ملفات خاصة

 
 
 

"بنات ألفة":

تمثيلٌ وتمثّل يولّدان أفكاراً لكشف الموضوع

سعيد المزواري

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 96)

   
 
 
 
 
 
 

تفتتح كوثر بن هنية فيلمها الطويل السادس "بنات ألفة"، بصوتها، موضحةً رهان الفيلم، المتمثّل في حكي قصة ألفة وبناتها الأربع، على نغمات موسيقى أمين بوحافة المُقلقة، وصورة الأم وابنتيها الصغيرتين، آية وتيسير، وراء الكلاكيت، قبل إعلانها أنّ الابنتين الأخريين، غفران ورحمة، "أكلهما الذئب".

هكذا، تفصح المخرجة التونسية، منذ البداية، عبر التجذّر في قصة حقيقية، واستدعاء خرافة "ليلى والذئب" (1698)، لشارل بيرو، عن مرجع يمزج بين الوثائقي والتخييل. لكنْ أيضاً عن همِّ تسجيلٍ يتقدّم، متوارياً وراء واجهة خيال خادعة، كما يتخفّى الذئب في قناع الجدّة، ليلتهم ليلى ذات القبّعة الحمراء. ذلك أن أصالة الفيلم لا تكمن في الاقتصار على محو الحدود بين النوعين، كما جرت العادة في الوثائقيات التخييلية، بل تتجاوز ذلك لتتّخذ من عناصر التخييل، وتحديداً مفهومي التمثّل والتمثيل، وسيلة لكشف الموضوع ورهاناته المعقّدة.

الكشف هنا ينبغي أنْ يؤخذ في معناه "الكيميائي"، كما تنكشف مركّبات مادة معيّنة بإضافة عنصر كيميائي محدّد، في أبجديات الكيمياء التحليلية. ومن هنا أيضاً حديث بن هنية عن مقاربتها باعتبارها "مختبراً صحّياً للكشف عن ذكريات ألفة وبناتها، عبر وثائقي يلتقط ظروف الإعداد لفيلم تخييلي لا يرى النور". كأنّ مادتي التوثيق والتخييل تذوبان في محلول فيلميّ، لتفصحا عن حقيقة ثالثة لا تنتمي إلى أي منهما.

يقول المفكّر الفرنسي كليمون روسي، في مؤلّفه المهمّ "الواقع وازدواجيته" (الطبعة الفرنسية، "غاليمار"، 1976)، إنّ الواقع يتمنّع عن الإدراك، بفعل انفلاته وصلافته، إلّا من خلال ازدواجية خادعة لكنّها ضرورية، ضارباً المثل بأوديب، الذي لا يفتح عينيه على واقعه إلّا حين يقوم بدورة تراجيدية تُفعّل نبوءة قتل والده، والزواج من أمّه. تنهج بن هنية دورة تمثّلية، يليها حوار وتبادل أفكار، بين الشخصيات وممثليهم، حول ما حدث وكيف عاشته، ما تتذكّره حوله وتصوّرها الحالي، بغية فتح الأعين على حقيقة ما عصف بمصير عائلة ألفة. مقاربةٌ تحيل إلى ما يعرف بفنّ القبالة، أو Maïeutique في الفلسفة الإغريقية، أي توليد الأفكار والمعاني انطلاقاً من الحوار، بالاعتماد على طرق مثل السخرية السقراطية، واستذكار الماضي والتطهير (Catharsis)، وكلّها أشياء تختبرها شخصيات "بنات ألفة" (2023)، حين تسخر، وتتذكّر، وتُطهّر نفسها من العواطف الزائدة.

لعلّ الفشل الذي تلقاه الأفلام التخييلية، عادةً، في التقاط تعقيد ثيمة تجنيد الشباب من التنظيمات الإسلامية المتطرّفة، يتأتّى من انفلات هذا الموضوع من القبض، حين يُتناول بصفة مباشرة، فلا تسوق في العادة سوى الصُور المبتذلة بواسطة الإعلام وكليشيهاته المعهودة، ما عدا استثناءات، مثل "يا خيل الله" (2012)، للمغربي نبيل عيوش، الذي يتّخذ من امتداد القصة في الزمن وسيلة للنفاذ إلى لبّ طرحه، وحيثياته السياسية والاجتماعية؛ أو التونسي محمود بن محمود في "فتوى" (2018)، الذي يحتمي من المباشرة وراء متاهة اللايقين، عندما يضيع تحقيق الأب (بعد فوات الأوان، ووقوع فأس الواقع)، في مسار الابن، وتفرّعاته الخادعة.

اللافت للانتباه أنّ هند صبري ـ التي تضطلع بدور الأم في "زهرة حلب" (2016)، للتونسي رضا الباهي، المنتمي إلى تيار الأفلام غير المقنعة، عن ظاهرة تجنيد الشبان التونسيين للحرب في سورية ـ تحضر في "بنات ألفة" لتأدية دور الأم أيضاً. ما إنْ تصل، وتشرع بإعداد الماكياج والأزياء في تلبيسها في صورة ألفة، حتى تأخذ جماليات الازدواجية في التكوّن على الصورة وشريط الصوت: الشخصية الحقيقية والممثلة في الإطار نفسه (التجاور)، مفعول المرآة الخادعة (التقابل)، التصادي عبر المزج بين صوت ألفة وتمرّن صبري على الحوار. نكتشف الممثّلتَين اللتين تؤديان دوري غفران ورحمة، عبر ردّة فعل الأم وابنتيها. تنخرط الأم في نوبة بكاء حار، مباشرة بعد ضحكها من تشابه ـ اختلاف تصرّفات الممثّلتَين والأختَين.

تلازم الهزل والتراجيديا يمثّل وسيلة أخرى لأخذ مسافة من قتامة الطرح، وأحد نقاط قوّة الفيلم التي تحصّنه من الوقوع في البؤس والبكائية. يترك غياب الأختين، والمصير الغامض الذي لاقتاه (موت؟ فرار؟ تغييب؟)، هوّة قاتمة وسحيقة وسط الحكي، تجد امتدادها في سوداوية لباس الشخصيات العصري والديني، وتقاربها الحبكة بخطوات جانبية حذرة، مُشكّلةً في الوقت نفسه عنصر جذب (Accroche)، يشحذ تشويق المشاهد لمتابعة المتبقي.

