ملفات خاصة

 
 
 

قراءة في ترشيحات جوائز الأوسكار بنسختها السادسة والتسعين

البلاد/ طارق البحار

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 96)

   
 
 
 
 
 
 

أعلنت أكاديمية علوم وفنون السينما الأميركية، قائمة الترشيحات لجوائز الأوسكار التي تقام نسختها السادسة والتسعون في العاشر من مارس المقبل، في هوليوود بلوس أنجليس، وبعدما قدّم أداءً قويًّا على شباك التذاكر في الصيف الفائت، نال فيلم “أوبنهايمر ”حصة كبيرة في الترشيحات المرتبطة بفئات التمثيل، مع ترشيح كيليان مورفي الذي يؤدي دور روبرت أوبنهايمر المنهك بسبب العواقب المدمرة لاختراعه، كما كان متوقعًا، في فئة أفضل ممثل، متفوقًا عن فيلم ”باربي“، وهذه قراءة عن أهم الأفلام والنجوم والترشيحات في الدورة المنتظرة.

.  بعد نجاحه الكبير في الأعمال التلفزيونية والسينمائية، حصل كيليان مورفي على أول ترشيح لجائزة الأوسكار بفضل عمله في فيلم ”أوبنهايمر“، حيث يتنافس في فئة أفضل ممثل رئيس عن دوره كعالم الفيزياء الشهير روبرت أوبنهايمر.

وكيليان مورفي حصل في موسم الجوائز عن أدائه إلى الآن في فئة أفضل ممثل:

- جائزة اختيار النقاد: ترشح.

- جائزة الغولدن غلوب: فاز.

جائزة البافتا: ترشح.

الأوسكار: ترشح.

.  بعد أن انتقاداتها اللاذعة في مهرجان كان، لم يتم اختيار فيلمها Anatomy of a Fall ليمثل فرنسا في فئة أفضل فيلم عالمي ومن دون دعم الدولة لها، تواجدت جوستين تريت في أهم فئات الأوسكار الفنية بما فيها أفضل فيلم، أفضل إخراج، أفضل سيناريو أصلي، أفضل ممثلة رئيسة (ساندرا هولر) والتي حصلت على أول ترشيح أوسكاري في مسيرتها، وذلك في فئة أفضل ممثلة رئيسة، وبدأت الممثلة الألمانية مسيرتها نحو الأوسكار من مهرجان كان السينمائي، والآن هي في أكبر تظاهرة سينمائية في العالم.

 وبعد فوزه بجائزة الغولدن غلوب واختيار النقاد في فئة أفضل فيلم أجنبي، تستكمل المخرجة جوستين تريت مسيرتها في موسم الجوائز نحو الأوسكار بعد ترشح فيلمها Anatomy Of A Fall في فئة أفضل فيلم.

.  للعام السابع على التوالي، تغيّب النجمة الأوسكارية ناتالي بورتمان عن المشهد الأوسكاري، وذلك منذ ترشحها عن فيلم Jackie، حيث كان من المتوقع أن تترشح في فئة أفضل ممثلة رئيسة عن فيلم May December.

.  حصل روبرت دي نيرو على ثالث ترشيح لجائزة الأوسكار في فئة أفضل ممثل مساعد، وذلك عن أدائه في فيلم Killers Of The Flower، وسبق له الفوز في هذه الفئة في عام 1975 عن أدائه في فيلم The Godfather ll، وهذا الترشيح الثالث لروبرت داوني جونيور في فئة أفضل ممثل مساعد، وقد ترشح عن:

- Chaplin عام 1993

- Tropic Thunder عام 2009

- Oppenheimer عام 2023

ويتنافس مع النجم الايقوني الكبير روبرت دي نيرو، للحصول على جائزة الأوسكار في فئة أفضل ممثل مساعد عن فيلم Oppenheimer وفيلم Killers of the Flower Moon.

.  سجل مارتن سكورسيزي بعمر 81 عامًا، الرقم القياسي كأكبر شخص يتم ترشيحه في فئة أفضل مخرج في حفل توزيع جوائز الأوسكار، وهذه المرة سيتنافس عن فيلم Killers of The Flower Moon.

.  حصل الملحن الأيقوني جون ويليامز على ترشيحه رقم 54 لجائزة الأوسكار لأفضل موسيقى أصلية عن فيلم Indiana Jones and the Dial of Destiny، وسبق أن حقق الجائزة خمس مرات.

النجمة الجميلة إيما ستون هي المرشحة الوحيدة التي تتنافس في فئتي أفضل ممثلة رئيسة وأفضل فيلم (كمنتجة) في هذه النسخة من الأوسكار، وذلك عن فيلم POOR THINGS، وتتطلع إيما للفوز بثاني جائزة أوسكار في مسيرتها، وذلك بعد ترشيحها عن أدائها في فيلم المخرج يورجوس لانثيموس، والجدير ذكره أن إيما قد حصلت على أول جائزة أوسكار في مسيرتها عام 2017 وذلك عن أدائها في فيلم La La Land.

.   بعد 18 عامًا من ترشيحه الأول لجائزة الأوسكار عن فيلم Cinderella Man في فئة أفضل مساعد، يعود النجم بول جياماتي هذه المرة ليتنافس على الفئة الرئيسة كأفضل ممثل عن فيلم The HOLDOVERS وبحد قوله: يسعى للأولى في مسيرته!

