ملفات خاصة

 
 
 

4 أفلام فائزة في "البحر الأحمر السينمائي": جسور الفهم والعاطفة

"الأستاذ" و"نورة" و"إن شاء الله ولد" و"بنات ألفة"

نور هشام السيف

البحر الأحمر السينمائي الدولي

الدورة الثالثة

   
 
 
 
 
 
 

جدّةفي ختام الدورة الثالثة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي في المملكة العربية السعودية، جاءت الانطباعات في مجملها مرضية لجميع المشاركين في المسابقة وشكلت نوعا من الإجماع العاطفي، خاصة في ما يتعلق بجائزة لجنة التحكيم، التي منحت للفيلم الفلسطيني، "الأستاذ"، بعدما قدمت المخرجة فرح النابلسي خطابا مؤثرا خلال تسلمها جائزة أفضل ممثل، بالنيابة عن الممثل الفلسطيني صالح بكري.

وكان لافتا في عروض المسابقة تقاطع محاور بعض الأفلام ووجود العديد من العناصر المشتركة.

في ما يأتي نستعرض أربعة أفلام شاركت في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، هي "الأستاذ" الفلسطيني، "نورة" السعودي، "إن شاء الله ولد" الأردني، و"بنات ألفة" التونسي.

الأستاذ: احتلال ونمطيات

تتشابك قصتا "الأستاذ" و"نورة" حول شخصية المدرّس كبطل رئيسي، إذ تسلطان الضوء على أزماته الداخلية وتتناولان تحدياته من خلال علاقته بطلبته.

وفي حين تظهر السينما عادة شخصية المدرس بأشكال ترنو من الحكمة، وتقدم تأثير المدرّسين على حياة طلابهم سلبا أو إيجابا، ففي هذين الفيلمين، نجد شخصية المدرس بجلالها، إضافة إلى المشاركة الوجدانية والفهم، باعتباره الشاهد على الأحداث.

في غمرة الانفعال العاطفي المفتعل، بدا أن الجميع يمارس التلقين، بل ظهرت الحالة الأدائية أسيرة استجداء مبتذل للعاطفة

في "الأستاذ"، تتعرّض حياة مدرّس اللغة الإنكليزية الفلسطيني باسم الصالح (صالح بكري) لانهيار كبير بعد وفاة ابنه المراهق ذي الـ 16 عاما في ظروف غامضة داخل السجون الإسرائيلية، مما يؤدّي أيضا إلى انهيار زواجه. ينكفئ الأستاذ في عزلته بين مكتبته المنزلية وطلاب المدرسة، يهتم بشكل خاص بطالبيه الأخوين آدم ويعقوب، ويشهد على لحظات هدم قوات الاحتلال منزلهما دون سابق إنذار، وحرق أشجار الزيتون المجاورة للبيت، إلى انتكاسات متتالية، مما يسفر عن انتكاسات هائلة في حياتهما بعد طردهما وتشردهما، ثم قتل يعقوب على يد مستوطن ومحاولة شقيقه آدم الانتقام بشتى الطرق.

المخرجة الفلسطينية فرح النابلسي تتسلم جائزة "أفضل ممثل" نيابة عن الممثل صالح بكري عن دوره في فيلمها "الأستاذ"، خلال حفل ختام الدورة الثالثة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي في جدة في 7 ديسمبر 2023.

تتداخل ثلاثة خطوط موازية في الفيلم: تفاني الأستاذ باسم في دعم المقاومة الفلسطينية وإخفاء جندي أسير في منزله، رحلة البحث عن الجندي الأسير من قبل عائلته الأميركية، غضب آدم المتزايد وسيطرة فكرة الثأر لشقيقه، حيث تشكِّل هذه الخطوط مزيجا متقلبا يهدّد بتدمير الجميع.

من جانب آخر يظهر خط إضافي لشخصية ليزا، المتطوعة الاجتماعية البريطانية في المدرسة، التي تتعاطف مع عائلة آدم ويعقوب وتتطور علاقتها بالأستاذ باسم من علاقة زمالة إلى علاقة عاطفية وبعد أن اكتشفت مهمته السرية كشريك للمقاومة الفلسطينية يواجهها بالقول: "أنا مقيد بالاخفاقات وبالماضي، بينما امرأة مثلك لها حرية الإختيار وأنتِ اخترتني".

