ملفات خاصة

 
 
 

"إخفاء صدام حسين".. حكاية الرئيس الهارب والفلاح الفصيح

جدة-رامي عبد الرازق*

البحر الأحمر السينمائي الدولي

الدورة الثالثة

   
 
 
 
 
 
 

"كنت أنتظر أن يعود صدام للسلطة حتى يأخذني معه لأكون ساعده الأيمن".. ربما تمثل هذه الجملة التي بدت عابرة في سياق اللقاء مع علاء ناموق، مفتاحاً أولي لقراءة هذا الفيلم الجدلي، الماكر.

"إخفاء صدام حسين"، هو وثائقي عراقي نرويجي، من إخراج الكردي هلكوت مصطفى، الذي لجأ إلى الشمال قبل سنواتٍ طويلة هرباً من جحيم (العراك) في بلده الأول، وهو ضربة البداية في مسابقة الأفلام الطويلة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الثالثة (30 نوفمبر - 9 ديسمبر الجاري)، والتي تعرض هذا العام ما يزيد عن 15 فيلماً، بعضها يأتي كعروض عالمية أولى وبعضها ضمن العروض الأولى في منطقة الشرق الأوسط والخليج.

هلكوت مصطفى، هو اكتشاف خليجي بالأساس، فقبل أكثر من 10 سنوات قدّم فيلمه الأول "قلب أحمر" ضمن فعاليات مهرجان الخليج السينمائي، ومن بعده مهرجان دبي، وها هو يعود مرة أخرى بمنجزه الوثائقي الجدلي عقب 12 عاماً من التحضيرات، مثلما صرح في لقائه عقب العرض الأول للفيلم بالمسابقة الرسمية.

إعادة بناء

يرصد مصطفى في فيلمه عام (الهروب)، أو بمعنى أدق 235 يوم من رحلة هرب الرئيس العراقي الأسبق والأشهر صدام حسين عقب اختفائه بعد دخول الجيش الأميركي إلى بغداد عام 2006، حيث يبدأ بمادة أرشيفية عن الحرب الأميركية على العراق بحجة وجود أسلحة دمار شامل، ثم مقاومة الجيش العراقي، وأخيراً السقوط وهرب الرئيس، وبداية عملية البحث عنه بتكليف 150 ألف جندي أميركي في أرض ما بين النهرين بالعثور عليه، هو وأركان نظامه فيما سمي وقتها بلعبة أوراق الكوتشينة، وهي الكروت التي كانت تحمل صور المطلوبين من السلطة العراقية والبعثيين بداية من كبيرهم (A) صدام، مروراً بأولاده وقواده ومساعديه.

ثم يظهر الفلاح العراقي علاء ناموق، الذي تكفل بأحد أشهر عمليات الهروب والإخفاء في تاريخ الحروب الحديثة وهي إخفاء الرجل الذي تسبب نظامه في مقتل الملايين، وسقوط واحدة من أغنى وأقوى دول المنطقة في قبضة الاحتلال والتمزق الطائفي والفشل الاقتصادي.

يجلس علاء أمام الكاميرا متربعاً على الأرض ممسكاً بمسبحه، ومرتدياً الزي التقليدي ومشعلاً سيجارة، ويبدأ بهدوء شديد في استعادة ما حدث أمام الكاميرا.

هنا يقوم المخرج بما يعرض في النوع الوثائقي، بإعادة البناء (RECONSTRUCTION) أي إعادة تمثيل المشاهد المحكية على لسان علاء من خلال مجموعة ممثلين يقدمون أدوار الشخصيات الحقيقية بما فيهم علاء نفسه قبل 17 عاماً تقريباً.

وإعادة البناء، هي واحدة من أشكال السرد في الأبنية الفيلمية الوثائقية، والتي عادة ما تستخدم من أجل تعويض غياب المادة البصرية للمرويات والوقائع التي تحكيها الشخصيات أمام الكاميرا في شهاداتها، وهي أسلوب متجذر في صناعة الوثائقيات يتاخم الشكل الروائي، لكنه لا يجتاز الحدود الفاصلة بين النوعين، حيث تظل المشاهد المعاد بنائها تحتفظ بجانبها غير الإيهامي، أي تحافظ على أن يظل المتفرج طوال الوقت يدرك أن ما يراه أمامه هو مجرد محاكاة بصرية ليس أكثر، وليس كما الشكل الروائي يلتزم بالإيهام الكامل حد الاستغراق والتورط على مستوى الوعي واللاوعي.

يحافظ المخرجون في إعادة البناء على كسر الإيهام المستمر بالارتداد إلى حاضر عبر صوت الشخصية التي تحكي أو حضورها أمام الكاميرا، وهو الأسلوب الذي اتبعه هلكوت مصطفى في سردية فيلمه على مستوى الشكل، وبدا صوت علاء ناموق كراوٍ في جلسته الأرضية أقرب لفناني السير الشعبية والحكايات التراثية القديمة، خصوصاً أن تفاصيل عملية الإخفاء ورحلة الرئيس الهارب فيها من الملحمية المثيرة -رغم كونه في عداد مجرمي الحرب- ما تجعل روايتها بهذه الشكل الكلاسيكي ما يعوض غياب الأرشيف أو الوثائق المصورة عن أي من تفاصيلها.

كذلك لا يمكن إغفال عنصر هام جداً في مسألة إعادة البناء، وهي التأكيد على صحة المعلومات التي يبوح بها علاء، أو يرويها كأنها حدثت بالأمس فقط، وليس قبل عقد ونصف، ومن هنا يمكن رصد ملامح المكر السردي الذي سبق وأشرنا إليه فيما يخص تلقي الفيلم.

المقصود بالتأكيد هنا، هو أن أحداً غير علاء يملك دليلاً على ما يروي أنه حدث بينه وبين صدام طوال عام الهروب، فالتفاصيل الخاصة بالأحاديث التي بينهما والعلاقة الإنسانية التي توطدت عبر الوقت بين شخصيتين من عالمين منفصلين تماماً، ثم ما يحكيه علاء عن مشاعره وطريقته في التعامل مع صدام وأسلوب صدام نفسه في التعامل معه، وهو الذي كان يقيم الدنيا، ويطويها في نصف المنطقة العربية تقريباً بطرف سيجارة الشهير، كل هذه التفاصيل ليس هناك دليل قاطع عليها سوى رواية علاء نفسه، وصحيح أن المخرج أقر بأنه استبعد معلومات كثيرة لم تكن موثقة أو عليها أكثر من دليل، ولكن يظل هناك كامل بدن الحكاية الحميمية ما بين الفلاح والرئيس، والتي لم يعد الطرف الأهم فيها حاضراً ليؤكد أو ينفي متنها أو خفاياها.

طيب ما الذي يفيد فيه أسلوب إعادة البناء هنا غير تجسيد بعض فصول الحكاية، يفيد بأنه يبدو كجزم أو عنصر حسم نفسي وشعوري بالنسبة للاوعي المتلقي، أي أن ما يسمعه من علاء، ثم يراه متجسداً، أو في محاكاة واضحة المعالم أمامه تجعل اللاوعي يتقبل ما يسمعه على اعتبار أنه موثق ومثبوت وحادث بالفعل، أي كأن الحكاية تروى مرتين بأسلوبين مختلفين (صوتي وبصري) بما يزيد منطقيتها وتقبل الذهن لكونها وقائع حقيقية لا تسمح بنفاذ الشك إلى قاربها الذي يطفو فوق نهر الذكريات.

رحلة البطل

ليس المقصود بالبطولة هنا، البطولة العسكرية أو السياسية، بل البطولة الدرامية، ونعني بها سلطة القرار الذي تتخذه الشخصيات في لحظات معينة من أزمتها بما يتسبب في دفع الصراع إلى الأمام والوصول إلى ذروة حاسمة أو خاتمة قوية.

لا تأتي قوة فيلم "إخفاء صدام حسين" من انضباط الإيقاع العام والقدرة على الموازنة بين ما هو محكي وما هو مصور، ولا تنبع فقط من التوظيف الدقيق والحساس جداً للأرشيف الذي يفتح باب التساؤل حول كيفية العثور عليه والحصول على إذن باستخدامه، خاصة باللقطات المصورة لممارسات الاحتلال الأميركي في أثناء البحث عن صدام ومداهمة البيوت، كذلك لقطات القصف العنيف للآليات الأميركية من قبل المقاومة.

