ملفات خاصة

 
 
 

"النهار" تحضر لقاءً مع ساندرا هولر المرشّحة للـ"أوسكار": لا أحتاج إلى اختبار الأشياء لتجسيدها بل إلى تخيّلها

هوفيك حبشيان

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 96)

   
 
 
 
 
 
 

عبّر الناقد البريطاني بيتر برادشو عن دهشته من قدوم #ساندرا هولر إلى مهرجان روتردام (25 كانون الثاني - 4 شباط) رغم جدولها المزدحم، خصوصاً غداة ترشيحها لـ"أوسكار" أفضل ممثّلة عن دورها في "تشريح سقوط" لجوستين ترييه، الفيلم الفائز بـ"سعفة" كانّ 2023. هولر (45 عاماً) التي قدّمت درساً سينمائياً عفوياً وصادقاً أداره برادشو، كشفت بأنها تمثّل حالياً في مسرحية "الملاك المبيد"، قبل ان تفتح قلبها وصندوق أسرارها أمام حشد من بضعة مئات تهافتوا ليستمعوا إلى هذه الممثّلة التي انطلقت في السينما قبل نحو عقدين.

عمّا "يحلّ" بها حالياً من اعتراف دولي وجوائز وانتشار واسع، تضحك وتقول بشيء من النيهيلية: "لم أعتد ان أكون في عين العاصفة. أحاول ان أرى المسألة من زوايا عدة. أولاً، يجب التذكير بأننا سنموت جميعاً (ضحك). ثانياً، أجدني أضحك عندما استيقظ. عندما أنزّه كلبي قرب المنزل، أسمع أشخاصاً لم أرهم من قبل، يباركون لي. ما أعيشه مزيج من أشياء كثيرة، وموضوع اختراق الخصوصية من ضمنها. لكنه شعور جميل وغريب. قبل قليل، وأنا داخلة إلى هذا المكان، اقترب منّي رجل وسألني "اذاً، هل هي التي فعلتها؟"، في اشارة إلى الجريمة التي تُرتكب في الفيلم".  

لسبب ما، انطلق الحوار بـ"منطقة اهتمام" لجوناثان غلايزر، وهو ثاني فيلم مثّلت فيه هولر العام الماضي، تلعب فيه دور زوجة ضابط نازي يقيم مع عائلته قرب معسكر أوشفيتز خلال المحرقة. عُرض مشهد من الفيلم، حيث تضع هدويغ هوس حمرة الشفاه وهي تحدق في المرآة. مشهد فظيع يقول عنه برادشو بأنه نزول إلى قعر الظلمات، وأراد انطلاقاً منه ان يعرف ماذا يعني لممثّلة الاقتراب من الشر إلى هذا الحد. "يصعب عليّ الحديث عن كيفية مقاربتي للدور. عادةً، نحن الممثّلين، نطمح إلى خلق تواصل مع شخصياتنا، نطمح إلى ان نحبّها وننتصر لها، أو ان نعثر على شيء معين فيها يساعدنا على التواصل وإياها. في أغلب الأحيان، قد يكون الأمر سراً. أحياناً، نتشارك هذا السر مع المخرج أو الشريك، لكن في هذه الحالة شعرتُ انه لم يكن ممكناً. (…) معظم حديثي مع المخرج دار حول ماذا نريد ان نوصله من خلال هذا الفيلم. لم نُرده فيلم سيرة أو دراسة لشخصية هدويغ، لأنها ببساطة - وأعتذر على هذا الكلام - لا تستحق ذلك. كلّ غضبي إزاء هؤلاء الناس وجهلهم، ذهب نوعاً ما إلى السماح لها بأن تكون فارغة، ومنعها من التحلّي بأي شعور وأي إحساس بالجمال والأناقة، كلّ تلك المشاعر التي عند جميعنا. شعرتُ ان هذا ليس ممكناً، عندما تترك أناسا يُقتَلون بالقرب من بيتك، وبعلمك. لذلك، عملنا بشكل خاص على لغة الجسد. ترك الفيلم فيّ ضرورة التحدّث عن الفاشية، وكيف تولد خطوةً خطوةً، كي تتحوّل في النهاية إلى مسألة وقت لا أكثر". 

لكن، ماذا عن كيفية العمل مع جوناثان غلايزر؟ هل اتّصل بها وقال لها بأنه يملك دوراً عظيماً لها؟ باختصار كيف جرت الأمور؟ تقول: "في البداية، استلمتُ نصاً من صفحتين، ثم دعتني إلى كاستينغ واحدة من أهم مديرات اختبار الممثّلين والممثّلات في ألمانيا. وافقتُ ان أخضع لاختبار من دون ان أعرف اسم المخرج وتفاصيل المشروع. يحدث هذا كثيراً في ألمانيا: يأتي سينمائيون من الخارج لتصوير فيلم، فلا نحصل على السيناريو كاملاً، بل يبقى سراً، وهذا مزعج! اذاً، وافقتُ ان أخضع للاختبار، لكن قلت إنني على الأرجح لن أصوّر الفيلم بسبب عدم توافر الوقت لي. ثم علمتُ انه فيلم لجوناثان غلايزر ويتحدّث عن عائلة تعيش إلى جانب أوشفيتز، فكان ردّي "لا، لا أريد"، وكان رد فعلي جسديّاً. لم أرغب في التورط في هذا الدور. كان مستحيلاً. لكن عندما قابلتُ جوناثان، أدركتُ أننا نتشارك الهواجس نفسها. كان يرفض إعادة إحياء السرديات التي رأيناها سابقاً، مثل اعطاء طابع غلامور للشخصيات كي يصبح الجلاد قابلاً للفهم”. 

