ملفات خاصة

 
 
 

"مجتمع الثلج":

القصة المرعبة لكارثة صدمت وألهمت العالم

أنابيل نيوجنت

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 96)

   
 
 
 
 
 
 

"مجتمع الثلج": القصة المرعبة لكارثة صدمت وألهمت العالم

16 شخصاً فقط نجوا في الرحلة الجوية التي أقلت 45 مسافراً عام 1972. قصة نجاتهم وتضحياتهم باتت اليوم عملاً درامياً على "نتفليكس". نستعيد في النص التالي الوقائع الحقيقية والمذهلة التي ألهمت العمل الدرامي الجديد

أنابيل نيوجنت 

كارثة الأنديز، أو معجزة الأنديز (يعتمد الأمر على الزاوية التي تنظر إليها) تحتاج إلى مقدمة صغيرة. فهذه الكارثة عام 1972 - المتمثلة بتحطم طائرة تقل 45 مسافراً، بينهم فريق "رغبي" هاو من الأوروغواي، في جبال أميركا الجنوبية - تناولتها كتب ووثائقيات وأفلام عديدة، أشهرها فيلم "على قيد الحياة" Alive بطولة إيثان هاوك عام 1993. لكن القصة تعود من جديد بإطار معالجة سينمائية من توقيع المخرج الإسباني جي أي بايونا، وذلك مع فيلم يعرض حالياً على "نتفليكس" بعنوان "مجتمع الثلج" Society of the Snow.

الفيلم الذي رشح لجائزة "أفضل فيلم بلغة أجنبية" ضمن جوائز "غولدن غلوب" يمثل أيضاً إسبانيا رسمياً في جوائز الأوسكار، وهو مقتبس من كتاب لبابلو فيرسي يحمل العنوان نفسه. كتاب "مجتمع الثلج" هذا، المنشور لأول مرة عام 2009، يجمع شهادات 16 شخصاً نجوا من الكارثة - وفيرسي يعرف عديداً منهم شخصياً مذ كانوا أولاداً في مونتيفيديو، الأوروغواي.

تمتاز القصة، بطبيعة الحال، بعناصر سينمائية كبيرة. فهي صادمة، ومرعبة، ومثيرة للدهشة. الطائرة التي تعرضت للحادثة كانت مستأجرة لنقل مجموعة هواة في لعبة "الرغبي"، يشكلون فريق "أولد كريستيان كلوب" Old Christian Club، من مونتيفيديو إلى سانتياغو، تشيلي، كي يخوضوا مباراة ضد فريق منافس. كذلك كان على متن الطائرة أفراد من عائلات فريق "الرغبي" وأصدقاء لهم، إضافة إلى سيدة اشترت بطاقة بآخر لحظة للسفر في تلك الرحلة كي تحضر حفل زفاف ابنتها. وتسبب خطأ ارتكبه ربان الطائرة بسقوطها في جبال الأنديز المثلجة. ولم يعثر على حطامها إلا بعد أكثر من شهرين من الحادثة. ويروي الناجون الذين ظلوا مفقودين طوال تلك الفترة قصص ما خبروه من تضحيات، وصداقة، وإيمان، والأكثر وأكل لحوم البشر أيضاً، ذلك الفعل المكروه الذي اضطروا إلى القيام به.

علامات التحذير الأولى ظهرت قبل وقت طويل من مغادرة الطائرة مدرج المطار، إذ يمكن القول إن الطائرة في الأصل لم تكن صالحة للخدمة. أحد الناجين، ناندو بارادو، وفي استعادة للكارثة ضمن حديث أجرته معه "غارديان" في الآونة الأخيرة يقول إنه كان ساذجاً حين قرر السفر في تلك الطائرة. فهي، وفق ما يذكر، "من (طراز) فيرتشايلد أف أتش- 227D، بمحركات ضعيفة جداً. وكانت (في تلك الرحلة الأخيرة) مليئة بالركاب ومحملة لأقصى حد، وراحت تحلق فوق أعلى قمة في أميركا الجنوبية وبظل أحوال جوية رديئة". تابع بارادو: "لقد بدا الأمر مستحيلاً وكان لا بد للحادثة أن تقع".