كل هذا يمكن عقب 12 عاماً من البحث والجهد التقني، يمكن أن يعتبر محصلة معقولة وجيدة، ولكن الأصل فيما يمكن اعتباره مصدر الطاقة الحقيقي والمشع في الفيلم هو الحكاية نفسها، ليس في جانبها السياسي أو المعلوماتي المثير، ولكن في جانبها الدرامي المميز، والذي كتبه القدر بنفسه ولونه بملحمية نفسية وشعرية ملفتة.

لو جردنا الشخصيات من أسمائها، وأبقينا على الصفات فقط، لأصبح لدينا رواية تفوح بعمق إنساني وفكري يستحق التأمل، فلاح فقير، أمي، متواضع الإمكانيات النفسية والعقلية، العالم بالنسبة إليه بقعة جغرافية لا تزيد عن حدود قريته وتخومها الجبلية والنهرية، يقرر أن يخفي رئيس دولة هارب من قوى عظمى، بعد أن سقط عن عرشه، وتبخرت دكتاتوريته، وصار مجموعة من بواقي الكيانات التي كونها ذات يوم، بقايا أب وبقايا رئيس وبقايا حاكم متنفذ، وعبر ما يقرب من العام نتابع تلك العلاقة التي كانت قبل أيام قليلة من بدايتها حكاية مستحيلة وغير قابلة للتصديق عبر أي منطق أي إيهام درامي أو حتى أسطوري.

بل أن ثمة لحظات شعرية شديدة العذوبة والغرابة بين فصول هذه الرواية القدرية، مثل المشهد الخاص بتحميم الفلاح للرئيس وتنظيف جسده، كأنه يغسله من أدران السلطة وقذارات الفساد والدكتاتورية، ثم تبادل الأدوار وجلوس الفلاح بين يدي الرئيس لكي يحممه ويدعك جسده بالصابون، كأنه أب يعتني بابنه الشاب بعد أن أدرك بأن حياته كلها مرهونة بقدرة هذا الفلاح على حمايته وإطعامه وإخفائه، في خندق أعده أسفل أحواض الزهور التي بدت وكأنها نابتة فوق قبر مستقبلي، بل إننا في لحظة ما نتساءل ماذا لو أن هذا الرئيس بما نعرفه عن خلفيته الدموية وسلطويته الجبارة قرر أن يتعامل مع الشعب كله كما يتعامل مع هذا الفلاح مدركاً لطبيعة العلاقة الجدلية والمتداخلة بينهم؟ وهنا تحديداً تكمن قوة الشعر، لا في جمالية الصورة المرسومة، ولكن فيما تفوح به من روائح التأمل واستحضار الأسئلة الغائبة أو المسكوت عنها.

مراوغة الانحياز

ربما أكثر ما يبدو محيراً في الفيلم، هو عدم اتخاذ موقف صريح تجاه الشخصية نفسها، ونعني به الرئيس الهارب، فظاهرياً يبدو الفيلم متكلفاً في حياده، تماماً مثلما حاول المخرج أن يجيب بدبلوماسية عن سبب عدم الانحياز مع أو ضد، ولكن المادة المعروضة سواء كانت محاكاة أو أرشيفاً تبدو منحازة في جوهرها إلى كل ما هو ضد الفساد السلطوي والدكتاتورية والفشل السياسي.

إن سبب هذا التشوش في التلقي، هو توحد المتلقي مع شخصية علاء ناموق، بحكم سيطرة المخرج على أدواته وقدرته على ضبط الحكي بميزان دقيق، لكن في حقيقة الأمر، فإن ما قدمه الفيلم هو نموذج لمواطن صريح يعلن أنه لم يكن يعلم الكثير عن ممارسات رئيسه وكيفية إدارته للبلاد، وهو صادق فيما يقول بدليل أنه مد إليه يد المساعدة بكل تبجيل، حتى إنه لا يزال بعد سنوات من إعدامه لا ينطق اسمه مجرداً دون لقب منصبه.

في حين أن المخرج لم يخفِ عليه وعلينا كل ما يمكن أن يعرضه من مادة ومعلومات تتصل وجدانياً مع كل ما نعرفه عن الرجل ودولته وحروبه، والتي لم ينكرها لا الرئيس نفسه ولا حتى الفلاح الذي قال بأنه لا يعلم ولم يقل لا أصدق!، وبالتالي فالموقف الماكر درامي للفيلم ينبع من كونه لم يقدم الانحياز كأسلوب، بل كنتيجة، بمعنى أنه يدفع المتلقي للتفكير والبحث والتأمل ومراجعة التاريخ قبل الانحياز، في حين أن ما يسهل رصده هو المحصلة الفاضحة لأي حكم دكتاتوري بصلاحيات مطلقة وعقلية تآمرية وزي عسكري، وهو ما أدى بدولة متينة حضارياً، بتاريخ ضارب في عمق الوجود، وثراء باذخ حد التخمة أن تلفظ أنفاسها في أقل من عقدين فقط من الزمن بسبب هذا الرجل، الرئيس الذي لم يجد سوى فلاح نكرة لم يكن في أدنى منزلة من حساباته لكي يصبح سبباً في بقائه حياً لـ235 يوماً، قبل أن يُقْبَض عليه وإعدامه علناً.

* ناقد فني

 

الشرق نيوز السعودية في

05.12.2023

 
 
 
 
 

مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي يُعلن عن الفائزين في جوائز سوق البحر الأحمر

محمد قناوي جدة

أعلن مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي اليوم، عن الفائزين بجوائز سوق البحر الأحمر – النقدية والعينية الهادفة لتطوير وتعزيز المواهب الجديدة من صُنّاع الأفلام في السعودية والعالم العربي وإفريقيا. فبعد دراسة واستعراض الأعمال المتنافسة، توصّلت ثلاث لجان تحكيم، وهي: برنامج سوق المشاريع والأعمال قيد الإنجاز ومعمل المسلسلات لاختيار تسعة مشاريع فائزة ليستفيد أصحابها من الجوائز السخية التي يمنحها صندوق البحر الأحمر إلى جانب العديد من الجوائز التي قدمها شركاء المهرجان.

شارك في المنافسات 24 مشروعا ضمن سوق البحر الأحمر، منها 12 فيلمًا تعود لصُنّاع أفلام من أصول أفريقية وعربية، إلى جانب 12 مشروعًا مُشاركًا في لودج البحر الأحمر لمخرجين سعوديين وعرب وأفريقيين تم تطويرها خلال العام الماضي من خلال ورش عمل مكثفة، وذلك بالشراكة مع مختبر تورينو للأفلام. ودُعمت جوائز لجنة تحكيم الخاصة بسوق المشاريع التابع لسوق البحر الأحمر من قِبل صندوق البحر الأحمر، وقد تضمنت المجموعة المتنافسة على جوائز السوق خمسة مشاريع سعودية وخمسة مشاريع أفريقية و 14 مشروعًا من العالم العربي. كما وتضمنت عروض “أفلام قيد الإنجاز” ستة أفلام روائية لمخرجين من المنطقة العربية والإفريقية. وقد تنافست جميع مشاريع “أفلام قيد الإنجاز” على جوائز سوق البحر الأحمر، المدعومة من قبل صندوق البحر الأحمر.

وبهذه المناسبة، صرح  الرئيس التنفيذي لمؤسسة البحر الأحمر السينمائي، محمد التركي، قائلاً: “ يجسد الفائزون بجوائز سوق البحر الأحمر لهذا العام الرؤى الجديدة الغنية والمتنوعة لصناع الأفلام والمواهب الصاعدة، سواءً من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أو ممن تعود أصولهم إلى هنا. في الحقيقة إن هؤلاء المخرجين يمثلون الأصوات السينمائية المستقبلية، ويسعدنا أن نساهم في تطوير مواهبهم ورواية قصصهم التي ستضمن لهم بلا شك النجاح والوصول للعالمية”.

و من جانبها، عبرت المديرة التنفيذية لمؤسسة البحر الأحمر السينمائي، شيفاني بانديا، قائلة “يعد السوق القلب النابض للمهرجان، فمنه انبثقت العديد من المشاريع، وفي الحقيقة يتوّج السوق جهود المؤسسة وتطورها عاماً بعد عام. فمنذ تأسيسنا في عام 2021، تم عقد أكثر من 570 اجتماعًا لمشاريع السوق، ويعد ذلك نقطة مثيرة للإعجاب في كيفية قدرة السوق على صنع الفرص – واليوم نحتفي بـ 26 فائزًا حصلوا على دعم بفضل أفكارهم وجهودهم . وأضافت قائلة: إن وجود مشاركين من 30 دولة يمثل قاعدة متينة للمشاريع المشاركة التي نفتخر بدعمها ونتطلع لنجاحاتها وتألقها عالمياً”.