******

ولدت هولر في زمن ألمانيا الشرقية وانطلقت في التمثيل عندما كانت في الخامسة عشرة في الاطار الدراسي. معلّمتان تدرّسان الألمانية والإنكليزية قررتا إنشاء نادٍ للدراما، ونصحتاها بمتابعة الدروس كونها كانت تحب اللغة. تتذكّر: "خضتُ التجربة وأحببتها. كانت تلك أول هواية أمارسها وبرعتُ فيها وتسلّيتُ خلالها. ثم تابعتُ بعض الورش وهكذا بدأتُ. حملني التمثيل إلى برلين حيث قدّمتُ مسرحية. لكن تجربتي الأولى كانت في مسرح جينا الواقع في البلدة الصغيرة التي آتي منها. مثّلتُ في برلين، رغم أني بعد تخرجي من معهد التمثيل، كنت قررتُ ألا أعتلي خشبة المسارح الكبرى في العاصمة، لأن أي خطأ سيكلّفك الكثير. خشيتُ الرأي العام، لذلك انسحبتُ إلى عالمي الصغير. كنّا ثمانية في هذه المجموعة. وأتيح لنا مجال ان نلعب كلّ شيء. سيناريو "ترتيلة الموتى" أول سيناريو طالعته. أنا التي اعتدتُ شكسبير، صحتُ "ما هذا؟!". لم أعلم ماذا أفعل به. رأيتُ في النصّ أناساً يتحدّثون كما نتحدّث عادةً في الحياة. كنت ألفتُ البلاغة في الكلام. لكن مديرة أعمالي أكّدت لي أنه سيناريو ممتاز، فوافقتُ". 

الفيلم الذي عرّفنا فعلاً على هولر وفق برادشو وأطلقها دولياً هو "توني إيردمان” لمارن أديه. عرضه في مهرجان كانّ 2016 جرى وسط اعجاب النقّاد وأضحى محطّة في مسيرتها، حد ان برادشو يعتبر دورها فيه من الكلاسيكيات في مجال الكوميديا. يبدي الناقد اهتماماً كبيراً بمعرفة كيف تلقّفت هولر الاحتفاء الكبير للفيلم في كانّ وماذا شعرت وهي تشاهد نفسها مع الجمهور في المهرجان الأشهر. ترد هولر بأنها لا تذكر شيئاً، كأن اللحظة برمتها سقطت من ذاكرتها. "كانت هذه أول مرة لي في كانّ. كنت على الأرجح شبه ميتة. ولم أكن أعلم بوجود هذا الطقس الذي يجعل الناس ينهضون من كراسيهم بعد عرض الفيلم ويصفّقون لدقائق طويلة. عملتُ بعدها أنهم يصفّقون للجميع. تفاجأنا في البداية. وكانت الكاميرا مصوّبة على وجوهنا طوال الوقت. مع تييري فريمو الذي لا يكف عن الاشارة إلى الكاميرامان بالتقاط هذا أو ذاك. ولا يهم في أي حال أنت، لا يهم اذا كنت مستاء من الفيلم أو انهارت دموعك لأنك انفصلتَ للتو عن حبيبك. انه لأمر مرهق! لكن يبقى جميلاً لأنه يحتفي بالعاملين في الفيلم”.

تروي هولر انه كان من المفترض لـ"توني إيردمان" ان يكون فيلماً كوميدياً، لكن كلّ المشاكل التي تعاني منها الشخصيات وجودية ومحبطة، ممّا جعله يبدو عكس ذلك. "الكلّ يعيش صراعاً، وأعتقد هذا هو الجانب الذي عززناه. تسلّينا كثيراً خلال التصوير، لأن العمل مع ممثّل مثل بيتر (سيمونيشيك) متعة خالصة. لكن، في البداية، لم نكن متأكدين ان الناس سيجدوننا ظرفاء. عندما شاهدته لأول مرة في غرفة مونتاج مارن، ضحكنا بيتر وأنا من شدة الاحراج، وقلت في سري "هناك ما هو جيد حقّاً". لكن كان التصوير غاية في الصعوبة، اذ ساد التعصيب طوال الوقت. هل كانت ثمّة كيمياء بيني وبين بيتر؟ نعم، لكن الكيمياء الخاصة بهؤلاء الناس. كيمياء من نوع "أحبّك فعلاً، لكن ما تقوله أحياناً غير دقيق". ومن جهة بيتر، كان الكلام من نوع: "أنتِ ابنتي، لكن هناك أشياء لا تعرفينها". 

******

يسألها برادشو: كيف كان العمل مع جوستين ترييه على "تشريح سقوط"، وكيف عملت على بناء الكاراكتير (سيدة متّهمة بقتل زوجها)؟ ترد: "مذ قراءتي للسيناريو، لمستُ عظمته، فأردتُ ان أكون جزءاً من هذا المشروع. أفكار كثيرة بدأت تدهمني وأنا باشرتُ العمل على لغتي الفرنسية. إني عادةً ممثّلة كسولة لا تطالع السيناريو مرات عدة. لكن هذه المرة كان عليّ معاودة القراءة بسبب اللغة. وجب عليّ حفظ أسطر زملائي، وإلا لم يكن ممكناً فهم كلامهم بسبب سرعتهم في نطقه. جوستين ترييه قالت لي جملة مرعبة: إلعبيها وكأنها بريئة! كنت سألتها قبل يومين من بداية التصوير عن براءتها. قبل تلك الفترة، لم يكن يهمّني ان أعرف. وددتُ الدفاع عنها مهما يكن، لأنني وجدتها ذكية جداً. عملتُ على كلّ تلك الأشياء التي يجب ان نولّدها في داخلنا كي لا نقرر البتة ما هي الحقيقة، وكي نجد أكثر السبل نزاهةً لنقول الأشياء عبرها. الشخصية التي أضطلع بها تعني فعلاً ما تقوله، بصرف النظر إن كانت بريئة أو لا. المتّهمون بجريمة عندما يقفون في المحكمة، يحدث ان يصدّقوا فعلاً أنهم بريئون. لذلك، كان من الضروري ان أعتقد أنني بريئة". 