كان من الممكن في تقاطعات الخطوط المذكورة أن ينجو الفيلم من حوارات نمطية تفتقر إلى المبارزة التمثيلية المتوقعة، مثل مشاهد عائلة الجندي الأسير المنزلية، ومشاهد استجواب الضابط، أو مشهد المواجهة بين والد الجندي ومختطفه باسم، وهو مشهد يفترض أن ينقل لنا إحساس ترقب مهيب، لكن في غمرة الانفعال العاطفي المفتعل، بدا أن الجميع يمارس التلقين، بل ظهرت الحالة الأدائية أسيرة استجداء مبتذل للعاطفة، وانفعالات منظمة سلوكيا أفسدت رسالة الفيلم.

نورة: حيّز ضيق

على غرار الأفلام الأوروبية الكلاسيكية التي تتمحور حول ثنائية علاقة الفنان التشكيلي بالعارضة، مثل فيلم "الفتاة ذات القرط اللؤلؤي" للمخرج بيتر ويبر، يسير المخرج السعودي توفيق الزايدي في فيلم "نورة" الذي فاز بجائزة أفضل فيلم سعودي، على الخط الدرامي الرومانسي نفسه، بتحفظ يعكس خصوصية الظرف المكاني في قرية نائية يعاني سكانها من الأمية.

تدور أحداث الفيلم في منتصف تسعينات القرن الماضي في قرية صغيرة تابعة لمنطقة العلا، حيث يدرّس رسام واستاذ شاب يدعى نادر (يعقوب الفرحان) القراءة والكتابة لأبناء القرية، عندما تطلب منه الفتاة نورة، الشقيقة الكبرى لأحد الطلاب، والمتأثرة بصور الإعلانات والفتيات العارضات في المجلات الفنية أن يرسمها بشكل سري على فترات مجزأة داخل بقالة صغيرة.

من حول هذه الحبكة التي تبدو بسيطة، صاغ توفيق الزايدي، وهو ابن المدينة المنورة والعالم ببيئتها، هذه المهمة النبيلة، فيتخذ المدرّس في فيلمه دور الرحّالة بين مساحات الجهل والعقل ويمثل جسرا بين العالم الواقعي والعوالم الخيالية، ويفترض أنه يرتقي بالروح إلى آفاق الأحلام والإمكانات.

بين اللحظة التي ترصد فيها الكاميرا دخول المدرّس للقرية، إلى اللحظة التي يغادرها مطرودا، لا تحدث في  فيلم الزايدي سوى مغامرة واحدة تتكرر ضمن الحيز المكاني الذي خصص له، بينما بقي الحيز الدرامي دون تحديث أو تطوير عميق.

 يوثّق "نورة" مرحلة صعبة في تاريخ السعودية المعاصر، مع إشارة إلى أزمات اجتماعية تتعلق بمواجهة التعليم والفنون

يظهر البائع الهندي هنا دورا حيويا ومساهما في تحريك الشخصيات الراكدة مع إيقاعها المتباطئ، حيث لا تصل القصة بين نادر ونورة إلى علاقة عاطفية متجاوزة إطار الأعراف، ولم تذهب إلى صراع يجعل أحد الأبطال في مفترق طرق واضح المعالم، بل بقي في محور الفتاة المراهقة التي تذهب خلسة إلى بقالة صغيرة في منطقة مهجورة، تصنع قصاصات من المجلات على أنغام أغاني التسعينات، ومدرّس يرسم عينيها الظاهرتين من نقاب الوجه، وهذا كل شيء.

