ملفات خاصة

 
 
 

بطل "رجل مختلف" يعاني من تغيير وجهه في مهرجان برلين

فيلم يطرح أسئلة حول هوية الإنسان ومظهره والفرق بين الداخل والخارج

هوفيك حبشيان

برلين السينمائي

الدورة الرابعة والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

فيلم عن الاختلاف، ولكن من دون جرعات زائدة عن التسامح وقبول الآخر، تواصلت به ظهر أمس عروض أولى أفلام المسابقة، داخل مهرجان برلين السينمائي الرابع والسبعين الذي يستمر إلى 25 الشهر الجاري. هذا العمل الفريد، الذي يحمل عنوان "رجل مختلف" سبق أن شارك في مهرجان ساندانس الأخير، وهو من إنتاج شركة "أي 24" الأميركية المستقلة التي فرضت نفسها مؤخراً في المشهد السينمائي. وكنّا قد شاهدنا من إنتاجها العام الماضي في الـ"برليناله" فيلماً بعنوان "حيوات سابقة" لسيلين سونغ. هناك بصمة وشيء مشترك في الأعمال التي ولدت من رحمها، ويصح القول أيضاً أنها أعمال مختلفة بقدر اختلاف العمل الذي نحن في صدد الحديث عنه. أما الإخراج، فتولّاه أرون شيمبرغ، في ثالث مرور له خلف الكاميرا. 

تتمحور الحكاية على إدوارد (سيباستيان ستان)، أربعيني يعاني من تشوّه في وجهه، نتيجة اصابته بمرض الورم العصبي الليفي. حياته عزلة ورفض. هل تتذكّرون "الرجل الفيل" في فيلم ديفيد لينتش الشهير؟ هو شبيه به، لكن، إدوارد لا يقبل بهذا المصير، ولذلك يخضع لجراحة تغيير الوجه. يعمل إدوارد ممثلاً في أدوار ثانوية وكليبات إرشادية سخيفة. وما أدراكم ما الشكل بالنسبة لممثّل؟ لكنه، بعد التحول، سيعيش الكثير من التغييرات في محيطه، لا سيما نظرة الآخرين له، وطريقة تعاملهم معه. ومع ذلك، فجوهر ما يعيشه وما يختبره سيبقى هو هو، بل ستزداد معاناته، لكن في إتجاه جديد.

لحسن الحظ، أن لإدوارد جارة (ريناته رنسفه) تعمل على مسرحية وتبدي اهتماماً غريباً به. عندما يصبح له مظهر جديد، يشعر بالإجحاف أن مظهره القديم هو الذي فاز بالدور الذي كان يحلم به في مسرحيتها، وهذا من خلال شخص اسمه أوزفالد (آدم بيرسون) يعاني ما كان يعاني منه، لكن النجاح حليفه. والأنكى أن المسرحية التي يلعبها أوزفالد مستوحاة من حياته السابقة، لذلك يصبح هذا الممثّل الذي يلعب دوره، هاجسه. هنا تبدأ الأزمة التي يحاول الفيلم طرحها، على طريقته الخاصة جداً، مفكّكاً مقولة أن أصحاب الجمال ينالون الفرص أكثر من غيرهم.  

الهوية الإنسانية

جمال الفيلم أولاً في كونه ينطوي على أسئلة كثيرة حول هوية الإنسان، مظهره، الفرق بين الداخل والخارج، وهو محمّل بالهواجس التي يتشربها المُشاهد بأحاسيسه وحواسه من دون أن يعطينا أي محاضرة أخلاقية، بل بالعكس، كل شيء يمر عبر الحبكة التي هي بعيدة جداً عن أن تكون درساً في كيفية التعاطي مع الآخر. صحيح أننا نتعاطف مع البطل في محنته، ونشفق عليه في بعض الأحيان كذلك، لكنه ليس نموذجاً للطيبة وحسن السلوك. 

ماذا يتغير فينا اذا امتلكنا وجهاً آخر؟ هل نبقى على حالنا، وهل من الممكن التحكّم بطريقة تلقّي الآخرين لكينونتا؟ هل نحن سذج لدرجة الاعتقاد بأن الهوية مجرد صورة تنعكس في مرآة أو في عيون الآخرين؟ هذه بعض الأفكار التي تخطر في البال ونحن نتابع فصول هذا الفيلم الوجودي الذي يتفادى الوقوع في فخ التنميط والميلودراما، بل يحملنا إلى مناطق "بورلسكية" في بعض الأحيان، مع إقحام حس الطرافة فيه وإشباعه بالكوميديا السوداء التي تقف على حدود اللا صواب السياسي من دون أن يتجاوزها بالضرورة. هذا يجعل من "رجل مختلف" مادة لا يمكن قبضها على محمل الجد، ومع ذلك لا يوجد أكثر جديةً من الموضوع المطروح. هذه المفارقة هي التي تمد الفيلم بخفّة يمكن قبولها بسهولة، لأنها تحض على التفكير، وتمنع تخدير العقل لتفعيل المشاعر، وثمة فصول تذكّرنا ببعض أعمال الأخوين كووين.  

على مستوى الشكل والمعالجة البصرية، للفيلم شخصية قوية غاية في التعقيد والبساطة في آن واحد، وقد التُقِطت مشاهده بالشريط السينمائي الخام، ممّا يميزه عن الكثير من الأعمال المعروضة في المهرجان. هذه القماشة تتناسب تماماً مع أجواء الفيلم وموضوعه والفوضى الخلاقة التي نشهدها على مدار ساعتين. نيويورك شخصية حاضرة بقوة في الفيلم، لا يصوّرها شيمبرغ بطريقة تقليدية، بل يلتقط نبضها بحس جمالي خاص، على خلفية موسيقى جاز تعكس دواخل الشخصية وصدى تجربتها عند المُشاهد.  

