ملفات خاصة

 
 
 

«أوبنهايمر» فيلم 2023.. والواقع الذي نافسه!

يحيى وجدي

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 96)

   
 
 
 
 
 
 

لم يكن يدور بخلد المخرج البريطاني الأشهر، كريستوفر نولان، أن يتحول الحدث الأبرز في فيلمه «أوبنهايمر»، وهو محرقة هيروشيما، إلى واقع على الأرض في غزة.

«أوبنهايمر» الذي بدأ عرضه في أغسطس الماضي في دور السينما حول العالم، وبات على قائمة النقاد وكل المهتمين بالسينما لأوسكار 2024، ما زالت تتردد أصداؤه لدى الجمهور وهو يشاهد جريمة إبادة كبرى في فلسطين، تدعمها الولايات المتحدة الأميركية، صاحبة الجريمة الأقدم باختراع القنبلة الذرية وإلقائها على المدينة اليابانية هيروشيما.

لقد جسد كريستوفر نولان هذه المحرقة الأميركية في فيلمه على شريط سينمائي تجاوز الساعات الثلاث، و«المحرقة» هنا ليست مجازًا كاملًا، فقد كانت مفردة النار وكل ما يتصل بها هي التيمة الأساسية في كل ثنايا الفيلم، بداية من اسم الكتاب الذي أخذ عنه السيناريو «برومثيوس الأميركي»، وبرومثيوس هو الذي قدم – بحسب الأسطورة – النار للبشرية وعوقب عقابًا أبديًا على ما اقترفه. كذلك، فإن نولان في أوبنهايمر جعل من النار.. النار الهائلة المعادل السينمائي للقنبلة الذرية، حيث لم يشاهدها الجمهور تسقط على المدينة اليابانية ولم يرَ ضحاياها كما توقع «وكان ذلك من الانتقادات القوية التي وجهت للفيلم من جانب الجمهور»، ولكنه شاهد النيران تنطلق على الشاشة وشعر بها في أرجاء صالة العرض، بدون صوت.. النار فقط في مشاهد تجربة القنبلة الأميركية في صحراء ومختبر لوس آلموس، الذي شُيد من أجل إنتاج السلاح الرهيب الذي غيّر وجه العالم.

وجّه كريستوفر نولان نقدًا عنيفًا في «أوبنهايمر» للولايات المتحدة الأميركية ولجرائمها العسكرية، ووضع أصبعه وأصابع الجمهور على الروح والعقلية التي تتحكم بها حينما يُمس طرفها وتُهدد صورتها، فينفلت عقالها في الانتقام دون تقدير للعواقب أو الضحايا، ويستوي في ذلك، الرئيس والقادة العسكريون حتى العلماء والباحثين.

ذلك النقد السينمائي والفني، أنجحه قدرة كريستوفر نولان على استخدام كل العناصر السينمائية التي يُتقنها، في التصوير والإضاءة والصوت وتقنياته، والأهم المونتاج المُدقِق الذي مكّنه من تقديم هذه السردية المتقاطعة، والانتقال بين المشاهد الملونة والأبيض والأسود، دون أن يفقد المشاهد خيط القصة.

وقبل كل هذا، تميز نولان في «الكاستنج» أو اختيار فريق العمل، فراهن رهانًا ناجحًا على كيليان مورفي لتقديم دور البطولة وتجسيد شخصية أوبنهايمر، الذي كان نحيفًا ومدخنًا شرهًا، ويمتلك عينين قويتين ونظرة قوية لافتة، بينما وضع نولان في كل الأدوار الأخرى ممثلين كبارًا أكثر شهرة وخبرة من مورفي، مثل: روبرت داوني جونيور، أحد أبرز نجوم مارفل، الذي قدم في الفيلم دور السياسي الأميركي ستراوس؛ والنجم مات ديمون في دور الجنرال ليزلي جروفز المشرف على مشروع مانهاتن العسكري، وغيرهم من النجوم في أدوار ظهروا بها على الشاشة لدقائق قليلة، لكنها وضعتهم مع الفيلم في مقدمة ترشيحات الأوسكار القادم بامتياز.

