ملفات خاصة

 
 
 

في سباق الأوسكار... 3 يتقدّمون احتمالات الفوز

رايت وجياماتي ومورفي يتقدّمون في فئة التمثيل

هوليوودمحمد رُضا

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 96)

   
 
 
 
 
 
 

في السادس عشر من هذا الشهر أُقفلت صناديق التصويت أمام المنتسبين لأكاديمية الفنون والعلوم السينمائية، ولن يعرف أحد اتجاه المصوّتين في أيٍّ من الأقسام التقليدية في سباق الأوسكار إلا عندما يقام الحفل الكبير المنتظر في العاشر من شهر مارس (آذار).

لكن ككل عام هناك توقعات ودلالات لا تتدخل فيها قراءة الكف ولا أجهزة الساتالايت الفضائية. لا تنجيم في فناجين القهوة ولا في ورق اللعب.

ما تقوم عليه التوقعات (التي قد تصيب وقد تخطئ؛ فهي ليست أكثر من توقعات) هي مقارنة السينمائيين، في المجالات المختلفة، بعضهم ببعض. كذلك يفيد أخذ بعض العبر من سوابق مختلفة وقراءة بعض الظواهر التي تدفع بهذا الاسم أكثر أو أقل من سواه.

ممثلون متميّزون

الواجهات كثيرة بعدد ميادين التنافس وإحدى أهم هذه الواجهات تلك التي تدور في نطاق أفضل ممثل في دور أول هذا العام. هذه واجهة مزيّنة بأنماط تمثيل مختلفة وتشمل نحو 20 ممثلاً منح كل منهم أفضل ما يمكن أن يمنحه في الأفلام التي اختير لبطولتها. وكما هي العادة، فإن هناك ممثلون هم أفضل ما في أفلامهم، وهناك آخرون يشعر المرء بأنهم قدّموا ما دون المتوقع.

أحد هؤلاء هو تيموثي شالامات الذي تعرض دور السينما له حالياً «Wonka». لا شك أنه حاول جهده لكي يمثل ويغنّي ويبدو «فرندلي»، لكنه ليس فرِد أستير أو جين كَلي. آخر هو نيكولاس كايج الذي تعتقد أنه درس سلوك وودي ألن وقلّده في كل حركاته وحتى في نطقه وذلك في «DreamScenario». هذان الممثلان من بين مجموعة لا يُعتقد أن حظوظها كبيرة.

إذن مَن الذين يقفون فعلاً في الواجهة؟ مَن مِن الممثلين الذين سيجدون أسماءهم متداولة أكثر وأكثر مع اقتراب موعد إعلان الفائزين؟

إنهم خمسة ممثلين يجلسون في الصف الأول من التوقعات، وهم: مات دامون عن «Air»، وجِفري رايت عن «رواية أميركية» (American Fiction)، وبول جياماتي عن «المستمرون» (The Holdovers)، وسيليان مورفي عن «أوبنهايمر»، وبرادلي كوبر عن «مايسترو».

عند هذه اللحظة المبكرة لا يمكن القيام بنوع من الفتاوى حول من الذي سيحمل التمثال الذهبي دون سواه. لكنّ الدلالات يمكن لها أن تتشكل على مستوى لا بأس به بدراسة طبيعة كل واحد من هؤلاء الممثلين. هذا ما يفعله المقترعون أنفسهم، أو هكذا يتوقع المرء منهم أن يفعلوا.

هناك ثلاثة ممثلين في سباق هذا العام يتميّزون عن سواهم بما يمكن وصفه بالانتقال الصعب بين الشخصية المكتوبة التي قرأوها في السيناريو وتلك التي سيجسدونها. المفتاح هنا هي اللغة التقنية التي يعتمدها كل ممثل منهجاً. كيف سيُلقي حواراً ولو بسيطاً مثل «أشعر بالمسؤولية لما فعلت»، (سيليان مورفي في «أوبنهايمر»)، أو كيف سيعبّر عن انزعاجه (جِفري رايت في «أميركان فيكشن»)، أو كيف سيتصرّف في مشهد عليه أن يعكس فيه شخصيّته المحافظة أمام طلاب من جيل جديد، (بول جياماتي في «المستمرون»).