هذا لا يعني أننا أمام تحفة سينمائية، بل عمل طموح يملك الكثير من الجرأة كي يقول "هذا أنا، شئتم أم أبيتم"، ويشق طريقه بعيوبه وميزاته من دون أن يكترث لأحد. الممثّلون الثلاثة الذين يأتون من ضفاف مختلفة، هم الأميركي من أصل روماني سيباستيان ستان، والنرويجية ريناته رنسفه والبريطاني آدم بيرسون. هؤلاء حيناً يصيبون وحيناً يخيبون، وأداؤهم لا يتطور على خط واحد.  

من المتوقع ان يأخذ الفيلم طابع الـ"مانيفستو" أو البيان العصري لقضية التعامل مع الجمال في السينما، وهي عادةً، معبد الجمال والسحر، انطلاقاً من التفكير في مكان المصابين بإعاقة داخل الصورة، وإسناد دور البطولة إليهم، كي لا يبقوا مجرد شخصيات في الخلف. المخرج نفسه كشف في المؤتمر الصحافي أمس، أنه وُلد بتشوهات في الوجه، لكنه خضع لجراحات تجميل لازالة تلك الشوائب. واعترف أيضاً أن أسئلة متعلقة بالجمال رافقته طوال حياته، خصوصاً في ما يخص الإعاقة وكيف صنعت تلك الإعاقة هويته، وتساءل مراراً ماذا كان قد تغيّر في حياته لو لم يولد على هذا الشكل.  

اضطر شيمبرغ إلى اختيار ممثّليَن، أحدهما يلعب دور رجل مصاب بالمرض، وهو فعلاً صاحب وجه مشوّه (آدم بيرسون) والآخر ممثّل عادي لكنه يلعب هذا الدور (سيباستيان ستان). والسبب خلف ذلك هو أنه قيل له إن الاستعانة بممثّل ذي إعاقة تُعتبر نوعاً من الاستغلال، فيما الاستعانة بممثّل سليم ليلعب دور مشوّه، فهذا يتعارض حتماً مع فكرة الفيلم القائمة على التجسيد والحضور ونبذ الرأي المسبق. لذلك وجد أن الحل الأمثل هو إعطاء الفرصة لكليهما للظهور على الشاشة.

آدم بيرسون الذي انطلق قبل نحو عشرة أعوام في فيلم "تحت الجلد" لجوناثان غلايزر، وهو ممثّل ومذيع وناشط ضد التمييز، قال إن الجمهور أذكى ممّا نعتقد وإن فيلماً جيداً يغيره، فيما قد يغيّره إلى الأبد، فيلم ممتاز. أما سيباستيان ستان، الذي يلعب دور إدوارد، فلم يستطع إخفاء استيائه وهو يرد على صحافي نعت شخصيته بـ"الوحش"، خلال المؤتمر الصحافي، بالقول: "عليك أن تختار مفرداتك بشكل أفضل. جزء من أهمية الفيلم يأتي من حقيقة أننا غالباً لا نعرف استعمال الكلمات المناسبة". 

المفارقة ان إدوارد يواجه المشكلة نفسها عندما ينعت أحدهم زميله أوزفالد بـ”الوحش” في الفيلم، لكنه يتعامل معه بطريقة أعنف بكثير، وهذه حكاية أخرى نترك للمُشاهد متعة اكتشافها في حال تسنّى له مشاهدة “رجل مختلف” عند نزوله في الصالات التجارية.   

 

الـ The Independent  في

17.02.2024

 
 
 
 
 

مهرجان برلين السينمائي على خطّ النار بين فلسطين وإسرائيل

هوفيك حبشيان

نحو 60 ساعة، أي ما يعادل يومين ونصف اليوم، الوقت الذي يمضيه الصحافي أو الناقد الذي يطمح إلى متابعة نحو 30 فيلماً من الأفلام التي اختارتها إدارة #مهرجان برلين السينمائي الذي يعقد دورته الرابعة والسبعين هذا العام من 15 إلى 25 شباط. أما ما يتبقّى من وقت خلال الأيام الأحد عشر التي يستغرقها الـ"برليناله"، فحافل بالمقابلات واللقاءات والتنقّل المستمر من مكان إلى آخر داخل مدينة ضخمة، فقط حيز بسيط منها يعيش على إيقاع تظاهرتها الثقافية الكبيرة التي ساهمت تاريخياً في توحيد البرلينَين. هناك أيضاً الكتابة، الهم الأعظم، وهذا يحتل القسط الأكبر من وقتنا. عمّا نكتب، وكيف نكتب، وحتى أين نكتب (في المقهى أو في الفندق أو في أماكن يخصصها المهرجان لهذا الغرض)، هذه بعض الهواجس التي ليس لها حلول سحرية، خصوصاً في زمن تحولات الإعلام المستمرة وخضوعه للابتكارات التكنولوجية.

******

هذا العام يُعقد الـ"برليناله" في جو يسوده التوتر على كلّ الجبهات، سياسياً وإدارياً وفنياً. هناك تخبّط منذ فترة وقد ازداد في السنة الأخيرة. ثمة احساس بأن هذا المهرجان تراجع كثيراً، لا سيما تحت إدارة الثنائي مارييته ريسنبيك وكارلو شاتريان، اللذين اضطرا الى مواجهة وحش الجائحة في بداية استلامهما، وما ترتّب على المهرجان من أضرار لسنتين متتاليتين، علماً ان المهرجان، خلافاً لكانّ، فضّل ان يقيم دورة 2021 أونلاين على ان يلغيها، في حين كانت الدورة التي جاءت بعدها حضورية ولكن ضعيفة، أما دورة العام الماضي، فشكّلت العودة الحقيقية إلى الوضع الطبيعي، لكنها كانت واحدة من أكثر الدورات ركاكة.