وبسبب الأحوال الجوية الرديئة اضطر الطيارون للهبوط بوقت مبكر في ميندوزا، الأرجنتين، حيث قضى طاقم الطائرة والركاب ليلتهم هناك. إلا أن الطائرة كانت مستأجرة من قوات سلاح الجو الأوروغواياني، وذاك عنى أن قضاء 24 ساعة إضافية على الأرض الأرجنتينية سيكون مخالفاً للقانون. لذا أقلعوا مجدداً بعد ظهر اليوم التالي، عند الساعة 2:18 بعد الظهر، والذي صادف الجمعة الـ13 من أكتوبر (تشرين الأول) (رمزية هذا التاريخ وارتباطه بسوء الحظ، وفق مروية بارادو لـ"غارديان"، كانت حاضرة بين أفراد الفريق المسافر الذين راحوا يتبادلون النكات المتعلقة بذلك [في إشارة إلى فيلم الرعب الشهير بعنوان "الجمعة 13"])، إذ إن القيام برحلة مباشرة إلى سانتياغو لم يكن أمراً مطروحاً. فطائرة الـ"فيرتشايلد" غير مؤهلة للتحليق على علو أكثر من 6858 متراً، فيما قمة الأكونكاغوا، الأعلى في سلسلة جبال الأنديز، ترتفع لـ6962 متراً - لذا قرر الطيارون سلوك مسار جوي جنوبي فوق معبر بلانتشوس حيث الهضاب الجبلية أقل ارتفاعاً وأكثر سهولة. وكان من المفترض أن تدوم الرحلة 90 دقيقة.

بعد قرابة ساعة من بداية الرحلة أخطر الطيار المراقبين الجويين بأنه يحلق فوق الـ"المعبر"، ثم عاد وأخطرهم بعد وقت وجيز بأنه بلغ كوريكو، تشيلي (الواقعة على بعد 178 كيلومتراً تقريباً جنوب سانتياغو). إلا أن الربان في الواقع أخطأ في تحديد موقع الطائرة، إذ إنهم في الحقيقة كانوا ما زالوا فوق الأنديز. المراقبون من جهتهم، الذين لم يدركوا ذاك الخطأ، أجازوا للربان كي يبدأ بالهبوط. حينها اصطدم بطن الطائرة بقمة الجبل فانكسر ذيلها وجناحاها كما انفصلت مروحة الجناح الأيسر عن الهيكل. وقد راحت الطائرة تنزلق بسرعة على الجبل. الناجي الآخر روبيرتو كانيسا، الذي كان في ذلك الوقت طالباً بكلية الطب، روى لقناة الـ"إي بي سي" ما خبره عندما سقطت الطائرة، فقال "قذفتني قوة هائلة، وفيما كنت أفقد الوعي أدركت أنني ما زلت على قيد الحياة وأن الطائرة توقفت".

بين الأشخاص الـ45 الذين كانوا في تلك الرحلة، قتل 12 شخصاً فوراً جراء سقوط الطائرة. وأصيب آخرون بجروح بليغة. وقد وصف بارادو كيف شاهد شقيقته الأصغر، سوزي، ملقاة قرب قمرة القيادة بعد الحادثة. "كانت عاجزة عن الكلام. لم يكن بوسعها إلا تحريك عينيها. فقدت حذاءها وكانت قدماها قرمزيتين". تابع بارادو: "تلك هي المشاهد التي علقت في ذهني".

سقوط الطائرة بحد ذاته كان أمراً فظيعاً يفوق أي وصف، لكن ما تلا ذاك السقوط هي قصص النجاة والتضحية التي خبرها من بقوا على قيد الحياة، والتي أسرت الجمهور وأثارت مشاعره المختلفة والمتناقضة (سلباً وإيجاباً)، إذ على ارتفاع قرابة 3500 متر في جبال الأنديز المثلجة، واجه الناجون أحوالاً مناخية جليدية مع خفض الحرارة إلى ما دون الـ35 درجة مئوية تحت الصفر. هيكل الطائرة كان ما زال سليماً تقريباً، وقد اتخذه الناجون ملاذاً، وقاموا معاً بتركيب جدار ارتجالي مستخدمين الحقائب وقطع الطائرة والمقاعد. لكن ذاك الجدار لم يكن فعالاً بما يكفي لمواجهة الرياح العاتية والعواصف الثلجية المتعاقبة والمعهودة في تلك البقعة الجبلية. وروى بارادو لـ"غارديان" في هذا الإطار عن الصقيع القاتل الذي استدعى من الشبان الناجين لكم أذرع بعضهم بعضاً لتحريك الدورة الدموية، ومحاولة الحصول على الدفء من أنفاس بعضهم بعضاً.

