ملفات خاصة

 
 
 

مفارقات سينما البيئة في فيلم «ناقة»

سلطان القثامي

البحر الأحمر السينمائي الدولي

الدورة الثالثة

   
 
 
 
 
 
 

يتناول فيلم «ناقة» من إخراج مشعل الجاسر، الحالة ونقيضها في وصفه لعلاقة الإنسان بالطبيعة والحيوان. ومن منظور سينمائي، يمكن تصنيف هذا العمل في حقل ما يسمى بسينما البيئة، وهي توجه لدى فئة من صناع الأفلام نحو تجسيد العلاقة الجدلية بين الإنسان والبيئة المحيطة به، بما فيها من طبيعة وكائنات حية. يندرج تحت هذه الفئة من الأفلام أعمال تسهب في فهم دوافع تمرد الإنسان على الطبيعة أو دفاعه عنها، ظهرت بكثرة في القرن الواحد والعشرين.

ذُكِرَ مصطلح سينما البيئة قبل عقدين من الزمن في كتابات سكوت ماكدونالد، ثم ديفيد إنجرام كوصف للأفلام التي تحمل رسالةً أو موضوعًا بيئيًا معينًا. تطور المفهوم مع الوقت وتعددت دلالاته، حتى أصبح استخدامه أكثر تعقيدًا في سياقات متعددة. فتحول الفهم التقليدي إلى نوع من النقد البيئي الذي يتجاوز التصوير البسيط لعناصر الطبيعة في العمل الفني. تقول أستاذة الإعلام والفن، باولا ويلوكيه ماريكوندي، إن الأفلام البيئية لا تبدو في ظاهرها بيئية، لكنها مع ذلك تقدم لنا وجهات نظر حول علاقة الإنسان بغير الإنسان. وشمل هذا النموذج توجهات عدة منها، على سبيل المثال، التغير المناخي والاستعمار، ويأخذ في الاعتبار التوتر الناتج عن هذه العلاقة وأثره على الطرفين. فتستحضر سينما البيئة الظروف التي تنظم أو ربما تزعزع العلاقات الإنسانية بالكائنات غير الإنسانية، محاولةً إضفاء معاني نقدية كامنة، خصوصًا في الأفلام التي قد لا تبدو بيئية بشكل واضح، لكنها تُظهِر، بوعي أو بغير وعي من صانع الفيلم، معنىً أيديولوجيًا يعكس كيفية ارتباط البشر بالبيئة والكائنات التي تعيش فيها.

يقف فيلم «ناقة» بين طرفين متناقضين. فهو يصور الحالة التي تستقبل فيها الصحراء أفراح البشر ومآسيهم على حد سواء. وكذلك نفس الحالة التي يكون فيها الحيوان صديق الإنسان وعدوه. هذه الفكرة أشبه ما تكون بالرومانسية الداكنة في القرن التاسع عشر في أميركا التي صور فيها الأدباء، وبالتحديد كتاب الأدب، كيف تكون الطبيعة الغابات الكثيفة والبحار مصدر انبهار لزوارها وخوفهم أيضًا. لكن غالبًا ما تنبع هذه الفكرة من نظرة واقعية للحياة والاحتمالات الكامنة في الطبيعة بشكل عام، وليس بالضرورة أن يكون الإنسان سببًا للخطر أو التهديد المباشر للبيئة على حياته.

يذهب البشر للصحراء في «ناقة» للترفيه عن أنفسهم، فهي متنفس لكثير من سكان مدينة الرياض، فهي الطبيعة الخام التي يجد فيها الإنسان راحته، بعيدًا عن ضوضاء وضجيج المدينة. بل هي المكان الذي يحتفل فيه الناس ويكتمون أسرارهم بعيدًا عن بقية المجتمع. فتذهب الشخصية الرئيسة «سارة» في موعدها الغرامي مع «سعد» ويقيم «شاعر نجد» احتفالًا بفوزه هناك. وفي الصحراء أيضًا أساليب الترفيه المتعددة مثل الغناء والرقص وركوب الدبابات. بشكل عام، يذهب البشر هناك ليكونوا سعداء. فجميع الشخصيات في الفيلم ذهبوا للصحراء بكامل إرادتهم، فهو المكان المناسب وربما الوحيد لممارسة حرياتهم الفردية. لكن تصبح الصحراء بعد ذلك رمزية للهلاك والضياع. فغالبية من ذهبوا للصحراء واجهوا مصيرًا قاسيًا يعطي انطباعًا للمشاهد أن المكان الذي قصده الناس للتعبير عن جمال حياتهم هو في الواقع مصدر للشر والخسارة.

أقدّر النظرة الموضوعية تجاه العوامل المسببة للمصائب، فالنظرة الحالمة والمتشائمة جدًا لا تخبئ الكثير من الحقيقة في إطارها السردي. قد يكون الفيلم حافظًا على توازن لا بأس به في تعامله مع الصحراء، لكنه لم يحافظ على صوابية هذه النظرة في تجسيده لدور الناقة في الفيلم.

النظر للجمل كمصدر شر دائم هي نظرة استشراقية عابرة وفكرة استعمارية لا أظنها مقصودة في سياق هذا الفيلم. في الواقع أن الصحراء هي موطن الناقة وعلى الإنسان ألا يجزع وأن يتعايش مع هذا الواقع إذا علمنا أن الإنسان الحديث ما زال يشوّه البيئة بمعدّاته ويغير معالمها.

كنت أتمنى لو تعمّق مؤلف الفيلم في كشفه لتوجهات الشخصيات ووعيهم البيئي. غالبًا ما يحدث هذا الأمر عبر الحوار بين الشخصيات أو المنظور الفردي للشخصيات الرئيسة. فسينما البيئة تُعنى بالتحديات الفكرية التي تختلج العقل البشري في مواقفه اليومية مع من حوله. في مناسبات كثيرة كان هناك فرصة لعكس هذا الوعي الفردي والجمعي حول علاقة الإنسان ببيئته، لكنها لحظات تمعن ولا تدوم طويلًا ولا تعطي انطباعًا عن آراء الشخصيات تجاه الصحراء بالتحديد. على سبيل المثال، موقف «سارة» من المادة المخدرة التي عثرت عليها في الرمال، لكن رمتها للناقة التي بدورها تناولتها ولقت حتفها مباشرة بعد ذلك.