يتناول "بنات ألفة" ـ الفائز بـ"سيزار" أفضل فيلم وثائقي، في النسخة الـ49 (23 فبراير/ شباط 2024) ـ جذور اضطراب الأم، التي تعود إلى طفولتها الصعبة، واضطرارها لتأدية دور رجل العائلة، للاحتماء من الاعتداءات، وصولاً إلى مشهد الدّخلة، السريالي ببنائه وحلّه غير المتوقّع، حين تعيد تركيبه مع هند صبري ومجد مستورة، الذي يؤدّي دور زوجها العنيف، والمدمن على الكحول. تدفع بن هنية جمالية التمثّل إلى مستوى أبعد، عندما تخلط خيوط التمثيل عبر لقطة متابعة صبري ومستورة لمشهد جريء من "نورة تحلم" (2019)، للبلجيكية التونسية هند بوجمعة (تمثيل هند صبري أيضاً)، في ثوب الشخصيتين، قبل أنْ يغلبهما الضحك، فيخرجان من الشخصيتين، وينخرطان في حوار عن تقبّل المجتمع الممثل الذكر، حين يؤدّي أدواراً جريئة، وعدم مغفرته للممثلة، قبل أنْ ينفصل الشارب التنكّري لمستورة بفعل الضحك، وتحاول المسؤولة عن الماكياج إلصاقه مجدّداً، في لمسة إضافية تُحيل إلى زيف الثقافة الذكورية.

مشهدٌ حقيقي بدلالته، بغضّ النظر عن سؤال مدى عفويته، الذي لا يحوز أي أهمية، تصديقاً لمقولة البارون دي شارليس، في "البحث عن الزمن الضائع" (1913 ـ 1927)، للفرنسي مارسيل بروست: "ماذا يهمّ إنْ كان ما يحكيه حقيقياً أم لا، ما دام ينجح في أنْ يجعلني أصدّقه".

يتّخذ "بنات ألفة"، من محطة الثورة (17 ديسمبر/ كانون الأول 2010)، منعطفاً أساسياً، يقلب تصوّر الأم لعلاقتها مع الرجال، إذْ تنبذ زوجها الأول، وتبحث عن الاسترشاد واستدراك شبابها الضائع، في علاقة جامحة مع سجين سابق، وتنقلب أحوال البنات من "فتيات بن علي" البريئات، اللواتي يخرجن للهتاف للزعيم الأوحد في لباس أحمرٍ زاهٍ، بمناسبة الأعياد الوطنية، إلى منقّبات يتلفّحن بأنقاب سوداء، تعكس قتامة الأفكار الدائرة في رؤوسهنّ. رغم نزعة اللقطات التوضيحية التي تقتحم، بين الفينة والأخرى، على المشاهد المساحة التخييلية الاستثنائية، التي تتيحها الوضعيات الدرامية التي تستدعيها المخرجة (لقطة سقوط القصاصات الملوّنة على رأس ألفة، مبيت رحمة في قبر)، فإن بن هنية تتوفّق في تحاشي الإثارة السهلة.

هذا يتبدّى في رهافة مقاربة تحوّل شخصيات الأخوات والاضطراب النفسي، الذي ينطوي عليه تقلّبهن بين نقيضين: التحرّر المطلق في غياب الأم، الذي يقذف برحمة وغفران إلى القوطية ومواعدة الشبان في سنّ باكرة، ثمّ ارتماؤهما في أحضان التطرّف الإسلامي، كردّة فعل على عنف الأم، بالموازاة مع انزلاق المجتمع نحو تساهل خطر وغريب مع مظاهر التطرّف، إثر وصول الإسلاميين إلى السلطة، بعد ثورة الربيع العربي.

رغم الحرص على مواجهة الأم بالدور الأساسي، الذي مارسه عنفها في تطرّف الفتيات، لا يسقط الفيلم، في أي من لحظاته، في فخّ المانوية، أو الحكم المطلق عليها، مُحافظاً إلى النهاية على تصوّر ومسافة مناسبين، يُبرزان الطبيعة المربكة لتعقيد شخصية ألفة وازدواجيتها. يبرع مجد مستورة، من جهته، في تقمّص كلّ أدوار الرجال (زوج، خليل، شاب يغازل رحمة، مأمور شرطة)، في لفتة تستدعي النقاش، مفادها فكرة أنّ جميع الذكور الذين عايشوا الإناث الخمس يتشابهون في العمق.

يحمل الجزء الثالث من الفيلم منعطفات درامية مذهلة، تبلغ ذروتها في نظرة، لا تُحتَمل براءتها، نحو الكاميرا، من طفلة تُدعى فاطمة، يعتري عينيها حورٌ جذّابٌ ومربكٌ في آنٍ. نهايةٌ تفتح فجوة سحيقة جديدة، تدفع المشاهد إلى التساؤل حول نوع الفيلم المستقبلي وشكله، الذي يُمكن أنْ يسبر غور ما تعيشه فاطمة، والتفكّر في ظاهرة التأسيل، أو ما تسميه ألفة "لعنة" انتقال الصدمات بين الأجيال، الذي يحضر، وفق تقاطع لافت للانتباه ودالّ، لا يتيحه سوى سخاء السينما، في ثلاث وثائقيات أخرى، أخرجتها نساء عام 2023"باي باي طبريا" للفرنسية الجزائرية لينا سويلم، و"كذب أبيض" للمغربية أسماء المدير، وLittle Girl Blue للفرنسية المغربية منى عشاش، تبني فيها كلّ مخرجة، بمقاربتها الخاصة، فضاءً تخييلياً، يسمح بمقاربة قصة سلالة من النساء، تروي الحكاية التاريخية الكبرى بنَفَس تراجيدي مؤثّر.

 

العربي الجديد اللندنية في

28.02.2024

 
 
 
 
 

من سيعتلي مسرح ختام حفل توزيع جوائز الاوسكار هذا العام؟

البلاد/ طارق البحار

سيعتلي كلا من النجوم زندايا وميشيل فايفر ونيكولاس كيج وآل باتشينو مسرح ختام حفل توزيع جوائز الاوسكار الـ 96 لهذا العام.

كما يتم تقديم الفائزين من العام الماضي مثل النجم بريندان فريزر وميشيل يو وكي هو كوان، وجيمي لي كورتيس، تاى جانب نجوم جائزة الأوسكار ماهرشالا علي، وجيسيكا لانج، وماثيو ماكونهي، ولوبيتا نيونجو على المسرح.