وعلى رغم أن المياه كانت متوفرة حولهم بفضل الثلج، فإن التهام الأخير كوى حناجرهم وشفاههم. ولم يتعلموا إلا بعد فترة وجوب تذويب الثلج في قوارير وتدفئتها بما يكفي كي يتمكنوا من شرب الماء. "بعد شهر ونحن في تلك المحنة صرنا جبليين، وتعلمنا ما ينبغي فعله"، قال بارادو عن كيفية تأقلمهم مع المكان الذي حلوا فيه. إلا أن مسألة الطعام مثلت همهم الأكبر. فحادثة سقوط الطائرة تركتهم مع مخزون طعام ضئيل [كان موجوداً على متن الطائرة]: شكولاتة، سكاكر، مكسرات، مقرمشات، وبعض الكحول - وهذا المخزون تضاءل خلال أسبوع واحد على رغم تشددهم في تقنين الاستهلاك، إذ إن الجسم البشري في تلك المنطقة المرتفعة يتطلب مقداراً عالياً جداً من السعرات الحرارية. وقد حاولوا أكل شرائح من الجلد انتزعوها من قطع الحقائب ووسائد المقاعد الممزقة، التي تأملوا أن يجدوا فيها (في حشوتها) قشاً صالحاً للأكل - لكنهم لم يجدوا سوى مواد تنجيد رغوية. في تلك اللحظة، اتخذ أولئك الأفراد القرار الصعب الذي سيلعب دوراً حاسماً في نجاتهم: فقد اختاروا البدء بأكل اللحم من الجثث.

الوصول إلى ذاك القرار، وفق بارادو، لم يكن سهلاً، لكنه كان قراراً بسيطاً. "إذ من جديد بلغنا الخلاصة ذاتها: إن أردنا تجنب أكل الثياب التي نرتديها، لن يبقى أمامنا سوى قطع من الألمنيوم والبلاستيك والجليد والحجارة"، كتب بارادو في مذكراته عام 2006. وتلك المسألة طرحت على المجموعة الناجية، التي كان أفرادها جميعهم من أبناء الطائفة الكاثوليكية، فوافق معظمهم على أن أكل لحم الجثث بات الخيار الوحيد المتوفر أمامهم. بعضهم وضع جسده بتصرف الآخرين في حال فارق الحياة. بايونا، مخرج فيلم "مجتمع الثلج" (الذي سبق وأخرج أيضاً فيلم "المستحيل" The Impossible المقتبس أيضاً من كارثة حقيقية [تسونامي عام 2004]) يذكر في هذا الإطار حديثه مع أحد الناجين الذي قال له: "في اليوم الأول من قيامنا بذلك، كان الأمر فظيعاً. لقد كسرنا المحرم وانتابتنا مشاعر مزرية. لكننا في اليوم التالي صرنا نقف في رتل وننتظر حصتنا من الطعام".

الأشخاص القلائل الذين تمنعوا بداية عن أكل اللحم البشري، استسلموا في النهاية بعد أن سمعوا (عبر جهاز راديو نجحوا في تشغيله) بثاً إذاعياً في اليوم الـ11 بعد الكارثة يعلن تعليق عمليات البحث عن الناجين. فالثلج جعل من عمليات تحديد موقع حطام الطائرة ذات اللون الأبيض شبه مستحيلة من الجو، ونظراً إلى الظروف المناخية القاسية اعتقد معظم الناس أنه لم يبق ناجون من الحادثة لإنقاذهم.

على أن الكارثة تجددت في اليوم الـ17 عندما غمر انهيار ثلجي هيكل الطائرة. كل من كان نائماً على الأرض في ذلك اليوم دفن بالثلج في الحال. من الناجين الـ27 توفي في تلك الليلة ثمانية أشخاص. والانهيار الثلجي دفن الطائرة تماماً وغمرها بالثلج بسماكة متر واحد من سقفها. الناجون العالقون في الداخل أدركوا أن الهواء سينفد عما قريب. وبعد بضع ساعات نجح بارادو في فتح إحدى كوى الزجاج الأمامي في مقصورة القيادة، مستخدماً عموداً معدنياً حصل عليه من الحطام، فتمكن من حفر ثقب في الثلج كي يتيح دخول الهواء من الخارج. إلا أن عاصفة ثلجية أخرى عادت وحبستهم داخل هيكل الطائرة مع أصدقائهم الموتى الجدد. وبعد ثلاثة أيام من هذه العاصفة، إذ باتوا أمام خطر موت محتم بسبب الجوع، بدأوا بأكل جثث أصحابهم. وعندما توقفت العاصفة، تمكن أولئك الأحياء، بعد جهد جهيد وعمليات حفر في الثلج، من الخروج عبر إحدى نوافذ مقصورة القيادة.