.   في أول دور مهم في مسيرتها ترشحت الممثلة ليلي غلادستون لجائزة أفضل ممثلة في دور رئيس عن فيلم Killers of the Flower Moon

.   لم تترشح الجميلة مارجو روبي لجائزة الأوسكار في فئة أفضل ممثلة رئيسة عن أدائها في فيلم Barbie، وأصبح لديها 3 ترشيحات لجائزة الأوسكار في مسيرتها:

- أفضل ممثلة في دور رئيس I, Tonya

- أفضل ممثلة في دور مساعد Bombshell

أفضل فيلم لإنتاجها فيلم Barbie.

.   بعمر 84 عامًا، تفوّقت الايقونية ثيلما شون ميكر على مايكل كان (82 عامًا) كأكبر شخص يتم ترشيحه في فئة أفضل مونتاج، وترشحت ثيلما عن فيلم Killers of the Flower Moon في فئة أفضل مونتاج.

.   في إنجاز كبير النجمة بيلي إيليش (22 عامًا) وشقيقها فينيس (26 عامًا) على بعد خطوة واحدة من تحطيم الرقم القياسي التاريخي الذي سجلته لويز راينر (29 عامًا) كأصغر شخصين يفوزان بجائزتي أوسكار، ويسعى كلاهما إلى تكرار فوزهما في فئة أفضل أغنية أصلية عن أغنية “What Was I Made For”.

.  حصلت النجمة إيميلي بلانت على أول ترشيح لها لجائزة الأوسكار بفضل أوبنهايمر، بعد فوزها سابقًا بعدة جوائز كالغولدن غلوب واختيار النقاد وجوائز ساغا.

.   في تصرف غريب، الأكاديمية تتجاهل ترشيح المخرجة غريتا غيرويغ لأوسكار أفضل إخراج، وذلك عن إخراجها لفيلم Barbie

.   وفي تصرف غريب آخر، لم يترشح النجم الكبير ليوناردو دي كابريو لجائزة الأوسكار في فئة أفضل ممثل رئيس عن أدائه في فيلم The Killers Of The Flower Moon.

.   أكثر الأفلام حصولًا على ترشيحات لحفل جوائز الأوسكار الـ96:

- فيلم Oppenheimer :13 ترشيح.

- فيلم Poor Things :11 ترشيح.

- فيلم Killers Of The Flower Moon :10 ترشيحات.

- فيلم Barbie :8 ترشيحات.

- فيلم Maestro :7 ترشيحات.

- فيلم American Fiction :5 ترشيحات.

 

البلاد البحرينية في

26.01.2024

 
 
 
 
 

المدعوم من قبل صندوق البحر الأحمر

فيلم "بنات ألفة" يشق طريقه نحو جوائز الأوسكار بترشيحٍ رسمي

البلاد/ مسافات

تمكن فيلم "بنات ألفة" المدعوم من قبل صندوق البحر الأحمر التابع لمؤسسة البحر الأحمر السينمائي، من الوصول إلى القائمة الرسمية لترشيحات جوائز الأكاديمية "الأوسكار" عن فئة أفضل فيلم وثائقي طويل، ليصبح بذلك الفيلم العربي الوحيد المنافس على جوائز الأوسكار في نسختها السادسة والتسعين والمزمع إقامتها في العاشر من شهر مارس 2024م. يأتي هذا الإنجاز للمخرجة التونسية كوثر بن هنية تتمة لسلسة إنجازات الفيلم الذي حصد عددًا من الجوائز العالمية منذ صدوره في 18 يناير 2023م.

يستعرض الفيلم الذي عرض للمرة الأولى في الدورة السادسة والسبعين من مهرجان كان السينمائي، رحلة حميمة تعبر عن الأمل والتمرد وعمق العلاقات الأخوية، في قصة تصدرت عناوين الصحف عن عائلة الشّيخاوي، عندما غادرت اثنتان من البنات المراهقات الأربعة منزل الأمّ "الفة حوماني" في تونس، للقتال مع داعش في ليبيا، لتجد "ألفة" نفسها أمام هذه الحقيقة المرة. نجحت المخرجة التونسية "كوثر بن هنية" في تقديم هذه القصة بطريقة جذابة عبر دمج متقن لإعادة تمثيل المشاهد، والحوارات المؤثرة والمحادثات الجوهرية.

تمكن الفيلم من حصد عددٍ من الجوائز منذ عرضه في 18 يناير 2023م، ليستفتح أولى جوائزه في مهرجان كان السينمائي بجائزة العين الذهبية لأفضل فيلم وثائقي بالاشتراك مع فيلم “كذب أبيض” لأسماء المدير، بجانب فوزه بجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان جوثام الدولي، كما حصل على تنويهٍ خاصٍ من لجنة تحكيم جائزة الناقد "فرنسوا شالي". وحصد خلال الدورة الثالثة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، جائزة الشّرق لأفضل فيلم وثائقيّ طويل.

وأبدت المخرجة التونسية "كوثر بن هنية" سعادتها بهذا الإنجاز الاستثنائي، مؤكدةً شكرها لصندوق البحر الأحمر على هذا الدعم، معلقةً: "كل الشكر للأكاديمية على هذا التكريم، وأخص بالشكر صندوق البحر الأحمر على دعمهم المتواصل. لفتت قصة ألفة انتباهي لتعقيدها وتأثيرها، ولكن في نهاية المطاف، كل قصةٍ تستحق أن تُروى، وإنه لمن دواعي سروري أن أحظى بفرصة رواية هذه القصة. ممتنة على هذا التكريم الثاني من قبل الأكاديمية، وأوجه هذه التكريم إلى فريق العمل المتفاني".