يتصدر "أوبنهايمر" لكريستوفر نولان الترشيحات هذا العام بـ 13، يليه "الأشياء الفقيرة" ليورغوس لانثيموس، مع فيلم "Killers of the Flower Moon" لمارتن سكورسيزي بـ 10 ترشيحات، الى جانب ترشيحات أفضل فيلم مثل American Fiction,” “Anatomy of a Fall,” “Barbie,” “The Holdovers,” “Maestro,” “Past Lives” and “The Zone of Interest.”

ستقام جوائز الأوسكار يوم الأحد 10 مارس في وقت جديد وهو السابعة مساءً على مسرح دولبي الشهير، وهذا العام يعود المذيع "جيمي كيميل" لاستضافة الحفل الذي يمكن مشاهدته على الهواء مباشرة في أكثر من 200 منطقة في جميع أنحاء العالم، وقال بيل كرامر الرئيس التنفيذي لشركة الأوسكار عندما تم الإعلان عن كيميل كمذيع الحفل السينمائي المنتظر: "نحن سعداء بعودة جيمي إلى المضيف ومولي ماكنيرني العائدين كمنتج تنفيذي لجوائز الأوسكار، وبالفعل يشاركوننا حبنا للأفلام والتزامنا بإنتاج عرض ديناميكي ومسلي لجمهورنا العالمي، فنحن ممتنون للغاية لهما ولشراكتهم وللقيام بهذه الرحلة معنا مجددا".

 

البلاد البحرينية في

28.02.2024

 
 
 
 
 

إيما ستون: اضطرت لأكل 60 تارت فى مشهد واحد من فيلم Poor Things

لميس محمد

كشفت الممثلة العالمية إيما ستون أن دورها في فيلم Poor Things تطلب منها تناول 60 قطعة تارت برتجالية في مشهد واحد، الفيلم من إخراج يورجوس لانثيموس، وتلعب فيه الممثلة دور بيلا باكستر، وهي امرأة ميتة أعادها عالم مجنون إلى الحياة في لندن الفيكتورية بعد أن وضع دماغ طفل لم يولد بعد في رأسها، قبل أن تنطلق في رحلة مختلفة.

وفي حلقة نقاش عقدت مؤخرا، سُئلت ستون عما إذا كان لعب شخصية "جنسية صريحة" يمثل تحديا، لكنها قالت إن الجزء الأصعب كان في الواقع بعض السمات الأخرى للشخصية، بما في ذلك عاداتها الغذائية.

ووفقا للتقرير الذى نشر على موقع People، صرحت ستون قائلة:" اكتشاف كيفية المشي أو تناول 60 فطيرة، والتي تكون اللقمة الأولى لذيذة، ولكن في النهاية تريد التقيؤ، أو رؤيتها للموت لأول مرة، وهو أمر أكثر تحديًا من العري، وهو الشيء الوحيد الذي يريد الناس أن يسألوني عنه".

تم ترشيح ستون لجائزة الأوسكار عن أدائها في الفيلم، كما فازت مؤخرًا بجائزة البافتا لأفضل ممثلة، الفيلم مرشح أيضًا لجائزة أفضل فيلم وأفضل مخرج، من بين 11 ترشيحًا.

ويستند فيلم Poor Things إلى رواية خيالية علمية للكاتب "ألسدير جراي" تتمحور أحداثه حول "بيلا باكستر" الجميلة والمهووسة والتي أعُيدت للحياة بدماغ رضيع.

قصة الفيلم تتمحور حول المرأة وقضية التمكين والمساواة والتحرر، وهو فيلم خيال علمي تقدم خلاله ستون شخصية "بيلا باكستر"، وهي امرأة طفولية صعبة المراس تعيش تحت رعاية جراح مجنون، وهو الدكتور جودوين باكستر، الذي يلعب دوره "ويليم دافو"، ويجعل هذا الطبيب من "بيلا" فتاة بعقل طفلة صغيرة تتعلم الكلام فقط، ولا تزال مهاراتها الحركية في طور التطور أيضًا، ما يعني أن مشيتها - ساقيها النحيلتين المستقيمتين والمتيبستين، وذراعيها الطاحونتين مثل أجزاء الدمية المائلة، وتتعلم كل شيء علي فترات زمنية حتي تتمكن من معرفة الأشياء وتحاول أن تصنع لنفسها الحرية والمساواة في الجتمع.

ويضم فريق عمل فيلم "Poor Things" الممثل الأمريكي من أصل مصري رامي يوسف في دور Max KcCandles، وكريستوفر أبوت في دور Alfie Blessington، وسوزي بيمبا في دور Toinette، وجيرود كارمايكل في دور هاري أستلي، وكاثرين هانتر في دور Swiney، وفيكي بيبردين في دور السيدة بريم، ومارجريت كوالي في دور فيليسيتي، وهانا شيجولا.

 

اليوم السابع المصرية في

29.02.2024

 
 
 
 
 

"باربي": فيلم جماهيري ناجح لكن ليس في نظر النقاد

هدئوا من روعكم يا محبي "باربي": "إهمال" جوائز الأوسكار ليس مؤامرة هوليوودية ضد النساء. الفيلم جذاب لجمهور السينما الترفيهية لكنه ليس عملاً ملحمياً يستحق الأوسكار، كما أن الأداء المميز فيه جاء من رجل

كلير وودوارد 

في الأسبوع الذي شهد إطلاق فيلمي "باربي" Barbie و"أوبنهايمر" Oppenheimer (فيما عرف بـ"باربينهايمر")، اخترت صالة السينما الفاخرة في منطقتي التي تحتوي على أرائك مخملية وخدمة تقديم الطعام والشراب في المقاعد لمشاهدة العمل الذي يدور حول العالم النووي الذي سخر الطاقة لتفجير العالم. وشاهدت الفيلم الذي يدور حول دمية بلاستيكية تكتشف معنى النسوية في صالة رخيصة ومبهجة، وكنت محاطة بأمهات يخبرن أطفالهن الصغار أن "هذا الفيلم ربما لن يكون كما تتوقعونه يا أعزائي".

أعتقد أن المبلغ الزهيد الذي دفعته في مقابل رؤية هذا الأخير كان بمثابة مؤشر على أنني لم أكن أتوقع رؤية ملحمة تستحق الفوز بجائزة الأوسكار. بدلاً من ذلك، شاهدت فيلماً مبهراً بصرياً يحتوي على قليل من النكات ويتبنى وجهة نظر "نسوية للمبتدئين". اشتمل الفيلم أيضاً على أداء مميز من رايان غوسلينغ في دور كين، الذي لم يقتصر سلوكه كدمية بلاستيكية غبية في منزله الذي يحمل اسم "موجو دوجو كازا هاوس"، بينما كان يتجول مرتدياً معطفاً من الفراء يصل إلى الأرض وربطة رأس، على إظهار مدى حاجة باربي حقاً إلى تغيير العالم فحسب، بل أيضاً أن غوسلينغ ممثل كوميدي لا يضاهى.