مع خروجهم من الهيكل، جرى اتخاذ القرار بأن يذهب عدد من الناجين في محاولة للحصول على مساعدة، فبعد كل شيء، لم يكن أحد سيأتي لإنقاذهم. لذا وخلال الأسابيع التي تلت قضوا الوقت في التدريب على خوض رحلة نجاة في الجبال، وراحوا يعدون الأدوات اللازمة لذلك (كيس نوم من الوسائد المتبقية، مزلجة من الحقائب، وغيرها من الأشياء)، كما كان عليهم أيضاً انتظار تحسن الظروف المناخية.

أخيراً في اليوم الـ61، انطلق ثلاثة شبان من فريق "الرغبي" مغادرين هيكل الطائرة وقد ارتدوا ما أمكنهم من طبقات الثياب، وأخذوا معهم حقيبة ظهر فيها حصص لحم تكفي لثلاثة أيام. وكان الطيار قبل موته في اليوم الأول من الحادثة أخبر المسافرين بأنهم اجتازوا كوريكو، مما يعني أنهم كانوا عند تخوم الأنديز الغربية - وقد اعتمد الشبان الثلاثة هذه المعلومة في التخطيط لرحلتهم، التي تطلبت تسلق الجبل في الجهة الغربية ثم الانحدار نزولاً نحو تشيلي. وكانت الرحلة شاقة جداً كما توقعوا، فقد عانوا أعراضاً حادة لدوار المرتفعات نظراً إلى إيقاع تسلقهم السريع، كما عانوا درجات حرارة شديدة الخفض هي أقسى مما خبروه في هيكل الطائرة.

لكنهم في نهاية المطاف عندما بلغوا قمة الجبل أدركوا أن الطيار ارتكب خطأً جسيماً، إذ لم يظهر أي أثر لوديان تشيلي الخضراء التي توقعوا مشاهدتها من قمة الجبل. وذاك شكل لهم خيبة أمل كبيرة ووضعهم أمام خيارين جديدين قاسيين: إما العودة لحيث كانوا، أو مواصلة الرحلة نحو الغرب. "قلت، هيا يا روبيرتو، لا أستطيع أن أكمل وحيداً. هيا بنا"، روى بارادو لـ"غارديان" مستعيداً تلك اللحظات. وتابع "إن عدنا أدراجنا، إلى ماذا نعود؟ هل كي أنظر في عينيك وأنت تموت، أو في عيني من يموت أولاً؟"، أحد أولئك الشبان الثلاثة قرر العودة أدراجه إلى هيكل الطائرة مستخدماً مزلجة مرتجلة، فيما تابع الشابان الآخران رحلتهما. مشيا في الجبال لأكثر من 37 ميلاً (60 كلم) في 10 أيام وبظل ظروف مناخية لا تحتمل، أما محفزهم الوحيد فكان علامات حياة بشرية صادفوها: قطيع أبقار، ثم بقايا موقع تخييم.

وفي نهاية المطاف صادفا ثلاثة رجال عند أقصى الجانب البعيد للنهر. لكن بسبب ضجيج المياه كان عليهما التواصل مع أولئك الرجال عبر كتابة رسائل على ورق وربطها بالحجارة وتقاذفها من جهة إلى أخرى. وما إن فهم الرجال الثلاثة الوضع، قذفوا نحوهما رغيف خبز فوق المياه وانطلقوا لطلب النجدة من أقرب مركز شرطة يقع على بعد رحلة 10 ساعات على ظهر بغل. وفي الأثناء نقل كل من بارادو وكانيسا بواسطة الأحصنة إلى لوس مايتينيس، حيث جرى إطعامهما ريثما تقوم الشرطة بإيصال خبر وجود الناجين إلى جيش تشيلي في سان فيرناندو.

وبعد إخطار الجيش وصلت طائرتا هليكوبتر تحمل فرق الإنقاذ الذين انطلقوا في عمليات البحث للعثور على هيكل الطائرة، وقد رافقهم بارادو مؤدياً دور الدليل. وعن هذه المرحلة الأخيرة من الكارثة، وفي حديث أجرته معه الـ"بي بي سي" في الآونة الأخيرة قال كارليتو بايس، أصغر الناجين، إن اللحظة التي رأى فيها طائرتي الهليكوبتر تقتربان "ما زالت اللحظة الأعظم في حياتي".