ومن جانبه، صرّح الرئيس التنفيذي لمؤسسة البحر الأحمر السينمائي محمد التركي، قائلاً: "نفخر بدعمنا لهذا العمل السينمائي المتقن "بنات ألفة"، ويجسد هذا الترشيح لجوائز الأكاديمية شهادة على موهبة المخرجة "كوثر بن هنية"، مؤكدًا على أهمية القصص التي نسلط الضوء عليها في مؤسسة البحر الأحمر السينمائي. نؤمن بقوة السينما ودورها في إلهام الناس وربطهم مع العالم أجمع؛ من خلال سرد قصص أصيلة وحقيقة من قلب ثقافتنا".

منذ انطلاقه في 2021م؛ قدم صندوق البحر الأحمر التابع لمؤسسة البحر الأحمر السينمائي دعمه لأكثر من 256 فيلمًا، تشمل الأفلام الطويلة والقصيرة والوثائقية والمسلسلات وأفلام التحريك، عبر أربع جولات تنطلق على مدار العام لتشمل كافة مراحل صناعة الفيلم، بدءًا في المشاريع في مرحلة التطوير والإنتاج، وصولًا إلى المشاريع في مرحلة ما بعد الإنتاج. وحازت الكثير من الأعمال المدعومة من قبل الصندوق جوائز عالمية عدة على مدار السنوات الماضية.

 

البلاد البحرينية في

28.01.2024

 
 
 
 
 

"بنات ألفة" التونسي المرشح لـ"أوسكار" بين الأكذوبة والحقيقة

كيف حوَّلت الراديكالية الدينية المرأة إلى قنبلة موقوتة خلال "الربيع العربي"

هوفيك حبشيان  

عرفت كوثر بن هنية منذ بداياتها، كيف توظف قضايا بلادها الحساسة والسجالية في قوالب سينمائية تثير الإعجاب، خصوصاً من طرف الغرب الذي يهوى الاطلاع على أوضاع العالمين الإسلامي والعربي، من وجهة نظر امرأة. وكيف إذا كانت هذه المرأة تقدم نفسها باعتبارها ضحية منظومة سياسية وأبوية وعقائدية وتصور ضحايا مثلها.

في أحدث أعمالها، "بنات ألفة"، الذي عرض في مسابقة مهرجان "كان" الأخير وترشح أخيراً لـ"أوسكار" أفضل وثائقي، تتناول بن هنية مسألة خطرة شكلت مادة لعديد من الأفلام التونسية بدءاً من أواخر العقد الماضي: الراديكالية الدينية وكيف حولت التونسي (ة) إلى قنبلة موقوتة في يد الإرهاب الديني خلال "الربيع العربي". لا يقتصر الفيلم على هذا، لكنه ينبش، من خلال مزج العام بالخاص، في جذور هذه المسألة، موثقاً ومحاججاً، من خلال شخصية تدعى ألفة، تونسية مطلقة في منتصف الأربعينيات من عمرها، أم لأربع بنات، يافعات وجميلات، تولت تربيتهن بمفردها، اثنتان منهن انضمتا إلى تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا وهما مجرد مراهقتين، بعد فترة من الاعتناق لأفكار متطرفة، قبل أن يتم سجنهما. لا تفهم ألفة ماذا حل بها وببناتها، وأين أخطأت، والفيلم يساعدها على الفهم، محاولاً الشرح على طريقته، ليس من دون أن يضعنا في دوامة اجتماعية ودينية وسياسية. 

كان من الممكن اعتبار "بنات ألفة" حلقة إضافية في سلسلة الأعمال التي تطرقت إلى هذا الموضوع، لولا فكرة بن هنية في مقاربة مأساة الأم وبناتها على نحو غير تقليدي تماماً، متفلت من التصنفيات التي نعرفها. ألفة وابنتاها آية وتيسير، هن بطلات فيلم تصوره بن هنية مع الاستعانة بممثلتين (نور قروي وإشراق مطر) تلعبان دور ابنتي ألفة الغائبتين، غفران ورحمة. أما الأم، فتلعب دورها الممثلة التونسية المعروفة هند صبري. يأتي الفيلم حيناً في صيغته الوثائقية (مقابلات كلاسيكية قبالة الكاميرا)، وحيناً آخر يرينا كواليس تصوير الفيلم الذي تتظاهر بن هنية أنها تنجزه ولكنه ليس سوى حجة لسرد حكاية ألفة على نحو مغاير.

ففي كل مرة يعجز فيها الوثائقي عن التعبير يلجأ إلى الروائي، والعكس صحيح. نتيجة هذا الخيار السردي والجمالي، يصبح الفيلم ما هو عليه، لا هو وثائقي ولا هو روائي، بل مزيج من هذا وذاك. لا بل يستمد قوته من التداخل بين الصنفين، ومما يخرج من هذا التداخل من تأثيرات تمارس بقوة، سواء في المشاهد أو في الشخصيات، هذا لا يعني أن "بنات ألفة" خال من أي زيف أو افتعال، بل هما عنصران أساسيان في هذا الفيلم الذي لا يمكن إطلاق كلمة وثائقي عليه، ومع ذلك رشح لـ"أوسكار" عن فئة الوثائقي.

بعيداً من أي محاولة في تصوير الأم كشخصية تقليدية مثل تلك التي تثير الشفقة والتعاطف في وثائقيات عن العالم النامي، يرينا الفيلم الجانب المظلم لألفة. فهي، بقدر ما تبدو ضحية، جلادة أيضاً، ولطالما عاملت بناتها بعنف، مقيدة حريتهن. وهذا كله يأتي من تربيتها والتجربة القاسية التي عاشتها مذ خضعت لزواج مدبر، وصولاً إلى علاقة ربطتها برجل حقير بعد طلاقها من زوجها. صحيح أنها تصدت للرجال، لكن هذا لا يمنعها من اعتبار جسد المرأة ملكاً للرجل. تمردت على وضعها كامرأة، لكنها أعادت إنتاج التربية والإشكاليات نفسها التي كانت ضحيتها. وإذا أضفنا إلى هذا كله، حاجة البنات إلى أب وأم يمدانهن بالحب والحنان، إضافة إلى فقدان كل المرجعيات الأخلاقية في بيئة يسودها الجهل والأفكار المتوراثة، فنحصل على شخصيات تجد متنفسها في الدين، بل في نسخته الأكثر تطرفاً وجهلاً وعداءً للكرامة الإنسانية.