هذه تقنيات تختلف عن معظم السائد من التمثيل. ذلك الذي لا يمانع في أن يبقى هو على الشاشة كما هو في الحياة، أو ذلك الذي لا يجتاز الخطوة الأخيرة صوب تمييز أدائه بشيء يشي بالتلاحم بينه وبين الشخصية التي يؤديها.

تركيبة شخصية

كل من بول جياماتي وجِفري رايت يلعبان دور أستاذين. في «المستمرون» هو أستاذ دائم في المدرسة. هذا عمله. يمارسه لأنه لا يعرف كيف يمارس سواه. جِفري رايت مدرّس لغة إنجليزية ومؤلف روائي. كلاهما لا يستحوذ على رضا الهيئة التعليمية في مدرستيهما. جياماتي يتعرّض لنوع من العقاب عندما يُفرض عليه التزام المدرسة خلال عطلة الكريسماس مع بعض تلامذته. جِفري رايت يتعرّض لخيبة أمل عندما ترفض دار النشر مؤلّفه الأخير على أساس أنه «ليس أسود كفاية».

الأستاذ «بول» في «المستمرون» أبيض البشرة. الأستاذ «ثيلونيوس مونك» في «أميركان فيكشن» هو أسود البشرة وأصلع تماماً (جياماتي لا يزال يحتفظ ببعض شعر في النصف الخلفي من الرأس).

الصلعة هنا مهمّة لأنها جزء من التركيبة الشخصية. سننظر إلى الشخصيّتين نظرة مختلفة (ولو صامتة) لو كانا كثيفَي الشعر. جِفري، أكثر من جياماتي، عُرضةً للملاحظة ليس لأنه لا يوجد أساتذة أو أفرو- أميركيين صُلَعاء، بل لأنها تساعد الممثل على الانصهار من دون حواجز مع ما يؤديه. عند جياماتي تأتي هذه الحقيقة عارضةً وبعد حين هي أكثر لفتاً للنظر.

لو أن «الأوسكار» في هذا السباق يُمنح لاثنين لاستحقّاه معاً على وقع أنهما ممثلان من النوع المسمّى «Character Actor» وليس الممثل-النجم كحال البعض الآخر.

أين يقف سيليان مورفي عن دوره في «أوبنهايمر»؟ إنه على الأرجح الحل الثالث إذا ما تردد البعض في التفضيل بين جياماتي ورايت.

احتمالات نص - نص

وضعُ سيليان مورفي مختلفٌ من حيث إنه يؤدي شخصية حقيقية ومعروفة. هو مرتبط، ولو إلى حدٍّ، باحتواء الشخصية التي يؤديها على نحو أقل حريّة من تلك التي عند منافسيه. عند هذا الحد يستطيع الممثل أن يخلق شيئاً من هذا الوضع، حيث لا حرية كافية، أو يستطيع محاولة تقليدها، وهو اختار الحل الأول بكفاءة. الحل الثاني يتساوى، في بَهَتَانه، مع حل ثالث وهو استبدال شخصيّته أو اختياره الخاص على نحو مطلق بالشخصية الحقيقية.

هذا ما لم يفعله برادلي كوبر في «مايسترو» الذي هو بدوره فيلم سيرة يمثّل فيها شخصية الموسيقار ليونارد برستين. ما فعله كوبر هو عكس ما فعله مورفي وهو أنه حافظ على برادلي في الفيلم أكثر ما منح بيرنستين ما يحتاج إليه من حضور.

كل من «أوبنهايمر» و«مايسترو» يلتقيان مع أكثر من فيلم من نوع السيرة كما حال «هواء» (Air)، و«Rustin» من بطولة كولمان دومينغو. دايمون يلتقي مع كوبر في منوال تقديمه الشخصية بينما يتبع دومينغو قواعد الأداء القوي الذي من الصعب الحكم على حقيقة الشخصية التي يؤديها (بايارد رستِن كان أحد النشطاء في حركة المساواة في أميركا الخمسينات).