إلى اليوم، لا يزال هناك سجال حاد عمّا اذا كانت مذنبة أم لا. في مداخلة طريفة، علّقت احدى المشاهدات: "أعتقد نحن المشاهدين مَن قتلناه. دفعناه من الشبّاك، بسبب انه كان رجلاً مزعجاً". تعليقها أغرق الصالة في الضحك وفتح المجال لتعدد النظريات حول الجريمة التي انتشرت، ومفاد واحدة منها ان الابن هو الذي فعلها ليخلّص أمه من زوجها.

لكن، هل خلقت في رأسها سيرة للشخصيات وهي تمثّل في الفيلم؟ "لا، لستُ من أنصار هذه المدرسة. لا أعرف كيف يفعلونها. لطالما شعرتُ بأن هذا الأمر يشتّت تفكيري ويُبعد تركيزي عمّا يحدث فعلاً. عندما يكون السكريبت مشغولاً بجودة، نجد فيه كلّ ما نبحث عنه. لا نحتاج إلى المزيد. مع ترييه، اتّفقنا على بعض النقاط: كان على الزوجين ان يتحابا وهذا كان مهماً بالنسبة لنا". 

أمر آخر تنبذه هولر تماماً في التمثيل: الارتجال. تقول انها ليست كاتبة كي تشارك في صوغ النصّ. أما العلاقة المقرّبة من المخرج(ة) فتؤيدها، لكنها تحتاج أيضاً إلى مسافة. في معجمها الكلامي، تتكرر كثيراً عبارتَي "أحب، لا أحب". وممّا لا تحبّه مثلاً ان يحدق في وجهها أحدهم من طاقم العمل خلال التصوير. "لا أعرف أين تذهب الطاقة. طبعاً، لا أمانع ان يقترب منّي أحدهم ليحدّثني، لكن مع اعطاء شعور بحضوره". 

******

من الأشياء التي كشفتها هولر في روتدرام، ان "تشريح سقوط" كان يتضمّن مشهد ممارسة حبّ، الا ان واحدة من المنتجات تمنّت لو يُحذف لأن هذا النمط ينتمي إلى سينما الثمانينات في رأيها، وهو الرأي الذي تؤيده هولر. "لماذا على الناس ان يثبتوا دائماً حبّهم بعضهم لبعض من خلال ممارسة الحبّ؟ هذا قمّة الغباء!". الفكرة التي يعلّق عليها برادشو بدعابة: "أعتقد انه من العظيم لو أتيحت لنا مشاهدة نسخة فيديو من الفيلم بتوقيع بول فرهوفن”.

تقول هولر في نهاية اللقاء، انها تبحث دوماً عن توازن صحيح خلال التصوير بين الثقة والمسؤولية. "أرغب بمخرج يثق بي وبرؤيتي وبقدرتي على تخيّل الأشياء، من دون ان أكون قد اختبرتها في الحياة بالضرورة. لا أميل إلى السينمائيين الذين يطلبون منك ان تشاهد عملية ولادة كي تلعب دور أم. أعتقد من المهم ان تتمتّع بحيز من الأمان. البعض يستطيع ان يخلق هذا الحيز. يخلقون حيزاً حيث يستطيع الناس إظهار كلّ أحاسيسهم من دون ان يخجلوا منها ومن دون ان يتعرضوا للأذى. وهذا ما يجعل العالم مسلّياً وجميلاً. هذه هي أولوياتي. إني لا أؤمن بالكمال. لا أستطيع بلوغه. فلذلك أدّعي بأنني لا أؤمن به ولا يهمّني". 

 

النهار اللبنانية في

08.02.2024

 
 
 
 
 

"العالقون" لألكسندر باين: توقّعات لا تمنع استمتاعاً مؤكّداً

باريس/ ندى الأزهري

لم يكن المشاهد لينجو من توقّع أحداث هذه القصة، التي تنبئ بدايتها بنهايتها، وتدعو إلى تخيّل معظم مجرياتها. لكن هذا لن يمنع استمتاعاً مؤكّداً، فألكسندر باين، مخرج "العالقون"، أو "الُمنْزَرِبون" (2023، بحسب العنوان الإنكليزي، و"عطلة الشتاء" بحسب العنوان الفرنسي)، المُرشَّح لجائزتي "بافتا" البريطانية (18 فبراير/شباط 2024) و"أوسكار" الهوليوودية (10 مارس/آذار 2024) أفضل فيلم، عرف كيف يقود، في حكاية نمطية، شخصياته غير التقليدية، ليجعل من نمطيّتها عنصراً مُحفّزاً لمتابعتها.