وعلقت زين زيدان، مديرة سوق البحر الأحمر قائلةً: “يسعدنا اختتام هذه النسخة من سوق البحر الأحمر الأنجح حتى الآن؛ بمشاركات قياسية من شتى الدول والعارضين، الذي أسهموا في سوقنا المزدهر. وبجانب الجوائز وفرص التواصل التي نوفرها، نفخر بتقديم برامج حوارية تضمنت لنسخة هذا العام؛ المديرة الفنية المخضرمة “ليان ديمانج”، بالإضافة إلى “يانّ مونير دومانج” مخرج فيلم “دمي” القصير، وبطل الاستدامة “بلام الأسد”. ونتوق إلى الاجتماع مرة أخرى العام المقبل 2024؛ لنشهد ازدهار وتقدم المشاريع والمبدعين.”

جائزتان مقدمتان من السوق للأعمال قيد الإنجاز

اختارت لجنة تحكيم برنامج الأعمال قيد الإنجاز مشروعين حيث حصل مشروع “سيمبا” لهوغو سالفاتيرا على جائزة لجنة التحكيم لمرحلة ما بعد الإنتاج في سوق البحر الأحمر بقيمة 10.000 دولار أمريكي، كما حصد مشروع “يونان” لأمير فخر الدين على جائزة مرحلة مابعد الإنتاج بقيمة 30,000 دولار أمريكي.

جوائز لسوق المشاريع و4 جوائز للودج

اختارت لجنة تحكيم سوق المشاريع 3 فائزين من بين 12 مشروعًا متنافسًا، وحصل على الجوائز كل من المشاريع التالية: مشروع وحدة الحب ينتصر لدانييل عربيد الذي حصد جائزة الإشادة الخاصّة من لجنة التحكيم وتبلغ قيمتها 25,000 دولار أمريكي، كما فاز بجائزة سوق البحر الأحمر للتطوير وتبلغ قيمتها 35,000 دولار أمريكي مشروع “واحد وأربعين” لسامح علاء، إلى جانب جائزة الإنتاج التي تبلغ قيمتها 100,000 دولار أمريكي، وحصل عليها مشروع “عودة الابن الضال” لراني مصالحة.

كما اختارت لجنة تحكيم سوق المشاريع أيضاً من بين 12 مشروعًا متنافسا من لودج البحر الأحمر، 4 أفلام فائزة بجائزة إنتاج تبلغ قيمتها 50,000 دولار أمريكي لِكل مشروع، وحصد الجوائز كل من مشروع “بصحبة حسناء” لآمال يوسف، ومشروع “قصة رائعة” لفينتشو نشوغو، ومشروع “بلاك سنيك” للمخرج نايشة نياموبايا، ومشروع “أبي قتل بورقيبة” لفاطمة الرياحي.

كما تأتي جوائز شركاء سوق البحر الأحمر الإضافية من: مركز السينما العربية، وشبكة راديو وتلفزيون العرب (ART)، وأفلام سينيويفز، وإثراء، وماد سوليوشنز، وأكاديمية MBC/شاهد، وأوتيكونز، وشفت ستوديوز، وتيترافيلم.

جائزتان مقدمتان من قبل معمل المسلسلات

اختارت لجنة تحكيم معمل المسلسلات ضمن معامل البحر الأحمر مشروعين فائزين، ومنحتهم جائزة نقدية بقيمة 10,000 دولار أمريكي، وقد فاز بالجائزة كل من مشروع عين الحدأة، من كتابة صالح الحمد، ومشروع ولدنا أحلى، من كتابة هناء صالح الفاسي.

جوائز شركاء سوق البحر الأحمر

كما تأتي جوائز شركاء سوق البحر الأحمر الإضافية من: مركز السينما العربية، وشبكة راديو وتلفزيون العرب (ART)، وأفلام سينيويفز، وإثراء، وماد سوليوشنز، وأكاديمية MBC/شاهد، وأوتيكونز، وشفت ستوديوز، وتيترافيلم.

وتتضمن قائمة الفائزين الحاصلين على الدعم من قبل الشركاء ما يلي:

مركز السينما العربية (ACC)

جائزتان ضمن معمل روتردام

مُنحت من قِبل: بسمة النظامي

الفائزة السعودية: غيداء أبوعزة (بصحبة حسناء)

الفائزة العربية: فاطمة رشا شحادة (الفتاة التي أضاعت نصف السرير)

ماد سوليوشنز

50,000 دولار أمريكي لمشروع قيد الإنجاز أو قيد الإنتاج أو في مرحلة ما بعد الإنتاج.

مُنحت من قِبل: شمس مهاجراني

الفائز: حنين: حكاية في الفصول الأولى، إخراج: أمير فخر الدين

أوتيكونز

جائزة أوتيكونز لفيلم قيد الإنتاج تتضمن خدمات استشارات موسيقية بقيمة 5000 دولار أمريكي

مُنحت من قِبل: توماس كانتيلينين

الفائز: رجال في الشمس، إخراج: مهدي فليفل

شفت ستوديوز

جائزة شيفت ستوديوز بقيمة 12000 دولار أمريكي لباقة ترويجية بقيمة 12000 دولار أمريكي مُنحت من قِبل: لجنة تحكيم البحر الأحمر

الفائز: الناجون من العتمة، للمخرج: نيلسون ماكينجو

الفائز: سيمبا، إخراج: هوغو سالفاتيرا

جائزة شيفت ستوديوز بقيمة 8000 دولار أمريكي تتكون من باقة سينما رقمية (DCP) كاملة بقيمة 8000 دولار أمريكي ، مُنحت من قِبل: لجنة تحكيم البحر الأحمر

الفائز: رجال في الشمس، إخراج: مهدي فليفل

تيترا فيلم

جائزة عينية لفيلم قيد الإنجاز بقيمة 15000 دولار أمريكي مُنحت من قِبل: تيترافيلم

الفائز: أنيمال، إخراج: إيما بينستان

شبكة راديو وتلفزيون العرب (ART)

ART تمنح جائزة بقيمة 10,000 دولار أمريكي لمشروع سعودي واحد قيد الإنجاز أو الإنتاج

مُنحت من قِبل: أفنان سراج – الفائز: ذاكرة الليل، إخراج: لينا محمود

ART تمنح جائزة بقيمة 50,000 دولار أمريكي لمشروع عربي واحد قيد الإنجاز أو الإنتاج  مُنحت من قِبل: أفنان سراج

 الفائز: وحده الحب ينتصر، إخراج: دانيال عربيد

أفلام سينيويفز

أفلام سينيويفز تمنح جائزة بقيمة 50,000 دولار أمريكي لمشروع قيد الإنجاز أو الإنتاج أو في مرحلة ما بعد الإنتاج ـ مُنحت من قِبل: فيصل بالطيورالفائز: مكة، برلين إخراج: مجتبى سعيد

إثراء

إثراء تمنح جائزة بقيمة 50,000 دولار أمريكي لمشروع سعودي واحد قيد الإنتاج أو في مرحلة ما بعد الإنتاج – مُنحت من قِبل: ماجد سمان  .. الفائز: ذاكرة الليل، إخراج: لينا محمود

أكاديمية MBC/شاهد

أكاديمية MBC/شاهد تمنح جائزة بقيمة 75000 دولار أمريكي لمشروع سعودي قيد التطوير مُنحت من قِبل: زينب أبو السمح وبندر سيف – الفائز: في البداية هي النهاية، إخراج: غدير بن عباس

أكاديمية MBC/شاهد تمنح جائزة بقيمة 75000 دولار أمريكي لمشروع سعودي قيد التطوير أو الإنتاج أو في مرحلة ما بعد الإنتاج مُنحت من قِبل: زينب أبو السمح وبندر سيف – الفائز: بجانب حسناء، إخراج: آمال يوسف

أكاديمية MBC/شاهد تمنح جائزة بقيمة 50,000 دولار أمريكي لمشروع عربي في مرحلة التطوير أو ما بعد الإنتاج مُنحت من قِبل: زينب أبو السمح وبندر سيف – الفائز: أيام العسل والجنون، إخراج: أحمد ياسين الدراجي

 

####

 

ثلاثة” فيلم إماراتي يسلّط الضوء على تضحية المرأة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي

