القناع؟!.

 

####

 

«متل قصص الحب» يرفع شعار «كامل العدد» في عرضه العالمي الأول بمهرجان برلين

كتب: أنس علام

رفع الفيلم الوثائقي «متل قصص الحب» للمخرجة ميريام الحاج مؤخرًا، في عرضه العالمي الأول ضمن قسم بانوراما بمهرجان برلين السينمائي الدولي شعار «كامل العدد»، وذلك بحضور فريق العمل ممثلًا في المخرجة ميريام الحاج وميريام ساسين وكارين روسزنيفسكي وأبطال الفيلم اللبنانية جُمانة حداد والفنانة بيرلا جو معلولي.

تدور أحداث الفيلم الوثائقي في لبنان حيث تروي المخرجة، في شكل مذكرات، أربع سنوات مضطربة لأمة تعيش حالة من الاضطراب، وتكافح من أجل التحرر من أغلالها، بينما تهتز البلاد بسبب الاضطرابات، تتكشف المساعي الشخصية من أجل المعنى والبقاء. كيف يمكننا الاستمرار في الحلم والعالم ينهار من حولنا؟.

فيلم «متل قصص الحب»من تأليف وإخراج ميريام الحاج، بطولة جُمانة حداد وجورج مفرج وبيرلا جو معلولي ومونتاج أنيتا بيريز، وموسيقى تصويرية لمارك كودسي.

 

####

 

«السينما العربية» ينظم حلقتي نقاش بمهرجان برلين السينمائي

كتب: علوي أبو العلا

في إطار أنشطته بالدورة 74 من مهرجان برلين السينمائي الدولي، نظم مركز السينما العربية حلقتين نقاشيتين وذلك ضمن فعاليات سوق الفيلم الأوروبي. شهدت الحلقتين إقبالا كبيرا من صناع السينما العالمية والعربية وتفاعل واضح مع المتحدثين بالحلقتين من قبل رواد مهرجان برلين السينمائي.

جاءت الحلقة النقاشية الأولى تحت عنوان «طفرة شباك التذاكر العربي» وتناولت الإيرادات غير المسبوقة التي حققها شباك التذاكر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي تقترب الآن من مليار دولار، والتي شهدت أرقام مذهلة في كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية إلى جانب الإنجازات الجديدة التي حققتها السينما المستقلة في دول أخرى مثل مصر.

كما ناقشت الحلقة النجاح المتنامي للأفلام الناطقة باللغة العربية، ومدى قدرة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على الصمود في مواجهة إيرادات شباك التذاكر في المناطق الأخرى في الوقت الحالي، وما يحمله مستقبل ما بعد جائحة كورونا للأعمال السينمائية العربية في مواجهة المنافسة المحلية القوية من وسائل التواصل الاجتماعي وخدمات البث المباشر.

شارك في الحلقة الأولى كل من واين بورج، المدير العام للصناعات الإعلامية في نيوم، وجيانلوكا شقرا، المدير التنفيذي لـ Front Row Entertainment، وماريو حداد جونيور، رئيس التوزيع في شركة Empire International، وعلاء كركوتي وأدارتها ميلاني جودفيلو، كبيرة مراسلي الأفلام الدولية في موقع ديدلاين.

أما الحلقة الثانية، والتي تحمل عنوان «نقطة التحول الدولية لصناعة السينما السعودية»، فتناولت مدى تطور صناعة السينما السعودية منذ بدايتها قبل 12 سنة فقط، وكيف أصحبت الأفلام السعودية عنصرًا أساسيًا حاضرًا بشكل سنوي في دوائر المهرجانات العالمية، وهو دليل على الجهود الاستثنائية التي تبذلها المملكة لتعزيز كل من صناعة الأفلام والبنية التحتية لدور العرض السينمائية، مع إنشاء سلاسل دور عرض بارزة في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية وإنشاء مدينة نيوم، المركز الإعلامي الرائد الذي يضم أكبر منشأة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. لقد أصبحت موقع تصوير رئيسي لإنتاج المحتوى العالمي، حيث استضافت تصوير 35 عملًا خلال آخر سنتين. وكجزء من هذه الحلقة، ناقش المتحدثون كيف ستواكب المملكة العربية السعودية مع النظام البيئي لصناعة السينما الإقليمية والعالمية كشريك إنتاج دولي.