العالقون هم طلّاب مدرسة داخلية مرموقة، في سبعينيات القرن الـ20، في نيو إنغلند، في الولايات المتحدة الأميركية. بول هَنام (بول جياماتي، المرشّح لجائزتي "بافتا" و"أوسكار" أفضل ممثل، عن دوره هذا) أستاذ التاريخ القديم في هذه الثانوية الخاصة، المتمسّكة بالتقاليد. متحذلق وفظّ، لا يحظى بودّ طلّابه وزملائه، وتقديرهم. وبما أنه ليست لديه عائلة، ولا مكان يذهب إليه لتمضية عطلة عيد الميلاد، سيكون، مع اقتراب المناسبة، المرشّح الوحيد للمكوث في المدرسة لرعاية، أو بالأحرى لمراقبة قلّة من الطلّاب، المجبرين على البقاء. ليس بمقدور هؤلاء العودة إلى منازلهم، إما لرغبة الأهل في التخلّص من عبئهم في العطلة، أو لصعوبات عمليّة مفروضة عليهم.

مع تقدّم السرد، لا يبقى مع الأستاذ سوى شخص واحد: أنغس تالي (دومينيك سيسا، المُرشّح لجائزة "بافتا" أفضل ممثل في دور ثان)، الطالب في الصف الأول ثانوي. إنّه ذكي بقدر ما هو متمرّد. هناك أيضاً ماري لامب (دفاين جوي راندولف، المرشّحة لجائزتي "بافتا" و"أوسكار" أفضل ممثلة في دور ثان)، طاهية المؤسّسة ذات الأصول الأفريقية، التي فقدت ابنها في فيتنام قبل وقت.

الأحداث متوقّعةٌ، ومنذ البداية. نفورٌ مزمن بين الأستاذ والطلّاب، ترافقه مصاعب تأقلم مع الوضع الجديد لكلّ الأطراف، يحلّ بعده تقارب تفرضه المعاشرة، يكون له أثر إيجابي في تقبّل كلّ منهم عيوب الآخر، على نحوٍ ما، وبذور ودّ تنمو بعد أنْ يتيح الظرف اكتشاف ما لا يظهر، عادة، للعيان، من مزايا إنسانية ومشاعر مكنونة في كلّ شخصية. فكرةٌ لطالما تحوّلت إلى أفلام سينمائية معروفة، منذ "ميرلوس" (1935) للفرنسي مارسيل بانيول، وفيه تلاميذ تعساء في مدرسة داخلية، لا أحد من أهاليهم يحتفل بعيد الميلاد. فيلمٌ أوحى للأميركي ألكسندر باين (المُرشّح لجائزة "بافتا" أفضل إخراج عن جديده هذا) القصّة، بحكاية من تلك الحكايات التي تُكتب لأعياد الميلاد. لكنّ باين، الذي يكتب أفلامه عادة، اعتمد هذه المرة نصاً كتبه ديفيد هامنغسُن (المرشّح لجائزتي "بافتا" و"أوسكار" أفضل سيناريو أصلي)، مستوحى من ذكريات شخصية للكاتب، أحيا فيه أجواء الثمانينيات الماضية (جعلها السبعينيات في الفيلم)، والتقط شذرات من شخصيات عرفها، كالأستاذ وبعض التلاميذ، في مدرسة تشبه تلك التي ظهرت في "العالقون".

من خلال ميلودراما اجتماعية عاطفية، لا تخلو من روح دعابة، وحافلة بكليشيه مع ذلك، يُقدّم الفيلم سفراً عبر الزمن، عن تصارع متوقّع بين الأضداد. أستاذ مادة التاريخ، المتجهّم ذو العين الزجاجية، الذي لا يهتم بالموضة، ويرتدي ملابس لا شكل لها ولا هيئة، والمكروه بسبب ما عُرف عن معاملته القاسية وردوده المشوبة دائماً بعدوانية طاغية، لكن المثقّف والمتحدّث القدير، الذي يعرف أصول المهنة. أمامه طالب (سيسا) موهوب وحسّاس، يعاني افتقاد العائلة، ويشعر بالأسى لإجباره على تمضية عطلة العيد في هذه المدرسة الباردة، مع أفراد لا يشعر نحوهم بودّ، ومع هذا الإحساس بالتخلّي، لا سيما بعد محاولات فاشلة للتواصل مع عائلته. فأمّه وزوجها يكتفيان بتعليمه الراقي، من دون إبداء اهتمام حقيقي بمشاعره ورغباته، هو الإنسان العاطفي، الذي يبدي مظهره وسلوكه خلاف ذلك. بين هذين الاثنين تنمو صداقة، إذْ وجد كلٌّ منهما في الآخر ما ينقصه.

لكنّ "العالقون" أكثر من ذلك. إنّه هذه الحوارات الرائعة والذكية والعميقة والمكثّفة، والمليئة بمراجع مُعبّرة عن خلفية فكرية غنية، التي ـ مع تطور الحبكة ـ تحرّر الشخصيات من شعورهم بالوحدة، وتبدي محاولاتها كسر العزلة. إنّه أيضاً هذا العصر الذي أعيد بناء أمكنته وناسه البرجوازيين خاصة، ما يضع المُشاهد فوراً، منذ المشهد الأول، في أجواء تلك الفترة، مع الشعور بزمن مضى لا يشبه عصراً حالياً. ديكور واقعي في أماكن حقيقية صُوّر فيها الفيلم، فلا مشهدَ واحداً في الاستديو. منذ المشهد الأول، تبدو المؤسّسة التعليمية، على أنغام أغاني الكورال، تحترم التقاليد، وبقي بناؤها على حاله منذ عقود، ويسود لون أثاثه الخشبي الغامق، ليغرق الفيلم مشاهده تماماً في ذلك الزمن، ويقنعه بأحداثه وأفكاره.