ووصلت طائرتا هليكوبتر إلى موقع الحطام في الـ22 من ديسمبر (كانون الأول)، أي بعد 72 يوماً من حادثة سقوط الطائرة. ونظراً إلى وعورة المنطقة أمكن يومها إنقاذ نصف الناجين فقط. وقد تطوع أربعة منقذين للبقاء مع الناجين السبعة الآخرين لليلة إضافية. وفي اليوم التالي قرابة الفجر أنقذ السبعة الباقون ونقلوا بالطوافة. وقد أحضر الناجون إلى المستشفى في سانتياغو حيث جرت معالجتهم من دوار المرتفعات، والجفاف، ولسعات الصقيع، وكسور العظام، وداء الإسقربوط، وسوء التغذية. بارادو من جهته فقد 45 كيلوغراماً من وزنه الذي كان يبلغ الـ100 كلغ. كذلك بلغ وزن كانيسا حين أنقذوه، 44 كيلوغراماً.

عديد من الناجين أسهموا في فيلم بايانا الجديد، فقد أجريت مقابلات معهم جميعاً، إضافة إلى مقابلات مع عائلات الذين قتلوا في الحادثة. وعلى رغم أن استعادة كارثة الأنديز اليوم لا تمثل الاستعادة الأولى، فإنها تشكل المرة الأولى التي تقدم فيها القصة باللغة الإسبانية - وذاك يعني، وفق قناعة بايونا، فإن تأمين التمويل للفيلم تطلب أكثر من 10 سنوات. كذلك حرص بايونا على الاستعانة بممثلين شبان من الأوروغواي والأرجنتين، وأيضاً على تصوير جزء من الفيلم في منطقة جبال الأنديز.

"عندما جلست مع الناجين وتحدثت معهم عن صنع فيلم يروي قصتهم، تفاجأت بإحساس يوحي أنهم في حاجة أكثر مني في الحقيقة إلى فيلم كهذا"، قال بايونا لـ"فايننشال تايمز" ضمن حديث أجري معه في الآونة الأخيرة. ويظهر بايس على الشاشة لبضع دقائق بدور والده. وقد قال إن مشاهدة الفيلم جعلته "يشم رائحة تلك التجربة من جديد". أما بارادو فامتدح الفيلم معتبراً إياه "عملاً سينمائياً رائعاً" ومضى بعيداً في إعجابه إذ قال لبايونا: "بعد أن يشاهد الناس فيلمك هذا، سيفهمون تماماً ما مررنا به". من غير المتوقع طبعاً أن يكون "مجتمع الثلج" آخر عمل يتناول كارثة الأنديز - فغنى القصة لا يسمح لهوليوود بتركها بسلام - لكنه يكون عملاً يستحق المشاهدة عندما يسرد بتعاطف ومحبة.

"مجتمع الثلج" يعرض الآن على "نتفليكس"

مراسلة @annabelnugent 

© The Independent

 

الـ The Independent  في

12.01.2024

 
 
 
 
 

فيلم محترم نفتقد مثله

سلطان فادن

هناك أفلام حقب زمنية سابقة يكون لها محتوى ذو إسقاطات على زمننا الحاضر. وهناك أفلام حقب زمنية تعرض لنا ما نفتقده في زمننا الحاضر.

فيلم «The Holdovers» قبل مشاهدته وحتى عند بداية الفيلم، يعطي انطباعًا أنه فيلم تقليدي مكرر عن فترة السبعينيات عن مدرس ومجموعة من الطلاب فترة إجازة الكريسماس. ولكن المفاجأة من بعد الربع الأول من الفيلم تقريبًا، ندرك أنه فيلم مختلف. حيث تطور الفيلم يكون في التدرج التقريبي لشخصيات الفيلم، وفي نقاط تقاطعهم، وإكمال مسيرتهم.

هو فيلم من نوعية الدراما الـ«حامض حلو» ولا أصنفه ضمن الأفلام الكوميدية. فحضور الكوميديا قليل وطبيعي، وليس مفروضًا ومصطنعًا. ليس به دراما عميقة، لكنه تطور درامي عفوي مع تأثيرات الخلفيات السابقة للشخصيات في تشكيل شخصية الفيلم.

لا يمكن إغفال تأثير المخرج ألكسندر باين ونهجه في هجاء المجتمع الأميركي، وبالتحديد هنا في فترة بداية السبعينيات، وكأنه يعكس للمشاهد هذه الفترة كبداية تقهقر وتشتت المجتمع. لذلك جاء الفيلم خاليًا على الأقل من الأجندات الهوليودية القذرة أخلاقيًا وهي «الموضة».