اعتمد المخرج في كتابته النص على عنصر البساطة، لتعكس السمات الشخصية لأصحاب القرية، على تفاوت أعمارهم كبارا وصغارا. يرتكز عنصر السذاجة في طور العلاقات المستأنسة بين الجنسين، على مداعبة مشاعر العامة من خلال ثنائية الرجل الحداثي والفتاة القروية، تلك العلاقة التي يفرضها المنطق  بحدود إلزامية، ثم اقترابها نحو العطف والشفقة وصولا إلى علاقة حب غير متكافئة، وقد رأينا تلك النماذج مسبقا في أفلام مثل "دعاء الكروان"، و"الرجل الذي فقد ظله".

إلا أن قراءة هذا العمل تظلّ  ممكنة من زاويتين مختلفتين: الزاوية الأولى هي الغربة الداخلية لشخصية نادر، وإن كان في سياق بنية الفيلم، مما يهدد بجعلها غير واضحة تماما، أما الزاوية الثانية فتوثيق مرحلة صعبة في تاريخ السعودية المعاصر، مع إشارة إلى أزمات اجتماعية تتعلق بمواجهة التعليم والفنون وحق المرأة في الحياة.

"إن شاء الله ولد": النصف المعطّل

بين الأفلام الأخرى التي برزت في المهرجان، نتوقف عند فيلمي "إن شاء الله ولد" الذي حازت بطلته منى حوا جائزة أفضل ممثلة في دور رئيسي، وفيلم "بنات ألفة" الذي فاز بجائزة أفضل عمل وثائقي، والفيلمان مرشحان لجائزة الأوسكار عن أفضل فيلم أجنبي.

يشترك الفيلمان في أن البطولة النسائية فيهما تعاني من مظلومية كبيرة وتفتقر إلى وجود خيمة أبوية، لا نقول بالمعنى المثالي للأبوة، بل بالمعنى العادي لها، لتظلل العائلة في خلفية المشاهد أو في موازنتها.

في "إن شاء الله ولد" تكمن الذكورة في الأخ وشقيق الزوج وزميل العمل والفتى الجالس في رصيف الحارة  وفي ظل هذا الحصار الخانق يطرح المخرج الشاب أمجد رشيد من خلال تجربته الأولى السؤال: كيف يمكن أن يتطور المجتمع إذا كان نصفه معطلا؟

يحكي الفيلم قصة نوال وهي أم لطفلة وحيدة تعاني من إشكاليات في الحصول على حقوقها من الإرث إثر وفاة زوجها، وتشير الأحداث إلى تحول الأمور لصالحها لو كانت حاملا بولد حسب القوانين الشرعية، بينما كل ما ترغب به الأرملة المكلومة هو البقاء تحت سقف منزلها المتواضع على الرغم من ظهور فئران في المطبخ، إلا أنها مع الوقت تدرك أن رعبها من الفأر أرحم بكثير من رعب العالم القريب منها، الذي يفترض أن يكون سندها الأول.

تعزز الحبكة الدرامية فكرة أن قوانين المجتمع تسيطر على المرأة بغضّ النظر عن الطوائف المختلفة

نجح أمجد رشيد بالتعاون مع الكاتبة دلفين أوغت في أنسنة الشخصيات بدقة واتخذ خطين متوازيين: المرأة المحجبة الملتزمة التي تلجأ الى جميع الحيل لكي تلبي طلب المجتمع وتتمنى الولد، في حين تسعى امرأة مسيحية مرفهة إلى الانفصال على الرغم من رفض القوانين الكنسية ذلك.

تعزز الحبكة الدرامية فكرة أن قوانين المجتمع تسيطر على المرأة بغض النظر عن الطوائف المختلفة، وعلى الرغم من سطوة الصوت الذكوري في الفيلم، فإنه لا يذهب إلى شيطنة شقيق الزوج رفقي (يؤدي دوره هيثم العمري) إلى الحد الأقصى أو التطرف النمطي الذي نشهده في أعمال درامية مماثلة، بل يعرض كل التوترات المسبقة التي أدّت إلى مطالبته بالإرث مع مراعاة كاملة لابنة أخيه

كذلك لم يذهب إلى مسكنة نوال بالكامل على الرغم من تكالب الظروف عليها، بل برهن أن مسارات الحياة قد تجبر المرء على اتخاذ طرق الاحتيال والخداع والكذب من أجل طوق نجاة واحد، وأن للأنسان قناعاته الظاهرة ونزعاته المتأرجحة.