خلق السيناريو ثلاثياً متلائماً. إلى الأستاذ والطالب، أضاف وجودُ الطاهية، ذات القلب الكبير والمثقل بآلام فَقْدِ الابن في حرب فيتنام، لمسةً عاطفية أمومية في عالم ذكوري بحت. بدت شخصية الأستاذ منسجمة مع ديكور واقعي، ولم تكن بتعابيرها وعباراتها كأنّها إسقاط حالي على عصر مضى. ترك باين شخصياته تعبّر، عبر حوارات مشحونة بطرافة عفوية، عن وحدتها؛ وعبر أداء ماهر، يتطوّر مع الحبكة، عن تغيّر نظرة كلّ شخصية إلى الآخر.

الشاب دومينيك سيسا لافت للاهتمام في أول دور له، لا سيما أمام الخبرة الكبيرة لبول جياماتي، إذ استطاع فرض نفسه، فكان عدوانياً وساخراً تارة، ومتأثّراً ومُثيراً للمشاعر تارة أخرى، خاصة في لقائه أبيه المريض، الملقى في مأوى لمرضى ألزهايمر. ترك كلّ عنصر من عناصر الفيلم، البصرية والسردية، في قلوب مشاهديه، شعوراً عميقاً بارتياح وفرح مشوب بحزن طفيف، من قصة نُسجت بعواطف مؤثّرة للذين يعانون أسى دفيناً وشعوراً بالوحدة بين زملائهم وأهلهم.

 

####

 

جائزة أوسكار جديدة في 2026 لمديري اختيار الممثلين

(فرانس برس)

اعتباراً من سنة 2026، تُستَحدَث في جوائز أوسكار فئة جديدة تُخصَص لمكافأة مديري اختيار الممثلين المعروفة بالإنكليزية بـCasting.

ويشكل استحداث هذه الفئة الجديدة أول توسيع لجوائز أوسكار الأميركية العريقة منذ تخصيص إحداها عام 2001 لأفضل فيلم رسوم متحركة.

ونقل بيان عن مدير أكاديمية علوم السينما وفنونها بيل كرايمر ورئيستها جانيت يانغ قولهما، الخميس، إن "مديري اختيار الممثلين يؤدون دوراً أساسياً في صناعة الأفلام". وأضافا: "مع تطور الأكاديمية، نحن فخورون بإضافة اختيار الممثلين إلى التخصصات التي نعترف ونحتفي بها".

ويُعَدّ مديرو اختيار الممثلين عنصراً أساسياً وضرورياً لكل مشروع سينمائي جديد. فمن خلال الاستعانة بنجوم الصف الأول، واختيار ممثلين لتولّي الأدوار المساندة، يؤدون مهمة بالغة الأهمية في الأفلام.

وبدأت الحملة في هوليوود منذ سنوات لاستحداث جائزة أوسكار تقديراً لعمل هؤلاء.

كذلك يسعى المجازفون السينمائيون الذين ينفذون المشاهد الخطرة في الأفلام إلى الضغط لاستحداث جائزة أوسكار تكافئهم.

ولم توضح الأكاديمية ما إذا كانت جائزة أفضل مدير لاختيار الممثلين ستُقدَّم خلال النقل المباشر لاحتفال توزيع جوائز أوسكار، كما هي اليوم حال جوائز الفئات الـ23 الحالية.

وتوخياً لاختصار احتفال عام 2022 ومحاولة جذب عدد أكبر من المشاهدين، سجّلَ المنظمون سلفاً توزيع عدد من الجوائز المصنّفة ثانوية، لكنهم صرفوا النظر في العام التالي عن هذا الإجراء في ضوء ما أثاره من استياء العاملين في القطاع.

 

العربي الجديد اللندنية في

08.02.2024

 
 
 
 
 

فيلم «أشياء بائسة»: الغرائبية معكوسة

سليم البيك

صنع اليوناني يورغوس لانثيموس لنفسه أسلوباً سينمائياً متميزاً، يمكن وسمه بالغرابة، بالعبثية لا في مآل الشخصيات، لا في تطور الحبكة، بل في أساسها، في طبيعة ما يحصل على الشاشة، لا في «كيف يحصل». مكونات هذه الحبكة من شخصيات وأحداث هي بحد ذاتها عبثية غرائبية، لا ما تمر به الشخصيات، أو ما يطرأ على الأحداث. الغرائبية بنيوية هنا.

رأينا ذلك في أبرز أفلامه، بدت معالمه في «كينيتا» (2005) و»دوغتوث» (2009) و»ألبز» (2011)، ثم في ما أمكن القول إنها مرحلة جديدة للمخرج، نضجت فيها الغرائبية، في «ذا لوبستر» (2015) و»قتل الغزال المقدس» (2017)، إلى فيلمه الأخير، «أشياء بائسة» الذي نال الأسد الذهبي في مهرجان فينيسيا الأخير. ويمكن أن يشمل ذلك حتى فيلمه الأسبق، «المفضلة» (2018) الذي تركزت الغرابة فيه بكسر المسلمات السلوكية في أفلام المراحل التاريخية، ما قبل القرن العشرين.