هذا المشهد رمزية لتعدي الإنسان على بيئته، فجميع ما يتركه الإنسان في الأرض يؤثر بشكل مباشر على صحة البيئة والحيوانات التي تقطنها، فيصبح الإنسان أسير رغباته وتصبح البيئة مصدر استغلال دائم. في الواقع أن علاقة الإنسان بأرضه في المجتمعات الحديثة هي علاقة أكثر نفعية وأقل توازنًا من الماضي. كثير من المجتمعات القديمة تفيد البيئة والحيوان وتستفيد منها، فهي علاقة متوازنة إلى حد كبير. لكن الإنسان الحديث يربي عادات الطمع والجشع في تعامله مع مصادر الطبيعة المختلفة. في الصحراء، قد يترك البشر مخلفات الأكل والنار وقد يُهجِّرون الحيوانات تلبيةً لرغباتهم الشخصية، لكنهم يفعلون القليل في المقابل للتكفير عن سلوكياتهم البيئية الخاطئة.

 

موقع "سوليوود" في

19.12.2023

 
 
 
 
 

«الهامور ح.ع».. بطل مأزوم وحكاية لها خصوصية

علاء خليف

يبدو أن قصص الاحتيال جميعها واحد ومنشؤها واحد، ونهايتها كذلك واحدة. وحين تتشابه قصص الاحتيال التي غالبًا ما تنبني على الجشع والطمع وتنتهي بالانهيار السريع والسجن كعاقبةٍ حتمية، فإن القصص جميعها تبدو متشابهة، ولكن دائمًا هناك زاوية جديدة للتناول. وهناك جديد يمكن روايته.

فيلم «الهامور ح.ع» يحاكي قصة حقيقية، حول الاحتيال في المجتمع السعودي، حيث قصة المحتال الذي كوّن شركة لتوظيف الأموال، واعتمد على مدخرات الطبقة الوسطى، والاستثمار في أحلامهم.

وعلى الرغم من تشابه الحكاية مع عشرات الحكايات شرقًا وغربًا، ما انبنى عليه عدد من الأفلام المشابهة، التي تتحدث جميعها عن رحلات الصعود المكوكية في عالم الاحتيال، إلا أن فيلم «الهامور ح.ع»، كانت له خصوصية تميّزه، حيث الهوية السعودية البارزة، في المكان والشخوص، وكذلك في الحبكة الكوميدية الجيدة.

ويكمن الاحتفاء بفيلم «الهامور ح.ع» لجودته العالية كأحد أهم أفلام السينما السعودية التي انطلقت انطلاقة قوية خلال آخر عامين، وكون الفيلم تم تقديمه لجوائز الأوسكار، وكذلك كونه أول فيلم سعوديّ يعرض في السينمات المصرية، خاصة بعدما كانت السينمات السعودية، وعاءً يحتوي أفلامًا مصرية وأجنبية دون أعمالٍ سعودية، فأصبحت الآن بسبب وفرتها الإنتاجية وجودتها المتطورة، تعرض أفلامها في السينمات المصرية.

«أخرج الحارة منك»

استعرض راوي الفيلم وبطله “حامد” قصة صعوده المكّوكي، فحامد نشأ في أسرة فقيرة في حارة بمكة، وامتلك طموحًا كبيرًا في حصد الثروات، فانتقل مع زوجته لمدينة جدة. إلا أنه تعثّر في عدّة أعمال متواضعة. وحتى حين تم توظيفه في شركة كبيرة، أيقن أن الوظيفة لن تؤمن له الطموح الذي ينجّيه من الفقر ويحقق له الثروة الضخمة، فلجأ للاحتيال.

اعتمد حامد راوي الفيلم وبطله على مقولة أسس عليها، مبدأه في الاحتيال وهي: «أهم من أن تخرج من الحارة، هو أن تخرج الحارة منك»، وهي مقولة تعبر عن لحظة التغيير التي طالت بطل العمل، والتي انبنت على معاناته السابقة، وتمثل كذلك طموحه الكبير. فذلك البطل المأزوم، الذي عانى فقرا مدقعًا، أدرك في لحظة حاسمة أن الفقر قرار وأن الغنى قرار، وأنه إن لزم عليه تغيير ظروفه المادية، فعليه أولًا أن يتغير هو وتتغير طريقة تفكيره وتطوير ذكائه، ومن ثم تتغير كذلك معاملاته مع الناس، ولكن كل ذلك لم يشفع له في أن يسلك طرقًا غير ملتوية.

أسس حامد مع أصدقاء له، شركة لتوظيف الأموال، واستثمر في أحلام الطبقة الوسطى، حتى كانت أموال المودعين تتدفق عليه، رغمًا عنه، حين يكتفي ويغلق أبواب الإيداع. وعلى الرغم من كون قصة صعود “حامد” سريعة لدرجة أنه كراوٍ للفيلم، وحين استعرض أسطول سياراته، قال إنه لم يكن يتخيل منذ ثلاث سنوات فقط أن يشتري سيارة، إلا أن بناء الفيلم استغرق مدة طويلة، في بناء مشاهد معاناته قبل الاحتيال، حين كان يعمل كحارس أمن، ثم كموظف تسويق داخل “كول سنتر” إحدى الشركات، ثم مدة أخرى طويلة لوضعه أثناء مرحلة الصعود، ولم يعبأ مخرج العمل، بمرحلة الانهيار، لحتميته وكونه انهيارًا سريعًا انبنى على تحذيرات صحفية من التعامل معه.