بنات ألفة: قبضة الوحش

على الرغم من نيل هذا الفيلم للمخرجة التونسية كوثر بن هنية جائزة أفضل عمل وثائقي، يظلّ  صعب التصنيف، فهو يتراوح بين الجوانب التسجيلية والروائية. ولا يمكن تغليب جانب على حساب الآخر، إذ ينقلب في بعض المشاهد ليصبح روائيا بحتا ويعود في مشاهد أخرى ليكون إفادات موثقة.

ترسم بن هنية لوحة فنية مؤثرة لحياة عائلة حمروني في أعقاب ثورة 2010-2011 في تونس. وتتقن استخدام مزيج فريد من المقابلات بين الشخصية الواقعية ألفة، وهي سيدة مكافحة وأم لأربع بنات من بينهن الكبيرتان (غفران ورحمة) اللتان انضمتا إلى "داعش"، وبين من تقوم بدور ألفة، الممثلة التونسية هند صبري. تخوض ألفة التجربة مع ابنتيها تيسير وإيمان بلا تابوهات، على الرغم من أن استرسال الشخصيات في التفاصيل يجدد الجروح القديمة، ويكسر حاجز الصمت في تجربتين مزدوجتين: تجربة الراوي في كواليس تحضير الفيلم، وتجربة التمثيل في مشاهد درامية تعكس حياة الشخصيات السابقة لمكاشفة أراوحهم الإنسانية الهشة.

 تمارس ألفة من خلال طاقتها الذكورية أشد أنواع العقاب القاسي، هادمة جميع جسور الفهم والاحتواء العاطفي

تعترف ألفة في أكثر من مشهد بأنها كانت تقبض على ملمح الأنوثة قبضة الوحش. هكذا كانت تحمي صغيراتها من العالم الخارجي الذي ترى أنه يطمع بهن. تمارس ألفة من خلال طاقتها الذكورية أشد أنواع العقاب القاسي، هادمة جميع جسور الفهم والاحتواء العاطفي، فيتغلب الخوف والقلق على الحب، والغضب والضجر والعنف تطفو على السطح.

ماذا بعد الاعترافات؟

يتجنب الفيلم الأساليب التقليدية لمقاربة الأحداث الواقعية، ونرى هند صبري في محاولة لالتقاط لغة جسد ألفة وطريقتها في الحديث، ونجدها تلومها في توقيت آخر على أسلوبها القاسي في تربية بناتها.

تأتي المشاهد تحضيرية ودرامية منفذة وتتضمن شهادات حية في آن واحد، ونتساءل: هل تتسبب العشوائية والتذبذب في فقدان الفيلم جاذبيته بعد الساعة الأولى؟ إلى حدّ كبير، نعم، إذ بدأ الإيقاع يهبط بعد الساعة الثانية عند انغماس ابنتيها ايمان وتيسير في مراحل لبس النقاب والتعمق في حياة القبر. يظهر الفيلم مشاهد مكررة لمناجاة الأختين الغائبتين، وعلى الرغم من ذلك، يُنقذ الفيلم في الدقائق الأخيرة لمعرفة ما تبقى من خبايا ألفة ومأساتها التي تتلوها بطريقة لا تخلو من خفة الظل والشفافية، مما يقدّم زاوية مهمة حول البيئة والنشأة وتأثير الظروف السياسية على مصائر الأفراد.

 

مجلة المجلة السعودية في

14.12.2023

 
 
 
 
 

فيلم «أحلام العصر» للأخوين قدس ..الكحول القاتل في كأس الشهرة.