فور صدور البرنامج الكامل في مؤتمر صحافي، ساد بعض التململ بين الزملاء مصدره غياب الأسماء الكبيرة التي من المعروف انها أنهت أو على وشك ان تنهي أعمالها الجديدة المرتقبة. فكثر من هؤلاء ما عاد "برلين" في حساباتهم، طالما ان "كانّ" يفرش لهم السجّادة الحمراء، و"البندقية" يحملهم على الراحات. أما مقولة ان "برلين" للأفلام و"كانّ" للنجوم والسجّادة الحمراء، فهذه أصبحت مثيرة للسخرية، اذ ما عاد هناك في "برلين" لا أفلام ولا نجوم. هذا كله في ظلّ غلاء غير مسبوق يضرب المدينة، مقارنةً بالسنوات الماضية، نتيجة عوامل كثيرة منها التضخّم بسبب الحرب على أوكرانيا.

المهرجان ومن خلفه يدركون هذه الوقائع، لذلك كان قرار يقضي بإعادة الهيكلة وتقليص عدد الأفلام التي كانت تُعرض سابقاً، ووصل في العام 2023 إلى 287، وتقرر خفضه هذا العام إلى نحو 200. التقليص شمل كلّ الأقسام ما عدا المسابقة التي تنطوي في الدورة الحالية على 20 فيلماً، في حين تم إلغاء فقرة خاصة بالفيلم الألماني، على ان تذوب هذه الأفلام الألمانية في أقسام أخرى، وهذا ما فعله أيضاً مهرجان كانّ قبل سنوات يوم أطاح قسماً مخصصاً للسينما الفرنسية، فواحدة من ميزات العالم الجديد، هي اطاحة كلّ نوع من الاصطفافات الفنية التي تنشأ على أساس هوياتي، ولو ان المشوار لا يزال طويلاً للقضاء على هذه الآفة كلياً. ضم الأفلام الألمانية إلى مختلف الأقسام الأخرى يأتي أيضاً لأسباب عملية، ذلك ان كثراً لا يعذّبون أنفسهم بمشاهدتها، ومن المرجح ان يفتح الحل الجديد مجالاً أوسع أمامها. وهذا ينسحب أيضاً على قسم "برليناله مسلسلات".

في بيان صادر عن المهرجان، في تموز الماضي، نقرأ: "مثل العديد من المجالات الأخرى، تتأثّر المؤسسات الثقافية والمهرجانات بزيادة كبيرة في التكاليف، ولكن من دون ان تتغير الموازنات. أخذاً في الاعتبار، علينا إدخال تعديلات هيكلية لإنشاء أساس مالي مستقر لتنظيم المهرجان مستقبلاً. هذه المباردة تجلب معها الفرص لتحسين العرض والتصوّر للأفلام المشاركة باستخدام برنامج أكثر تكثيفاً".

******

2024 تشهد أيضاً آخر دورة بإدارة الثنائي مارييته روسنبيك وكارلو شاتريان، وتنظيمهما، منذ 2020 (العام الذي تفشّى فيه الكورونا) اللذين قررا التنحي بعدما تعرضا لضعوط. وزيرة الثقافة أعربت عن أسفها على خيار روسنبيك، لكنها حيّت مبادرتها في افساح المجال للأجيال الجديدة. وكانت مساهمة روسنبيك بحسب "فرايتي" هي الاتيان برعاة كبار إلى المهرجان، من مثل "أرماني" و"أوبر"، والأخير هو الراعي الرسمي للـ"برليناله" هذا العام. أما مساهمة شاتريان، فيتردد في الكواليس أنه حوّل المهرجان إلى "لوكارنو ثانٍ".

وكان شاتريان أعلن في أيلول الماضي عدم رغبته في الاستمرار في إدارة المهرجان بعد الدورة الحالية، نتيجة قرار وزارة الثقافة دمج وظيفتي المدير الإداري والمدير الفني، والعودة إلى النموذج الذي كان معمولاً به سابقاً. كتب شاتريان يقول: "اعتقدتُ أنه يمكن تسهيل الاستمرارية إذا بقيتُ جزءاً من المهرجان، ولكن ضمن الهيكلية الجديدة من الواضح تماماً ان الظروف التي تسمح لي بالاستمرار كمدير فني لم تعد قائمة. بالتالي فإن الدورة المقبلة ستكون نهاية هذه الرحلة المجزية".

بعد هذا القرار الذي قال كثرٌ بأنه جاء نتيجة ضغوط، وقّعت نحو 300 شخصية سينمائية، من بينها مارتن سكورسيزي وبول شرايدر، بيانا جاء فيه: "نحن، مجموعة متنوعة من السينمائيين من جميع أنحاء العالم (…) نحتج على السلوك الضار وغير المهني وغير الأخلاقي لوزيرة الثقافة كلوديا روث في إجبار المدير الفنّي الموقّر كارلو شاتريان على التنحي رغم الوعود بتمديد عقده. قد لا يكون شاتريان رجل استعراض، لكن بأسلوبه الهادئ، اختار هو وفريقه مساراً تنظيمياً مفتوحاً ومجزياً على المستوى الفنّي، كاشفاً عن اتجاهات جديدة في السينما العالمية، وتحدي الأفكار النمطية، وربط مختلف فروع صناعة الأفلام. على الرغم من الظروف الصعبة الخارجة عن ارادة شاتريان - الوباء والقيود المالية وتدهور مركز المهرجانات ساحة بوتسدامر – كانت الدورات الماضية تحت توجيهاته حية، حافلة بالإيجابيات”.