ممثلو الشخصيات الثلاث جميعهم ممتازون في هذا الفيلم، وليس بول جياماتي فقط. وإن حصل وفاز بجائزة الأوسكار، فسيستحقه على الأقل بسبب «حول» عينيه. الفيلم لاقى إقبالًا عاليًا من الجمهور والنقاد على «روتن توميتو»، وأنا أعطيه تقييم «8.5/10».

مقولة الفيلم لشخصية بول هنهام «جياماتي»: أجد العالم مكانًا مريرًا ومعقدًا. ويبدو أن العالم يشعر بنفس الطريقة تجاهي. أنا وأنت لدينا هذا الأمر المشترك، على ما أعتقد.

 

موقع "سوليوود" في

14.01.2024

 
 
 
 
 
 
 

هل فوز "أوبنهايمر" في غولدن غلوب مؤشر إلى عودة الأفلام الذكورية لهوليوود؟

هيمن فيلم السيرة الذاتية للمخرج كريستوفر نولان على جوائز المهرجان ليكون بذلك منافساً رئيساً عام 2024. العمل الذي تبلغ مدته 3 ساعات هو في جوهره "فيلم مخصص للرجال" وتجسيد لكل الأشياء التي تحاول مسابقة الأوسكار التخلي عنها لسنوات

لويس تشيلتون 

يبرز فيلم "أوبنهايمر" باعتباره المرشح الأوفر حظاً في موسم الجوائز لهذا العام. بعد فوزه المذهل بخمس جوائز "غولدن غلوب" الأسبوع الماضي، عززت دراما كريستوفر نولان القوية التي استمرت ثلاث ساعات تقدمها نحو جوائز هذا العام ضد منافسين من أمثال فيلم السيرة الذاتية "مايسترو" Maestro عن الموسيقي ليونارد بيرنستاين والكوميديا النابضة بالحياة المستوحاة من دمية "باربي" Barbie. إذا كان عام 2024 هو عام "أوبنهايمر"، فسيكون ذلك بمثابة انتصار مستحق بسبب عمقه وذكائه وإبداع صنعه، فهو أجود ما قدمه نولان في مسيرته المهنية وكذلك بطله كيليان ميرفي الذي يقوم بدور مبتكر القنبلة الذرية جيه روبرت أوبنهايمر. ومع ذلك هناك شعور غريب بالرجعية والعودة للوراء يرافق فوز "أوبنهايمر".

 هناك من يجادل بأن "أوبنهايمر" هو فيلم موجه للرجال. ربما تعززت هذه الفكرة بسبب المقارنة الغريبة والمنتشرة على نطاق واسع مع فيلم "باربي" ذي البطولة النسائية، مما عرض فيلم نولان لتدقيق مكثف بمجهر الجندرية. وعلى رغم أن ادعاء كون فيلم نولان "عملاً للرجال" قد يكون تبسيطياً، إلا أنه يبدو أن هناك بعض الحقيقة في هذا المنظور.

يقدم "أوبنهايمر" عدداً قليلاً من الشخصيات النسائية وبالكاد يتم تسليط الضوء عليها: على سبيل المثال، لا تظهر كيتي أوبنهايمر التي تجسدها إميلي بلانت كشخصية مكتملة الأبعاد أبداً، بينما لا يُستغل ظهور فلورنس بيو على الشاشة كما يجب في دور جين تاتلوك "امرأة أوبنهايمر الأخرى". في المقابل، فإن قائمة الشخصيات الذكورية المهمة عميقة ولامعة. يحتل ميرفي موقع الصدارة في فريق تمثيلي يضم روبرت داوني جونيور ومات ديمون وجوش هارتنت وكيسي أفليك وجيسون كلارك وديفيد كرامهولتز ورامي مالك وماثيو مودين وغاري أولدمان وكينيث براناه.

مواضيع "أوبنهايمر" التي تتمحور حول صنع القنابل الذرية والجوانب المظلمة للحرب، تعتبر أيضاً مواضيع موجهة تقليدياً للذكور. هذا المزيج من طاقم الممثلين الذي يغلب عليه الذكور وتركيز الفيلم على الحرب والأسلحة يعزز تصنيفه على أنه "فيلم ذكوري" نموذجي، وهو نوع يجذب تقليدياً الجماهير الذكور الأكبر سناً.