 

موقع "سوليوود" في

20.12.2023

 
 
 
 
 

Oppenheimer: القواعد لا تطبق على النجوم

محمد سيد ريان

عادة مايكون الانطباع السائد على الأفلام التي تتميز بطول المدة الزمنية، وخاصة لو كانت من نوع السير الذاتية والتاريخية، بأنها حشو زائد أو تسبب الملل؛ ولكن هذا الفيلم يفلت من هذه القاعدة الجامدة ليعبر عن متعة تزداد تألقًا خلال ثلاث ساعات من العرض المتواصل.

بالتأكيد لايجعلك الفيلم ترى أوبنهايمر عبقريًا فذًا في مجال الفيزياء فقط، أو شخصًا مدمرًا في المطلق باعتباره أبو القنبلة الذرية، لكنك تراه شخصًا عاديًا له زلاته العظمى على المستوى الشخصي والعام.

استخدام طريقة الفلاش باك بدت طريقة ثابتة طوال الفيلم وفق رؤية المؤلفوالمخرج كريستوفر نولان، بحيث يكمل الماضي الحاضر ويحل ألغازه. ومن الذكاء الإخراجي أيضًااستغلال الطبيعة الغريبة والمركبة لشخصية أوبنهايمر، فمن شخص يعشق العلم ويرى الفيزياء طريقة جديدة لفهم الواقع ويحقق إنجازات مهمة نراه في المقابل شخصًا أنانيًا لايفكر حتى في أقرب الناس إليه، ومنهم ابنه الصغير الذي يكلف شخصًا غيره وغير أمه لرعايته، وكذلك تخليه عن حبيبته «جين تاتلوك» بسبب انتماءاتها الفكرية التي تتعارض مع طموحه في مشروعه، وهو شخص لايرى إلا مصلحته المباشرة عند قياس الأمور، فنجده يسعى لتسميم أستاذه لأنه منعه من حضور محاضرة! وعلى جانب آخر، يبدو رحيمًا ومساعدًا للثورة الاجتماعية في إسبانيا، وعلى قدر كبير من الود والمحبة لأخيه الأصغر، ويستمتع بالفنون والموسيقى.

يبدو المشهد الذي تلتقي فيه عينا أوبنهايمر مع لوحة بيكاسو رغم الثواني القليلة له مثاليًاواختيارًا ذكيًا من صناع الفيلم، فاللوحة التي نظر إليها بتمعن كانت لوحة «ماري تيريز والتر» التي رسمها بيكاسو لحبيبته في فترة مضطربة من حياته، والتي قامت فيما بعد بالانتحار، وهو الشيء الذي حدث مع حبيبة أوبنهايمر نفسه في الفيلم.

يقدم الفيلم معلومات ثقافية وعلمية كبيرة للمشاهدين، لو اعتمدوا على أنفسهم لربما احتاجوا من أجله للرجوع لعشرات المراجع عن الشخصية والحرب العالمية الثانية ودول الحلفاء والمحور وأدوار دول أخرى في الصراع كاليابان، وكذلك نجد أنفسنا أمام أشهر العلماء أمثال: أينشتاين وزيلارد وهايزنبيرغ، كما نسمع عن أوتو هان وفريتز ستراسمان وتجاربهم المهمة بالانشطار النووي، بالإضافة إلى مجموعة العلماء الكبيرة في مشروع مانهاتن الذي سيكلف باختراع القنبلة الذرية.

رغم كل النواحي الإنسانية بالفيلم لايبدو التبرير نافعًا لأوبنهايمر، فحتى ماذكره الفيلم من أن قرار إلقاء القنبلة على هيروشيما كان من اختصاص السياسيين والعسكريين وليس العلماء،كماتبدو فكرة تراجعه الشكلي عن دعم المشروع الأميركي للتسليح النووي في فترته الأخيرة أشبه ماتكون بتحسين السمعة كما فعل نوبل عنداختراع الديناميت، ثم صاغ فكرة جائزته الشهيرة وقد أشار أحد حوارات الفيلم إلى ذلك.

ويبدو الطموح الكبير لأوبنهايمر، الذي أداه بثقة كبيرة الممثل الأيرلندي «كيليان مورفي» الذي تظهر لمساته خلال العمل وكذلك خلفيته كمؤلف، فنجده يسعى بكل جهوده لاستكمال مشروع مانهاتن مهما كانت العقبات، فحتى بعد انتحار هتلر وسقوط ألمانيا السبب الرئيسي للسعي لإنتاج القنبلة الذرية نجده يطرح حلًا بوجود اليابانيين كعدو بديل، فقد كان سعيه للمجد الشخصي أقوى من أي مقاومة، وخصوصًا بعد قيامه بالتسويق لفكرته ببراعة في الأوساط الأميركية،ورغم كل التحذيرات أغمض عينيه وبصره وبصيرته عن العواقب التي حدثت بالفعل وأكثر.بالتأكيد يفتح الفيلم هذا الموضوع بطريقة أكثر نضجًا عن إمكانية تأثير الدوافع الشخصية في القرارات العالمية المصيرية.