سينتمي دومينغو إلى الممثلين اللاحقين. أولئك الذين يقفون عند حظوظ قليلة إزاء التنافس الكبير بين جياماتي ومورفي (أولاً) وجِفري رايت.

أحد هؤلاء أدام درايڤر في أحسن أدواره في فيلم «فيراري» وأنطوني هوبكنز لاعباً شخصية فرويد في «الحصّة الأخيرة لفرويد» (Freud’s Last Session)، ومايكل فاسبيندر في «القاتل» (The Killer).

وبالنسبة ليواكين فينكس (والاحتمال ضعيف) عن دوريه في «نابوليون»، و«بيو خائف» (Beau is Afraid)، فوضعه مثل وضع سيليان مورفي إزاء «أوبنهايمر»، وهو قد يكون الحصان الأسود فيما لو نال التصويت الكافي عن أحد فيلميه.

لكن ماذا عن ليوناردو ديكابريو وروبرت دينيرو عن «قتلة ذا فلاور مون»؟

سيكون الأمر مفاجئاً لو ورد اسم دِينيرو بين المرشّحين لسبب واحد هو أن دوره مساند أكثر مما هو رئيسي. هذا على الرغم من كثرة ظهوره في ذلك الفيلم. ما حدث هو أن المخرج مارتن سكورسيزي نفّذ فيلماً من بطولة ممثليه المذكورين معاً. عدد المشاهد التي يؤدي فيها كل منهما دوره منفرداً عن الآخر متساوٍ تقريباً، وهذا لجانب المشاهد التي يظهران فيها معاً.

لذا، فالسؤال البدهيّ هو: كيف يمكن فصل دي كابريو واحتمال ترشيحه بعيداً عن دينيرو كما حدث في ترشيحات «غولدن غلوبس»؟

لكنه ليس أفضل أدوار ديكابريو. هذا الممثل كان أفضل بكثير في فيلمين سابقين لسكورسيزي وهما «المغادر» (The Departed)، و«جزيرة مغلقة» (Shutter Island). واللافت هو أن ديكابريو رُشِّح مرّتين سابقتين في فيلمين لسكورسيزي هما «The Aviator» («الملاح»، 2005)، و«The Wolf of Wall Street» («ذئب وول ستريت»، 2014)، ولم يَنَل الأوسكار عن أيٍّ منهما. الأوسكار الوحيد الذي فاز به كان عن «The Revenant» («المنبعث»، 2015)، وكان هذا من إخراج أليهاندرو غونزالِز إيناريتو.

الممثلون الفائزون بأوسكار أفضل تمثيـل رئيـسي فـي السنوات العشر الأخيرة

2023: برندان فريزر، عن «The Whale».

2022: وِل سميث، عن «King Richard».

2021: أنطوني هوبكنز، عن «The Father».

2020: واكيم فينكس، عن «The Joker».

2019: رامي مالك، عن «Bohemian Rhapsody».

2018: غاري أولدمن، عن «Darkest Hour».

2017: كايسي أفلك، عن «Mancheter By the Sea».

1916: ليوناردو ديكابريو، عن «The Ravenant».

1915: إيدي ردماين، عن «The Theory of Everything».

2014: ماثيو ماكونوهي، عن «Dallas buyers Club».

 

####

 

شاشة الناقد

الصحراء السعودية تتلألأ في فيلم والثلج الفرنسي يشهد جريمة

هوليوودمحمد رُضا

هجان

★★★

إخراج: أبو بكر شوقي | السعودية/ مصر | 2023

«هجّان» دراما بإمكانيات إنتاجية عالية تستفيد من عناصر الحكاية التي توفرها ومن البيئة التي تعايشها وتحتوي على عنصري مواكبة حياة شاب في مطلع العمر وجمله والصحراء التي وُلد فيها والتي ستعني الكثير حين يقرر البحث عن مستقبله بعيداً عن المخاطر. الصحراء هنا جميلة تتلألأ ببيئة طبيعية خلابة في خلفية الدراما المعروضة.