سينما - كتب طلال لبان

حينما يسيطر الإدمان على المبدع ويصبح أسيرا لشرب الكحول ومدمرا جسديا وذهنيا وعاطفيا ومستسلما لهذه الرغبة الجامحة، يضيع إبداعه ويضيع عطاؤه بالرغم من التاريخ الذي صنعه بعد عناء من العطاء .. فكيف إذا هذا النجم هو لاعب كرة قدم ،كيف سينظر اليه المجتمع حين يبدو على شاشة التلفاز مشاركا في التحليل الكروي وهو مخمور وفاقد لوعيه وتنشر الصحف عن تورطه في قضايا فساد ، هذا ما ناقشه فيلم “أحلام العصر” الفيلم الذي امتد عرضه إلى ٣ ساعات في فندق الريتز بجدة وه العرض الخاص له بمهرجان البحر الأحمر وقد تطرق إلى أمورٍ عدة لكن الفيلم في مجمله العام حقق نجاحا جيدا لإيصال رسالته للمشاهد فعلى الرغم من طولِ عرضه لم تخل الصالة من المشاهدين الذين استمروا في مشاهدة أجزاء الفيلم والذي قسم المخرج عرضه إلى ما يقارب ٧ أجزاء او فصول

قدم الفنان الشاب صهيب قدس دور لاعب كروي كان نجما من نجوم ال ٩٤ ؛هؤلاء النجوم الذين مثلوا الوطن في اول مونديال عالمي واستطاع صهيب أن يتقمص الدور الذي كان مفاجأة حقيقة للمشاهد الذي عليه يقتنع أن صهيب لاعب كرة وذلك لكونه لا يملك الجسد الرياضي ولكن لإيصال فكرة أضرار الإدمان اقتنع المشاهد بذلك لكون الإدمان سبب له الكسل والنوم والترهل الجسدي وظهور الكرش لديه، في حواراته مع ابنته تبين أنه كان يعاني من انفصامٍ في الشخصية.

الشابة نجم قامت بدور ابنة اللاعب الكروي الطموحة بأن تكون مشهورة في السوشل ميديا بالرغم من تخبطات والدها في الإدمان وشربه للكحول وترك والدتها المنزل لهذا السبب فقد حاولت أن تقنعه بأفكارها وسط اقتناع تام من الجمهور بأدائها للشخصية

بالإضافة إلى تواجد الفنان حكيم جمعة الذي أضاف كثيرا لشخصية الشاب المشاكس الطموح الذي اتخذ المسار الخاطئ لتحقيق طموحاته والدخول في منحنيات وتعرجات في النصب والاحتيال لم تكن جزء من شخصيته لكن لظروف الحياة الاجتماعية التي كان يعيشها سببت له هذه الاختيارات الخاطئة
كما قدمت الفنانة فاطمة البنوي دور المرأة العصرية التي تخذل زوجها جمعة الذي قام بأداء دوره د.حكيم جمعة ولكنه كان دورا عاديا لم يبرز ما تملكه فاطمة من امكانيات ظهرت في أدوارها السابقة لكن ربما لرسالة الفيلم كان ظهورها جيدا ومتناسقا مع رتم زملائها في الأداء لما تملكه من موهبة
.

وكان للفنان اسماعيل الحسن ظهور مميز حيث برع حقيقة بافيهات جميلة كان لها وقعها في اسماع المشاهدين بالعرض الخاص .

كما قدم الفنان براء عالم دورا مختلفا عما قدمه سابقا حيث أظهر شخصية الفنان الكول الذي يظهر في السوشل ميديا بطريقة شعره المختلفة ولبسه المختلف عما يظهر به في المعتاد مما أعطى للدور مصداقية وجمال اضافي.

وكان للنجم المخضرم الفنان محمد بخش ظهور خاص في سينما الشباب وخاطفا في الواقع مما أعطى شعورا مختلفا للمشاهد عن ظهورها على شاشة السينما.

كما كانت مشاركة الفنان نواف الظفيري في مشهد واحد يشعر بمدى إيمانه برسالة الفيلم ومساندته للنجوم
كما كانت للنجمة الصاعدة نور الخضرا ظهور مميز ينبئ عن وجود موهبة قادمة للساحة بتميزها في أداء دورها بكل مصداقية وواقعية دون أي افتعال

كان للأخوين قدس دورهما الكبير في العمل الذي عبر بالكثير من مشاهده عن واقع القصة المريرة في الإدمان فمشهد الماء الذي يغرق الشقة في خيال اللاعب المدمن الافتراضي والاستعانة بالمصحف ليقرأ بعض الآيات القرآنية والكثير من مشاهد الفيلم واستخدام الجرافيكس له بطريقة لم تخدش خيال المشاهد بل كانت أكثر واقعية.