وفي الأخير؛ فإن فيلم «الهامور ح.ع» يعدّ واحدًا من أهم الأفلام السعودية، والذي من شأنه حال دخوله ترشيحات القائمة الطويلة لجوائز الأوسكار، سيمثّل نقلة هامة للسينما السعودية، ليس فقط على الخارطة العربية والإقليمية، وإنما كذلك في الخارطة العالمية.

 

####

 

ناقة العادات

إيمان محمد

لم يعد دور الناقد السينمائي كما كان على عهده القديم والمتعارف عليه في السابق، فتخصص النقد الذي كان يمارس سابقًا لم يعد اليوم حصرًا عليه، في ظل وجود انفتاح إعلامي للجمهور شديد التأثير كبرامج التواصل الاجتماعي، والانفتاح على إطلاق الآراء والتقييمات تحت الهاشتاقات، أو البحث عن الترند أو الإدلاء بآراء توجيهية متحيزة لقوالب محددة لا تعترف بالتحديث أو التطوير، وآراء تخطت المنهجية النقدية البناءة في تقديم الإيجابي على السلبي، وآراء رأت في هذا النقد ضالتها فشرعت إليه، غير أن في هذا الهجوم السلبي مؤشرًا إيجابيًا أيضًا، بما يشير إلى وجود حراك سينمائي عاصف واهتمام غير مسبوق بالفيلم السعودي، وتكاتف دفاعي أيضًا ضد حملات النقد المغرضة والمحبطة بعد مشاهدة أي عمل سعودي ووضعه تحت مجهر النقد السلبي لا النقد البناء.

السينما السعودية اليوم تخطو بداياتها بكل شجاعة وثقة وطموح، تخطو لتتجاوز خطوطًا رسمها المجتمع المنغلق على نفسه، وأحاط نفسه ضمن دائرة محيطها المتواضع ليطمس حقائق لا يريد لأحد الإفصاح عنها؛ لذا سيواجه صناع الأفلام في قادم الأيام عقبات كثيرة، أبرزها إظهار خفايا هذا المحيط والنزول إلى نسيجه المجتمعي مهما واجه من اعتراضات أو «انتقادات»، ومهما علت أصوات المنادين بفكرة اليوتوبيا وإنكار الديستوبيا، ثم مواجهة هذه الموجات المرتدة على أفكارهم الإبداعية والرسائل التي يريدون إيصالها، كما حدث مع فيلم «ناقة» للمخرج مشعل الجاسر الذي يُعرض حديثًا على منصة نتفليكس بعد أن ارتفعت أصوات منتقديه أمام معجبيه.

الفيلم في رأيي أنه حمل فكرة عميقة وجديدة تبدأ من اختيار المخرج لكلمة «ناقة» وتوظيفها كرمز للعادات التي نصطدم بها في بيئتنا، أو تصدمنا إذا تجاوزنا الزمن لتتحكم في مسارات حياتنا وتعطل المجتمع. وفي الفيلم تعاني بطلته «سارة» من هذا الاصطدام المتحيز ضد جنسها كونها أنثى في مجتمع ذكوري والمفارقات الناتجة عن هذا التمييز. الفكرة والترميز الذي خلقه مخرج ومؤلف الفيلم غاية في الإبداع، وتبقى مادة الحوار المكتوب ورسم الشخصيات – في رأيي – هما الجزء الأقل كفاءة من فكرة الفيلم الخلاقة.

هذه الناقة الجديدة ما هي إلا واحدة من الاستراتيجيات التي صنعها المخرج في تقديم رسالته غير المباشرة، والتي كان من المفترض أن تخرج بعد انتهاء الفيلم لتعمل صدامًا آخر مع المجتمع في تحطيم تابوهاته، إلا أن المجتمع واجهها كعادته بناقته القديمة!

 

####

 

«ناقة».. عندما تنتصر السينما للمرأة

تيسير قوايد

فيلم «ناقة» للمخرج والمؤلف السعودي مشعل الجاسر، وبطولة أضوي بدر، والذي يعرض حاليًا على منصة نتفليكس ويدخل في قائمة الأعلى مشاهدة في أيامه الأولى لعرضه، يعدُّ من العلامات الفارقة في تاريخ السينما السعودية؛ لأنه يفتح الباب أمام نوعية جديدة من الإبداع ذلك الذي يهتم بالقضايا المجتمعية الملحة ويسلط الضوء عليها ويكسر أحد التابوهات الهامة في المجتمع السعودي.

وتدور أحداث الفيلم حول البطلة سارة التي تعيش في بيت صارم جدًا تقليدي، بينما هي تتبنى أفكارًا متمردة ترفض بها كل التقاليد وتعيش حياة سرية. ففي حين تذهب لملاقاة صديقها في حفلة يقيمها في الصحراء تتعطل سيارتهم أثناء العودة وهو ما يترتب عليه سلسلة من المشكلات يكون عليها مواجهتها والإسراع بالعودة إلى المنزل قبل حلول الساعة العاشرة مساء لتأمن عقاب والدها.

«مستر سين» الفيلم كان المشهد الذي تجري فيه البطلة في الشارع وتتصبب عرقًا، بينما الشباب يلهون ويرقصون في الشارع وسياراتهم، ويقضون وقتًا ممتعًا ليس لشيء إلا لكونهم ذكورًا لا يعبؤون بموعد العودة للمنزل ويأمنون العقاب في كل الأحوال.

استخدم المخرج هنا الحركة البطيئة والأضواء الساطعة نحو الشباب، بينما كانت الأضواء خافتة تقترب من الأبيض والأسود مع نظرة خوف للحاق بموعدها مختلطة بنظرة تمنٍ أن تحظى مثلهم ببعض المرح دون قلق من العقاب.

هنا البنت تحمل في أعماقها سنوات من المنع والكبت بعدم السماح لها بالخروج وتمضية بعض الوقت مع أصدقائها ليس لكونها أنثى ممنوع عليها ممارسة حريتها، بينما الذكور لسنوات طويلة يتمتعون بحرية الحركة والتخطيط للاستمتاع بمباهج الحياة.