تبدو إشارة الفيلم في مقدمته عن أننا بصدد «بروميثيوس» جديد – الذي سرق النار من الآلهة وأعطاها للبشر فقيدوه بالصخرة حسب الأسطورة الإغريقية– غير موفقة،ففي رأيي أن الأقرب لما حدث هي «باندورا»، وهي أيضًا أسطورة إغريقية تتحدث عن الصندوق الذي تنتشربفتحه كل الحروب والأوبئة والأمراض والشرور الكثيرة، وهذا بالضبط ماحدث بعد اختراع القنبلة الذرية.

بالتأكيد لايوجد خلاف على جودة الفيلم من الناحية الفنية أو الإمكانيات المستخدمة أو المؤثرات البصرية الرائعة، وخصوصًامشهد اللحظة الحاسمة عند تجربة تفجير القنبلة.

ربما يطرح الكثيرون أفكارًا جاهزة عند المشاهدة بما معناه «انقلب السحر على الساحر» أو خلافه، ولكن الموضوع كما تم طرحه ليس بهذه النظرة السطحية، فالفيلم قابل لرؤى وتأويلات عديدة ربما لاتقل تركيبًا وتعقيدًا عن دراسة الفيزياء وتفاعلات النجوم في حدها الأقصى، أو حتى بقراءة شخصية أوبنهايمر في حدها الأدنى، والتي لاتخضع لأي قواعد أو أفكار مسبقة.

 

موقع "سوليوود" في

22.12.2023

 
 
 
 
 

«سكورسيزي» يفضح «قتلة زهرة القمر» على إيقاع فن الراديو

علاء أبوزيد

يقدِّم سكورسيزي «قتلة زهرة القمر» عائدًا للوراء مرتين، إحداهما في زمن العشرينيات من القرن الماضي، والأخرى إلى الراديو وقت أن كان الراديو وسيلة الاتصال الشعبية في المجتمع الأميركي.

فيلم «قتلة زهرة القمر» هو أحدث أفلام مارتن سكورسيزي، هو فيلم ويسترن وجريمة ملحمي أميركي قام سكورسيزي بكتابة نص الفيلم مع إريك روث استنادًا إلى كتاب واقعي يحمل نفس الاسم ألَّفه الصحفي ديفيد غران. قصته تدور حول تتبع سلسلة من جرائم القتل تحل على قبيلة الأوساج في ولاية أوكلاهوما خلال عشرينيات القرن العشرين وذلك بعد اكتشاف النفط على أرضهم.

الفيلم بمنزلة ملحمة تجسد قصة الصراع بين الأعراق، وخاصة بين عرق الهنود الحمر في مواجهة العرق الأبيض الدخيل. والفيلم يبرز دور عائلة من الهنود الحمر من الأوساج يتساقط أفرادها تباعًا في سلسلة جرائم لا يعرف فاعلها، ووسط هذا الغموض يتزوج آرنست الذي يقوم بدوره دي كابريو من مولي التي تقوم بدورها ليلي غلادستون، ومولي هذه سليلة عائلة هندية أصلية وثرية.

الزوج يحب زوجته بصدق، لكن عم الزوج يقوم بدوره دي نيرو، يفسد هذه العلاقة باستغلال ذلك الزواج لصالحه من خلال الفتك بعائلة مولي تباعًا بمن فيهم مولي نفسها بعد أن يوهمها بالعلاج من السكري بعقار الأنسولين الذي في حقيقته سم قاتل، وكاد أن يقتلها. هذا العمل يمثل التعاون السابع بين سكورسيزي ودي كابريو، والتعاون الحادي عشر بين سكورسيزي ودي نيرو.

على مدى ثلاث ساعات ونصف من السرد السينمائي نعيش مع رائعة سكورسيزي الأخيرة «قتلة زهرة القمر». وهي العمل السينمائي الذي يجبرك بعد مشاهدته على طرح عدة أسئلة تحتاج إلى إجابات قاطعة، ومع ذلك لن تجد الإجابات القاطعة عن هذه الأسئلة.