هذا الأسلوب متصاعد في نضجه، والنضج هنا مسار إلى المغامرة والتجريب في طبائع الشخصيات وتفاصيل الأحداث، لا في الطمأنة الداعية إلى الاستقرار. في فيلمه الأخير، والمنافس باستحقاق على أوسكار أفضل فيلم، جمع لانثيموس أفلامه، المكونة لخطه السينمائي، ليخرج منها بعصارتها، بفيلم تتوازى ميزاته، من الاختيار البديع للممثلين الأربعة الرئيسيين، إلى التصوير الأقرب للعوالم الفانتازية، إلى القصة الجانحة التي احتاجت تلك العوالم لتكتمل، وليس انتهاء بالأصوات والموسيقى والأزياء. الفيلم، رغم عبثيته البنيوية لا المقارباتية، مكتمل بوصفه صناعة سينمائية فنية.

يحكي الفيلم (Poor Things) عن عالِم وجرّاح، يجد امرأة منتحرة، بيلا باكستر، يزرع مخ جنينها في رأسها، ضمن تجاربه العديدة، ليعيدها إلى الحياة بجسد امرأة وعقل طفل. تلتقي لاحقاً برجل تسافر معه لاكتشاف العالم، يعيشان أقصى اتجاهات المشاعر والتجارب إلى أن تعود أخيراً للجرّاح. المرأة الساعية لاكتشاف العالم بروح الطفلة، امتازت على طول الفيلم، ببراءة الطفولة في الكلام والسلوك، وبالرغبات العفوية في التمرد والرفض والفضول، لكن أساساً في عدم التوافق مع ما يراه عالم الكبار تهذيباً ضرورياً، أو أخلاقاً مسلَّما بها. فتقول رأيها صراحة وإن تسبب بالإحراج، تمارس الجنس بحرية لأنه ببساطة يسبب لها شعوراً جيداً. ترفض حالة الأسر، الذكورية، منذ كانت عند الجرّاح مروراً بعلاقتها مع رفيقها، حتى عودتها. لا تقبل تقييدات واجهتها بغرابة، مفروضة مجتمعياً عليها لكونها امرأة. تتمرد على هذا كله بروح الطفلة وعنادها.

الفيلم فانتازي بدرجة كبيرة، كوميدي كذلك بدرجة كبيرة، وهو دراما وخيال علمي، وقصة حب يائسة، ويتنقّل بين البلدان والمساحات، يصوَّر في قصر الجرّاح، في مدن، في باخرة، قسم منه بالأبيض والأسود وقسم بالألوان، وهذا الأخير يتفاوت بألوانه وعدساته. وخلالها كلها تسيطر رغبة غريزية في التحرر والتصرف بعفوية، وفي رفض تعاليم اجتماعية كبر أحدنا ليجدها جاهزة، النساء خاصة، فإما أن يخضعن لها أو يوصفن بالعهر، كما هو حال بيلا باكستر.

لم تكن بيلا بائسة أو مسكينة تبعاً لعنوان الفيلم، بل الأشياء، أو «المخلوقات» (بالترجمة الفرنسية للعنوان) الداعية للشفقة هي ما ومن يحيط بها، هي العالم الذي نعيشه، أما الغرائبية فهي كما سنفهمها تباعاً وتدريجياً، لا تكمن في سلوك المرأة الساعية لرغباتها، من دون الحاجة لتبرير منطقي لها، بل في عكسها، في فارضي القوانين من حولها والحراس عليها فلا يتم خرقها، ومن قبل النساء تحديداً. الغرائبية التي تظهر من سلوك المرأة هي في النهاية انعكاس للأحوال البائسة والغريبة للمجتمع، فحين تلمّ المرأة مال رفيقها كله لتبحث عن الفقراء فتمنحه لهم، كان، في سياق المجتمع، سلوكاً مغضباً تُعاقَب عليه، لكنه طبيعي بالنسبة لها، في أن يكون المال لمن يحتاجه، كذلك الحال مع استغرابها استنكار رفيقها دخولها للعمل في بيت دعارة كسباً للمال، وكذلك استنكار مديرة البيت إرادة بيلا اختيار الزبائن بدل أن يصطف النساء ليختار الزبون، الرجل، منهن لتصعد معه إلى غرفتهما. عليه أن يعجبها، تقول، لا العكس.

الغرائبية هنا موقف اجتماعي وسياسي، نسوي بالدرجة الأولى، أساسه الغريزة في السلوك بمعزل عن تقييدات تجعل من بيلا، مثلاً، تكذب على طاولة الطعام، مجاملةً، بما أبانه الفيلم رياءً اجتماعياً لبورجوازية القرن التاسع عشر. بيلا كانت، بعقلها الطفولي ومجالستها الكبار وعيشها معهم، متحررة بشكل قد يسميه البعض، كما في الفيلم، بافتقار للتهذيب أو العهر، لكن من دون أن يجد أحد، في الفيلم وربما خارجه، سبباً لتبرير هذه التقييدات، وسبباً لئلا تفعل بيلا وتقول ما تفعله وتقوله، كما هو تماماً. الغرائبية في الفيلم كلّه، كان كل ما عدا بيلا، مهما فعلت وقالت.

كاتب فلسطيني/ سوري

 

القدس العربي اللندنية في

09.02.2024

 
 
 
 
 

ممثلون نالوا الأوسكار عن أدوار لم تكن لهم في الأصل

نلقي نظرة على أدوار اختير ممثلوها بعد عملية شاقة، لكنها حققت إنجازات تاريخية في سباق جوائز الأوسكار

كليمانس ميشالون 

تطلب تحقق بعض أشهر الأدوار في تاريخ هوليوود خوض عملية شاقة مليئة باختبارات أداء غير موفقة وتغييرات في اللحظة الأخيرة.