التطورات الهامة التي تشهدها المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة، التي تشمل نواحي اجتماعية واقتصادية وإعلامية وفنية لم تغفل المرأة، التي كان لها النصيب الأكبر من تلك التغييرات، وهو ما بدا واضحًا في تلك الطفرة الجديدة في السينما السعودية.

المرأة دائمًا عنصر هام ومؤثر في المجتمع والاهتمام بقضاياه، وتسليط الضوء عليها يعلي من قيمتها ويعطيها مزيدًا من الحقوق من شأنها المساهمة في رفعة وتطور المجتمع حتى لا يصبح المجتمع ذكوريًا فقط يهتم بحقوق الرجال دون النساء، رغم الدور البارز والهام للمرأة ومشاركتها في التطور الاقتصادي والثقافي جنبًا إلى جنب مع الرجل.

اختلاف النقاد حول أهمية الفيلم، وهل هو جيد أم سيئ، ينبئ عن عمل فني هام، ويحظى باهتمام من الجميع لإثارته قضية هامة، ولولا هذا ما تكلم عنه أحد. أما من الناحية الفنية، فالفيلم يحتاج لمزيد من الاهتمام بتقنيات التصوير والإخراج، ولكنه يبقى خطوة على طريق صناعة جديدة ومختلفة للسينما السعودية.

 

موقع "سوليوود" في

20.12.2023

 
 
 
 
 

مفاجأة متوقعة.. ماذا فعل «مندوب الليل» في شباك التذاكر؟

محمد عبدالرحمن

في حديث جمعني مع المخرج علي الكلثمي خلال مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الأخيرة، قال مخرج «مندوب الليل» إن الجوائز تسعده، لكن المهم هو رأي الجمهور «الحقيقي»، وصفة الحقيقي هنا تعود على الجمهور وليس الرأي؛ أي الجمهور المستهدف من الفيلم، وهؤلاء لم يكن الشريط قد وصل لهم بعد، حيث عرض «مندوب الليل» في مهرجانات مثل: «تورنتو» بكندا، والبحر الأحمر بجدة، لكن المقياس الفعال هو إقبال الجمهور على صالات السينما. حديث الكلثمي كان ردًا على الجوائز المتوقعة من الدورة الثالثة وانتهى المهرجان وخرج «المندوب» بلا جوائز قبل أن يمنحه الجمهور الجائزة الكبرى، حيث لقب أكثر الأفلام السعودية تحقيقًا للإيرادات في الأسبوع الأول.

بحسب الصحفي السينمائي البارز، أحمد العياد، حقق الفيلم 114 ألف تذكرة في أول أسبوع بإجمالي إيرادات وصل إلى 6 ملايين ريال، والأهم أن ما حققه من تذاكر يقارب 50% من عدد التذاكر المقطوعة في نفس الأسبوع؛ أي أن نصف من ذهبوا للصالات بالمملكة في 7 أيام كان اختيارهم «مندوب الليل»، فإلى أي حد يمكن اعتبار تجاوز الفيلم لما سبقه من أفلام سعودية وتحقيقه ثاني أعلى افتتاح لفيلم عربي مفاجأة؟

في تقديري أنها مفاجأة لكنها متوقعة، أي أن الشريط من البداية مؤهل لتحقيق الإيرادات الكبيرة، لكن بالتأكيد الوصول للمركز الأول كان من الصعب الرهان عليه، فلا يمكن تقييم اتجاهات الجمهور مسبقًا. غير أن الشريط المنسوب لتلفاز 11 مستعد الآن للاستمرار وتحطيم كل الأرقام القياسية، سواء في إجمالي الإيرادات أو عدد الأسابيع التي سيبقى فيها مطلوبًا في الشباك، وليس ببعيد أن يستمر لما بعد رمضان المقبل.

لماذا كانت المفاجأة متوقعة؟ هل لأن الفيلم محبوك الصنع من الناحية الفنية؟ بالتأكيد هذا عنصر أساسي، لكن أفلامًا أخرى تميزت بالصنعة الجيدة ولم تحقق نفس الإيرادات في الأسبوع الأول. السبب الموازي والأهم، من وجهة نظري، هو الموضوع الذي تفتقده أفلام عدة، أو بمعنى أدق تفتقد أن يلامس الموضوع اهتمامات الفئة الأعرض من الجمهور.

«مندوب الليل» أو «مندوب» في الترجمة الإنجليزية للاسم فيلم عن مواطن سعودي عادي وهي نقطة القوة التي انطلق منها الكلثمي وشريكه في الكتابة محمد القرعاوي. مواطن يعاني أزمة مالية، يضطر إلى العمل في مهنتين: إحداهما ليلية، تصيبه اضطرابات النوم فتؤثر على كل تصرفاته وعلى علاقاته بالآخرين، هذه القصة ببساطة، لكن التعقيد في كيفية حكيها والتفاصيل التي نسجها صناع الفيلم منذ المشهد الأول الذي نرى فيه البطل «فهد بن ناصر» وهو يخضع للتحقيق في الشركة التي يعملها بها نهارًا، ويتصرف بجنون مع مديره المباشر قبل أن نكتشف تدريجيًا دواخل الشخصية وتكتمل الصورة العائلية التي يقع هو في مركزها، حيث الأب المريض والأخت المطلقة والعلاقة العاطفية المفقودة التي يتخيلها كما يشاء، فيما الطرف الثاني ينطلق في اتجاه آخر؛ كل هذه الدراما لا تخلو من ضحكات بسبب المواقف المتناقضة للبطل – جسده بتميز محمد الدوخي- وأيضًا شخصية ابن عمته التي قدمها الممثل الظريف «أبو سلو».