لماذا ثلاث ساعات ونصف؟ ولماذا تكرار الحدث الواحد؟ ولماذا الاستعانة بالراديو في وضع خاتمة الفيلم بهذا الهدوء المفاجئ؟

رغبة سكورسيزي في صنع فيلم ملحمي عن مأساة قبيلة الأوساج، هو الذي يحتم إطالة زمن الفيلم إلى هذا الحد، ثم تكرار سرد الأحداث بطريقتين بحيث يحكي الحدث في المرة الأولى، ثم يستعيده مرة أخرى تمثيلًا، كان سببًا أيضًا في الإطالة.

لكن تبقى المفاجأة مع نهاية الفيلم حيث سكورسيزي يقف في استوديو لمحطة إذاعية يتلو بقايا الأحداث مع مؤثرات صوتية تنسجم مع تداعيات الأحداث، وهي الخاتمة التي تتركك تفكر في السبب الذي يجعل سكورسيزي يلجأ إلى فن الراديو بدلًا من أن يلجأ إلى ما تقوم عليه أفلام أخرى مع نهاية حكايات مستوحاة من الواقع، فيتم السرد على الشاشة بما آلت إليه الأحداث والشخصيات قبل أن يسدل الستار بتتر الختام.

هذا الشكل من النهايات يجعلك تتساءل: لماذا لم يبدع سكورسيزي طريقة جديدة تنتمي إلى الفن نفسه.. فن السينما؟.

 

####

 

«فينشر» مخرج الجريمة الأول

عبدالمحسن المطيري

مع فيلمه الحالي بنفس وروح الجريمة The Killer، والذي يعرض في السينما، يستمر ديفيد فينشر في تقديم أفلام الجريمة بأشكال متنوعة ومتعددة في إطار ممتع وغير منسوخ، وذلك بشكل مستمر ومنهجي طوال ثلاثة عقود مضت. وبلا شك يعتبر فينشر المخرج الأول في عالم الجريمة في السينما الحديثة، فمن بعد كلاسيكيات غموض هيتشكوك لم يتقدم في الوسط السينمائي مخرج متخصص في عالم الجريمة ويقترب بشدة من عقلية المجرمين سوى مارتن سكورسيزي والإخوة كوين وديفيد فينشر، وبشكل محدود غوس فانسنت، ومايكل هينيكه.

ولكن ما يميز فينشر هو قدرته على جلب الجريمة في عالم بعيد عن المافيا كما هي حالة سكورسيزي، أو بعيدًا عن الكوميديا السوداء كما هي حالة الكوين، وبشكل أو بآخر كوينتن توانتينو. فأفلام فينشر تدخل في عقل المجرم وتفكك فلسفته الخاصة في الجريمة، وتتميز الجريمة في عالم فينشر باقترابها الشديد والخطر من مبدأ الجريمة والعقاب والنظرة ربما الناعمة والمحايدة، أو على الأقل الموازية للضحية تجاه المجرمين. تعرّف الجمهور على فينشر من خلال إكمال مسيرة ريدلي سكوت في سلسلته المرعبة الشهيرة «Alien» في عام 1992.

بدأ فينشر خطه مع سينما الجريمة من خلال تحفته في حقبة التسعينيات الذهبية «se7en» التي كان نموذجًا غير عادي في نمط السينما الحكواتية المعتادة في شخصيات القاتل المتسلسل، بالإضافة إلى تقديمه مبدأ الخير والشر بشيء من خلط الأوراق الفكرية باعتماده فكرة التبرير وردة الفعل، وخلاف ذلك من الأفكار التي حسمت القول بأهمية هذا الفيلم في السينما الحديثة كواحد من أكثر أفلام الجريمة عمقًا. استمر فينشر بالاقتراب من الجريمة بشيء من التجارية والفكرة قليلة الدسم، ولكن ممتعة مع فيلمه «The Game».

في نادي القتال «Fight Club» كان فينشر يميل أكثر لجريمة الفكرة والأفكار أكثر من الجريمة التنفيذية المباشرة التي شاهدناها في أفلام سابقة ولاحقة له، ولكن بعد هذا الفيلم بسنوات قدم فينشر رائعة المكان الواحد في فيلمه مع جودي فوستر «Panic Room» الذي كانت الجريمة حاضرة فيه بعدة أشكال من بينها السرقة ومحاولة القتل والاقتحام وغيرها من نماذج الجرائم المتعددة التي يجيدها فينشر مع صياغة فنية إبداعية محكمة في التنفيذ الفني للفيلم.