لكن لمجرد أن ممثلاً ما لم يكن الخيار الأول لأحد الأدوار، لا يعني أنه لا يحق له نسب الدور لنفسه. لم يكن توم هانكس الخيار الأول لأداء شخصية فورست غامب، لكن من المستحيل الآن تخيل أي شخص آخر يؤدي دور البطولة في الفيلم الكلاسيكي الصادر عام 1994.

في بعض الأحيان، أن تكون الخيار الثاني (أو الثالث أو الرابع) لدور ما، قد يكون الخطوة الأولى على الطريق إلى مجد الأوسكار. من هانكس إلى ليدي غاغا، نستعرض أسماء 12 ممثلاً وممثلة لم يكونوا الخيار الأول لأدوارهم اللامعة، ومع ذلك فازوا بجوائز الأوسكار عن أداءاتهم:

ليدي غاغا في "ولادة نجمة" A Star is Born

النسخة الحديثة التي صدرت عام 2018 من الفيلم الدارمي الموسيقي الرومانسي الكلاسيكي "ولادة نجمة" التي أخرجها برادلي كوبر ولعبت بطولتها ليدي غاغا، كانت قيد التطوير لسنوات قبل أن يبدأ المشروع أخيراً، لذا فمن المنطقي أنه مر بتغييرات كثيرة.

كان من المفترض في الأصل أن تلعب بيونسيه دور البطولة في أحدث إصدار يتولى كلينت إيستوود إخراجه، لكن هذا المشروع تأخر ولم ير النور إطلاقاً. في النهاية، لعبت غاغا دور آلي مين وترشحت لأوسكار أفضل ممثلة في دور رئيس عن العمل، ونالت أوسكار أفضل أغنية أصلية عن أغنية "سطحي" Shallow.

ساندرا بولوك في "البعد الآخر" The Blind Side

وفقاً لصحيفة "لوس أنجلوس تايمز"، تلقت جوليا روبرتس سيناريو الفيلم الدرامي الرياضي الصادر عام 2006 "البعد الآخر" لكنها "لم تبد أي اهتمام".

من جهتها، قبلت ساندرا بولوك تجسيد ليه آن توهي، وفازت بأوسكار أفضل ممثلة في حفلة عام 2010.

راسل كرو في "المصارع" Gladiator

يقال إن ميل غيبسون كان الخيار الأول لتجسيد مكسيموس في فيلم "المصارع" الصادر عام 2000 للمخرج ريدلي سكوت - كما أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" في ذلك العام.

بطبيعة الحال، ذهب الدور في نهاية المطاف إلى راسل كرو، الذي ظفر بأوسكار أفضل ممثل في دورة عام 2001.

توم هانكس في "فورست غامب" Forrest Gump

يقال إن جون ترافولتا كان خياراً مطروحاً للعب شخصية فورست غامب في الفيلم الذي يحمل اسم بطله، لكنه رفض الدور. عندما سألت قناة "إم تي في" ترافولتا عام 2007 عما إذا كان نادماً على رفض أدوار حققت شهرة، قال: "لا، لأنني إذا لم أقم بدور جسده توم هانكس، فقد قدمت أدواراً أخرى كانت مثيرة للاهتمام أو ممتعة بالقدر نفسه. لكنني أشعر بالرضا تجاه بعض الأدوار التي تنازلت عنها لأنها تسبب في صناعة مسيرات مهنية لآخرين".

في هذه الحالة، فاز هانكس بأوسكار أفضل ممثل عام 1995، متغلباً على ترافولتا، الذي ترشح في الفئة عينها عن دور فنسنت فيغا في فيلم "خيال رخيص" Pulp Fiction.

هالي بيري في "كرة الوحش" Monster’s Ball

عام 2002، أصبحت هالي بيري أول امرأة سوداء تفوز بأوسكار أفضل ممثلة عن أدائها شخصية ليتيسيا ماسغروف في فيلم "كرة الوحش".

أنجيلا باسيت – التي ترشحت هي الأخرى لجائزة أفضل ممثلة في جوائز عام 1993 عن تجسيدها تينا تيرنر في فيلم "ما علاقة الحب به" What’s Love Got to Do with It  - قالت لمجلة "نيوزويك" ذلك العام إن دور "كرة الوحش" عرض عليها لكنها رفضته لأنها لم ترتح للشخصية.

كيسي أفليك في "مانشستر قرب البحر" Manchester by the Sea

قام مات ديمون بمهمة الإنتاج في فيلم "مانشستر قرب البحر" للمخرج كينيث لونرغان، لكن في الأصل كان من المفترض أن يلعب دور البطولة أيضاً.

لكن سلسلة من الالتزامات الأخرى أجبرته على التخلي عن الدور، وكما ذكرت مجلة "هوليوود ريبورتر"، أسند ديمون دور لي تشاندلر إلى صديقه القديم كيسي أفليك.

أتى الرهان ثماره: حصل أفليك على أوسكار أفضل ممثل عن دوره في هذا الفيلم المأسوي.

إيما ستون في "لا لا لاند" La La Land

من الصعب تخيل شخص آخر بجانب ريان غوسلينغ في الملصق الدعائي لـ"لا لا لاند"، لكن ممثلة أخرى تدعى إيما أيضاً كانت أول من استعدت للمشاركة في بطولة هذه الدراما الكوميدية الرومانسية الموسيقية.

لما كان المشروع لا يزال في بداياته، كانت إيما واتسون اختياراً محتملاً لدور ميا دولان. أوضحت لاحقاً أنها لم تستطع الالتزام بـ"لا لا لاند" بعدما قبلت بالفعل دور الفتاة بيل Belle في النسخة المؤنسنة الجديدة من فيلم ديزني الشهير "الجميلة والوحش" Beauty and the Beast.