مطر (عمر العطوي) فتى يتابع سباق الجمال الذي يشترك فيه شقيقه الأكبر سناً غانم (عزّام النمر) فوق جمل اسمه حفارة. السباق يبدأ، الجمال تركض. لقطات على أحد كبار المشتركين بأساً وسُلطة اسمه جاسر (عبد المحسن النمر) تنبئ بأن شيئاً ما سيقع، خصوصاً بعدما يسر الفيلم إلينا بأنه رجل يحب الفوز ولا يدع أحداً سواه يفوز. سريعاً ما يتأكد ذلك عندما يوعز، قبيل السباق، لأحد المتسابقين التخلص من منافسيه، وغانم هو أحدهم، وها هو يسقط عن جمله ويموت.

لا يتعرّض الفيلم لكيف يمكن لجاسر الإفلات من المسؤولية أمام كل هذا الحشد من الناس والمراقبين، ولا هو يبحث عميقاً في شخصيته، بل يقدّمه كشرير الفيلم فقط. في كل الأحوال، فإن مطر مضطر إلى أن ينضم إلى العمل عند جاسر الذي يريد تطويعه عبر رجاله القاسين، لكن مطر يبرهن على أنه فتى لا يمكن تطويعه وأنه يفهم جمله حفارة ولا أحد سواه يمكن له الاعتناء به. مع تجاذب معركة الإرادة بينه وبين جاسر ورجاله سيضطر مطر إلى الهرب من المكان ومن مطارديه؛ بحثاً عن ذاته التي ترفض أن تخضع للبطش.

إنتاج ممتاز العناصر يواكب هذه الحكاية. مدير التصوير جيري فاسبنتر يستفيد من المكان وطبيعته ويعرف كيف يجعله ينطق بجمالياته الخاصة. توليف جيد بدوره حين يأتي الوقت لرفع وتيرة التشويق (وعادي دون ذلك). موسيقى أمين بوحافة تؤدي بالتالي دورها بموسيقى مناسبة وغير ضاجة. كل شيء يبدو على ما يرام.

المشكلة تتبلور منذ أن يقرر السيناريو إيداع مطر تحت رعاية جاسم؛ وذلك لأن هناك القليل مما يمكن فعله بغياب دوافع أعلى. الانتقام المنشود هو أحد هذه الدوافع، كذلك الخوف على مستقبل الجمل، لكن ما أن يدخل مطر مزرعة جاسم حتى يتبدّى أن هناك القليل مما يمكن أن يشكّل مفاجأة. الاختيارات قليلة وتتمحور حول معاملة جاسم لكل المحيطين به وما ينتظره مطر وجمله في هذا الإطار.

كان أبو بكر شوقي قدّم قبل خمس سنوات فيلماً مثيراً للاهتمام هو «يوم الدين» وهذا فيلمه الثاني والأفضل من سابقه. لكن في الفيلمين هناك تعامل مع شاب في بحث عن ذاته ونقطة لقاء بين حاضره وماضيه (في الفيلم السابق) ونقطة لقاء بين حاضره ومستقبله (في هذا الفيلم). لولا فراغ في منطقة الوسط تم ملء بعضه بحكايات قصيرة جانبية لأنجز فيلماً أفضل. لكن حتى مع هذا الضعف في الخاصرة ما زال الفيلم لامعاً ببصرياته وطريقة تنفيذه.

عروض: مهرجان البحر الأحمر

Anatomy of a Fall

★★★

إخراج: جوستين تراييه | فرنسا/ ألمانيا | 2023

اللقطة الشهيرة لهذا الفيلم هي لجثة رجل ميّت فوق الثلج. اللقطة بعيدة، لكنها واضحة والسؤال الأول لماذا هو ميّت. هل ألقى بنفسه من علو منتحراً أم إن أحداً دفعه إلى ذلك؟ هناك استبعاد لاحتمال ضعيف هو أن يكون الحادث وقع بالصدفة نتيجة انزلاق أو ربما كان الرجل يتسلق جدار البناية التي يشغلها فوقع.