يعود فينشر في عام 2007 ويقترب من فيلمه «سفن» من خلال فيلم آخر بعنوان «Zodiac» الذي يحكي فيه أشهر جرائم القتل في تاريخ الولايات المتحدة غير المكتشفة، ثم يعود أيضًا بعد خمس سنوات ليصنع فيلمًا بثيمة الجريمة المحكمة في فيلمه «The Girl with the Dragon Tattoo» قبل أن يقدم أفضل أفلامه – في رأيي – من ناحية السيناريو والنص والشخصيات بعد فيلمه «سفن» وهو فيلم «Gone Girl» الذي قدم فيه بُعدًا سيكولوجيًا عميقًا لتعقيد مؤسسة الزواج ضمن الإطار الاجتماعي والإعلامي وتداخل القانون ومنفذيه على الخط، في واحد من أهم الأفلام التي تناولت الجريمة بتخطيط مسبق في السنوات الأخيرة.

 

موقع "سوليوود" في

24.12.2023

 
 
 
 
 

«Maestro».. عندما يبدع برادلي كوبر خلف وأمام الكاميرا

طارق البحار

على الرغم من أن النجم برادلي كوبر لم يفز بعد بجائزة الأوسكار رغم ترشيحه لـ9 جوائز أوسكار، بما في ذلك 4 مرات كممثل، وكان آخر ترشيح لكوبر للتمثيل عن فيلم A Star Is Born، وهو فيلم جعله أيضًا أحد أكثر صانعي الأفلام الجدد إثارة في أميركا، حيث شارك في كتابته وإنتاجه وإخراجه أيضًا.

فيلم نتفليكس «Maestro» هو متابعة كوبر لفيلمه A Star Is Born، والسيرة الذاتية للملحن الأسطوري «ليونارد برنشتاين»، وتحمل جميع السمات المميزة لمنافس قوي في موسم الجوائز.

بدلًا من أن يكون حول برنشتاين فقط، يدور Maestro حول زواجه المعقد من الممثلة فيليسيا مونتياليجري «كاري موليجان»، التي التقى بها لأول مرة في عام 1946، وتزوج منها حتى عام 1978، وطوال زواجهما كان لدى برنشتاين العديد من الشؤون.

بينما تصر مونتياليجري على أنها قادرة على التعامل مع هذه المضايقات، فإنها تبدأ في النهاية في الكدح العاطفي والعقلي عليها، وكذلك على أطفالها الثلاثة، وطوال الوقت تواصل Montealegre لعب دور أساسي في مهنة Bernstein المزدهرة، حيث أصبحت أحد أهم قادة الأوركسترا في عصرها.

هناك لحظات ملهمة منتشرة في جميع أنحاء الفيلم، ويثبت كوبر مرة أخرى أنه مخرج موهوب للغاية ولديه فهم فطري لمكان وضع الكاميرا ومتى يتم تحريكها، وإنه يعرف كيفية إنشاء صور مذهلة تلخص الدراما، وكذلك كيفية استخدام العناصر اليومية التي تبدو عادية لتعزيزها أيضًا.

هناك ميل وطموح لتسلسلات المايسترو التي تشير إلى أن هناك الكثير لعرضه فيما نأمل أن يكون مهنة إخراجية طويلة ومثمرة، وبالطبع يستحق المصور السينمائي ماثيو ليباتيك أيضًا تقديرًا كبيرًا للأسلوب والجمال الظاهر على طول الطريق من خلال الفيلم، بينما تدرك دائمًا مدى روعة صور الفيلم، فإن أهم من ذلك هو أنها تساعد في جذبك بشكل أعمق إلى القصة.

مما لا يثير الدهشة أن كوبر يمنح نفسه وزملاءه الممثلين مساحة كبيرة لعرض مواهبهم، ولكن في حين أن كوبر مثير للإعجاب باعتباره برنشتاين المعيب للغاية، ولكنه موهوب وملهم بلا شك، فإن موليجان هي التي تتألق حقًا، بفضل تصويرها الضعيف والقاسي. أصبحت مونتياليجري القلب النابض للمايسترو، وكلما طالت المدة، لا يسعك إلا أن تشعر بالأسف وتتأثر أيضا بتضحياتها، وأكثر إثارة للإعجاب من ذلك، على الرغم من أن Cooper’s Bernstein هي الشخصية الأكثر توهجًا وديناميكية.