وقالت واتسون لراديو "سيريس إكس إم"، "أحد الأمور المحبطة أن يربط بعض الأسماء بالمشاريع في وقت مبكر جداً كوسيلة لخلق نوع من الترقب أو الإثارة لعمل مقبل قبل أن يجري الاتفاق على أي شيء فعلياً أو تأكيده".

حصلت ستون عن أدائها شخصية دولان على أوسكار أفضل ممثلة في جوائز عام 2017.

غوينيث بالترو في "شكسبير عاشقاً" Shakespeare in Love

ربحت غوينيث بالترو أوسكار أفضل ممثلة عن أدائها شخصية فيولا دي ليسبس في "شكسبير عاشقاً" لكن مشاركتها لم تكن دائماً مطروحة.

كما قالت بالترو نفسها لمجلة "فيرايتي" عام 2019: "لفترة طويلة، كان مقرراً أن تؤدي جوليا روبرتس الدور، ثم تهاوت تلك العملية. وصل المشروع في نهاية الأمر إلى شركة ميراماكس، وكنت أول ممثلة عرضوه عليها". لكن بالترو، التي كانت تمر بتجربة "انفصال رهيبة" في تلك الفترة "لم تقرأ" النص حتى. وبحسب ما ورد، عرض الدور على كيت وينسلت ورفضته هي الأخرى.

في النهاية، قرأت بالترو السيناريو، وأغرمت بالدور، وما حدث قبل ذلك، وما جرى بعدها أصبح من التاريخ.

جينيفر لورانس في "المعالجة بالسعادة" Silver Linings Playbook

كان من المفترض في الأصل أن تلعب آن هاثاواي دور البطلة تيفاني ماكسويل في فيلم "المعالجة بالسعادة"، وذلك وفقاً لملاحظات أدلى بها هارفي واينستين عام 2014، الذي كان منتجاً للفيلم.

لكن هاثاواي تركت المشروع، وحلت محلها لورانس في النهاية، مما أدى إلى فوزها بجائزة أفضل ممثلة في جوائز أوسكار عام 2013.

جاك نيكلسون في "شروط التحبب" Terms of Endearment

رفض بيرت رينولدز دور غاريت بريدلاف في هذه الدراما الكوميدية الصادرة عام 1983، وهو قرار ندم عليه بشدة.

قال رينولدز لموقع "بيزنز إنسايدر" عام 2016: "أندم على هذا الدور أكثر من أي دور آخر لأنه كان دوراً تمثيلياً حقيقياً. أتمنى لو أديته، وعندما أفكر بالأمر الآن، كان حقاً قراراً غبياً، لكنني اتخذت كثيراً من القرارات الغبية في تلك الفترة. لا بد أنها كانت فترة غباء".

ولعل ما يزيد ندمه هو حقيقة فوز نيكلسون بأوسكار أفضل ممثل في دور مساعد عام 1984 عن أدائه في الفيلم.

دانييل داي لويس في "لينكولن" Lincoln

فاز دانييل داي لويس بواحد من أوسكاراته الثلاثة (نعم، ثلاثة!) في فئة أفضل ممثل عن تجسيده شخصية أبراهام لنكولن في فيلم السيرة الذاتية لرئيس الولايات المتحدة الصادر عام 2012 من إخراج ستيفن سبيلبرغ.

لكن وفقاً لليام نيسون، اتصل به سبيلبرغ أيضاً طارحاً عليه هذا الدور وفكر فيه بجدية، لكنه رفضه في نهاية المطاف في "لحظة فجائية حقيقية".

أخبر نيسون مجلة "جي كيو" عام 2014 أنه أثناء جلسة لقراءة السيناريو قال لنفسه: "ليس من المفترض أن أكون هنا. هذا الأمر منته. لقد تجاوزت صلاحيتي كممثل للعب هذا الدور. لا أريد أن ألعب دور لينكولن في هذا الفيلم. أنا غير قادر على تجسيده".

وأضاف: "دانييل داي صديق قديم، وأعتقد أن الدور ربما عرض عليه أولاً. لا أعرف ما حصل بالضبط، لكنني شعرت بسعادة غامرة لأن دانييل لعب دوره، وعندما شاهدت الفيلم، قلت ’إنه بحق أبراهام لنكولن‘. يبدو مثالياً. لا غبار عليه".

جودي فوستر في "صمت الحملان" The Silence of the Lambs

حسناً، مرحباً يا كلاريس! وفقاً للمخرج جوناثان ديم نفسه، فإن فيلم الإثارة النفسي الكلاسيكي كان على وشك أن يكون من بطولة ممثلة مختلفة تجسد شخصية كلاريس ستارلينغ، المتدربة في مكتب التحقيقات الفيدرالي.

وكما روى ديم في مهرجان أوستن السينمائي، إذ اعتقد في مرحلة ما أن جودي فوستر، التي كانت من محبي رواية توماس هاريس التي يستند إليها الفيلم، لن تكون مقنعة في هذا الدور.

وفقاً لديم، فقد عرض النص على ميشيل فايفر، وميغ رايان، ولورا ديرن، قبل أن أقنع في النهاية بإسناد دور ستارلينغ إلى فوستر. بالطبع، كان اختياراً مثمراً: إذ قدمت فوستر أداء مميزاً، وحصلت على ثاني جائزة أوسكار لها كممثلة في دور رئيس.

مراسلة الشؤون الثقافية @Clemence_Mcl 

نشرت هذه المقالة في الأصل عام 2022

© The Independent

 

الـ The Independent  في

10.02.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004