تاريخياً، كثيراً ما كانت الأفلام المشابهة لـ "أوبنهايمر"- الضخمة من حيث الإنتاج والجادة في اللهجة والتي تركز على مواضيع ذكورية تقليدياً- مرشحة رئيسة للفوز بالجوائز. وفي سبعينيات القرن الـ20، كان هذا الاتجاه واضحاً، مع فوز إنتاجات مثل "باتون" Patton و"الرابط الفرنسي" The French Connection و"العراب" The Godfather و"اللدغة" The Sting و"العراب الجزء الثالث" و"الطيران فوق عش الوقواق" One Flew Over the Cucko’s Nest و"روكي" Rocky بأرقى الجوائز على مدى سبعة أعوام متتالية.

لكن هذا النهج، لم يعد معمولاً به بالطريقة نفسها. خلال السنوات الأخيرة، شهدنا تغييراً في تركيبة الفائزين بجوائز الأوسكار، وهو تغيير يعود لتوسع وتنوع قاعدة المصوتين في الأكاديمية. تشمل مجموعة التطورات المهمة: فوز أول فيلم ناطق بلغة أجنبية بجائزة أفضل فيلم (Parasite "طفيلي" الكوري الجنوبي) وحصول أول امرأة آسيوية على جائزة أفضل مخرج (كلوي جاو عن فيلم "أرض الرُّحَّل" Nomadland) وفوز أول ممثل أصم بجائزة (تروي كوتسور عن فيلم "كودا" CODA).

يتزايد التصور بأن جوائز الأوسكار، على رغم محدوديتها كمقياس نهائي لأفضل الأفلام لهذا العام، تحتضن تدريجاً مجموعة أوسع وأكثر حداثة من الأفلام. إذا فاز فيلم "أوبنهايمر" بجائزة أفضل فيلم، فسيكون ذلك بمثابة خروج عن الاتجاه الحالي المتمثل في تكريم مزيد من الأفلام غير المتوقعة مثل "أرض الرُّحَّل" و"طفيلي" و "كل شيء، في كل مكان، دفعة واحدة" Everything Everywhere All at Once.

هناك أيضاً شيء من التضخيم في اقتراح أن "أوبنهايمر" يمثل نوعاً من الأفلام التي تشبه في أسلوبها مسلسل "إنتوراج" Entourage الذي يتناول قصص الصداقة والحياة الاجتماعية بين الرجال بصورة فضفاضة. وعلى رغم كل الانتقادات الموجهة إلى دور بلانت في الفيلم (وُصفت في إحدى التغريدات التي لا تنسى بـ "كأس مارتيني حية") إلا أن هناك قيمة وتعقيداً في أدائها. قرب نهاية الفيلم، في أحد المشاهد الكثيرة التي تم تصويرها خلال جلسة الاستماع الأمنية التي خضع لها أوبنهايمر عام 1954، تُمنح بلانت فرصة للتألق، وقد استغلتها بصورة جيدة جداً.

تبدو مواجهتها الحاسمة والمفاجئة لمحققي الحكومة، غير متوقعة وفاعلة وتصبح في النهاية واحدة من أكثر تسلسلات المشاهد تأثيراً ورسوخاً في الذاكرة. في حين أن هناك مشكلات حقيقية ومشروعة للغاية في ما يتعلق بسياسة "أوبنهايمر" المتعلقة بالجندرية، إلا أن هناك مبالغة بالتأكيد في الانتقادات الموجهة لشخصية كيتي أوبنهايمر.

عند أخذ كل هذه الأمور في الاعتبار، سيكون من السخافة أن يعيب أحد على "أوبنهايمر" نجاحه. يعد الابتعاد الذي شهدته الفترة الأخيرة من الأنماط التي يهيمن عليها الذكور في الصناعة تصحيحاً ضرورياً للتحيز الجنسي الذي ساد الصناعة لقرن من الزمن، لكن يجب أن يكون هناك دائماً مكان لأفضل الأفلام التي تركز على الرجال. بالنظر إلى جميع معايير صناعة السينما التقليدية تقريباً، من الكتابة والتمثيل، ومروراً بالتحرير والإخراج وتصميم الصوت والتصوير السينمائي يعد "أوبنهايمر" إنجازاً متفوقاً.  وعلى رغم وجود أفلام رائعة أخرى هذا العام التي لا تناسب القالب الرجولي، مثل دراما المحاكم المكثفة "تشريح سقطة" Anatomy of a Fall للمخرجة جاستين تريت، لكن لم يتفوق أي منها بصورة قاطعة على عمل نولان.