ولكن في حين أن هناك الكثير مما يستحق الإعجاب بالمايسترو، إلا أنه لا ينجح أبدًا في الحفر بعمق كافٍ في حياتهم ليشعروا بالاكتمال، ويثير الفيلم مرارًا وتكرارًا عددًا من الموضوعات والمآزق المثيرة للاهتمام لاستكشافها، وتشمل هذه المعركة بين الحظ والمصير، والزوايا الدينية المختلفة، وصراعات برنشتاين مع تعاطي المخدرات والخيانة الزوجية، وطبيعة الإلهام، وكذلك ما يضحي به الأصدقاء والعائلة من خلال الوجود في مدار عبقري.

يفتتح Maestro باقتباس من برنشتاين، يقول: «العمل الفني لا يجيب عن الأسئلة، بل يستفزها، ومعناها الأساسي هو التوتر بين الإجابات المتناقضة»، لكن هذا لا يوقف الشعور بأن المايسترو لا يصل أبدًا إلى إمكاناته، على الرغم من أنه لا يزال هناك الكثير مما يستحق الإعجاب به.

في حين أنه من غير المحتمل أن ينهي المايسترو جفاف كوبر في جائزة الأوسكار، إلا أن موليجان بلا شك أصبح الآن المرشح الأول في فئة أفضل ممثلة، وبالنظر إلى مدى سلاسة ومذهلة اتجاه كوبر، فمن المحتمل أنه إذا فاز بجائزة الأوسكار يومًا ما فسيكون ذلك لعمله خلف الكاميرا وليس أمامها.

المايسترو هو أقرب شيء إلى الكمال رأيته على الشاشة منذ وقت طويل جدًا، على الرغم من الأنف الاصطناعي الذي صممه لنفسه ليبدو أشبه ببرنشتاين الذي أثار غضب بعض المشاهدين، ولكن تمت الموافقة عليه علنًا والإشادة به من قبل أفراد عائلة برنشتاين، إلا أنها دراسة شخصية تمت معايرتها بدقة تجسد السمات المتضاربة والسلوكيات والانتصارات والعيوب لعبقري موسيقي أدار حياته مثل الحركات في سيمفونية، والزوجة المحبة التي طالت معاناتها والتي كتبت الشيك ووقعته.

كوبر، الذي يحظى بالاحترام كممثل يتمتع بمهارة غير عادية، أصبح بسرعة أحد أفضل مخرجي الأفلام المعاصرين لدينا اليوم، واستخلص فيلمه الأخير في A Star Is Born أداء غير حياته المهنية من ليدي غاغا، واليوم يظهر تحسنًا هائلًا في كل الأقسام من الفيلم، بصورة إبداعية، ومن ناحية التمثيل، وكتابة السيناريو، والتصوير السينمائي، والتحرير، والتسجيل للاحتفال برجل عظيم وتكريم كبير لصناعة الأفلام نفسها.

تم تقديم «مايسترو» مثل سيمفونية، فهو يسلط الضوء على الكثير من لحظات حياة الماسيترو، وبشكل سطحي في كثير من الأحيان، وفي الوقت نفسه، تركت بعض المواضيع المثيرة للاهتمام غير مستكشفة في الغالب، مثل تفاعلات برنشتاين مع روبنز وآرون كوبلاند «بريان كلوغمان»، أو حقيقة أن أحد المرشدين اقترح عليه تغيير اسمه ليبدو أقل يهودية حتى يتمكن من أن يصبح «أول قائد أوركسترا أميركي عظيم».

 

موقع "سوليوود" في

28.12.2023

 
 
 
 
 

فيلم Killers of the Flower Moon.. الحب والرغبة في القتل قد يجتمعان في قلب واحد

سماح عادل

يبدأ الفيلم بخوف مجموعة من الهنود الحمر على اندثار لغتهم وهويتهم، ودفنهم لإحدى متعلقات ميت لديهم، مرددين تعاويذهم السحرية ومتحسرين على مصير الأطفال الذين سيفقدون هوية أهاليهم ولغتهم، بعد أن طردوا من أراضيهم ليذهبوا إلى أراضٍ أقل خصوبة، ثم تحدث المعجزة وتمنحهم الأرض الخير وتنفجر ينابيع البترول. هم قبيلة الأوساج الذي ارتحلوا إلى شمال شرق أوكلاهوما وأصبحوا من الأغنياء بسبب اكتشاف النفط.