ما يفعله الفيلم من خلال اقتحامه حميمية العائلة، هو افتعال نوع من لعبة مرايا بين الشخصيات المتعددة، وداخل عالم تحكمه النساء وينطقن مشكلاتهن بلسانهن وأجسادهن، بإدراكهن ولا وعيهن. إنها تجربة علاجية نوعاً ما، فكل شخصية لديها تجربتها التي لا تتقاطع بالضرورة مع تجرية شخص آخر. فالممثلة هند صبري نقيض ألفة، أما بن هنية نفسها، فلا يمكن القول عنها إنها شبيهة أي من بنات ألفة من حيث خياراتها الحياتية. كل هذه الأضداد تخلق نقاشاً حيوياً وتحدث سجالاً، فتكشف كثيراً عن المجتمع التونسي التائه بين التقليد والحداثة، بين إرث الدين الثقيل ومفاهيمه وقيمه من جهة، وضرورة تجاوزه من جهة ثانية. غني عن القول إن بعض الأفكار المطروحة مفيدة وبعضها الآخر مكرر ومفتعل أو يحضر فقط لضرورات التصوير، ولكن في الختام، حضور ثلاث ممثلات لتصوير فيلم، يقلب حياة النساء الثلاث رأساً على عقب، إذ يشكل مناسبة لرؤية "ذاتهن" فيهن. أما بن هنية فتسعى إلى عكس صورتهن على المرآة التي تضعها أمامهن. ليس فقط ليعشن ما مضى، بل ليستعدن ما فقد في لحظة عابرة وقاسية.

كان لا بد والحال هذه ان يتحول الفيلم إلى تأملات في شغل الممثل وحدوده وقدرته على نقل الواقع بأمانة، وهذا ما يحصل. فآية وتيسير وألفة يحاولن دائماً تصحيح ما قد يكون غير دقيق في طريقة تجسيد الممثلات لشخصيات هي الأقرب إليهن. في أحد المشاهد، يطلب الممثل مجد مستورة (الذي يضطلع بكل الأدوار الرجالية في الفيلم) إيقاف التصوير من المخرجة، بعد شعوره بعدم الارتياح عندما تقوم أي وتيسير بكشف بعض الأسرار العائلية أمام الكاميرا، هذا المشهد يرينا علاقة الممثل بالواقع، وبثنائية المسموح والمرفوض. ولكن، مرة جديدة، لا نعرف أين يبدأ التمثيل في الفيلم وأين ينتهي، وما الحد الفاصل بين الخيال والواقع، مما يزجنا في حيرة وارباك. وهذ النوع من رد الفعل، بقدر ما يعود إلى السينمائي بمردود عال، يدفع المشاهد الواعي إلى طرح تساؤلات حول التلاعب الذي يخضع له. لا تتوقف الأشياء عند هذا الحد، بل هناك أيضاً لعبة انصهار، سواء من جانب ألفة التي تعتقد للحظة أنها بطلة فيلم أو من جانب هند صبري التي تقتنع شيئاً فشيئاً أنها أصبحت ألفة على الرغم من "الجبال" التي بينهما، هذا كله يجعل من الفيلم ترجمة بصرية حادة ومتشعبة لما قاله جان كوكتو: "الفن أكذوبة تقول الحقيقة".

 

الـ The Independent  في

29.01.2024

 
 
 
 
 

ترشيحات الأوسكار متوقعة و {اوبنهايمر} حصانها الرابح

علي حمود الحسن

كما هو متوقع اكتسح فيلم كريستوفر نولان "أوبنهايمر" ترشيحات أوسكار 2024 بـ (13) ترشيحا. فالفيلم الذي يتناول السيرة الإشكالية  لمخترع القنبلة النووية، فريد بسرده الذي شظَّى التوتر الزمني من الحاضر إلى الماضي، ثم إلى المستقبل، والعودة من كل هذه المثابات الزمنية إلى بؤرتي السرد المولدتين (استجواب أوبنهايمر ولويس ستراوس رئيس هيئة الطاقة الذرية)، اللتين تتعاقب من خلالهما الأحداث وترتد إليهما، على شكل ومضات لا يكاد المشاهد أن يلحق بها، تلاه فيلم "أشياء فقيرة"، للمخرج اليوناني صاحب الرؤية المختلفة يورغوس لانتيموس، بـ (11) ترشيحا، وتدور أحداث قصته حول طبيب  مهووس بالعلم التجريبي، والبحث في طبيعة البشر، من خلال إحدى تجاربه، يزرع دماغ جنين امرأة ماتت، ويراقب تطوراتها في استلهام مضمر لأسطورة بيجاميلون، الفيلم الذي شاهدت له نسخة انترنيت مشوهة، يثير أسئلة فلسفية ووجودية عن الحياة والغريزة والموت،  من خلال تداخل اسلوبي يجمع بين الفنتازيا والخيال العلمي، في انتقاد مضمر لحضارتنا التي سحقت الانسان بعد أن عولمته ودجنته استهلاكيا، أنا شخصيا استغربت فوزه بكل هذه الترشيحات، لأن ثيمة أفلامه وأسلوبه لا تتسق مع معايير هوليوود، الفيلم  صادم  لا يلحق المشاهد لمتابعة تحولات سرده وأفكاره، يذكرني بفيلم" متروبولس "للمخرج الألماني الملهم فريتز لانج، لا أعتقد أن حظه  كبير في الحصول على أوسكارات، على الرغم من قوة أداء ايما ستون، وجاء فيلم " قتلة زهرة القمر"، للمخضرم مارتن سكورسيزي، ثالثا بحصوله على (10) ترشيحات قتلة قمر الزهرة " وثق سكور سيزي في فيلمه الشجاع وقائع إبادة البيض العنصريين للسكان الأصليين من قبائل الأوساج بوحشية غير مسبوقة، والاستحواذ على أموالهم وممتلكاتهم المهولة، بعد اكتشاف النفط في باطن أراضيهم "الطابو"، ليقدم فيلما روائيا ملحميا طويلا على مدار 3 ساعات و26 دقيقة، وهو زمن طويل أثار امتعاض الجمهور إلى حد وصفه بالممل، بينما عده النقاد زمنًا يليق بملحمة سكورسيزي الحزينة.