مع هذا، اندهشت بعض الشيء عندما رشح يوم الثلاثاء الماضي لأوسكار أفضل ممثل في دور مساعد عن هذه الشخصية، بينما تتنافس الممثلة أميركا فيريرا أيضاً على جائزة أفضل ممثلة مساعدة. لكن لم تكن هناك ترشيحات للنساء القويات وراء فيلم "باربي": المخرجة والكاتبة المشاركة غريتا غيرويغ، والنجمة والمنتجة المشاركة مارغو روبي، اللتان أظهرتا موهبة وتصميماً استثنائيين.

علق غوسلينغ بعد الترشيحات قائلاً: "لا وجود لكين من دون باربي ولم يكن فيلم باربي ليبصر النور لولا غريتا غيرويغ ومارغو روبي اللتين تشكلان الدعامتين الرئيستين لهذا الفيلم الذي صنع التاريخ ولقي إشادات عالمية. لن يكون التكريم ممكناً لأي شخص مشارك في الفيلم من دون الاعتراف بموهبتهما ومثابرتهما وعبقريتهما. قولي إنني أشعر بخيبة أمل لعدم ترشيحهما عن فئتيهما لا يعبر كفاية عن شعوري الحقيقي".

إنه محق بالطبع. القوة الأنثوية هي التي جعلت "باربي" يتحقق، لكن ما زالت المخرجات والمنتجات والكاتبات والممثلات يعاملن بطريقة غير منصفة في هوليوود. لم يقمن بابتكار فيلم أذهل الجماهير فحسب، بل من المأمول أنه زرع بذور القوة الأنثوية في أذهان الفتيات الصغيرات اللاتي شاهدنه. كذلك فاز "باربي" بأول جائزة غولدن غلوب للإنجازات السينمائية وشباك التذاكر في وقت سابق من هذا الشهر، ولا عجب في ذلك – إذ جنى 1.44 مليار دولار وكان الفيلم الأكثر نجاحاً عام 2023.

في كل الأحوال، لا يمكن للجميع أن يحصلوا على جوائز. لطالما ربطت بين كلمة "عشوائي" ولجنة جوائز الأوسكار، إذ يمكن أن تكون ترشيحاتهم عشوائية جداً - وبالتأكيد، في ظل أن لجنة الجائزة أصبحت أقل بياضاً وذكورية وقدماً مما كانت عليه من قبل، هذا هو الوضع الذي ينبغي أن يكون.

من ناحية أخرى، تحب الأكاديمية التعامل بجدية مطلقة عندما يتعلق الأمر بالأداءات التمثيلية في الأدوار الرئيسة، لذلك ربما لهذا السبب لم يكن دور روبي الكوميدي مدرجاً في قائمتها، بينما احتوت ترشيحاتها على نساء أخريات يلعبن أدوار البطولة في أعمال درامية – مثل "قتلة زهرة القمر" Killers of the Flower Moon أو "مايسترو" Maestro. كانت جاستين تريت المخرجة الوحيدة التي رشحت عن فئة أفضل إخراج عن الفيلم الدارمي الإجرامي "تشريح سقطة" Anatomy of a Fall.

مع ذلك، لا جدال حول أنه ما زال على النساء في السينما قطع طريق طويلة قبل أن يتمكن من التحرك بسهولة مثل الرجال، لا يزال يتعين عليهن العمل بذكاء وحنكة لإنتاج الأفلام.

وربما أبدعت النساء اللاتي يقفن وراء فيلم "باربي" أكثر من اللازم في خلق شخصية كين، رجل شديد الاهتمام والتفاخر بنفسه ويتمتع بمظهر لامع، ومنحنه أفضل الحوارات (من قبيل: "لأكون صادقاً، عندما اكتشفت أن النظام الأبوي لا يتعلق بالخيول، فقدت الاهتمام على أية حال".)

وفرت النساء في "باربي"، على حساب تقدمهن، الفرصة لـ كين كي يسير بسهولة نحو النجاح ويعزز تألقه.

© The Independent

 

الـ The Independent  في

29.02.2024

 
 
 
 
 

الفنان المصري سيد بدرية: جائزة «البافتا» ليست نهاية المشوار

أكد لـ«الشرق الأوسط» عدم رغبته في العودة للقاهرة

القاهرةداليا ماهر

قال الممثل المصري سيد بدرية، الفائز بـ«البافتا» عن فيلمه القصير «Jellyfish And Lobster»، إن هذه الجائزة لا تُعد نهاية لمشواره الذي بدأه منذ نحو 45 عاماً، متحدّثاً، في حوار خاص، لـ«الشرق الأوسط»، عن طفولته وكواليس هجرته إلى أميركا.

البافتا

شعر بدرية بالسعادة، لدى حصوله على جائزة «البافتا»، لكنه يوضح أنها ليست نهاية طموحه، فلديه كثير من الأحلام التي يودّ تحقيقها، ما دام «على قيد الحياة».

يقول: «البهجة التي صنعتها جعلت الأميركيين يتغاضون عن طريقة نطقي للإنجليزية، وشغلتهم طريقة أدائي. وعندما تحدّثت في حفل (البافتا)، خرجت الكلمات من قلبي، فأنا لا أمثل، بل أعيش الشخصية بتفاصيلها بطريقة أداء مختلفة تجعل مَن أمامي يتقبلني».

ويشدّد بدرية على أنه لم يعد يرغب في التمثيل بكثرة مثل السابق: «انتهيت من هدفي وتربية أبنائي، وأريد العيش بسلام مع زوجتي التي أخذني التمثيل منها كثيراً، لذلك اتخذت قراراً باختيار ما يروقني فقط، بعد أن قدّمت ما يقرب من 85 فيلماً منذ بدايتي».

ويتابع: «أعرف قدري، ورغم ذلك لم أغيّر طريقة كلامي ولا لغتي، لكنني بِعت لهوليوود بضاعة نادرة ونجحت، ولا بدّ من وضعي في المكان الصحيح بعد سلسلة أعمال في السينما البريطانية والأميركية والمكسيكية والصينية والألمانية مع مخرجين عملوا في أميركا».

ويؤكد بدرية أن أدواراً كثيرة عُرضت عليه في الدراما المصرية، لكنه رفضها موضحاً: «لا أفكر ولا أرغب في ذلك، ولا أبحث عن الكمّ والتّصدر».