ويرصد الفيلم من خلال مشاهد أبيض وأسود قديمة كيف تحول أفراد القبيلة إلى أثرياء وأصبحوا يعيشون مثل أغنياء أميركا وينعمون بالرفاهية. تلك المشاهد تشعرك بالسحر من جمالها؛ لأنها تعيدك إلى أجواء العشرينيات حيث تدور أحداث الفيلم.

ليدخل «أرنست» داخل المشهد، شاب أنهكه اشتراكه في الحرب، يذهب إلى منزل عمه في أراضي قبيلة الأوساج. ونلاحظ أن البيض يعطون المكان اسمًا يخالف ما يعطيه الهنود الحمر له. ونشاهد كيف استطاع «أرنست بوركهارت» الذي قام بدوره الممثل الأمريكي «ليوناردو دي كابريو» أن يتوغل داخل عالم الهنود الحمر الأغنياء، بزواجه من «مولي كايل»، وبتوصية من عمه «ملك تلال الأوساج”، الذي عاش منذ سنوات بينهم واستطاع أن يكتسب ثقة الهنود الحمر، حتى إنه يتكلم لغتهم ويشاركهم طقوسهم ويعتبر نفسه واحدًا من أصدقائهم.

 قصة حب..

رغم أن الفيلم مأخوذ عن كتاب «ديفيد جران” الذي يحمل نفس اسم الفيلم والذي اشتهر، إلا أن المخرج فضل أن يعالج أمر إبادة الهنود الحمر، بمراوغة من قبل الرجل الأبيض، من خلال قصة حب تدور بين «مولي وأرنست»، فنتتبع اقترابهما وزواجهما، ثم موت أفراد عائلتها ببطء وروية، وموت هنود آخرين من الأثرياء بطرق مريبة.

حيث توضع السموم داخل خمورهم، أو يتم قتلهم بدعوى أنهم أنهوا حياتهم بأنفسهم، أو قتلهم بسم بطيء يسبب لهم الهزال، أو حتى يتم قتلهم بدلائل واضحة على القتل، لكن الشرطة لا تهتم بعمل تحقيقات مناسبة. وتشاهد «مولي» كل تلك الجرائم التي تسير بشكل منظم لكنها مع كل شكها تثق في «أرنست» وتبادله مشاعر حب متدفقة أمامنا، وهو نفسه يعاملها بنفس القدر من المحبة.

لنكتشف أنه هو وأخاه وراء تلك الجرائم المدبرة والمنظمة، وأن عمه «ويليام هيل» هو الرأس المدبر، ليس هذا فقط، وإنما هناك تواطؤ من البيض جميعًا في أنحاء الولاية، تواطؤ على قتل الهنود الحمر للاستفادة من ثرواتهم.

المدهش هو أن نرى «أرنست» وهو يتعامل بحنو شديد مع زوجته وبمحبة كبيرة، رغم أنه يدس لها السم مع الدواء، ويقتل شقيقاتها بدماء باردة، ويبادلها الحنان والمحبة، حتى إنه في أحد المشاهد يضع السم لنفسه في الكحول، ربما ليقنع نفسه أنه دواء للتهدئة كما أقنعه عمه. هذه العلاقة الغريبة ما بين الحب وتعمد القتل تعطي للفيلم ثراء إنسانيًا؛ إذ إن شخصية «أرنست» موزعة ما بين الطمع والجشع والعنصرية؛ لأنه يرى أن الهنود لا يستحقون ثرواتهم أو مكانتهم الاجتماعية، وأنه هو وعشيرته من يستحقون كل ذلك الثراء والترف، وما بين حرصه الشديد على إظهار المحبة لـ«مولي»، والاعتناء بها حتى وهو يعطيها السم الذي يصيبها بالهزال، كما يحرص على أن يكون قريبًا من أطفاله منها.

الرجل الأبيض..