وحصد فيلم " باربي" للمخرجة غريتا غيرويغ (8) ترشيحات ليس بضمنها أفضل ممثلة ولا أفضل مخرجة، شخصيا لم اهتم كثيرا بالفيلم، ولم أستطع اكماله، بينما نال فيلم "مايسترو للمخرج والممثل برادلي كوبر (7) ترشيحات ويحكي سيرة الموسيقار الأميركي اليهودي ليونارد بيرنشتاين (برادلي كوبر)، وقصة حبه الملتهبة لزوجته الممثلة وعازفة البيانو فيليسيا مونتيليجري، لا أعتقد أن لكوبر حظا في الفوز بأفضل ممثل، على الرغم من أدائه اللافت لشدة المنافسة، وأتوقع حصول فريق المكياج على جائزة افضل مكياج، بينما ترشحت أفلام للأسف لم أتمكن من رؤيتها منها " خيال أميركي"، و" المتحفظون"، و"منطقة الاهتمام" على (5) ترشيحات لكل منها، وجاء فيلم ريدلي سكوت المخيب للآمال " نابيلون" في ذيل القائمة بثلاثة ترشيحات فقط .

 

الصباح العراقية في

29.01.2024

 
 
 
 
 

بين قنبلة أميركا الذريّة وتاريخها الدموي بحق الشعوب الأصليّة:

أوسكار 2024... مرافَعات نسوية سطحية ومفاجآت سارّة

شفيق طبارة

مرة أخرى، توقّف العالم للحظة بالنسبة إلى محبّي السينما لدى الكشف عن ترشيحات الدورة الـ96 من جوائز الأوسكار، التي ستقام في العاشر من الشهر المقبل على «مسرح دولبي» في لوس أنجليس الأميركية. وكما هي الحال دائماً، كانت الترشيحات مزيجاً من المفاجأة، والغضب، وخيبة الأمل، وطبعاً الفرح. كما في كل عام، هناك المخرجون أنفسهم، والممثّلون أنفسهم، والسير الذاتية نفسها التي يحبها المصوّتون. لكن في بعض الأحيان، تخرج علينا مفاجآت، إذ تتمكّن الأفلام المستقلة والصغيرة والممثلون والممثلات الجدد من التسلل بين الأفلام الرائجة والأسماء الكبيرة بعد أشهر من التكهنات حول الأفلام التي ستعترف بها «أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة».

«أوبنهايمر» في الصدارة

هيمن على الترشيحات فيلم كريستوفر نولان «أوبنهايمر» (25/7/2023) حول أب القنبلة الذرية بعدما حقّق نجاحاً كبيراً على شباك التذاكر، فحصل على 13 ترشيحاً في المجمل، يليه مباشرة فيلم «أشياء مسكينة» (4/9/ 2023 - جائزة «أسد البندقية الذهبي») لأحد أهمّ مخرجي الموجة الرومانية الجديدة يورغوس لانثيموس، مع 11 ترشيحاً. وفي المركز الثالث، حصل فيلم «قتلة زهرة القمر» (21/11/ 2023) للعظيم مارتن سكورسيزي على عشرة ترشيحات.

بعدما رفضوا في كثير من الأحيان الأفلام التي لقيت صدى كبيراً لدى الجمهور، كان اعتراف المصوّتين بالنجاحات الحقيقية التي حقّقها في شباك التذاكر كلّ من «أوبنهايمر» و«باربي» (الأخبار 18/9/2023) لغريتا غرويغ الذي حصد ثماني ترشيحات. نظراً إلى التركيز على محاولة الإحياء لمشاهدة حفلة الأوسكار بعد انخفاضها إلى مستويات تاريخية خلال وباء كورونا وبعده، فإن إعطاء الجمهور الدافع واهتماماً أكبر بالمرشحين بدا أمراً حكيماً وعملياً. لهذا، من المؤكد أن الكثير من الاهتمام تركّز على «باربي». وكدليل على مدى ندرة هذه النجاحات في سباق أفضل فيلم، عادل «أوبنهايمر» وحده تقريباً إجمالي أرباح شباك التذاكر لفائزين خمسة سابقين، من بينهم اثنان توزّعا بشكل أساسي عبر منصات التدفق الرقمي وهما «كودا» (2021) وNomadland (2020).