في حال اكتسح "أوبنهايمر" موسم الجوائز، فإن رؤية ذلك قد لا تكون شيئاً مثالياً في ظاهرها، لكن من الصعب الجدال ضد تفوقه. كذلك سيكون انتصاراً لعمل حقق شعبية كبيرة، إذ وصل إلى المرتبة الثالثة في قائمة أكثر الأفلام رواجاً عام 2023 وكسب أكثر من مليار دولار، في حين يرى كثيرون نولان من أبرز صناع الأفلام الناجحة في جيله وشخصاً جديراً بتقدير النقاد المتأخر كثيراً.  لكن هل من الممكن اعتباره عودة متوقعة للنهج التقليدي المتمثل في الأفلام الذكورية؟ ربما، لكنه حتى في هذه الحالة ما زال عملاً يستحق الفوز.

© The Independent

 

الـ The Independent  في

15.01.2024

 
 
 
 
 

«أوبنهايمر» يتصدر حفل اختيار النقاد بـ 8 جوائز و«باربي» يحصد 6 –

قائمة الفائزين بالتتابع عبر صفحتنا

سانتا مونيكا (أمريكا) ـ «سينماتوغراف»

كان فيلم "أوبنهايمر" هو الفائز الأكبر في حفل توزيع جوائز اختيار النقاد لعام 2024، حيث حصل على ثماني جوائز بما في ذلك أفضل فيلم ومخرج (كريستوفر نولان) وممثل مساعد (روبرت داوني جونيور).

وجاء فيلم "Barbie" في المركز الثاني بستة انتصارات، بما في ذلك أفضل فيلم كوميدي وأفضل أغنية ("I'm Just Ken").

أحدث الحفل هزة في سباق الجوائز، حيث تم تسليم جائزة أفضل ممثلة إلى إيما ستون عن فيلم "Poor Things" وأفضل ممثل إلى بول جياماتي عن فيلم "The Holdovers".

وكان هناك عدد أقل من المفاجآت على الجانب التلفزيوني، حيث فازت مسلسلات "The Bear" و"Succession" و"Beef" بجوائز كبيرة، حيث حصل كل منها على العديد من جوائز التمثيل وفازت بجائزة أفضل مسلسل كوميدي ومسلسل درامي ومسلسل محدود على التوالي.

وحصل كل من "The Bear" و"Beef" على أربع جوائز، وحصل "Succession" على ثلاث جوائز.

استضافت الممثلة الأميركية تشيلسي هاندلر حفل ليلة أمس الأحد، الذي تم بثه مباشرة على قناة CW وعقد في باركر هانجار في سانتا مونيكا.

شاهد قائمة الأفلام والنجوم الفائزين بجوائز اختيار النقاد أدناه، بالتتابع عبر صفحتنا على الفيسبوك.

 

####

 

الفيلم التونسي «بنات ألفة» يفوز بجائزة فيبريسي في «بالم سبرينغز السينمائي»

بالم سبرينغز ـ «سينماتوغراف»

أعلن مهرجان بالم سبرينغز السينمائي الدولي الخامس والثلاثون، الذي أقيمت فعالياته خلال الفترة من 4 إلى 15 يناير الجاري، عن الفائزين بجوائز لجنة التحكيم المتميزة لهذا العام.

وحصل الفيلم التونسي (بنات ألفة، Four Daughters) على جائزة FIPRESCI المرموقة، من إخراج كوثر بن هنية، وهو يمثل التقديم الرسمي لتونس لجوائز الأوسكار.

وقالت لجنة التحكيم في بيان لها: “أثناء البحث في تفاصيل التفكك المأساوي لعائلة تونسية، تخرج المخرجة كوثر بن هنية بسرد قوي للتعقيد البشري. هذا المزيج المذهل من الحقيقة والخيال يقدم حجة مقنعة لاستمرار حيوية السينما كشكل من أشكال الفن".

حصل فيلم بنات ألفة مؤخرًا على جائزة أفضل فيلم وثائقي في حفل توزيع جوائز جوثام السنوي الثالث والثلاثين، وهو اعتراف دولي كبير بالسينما المستقلة.

الفيلم عبارة عن استكشاف طموح للتمرد والذاكرة والأخوة، ويعيد بناء القصة المعقدة لألفة الحمروني وبناتها في تونس، ويجمع بين مقابلات حميمة وإعادة تمثيل واعترافات للتعمق في تعقيدات تاريخ العائلة الذي يتسم بالتطرف والاختفاء.

وهذه هي المرة الثالثة التي تمثل فيها بن هنية تونس في حفل توزيع جوائز الأوسكار، وتشمل أعمالها السابقة فيلم The Man Who Sold His Skin لعام 2020 وفيلم Beauty and the Dogs لعام 2017.

 

موقع "سينماتوغراف" في

15.01.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004