خلال حديثي مع الكلثمي سألته لماذا أسندت لسارة طيبة وهي محترفة شخصية الفتاة التي لا تظهر إلا بصوتها مع البطل وتطل بعد ذلك في مشهد وحيد، ومنحت شخصية الأخت للوجه الجديد هاجر الشمري، قال إن طيبة من جدة بالأساس بالتالي لهجتها مختلفة، وكان يريد أن تكون عائلة البطل كلها من الرياض وقد أجادت الشمري في أداء المهمة، هذه ملاحظة لا يكتشفها بسهولة المشاهد غير السعودي، فارق اللهجات لا يدركه إلا أهل البلد، لكنها ملاحظة تنم على أننا أمام مخرج درس موضوعه جيدًا ووفر الأدوات التي تحترم الجمهور، وقدم ليل الرياض كما يعرفه الناس، عكس أفلام أخرى تنتظر دورها في شباك التذاكر صناعها لم يلتزموا باللهجات وطبيعة الأداء المتوقعة من شخصيات سعودية فطالتهم الانتقادات.

هذا التباين بين تجربة «مندوب الليل» وإخلاصها للمجتمع الناتجة عنه والتجارب الأخرى المشار إليها، ربما يضاف للتفسيرات أعلاه حول لماذا هي مفاجأة متوقعة أن يحقق الفيلم كل هذه الإيرادات، لأن «مندوب الليل» ببساطة احترم الجمهور فبادله الناس الشعور نفسه.

 

موقع "سوليوود" في

21.12.2023

 
 
 
 
 

‏ناقة مشعل الجاسر بأضواء صاخبة.

سينما - ولاء الشيحي

جميل أن نحتفي بعمل فني سعودي يكسب نسبة مشاهدةً عالية وهذا ما حققه فيلم «ناقة» للمخرج السعودي مشعل الجاسر الشاب الموهوب الذي يحتفل بنجاح عمله الأول الطويل، والنجاح في بورصة الأفلام هو تحقيق المشاهدة، وهو أمرٌ تحقق؛ لأسبابٍ منها: أنه فيلم سعودي في ميدانٍ بدأ ينضج ويتكون، ومنها المعركة التي قامت إثر عرض الفيلم سلباً وإيجاباً.

‏نحتفي بالأعمال الفنية ونقدر الكفاءات الوطنية، لكن ذلك لا يعني ألا ننتقد ونبدي الرأي فيها لكوننا جمهور صُنع العمل من أجله؛ لأن النقد هو عماد التطور والتجديد في كل شيء.

‏الكثير امتدح فيلم «ناقة» من باب دعم الكفاءات الوطنية والمواهب السعودية، والبعض وصف الفيلم بأنه سيئ بناءً على مشاهدته وذوقه الفني وأنا منهم.

في رأيي الشخصي الذي لا ينتمي للأراء السينمائية المتخصصة بقدر الانتماء إلى رأي الجمهور صاحب الحق في تقييم الأعمال الفنية، أرى أن الفيلم سيئ في مجملة رغم وجود بعض المشاهد الجيدة لكنها قليلة مقارنة بالفوضى التي نالت نصيباً في بقية المشاهد.

‏شاهدت فيلم «ناقة» ووجدت فيه الارتباك و»التمطيط» والكثير من الألفاظ النابية التي لا يحتاجها المشهد والحوار إطلاقاً، وانزعجت كثيراً من الدوران المتكرر للكاميرا والألوان الصاخبة التي تسمى إبهاراً بصرياً بجانب ضعف الصوت أو نطق أبطال الفيلم التي تجعلك تعجز عن استيضاح الجملة التي نطقت.

‏رأيت في الفيلم أضواء بدر ممثلة مبدعة في تقمص الدور لكنه دور سيئ جداً، ظهرت بشخصية عدوانية، دون أي سبب ظاهر لتلك العدوانية في الفيلم سوى أن الأب قتل الدكتور الذي باشر ولادة أمها، وهو ليس عيباً في الممثلة بقدر ما هو عيبٌ في النص والسيناريو.

‏قد يكون مخرج فيلم «ناقة» مبدع لكن الفيلم سيئ، رغم الإبهار البصري فيه، الذي زاد عن حده فانقلب إلى ضده.

‏اعتقد أن القصص الاجتماعية التي تستحق أن تتحول إلى فيلم سعودي كثيرة حتى لو صنفت بعد صناعة فيلم منها، بأنها خيالية، لكن ماذا نختار وكيف نقدمها، حتى لو كانت بلا هدف سوى الترفيه، فالترفيه في السينما والأعمال الفنية هدف رئيسي.

 

####

 

ثقافتنا.. من ناقة القرقاح إلى ناقة الجاسر !!

سينما - محمد السحيمي

لسنا بحاجة هنا لاجترار قصة فيلم (ناقة) لمشعل الجاسر ، السينارست والمخرج والمنتج والمصور والممنتج والمسوِّق والمشوِّق و.. أرجو أن يعذرني إن نسيت أي حاجة من كل حاجة؛ لجهلي وليس لأي حاجة قضاها يعقوب أو لم يقضها !!

وبعيدًا عن كل الفرقعات (الهوليوودية) للأكشن (البوليوودي) نسأل : هل هذه القصة جديدة في الساحة السعودية ؟!

عام 2006م في مهرجان الجنادرية ، فاز فرع جمعية الثقافة والفنون بالمدينة المنورة بجائزة (أفضل عرض) عن مسرحية (ذُهان) لكاتب السطور ، وتحكي مأساة شاب وفتاة يفاجآن – وهما في لحظة حميمية في السيارة – بشاحنة (تريلة) ، يتلافاها (هو) ، ولكن حبيبته تدخل في غيبوبة (كوما) من شدة الروعة! فاضطر لطلب الإسعاف ، ولأنه ليس نذلًا كبطل (ناقة) ؛ سلّم نفسه بشجاعة ؛ إذ لا يرى في الحب عيبًا أو جريمة ! لكن الآخرين (أبوه وأخوه وأبوها وأخوها) لم يقبلوا بهذه الفضيحة ، وقرروا أن يدخل (هو) مستشفى الأمراض العقلية : فإن ماتت (هي) يخرج ويهاجر خارج المملكة ، وإن عاشت فيستحيل أن يتقدم لها لأنه (مجنون رسمي) اختطف البنت وكاد يقتلها ! ولكن الغيبوبة تطول لسنوات ثقيلة يقبع (هو) خلالها في المستشفى إلى أن يتمكن من الهرب ويخطف حبيبته ، ويحاول أن يهرب بها إلى الخارج ليجري لها اول عملية استنساخ بشري !! وتنتهي المسرحية دون أن تخبرنا بنهاية واضحة !