وقد كانت من عيوب الفيلم أنه أطال في المشاهد وكان هناك لبعض المشاهد تواجد غير ضروري وحتى مشهد مطاردة السيارات كان ممكن ان يختصر كما تطرق الفيلم للكثير من القضايا الأخرى في الفساد الاخلاقي مما شتت انتباه المشاهد ولو كان تركيزه على القضية الأساسية الا وهي الكحول وتجارة “العرق” والمشروبات الكحولية لكان افضل من الدخول في قضايا أخرى تعطي للمشاهد تساؤلات كثيرة جدا.

لكن في الأخير ظهر لنا عمل جميل وتجربة فنية جديدة رائع للاخوين قدس وننتظر المزيد من عطائهما الفني القادم.

 

اليمامة السعودية في

14.12.2023

 
 
 
 
 

جوائز البحر الأحمر.. «بتتذكري» يستحق الذهب

محمد عبدالرحمن

الفيلم القصير كالقصة القصيرة يعتمد على تكثيف يجبر المتفرج على تأمل كل تفصيلة لأنها تقول الكثير، قاعدة تنطبق بشدة على الفيلم اللبناني المصري الفرنسي «بتتذكري» لداليا نمليش، الفائز بجائزة اليسر الذهبي لأفضل فيلم قصير من الدورة الثالثة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي.

هل صحيح أن مريض ألزهايمر ينسى كل شيء؟ من هذا السؤال المعضلة ينطلق الفيلم، من المشهد الأول نتأكد أننا أمام مخرجة ومؤلفة غارقة حتى النخاع في قصة فيلمها. الابنة تتأكد من أن الأب الخرف متيقظ، تكلمه بحنو فيما ردات فعله باهتة، ليختلف الأمر تمامًا عندما تمسك الزوجة بيد إلياس بطل قصتنا، ردة الفعل أكدت أننا أمام علاقة حب فريدة تتحدى الزمن والنسيان.

نحن أمام رجل في دقائقه الأخيرة، لكنه يتمسك بأن تتذكره زوجته بعد وفاته، نعيش تخاطرًا بين عقل الزوج وعقل زوجته، رفيقة مشواره، نراهما شبابًا ثم شيوخًا، والعكس قبل أن تخلط المخرجة مرحلة الشيخوخة بأيام الحب والانطلاق، وهو ما عكسه بوستر الفيلم بوضوح؛ بوستر قد يهيأ لمن يراه دون دخول قاعة العرض أننا أمام فيلم عن قصة حب شاب بسيدة عجوز، لكن في «بتتذكري» الشابين صارا عجوزين لكنهما قررا تحدي الزمن والمستقبل في آن، وكأنهما يؤسسان لعلاقة أبدية تتعامل مع انطفاء الزوج باعتباره مجرد محطة كمحطات عدة مرا بها، ربما لهذا لم تفاجأ الزوجة عندما صرخت الابنة تطلب الإسعاف، شعرت بألم ورأت نفسها وحيدة لكن صوته كان يتردد في عقلها، وصيته بأن تظل «تتذكري» وخوفه الشديد من أن تمحيه، كان يكلمها في لحظات التخاطر بما لا يستطيع أن يفعله في الواقع بسبب ما ألم به من تدهور جسدي.

حسنًا فعلت المخرجة داليا نمليش باستخدام اللقطات المقربة في كل مشاهد الأب الهرم، لتعكس كيف أن الرجل يعيش في مساحة ضيقة للغاية، وينفتح الكادر عندما يعودان بالذاكرة للوراء، حيث ما جرى في اللقاء الأول، حفلات الشباب والحب والخوف من الحرب، مشاهد حميمية لم يفلح ألزهايمر في محوها من ذاكرة الزوج، وظلت معه حتى توفي، لم يصرح بها علانية لكنها وصلت إلى عقل زوجته التي كانت تستمتع له طوال الوقت لا تشعر بمن حولها، حتى الابنة القلقة على والدها المهتمة برعايته صحيًا، فيما الأم في عالم آخر لا يشاركها فيه أحد إلا رفيق العمر.