محمد قناوي –  جدة

يواصل مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي لليوم السادس على التوالي فعالياته بمجموعة من العروض الأولى منها “ثلاثة”، حيث يقام لع عرض مساء اليوم وهو  فيلم رعب نفسيّ للمخرجة الإماراتية نايلة الخاجة ويعالج مشكلة الرعب النفسي والأمراض النفسية، في قالب جريء يحمل الكثير من الرسائل والأحداث المتصاعدة، والتي تقدّمها مجموعة من الممثلين العرب الموهوبين والنجم البريطاني جيفرسون هول. ومن خلال حرصها على دعم المرأة العربية وتعزيز حضورها في كل المجالات، تسلّط الخاجة الضوء في هذا الفيلم على تضحيات المرأة مع أولادها وعائلتها والصراع الذي تعيشه مع مشاكل أطفالها النفسية والصحية والجسدية، وتوضح كيف تتسابق الأمّ مع الزمن بصبر وإصرار لإنقاذهم من السواد والحالات الصعبة التي يمرّون بها

عن فيلم “ثلاثة”، تقول المخرجة نايلة الخاجة: “الفيلم يعالج مشكلة الرعب النفسي، ويتمحور حول خوف الأم على سلامة ابنها وصحته، إلى جانب ما تعيشه من تضارب بين المعتقدات الدينية والطبّية التي تُبرز التناقض الكبير بين الأفكار والمدارس الفكرية المختلفة. وأركّز في الفيلم على الطقوس الدينية المرتبطة بأنواع الجنّ. كما يعاني الابن أمراضاً نفسية أخرى بسبب الخلل العائلي الذي نشأ فيه، إذ عاش طفولة صعبة من دون أب، وبالتالي ينقصه الحنان ونموذج يقتدي به في المنزل. وكل هذه المشاكل دائماً ما تتراكم لدى الأطفال لتؤدي بذلك إلى أمراض نفسية تتطلب تدخّلاً من المعالج النفسي”.

وتضيف: غالباً ما نرى في وطننا العربي أن العلاج النفسي وزيارة الطبيب المختص نذير شؤم، كما أنه يتناقض مع عاداتنا وتقاليدنا حيث يرى البعض أن هذا الشخص غير سوي ومتخلّف عقلياً. لذا يتجنّب الكثير من الأشخاص استشارة الأطباء النفسيين المختصين على الرغم من الأهمية الكبيرة لذلك، إذ إن هناك تراكمات في داخل الفرد ويجب التخلص منها ولا يستطيع ذلك إلا من خلال زيارة طبيب مختص وخبير في مجال علم النفس، فالنفس تتعب كالجسد”.

أما عن رسالة الفيلم، فتوضح الخاجة: “فيلم “ثلاثة” يسلّط الضوء على كيفية تضحية المرأة أو الأم في سبيل أولادها، وإبراز التحدّيات الكبيرة التي تواجهها من أجلهم. ولا يقتصر هذا على الأم الإماراتية أو العربية فقط، إنما يشمل جميع الأمهات حول العالم. فغالبية الأمهات يسعين لتقديم أفضل ما يمكن لأولادهنّ، وهذه رسالة عالمية رغبتُ في تسليط الضوء عليها وبلورتها بأسلوب وصورة إماراتية بحتة

 

شمس اليوم المصرية في

05.12.2023

 
 
 
 
 

الكوميديا السعودية 2023 خطة جادة للإضحاك

أمنية عادل

حينما نشأت الكوميديا جذبت الكثير من المهتمين، وهو لا يزال حاضرًا حتى لحظتنا المعاصرة. تشكل الكوميديا ضلعًا هامًا من أضلع تجربة صناعة ومشاهدة السينما في المملكة العربية السعودية، تلك الصناعة التي سرعان ما رسمت ملامحها وفقًا لمعطيات مرئية ومفاهيمية محددة. شهد عام 2023 إنتاج تجارب فيلمية تقدم الكوميديا بخلطة مدروسة الصفات والملامح تجذب الجمهور وتبعث على الضحك؛ أفلام مثل: «الخلاط+، سطار، الهامور، راس براس»، وهو ما يطرح سؤالاً: «كيف نجح الفيلم السعودي الكوميدي في 2023؟ وما ملامح خلطة النجاح؟».

تعددت التجارب الفيلمية الكوميدية السعودية في تقديم قصص ومواقف فكاهية نابعة من منابع الإضحاك المعتادة للجمهور السعودي، لا سيما الشباب منه. تلك المنابع التي نضجت وتبلورت لتناسب المشهد السينمائي السعودي المتنوع، في مقدمة تلك المنابع قنوات اليوتيوب التي حظيت بشعبية كبيرة في الداخل السعودي، مثل: «تلفاز 11، خمبلة، ميركوت، مسلسل مسامير الشهير، كيس، وكذلك قناة الأخوين قدس».

قدمت تلك القنوات سكتشات كوميدية ومشاهد تمثيلية قصيرة تعتمد على الكوميديا لقراءة المجتمع السعودي وتقديم رؤية الفنانين الشباب عن واقعهم ومحيطهم، حتى ظهور فيلم «شمس المعارف» 2020 الذي شكل باكورة الأفلام الكوميدية السعودية، بحكايات ومواقف كوميدية داخل مدرسة بنين يحاول أحد طلابها صناعة فيلم سينمائي.

إعداد وتخمر

تشكل إنتاجات 2023 من الأفلام الكوميدية السعودية انطلاقة واضحة نحو ملامح صناعة الفيلم الكوميدي السعودي، الذي استفاد من مرحلة الإعداد الطويلة في قنوات اليوتيوب والسكتشات الضاحكة، تلك التي كانت بمثابة بروفات متعددة لصناع السينما الحاليين، من الممثلين الكتاب، والمخرجين، وكذلك العاملون في مجال صناعة الصورة السينمائية، من أمثال: «فارس قدس، صهيب قدس، براء عالم، إسماعيل الحسن، إبراهيم الحجاج، زياد العمري، عبدالعزيز الشهري، عادل رضوان، مالك نجر، عبدالعزيز المزيني»، وذلك لتطوير سبل سرد القصص وكيفية حكي الحكايات بصريًا. تلك السبل التي يظهر بها ثلاثة عوامل هامة: الأول الرغبة في إضفاء الصبغة السعودية على تفاصيل الحكايات حتى تشبه مشاهديها، من خلال تقديم عوالم وعادات وتقاليد وملامح شخصيات تميز الداخل السعودي، والثاني الاستفادة من تجارب المشاهدات للسينمات العالمية لا سيما الأميركية والهندية. أما العامل الثالث، هو الاعتماد على كوميديا الموقف وصياغة المشاهد الكوميدية باحترافية ومنهجية تعتمد على إبرام صفقة مع المشاهد تدفعه دفعًا للانخراط في عالم الفيلم والتماهي معه دون إقحام التهريج والابتذال، وذلك في إطار السياق العام للقصة التي تحمل الكوميديا بداخلها.

يعد فيلم «سطار» واحدًا من أفضل ما قدمته السينما السعودية ونموذجًا للفيلم الكوميدي لعام 2023. في حال لم تكن من محبي المصارعة لن يمنعك ذلك من الاستمتاع بفيلم «سطار.. عودة المخمس الأسطوري»، حيث سعد هذا الشاب البدين الذي يحلم بالفوز في المصارعة تلك الرياضة التي يهوى، وفي سبيل تحقيق ذلك يتعرف على هوجين والمدرب الباكستاني عبدالخالق وعالم الحفرة القابع تحت شوارع المدينة. يقدم صناع العمل، وهم المخرج عبدالله العراك والكاتبان إبراهيم الخير الله وأيمن الوتار، تحية لفيلم Fight Club للمخرج ديفيد فينشر، لكنه سرعان ما ينخرط في ملامح المجتمع السعودي على صعيد الصورة وشريط الصوت والأغاني أيضًا حيث الشيلات السعودية، وكذلك صوت نصرت فتح الله خان الباكستاني العذب، عاكسًا التنوع الاجتماعي وأحلام الشباب السعودي. قيمة فيلم «سطار» في أنه لا يتوقف عن مفاجأة المشاهد، سواء على صعيد الكوميديا أو التطور الدرامي.