شارك في الحلقة الثانية كل من واين بورج، المدير العام للصناعات الإعلامية في نيوم، ومهند البكري، المدير العام للهيئة الملكية الأردنية للأفلام، والمنتجة دوروث بينماير، والمنتجة مريم ساسين، وعماد اسكندر مدير صندوق البحر الأحمر السينمائي ويدير الحلقة مايكل روسر، محرر الأخبار الدولية في سكرين إنترناشيونال،

بالإضافة إلى الندوات، ضمت أنشطة مركز السينما العربية الكشف عن العدد الجديد من مجلة السينما العربية. ومراسم تسليم جائزة شخصية العام السينمائية العربية، والإعلان عن انضمام أحدث دفعة من النقاد إلى لجنة التحكيم الموسعة لجوائز النقاد للأفلام العربية.

 

المصري اليوم في

20.02.2024

 
 
 
 
 

كامل العدد في عرضه العالمي الأول بمهرجان برلين

استقبال فيلم متل قصص الحب للمخرجة ميريام الحاج بحفاوة شديدة

البلاد/ مسافات

حظي فيلم متل قصص الحب للمخرجة ميريام الحاج مؤخرًا بعرضه العالمي الأول ضمن قسم بانوراما بمهرجان برلين السينمائي الدولي، كان العرض مكتمل العدد وتم استقبال الفيلم بحفاوة شديدة وتصفيق حار بحضور فريق العمل ممثلًا في المخرجة ميريام الحاج والمنتجتان ميريام ساسين وكارين روسزنيفسكي وأبطال الفيلم الصحفية والناشطة السياسية اللبنانية جُمانة حداد والفنانة والناشطة السياسية اللبنانية بيرلا جو معلولي بالإضافة إلى مؤسسي شركة التوزيع MAD Solutions علاء كركوتي وماهر دياب.

حصل الفيلم على العديد من الإشادات النقدية الرائعة فكتب عنه الصحفي مالك بركاتي لـ Jmag Switzerland: " على الرغم من الموارد المحدودة وتحديات التصوير، تمكن الفيلم من تصوير يأس جيل الشباب وأولئك الذين يريدون تغيير النظام، بأسلوب طبيعي ومُجسِد للغاية. الفيلم مثير جدا للاهتمام."

كما كتب مهاري سيغيد لـAfrican Refugees News: "كان الفيلم الوثائقي مفيدًا جدًا لفهم الوضع الاجتماعي والسياسي الحقيقي للبنان في هذه الحالة، أعتقد أنه أعطاني فكرة عن كيف لا يزال لبنان يدفع ثمنًا باهظًا للأخطاء التي ارتكبها السياسيون في الماضي.

تم صنع الفيلم الوثائقي بشكل جيد وأعتقد أن المونتاج كان مثاليًا. عندما تصنع فيلمًا وثائقيًا عن أشخاص حقيقيين بدون نص ولكن باستخدام الحقائق، فإن ذلك ليس بالمهمة السهلة لأن عليك دائمًا التفكير في العواقب التي يمكن أن تهدد الأبطال"

وكتبت سيمون ريبر لـ MDR Kultur - ألمانيا : "أعجبني كثيرًا الطريقة الشعرية والمتعددة الطبقات لسرد قصة الحرب الأهلية والانتفاضة الأخيرة في لبنان."

كما كتبت ليدا باك لـ MovieBreak: "إن التركيز الثلاثي على أشخاص مختلفين، ولكل منهم ارتباط عاطفي مختلف بالاحتجاجات المستمرة، أدى إلى خلق منظور غير عادي ولكنه بالتالي أكثر إثارة للإهتمام، ينذر بتكرار الماضي في مستقبل غامض."

تدور أحداث الفيلم الوثائقي في لبنان حيث تروي المخرجة، في شكل مذكرات، أربع سنوات مضطربة لأمة تعيش حالة من الاضطراب، وتكافح من أجل التحرر من أغلالها. بينما تهتز البلاد بسبب الاضطرابات، تتكشف المساعي الشخصية من أجل المعنى والبقاء. كيف يمكننا الاستمرار في الحلم والعالم ينهار من حولنا؟

فيلم متل قصص الحب من تأليف وإخراج ميريام الحاج وإنتاج ميريام ساسين لشركة Abbout Productions وكارين روسزنيفسكي لشركة GoGoGo Films. شخصيات الفيلم الرئيسية هم جُمانة حداد وجورج مفرج  وبيرلا جو معلولي ومونتاج أنيتا بيريز ومديري تصوير جهاد سعادة وميريام الحاج ومحمد صيام وموسيقى تصويرية لمارك كودسي.