هذا كله أصبح من الماضي القريب اليوم، ومجرد تسجيل موقف يحفظ ماء وجه المدير الخارج، ذلك ان الأميركية تريسيا توتل، التي أدارت سابقاً مهرجان لندن السينمائي، عُيِّنت خلفاً لشاتريان وستكون مديرة المهرجان بدءاً من العام المقبل.

******

هذه المشاكل الإدارية ليست الوحيدة تضرب المهرجان الذي يجد نفسه بين نيران الصراع العربي ال#إسرائيلي، وكأن ما عاد هناك مكان آخر في العالم لحلّ قضية الشرق الأوسط إلا في ساحة بوتسدامر حيث تجمّع عدد من الأشخاص خلال الافتتاح مساء الخميس الماضي، لدعم الديموقراطية الألمانية المهددة والمطالبة بحقوق سائقي التاكسي العاملين في السينما، والتنديد بالفاشية،

هذه المشاكل الإدارية ليست الوحيدة تضرب المهرجان الذي يجد نفسه بين نيران الصراع العربي الإسرائيلي، وكأن ما عاد هناك مكان آخر في العالم لحلّ قضية الشرق الأوسط إلا في ساحة بوتسدامر حيث تجمّع عدد من الأشخاص خلال الافتتاح مساء الخميس الماضي، لدعم الديموقراطية الألمانية المهددة والمطالبة بحقوق سائقي التاكسي العاملين في السينما، والتنديد بالفاشية، وذلك في اشارة إلى الدعوة التي كانت وجهتها الإدارة إلى أعضاء حزب "البديل من أجل ألمانيا" (يمين متطرف)، قبل ان تسحبها بعد احداث بلبلة.

أما قرار المفوض الثقافي لمدينة برلين، جو شيالو، فرض بند عدم معاداة السامية على المؤسسات الثقافية التي تتلقى دعماً من المال العام، فصبّ النار على الزيت. ومعاداة السامية وفق مفهوم شيالو هي "شيطنة دولة إسرائيل والمقارنة بين النازيين والسياسة الإسرائيلية"، وذلك محل خلاف كبير.

ما حدث ويحدث، دفع العديد من الفنّانين والفنّانات إلى القلق على مصير حرية التعبير في ألمانيا، خصوصاً انه تم الغاء نشاطات العديد من المناصرين للقضية ال#فلسطينية منذ السابع من تشرين الأول الماضي. وجاء هذا أيضاً في ضوء اقفال مركز ثقافي برليني لاستضافته يهوداً ضد الصهيونية. وأنا أنتظر دوري لاستلام البادج، روى لي أحدهم ان ثمة يهوداً في ألمانيا مستائين من مزايدة الدولة. هل يُعقَل ان تعلّمنا ما هي معاداة السامية، يتساءل هؤلاء؟

وعليه، أصدرت حركة “سترايك جيرماني” بياناً أدانت فيه كلّ ما يحدث في ألمانيا من كم أفواه، لا سيما أفواه مناصري فلسطين، وجمعت أكثر من ألف فنّان وفنّانة، من بينهم آني إيرنو وجوديث باتلر. انتشرت أيضاً دعوة إلى مقاطعة المؤسسات الثقافية الألمانية، علماً ان البند لم يتم العمل به، لكن المقاطعة لا تزال مستمرة، والمهرجان شهد انسحاب مخرجين من قسم "فوروم ممتد”.

******

تعليقاً على هذه الأحداث، قال شاتريان لمجلّة "ليه أنروكوبتيبل": "لا أريد لعب دور رجل الإطفاء، لكن يجب علينا أولاً التوضيح أن مهرجان برلين غير معني بهذا البند، لأننا لا نتلقّى الدعم من المدينة بل من الحكومة الفيديرالية الألمانية. وتم تعليقه لأنه سيكون مخالفاً للدستور، ولكن من الممكن ان يتم تطبيقه مرة أخرى بمجرد تجاوز هذا العائق القانوني. ويأتي هذا الشرط في سياق استقطاب قوي للغاية في ألمانيا، لا سيما مع إلغاء الجائزة التي كانت من نصيب الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي في معرض فرانكفورت للكتاب في تشرين الأول الماضي. المهرجان يبقى مكاناً للنقاش والانفتاح. يمكننا التحاور من خلال الأفلام. لدينا عدد غير قليل من الأفلام من العالم العربي. وأنا على تواصل مباشر مع السينمائيين في شأن هذه القضية. في الوقت الحالي، لا يبدو لي ان هناك حركة لمقاطعة المهرجان. نحن مؤسسة مستقلّة، ولا يتأثّر أي من قراراتي بتوجيهات الحكومة، وسيكون كلام الفنّانين حراً. لم أتعرّض قط لضغوط حكومية، سواء في ما يتعلّق بعدد الأفلام أو باختيارها. على سبيل المثال، فيلم أموس غيتاي إسرائيلي، ولكن يضم ممثّلين إسرائيليين وفلسطينيين. أفكّر أيضاً في "لا أرض أخرى"، الذي يُعرض في قسم "بانوراما"، وهو فيلم وثائقي من إنتاج مجموعة من المخرجين الفلسطينيين والإسرائيليين".

******

المهرجان الذي لطالما تباهى بكونه سياسياً، أصبح حلبة صراع بين مؤيدي إسرائيل ومناصري فلسطين، ولهم وجود حتى داخل المهرجان نفسه. "ماذا عن الأفلام، فهذا مهرجان سينما في الأخير؟”، يسأل أحدهم، فيجيب آخر: "هناك على الأقل ما يكفي من "أكشن" لمواد صحافية، في حال كان البرنامج بالبهتان نفسه الذي عليه"أشياء صغيرة كهذه”، الفيلم الذي افتتح الدورة الحالية مساء الخميس.