لفت انتباهي بشدة عدم ظهور وجوه الضيوف والاكتفاء بأصوات حواراتهم التي عكست أمرين: الوضع اللبناني الحالي بالتركيز على وجه واحد من المعاناة وهو شراء الخبز، والأمر الثاني أن أصحاب البيت انفصلا عن الواقع وكأنهما غير موجودين، فلحظات الوداع والتخاطر الذهني بينهما كان الأهم، تحدث الزوج لزوجته عن الحرب عن معاناة جيله مع القصف، فيما الضيوف يتحدثون عن معاناة اقتصادية حديثة، لتوثق نمليش معاناة الأجيال المتتالية بحساسية مرهفة ودون التأثير على الموضوع الرئيسي للشريط.

فيلم «بتتذكري» يستحق الجائزة الذهبية، ويستحق أن يراه الجمهور على نطاق أوسع، الفيلم من إنتاج محمد تيمور ومارين فايان، وبطولة: سهام حداد، وزافين باركليني، وإيتيان عيال، وتمارا خوري، ودانا ميخائيل.

 

موقع "سوليوود" في

14.12.2023

 
 
 
 
 

بحوجن وهجان السينما السعودية ترفع شعار نعم للمغامرة

نجلاء محمد

سنوات قليلة هي عمر السينما السعودية الجديدة التي حظيت بالانفتاح والدعم اللوجيستي، ولكن هناك قفزات على عدة مستويات جعلتها تقترب من قامة سينما مرت بعشرات السنين من الخبرة، وأبرز ما يلاحظ أن هناك احتضانًا كبيرًا للمواهب العربية ضمن الأفلام السعودية، وفي البداية قد تتخيل أنها استعانة بخبرات تدعم صناعة وليدة، ومحاولة للاستفادة ممن سبقوا في المجال.

لكن برهنت الأفلام السعودية في الأشهر الماضية، أن الموضوع لا يسير حسب هذه القواعد، ودللت على ذلك بفتح ذراعيها لمخرجين شباب واعدين من جنسيات مختلفة مثل المخرج الشاب المميز أبو بكر شوقي، صاحب فيلم «يوم الدين»، الذي تم اختياره ليكون مخرجًا لفيلم سعودي مئة في المئة، شكلاً ومضمونًا ونجومًا. فالفيلم دار في صحراء السعودية وحول رياضة الهجن، ولعب بطولته نجوم سعوديون أبرزهم عبدالمحسن النمر، وقد تتساءل كيف سيقوم مخرج مصري بتنفيذ عمل من قلب البيئة السعودية، وشارك في كتابته أيضًا سيناريست مصري هو عمر شامة، وتتعجب كيف أدار شخص من خارج السعودية “لوكيشن” صحراوي سعودي يدور حول تفاصيل شديدة الخصوصية، وقد تكون براعة المخرج والسيناريست والتحضيرات نجحت في خروج عمل متقن، لكن بالمقام الأول كسبت فكرة الانفتاح على جنسيات أخرى في الصناعة وفتح مجال النقاش، الرهان، وأكدت أن ما يحدث يعد خطوة ناجزة، وتخطيط مستقبلي ذكي في صناعة حديثة العهد لكنها شديدة الحنكة.

ولم يكن فيلم «هجان» فقط هو الفيلم الوحيد الذي أخرجه مخرج غير سعودي، لكن فيلم «حوجن» أيضًا عمل أكد أننا بصدد عهد الانفتاح والترحيب بمواهب غير سعودية داخل الصناعة الوليدة، وأخرج الفيلم العراقي ياسر الياسري، الذي تميز في عدد من الأعمال، ومنها عمل مصري هو فيلم «122» الذي حقق نجاحًا كبيرًا في دور العرض المصرية.