بعد قليل في الفيلم نتبيّن أن «تشريح سقوط» يتعامل مع الاحتمالين الأولين: السقوط انتحاراً أم السقوط قتلاً. هناك محكمة للنظر في هذه القضية بعدما تم توجيه تهمة القتل للزوجة ساندرا (الألمانية ساندا ڤويتر) والشاهد الوحيد هو ابنها الصغير الذي حدث إنه أعمى. بطريقة ما يضمن له السيناريو دوره المهم في هذه الأحجية.

يروي الفيلم أن الحادث بدأ عندما كانت ساندرا تتحدث مع طالبة في غرفة الجلوس. فجأة يطغى صوت الموسيقى لأن الزوج سامويل (سامويل تييس) أراد ذلك. بعد قليل يعود الابن مع جولة مع كلبه ليجد والده فوق الثلج.

الآن تتدخل العوامل التي ستؤيد براءة أو ذنب الزوجة: سامويل محبط لأنه لم ينجح بعد ككاتب، هذا يقترح بأنه هو من رمى نفسه. ساندرا محبطة لأنها غير سعيدة معه. تكشف المحاكمة عن أن زوجها ممتنع عن ممارسة الحب معها، وفي هذا سبب آخر قد يدعوها إلى إلقائه من شرفة الطابق الثالث.

بينما أحبت لجنة التحكيم في مهرجان «كان» الفيلم وما فيه، ووافق معظم نقاد الغرب على ذلك، من المريع إلى حد عدم النظر إلى مشاكله الفعلية. ما هو مكتوب وما هو منفّذ هو عملية محسوبة على نحو يوازي بين الاحتمالين ويوزّع عناصر كل احتمال في خانتين متجانستين بعدد متساوٍ من العناصر.

لكن هذا، في الوقت ذاته، ما هو مثير في الفيلم. ما يبقي السؤال حيّاً حتى النهاية. إليه يمكن ضم حقيقة أن الجريمة تقع في فرنسا والزوجة ألمانية، وهذا، على نحو مبيّت وتحتي، يرفع من وجهة نظر المدّعي العام (والبعض الآخر) في أنها مذنبة. إنها الغريبة في هذا الوضع. حين يذكر لها أحد المحاميين ما ستنتظره من استجواب النيابة تخبره بكل حزم «أنا لست قاتلة». يرد عليها «هذه ليست المسألة». والحوار هنا جيد (أفضل من بعض حوارات الفيلم لاحقاً).

لم يكن مهمّاً أن تمنح المخرجة شخصيتَي الزوج والزوجة الاسمين الأولين من اسميهما الحقيقيين (سام وساندرا). هذا لا يقرّب الأشياء، ولا أثر له في أي اتجاه، بل هو تقليد منتشر.

المساحة البارعة التي يلعب فيها الفيلم هي عبارة عن أن الزواج غير الموفق له وجهتان: واحدة تؤدي للانتحار (على نحو أو آخر) والأخرى تؤدي إلى الجريمة.

عروض: موسم الجوائز

Night Swim

إخراج: برايس ماغواير  | الولايات المتحدة | 2023

الرعب في «سباحة ليلية» لا يأتي من المسبح كما يقترح الفيلم، بل من كتل المشاهد الروتينية والمفارقات المستنسخة من فيلم إلى آخر. إنه كما لو كان المخرج حمل حقيبة وأودع فيها كل موقف أو خاطرة شاهدها في أفلام سواه وأودعها فيلمه.

لا بد أن هناك تاريخاً ما يعود إليه الفيلم في تفسيره لماذا هذا المسبح الذي يبدو نظيفاً ومتعة للسابحين قد ينقلب إلى خطر ماحق. «شاهدت شيئاً ما أرعبك في هذا المسبح، أليس كذلك؟»، وهذا الشيء ناتج من حادثة غرق لفتاة غرقت فيه قبل ثلاثين سنة والحادثة تمتزج بروح شيطانية. انتشلوا الجثة، لكن الواضح أنهم لم ينتشلوا الروح فبقيت هذه تظهر لتخيف.