 

النهار اللبنانية في

17.02.2024

 
 
 
 
 

رسائل البرلينالي: «خارج الزمان»

سليم البيك/ محرر المجلة

تنقّل المخرج الفرنسي أوليفييه أسّاياس بين مهرجانَي كان وفينيسيا مرّات قبل أن يُدرج أول فيلم له في مهرجان برلين السينمائي. فبعد ٥ أفلام في كان، تخللتها ٣ في فينيسيا، أولها عام ٢٠٠٠ في المهرجان الفرنسي، وآخرها عام ٢٠١٩ في المهرجان الإيطالي، أدخل أساياس فيلمه الأول إلى البرلينالي، كأنه أول تردداته إلى هذا المهرجان بعد محاولات عدة في المهرجانين لم ينل فيها  سوى "أفضل إخراج" عن Personal Shopper، و"أفضل سيناريو" عن Something in the Air، والحديث دائماً عن المسابقات الرسمية.

في فيلمه الجديد في البرلينالي، "خارج الزمان" (Hors du temps)، لا يبدو أننا أمام إنجاز جديد يستفيد مما سبقه من مسيرة المخرج السينمائية، لكن ذلك لا يحول دون لذّة ما في مشاهدة هذا الفيلم الحميمي بقدر ما يمكن أن تكون عليها فترة حجر صحي لشقيقين وشريكتيهما، وأحاديثهم المتتالية ويومياتهم الكوفيدية. يصفّ الفيلم إلى جانب غيره لأساياس أو في أسوأ الأحوال خلف بعض أفلامه التي ستمهّد -ربما- لعمل كبير يوماً ينتقل فيه المخرج المجتهد إلى صفوف أولى.

يحكي الفيلم عن الشقيقين، سينمائي وآخر موسيقي، الأول مهووس بالفيروس والآخر يجد الهوس مخاوف تسبب الإعلام بإفراطها. لا قصة تدور هنا، فقط يوميات الأربعة في الريف الفرنسي، هاربين من باريس في واحدة من فترات حجرها. يبنى الفيلم على مشاهدات المخرج، كما يبدو، في فترة الحجر، رتّبها وصنع منها فيلماً من دون أن تصنع قصة بالضرورة. جاءت المشاهد حميمية وعفوية ومسلية، في تعقيدات الاختلافات بين الشقيقين وبين عموم الشخصيات الأربع. أجملها كانت حين تمشّى مع شريكته في الغابة متمنياً، وقد تأقلم وأحبّ -كالكثيرين- حالة الحجر، أن يعيش معها كل حياته في حالة حجر من دون أن يعيشها العالم كله بالضرورة. سنعرف خلالها أنها المرة الأولى، منذ عاشا معاً قبل سنتين، يمضيان كل هذا الوقت حقاً معاً.

قد لا يغيب اسم المخرج الفرنسي إيريك رومير عن بال أحدنا أثناء مشاهدة أي فيلم ينحصر في الريف الفرنسي ويبنى على حوارات ويوميات، وحسب. الفيلم روميريّ بقدر كبير، إنّما، بخصوصية حالة الحجر التي أضافت، كذلك، حساً دافئاً في العلاقة مع الأخ من ناحية، ومع الشريكة من ناحية أخرى.

 

####

 

رسائل البرلينالي: "من هيلدا، مع الحب"

سليم البيك/ محرر المجلة

القصة حقيقية، لامرأة اسمها هيلدا كوبي، من المقاومة الشيوعية للنازية في برلين، في عز الحرب العالمية الثانية. يبدأ الفيلم مع اعتقالها، ويمتد باسترجاعات زمانية، حتى إعدامها.

يتمحور الفيلم حول هيلدا، ضمن خلية للمقاومة السرية. دخلت إليها بعفوية، أصدقاؤها كانوا ضمن الخلية، منهم حبيبها وزوجها المستقبلي. في التحقيق تُسأل لماذا فعلت كل ذلك، من تمرير رسائل إلى معدات وغيرها. تقول ببساطة لأنها أحبت زوجها. اعتُقلت، كانت تحمل جنيناً أنجبته في السجن، وأُعدمت.

"من هيلدا، مع الحب" (From Hilde, with Love) المشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائي، صوّر ما عرف بالأوركتسرا الحمراء، هليدا ورفاقها ونشاطهم السري، صورها من خلال العلاقات الإنسانية، تحديداً الحب بين هيلدا وزوجها، هانس، ضمن حالة الترهيب النازي والشرطة السرية، الغيستابو، تقابلها شجاعة للمقاومين، مبرزاً، الفيلم، من بينها كلها، الشخصية الاستثنائية لهيلدا التي احتمت بالحب وتقوّت به، تجاه زوجها ثم، بعد إعدامه، تجاه ابنها وأمها، ورفاقها.

العنوان توقيع هيلدا لرسائلها، وفي الفيلم تهرّب رسائل المقاومة. تشترك في تشفير رسائل بجهاز الراديو إلى السوفييت. تكتب من سجنها إلى زوجها، إلى أمها، ثم أخيراً، رسائل إلى ابنها ليقرأها لاحقاً. في "من هيلدا مع الحب"، العبارة والعنوان، الرسائل، بالتالي إيثار هيلدا تجاه الآخرين وتضحيتها من أجلهم، وفيها القيمة الإنسانية العليا التي أنقذتها من الانهيار في سجنها المريع.

الإعدام حتمي، ندركه ضمناً من لحظة اعتقالها، ليس المآل هو الغاية من الفيلم بل الإرادة في مقاومته. إدراك لهيلدا ولنا بأنها ستُعدم بكل الأحوال، لم يمنعها من الكفاح من أجل ابنها أولاً، ثم بلدها الذي ابتلى بالنازية. ليس الفيلم عن اعتقال في بدايته وإعدام في نهايته، بل عن الحب طريقاً للمقاومة، ممتداً بصلابة من هذه البداية إلى تلك النهاية.