ميريام الحاج مخرجة لبنانية، أول فيلم وثائقي طويل لها، هدنة، عُرض لأول مرة بمهرجان رؤى من الواقع بنيون سويسرا عام 2015 وتم عرضه في العديد من المهرجانات الدولية، وفاز بالعديد من الجوائز أهمها جائزة لجنة التحكيم الخاصة من المهرجان الدولي للشريط الوثائقي بأكادير.

ويعد فيلم متل قصص الحب ثاني أفلامها الوثائقية الطويلة ويشهد عرضه العالمي الأول في مهرجان برلين السينمائي الدولي ضمن قسم بانوراما.

وتقوم ميريام بتدريس السينما في الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة. وهي عضو في العديد من اللجان السينمائية، بما في ذلك مؤسسة الدوحة للأفلام، كما أنها عضو مؤسس في منظمة "راويات - أخوات في الفيلم" وهي مجموعة من صانعات الأفلام من العالم العربي والمغتربين.

 

####

 

يُعرض في مهرجان برلين السينمائي

“لا توجد أرض أخرى”.. عن معاناة الفلسطينيين في الضفة الغربية

البلاد/ مسافات

استغرق المخرج الفلسطيني باسل عدرا، 30 ساعة للوصول إلى برلين قادماً من منزله في الضفة الغربية لحضور العرض الأول لفيلمه الوثائقي (نو أذر لاند) “لا توجد أرض أخرى”، في مهرجان برلين السينمائي الدولي (برليناله)، أول من أمس.

على النقيض منه، لم يحتج يوفال أبراهام، المخرج الإسرائيلي المشارك في الفيلم أيضاً، سوى أربع ساعات للوصول إلى العاصمة الألمانية من منزله الذي يبعد نصف ساعة فقط عن منزل باسل.

ويوثق الفيلم الذي أمضى المخرجان خمس سنوات في إعداده نضال باسل للحفاظ على قريته “مسافر”، في الوقت الذي تتعرّض فيه القرية لاعتداءات متكررة من القوات الإسرائيلية والمستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.

ويسلط الفيلم الضوء على الواقع الموازي الذي يعيشه الصديقان: يوفال بلوحة أرقامه الإسرائيلية الصفراء التي تسمح له بالسفر إلى أي مكان، وباسل الذي يعيش محاصراً في منطقة صغيرة يئن الفلسطينيون بين جنباتها.

وقال باسل: “يجب أن أطلب تأشيرة ثم أسافر من الضفة الغربية إلى الأردن، وأستمر في عبور نقاط التفتيش والحدود ثم أصل للأردن وبعدها أسافر بالطائرة”.

بينما قال يوفال: “إننا نبعد عن بعضنا مسافة 30 دقيقة تحت السيطرة الإسرائيلية نفسها، ولكن بالنسبة لباسل، ربما استغرق الأمر 30 ساعة للوصول إلى هنا، وبالنسبة لي فإن الوصول إلى المطار يستغرق 20 دقيقة”.

واحتلت إسرائيل الضفة الغربية في حرب عام 1967، وتوسعت في بناء المستوطنات هناك منذ ذلك الحين. ويريد الفلسطينيون أن تكون الضفة الغربية ضمن دولتهم المستقلة في المستقبل.

وأصبحت مشاهد الفيلم مألوفة بما فيه الكفاية للمتفرجين، بداية من الجنود الإسرائيليين الشباب الذين يحرسون الجرافات والأبناء المصابين والأمهات والأطفال الباكين، والإسمنت الذي يصبه العمال في الأراضي القاحلة.

لكن مجموعة الفيلم، التي تضم أيضاً: المصور الفلسطيني حمدان بلال، والمصورة السينمائية الإسرائيلية راشيل سزور، تُظهر أيضاً تأثير مثل هذا الاختلاف على حياة الصديقين.

ورغم كونهما صديقين حميمين، لا يستطيع يوفال إخفاء حالة الخزي التي يشعر بها بسبب الحرية التي ينعم بها، ولا يشعر بها صديقه باسل.