عالم لا يشبه غيره من العوالم

يلعب المجتمع والبيئة دورًا ملحوظًا وقيمة حاضرة في السينما الكوميدية السعودية، وهو ما يتضح في فيلم «راس براس» للمخرج مالك نجر والكاتب عبدالعزيز المزيني. من خلال حلقات مسامير ذات الشعبية الكبيرة تطورت رؤى نجر والمزيني وكذلك الكوميديا التي يقدمان، ربما لا ينافس فيلم «راس براس» سابقه «سطار» في الكوميديا لكنه يقدم تجريبًا جديدًا للفيلم السعودي الكوميدي الذي يتقاطع بين تنوع بارودي فانتازي ديستوبي لرسم عالم خاص عن حي «بذيخة» لا يشبه غيره من الأحياء في السعودية ويحمل قصته الخاصة بداخله؛ دعم ذلك توظيف الإضاءة والملابس وزوايا التصوير، كما لم يغفل نجر والمزيني توظيف الأنيمشن والرسوم المتحركة للعودة إلى ماضي “البذيخة” وكيف نشأ «الديمن» شرير الحكاية.

حاول فيلم «راس براس» خلق عالم ديستوبي خاص رسم ملامح مدينة في خيال صناعها، في حين قدم فيلم «الخلاط +» من إخراج فهد العماري، وسيناريو محمد القرعاوي، وفهد العماري، ووائل السعيد، ومشاري الشلالي؛ المجتمع السعودي بأطيافه وتنوعاته الاجتماعية، حيث قدم الفيلم أربع قصص مختلفة تنطلق من الحياة اليومية في إطار ترقبي جاورت فيه كوميديا الموقف القيمة الفنية البصرية، وهو ما يظهر بشكل جلي في المشهد الافتتاحي الذي يستهل به العماري فيلمه، حيث مشهد جاوز 3 دقائق تم تصويره كلقطة واحدة تتنقل داخل أرجاء المنزل.

في الخلاط

يعنون «الخلاط+» قصصه بأقاويل تراثية أو أمثال تنطوي على معنى، جميعها قصص تدور في فلك الاحتيال ومحاولة الخروج من شرك محقق. حكايات قد نراها في عالمنا المعاصر تقدم بصيغة كوميدية سينمائية تعتمد على المفارقة في زيادة جرعة الكوميديا والتفاعل معها.

انطلاقًا من قصة حقيقية وفي تأثر واضح بملامح سينما سكورسيزي، يقدم المخرج عبدالإله القرشي فيلم «الهامور ح.ع». يحاول القرشي في أفلامه اكتشاف ملامح «جدة» الأرض والناس كما حدث في فيلم «رولم» 2019. تعد تجارب القرشي هي الأقرب من بين الأفلام المذكورة إلى الشكل الدرامي المتطور من داخله، حيث إنه قدم تجارب سينمائية تسبق «الهامور ح.ع». في حين قدم صناع أفلام «راس براس، والخلاط+ وسطار»، سكتشات كوميدية رغم جودتها وتطورها الدرامي.

اعتمد القرشي على أسلوب الحكي من خلال الراوي الذي يتتبع القصة وينقلها إلى المشاهد عن طريق التعليق الصوتي للراوي العليم بالأحداث، والراوي هنا في «الهامور ح.ع» هو الهامور نفسه حامد الذي يقوم بدوره فهد القحطاني في أول بطولة سينمائية له. ترافق الكوميديا الخط الدرامي التشويقي الذي ينتهجه الفيلم، لكنها تبقى كوميديا سوداء تشير إلى الواقع بمتغيراته وتنوعاته.

هناك أمران لافتان في التجارب الفيلمية الكوميدية لعام 2023 في السينما السعودية، الأول هو الاهتمام الملحوظ من قبل المنصات كنتفليكس بما تقدمه السينما السعودية والكوميديا السعودية التي تلقى رواجًا واهتمامًا تم قياسه من قبل في صورته الأولى، أي قنوات اليوتيوب والفيديوهات القصيرة، وهو ما يرجح زيادة رقعة التعاون الإنتاجي خلال الأعوام المقبلة في العديد من الأعمال التي يقدمها الصناع السعوديون وتنبع من داخل عالمهم، وإن تنوعت سبل الحكي والعوالم التي يقدمونها خلالها.

الأمر الثاني اللافت، هو تواري الحضور النسائي في الأعمال سالفة الذكر، مثل:؛«سطار، وراس براس، والخلاط+ والهامور ح.ع»، حيث تحضر المرأة بصورة ثانوية. لا يعيب ذلك الأفلام، لكن يطرح تساؤلاً آخر وهو: هل نرى قريبًا حكايات كوميدية تقودها بطلات؟

 

####

 

المهرجانات السينمائية تصنع السينما في السعودية

طارق البحار

بحسب «فاريتي» المعنية بالسينما تعد المملكة العربية السعودية، اليوم أكبر سوق للسينما في الشرق الأوسط، ومن المتوقع أن تصل قيمتها إلى مليار دولار بحلول عام 2030. وتشهد صناعة السينما والترفيه في المملكة تطورًا وتحولاً ملحوظًا في السنوات الأخيرة، تماشيًا مع رؤية 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز التنمية الثقافية، وإبراز هذا القطاع كمجال رئيس للاستثمار والتوسع.

جذبت صناعة السينما السعودية انتباه الجميع في جميع أنحاء العالم بقصصها الشعبية الفريدة فيسرد القصص. وإن معرفة الممثلين والممثلات والمخرجين الذين غالبًا ما يكونون معروفين في الأوساط الاجتماعية وهم أصدقاء أو أقارب، تجعل الأفلام تبدو أقرب إلى المنزل وأكثر ارتباطًا.

مع انفتاح البلاد، أدى الاهتمام المتزايد بالثقافة السعودية إلى زيادة الطلب على القصص المحلية التي تروى من خلال عيون صانعي الأفلام الموهوبين. يسمح ظهور الوسائط الرقمية والمنصات الاجتماعية وخدمات البث للمبدعين المتحمسين بمشاركة رواياتهم الفريدة مع جمهور أوسع، وجذب اهتمام المشاهدين على نطاق واسع.

ووفقًا لتقرير صادر عن شركة «برايس ووترهاوس كوبرز»، فإن إحياء دور السينما في المملكة العربية السعودية يمثل فرصة اقتصادية لم يتم استكشافها بالكامل بعد، مع عدد سكان متوقع يزيد على 39 مليون نسمة بحلول عام 2030 وتتمتع البلاد بالقدرة على استيعاب ما يقرب من 2.600 شاشة، مما يشير إلى وجود مجال كبير للنمو في الصناعة. حققت صناعة السينما في المملكة العربية السعودية تقدمًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، وحققت شهرة دولية في مهرجانات الأفلام المرموقة في جميع أنحاء العالم. ففي مهرجان كان السينمائي، كشف صندوق التنمية الثقافية في المملكة العربية السعودية، النقاب عن صندوق لقطاع الأفلام بقيمة 100 مليون دولار. تم تصميم الصندوق خصوصًا لدعم وتعزيز تطوير صناعة السينما والإعلام المحلية، مما يشير إلى التزام البلاد برعاية نموها السينمائي.

من الواضح أن صناعة السينما والترفيه في المملكة العربية السعودية في تطور واسع، وتستعد المملكة لتصبح لاعبًا بارزًا في المشهد الترفيهي العالمي من خلال تقديم عدد من المهرجانات السينمائية الدولية الناجحة التي حجزت لها في سنوات قليلة مكانة كبيرة في جدول المهرجانات العالمية. ومن الخطوات المهمة نحو تحقيق هذه الأهداف إقامة مهرجانات وفعاليات سينمائية لدعم وعرض أعمال صانعي الأفلام السعوديين من المنطقة بالإضافة إلى العالم؛ كون صناعة السينما السعودية اليوم من أهم الصناعات العالمية، مما أدى إلى تأسيس مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في عام 2018، الذي يضم كبار المبرمجين والقيمين والمخرجين والمفكرين السعوديين والدوليين، ويقدم المهرجان كل عام في 10 أيام العديد من أكبر الأفلام الجديدة والمرممة، والصناع والنقاد والمختصين، وهو مهرجان مخصص لعشاق الأفلام وصانعي الأفلام وصناعة السينما العالمية، ويضم إنتاجات دولية ومحلية. وتم تقديم مؤسسة البحر الأحمر السينمائية، وهي منظمة مستقلة غير ربحية تم إنشاؤها لدعم صناعة السينما بالمملكة في إنتاج وتوزيع الأفلام، فضلاً عن التعليم في مجال السينما، وتدعم مبادرات المؤسسة الخطط الطموحة للمملكة في مجال صناعة الترفيه، بما تقوم عليه من مرتكزات المجتمع والاقتصاد.