ويستعدّ بدرية لإنتاج فيلم عن مصر يتناول فضيحة «لافون»، وهي قضية صاغها بشكل فنّي وجمعت بين الأحداث المخابراتية والإطار الرومانسي، ونوّه بأنه لن يشارك في التمثيل، بل مهمته إنتاجية؛ لعدم وجود دور يليق بمرحلته العمرية. وعن سبب إنتاجه الفيلم يقول: «منذ صغري علّمتني أمي فاطمة الوطنية، وروت لي كيف أنها رفضت التهجير في عام 1956، رغم الصعوبات التي واجهتها خلال الحمل».

وينوّه الفنان المصري بأن «الغرب لم يعد كسابق عهده من حيث حصر الممثلين العرب في أدوار معينة، على غرار (الإرهابي)، السينما عموماً تعبّر عن الواقع، ولم يعد لدينا شخصيات مسيئة للعرب؛ لأن هذه الفئة انتهت وباتت موضة قديمة».

ويرفض بدرية، الذي عمل مخرجاً لعدة أفلام تسجيلية قصيرة، وشارك في أفلام أحدثت ضجة، وارتبط اسمه بأفلام سينمائية كبيرة، وفق قوله، دخول ابنته الدكتورة فاطمة، وابنه محمد التمثيل، ويقول: «أنا رجل شرقي، بالإضافة إلى أن التمثيل يتطلب مجهوداً، وبعيداً عن الفن لديّ عملي الخاص كي لا أضطر للموافقة على فيلم بلا رغبتي، إذ أعمل في متطلبات الخيول العربية الأصيلة؛ من علاج وتدريب».

ويتابع بدرية السينما المصرية باستمرار، ويقول: «لدينا بعض الأفلام التي لا ترقى لاسم السينما المصرية التي قدمت روائع، على غرار (بداية ونهاية)، و(الزوجة الثانية)، و(البوسطجي)، و(كلمة شرف)، و(دعاء الكروان)، و(البريء)».

كواليس الهجرة

وكشف بدرية كواليس هجرته إلى أميركا قائلاً: «تُوفي والدي وأنا بعمر التاسعة، وكانت والدتي تفتقد المساعدة المادية، لكنني كنت أطمح لاستكمال دراستي، ما دفعها لإخفاء جواب التأهل لكلية الهندسة بعد حصولي على المرتبة الأولى في دبلوم الصناعة الذي يمنحني الحق في الالتحاق بالكلية، كي لا أصرّ على استكمال دراستي بسبب عدم قدرتها المادية، لكن في يومٍ ما وقع الجواب تحت يدي، وحزنت كثيراً حينها، وقررت الهجرة لأعمل وأعيل الأسرة».

ويوضح بدرية أنه مرّ بظروف قاسية في الدراسة والعمل: «تتطلب الحياة في أميركا التعلم والإبحار في تجربتهم، عشت تجربة المهاجر، عملت في تنظيف المراحيض وغسل الأطباق، ولم أشعر بالضيق، بل تغلّبت البهجة التي بداخلي وجعلتني أقف على أرض صلبة وأرى حياتي رسالة لكلّ طفل موهوب، مهما كانت العقبات».

ويضيف بدرية: «درست في الكلية الأميركية للسينما، وكان هدفي النجاح لأساعد والدتي، وأحقق أحلامي التي بدأت عام 1967، وصلت أميركا وأنا لا أعرف لغتهم ولا حتى اللغة العربية؛ لأنني كنت أعاني اضطراب القراءة».

ووصف الفنان المصري الحياة في أميركا بأنها «تشبه الخروج من البحر للعيش في المحيط».

 

الشرق الأوسط في

29.02.2024

 
 
 
 
 

"المونتاج" عنصر أساسي في تعزيز فرص فوز الأفلام بـ"أوسكار"

(فرانس برس)

لا يظهر خبراء المونتاج في واجهة الأفلام بل يعملون في كواليسها، في ظل المخرجين، مع أن دورهم أساسي في إخراج هذه الأعمال إلى الحياة، وعنصر بالغ الأهمية في السباق إلى جوائز أوسكار، إذ يقصّرون مشهداً من هنا أو يربطون اللقطات بسرعة، فيتحكمون تالياً في وتيرة الحبكة.

ويقول كيفن تينت، الذي ساعد المخرج ألكسندر باين في فيلمه الكوميدي "وينتر بريك" Winter Break المرشح لخمس جوائز أوسكار، في تصريح لوكالة فرانس برس: "لا يمكن أن يكون أي فيلم جيداً إذا كان مونتاجه سيئاً".

ويشبّه تينت، الذي يتعاون مع باين منذ نحو 30 عاماً، عمله في مجال المونتاج بعمل "الطاهي".

ويشرح أن"هذه العناصر المختلفة كلها" تتجمع بعد التصوير بين أيدي خبير المونتاج الذي "يتولى تقطيع الأشياء ومزجها معاً" للتوصّل إلى أفضل كيمياء في ترتيب اللقطات، بحسب ما يشرحه. ويضيف: "إذا وضعَ الكثير من الملح، لا يكون (الطبق) جيداً، وإذا أضاف الكثير من السكر فإنه يفسد كل شيء".

وقوبلت وصفة "وينتر بريك" بالاستحسان والتقدير، إذ يتناول فيه ألكسندر باين قصة ميلادية مؤثرة عن الوحدة التي يعانيها ثلاثة أشخاص هم مدرس تاريخ متصلب نفسياً وطباخة حزينة ومراهق يعاني هشاشة نفسية، اضطروا إلى قضاء ليلة رأس السنة معاً في مدرسة ثانوية أميركية فاخرة في سبعينيات القرن العشرين.

ويُعد هذا الفيلم الكوميدي الذي حصل على ترشيح في فئة أفضل مونتاج أحد المنافسين الرئيسيين لفيلم "أوبنهايمر" الأوفر حظاً لنيل جائزة أوسكار لأفضل فيلم. لأن هاتين الجائزتين مرتبطتان جداً في هوليوود.

وعلى امتداد نحو مائة عام من تاريخ جوائز أوسكار، لم يفز سوى 11 فيلماً فقط بجائزة أفضل فيلم من دون الترشح لجائزة أفضل مونتاج. كذلك حصل 40 في المائة من الفائزين بالجائزة العليا على جائزة المونتاج.