على الجانب الإيجابي والمثير للإعجاب أنّ الترشيحات العشرة لجائزة أفضل فيلم، ضمّت للمرة الأولى أكثر من فيلم غير ناطق باللغة الإنكليزية على رأسها «تشريح سقوط» (فرنسي ـ الأخبار 3/1/ 2024، سعفة «كان» الذهبية)، و«حيوات سابقة» (كوري)، و«منطقة الاهتمام» (ألماني). رُشِّح 14 فيلماً غير ناطق باللغة الإنكليزية لأفضل فيلم على مدار تاريخ جوائز الأوسكار، وكان الفيلم الكوري الجنوبي «طفيلي» (2020) هو الفائز الوحيد. ويُحسب للمصوتين أيضاً، أنهم لم يتجاهلوا الوافدين الجدد، وكان هناك ترشيحان لأفضل فيلم من توقيع مخرجين يخوضان تجربتهما الروائية الطويلة الأولى أمثال كورد جيفرسون مخرج فيلم «خيال أميركي» (American Fiction)، وسيلين سونغ مخرجة «حيوات سابقة» (Past Lives). الأخير الذي يتجنّب بشكل واعٍ جميع النقاط المشتركة في قصص مثلثات الحب، والعواطف الآتية من الماضي التي يعاد اكتشافها، يحولها إلى عاطفة مطلقة ملموسة للمشاهد. هو لا يفعل ذلك عبر لحظات مبالغ فيها من الحب والدراما، ولكن بفضل سيناريو يختار الكلمات المثالية ليهزك في عالمه الصغير بين الحاضر وحبّ الماضي البريء، وما كان يمكن أن يحدث في حياة أخرى. وللقيام بذلك، تعتمد المخرجة على العاطفة الخالصة، والصمت الذي يقول أكثر من الكلمات، والتوصيف الرائع في ثلاثة جداول زمنية متكاملة ومختلفة، مليئة بالتفاصيل والغمزات التي توفر القطع اللازمة لإكمال هذا اللغز العاطفي المعقد. «حيوات سابقة» هو الفيلم الذي يفهم المشاعر والإنسانية بشكل أفضل كمعركة رمادية في صراع مستمرّ.

فاز «أوبنهايمر» تقريباً بجميع جوائز أفضل فيلم التي ترشّح لها هذا العام، ولا يبدو أن جائزة الأوسكار ستكون استثناءً. ولا شك في أنّه العمل المفضّل لدى الجميع: فيلم سيرة نموذجي تحبه هوليوود، يتمتع بالبعد التاريخي والإنساني والسياسي والثقافي، وعلاقته بالتهديدات النووية التي تصدح كل حين في العالم. لكن لدينا أيضاً فيلم سكورسيزي «قتلة زهرة القمر» عن التاريخ الدموي للولايات المتحدة، في لحظة يشهد فيها الكوكب إبادةً جماعية في غزة تشبه ما حدث للسكان الأصليين. فيلم يمد جسراً بين الاستعمار القديم والاستعمار بوجهه المعاصر. رغم صعوبة فوز فيلم سكورسيزي، لا نستبعد حدوث مفاجأة. لذلك من الواضح تقريباً أن معركة أفضل فيلم محصورة بهذين الفيلمين.

ربما تكون المنافسة على جائزة أفضل مخرج إحدى أشدّ المنافسات التي شهدتها السنوات الأخيرة. تواجه الفرنسية جوستين تريّيه مخرجة «تشريح سقوط» (Anatomie d›une chute) عمالقة سينمائيين أمثال مارتن سكورسيزي، وكريستوفر نولان، وأيضاً مخضرمين أمثال يورغوس لانثيموس، وجوناثان غليزر مخرج فيلم «منطقة الاهتمام» (The Zone of Interest). رغم أن التكهنات تذهب إلى فوز نولان، إلا أن فوز أيّ من الأربعة الآخرين يُعدّ حدثاً عظيماً وانتصاراً مدوياً للسينما. مع العلم أنّ تزامن الفائزين بجائزة أفضل فيلم وأفضل مخرج في آن، تصل نسبته إلى 75% تقريباً في تاريخ الأكاديمية، بما في ذلك في السنوات الأربع الماضية.

«مساواة» عرقية في فئة التمثيل

ذهبت سبعة من الترشيحات العشرين لفئة الممثلين والممثلات (أفضل ممثل/ة، أفضل ممثل/ة مساعد/ة) إلى أشخاص «ملوّنين»، منهم أميركا فيريرا، ودافين جوي راندولف، ودانييل بروكس، وتضمنت القائمة أيضاً كولمان دومينغو عن فيلم «راستن» (المتوافر على نتفليكس)، وأيضاً الممثلة من السكان الأصليين ليلي غلادستون. حصد روبرت دي نيرو ترشيحه التاسع لجوائز الأوسكار، بعدما حصل على التمثال الذهبي مرتين عام 1974 عن دوره في فيلم «العراب 2»، وعام 1980 عن دوره في فيلم «الثور الهائج»، بينما صديقه ليوناردو دي كابريو ليس من بين المنافسين. حالة مبررة ونادرة أحياناً لعدم انبهار المصوّتين بقوة النجوم. مع العلم أنّ دور دي كابريو في فيلم «قتلة زهرة القمر»، يعدّ أحد أفضل أدواره في مسيرته المهنية بأكملها، خصّص له سنوات من حياته.