مهرجان البحر الأحمر السينمائي وفروعه – سوق البحر الأحمر وبرنامج تطوير معمل البحر الأحمر، بالإضافة إلى صندوق البحر الأحمر السينمائي – هو الذي يأخذ زمام المبادرة في تعزيز ثقافة السينما المحلية، بينما يلعب دورًا أساسيًا في جهود السعودية المتضافرة لبناء صناعة السينما والتلفزيون من الصفر.

يرأس محمد التركي مؤسسة البحر الأحمر السينمائية، وتقيم مهرجانها السنوي الخاص بعد أن تمول عددًا من الأفلام، بما في ذلك أفلام تُختار رسميًا من عدد من المهرجانات العالمية مثل: كان، وفينيسيا، وتورنتو، وبرلين، وغيرها. ويعتبر مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي وجهة لعشاق الأفلام وصانعيها، وتواصل مع أقطاب السينما من جميع أنحاء العالم في سوق البحر الأحمر السينمائي سنويًا على هامش المهرجان بفتح أبوابه للموزعين ووكلاء المبيعات والمنتجين الراغبين بإنشاء وتطوير مشاريعهم في المنطقة.

يسعى معمل البحر الأحمر بالتعاون مع تورينو فيلم لاب؛ للأخذ بيد صانعي الأفلام ودفعهم إلى الأمام، حيث يتم انتقاء باقة من المشاريع السينمائية، والإشراف عليها فنيًا وإبداعيًا؛ بهدف تطويرها وتجهيزها للمرحلة المقبلة. أما صندوق البحر الأحمر، فيطلق حملة لدعم أكثر من 100 مشروع، بمنح تصل إلى 500 ألف دولار لكل مشروع وفي كافة مراحلها الإنتاجية، سواء لتطوير المشاريع، أو إنتاجها أو دعم عمليات قيد الإنجاز. وتهدف مهرجانات أخرى، مثل مهرجان أفلام السعودية في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي «إثراء» في الظهران، إلى إبراز المبادرات السنوية التي تقيمها جمعية السينما بالشراكة مع إثراء وبدعم من هيئة الأفلام.

ويقدم المهرجان مسابقات الأفلام والسيناريوهات، ويوسع المهرجان باستمرار هيكله وجوائزه. كما يعمل مهرجان أفلام السعودية على توسيع برنامجه السينمائي ليشمل مجموعة أوسع من الأفلام المحلية والدولية. وتخلق هذه المبادرات منصة للمبدعين المحليين لمشاركة أعمالهم واكتساب الشهرة والتغلب على تحديات بناء صناعة أفلام مزدهرة من الألف إلى الياء. وحقق مهرجان أفلام السعودية منذ انطلاقه تأثيرًا غير مسبوق في تطوير وتمكين صناعة الأفلام المعاصرة بالسعودية.

صناعة السينما السعودية تحدث موجات، ومع أكبر التحديات التي تتمثل في الحاجة إلى المهنيين ذوي الخبرة وفرص التدريب الرسمية. مع نمو الصناعة، سيزداد الطلب على المهنيين الذين يمكنهم المنافسة على المسرح العالمي. وهذا يجعل البرامج التدريبية وورش العمل أمرًا بالغ الأهمية لاستمرار هذا النجاح الكبير.

 

####

 

هل تتقبل السينما السعودية «النقد»؟

سلطان فادن

منذ فترة قريبة نظمت هيئة الأفلام بالسعودية مؤتمرًا للنقد السينمائي بالرياض، احتوى على عروض أفلام وجلسات نقاش وحوارات على مستوى عالٍ من الرقي والنضج. تنظيم المؤتمر في هذا التوقيت وبهذا الاهتمام له عدة دلالات. فقد ارتأت هيئة الأفلام أن السينما السعودية التي تعيش مرحلة تكوين شخصية وإثبات حضور ووجود، تحتاج إلى النقد السينمائي كحجر زاوية أساسي ومهم لاكتمال منظومة الصناعة المنشودة؛ أو قد ارتأت الهيئة أنه مع توفر جميع مقومات الدعم والنجاح المادية واللوجستية، متبقٍ لها صوت الناقد السينمائي لضمان خروج الفيلم السعودي إلى درجة كبيرة بقيمة فنية عالية وأكثر.

رغم أن تقبل النقد السينمائي وفي عواصم السينما العالمية، هو أمر «مزعج»، وتكونت لها ثقافة عامة قائمة على أن النقاد يبرزون فقط السقطات والجوانب السلبية، وهذا غير صحيح، وانطباع أساسه غير منصف.

الناقد هو فنان أيضًا، وهو الشخص الذي ينقل تقييمًا ورأيًا لمختلف أشكال الأعمال الإبداعية، مثل: الفن والأدب والموسيقى والسينما والمسرح والأزياء والهندسة المعمارية والطعام. والناقد السينمائي هو الذي يشاهد الأفلام ويكتب عنها، وليس من يكتب عن أصحابها، أي عن الأشخاص. هو الذي يكتب عن الصور التي تتابع على الشاشة. وإن كان في أحيان كثيرة يتطرق لا إراديًا إلى تاريخ وخلفية صناع الفيلم المنشود، فقط بغرض إيصال فكرة النقد. أيضًا الناقد السينمائي هو الذي يكتشف ما لا يراه المتلقي في الفيلم، وذلك بالاستناد إلى خبرته ومعرفته وثقافته واطلاعه، وقبل كل شيء هو يعتمد على معاييره الخاصة به.

وتعتبر مراجعة الفيلم الذي يعدها الناقد أو المراجع مهمة، لأن الغرض هو مساعدة الراغبين في تحديد ما إذا كانوا يريدون مشاهدة الفيلم أو استئجاره أو شرائه، وما إن كان يستحق الوقت المخصص له أم لا. والمراجعة يجب أن تقدم تفاصيل كافية عن الفيلم حتى يتمكن المتلقي من اتخاذ قرار مستنير، دون إعطاء أي أساسيات مثل الحبكة أو أي مفاجآت.

وتكمن أهمية نقاد السينما في أنه ممكن أن يؤثر النقد بشكل عام على أداء الفيلم في شباك التذاكر. لكن ليس الجميع مستثمرين في النقد بنفس الطريقة التي يستثمر بها الكاتب والناقد المثقف.

ويعتبر روجر إيبرت هو الناقد السينمائي الأكثر شهرة بلا منازع على الإطلاق. فهو الذي قدم في «Chicago Tribune» تصنيف «إبهام لأعلى/ إبهام لأسفل» أو «إبهامين لأعلى» الذي أصبح عنصرًا أساسيًا في تقييم السينما، وكان أسلوبه عاملاً حاسمًا في تدفق الجمهور إلى صالات السينما، في صناعة استثماراتها بمليارات الدولارات.

أما عن جوائز الأفلام «وهي تختلف عن مهرجانات واحتفالات الأفلام»، ففي الولايات المتحدة التي أهم جوائز الأفلام لديها، والتي يتابعها عشرات الملايين حول العالم، هي جوائز الأوسكار وجوائز الغولدن غلوب. تأتي بعدها مباشرة جوائز نقاد السينما الأربعة المرموقة والمعروفة باسم «الأربعة الكبار»، وهي:

1- جمعية نقاد السينما في لوس أنجلوس.

2- المجلس الوطني لمراجعة الأفلام.

3- الجمعية الوطنية لنقاد السينما.

4- دائرة نقاد السينما في نيويورك «NYFCC».

وبالرغم من أزمة النقاد السينمائيين في هوليوود في الفترة السابقة واعتراضاتهم لإحساسهم بانخفاض الأهمية وأنهم زائدون عن الحاجة، مع وجود أسئلة حول غرض وقيمة المهنة في عصر المدونات واكتظاظ التعليقات والمشاركات من قبل المؤثرين والمشهورين على وسائل التواصل الاجتماعي وإهمال المراجعات ذات القيمة الثقافية، لدرجة أنهم أعلنوا «موت الناقد»؛ بالرغم من كل ذلك، تم تجاوز الأزمة، وهي ليست بالأزمة الأولى في تاريخ السينما.

ويبقى السؤال: هل السينما السعودية جاهزة لتقبل النقد السينمائي، أم هو وضع حتمي؟
كلمة: يقول الفيلسوف سارتر: الإبداع عبارة عن ثلاث حريات: حرية المبدع، وحرية المتلقي، وحرية الناقد
.