الصورة

المونتاج المفتاح الأساسي لصنع فيلم

يبيّن سجلّ الجوائز إلى أي مدى يشكل المونتاج العنصر الجوهري للأعمال السينمائية. وكان المخرجون الكبار كستانلي كيوبريك أو أورسون ويلز يعتبرون هذه المرحلة الفنية مفتاحاً أساسياً في صنع الفيلم، أهمّ من السيناريو أو التصوير.

ويلاحظ تينت أن "الأفلام تُصنع في قاعة المونتاج"، إذ "هو المكان الذي يتوافر فيه الوقت فعلاً للإبداع".

وعمل المولّف لمدة عام تقريباً مع ألكسندر باين على تحسين لقطات فيلم "وينتر بريك". وأتاح ذلك للمخرج والمولّف حذف أكثر من 30 دقيقة من مشاهد المسودة الأولى، والتوصل إلى الصيغة الفضلى، بعد تجارب واختبارات كانت تُعرض على مجموعة صغيرة من الجمهور.

وتلقى الفيلم الفائز إشادات لاستخدامه بدقة تقنية التلاشي، وهي عبارة عن تداخل للصور، بحيث تظهر لقطة تدريجاً بينما تتلاشى اللقطة السابقة، مما يساعد مثلاً في إبراز التطور العاطفي للشخصيات.

يتطلب هذا العمل انسجاماً كبيراً بين المخرج والمونتير، إذ يفضّل مخرجون كثر التعاون باستمرار مع فنيّ مونتاج واحد يرافقهم من فيلم إلى آخر.

فخبيرة المونتاج ثيلما شونميكر الحاصلة على ثلاث جوائز أوسكار تواكب المخرج مارتن سكورسيزي منذ بداية حياته المهنية، قبل أكثر من 50 عاماً.

وتحرص شونميكر المرشحة لجائزة جديدة عن "كيلرز أوف ذا فلاور مون" Killers of the Flower Moon، الذي ينافس أيضاً على أوسكار أفضل فيلم، على إبراز الانسجام بينها وبين سكورسيزي.

وصرحت لموقع سينمونتاج في فبراير/ شباط: "لقد علمني كل ما أعرفه عن المونتاج (...) ولدينا النظرة نفسها".

"قابلات" السينما

يوصف خبراء المونتاج بأنهم حرفيو السينما، وهم عادة يوظفون خبرتهم ومهارتهم في تنفيذ مهمتهم من دون أن يضعوا عليه أي لمسة خاصة، لأن الأسبقية هي لرؤية المخرج.

ويقول لوران سينشال الذي ساعد جوستين ترييه في فيلم "أناتومي دون شوت" Anatomie d'une Chute، المرشح في آن واحد لأوسكارَي أفضل فيلم وأفضل مونتاج، إن "المونتاج يجب ألا يكون ظاهراً أو يحمل توقيعاً، فهو عمل تكييفي".

ويضيف المونتير الذي شارك في أفلام ترييه الثلاثة الأخيرة: "نحن مثل القابلات، نرافق".

بالنسبة إلى هذا الفيلم القضائي المشوّق الذي يشرّح انهيار حياة زوجية من خلال محاكمة كاتبة متهمة بقتل زوجها، استغرق المونتاج "38 أسبوعاً"، أو أكثر من ثمانية أشهر. وهذا "ترف" في السينما الفرنسية، بحسب سينشال.

وهذا الوقت أتاح للمخرجة والمونتير العمل على تحسين عدم تزامن الصورة والصوت، وهو أمر ضروري لغموض الفيلم.

فعندما يدلي نجل الزوجين بشهادته أمام المحكمة، يتساءل المشاهد مثلاً هل لقطات الزوج متحدثاً بصوت ابنه هي ماضٍ حقيقي أم ذكريات مفبركة؟

ويقول سينشال: "جوستين مهووسة تماماً"، وبالنسبة إليها، "يُعدّ المونتاج أحد أهم عناصر الإخراج".

 

العربي الجديد اللندنية في

29.02.2024

 
 
 
 
 

مونتاج الأفلام يعزز فرص فوزها بجوائز الأوسكار

التوليف يضاعف حظوظ "وينتر بريك" في منافسة "أوبنهايمر" على الجائزة الكبرى.

سواء أكان المولفون يقصون مشاهد الممثلين فيبطئونها أو يسرعونها، أم يمنحون المشاهد تجربة مشاهدة ممتعة تجعله منغمسا في التفاعل مع التجربة الفيلمية، فهم في كل الحالات يلعبون دورا مهما في صناعة الفيلم ويعملون بالتزامن مع المخرجين على إعطاء الحياة للعمل السينمائي، ويمنحونه فرصة الفوز بجوائز الأوسكار.

لوس أنجلس (الولايات المتحدة)لا يظهر خبراء التوليف في واجهة الأفلام بل يعملون في كواليسها، في ظل المخرجين، مع أن دورهم أساسي في إخراج هذه الأعمال إلى الحياة، وعنصر بالغ الأهمية في السباق إلى جوائز الأوسكار، إذ يقصّرون مشهدا من هنا أو يربطون اللقطات بسرعة، فيتحكمون تاليا في وتيرة الحبكة.

ويقول كيفن تينت، الذي ساعد المخرج ألكسندر باين في فيلمه الكوميدي “وينتر بريك” المرشح لخمس جوائز أوسكار، في تصريح لوكالة فرانس برس “لا يمكن أن يكون أي فيلم جيدا إذا كان توليفه سيئا”.

والتوليف أو التركيب أو ما يعرف أيضا بتحرير الفيديو وبالمونتاج في الترجمات الحرفية من الفرنسية، هو تركيب أو رفع شيء على آخر وفن اختيار وترتيب المشاهد واختيار طولها الزمني على الشاشة، بحيث تتحول إلى رسالة محددة المعنى.

كيفن تينتلا يمكن أن يكون الفيلم جيدا إذا كان المونتاج سيئا

ويستند المركب/ المولّف/ المونتير الذي يقوم بالمونتاج في عمله على خبرته وحسه الفني وثقافته العامة وقدرته على إعادة إنتاج مشاهد تبدو مألوفة لكنها بالقص واللصق وإعادة الترتيب والتوقيت الزمني للأحداث، تتحول إلى دراما ذات خطاب متعمد موجه إلى الجمهور. ومع الطفرة التقنية التي تتسارع وتيرتها يوما بعد يوم، يبرز دور المونتير إلى أن يتوازى مع دور المخرج وكاتب السيناريو لأي عمل. ويشبّه تينت الذي يتعاون مع باين منذ نحو 30 عاما عمله في مجال التوليف بعمل “الطاهي”.