وفقاً لما رأيناه، من الواضح أنّ جائزة أفضل ممثل، سيفوز بها كيليان مورفي عن دوره في فيلم «أوبنهايمر» رغم أنه قد يكون هناك فوز مستحق، ولكن غير متوقّع لبول جياماتي عن أدائه الرائع في فيلم The Holdovers. كما يبدو أنّ أداء برادلي كوبر في مشروعه العاطفي «مايسترو» (متوافر على نتفليكس) سيرة المايسترو الأميركي ليونارد برنستاين، ليس كافياً ليحصل على جائزة الأوسكار الراغب فيها طبعاً. أبرز غياب عن هذه الفئة هو زاك ايفرون، الذي اعتقد كثيرون أنه سيحظى بترشيح عن أدائه المفاجئ والعاطفي في فيلم «المخلب الحديدي» (الأخبار 17/1/ 2024). والحقيقة أنّ استبعاده يعود، بدرجة كبيرة، إلى إستراتيجية التسويق التي تعتمدها شركة A24، التي تنتج عدداً من الأفلام العظيمة، ولكنّ كثيراً منها يعاني من توزيع محدود، خصوصاً على المستوى الدولي، وينتهي الأمر بالأفلام في الضياع في فوضى موسم الجوائز.

أشار بعضهم إلى غياب ترشيح تشارلز ميلتون في فئة التمثيل عن أدائه في فيلم «ماي ديسمبر» للمخرج تود هاينز، في حين أنه كان ليكون مفاجئاً رؤية هذا الممثل الشاب الواعد معترفاً به من قبل الأكاديمية. غيابه لم يكن مفاجئاً، إذ لم يُرشَّح دومينيك سيسا للجائزة أيضاً عن دوره في فيلم The Holdovers. لذلك، يبدو من المستحيل على الأكاديمية أن تعترف بأداء الممثلين والممثلات الأصغر سناً في الصناعة.

وصلت جودي فوستر عن فئة الممثلة المساعدة عن دورها في فيلم «نياد» (المتوافر على نتفليكس)، وهي تتنافس مع إميلي بلانت عن فيلم «أوبنهايمر»، وأميركا فيريرا عن «باربي»، ودافين جوي راندولف عن The Holdovers التي تقود السباق، ودانيال بروكس في «اللون الأرجواني». أما في ما يتعلق بفئة أفضل ممثلة، فإن الألمانية ساندرا هولر في «تشريح سقوط» هي المرشحة الأولى لهذه الجائزة، تتنافس معها إيما ستون (أشياء مسكينة)، وكاري موليغان (مايسترو)، وليلي غلادستون الأميركية الأصلية، وآنيت بنينغ (فيلم «نياد»). لسوء الحظ، لم تتلقَ بينيلوبي كروز أي ترشيح عن دورها في فيلم «فيراري» (الأخبار 2/9/ 2023) لمايكل مان المستبعد عن كل الجوائز بشكل غريب.

المونولوج «العجيب»

من أكبر المفاجآت الغريبة في ترشيحات جوائز الأوسكار، ترشيح أميركا فيريرا عن دورها المساعد في فيلم «باربي». في الفيلم الذي يدور حول دمية شركة «ماتيل» الشهيرة، تلعب فيريرا دور غلوريا، وهي أم في العالم الحقيقي تعاني الشكوك والإحباطات، أثناء محاولتها استعادة علاقتها بابنتها المراهقة. في مرحلة ما في الفيلم، تشعر باربي (مارغوت روبي)، بالإحباط بعدما أدركت أن «باربي لاند»، أصبح نظاماً أبوياً يهيمن عليه آل كينز. ثم تأتي إحدى لحظات الذروة في الفيلم، حيث فيريرا ـــ في عرض لقدراتها التمثيلية المحدودة ـــ تقدم مونولوجاً تبلغ مدته دقيقتين و18 ثانية، تسرد فيه المطالب المتناقضة التي يفرضها المجتمع الحديث على النساء. بعد طرح فيلم «باربي»، تم التعليق على مونولوج فيريرا على نطاق واسع وانتشر على وسائل التواصل الاجتماعي. كانت تلك اللحظة بلا شك حاسمةً بالنسبة إلى ترشيحها، مع الأخذ في الحسبان أنّ وقتها على الشاشة محدود وأداءها العام محدود أيضاً. يبدو أن المونولوج حول ما تعنيه أن تكون امرأة، لاقى صدى واضحاً لدى ناخبي الأكاديمية، ما يثير العجب، فهل أصبح ترشيح التمثيل محدداً بما تقوله الممثلة، أو بأدائها العام في الفيلم؟

«باربي»

بينما يشق فيلم «باربي» طريقه بين المرشحين للجائزة الأهم، أي أفضل فيلم (من المستبعد أن يحصدها)، لم تحصل بطلته مارغوت روبي ولا مخرجته غريتا غرويغ على ترشيحات أفضل ممثلة وأفضل مخرجة، في حين دخل رايان غوسلينغ القائمة المختارة لجائزة أفضل ممثل مساعد في العمل. أشار عدد من الصحف والمجلات والغاضبين على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى «الظلم» اللاحق بالممثلة والمخرجة في فيلم يتصدّى لظلم المجتمع «الذكوري». لم يتم ترشيح المخرجة ولا الممثلة التي تلعب دور باربي، بل الرجل الذي يلعب دور كين. الوضع، بالطبع، مثير للسخرية والضحك، خصوصاً أنّ الفيلم بحدّ ذاته هو مرافعة سطحية عن حقوق المرأة. المشكلة في هذا الخطاب أنّ كثيرين أرادوا تحويله إلى قضية كراهية النساء وذكورية مفرطة وازدراء تاريخي تجاه «أيقونة» ثقافية! فهل مارغوت وغريتا ضحيتان للقمع بسبب استبعادهما لمصلحة... نساء أخريات قدّمن أفلاماً وأداء أفضل؟