بعد هذه السنوات تشتري العائلة المنزل وتعلن إعجابها بالمسبح. باقي المنزل قد يكون جميلاً أيضاً، لكنه المسبح هو الذي يثيرها لدرجة أن رب العائلة راي (وايات رَسل) يسقط فيه متعثراً. زوجته وابنته إزي وابنهما إليوت يوافقون. في مطلع الفيلم يستخدم راي عكازاً لمرض أصابه. يعتقد أن السباحة اليومية ستشفيه (هكذا قال له السيناريو)، وبالفعل ها هو يستغني عن العكاز بعد بضعة أيام. زيادة في التأكيد على استعادته كامل قواه يرفع الأثقال ويكسر مضرب البايسبول!

لن يطول الوقت حتى تبدأ ظواهر مزعجة في الوقوع. الابنة الصغيرة تغطس وبالكاد تنجو من حادثة غريبة: شبح مائي يريد سحبها. هنا لا حاجة إلى أحد للربط بين ما حدث سنة 1992 وبين ما يحدث الآن. وهنا أيضاً تحاول الأم استنطاق ابنتها.

بالإضافة إلى ذلك، والوحيدة التي تعلم بأن شيئاً ما على غير ما يرام في هذا المسبح هو القطّة. لكن القطط لا تحب المسابح أساساً، مع ذلك يريد الفيلم أن يوحي بأن القطّة تعلم ما لا تعلم به العائلة. الكلاب والقطط والطيور الأليفة تشعر بالخطر قبل الإنسان، لكن هل يجب أن يكون الإنسان بلا شعور إلى نحو منتصف الفيلم؟

يطرق «سباحة ليلية» ما هو مطلوب منه في ثلاث مراحل: واحدة تمهّد وتحتوي على عرض الظواهر، وثانية تنتقل إلى تفعيل الخطر، وثالثة تمثّل الخاتمة وما يقرر الفيلم إنهاء الفيلم به. كل مرحلة من مراحل الفيلم الثلاث منهكة.

لكن الظواهر في أفلام الرعب عادة لا تؤدي إلى إدراك المخاطر. طبعاً لو يفعلون ذلك لما كانت هناك أفلام مسطّحة كتابة وتنفيذاً كهذا الفيلم.

عروض عامّة...

ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز

 

الشرق الأوسط في

18.01.2024

 
 
 
 
 

Poor things خزانة كاليجاري الخاصة بلانثيموس

منيرة الحمادي

الفيلم مقتبس من رواية تحمل نفس الاسم للكاتب الإسكتلندي ألاسدير جراي. وهو من إخراج المخرج اليوناني لانثيموس، المعروف بأفلامه الرمزية الفريدة والعبثية والنفسية مثل: The Lobster, dogtooth.

فرضية الفيلم غريبة. امرأة حامل تنتحر من فوق الجسر، ثم يأتي عالم يُدعى «جودوين باكستر» ويقوم بجرها من النهر ومحاولة إعادتها إلى الحياة باستبدال دماغها بدماغ طفلها الذي لم يولد بعد، ويعتقد بذلك أنه أنقذ حياة شخصين. وفي الحقيقة أنه خلق منهما حياة ثالثة مختلفة تمامًا، هذا سوف يذكركم على الفور بفرانكنشتاين، ولكن بدلاً من الرجل الغريب والمشوه؛ لدينا امرأة شابة وجميلة المظهر تدعى بيلا باكستر.