ويشرح أن “هذه العناصر المختلفة كلها” تتجمع بعد التصوير بين أيدي المولّف الذي “يتولى تقطيع الأشياء ومزجها معا” للتوصّل إلى أفضل كيمياء في ترتيب اللقطات.

ويضيف “إذا وضعَ الكثير من الملح، لا يكون (الطبق) جيدا، وإذا أضاف الكثير من السكر فإنه يفسد كل شيء”.

وقوبلت وصفة “وينتر بريك” بالاستحسان والتقدير، إذ يتناول فيه ألكسندر باين قصة ميلادية مؤثرة عن الوحدة التي يعانيها ثلاثة أشخاص هم مدرس تاريخ متصلب نفسيا، وطباخ حزين، ومراهق يعاني هشاشة نفسية، اضطروا إلى قضاء ليلة رأس السنة معاً في مدرسة ثانوية أميركية فاخرة في سبعينات القرن العشرين.

ويُعد هذا الفيلم الكوميدي الذي حصل على ترشيح في فئة أفضل توليف/ مونتاج، أحد المنافسين الرئيسيين لفيلم “أوبنهايمر” الأوفر حظا لنيل جائزة الأوسكار لأفضل فيلم. لأن هاتين الجائزتين مرتبطتان جدا في هوليوود.

وعلى امتداد نحو مئة عام من تاريخ جوائز الأوسكار، لم يفز سوى 11 فيلما فحسب بجائزة أفضل فيلم من دون الترشح لجائزة أفضل مونتاج. كذلك حصل 40 في المئة من الفائزين بالجائزة العليا على جائزة التوليف.

انسجام مع المخرج

المونتاج يتطلب انسجاما كبيرا بين المخرج والمولّف، إذ يفضّل مخرجون كثيرون التعاون باستمرار مع فنيّ توليف واحد

يبيّن سجلّ جوائز الأوسكار إلى أي مدى يشكل المونتاج العنصر الجوهري للأعمال السينمائية. وكان المخرجون الكبار كستانلي كيوبريك أو أورسون ويلز يعتبرون هذه المرحلة الفنية مفتاحا أساسيا في صنع الفيلم، أهمّ من السيناريو أو التصوير.

ويلاحظ تينت أن “الأفلام تُصنع في قاعة التوليف”، إذ “هي المكان الذي يتوافر فيه الوقت فعلا للإبداع”.

وعمل المولّف (التقني المتخصص في المونتاج) لمدة عام تقريبا مع ألكسندر باين على تحسين لقطات فيلم “وينتر بريك”.

وأتاح ذلك للمخرج والمولّف حذف أكثر من 30 دقيقة من مشاهد المسودة الأولى، والتوصل إلى الصيغة الفضلى بعد تجارب واختبارات كانت تُعرض على مجموعة صغيرة من الجمهور.

وتلقى الفيلم الفائز إشادات لاستخدامه بدقة تقنية التلاشي، وهي عبارة عن تداخل للصور، بحيث تظهر لقطة تدريجيا بينما تتلاشى اللقطة السابقة، ما يساعد مثلاً في إبراز التطور العاطفي للشخصيات.

ويتطلب المونتاج انسجاما كبيرا بين المخرج والمولّف، إذ يفضّل مخرجون كثيرون التعاون باستمرار مع فنيّ توليف واحد يرافقهم من فيلم إلى آخر.

فخبيرة التوليف ثيلما شونميكر الحاصلة على ثلاث جوائز أوسكار، تواكب المخرج مارتن سكورسيزي منذ بداية حياته المهنية، قبل أكثر من 50 عاما.

وتحرص شونميكر، المرشحة لجائزة جديدة عن “كيلرز أوف ذي فلاور مون” (قتلة زهرة القمر) الذي ينافس أيضا على أوسكار أفضل فيلم، على إبراز الانسجام بينها وبين سكورسيزي.

والفيلم كتب نصه سكورسيزي مع إريك روث استنادا إلى كتاب واقعي يحمل نفس الاسم ألفه الصحافي ديفيد غران. قصته تتبع سلسلة من جرائم القتل التي تحل على أمة الأوساج في ولاية أوكلاهوما خلال عشرينات القرن العشرين، وذلك بعد اكتشاف النفط على أرضهم. ويلعب دور البطولة فيه ليوناردو دي كابريو.

وقالت المولّفة شونميكر لموقع “سينمونتاج” في وقت سابق هذا الشهر “لقد علمني كل ما أعرفه عن التوليف (…) ولدينا النظرة نفسها”.

المؤلّف الفرنسي الشهير سينشال فاز بجائزة أفضل مونتاج فيلم عن عمل “أناتومي دون شوت” ضمن جوائز سيزار

"قابلات" السينما

يوصف المولّفون بأنهم حرفيو السينما، وهم عادة يوظفون خبرتهم ومهارتهم في تنفيذ مهمتهم من دون أن يضعوا عليها أي لمسة خاصة، لأن الأسبقية لرؤية المخرج.

ويقول لوران سينشال، الذي ساعد جوستين ترييه في فيلم “أناتومي دون شوت” المرشح في آن واحد لأوسكارَي أفضل فيلم وأفضل توليف، “يجب ألا يكون التوليف ظاهرا أو يحمل توقيعا، فهو عمل تكييفي”.

ويضيف المولّف سينشال الذي شارك في أفلام ترييه الثلاثة الأخيرة “نحن مثل القابلات، نرافق”.

وبالنسبة إلى هذا الفيلم القضائي المشوّق الذي يشرّح انهيار حياة زوجية من خلال محاكمة كاتبة متهمة بقتل زوجها، استغرق التوليف “38 أسبوعا”، أو أكثر من ثمانية أشهر. وهذا “ترف” في السينما الفرنسية، بحسب سينشال.

وهذا الوقت أتاح للمخرجة والمولّف العمل على تحسين عدم تزامن الصورة والصوت، وهو أمر ضروري لغموض الفيلم.

فعندما يدلي ابن الزوجين بشهادته أمام المحكمة، يتساءل المشاهد مثلا هل لقطات الزوج متحدثاً بصوت ابنه هي ماضٍ حقيقي أم ذكريات مفبركة؟

ويقول سينشال “جوستين مهووسة تماما”، وبالنسبة إليها “يُعدّ التوليف أحد أهم عناصر الإخراج”.