فيلم سكورسيزي تاريخ أميركا القاتم في لحظة يشهد فيها الكوكب إبادةً جماعية في غزة

أثبتت مارغوت روبي في عدد من المناسبات أنها إحدى الممثلات الأكثر تميّزاً اليوم، لكن في عالم مليء بالمواهب، من الطبيعي ألا تحصل كلّ الممثلات على ترشيح. فالأكاديمية تسمح بخمسة ترشيحات فقط في فئة التمثيل. في المقابل، لم تدخل غريتا غرويغ، في قائمة أفضل المخرجين، رغم ترشيحها لجائزة أفضل فيلم لا تستحقها أيضاً. لذلك، وضع كثيرون أيديهم على رؤوسهم وأرادوا الإشارة إلى هذا «التناقض». من المؤكد أنّ هناك مشكلة متكررة تتمثل في عدم التوازن بين الرجال والنساء في فئة الإخراج، إذ يبدو أن الأكاديمية لا تستطيع إلا قبول مخرجة واحدة في السنة. إلا أن هناك من يحاول التصرف كما لو كان «باربي» هو فيلم «نسوي» يجب أخذه في الحسبان هذا العام، في حين أنه في الواقع عمل ترفيهي مرتبط بالأنوثة المبنية على النزعة الاستهلاكية. «نسوية» باربي فظة وسطحية، وفي بعض الأحيان، محرجة. الفيلم أسخف من أن يكون نسوياً، وغير مصمم لإثارة الحد الأدنى من النقد.

استغلال صناعة السينما لحياة أناس حقيقيين غير مريح لمجتمع هوليوود

الأصوات الأكثر غضباً على استبعاد مارغوت وغريتا، تضم المرشحة الرئاسية السابقة هيلاري كلينتون والممثل رايان غوسلينغ اللذين اعتبرا أن هذا الاختيار يعود إلى الخط المتشدد للأكاديمية. خطّ يدعمه المصوّتون البيض في أميركا الشمالية، الذين يهتمون بالسينما التقليدية، أكثر من اهتمامهم بالتجارب السردية. لكن الأمر ليس بهذه البساطة. في الواقع، تظهر قائمة الترشيحات لهذا العام أن الأكاديمية والمصوتين أخذوا التنوع والانفتاح والتجدد على محمل الجدّ. تتضمّن فئة أفضل إخراج، امرأة هي جوستين تريّيه، الفرنسية أولاً، التي تستحق ثانياً أن تكون موجودة مع فيلمها الممتاز «تشريح سقوط» الذي يعتبر نسوياً بتيماته عن الشعور بالذنب أو عدمه، ولوم الذات والتنافس المهني والمصاعب المالية والاختلافات الثقافية والغش والخيانة ونظرة المجتمع إلى المرأة الطموحة.

في النهاية، حصد «باربي» ثمانية ترشيحات – لا يستحقها – بما في ذلك أفضل سيناريو مقتبس. فالحديث عن استبعاده في فئات معينة، في حين أنّ أفلاماً أخرى تستحق الترشيحات أكثر منه مثل «حيوات سابقة» (مرشح لأفضل فيلم، لكن مخرجته سيلين سونغ والممثلة غريتا لي، لم ترِدا في ترشيحات أفضل مخرجة وأفضل ممثلة)، هو أحد أعراض النشاط الثقافي «النسوي» الاستعراضي، الذي يهتم فقط بنوع معيّن من القصص النسائية، يشبه فيلم «باربي».

على الهامش

حصل سكورسيزي البالغ 81 عاماً، على ترشيحه العاشر لجائزة أفضل مخرج. علماً أنّه فاز مرة واحدة عن فيلم The Departed (2006)، ما جعله متقدماً على ستيفن سبيلبرغ وخلف ترشيحات ويليام وايلر الاثني عشر، مُخرج «أفضل أفلام حياتنا» (1958) و«بن هور» (1959).

الملحّن جون ويليامز، أصبح أكبر مرشّح على الإطلاق، في عمر 91 عاماً. إذ إنّه رُشِّح لأفضل موسيقى عن عمله في فيلم «إنديانا جونز وساعة القدر».

يبدو أن فيلم «ماي ديسمبر» للمخرج تود هاينز، الذي يتحدث عن كيفية استغلال صناعة السينما لحياة أناس حقيقيين غير مريح لمجتمع هوليوود، فاستُبعد من الترشيحات في جميع الفئات باستثناء السيناريو الأصلي.

برادلي كوبر في طريقه لخسارة جائزة أفضل ممثل للمرة التاسعة.

امتد العام السيء إلى أفلام الأبطال الخارقين عن فئة المؤثرات البصرية، إذ اقتصر الاعتراف بإنجازات هذا النوع على فيلم «حراس المجرة» الوحيد الذي حقّق نجاحاً تجارياً.

في ترشيحها الجديد لأفضل ممثلة مساعدة، وصلت جودي فوستر إلى الترشيح رقم خمسة. الأول كان عن فيلم سكورسيزي «سائق التاكسي» (1977)، عندما كانت تبلغ 14 عاماً.

أشار تقرير نشرته أخيراً مجلة «فارايتي» إلى أن النساء بالكاد يمثلن 16% من مخرجي أكثر 250 فيلماً نجاحاً على شباك التذاكر، في عام 2023، وهو ما يمثل انخفاضاً مقارنة بنسبة 18% المسجلة في عام 2022.

لا ينبغي أن ننسى أن «باربي»، تمكّن من جمع ما يصل إلى 1.5 مليار دولار في جميع أنحاء العالم، ما يوفر لهوليوود بأكملها الراحة والإغاثة التي احتاجتها بعد الوباء. علماً أنّ غريتا غرويغ أول مخرجة تتجاوز المليار في شباك التذاكر.

 

الأخبار اللبنانية في

30.01.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004