ثم اقترح الفنان المختلف (إبراهيم بادي) أن نقلب المعادلة ؛ فتكون الحبيبة هي من تنجو ، وهو من يدخل في غيبوبة ! وبدلاً من الآخرين تكون الأخريات : أمها وأختها وأمه وأخته !

فكان له ما أراد ، وكان نص (الحب بالقهوة السعودية) أول نص سعودي نسائي بالكامل !!

وإذا كان مشعل الجاسر لم يسمع بهذه التجربة ، فإن بطل فيلمه الفنان القدير (جبران الجبران) كان يسمع ويرى !! وهو خير من نواجهه بأسئلتنا الموجعة كشوكة انغرزت بين الظفر واللحم :

كيف لم تنتبه – وأنت البدوي العريق الغريق في الهياط – إلى أن أسطورة (الجمل حقود) خاصة بالذكر وعنوان فيلمكم أنثى ؟! وكيف توصف الناقة بأنها مغلوثة - مسعورة – وهي لا تأكل اللحم ؟! وهل يظهر حقد الجمل إلا إذا اعتدى الإنسان على شهوته (فحولته) وحرمه من أنثاه التي أمضى نهارًا كاملًا – وربما أكثر – في مغازلتها لتمنحه تلك اللحظة الحميمية الحولية ؟! وحين يعميه الحقد فإن الجمل يثأر لنفسه بقتل عدوه لا بأكله وشرب دمه !

لن يجد الناقد البصير تفسيرًا غير أن الثقافة الذكورية الحاقدة على المرأة هي التي (سلقت) الفيلم ، وهي التي احتفت به في مهرجان البحر الأحمر ، لتقدم للعالم أسوأ صورة رجعية عبثية !

أما من يريد صورتنا الحقيقية فليفتح (يوتيوب) على أغنية ( المقناص ) من تلحين وتوزيع وغناء (مطلق مخلد الذيابي) ، وهو رائد تنويري حداثي ضخم فخم قبل أن يولد الجبران والجاسر وكثير من القائمين على المهرجان!
ومن يتمعن قصيدة الفارس (فرّاج القرقاح) سيدرك أن مايمثلنا ليس الجمل ولا الضب ولا الصقر ؛ بل الإنسان الصادق الكريم الوفي حتى مع حيواناته وسلاحه ! وسيدرك – بالتالي – أن عيب التجارب الإبداعية المحلية ليس في صدامها مع الجمهور، او قطيعتها البذيئة مع النخب المثقفة ؛ وإنما في هذا التعلق الأعمى بالمتلقي الخارجي ، وهذا التهافت المسعور على تحقيق شروطه مهما كانت سخيفة سمجة
!

فمتى نهاجر إلى الداخل ونكتشف ذواتنا ونقدم اجتهاداتنا التي تشبهنا نحن سواء أعجبت الأجنبي ام لم تعجبه ؟؟؟

 

اليمامة السعودية في

21.12.2023

 
 
 
 
 

أضواء بدر لـ«الشرق الأوسط»:

قصة «ناقة» تلامس الجميع... والجدل حوله متوقع

الدمامإيمان الخطاف

ما زال الفيلم السعودي «ناقة» يواصل تصدره قائمة الأفلام الأعلى مشاهدة في السعودية على منصة «نتفليكس»، بعد أسبوعين من طرحه.

والشخصية الرئيسية في «ناقة» هي الممثلة السعودية أضواء بدر، التي سألتها «الشرق الأوسط»، عن الأصداء لفيلمها الطويل الأول ومدى توقعها المسبق لذلك، فقالت: «لم يكن لدي أي توقعات، ولكن كنت أتمنى أن يكون العمل ناجحاً بهذه الدرجة». وعن سر الاهتمام، تجيب: «من واقع تجربتي في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي، الذي صادف العرض العالمي الأول لفيلم (ناقة)، في سبتمبر (أيلول) الماضي، فلقد رأيت أن الجمهور تفاعل كثيراً مع القصة كونها تحدث في أي مكان من حول العالم، فهي قصة وصلت إلى الناس من مختلف الجنسيات».

قصة الفيلم

وتوضح أضواء، أن كثيراً من المراهقين - في أي مكان - يواجهون صرامة الأهل تجاه ضرورة الالتزام بمواعيد العودة إلى المنزل، وهو ما حدث معها في الفيلم، حيث لعبت دور سارة، الفتاة التي تدخن بشراهة وتمضغ العلك طيلة الوقت، في دلالة على حالة اللامبالاة التي تعيشها تجاه كل شيء. وفي بداية الفيلم تطلب سارة من والدها المحافظ أن يوصلها إلى السوق، وسط تهديداته لها بألّا تتأخر، إلا أنها تذهب خلسة في موعد غرامي مع صديقها، وتظل طوال الفيلم خائفة من أن تتأخر على والدها وأن يكتشف أمرها.

ترى أضواء، أن الجمهور تفاعل مع الفيلم بالنظر لطابعه الظريف، قائلة: «لم تكن هناك حاجة إلى أن يفهموا اللغة، حيث كانت الكوميديا تعبيرية في الفيلم؛ علاوة على القصة التي تلامس الجميع». وبسؤالها عن الانتقادات السلبية التي رافقت الفيلم فور نزوله، تقول: «في أي فيلم وأي مجال فإنه من الطبيعي أن تختلف آراء الناس، وأنا أحترم ذلك كثيراً، ففي كل شيء هناك من يعجبه أو لا يعجبه، سواء كان ذلك فيلماً أو عطراً أو كتاباً، إلخ وهذا أمر طبيعي ومتوقع».