تستيقظ من الموت بعقل رضيع وجسد امرأة، تُنادي بيلا جودوين بـ«الله».. في محاولة رائعة للسخرية الفلسفية! ويرتبط الاثنان بعلاقة يمكن وصفها بأنها أبوية مع القليل من التوتر الجنسي بينهما، يعلمها جودوين السلوكيات الأساسية وسرعان ما يوظف أحد طلابه لاحقًا في الجامعة «ماكس ماكاندلز» لمساعدته في تجربته. تتطور مشاعر ماكس تجاه بيلا بشكل سريع جدًا ومفاجئ لها، رغم أنها لا تعبر عن الدهشة بالطريقة التي يفترض أن تعبر بها، وأعني كما يكون عليه الإنسان الناضج، ومع أنها لا تزال طفلة عقليًا وبإلحاح من جودوين، وافق ماكس على الزواج منها بشرط أن يعيش معها في منزل جودوين دائمًا وأمام ناظريه.

يوجد الكثير من السحر في شخصية بيلا. على سبيل المثال، صراخها المتنافر مع سلوكياتها الاعتيادية، والطريقة التي تسير بها في المنزل، عندما تترنح وكأنها غير متأكدة من كيفية عمل ساقيها، أو عندما تجلس على مقاعد كبيرة الحجم مثل الدمية ومندهشة من الحيز الذي يأخذه جسدها من المكان، وعندما تتناول الطعام بيديها وتضرب طفلًا وتحطم الخزف الصيني.. إيما ستون كانت مذهلة جدًا في الأداء. هناك مشهد رائع لبيلا عندما تكتشف طريقة إمتاع نفسها عن طريقة ممارسة العادة السرية وتبدأ بفعل ذلك في المنزل و أمام الجميع. أخبرها ماكس على الفور أنه ليس من المفترض أن تفعل ذلك، وأن موضوع عدم السماح لها بالقيام بأفعال معينة بسبب أن «المجتمع لديه آداب»، وبدأ يتكرر ذلك على أسماع بيلا ويثير دهشتها، وينبثق التساؤل: الله كما نعرفه لا يمكن رؤيته في أي مكان، ومن الواضح أن البشر قد اعتبروا أنفسهم الآن إلهًا، ولكن كما هو الحال اليوم في لندن وأماكن أخرى، فقد تم توريث بعض الأخلاق المسيحية إلى عصر ما بعد المسيحية، وبما أن التبرير المسيحي السابق للأفعال لم يعد مناسبًا الآن، فلا يمكننا تبريرها إلا بالدعوة إلى المحرمات دون تقديم أي مبرر آخر!

تهرب بيلا مع دنكان، وهو المحامي الذي عقد اتفاقية الزواج بينها وبين ماكس، بسبب رغباتها المتنامية التي لا تستطيع كبحها للمعرفة النقية، وبهذا يكون الإلهام الكتابي واضحًا، حيث نرى كلًا من جنة عدن والابن الضال. يسافر دنكان وبيلا حول العالم ويمارسان الجنس بطريقة وحشية ويخوضان تجارب أخرى تؤثر على معرفة بيلا وتشكل هويتها، ومن لندن إلى لشبونة إلى باريس، سرعان ما يدرك دنكان أن بيلا ليست امرأة عادية ويصاب بالإحباط بسبب افتقارها إلى الفهم للعالم الخارجي. وانهارت العلاقة بعد أن أهدرت بيلا أموال دنكان، وأصبح كلاهما فقيرًا في باريس، وتكتشف بيلا لاحقًا الدعارة وبدون أي توجيه أخلاقي تقبل العمل في بيت للدعارة. واستمرارًا لموضوع تحطيم الأعراف الاجتماعية في الفيلم، تجد بيلا متعة كبيرة في عملها كعاهرة وتظهر ذلك بوضوح وغرابة ودون أي تردد، واستطاعت من خلال عملها كعاهرة أن طورت أيضًا ذائقة للاشتراكية، ونراها تتطور فكريًا بشكل متسارع وغريب وحر، لكن التطرق إلى موضوعات الشيوعية في الفيلم لم يكن بطريقة تتشابك فعليًا مع أي قضايا. عندما يتم طرح الفلسفة، نسمع قليلاً عن إيمرسون، لكنه عديم الفائدة مثل الخيط السخيف الذي لا يؤدي إلى أي مكان ولا نتعمق في أفكاره حقًا. هكذا كان الأمر.