 

####

 

السينما السعودية 2023.. سؤال الاتجاه

محمد عبدالرحمن

في كواليس أي مهرجان سينمائي يتكلم النقاد أكثر مما يكتبون، المقالات عادة ما تتناول أفلام بعينها ولها حد أقصى حسب طاقة استيعاب كل إصدار، لهذا تشهد الجلسات الخاصة بينهم المزيد من الإضاءات حول الأفلام، خصوصًا للنقاد المحترفين الذين يشاركون في معظم المهرجانات، بالتالي لديهم القدرة على متابعة عدد كبير من الأفلام وتقديم نظرة أكثر شمولاً من الكاتب غير المحترف أو الجمهور بالطبع الذي قد يحكم على صناع فيلم من تجربة وحيدة، بل يحكم أحدهم على صناعة كاملة بسبب فيلم أو فيلمين على أقصى تقدير.

في جلسات النقاد خلال الدورة الثالثة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي بجدة، طرح ناقد على زميله هذا السؤال: أيهما أفضل: فيلم «أغنية الغراب» لمحمد السلمان، أم «مندوب الليل» لعلي الكلثمي؟ كلاهما سبقني في هذه المهنة وفي مشاهدة الأفلام، بالتالي كانت الإجابة مفيدة لي للغاية، قال الأستاذ الأكبر أن المقارنة بين الأفلام غير مطروحة بالأساس، فكل فيلم يتميز بطابع خاص، وإن كان يجمع بينهما أزمة الوجود التي يعيشها البطل، لكن لكل مخرج لغته السينمائية المستقلة التي سمحت للأول بأن يمثل السينما السعودية في مسابقة أوسكار أفضل فيلم أجنبي العام الماضي، فيما يترقب الكثيرون العروض التجارية لـ«مندوب الليل» بعد الإشادات النقدية التي حققها في تورنتو والبحر الأحمر.

سؤال الأفضل دفعني لطرح سؤال آخر، يتعلق بالاتجاه الذي تذهب إليه السينما السعودية التي حققت معدل تقدم غير مسبوق، في وقت قصير للغاية، ربما لا يزيد على خمس سنوات تلقى مخرجون ومنتجون دعمًا غير محدود لإنتاج الأفلام بهدف واضح للجميع، أن تكون الصالات السعودية منتجة وليست فقط مستوردة. ملايين الريالات التي حققتها الصالات تذهب بالأساس للأفلام الأميركية والهندية والمصرية، لكن أين أصحاب الأرض، هذا هو سؤال الاتجاه.

في تقديري أن كل التجارب التي تشهدها السينما السعودية 2023.. سؤال الاتجاه حاليًا، هي في جملتها أمر مبشر للغاية، صحيح أن هناك تفاوتًا في المستويات لتلك الأفلام التي تشارك في المهرجانات وتنافس على الجوائز، وصحيح أن الفيلم الذي حقق إيرادات قياسية وهو “سطار” يصنف بأنه عمل تجاري بحت موجه للجمهور الباحث عن التسلية؛ لكن من قال إن السينما حتى تتطور يجب أن تسير على سطر واحد، وهو الأفلام الفنية رفيعة المستوى.

باختصار، يمكن القول إن تكثيف الإنتاج في السنوات الحالية هو أمر ضروري وملح، طالما أن الإمكانات المادية والفنية متوفرة، وأن الإحباطات التي تسببها بعض التجارب عرض جانبي طبيعي، ولا أعتقد أن هناك سينما في العالم يتفوق فيها الفني كمًا وكيفًا على التجاري؛ المطلوب هو التنوع، لكن الأهم هو التعلم من الأخطاء، وهو ما لمسته من العديد من المخرجين السعوديين الصاعدين بشكل يجعل التفاؤل مسيطرًا فيما يتعلق بالتجارب المقبلة، خصوصًا أن السوق السينمائي في السعودي على مستوى الإنتاج والتوزيع قادر على استيعاب عدد أكبر من الأفلام وبشكل يجعلنا نتوقع للوصول لسنة 2030 وقد استقرت خريطة السينما في السعودية ولم نعد في حاجة لاستخدام صفة «الوليدة»؛ لأن الاتجاه قد ظهر واتضح وعلى السائرين على الطريق فقط مراعاة العلامات الاسترشادية وتقديم كل الأنماط التي تعجب الجمهور، ساعتها فقط نراهن على أن تتخطى الأفلام المحلية حدود المملكة وتجتذب الجمهور في باقي دول المنطقة.

 

####

 

المسافة بين السينما السعودية والأوسكار: النقاد السينمائيون المؤهلون

عبدالله الذبياني

تحرك نشاط السينما لدينا في المملكة على مسارين منذ عودة دور السينما للبلاد ابتداء من عام 2017. تمثّل المسار الأول في توسع ثقافة الحضور لدور القاعات للأفلام المقدمة من الخارج، فيما بدأ يتشكل مسار ثانٍ ممثلاً في صناعة أفلام للدور، وليس للمسابقات أو البيع على القنوات، كما كان سائدًا قبل التشريع رسميًا لهذا النشاط، وربما يمكن اعتبار فيلم «حد الطار» الذي تم عرضه عام 2020، نقطة الأساس نحو إنتاج الأفلام السعودية لغرض العروض في دور السينما، وليس القنوات أو المسابقات. هذا لا ينفي وجود مبادرات سابقة لهذا الفيلم، لكن كانت في حدود ضيقة وفي ظل غياب التشريعات في حينها، لا يمكن اعتبارها صناعة أو باكورة صناعة، فهي لم تكن أكثر من أنشطة فردية.

ما تحديات السينما لدينا؟.. هل هي الإنتاج، أم الممثلون أم الكوادر المؤهلة، أم النقد السينمائي؟ بدرجة عالية يمكن استبعاد القدرة على الإنتاج من تلك التحديات. فالقدرة المالية عالية يمثلها حجم الاقتصاد، وهي عامل مهم في الإنتاج السينمائي مدعومة بالقدرة الشرائية للسكان، والذي انعكس في مباشرة خمس شركات أو ست لافتتاح صالات العروض في عدد من مدن المملكة، ولا يزال النمو مطردًا. انعكس ذلك في صدور عشرة أفلام سعودية هذا العام.

ويبقى تأهيل الكوادر في التمثيل وصناعة السينما والنقد السينمائي في ظل غياب المعاهد المؤهلة في هذه الصناعة، هو التحدي الأبرز، ولا يمكن لأي صناعة أن تنمو وتزدهر بمبادرات فردية؛ حتى لو وجدت التشريعات المنظمة، فإنها غير كافية لوضع أسس متينة لصناعة مستدامة. هذا لا ينفي وجود مبادرات من قبل عدد من الجامعات السعودية في هذا الخصوص، كما أشاد بذلك الأمير بدر بن فرجان، إلى جانب نشاط الوزارة في عقد دورات في أطراف الصناعة، غير أنه كل هذه المبادرات ما زالت وليدة ولا تواكب حجم الإنتاج الذي بلغ في عام واحد عشرة أفلام.

من تلك المبادرات التي يمكن اعتبارها أساسًا جديرًا بالإشارة إليه، ما أعلنته جامعة عفت الأهلية «مقرها جدة»، وهو بكالوريوس العلوم في الفنون السينمائية؛ هو برنامج رائد للطالبات المتطلعات إلى متابعة دراساتهن العليا في مجالات إنتاج الأفلام. ويعتبر البرنامج الدرجة الجامعية الأولى والوحيدة في التعليم العالي في المملكة العربية السعودية التي تخرج مهنيين مؤهلين لتلبية احتياجات السوق لهذه الصناعة المزدهرة. وبكالوريوس العلوم في الفنون السينمائية عبارة عن برنامج مهني موجه نحو المهارات ويعمل وفقًا لأفضل الممارسات في الجامعات الرائدة في العالم؛ من أجل خلق توازن بين المهارات والنظريات. ويشتمل البرنامج على خلفية أساسية في تاريخ الفنون السينمائية، وهياكل صناعة السينما، والإعلام، ووظائف وتأثيرات وسائل الإعلام، والقانون، والأخلاقيات المتعلقة بالفنون السينمائية، وتحليل الأفلام، والنقد، والبحوث الإعلامية، والتسويق. الهدف الأساسي من البرنامج هو تقديم منهج دراسي حديث في مجال الإعلام والفنون السينمائية سريع التغيير، والمساهمة في كتابة تاريخ صناعة الأفلام في المملكة العربية السعودية والخليج.