الفيلم للألماني أندرياس دريسين، المعني في عدة أفلام له، بالتاريخ القريب لمدينة برلين، الشرقية تحديداً، مبتعداً في فيلمه الأخير إلى زمان الحرب العالمية. صوّر المدينة في حالات متنوعة لشخصيات متباينة، كأنّه يؤرّخ للمدينة على امتداد زماني منذ السيطرة النازية عليها إلى تقسيمها لشرقية وغربية حتى توحيدها. سيرة برلين في مراحلها هذه وثقها روائياً المخرج المشغول بشخوصها وتناقضاتها.

في الفيلم شغف بالحب، بقدرته على دفع المقاومة السياسية إلى ما لا يستطيع غير الحب عليه. ما بدت سذاجة في شخصية هيلدا ستنتهي إلى صلابة، وهذه الصلابة لم تمحُ رقّة الفتاة التي عرفناها من خلال الاسترجاعات. هذه الأخيرة اعتمدها الفيلم لا ليحكي قصة ببداية ونهاية، بل لإحاطة المُشاهد بالقصة برمّتها على طول الفيلم.

 

رمان الثقافية في

17.02.2024

 
 
 
 
 

6 أفلام كورية تعرض في «برلين السينمائي الـ 74»

برلين ـ «سينماتوغراف»

سيتم عرض ستة أفلام كورية في مهرجان برلين السينمائي الدولي الرابع والسبعين، الذي افتتح يوم أمس الخميس، بما في ذلك أحدث الأفلام الطويلة للمؤلف غزير الإنتاج هونغ سانغ سو.

وسيتنافس في المسابقة الرسمية فيلم "احتياجات المسافر،A Traveler's Needs" للمخرج هونغ، بطولة إيزابيل هوبرت، ولي هاي يونج، وكوون هاي هيو. الفيلم هو التعاون الثالث لهونغ مع الممثلة الفرنسية التي تلعب دور مدرس اللغة الفرنسية لامرأتين كوريتين.

للمخرج ستة أفلام في فئة مسابقة المهرجان منذ عام 2008. وقد فاز بأربع جوائز الدب الفضي من برلين السينمائي حتى الآن، بدءًا من فيلم "On the Beach at Night Alone" عام 2017، والذي فازت به الممثلة الرئيسية كيم مين هي، الدب الفضي لأفضل ممثلة. وفي عام 2022، حصل هونغ على جائزة الدب الفضي الكبرى للجنة التحكيم عن فيلم الروائي.

وسيتم عرض فيلم الحركة الكوميدي "The Roundup: Punishment" بطولة دون لي في قسم العرض الخاص، وأيضاً يعرض فيلم الإثارة الغامض "Exhuma" بطولة الممثل Old Boy Choi Min-sik في فئة المنتدى.

وكذلك "الدائرة"، وهو فيلم رسوم متحركة من إخراج جونغ يو مي وكيم هاي يونغ في قسم مسابقة الأفلام القصيرة.

كما تمت دعوة الفيلم الوثائقي "أصوات الصمت"، وهو عبارة عن مجموعة من المقابلات مع الكوريين الذين عانوا خلال الحكم الاستعماري الياباني، إلى القسم الخاص بالمنتدى.

 

####

 

برلين السينمائي 2024 |

سيباستيان ستان يرد على صحفي وصف شخصيته في فيلم «الرجل المختلف» بـ «الوحش»

برلين ـ «سينماتوغراف»

خلال مؤتمر صحافي في مهرجان برلين السينمائي عن فيلمه الأخير «رجل مختلف، A Different Man»، هاجم سيباستيان ستان الصحفي الذي وصف شخصيته التي تعاني من تشوه في الوجه بـ«الوحش».

فيلم "رجل مختلف" للمخرج آرون شيمبرج، والذي تم عرضه اليوم الجمعة في برلين السينمائي، يتتبع إدوارد (الذي يلعب دوره سيباستيان ستان)، الممثل الطموح الذي يعاني من تشوه في الوجه، والذي يبدأ حياة جديدة بعد خضوعه لعملية جراحية ترميمية، لكنه يصبح مهووسًا بشخصية جديدة. ممثل مصاب بتشوه في الوجه (آدم بيرسون) الذي يلعب دوره في مسرحية مستوحاة من حياته السابقة.

سأل الصحفي، الذي لم تكن لغته الأم الإنجليزية، ستان: “ما رأيك سيحدث بعد التحول من هذا الوحش المزعوم، كما يسمونه، إلى هذا الرجل المثالي؟” (يرتدي ستان طرفًا اصطناعيًا للوجه في النصف الأول من الفيلم.)

قال ستان: "يجب أن أخبرك قليلًا بشأن اختيار الكلمات هناك جزء من أهمية الفيلم هو أننا في كثير من الأحيان لا نملك المفردات الصحيحة. الأمر أكثر تعقيدًا من ذلك بقليل، ومن الواضح أن هناك حواجز لغوية وما إلى ذلك، لكن كلمة "الوحش" ليست الكلمة المناسبة. في النهاية، من المثير للاهتمام سماع هذه النقطة لأنني أشعر أن هذا ما يقوله الفيلم: لدينا هذه الأفكار المسبقة. نحن لسنا متعلمين لفهم هذه التجربة على وجه الخصوص.

عُرض فيلم "رجل مختلف"، المدعوم من شركتي A24 وKiller Films، لأول مرة في مهرجان صاندانس السينمائي وسط مراجعات إيجابية أشارت إلى قدرة الفيلم على الخوض في الأسئلة المعقدة المحيطة بالإعاقة والإدراك والهوية.