كان يحاول أن يخلصها دنكان من رغبتها في المعرفة، رغبة المعرفة التي اجتاحتها بعد أن هدأت هستيريا رغباتها الجنسية، إلى حد أنها أرادت اكتشاف الحياة التي كانت تعيشها مع زوجها في حياتها السابقة، لكن في النهاية هربت بيلا من كل الرجال حتى جودوين.. الفيلم ذو رائحة نسوية نفاذة استطاع لانثيموس إيصال كل أفكاره بطريقة أقل شراسة وأكثر رقة من المعتاد، لكن السبب وراء نجاح القصة الرمزية هنا هو مدى وضوح رؤيتنا لعقل بيلا المشع وحديث الولادة وهو يحتضن كل ما تقدمه لها الحياة: الجنس، والطعام، والموسيقى، والسفر. يبدو أنها كانت طوال الوقت تراقب حياتها الخاصة وهي في مواجهة الاختيار، يكون من الواضح لبيلا بشكل عام ما هو الشيء الحكيم الذي يجب فعله. هذا هو الخيار الذي تتجاهله عادة. إنها تذهب إلى المسار المثير للاهتمام بدلاً من ذلك، وتذهب إلى ما هو أبعد كما يفعل المخرج في الفيلم!

 

موقع "سوليوود" في

18.01.2024

 
 
 
 
 

جائزة سيزار فخرية لكريستوفر نولان وأنييس جاوي

(فرانس برس)

سينال المخرج كريستوفر نولان والممثلة والمخرجة أنييس جاوي جائزة سيزار فخرية تقديراً لمسيرتهما المهنية، خلال حفلة توزيع هذه المكافآت السينمائية الفرنسية بنسختها التاسعة والأربعين في 23 فبراير/ شباط في باريس، على ما أعلن المنظمون الجمعة.

وتجمع أفلام الأميركي البريطاني كريستوفر نولان (53 عاماً) بين النجاح الجماهيري والتميز الفني، من Dunkirk إلى Interstellar مروراً بـInception.

وأكدت أكاديمية سيزار، التي تمنح هذه الجوائز السينمائية كل عام، في بيان، أن "أحدث تحفة فنية له، فيلم أوبنهايمر Oppenheimer، وهو ظاهرة عالمية حقيقية، نال استحسان النقاد والجمهور لجماليته البصرية الثورية".

أمّا أنييس جاوي، وهي "فنانة متكاملة" لها مسيرة مهنية تمتد لأربعين عاماً، فقد أخرجت خمسة أفلام روائية، من بينها Le Gout des Autres سنة 2000، كما شاركت تمثيلياً في نحو خمسين عملاً على الشاشة، إضافة إلى تجارب مسرحية كثيرة.

وأوضحت أكاديمية سيزار، في بيان آخر، أن أنييس جاوي "بدأت مسيرتها المهنية حقاً عام 1987 على المسرح الذي طبعها إلى الأبد، إذ التقت بجان-بيار بكري. وقد حدث اندماج إبداعي حقيقي بينهما، ما ولّد الكثير من المسرحيات والأفلام الناجحة". وكانا من أشهر الثنائيات في السينما، وظلا قريبين حتى وفاة بكري في 2021.

أنييس جاوي هي "الفنانة الأكثر حصولاً على جوائز سيزار مع ست مكافآت"، على ما جاء في البيان.

ومن المقرر الكشف عن ترشيحات جوائز سيزار الأربعاء المقبل. ويُعد فيلم Anatomie d'une chute الذي فاز بالسعفة الذهبية في مهرجان كانّ السينمائي، في مايو/ أيار الماضي، الأوفر حظاً في هذه المنافسة.

وسيكون أمام أعضاء الأكاديمية شهر واحد للتصويت، قبل حفلة توزيع الجوائز المقررة في 23 فبراير على خشبة مسرح أولمبيا الشهير في باريس.

 

العربي الجديد اللندنية في

20.01.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004