ولأن معظم مشاهد «ناقة» كانت في الصحراء وأماكن مفتوحة، جاء السؤال عن أصعب مشهد واجهها، لتجيب: «كان مشهد التصوير تحت السيارة، حيث كان هناك هواء قوي جداً ودخل الرمل في عيني من شدته، وأيضاً مشاهد الجري في شوارع الرياض، وهذه مشاهد صورناها أكثر من مرة، وكلها كانت تحديات جميلة ولا أراها مصاعب».

صحراء الرياض صيفاً

كما كشفت أضواء أن تصوير الفيلم كان في الصيف، وتحديداً في شهر أغسطس (آب)، حين ترتفع درجات الحرارة في الرياض لمستويات قياسية، وكان التصوير حينها من غير مكيفات، إلا أنها تشير إلى أن تفاهم وتناغم فريق العمل ذلل هذه الصعوبات. وتوضح أضواء، أنه وصلتها إشادات عدة من الجمهور حول أدائها في «ناقة»، وعن أكثر ما استوقفها من هذه التعليقات تقول: «أسعدني أن شعور التوتر الذي عاشته سارة وصل للجمهور، وكثيرون أخبروني بذلك».

وهنا، تتحدث عن مخرج الفيلم مشعل الجاسر، قائلة: «ما يميّزه أنه يوضّح الفكرة ويترك الباقي على الممثل، فهو مخرج هادئ وواضح، وأهم شيء لديه أن يكون الممثلون في قمة الراحة؛ لذا فإن كل من امتدح أدائي في العمل عليه أن يعرف أن السبب الأكبر يعود للمخرج، فلأنه مبدع استطاع إخراج إبداعاتنا».

الأفلام السعودية

ويتزامن «ناقة» مع صدور أفلام سعودية أخرى خلال هذا العام، حقق بعضها نجاحات كبيرة، وهنا تؤكد أضواء سعادتها بذلك قائلة: «أتمنى أن تصل كل قصصنا إلى الجمهور، ومن المهم أيضاً أن تُخرجنا قصص الأفلام عن الواقع، وأن يكون لدينا خيارات كثيرة تناسب مختلف الأذواق».

وبسؤالها عن خططها بعد «ناقة»، كشفت عن أنها تكتب سيناريو لفيلم جديد، وتتابع دراستها الجامعية في كتابة السيناريو، مضيفة: «سأكمل في مجال التمثيل والكتابة، ولدي خطط أخرى سأفصح عنها للجمهور حين تكون واضحة، لكن ترقبوا أعمالي المقبلة في السينما».

وجدير بالذكر، أن الفيلم يتخذ اسمه من ظهور جمل صغير أمام السيارة التي تصطدم به وتقتله، فتتسلل مخاوف انتقام والدته الناقة التي تلاحق سارة (أضواء بدر) طيلة الفيلم، وهنا يرى المتفرج مشاهد تتسم بالرعب مع محاولات الفتاة الشابة المتكررة الهرب من الناقة الغاضبة، بالاعتماد على ذكائها، ويكمن التشويق هنا في أن سارة عليها أن تعود إلى المكان الذي تركها فيه والدها في السوق المزدحمة قبل العاشرة مساءً. والفيلم من بطولة أضواء بدر، ويزيد المجيول، وجبران الجبران، وأمل الحربي، وجاء عرضه الأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مطلع هذا الشهر، في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي».

 

الشرق الأوسط في

21.12.2023

 
 
 
 
 

«ناقة» والإغراق في الصورة

د. عبدالرحمن أبوشال

تتمحور قصة فيلم Seven Psychopaths حول مواجهة مارتي صعوبة في كتابة فيلم لا يعرف منه إلا العنوان وهو «المضطربون السبعة»، كل شيء قائم على العنوان وحده، فلا توجد قصة ولا حتى شخصيات. لذا، يحاول صديقه بيلي إنعاش مخيلته لبناء الشخصيات، وبعد ذلك تتضح ملامح القصة ويبقى تطويرها. أحد أهم المشاهد في هذا الفيلم هي حيث يجتمع بيلي، وهو ممثل يبحث عن دور في فيلم، بآخرين حول نار في ليلة مظلمة، ويبدأ فيها بتقديم مشهد بطولي كبير تدور أحداثه في مقبرة وتتداخل فيه عناصر كثيرة ومواقف بطولية في صراع مع زعيم عصابة وأعوانه. هذا المشهد البطولي قائم على المبالغة لحد الإغراق، وبتجاوزه الواقعية دخل حد الشاعرية.

في تصوري أن من مثل هذه الحالة، من تجاوز الواقعية والدخول للشاعرية، خرج لنا فيلم «ناقة» للمخرج مشعل الجاسر، ووجوده في هذه اللحظة من التاريخ يضعنا أمام سؤال مهم، وهو «ما العلاقة بين صناعة الشعر وصناعة الأفلام؟» في الماضي لم تكن أدوات الإنتاج متوفرة حتى يصنع الشاعر صورًا متحركة يصحبها تسجيل صوتي ليوهم المتلقي بأنه يرى الواقع أمامه على الشاشة. كان الشاعر يصنع الصور في مخيلته وينسجها على إيقاع، ثم يعبر عنها لفظيًا ليشعل حواس المتلقي فتصبح مخيلته هي مسرح الأحداث التي تعرض عليها الصور الشاعرية. القاسم المشترك بين الشعر والفيلم هو منشأ الأحداث، أي المخيلة.