"كان من السهل حقاً أن نجعل هذا الفيلم أكثر حملةً صراخاً، وقال بيرسون: "لكنني أعتقد أن الجماهير أكثر ذكاءً بكثير مما يمنحهم الآخرون الفضل فيه، والفيلم الجيد سيغير طريقة تفكير الجمهور مدى الحياة."

وقال المخرج: "كان من المهم جدًا بالنسبة لي دائمًا أنه إذا صنعت أفلامًا عن أشخاص مصابين بتشوهات، فإنني أختار أشخاصًا مصابين بتشوهات". أشار شيمبيرج، الذي يعاني من الحنك المشقوق، إلى أنه "قضى حياته وهو يتساءل: "إلى أي مدى يحددني هذا؟ وماذا عن لو كنت قد ولدت بشكل مختلف، أو إذا كان بإمكاني إصلاح هذا الأمر أكثر مما تم إصلاحه؟" . يمكنني الاعتماد على هذه الأفكار.

لطالما اختارت هوليوود ممثلين أصحاء لأداء شخصيات من ذوي الإعاقة والتشوهات. "أنا لا أحاول التورط بشكل كبير في هذا الخطاب التمثيلي، لكن هذه الأسئلة تظهر في الفيلم. في صنع أفلامي الأخيرة، حيث تعرضت لانتقادات من كلا الجانبين، أجبرني ذلك على التعمق في قضايا التمثيل.

بيرسون، الذي يعاني من ورم ليفي عصبي، عمل سابقًا مع شيمبيرج في فيلم المخرج الأخير Chained for Life، حيث لعب دور النجمة المشوهة أمام ممثلة تمر بوقت عصيب.

وعندما سُئل عن أهمية تمثيل الشخصيات المشوهة على الشاشة، تحدث بيرسون عن شهرين من تصوير فيلم "رجل مختلف" في موقع بمانهاتن، قائلًا: "لقد وجدت مكان القهوة الخاص بي، ووجدت مكان الإفطار الخاص بي، ووجدت الحانة الخاصة بي. في البداية، يتعين عليك القيام بالكثير من العمل الثقيل والجهد في المحادثة. ولكن كلما فعلت ذلك أكثر، أصبح الأمر أسهل."

أضاف الممثل، الذي تشمل أعماله الأخرى فيلم Under the Skin للمخرج جوناثان جليزر: "الطريقة الوحيدة لتحدي تصور الناس عن شيء ما، وتحديه حقًا، هي تعريضهم له بلطف. وكلما تمكنا من القيام بذلك، أصبح الأمر أسهل وأكثر إيجابية في النهاية. ليس من شأني أن أصدم الناس لإجبارهم على الخضوع. أحب المحادثة الطيبة الصادقة، والتصحيح المحب والرشيق عند الحاجة".

 

####

 

نظرة أولى | «الوقواق» فيلم رعب مثير يعد بأكثر مما يقدمه

برلين ـ خاص «سينماتوغراف»

طائر الوقواق، Cuckoo هو طائر مميز - له نداء لحني اشتق منه اسمه، ولكن الأكثر شهرة هو طريقة عمل هذا النوع، حيث يضع بيضه في عش الطيور الأخرى، التي تقوم بتربية فراخ الوقواق على أنها طيور خاصة بها دون أدنى شك، على حساب نسلهم البيولوجي. هذه السمة الفريدة تجعل من طائر الوقواق مخلوقًا قاسيًا عن غير قصد، وقد أصبح جاهزًا للتحول في الثقافة الشعبية إلى شيء أكثر شرًا من أنواع الطيور الأخرى الصغيرة.

يحدث هذا في فيلم الكاتب والمخرج الألماني تيلمان سينغر، حيث تُجبر غريتشن (هانتر شيفر) البالغة من العمر 17 عامًا، والتي لا تزال حزينة على وفاة والدتها، على الانتقال مع والدها لويس (مارتون كسوكاس)، وزوجة أبيها بيث (جيسيكا هينويك). وتذهب أختها غير الشقيقة ألما (ميلا ليو) إلى منتجع بعيد في جبال الألب، حيث يشرف الكبار على تشييد مبنى جديد. يتم الترحيب بالعائلة بحرارة من قبل مالك المنتجع الشرير هير كونيج (يستمتع دان ستيفنز بفرصة أخرى ليصبح غريب الأطوار) لكن غريتشن أقل حماسة بشأن احتمال أن تظل عالقة في بلد جديد مع أولياء أمورها المنفصلين عنها سابقًا.

علاوة على الاضطرابات الشخصية التي تعيشها، تشعر "غريتشن" بأن شيئًا غريبًا يحدث في "ألبشاتن ـ اسم المكان". تلاحقها امرأة غريبة في الليل، ويبدأ أحد ضيوف المنتجع في التصرف بشكل غريب، وتهاجمها ألما شقيقتها بعد تعرضها لنوبة غير متوقعة. كما يكون هناك لقاء صدفة مثير مع المرأة الفرنسية القاتلة إد (أستريد بيرجيس-فريسبي) وتحاول غريتشن الهرب منها بشكل متسرع - وتزداد الأمور سوءًا بعدما حيث يبدأ أحد المحققين في رصد ما يحدث.

يعاني فيلم Cuckoo من غموض يعيق القصة، لأنه يعد بأكثر مما يقدمه، وغير قادر على التوفيق بين العناصر الكوميدية للحبكة والعناصر المثيرة للتوتر. هناك أيضًا صراع بين التصوير السينمائي المحبب في السبعينيات والإطار المعاصر للمشاهد، والذي يؤكد على المزيج الغريب من الأفكار التي لا تجتمع معًا بشكل مُرضٍ.