لا شك أن المملكة بقيت عقودًا دون معاهد أو جامعات أو مبادرات في صناعة السينما، متوازيًا مع عدم السماح بصالات العرض، حتى حدثت الانفراجة بعد إطلاق رؤية المملكة 2030، التي امتدت أذرعتها لكل القطاعات بما فيها السينما. وهذا الغياب الطويل عن الصناعة أثر بشكل جلي في الكوادر المؤهلة، سواء في التمثيل أو في الخدمات الأساسية والفنية والمساندة في الصناعة، والأمر يحتاج إلى عدة سنوات، ربما لا تقل عن خمس لحصد نتاج المبادرات العلمية في الجامعات السعودية، التي تحظى بدعم وتشجيع وزارة الثقافة.

قد يكون التحدي المهم في هذه المرحلة هو «النقد السينمائي أو الفني» للأفلام السعودية؛ ولأنه لا يوجد لدينا معاهد أو جامعات تدرس هذا التخصص، قد يكون من المناسب تطبيق فكرة «العرض الخاص» لأي فيلم سعودي، بحيث يُدعى له نقاد من دول سبقتنا في هذه التجربة، مثل: مصر ودول شمال إفريقيا والكويت.

النقد السينمائي الحقيقي هو التحدي الفعلي لصناعة السينما في المملكة، ولا يمكن أن نذهب بعيدًا في هذه الصناعة دون وجود النقاد المؤهلين. فالنقد السينمائي هو عملية تحليل وتقييم وتذوق العمل الفني بشكل عام، والدرامي والسينمائي بشكل خاص، من جميع جوانبه من حيث القصة والإخراج والموسيقى التصويرية والتمثيل والإضاءة والمونتاج إلى آخره من مكونات وأساسيات العمل الفني الدرامي أو السينمائي. وبشكل عام يمكن تقسيم النقد السينمائي إلى ذلك الذي يظهر بانتظام وله مساحات محددة ومعروفة في الصحف، وهو النقد الأكاديمي من قبل النقاد الأكاديميين والباحثين المتخصصين في النقد السينمائي، والذي يُنشر في الدوريات المتخصصة.

ما يدفع بدرجة عالية نحو تأهيل نقاد سينمائيين في المملكة، هو دخولنا في قائمة المهرجانات العالمية للسينما من خلال مهرجان البحر الأحمر الدولي، الذي بات يحتل مكانة كبيرة إقليميًا. وليس من المبالغة أنه بات يخطو بخطى ثابتة نحو العالمية، استنادًا إلى تطبيقه معايير المهرجانات الدولية مثل «كان» دوليًا، والقاهرة إقليميًا. فلجان التحكيم في مهرجان، من المناسب جدًا وضمن آليات التسويق، أن يكون من بين أفراد لجان التحكيم كوادر سعودية مؤهلة، وليست مهتمة فقط أو متابعة، تستند إلى خلفيات معرفية وليست علمية.

في ظل كل المعطيات، باستثناء النقاد السينمائيين الذين يتوقع أن يدفعوا بجودة الإنتاج إلى حضور الفيلم السعودي «نقصد السعودي إنتاجًا وكوادر»، يمكن أن تحظى الأفلام السعودية بفرص أعلى في الجوائز العالمية في هذه الصناعة. قد يعتقد البعض أن ذلك يبدو بعيدًا على سبيل المثال مع الأوسكار، لكن الحقيقة ليست كذلك، هناك دول أقل إنتاجًا وصلت حتى القوائم القصيرة في الأوسكار، منها أفلام من دول مثل: السودان ولبنان وفلسطين واليمن. ربما من مفارقة القدر أن السينما المصرية التي تجاوز عمرها 100 عام، لم تدخل حتى القائمة الطويلة في الأوسكار العالمي. هذا ربما يعكس ضرورة الإنتاج العالي، مدعومًا بالفكرة وتراكم تجربة النقد نحو تحسين الصناعة مع مرور الزمن.

 

####

 

الأبعاد الأيديولوجية للسينما السعودية

سلطان القثامي

قبل ست سنوات تقريبًا، وأثناء دراستي لمنهج «تاريخ السينما»، سألني أستاذ المادة لماذا تتم إقامة مهرجان سينمائي في السعودية، بالرغم من عدم وجود صناعة حقيقية للأفلام. وأردفه بسؤال آخر عن طبيعة المخرج السعودي الذي سيفتتح المشوار مع السينما ودور السينما في التحول الاجتماعي المعاصر. وهذه أسئلة طبيعية من شخص خبير ومهتم بالتاريخ السينمائي للدول. وبالنظر إلى التجارب المتقدمة في هذا المجال، هناك سمة مشتركة بين الأفلام السوفييتية والألمانية والفرنسية والإيطالية والأميركية، وهي أن هذه الأفلام نشأت كجزء لا يتجزأ من قيام الأنظمة الحكومية وسيادتها. أي أن العديد من أفلامها عُرِضت خصوصًا للدفاع عن بلدانها في مواجهة الخصوم.

فالأفلام بطبعها أيديولوجية كسائر الفنون الأخرى وتعبر عن عقائد ومذاهب سياسية، وبالأخص في لحظات النزاع المحلي والحروب. في التجربة الروسية، على سبيل المثال، تبنّى سيرجي أيزنشتاين في فيلمه الصامت «المدمرة بوتمكين»، الفكر الاشتراكي الديمقراطي، بقيادة الفيلسوف فلاديمير لينين، المساند للثورة العمالية في مدينة سان بطرسبيرغ. وكان مجموعة من المخرجين السوفييتيين قد طرقوا النهج نفسه في دفاعهم عن هذا الحزب أو ذاك أثناء وبعد الثورة البلشفية عام 1917.

وفي السياق نفسه الذي يتمحور حول الأثر الأيديولوجي للأفلام في ترسية مشاريع سياسية معينة وقيام الحكومات، دأبت كثير من أفلام هوليوود على دعم توسع الإمبراطورية الأميركية في القرن العشرين، وبالتحديد في حروب الولايات المتحدة الأميركية المتعددة مثل: الحرب العالمية الثانية، وحرب فيتنام، وحربي أفغانستان والعراق، والحرب الباردة. وكانت تحاول هذه الأفلام – مثل فيلم «بلاتون» لأوليفر ستون عن حرب فيتنام – تبرير الخطاب الغربي التوسعي وتسجيل موقف متحيز من الصراع الرأسمالي الشيوعي بين أميركا والاتحاد السوفييتي. لذلك، فإن السينما بطبيعتها فن متفاعل مع الحالة السياسية للبلدان وفي تماهٍ أو تضاد مستمر مع أيديولوجياتها.

يؤكد المنظّر السينمائي جان لوي بودري، في نظريته الجهاز السينمائي، أن السينما تعمل كمؤسسة فكرية، فهي أحد السبل التي تستخدمها الدول للتعبير عن فكرها أو منهجها السياسي، وخصوصًا في علاقة الشعوب بعضها ببعض. فهي آلية اجتماعية ونفسية تساعد في ضبط الأنظمة وتنظيم العلاقات الاجتماعية والدولية. اليوم، وفي خضم العدوان الإسرائيلي على فلسطين، قام الكيان الصهيوني بإنتاج مشاهد فيلمية ونشرها لتحسين صورته أمام العالم محاولاً التأثير على مشاهديها، محاولة منه في إقناعهم وتبرير غاراته المستمرة على قطاع غزة المحتلّ.

وهناك دول أخرى تقوم بالأمر نفسه، ولكن لسبب مختلف. مثل أن تحاول التعريف بنفسها ثقافيًا عبر التركيز على مشاريعها الإنسانية داخليًا وخارجيًا. وبالنظر إلى السياق المحلي، ومع تزايد الضغط الدولي وانقسام المجتمع الدولي حول الإصلاحات الاقتصادية في المملكة اليوم، ما زال هناك شح كبير في نقل صورتنا ووجهات نظرنا إلى العالم، وبالتحديد فيما يخص رؤيتنا حول النزاعات الإقليمية في الشرق الأوسط. فتغيب عن أفلامنا وجهة نظر المؤلف حول الصراعات الاجتماعية وعلاقتها بالصورة السياسية الكبرى في المنطقة. فالتطرف، على سبيل المثال، تم التطرق إليه في العديد من الأفلام كنزعة فردية وليس كنهج لمجموعات وتيارات فكرية مدمّرة داخل وخارج المملكة. مع الدعم الحالي للسينما، نتطلع إلى استقبال أفلام مؤثرة اجتماعيًا وذات أبعاد فكرية وفلسفية مثيرة وجذابة للمشاهد والناقد السينمائي على حد سواء.

 

موقع "سوليوود" السعودي في

05.12.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004