تستنبط المخيلة خيالاتها من الواقع والتجربة، وهي مسرح خفي يتصور فيها كل إنسان أحداث قد لا تمت للواقع بصلة، وكلما عاش الإنسان في مخيلته أحكم تخيلاته وركبها وفككها كما شاء. ويجوز في المخيلة ما لا يجوز في الواقع. ولك أن تتخيل ثبات الشاعر على صورة في مخيلته، يعكف عليها الأيام والشهور، ينظمها صورةً وصوتًا، ليلقيها على مسامع الناس ليستثير مشاعرهم، ويجول بهم بين الحسن والقبيح، فيقول: «ولقد ذكرتك والرماح نواهل.. مني وبيض الهند تقطر من دمي.. فوددت تقبيل السيوف لأنها.. لمعت كبارق ثغرك المتبسم» أي صورة كانت لتكون لو كان عنترة مخرجًا سينمائيًا؟.

فيلم «ناقة» خرج من مخيلة طالما سعت للخروج عن المألوف، ربما لأن مخيلته لا تركن أصلاً إلى ما هو مألوف، فتنظر فيما يتقبله العامة على أنه أمر «عادي»، فتبالغ في بعض تفاصيله وتستصغر أخرى، وبهذا يتجلى له أن هناك الكثير من الأمور المصطنعة التي يألفها الناس وهي ليست «طبيعية»، رغم أن العامة تراها كذلك لأنهم ألفوها في محيطهم. على سبيل المثال لا الحصر، قد يبالغ الشخص في التزام «هويته» فيتجاوز حدوده، كالثلاثة الذين تمادوا على سيارة الآيس كريم.

لا شك أن الفيلم بالغ في تصويرهم لحد «الإغراق»؛ أي أنه بالغ في المبالغة، فقدم بعض سمات هذه الفئة بشكل بارز وجعلها مركزية، وأجبر المشاهد على استقباح منظرهم، ولولا المبالغة لما تحقق هذا الأثر الذي يستدعي المشاهد السؤال عما إذا كانت هذه السلوكيات فعلاً واقعية، مثلما أجبر عنترة المتذوق لقصائده على استحسان القبيح والتأثر بشوقه عندما عبر عنه في صورة متحركة إلى حد ما، فهل رأى عنترة ثغر حبيبته المتبسم في السيوف البارقة حقيقةً؟ ما هي إلا تخيلات، والصورة أبلغ من الكلام، خصوصًا في التعبير عن العاطفة.

 

####

 

«شماريخ» مبالغة هوليودية افتقدت المنطق والمتعة

نجلاء محمد

ستطاردك كثيرًا عبارة «الطمع يقل ما جمع» عندما تشاهد فيلم «شماريخ» للمخرج عمرو سلامة، وبطولة: أسر ياسين وأمينة خليل وخالد الصاوي.

من حق صناع العمل أن يطمحوا لتجسيد الرومانسية والتشويق والأكشن والإثارة والتفجيرات، ولكن ليس للحد الذي يجعل من العمل وكأنه جمع من كل فيلم مشهدًا ومن كل قصة حدوتة.

تبدأ الأحداث بالمحامية الشابة «أمينة»، صاحبة المبادئ التي ترى في والدها المحامي الشهير مثلاً أعلى للخير والأخلاق، ويقتل والدها في ظروف غامضة على يد مجرم محترف يحاول قتلها أيضًا، لكنه يقع في حبها في لحظات بدون مبرر أو منطق، فينقذها من الموت في اللحظات الأخيرة غير عابئ بما سيقع عليه من عقاب من العصابة العتيدة التي تملي عليه أوامرها.

وبمرور الوقت تجمع الصدفة بين المحامية والمجرم لتدور بينهما قصة حب تعبر الكثير من العقبات والمواقف الإنسانية، وتتخللها عشرات المشاهد المثيرة من تفجيرات ومطاردات وتصفيات جسدية.

كانت المشاعر الإنسانية بين المحامية والقاتل كافية لعمل فيلم جيد ومتعادل، لكن يبدو أن صناع الفيلم أرادوا المزيد من مشاهد الأكشن، فكان بين المشهد والآخر مشهدان ينفجر فيهما مصنع ضخم، أو يواجه المجرم وحده عشرات من أعضاء العصابة ويهزمهم بدون أي منطق ليخرج مع حبيبته الجميلة استعدادًا لمغامرات جديدة وأكشن وتنكر وهروب ينتظرونه عند حافة المشهد التالي.

المبالغة قد تكون في بعض الأفلام الأميركية مقبولة وجاذبة بناء على المنطق والتقنيات وقوة البطل الخارقة، لكن أن نبني أحداثًا خرافية بدون منطق كان أمرًا شديد الغرابة من مخرج مخضرم له أعمال مهمة مثل: «لا مؤاخذة» و«برة المنهج» و«أسماء».

سيراودك شعور عند المشاهدة أحيانًا أن المخرج أراد تحقيق أحلام الممثلين، فصنع لكل منهم حكاية غير مقنعة ومستوحاة من فيلم عربي قديم أو أجنبي، مثل حكاية أن البطل القاتل هو ابن غير شرعي لرئيس العصابة، وأنه ينفذ أوامر والده الشيطانية لعله يحظى بفرصة في إثبات النسب.

أما الأب، فهو شخص قاسٍ بلا مبرر، ويبالغ في تدليل ابنه الثاني فارس «المعترف به»، فيتحول إلى شخص لن تفهم إن كان شريرًا، أم قصد أن يكون كوميديًا، فهو يتحدث العربية بصعوبة، ويجاهر بشره بمنتهى الفخر الكوميدي، ومع ذلك يستسلم الابن غير الشرعي لأي مخطط ساذج من شقيقه الشرير وهو يعلم بنواياه.

بني الفيلم على كلمة «شماريخ»، وهي إحدى أنواع التفجيرات، وحاول استخدام أكبر كمية مفرقعات حتى يستخدم اسم الفيلم بشكل مقنع، في حين لا وجود حقيقي بهذا الشكل لمصانع المفرقعات والبارود والأسلحة التي يحاول الفيلم الترويج لها.

حاول العمل أن يكون تجاريًا بطريقة السينما الهوليودية، لكنه تناسى أنه بلا منطق حقيقي لا يمكن أن يكون هناك إبهار أو استمتاع.

 

موقع "سوليوود" في

22.12.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004