الفيلم امتلك جرأة شديدة في تجسيد كيف كان الرجل الأبيض يبيد الهنود الحمر، دون أي شعور بالتردد أو الذنب، وميزته أنه أعطى للهنود الحمر مساحتهم في التعبير عن أنفسهم، فنجدهم يعبرون عن مخاوفهم من الرجل الأبيض ومن مكائده ومؤامراته، ويتخوفون من إهمال القائمين على إدارة الولاية لكل تلك الجرائم، حتى إنه لا يتم التحقيق فيها. ونجد الكل متواطئًا، الطبيبين، والموظفين، وكل من يعملون حول قبيلة الأوساج من الرجال البيض.

والطريف في الأمر هو نسبة المشاهدة العالية له فور نزوله، مما يعني أنه حقق نجاحًا جماهيريًا رغم أنه يكشف جشع الرجل الأبيض وغروره الشديد وتعاليه على بقية الأجناس.

كشف جمال الثقافة الهندية..

حرص الفيلم أيضًا على أن يكشف جمال الطقوس الهندية وجمال الثقافة، فأظهر لنا تفاصيل كثيرة حول طقوس دفن الموتى وطقوس الاحتفاء بالمواليد الجدد، وحتى جمال أراضيهم والنباتات التي تنمو فيها وسحرها، وعلاقتها بأساطيرهم الدينية. فمن خلال اطلاع «أرنست» على كتاب مصور نتعرف على جمال تلك الثقافة، التي تعتبر القمر الأم والنار الأب والشمس الجد، وتسمي زهورًا ساحرة تنمو لديهم بـ«زهور القمر»، وقد قدم الفيلم هذه الزهور وكأنها كناية عن الهنود الحمر الذين يقطفهم الرجال البيض بعنجهيتهم وتعاليهم وطمعهم.

براعة..

كان أداء «روبرت دي نيرو» و«ليوناردوا دي كابريو» رائعًا، وكذلك الممثلة الهندية التي قامت بدور «مولي» وهي تصور مدى حيرتها بين حبها لـ«أرنست» ومخاوفها من عمه ومن أخيه وربما منه هو أيضًا، حتى إنها أجادت تصوير مشاعر التسامح حين علمت بجرائم زوجها ضد عائلتها. وأعتقد أن الفيلم أراد أن يظهر مدى تسامح الهنود الحمر وسماحتهم وطيبتهم، حتى أثناء شعورهم بالخطر، كما رصد مدى توحدهم وارتباطهم مع مفردات الطبيعة والكون.

والفيلم كان طويلًا، حيث امتد على مدار 206 دقائق، وامتاز بجمال الصورة وبسحر تصوير الطبيعة وبالأزياء الجميلة التي تعود لتلك الحقبة الزمنية التي صورها الفيلم، وكانت حركة الكاميرا هادئة. كما كان هناك تنوع على مستوى تقديم الحقائق، فنجد أخبارًا بالأبيض والأسود وكتابًا، وحكيًا بصوت الممثلين. ويختتم الفيلم ببرنامج إذاعي ساخر، يحكي فيه الممثلون حكاية إبادة عائلة «مولي» وبقية أفراد قبيلة الأوساج، ورد فعل المجتمع الذي لم يكترث لها والذي تعامل برحمة مع «هيل» و«أرنست» وكأن جريمتهم أبسط من أن يتم الانتباه لها. ميزة الفيلم أنه قدم قضية إنسانية هامة بهدوء وسلاسة، جامعًا كل عناصر العمل السينمائي الممتع والجميل.

وقال المخرج «سكورسيزي» في مؤتمر صحفي في 16 أكتوبر 2023: «ما أردت تصويره، في النهاية، هو طبيعة الفيروس أو السرطان التي تخلق هذا الشعور بنوع من الإبادة الجماعية البسيطة، فعندما تكون هناك خيانة بهذا العمق ونعلم يقينًا أنها كانت بهذه الطريقة، فهذه هي قصتنا».

حقق الفيلم 10 ملايين دولار في أول أيام عرضه بأميركا، ووصلت إلى 23 مليون دولار خلال يومي عرض، واحتل المركز الثاني في قائمة إيرادات شباك التذاكر الأميركي؛ ليصل إجمالي إيرادات الفيلم في السينمات المحلية 40.6 مليون دولار، بينما حقق 44 مليون دولار على مستوى الإيرادات العالمية؛ لتصل الإيرادات الكلية التي حققها على مدار 10 أيام 84.6 مليون دولار، بينما بلغت ميزانية الفيلم 200 مليون دولار.

 

موقع "سوليوود" في

29.12.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004