وكان المولّف الفرنسي الشهير سينشال احتفل منذ أيام بفوزه بجائزة أفضل مونتاج فيلم عن عمل “أناتومي دون شوت” خلال الدورة التاسعة والأربعين من حفل توزيع جوائز سيزار السينمائي في قاعة أولمبيا بباريس في 23 فبراير الجاري.

 

العرب اللندنية في

29.02.2024

 
 
 
 
 

"أوبنهايمر" متهم بالكذب بسبب مشهد لم يصوره

تجاهل الفيلم مجموعة من الأميركيين المتضررين إلى اليوم من تجربة القنبلة الذرية

  أ ف ب 

كان ويسلي بوريس نائماً بسلام في سريره عندما انفجرت أول قنبلة في العصر النووي على بعد 40 كيلومتراً فحسب من منزله.

اجتاح ضوء ساطع منزله الواقع في صحراء نيومكسيكو جنوب غربي الولايات المتحدة، وما لبثت أن تحطمت نوافذه فجأة بفعل عصف الانفجار المذهل.

لم يعد وسلي قادراً على رؤية أي شيء لشدة ما أبهره الانفجار، وسأل والده "ماذا حدث؟ هل انفجرت الشمس؟".

ويشكل الانفجار الذي وقع في الخامسة والنصف من صباح الـ 16 من يوليو (تموز) 1945، وما سبقه من استعدادات، محور فيلم "أوبنهايمر" الأوفر حظاً لانتزاع أهم جائزة "أوسكار".

لكن المنطقة الصحراوية في فيلم كرستوفر نولان الممتد لثلاث ساعات عن مبتكر القنبلة الذرية تبدو خالية كلياً، خلافاً للواقع، ولم يظهر فيه أي من سكانها الذين كانوا ضحايا هذه التجربة التي سميت "ترينيتي" (Trinity).

وفي الواقع كان آلاف الأشخاص، ومعظمهم من ذوي الأصول اللاتينية والهنود الحمر الأميركيين، وفقاً لفيلم وثائقي حديث، يقيمون داخل دائرة نصف قطرها 80 كيلومتراً حول الموقع السري جداً الذي اختاره الجيش والعلماء لاختبار القنبلة الذرية.

وقال بوريس البالغ اليوم 83 سنة إن أياً من سكان المنطقة المحيطة لم يفهم لماذا ظهرت في الأفق تلك السحابة العملاقة على شكل نبتة فطر، وأضاف "لم نخف لأنه لم يقتلنا على الفور، ولم تكن لدينا أية فكرة عن ماهيته".

العواقب المميتة

واليوم وبعد ثمانية عقود يدرك هذا الأميركي جيداً العواقب المميتة للانفجار الذي قذف عناصر مشعة حتى ارتفاع 15 كيلومتراً.

وأجري الاختبار وسط طقس عاصف على رغم تحذيرات العلماء، إذ إن الولايات المتحدة كانت مستعجلة لأنها كانت في خضم سباق لتصنيع قنبلة ذرية تتيح إنهاء الحرب العالمية الثانية.

وبعد الانفجار أعادت الأمطار الغزيرة كل المواد السامة إلى الأرض، وبالتالي طاولت الإشعاعات أرض الصحراء وغبارها ومصادر المياه والسلسلة الغذائية بأكملها.

ونتيجة لذلك توفي شقيق بوريس جراء إصابته بالسرطان، وكذلك كافحت أخته المرض نفسه واليوم ابنتها، وهو نفسه يعاني سرطان الجلد ويحاول معالجته بواسطة الطب الطبيعي للهنود الحمر.

وعلى رغم الثمن الباهظ الذي دفعه ضحايا مشروع "مانهاتن" إلا أن أحداً منهم لم يحصل على أي تعويض.

فئران تجارب

وقالت تينا كوردوفا التي شفيت من مرض السرطان وتترأس جمعية Tularosa Basin Downwinders Consortium  التي تطالب بإنصاف هؤلاء "لقد عوملنا مثل فئران التجارب"، ولاحظت غاضبة أن "أحداً على الإطلاق لم يعد للاطلاع على وضع السكان"، على عكس ما يحصل لفئران التجارب.

ورأت هذه الناشطة أن أهمية "أوبنهايمر" تكمن في أنه رسخ تجربة "ترينيتي" في عقول ملايين المشاهدين، لكنها أسفت كون الفيلم الروائي "لم يذهب بعيداً بما فيه الكفاية".

وأملت في أن يستخدم فريق الفيلم المرشح لـ13 جائزة "أوسكار" في حفلة الـ 10 من مارس (آذار) المقبل كمنصة "للاعتراف بتضحيات ومعاناة شعب نيو مكسيكو".

وقالت المرأة التي يلاحق السرطان خمسة أجيال من عائلتها منذ عام 1945، "لقد كانوا يعلمون بوجودنا عندما صنعوا الفيلم، لكنهم اختاروا تجاهلنا مرة أخرى".

وأملت في أن تصلح الولايات المتحدة هذا الظلم التاريخي، فالقوانين أتاحت التعويض عن الأضرار التي تعرض لها سكان ولايات نيفادا ويوتا وأريزونا بفعل التجارب النووية اللاحقة، لكن أي شيء من هذا القبيل لم يخصص على الإطلاق لضحايا القنبلة الأولى في نيومكسيكو.

وغالباً ما تقام أنشطة خيرية لمساعدة العائلات التي تكون مديونة بفعل الفواتير الطبية الباهظة التي تتكبدها، وقالت كوردوفا مازحة "ربما ينبغي على وزارة الدفاع الأميركية أن تقيم كل أسبوع نشاطاً لبيع الحلويات لسد العجز في موازنتها، كما نفعل مضطرين".

"مجموعة من الأكاذيب"

أما ويسلي بوريس فوصف فيلم "أوبنهايمر" بأنه "مجموعة من الأكاذيب"، وسأل "كم عدد الأشخاص الذين ماتوا هنا؟ لم يقولوا أي شيء عن ذلك إطلاقاً".

وروى بوريس أن شخصين غريبين يضعان نظارات غريبة شوهدا قرب منزله يوم الانفجار ولم ينبسا ببنت شفة، وتحدثت السلطات بعد ذلك عن "انفجار ذخيرة".

وبعد بضعة أعوام أخذ رجال يرتدون ملابس بيضاء وأقنعة عينات من التربة قرب منزل العائلة، وشعر شقيق ويسلي بوريس بالقلق فقالوا له "عليكم أن تغادروا هذا المكان لأن هذا سيقتلكم".

 

الـ The Independent  في

29.02.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004