بعد إنشاء لقطات بطيئة مثيرة للقلق، يتعين على سينغر تقديم عدد كبير من العروض المربكة في النصف الساعة الأخيرة من الفيلم، والتي لا تشرح حقًا تفاصيل الوقواق المخلوقات الخارقة للطبيعة والتي حذرنا منها في المقدمة.

كان من الممكن جدًا إنشاء فيلم رعب فعال دون الاعتماد كثيرًا على النمط التقاليدي في الحكاية، إلا أن Cuckoo يشعر أنه كان سيستفيد من إعطائنا المزيد من الأفكار حول الغرض الدقيق من "برنامج التربية" الشرير الذي وضعه هير كونيج، صحيح هناك بعض التلويح العام حول الاهتمام الشديد بالحفاظ على البيئة، لكن النص يخلق أسئلة أكثر من الإجابات في مسألة تبدو في النهاية غير مرضية وليست مثيرة للقلق.

ومع ذلك، يظل سينغر مخرجًا مبدعًا بشكل رائع، لكنه في الوقواق يفتقر إلى القصة، كما هو الحال في بعض اللحظات الأكثر غرابة ضمن الفيلم.

تم عرض "Cuckoo" لأول مرة في مهرجان برلين السينمائي الدولي 2024، ومن المقرر أن يصدر فيلم شركة NEON في دور العرض يوم الجمعة 4 مايو.

 

موقع "سينماتوغراف" في

17.02.2024

 
 
 
 
 

مهرجان برلين من السينما إلى الصراعات السياسية.. الحرية لفئة معينة

تحليل يكتبه : آسر أحمد

شهدت الدورة الـ74 لمهرجان برلين السينمائي الكثير من الأحداث السياسية والتظاهرات التي أحجبت رؤية ماهية المهرجان الفني الذي يقدم أعمالا فنية يوصِل من خلالها رسائل مقدميها، واستقبلت السجادة الحمراء للافتتاح الخميس الماضي حشوداً سياسية من مختلف الأطياف، ومشاركة واسعة من الفنانين الحاضرين الذين حرصوا على رفع لافتات سياسية وسط المهرجان.

واستبدل المشاركون في الحدث السينمائي الذي يعد من أكثر المهرجانات شهرة في أوروبا، الندوات السينمائية إلى ساحة معركة للأيديولوجيات السياسية وحرية التعبير، بعد أن سلط الضوء على قوة السينما في تحدي المجتمع، واستقبال الكثير من منتقدي حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، الذي تم منع أعضائه من حضور المهرجان

وعلى عكس الكثير من المهرجانات السينمائية العالمية التي تبرز عملاً فنياً مميزاً في الافتتاحية وتتم إقامة ندوات نقاشية عقب مشاهدته، تم استبدال تلك الندوات بمنتديات للبيانات السياسية، والتي جاء أغلبها ضد حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، وسرعان ما تحول المهرجان إلى مرمى نيران الكثير من الانتقادات، بعد أن ذاع صيت المهرجان سابقاً بأنه الحدث السينمائي الأكثر شحنًا سياسيًا في أوروبا.

جاء منع حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف من حضور المهرجان، على أثر مواقفه المثيرة للجدل بشأن الهجرة والقومية وانتقادهم لنهج السياسية الألمانية الحالية وتذكر ماضيها النازي في السيطرة على القارة العجوز، وهو ما كان سببا رئيسيا في منعهم ولفرض الصمت على آراءهم السياسية التي تنتقد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ أكتوبر الماضي.

وعلى غرار كل ما سبق انتقد العاملون في المهرجان بشكل علني القائمين على الحدث بسبب موقفهم من الصراع الدائر في غزة، وهو ما أدى إلى الكثير من الخلافات بين أعضاء المهرجان والعاملين فيه، وعلى أثره انشق عضوان من لجنة تحكيم المهرجان لانتقاد استبعاد أعضاء حزب البديل من أجل ألمانيا، وفي خضم هذه الاضطرابات، انشق عضوان نجمان في لجنة تحكيم المهرجان لانتقاد قرار استبعاد أعضاء حزب البديل.

وما بين نار حرمان الحزب اليمني من المشاركة ونار إظهار الحيادية للمهرجان السينمائي والقائمين عليه، تقرر مشاركة فيلم فلسطيني بعنوان No Other Land وهو عن معاناة شاب فلسطيني من التهجير القسري ومعاملة المستوطنين الإسرائيليين معه، وبمشاركة هذا الفيلم ضمن برنامج المهرجان لهذه الدورة كان غسيل الأيدي للقائمين على المهرجان من تحيزهم للاحتلال الإسرائيلي وحرمان حزب ألمانيا البديل من المشاركة، والتي لم تكفي بغسل الايدي وكان الحرمان والندوات السياسية الداعمة للكيان الصهيوني أكثر مشاركة.

كل النقاشات والاحتدام السياسي التي تخلل الدورة الـ 74 من مهرجان برلين، سلطت الضوء على منظور أوسع وأكثر اتساعاً عن علاقة المؤسسات الثقافية بالمسائل والمواقف السياسية وضرورة مشاركة تلك المؤسسات في تلك المواقف من عدمه، وأشعلت الدورة الحالية من المهرجان نقاشات هامشية عن الحرية والتسامح وهو ما يعكس قرار المهرجان في منع أعضاء لمجرد أفكارهم السياسية.

ووفقاً للكثير من التقارير فإن المهرجان في دورته الـ 74 سيكون محل نقاش لسنوات طويلة بسبب تسليطه للضوء على القضايا السياسية وتقليص المساحة الخاصة بالفن والسينما.

 

اليوم السابع المصرية في

17.02.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004