ولا يستطيع باسل دائماً أن يخفي عن صديقه حالة الغضب التي تنتابه بسبب هذا الوضع.

وتفاقم الوضع في الضفة الغربية في العامين الماضيين. وفي ديسمبر الماضي قالت الأمم المتحدة إن نحو 300 فلسطيني قتلوا في الضفة الغربية منذ اندلاع الحرب في غزة، إضافة إلى اعتقال نحو 5000 آخرين، وحذّرت من أن وضع حقوق الإنسان آخذ في التدهور بسرعة.

يرى المخرج يوفال أبراهام، الذي ولدت جدته في معسكر اعتقال في ليبيا كان يديره حلفاء ألمانيا من الفاشيين الإيطاليين، أن “رسالة الفيلم موجهة أيضاً إلى ألمانيا، الداعم القوي لإسرائيل”. وقال: “أعرف أن الألمان يشعرون بالذنب من الهولوكوست (المحرقة النازية)، وأعتقد أنهم يجب أن يشعروا بالذنب.. لكن لا تستخدموا هذا الشعور بالذنب سلاحاً الآن لإيذاء عائلة باسل، أو لدعم الحرب في غزة التي دمرت المكان بأكمله”.

 

####

 

"برلين السينمائي" ينطلق بآمال التفاعل مع أزمات عالم متوتر

البلاد/ مسافات

انطلق مهرجان برلين السينمائي مع عرض عالمي أول لفيلم إيرلندي يؤدي بطولته الممثل كيليان مورفي المشارك في سباق الأوسكار، على وقع توترات عالمية.

وقالت رئيسة لجنة تحكيم "برليناله"، الممثلة المكسيكية الكينية لوبيتا نيونغو خلال مؤتمر صحافي لمناسبة انطلاق المهرجان: "أعتقد أننا هنا لنرى كيفية تفاعل الفنانين مع ما يحصل في العالم الذي نعيش فيه الآن. أشعر بالفضول لرؤية ما يفعلونه".

ولوبيتا نيونغو هي أول شخصية من أصحاب البشرة السوداء في تاريخ "برليناله" تترأس لجنة التحكيم المسؤولة عن الاختيار بين 20  فيلما تتنافس على جائزة الدب الذهبي، أرفع مكافأة في المهرجان.

ويشكل هذا الحدث في برلين، الذي يقام لغاية 25 فبراير، باكورة المهرجانات الأوروبية السنوية الثلاث الكبرى، قبل مهرجان كان الفرنسي في مايو والبندقية الإيطالي في سبتمبر.

ويقدّم مهرجان برلين في نسخته الـ74 برنامجاً متنوعاً مع مخرجين وممثلين من جميع أنحاء العالم ونجوم وأفلام وثائقية سياسية وسينما فنية وتجريبية.

وافتتح فيلم "سمول ثينغز" من بطولة كيليان مورفي سلسلة العروض السينمائية للأفلام الـ20 المشاركة في المسابقة.

ومن بين النجوم المنتظرين في برلين سيحصل المخرج الأميركي الشهير مارتن سكورسيزي على جائزة الدب الذهبي الفخرية عن مسيرته المهنية.

وخلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته لجنة التحكيم، سأل أحد الصحافيين لوبيتا نيونغو والمخرج الألماني كريستيان بيتزولد حول توقيعهما على رسالة مفتوحة في ديسمبر الماضي تدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة، فأجاب المخرج الألماني "أنا دائماً مع السلام وأؤيد النقاش، وهو ما نأمل أن نفعله هنا".

ورداً على سؤال حول قرار إدارة المهرجان إلغاء دعوة كانت موجهة إلى سياسيين من حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف لحضور حفل الافتتاح، اعتبر كريستيان بيتزولد أن حضور هؤلاء "الرجال الخمسة" الحدث ليس مهماً.

كما رحبت لوبيتا نيونغو بالعدد الكبير غير المعتاد من الأفلام الإفريقية التي تتنافس على جائزة الدب الذهبي (ثلاثة)، أو تلك المشاركة عموماً في الـ"برليناله".

وحتى الآن لم يفز أي مخرج سينمائي إفريقي بجائزة الدب الذهبي، وستكون تونس ممثلة بفيلم "ماء العين" بحسب أ.ف.ب.

 

البلاد البحرينية في

20.02.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004