وكانت الاستعانة بالياسري لها وضع خاص، فقد حول أكثر رواية سعودية مبيعًا إلى عمل سينمائي مبهر، واستعان بنجوم سعوديين واعدين وحقق بهم معادلة شديدة الصعوبة ومنهم براء العالم ونور الخضراء، وحصلت الأخيرة على جائزة أفضل ممثلة شابة بمهرجان البحر الأحمر الأخير، ودارت الحكاية في جدة حول جن يكتشف أصوله ويحاول البحث عن جذوره في رحلة مشوقة. وكسبت السينما السعودية بضم موهبة مثل الياسري لتضيف رؤية جديدة لرواية وممثلين وموضوع من قلب الحكايات السعودية.

وربما كانت الاستفادة من مخرجين لهم أعمال هامة مثل الياسري وشوقي، معادلة مضمونة النجاح رغم هامش المخاطرة، ولكن المغامرة كانت أكبر وأخطر بوجود الممثل التونسي ظافر العابدين داخل الصناعة السعودية السينمائية كمخرج ومؤلف وممثل أيضًا، رغم أن له تجربة واحدة تعود لموطنه الأصلي وهي فيلم “غدوة”، لكن كما يبدو أن عصر السينما السعودية الجديدة يرفع شعار مرحبًا بالمغامرة وإتاحة الفرص للجميع.

 

موقع "سوليوود" في

15.12.2023

 
 
 
 
 

السينما السعودية.. النجاح والتحديات الصعبة

محمد جمال الروح

خلال خمس سنوات فقط قطعت السينما السعودية شوطاً كبيراً من الإنجازات على جميع الأصعدة، حتى أصبح السوق السينمائي السعودي هو الأكثر ربحاً في المنطقة بإرادات تجاوزت الثلاثة مليارات ريال خلال تلك المدة الزمنية.

وشهد هذا القطاع، بدعم من جانب المؤسسات الرسمية السعودية، قفزات نوعية هائلة، ونمواً ملحوظاً في البنى التحتية وتزايد أعداد دور العرض التي تجاوزت السبعين داراً، وأيضا في الخدمات المساندة لصناعة السينما، مما أسهم في رواج المنتج السينمائي وتعزيز وتطوير جودة الأفلام السعودية.

يكفي أن نراجع المستوى الفني لأخر ثلاثة أفلام رشحتهم السعودية للأوسكار وهم (“سيدة البحر” لشهد أمين، و”حد الطار” لعبد العزيز الشلاحي، و”أغنية الغراب” لمحمد السلمان) ليتضح لنا أن القفزة النوعية في صناعة السينما السعودية لم تقتصر على مستوى تأسيس البنى التحتية القوية لهذه الصناعة بل كانت في الجودة الفنية لصناعة الفيلم المحلي السعودي الذي أصبح قادرا على المنافسة الدولية المشرفة.

 

فقد نجحت جهود ومبادرات هيئة الأفلام السعودية في خلق أطر تضم الأصوات السينمائية الواعدة وتتبنى المواهب الشابة وتدعم بسخاء المشاريع الجادة، والتقت هذه الجهود مع الإسهامات الحثيثة للمؤسسات غير الربحية كمؤسسة “مسك “، ومركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء»، ومؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي، ومهرجان الأفلام السعودية، هذا بالإضافة لمنجز السينما المستقلة الذى يحمل رصيداً من الأفلام الجيدة، إذاً نحن أمام بيئة إبداعيه مبشرة رغم حداثتها تنبأ بمشروع سينمائي واعد ومؤثر.

 الواقع والطموح

يصل طموح السينما السعودية إلى إنتاج 100 فيلم سعودي كل عام، وأن يتجاوز حجم سوق الانتاج السينمائي المليار دولار، وأن يصل عدد دور العرض إلى 350 داراً بنهاية عام 2030 وكلها أحلام مشروعة وقابلة للتحقق في ظل هذه الإرادة الرسمية الحقيقية التي أمنت بالسينما كهدف له مردود ثقافي واقتصادي.

إلا أن التحديات كبيرة، والاستمرار يحتاج إلى طاقة لا تنضب من الحماس والشغف والإصرار، حتى يتم فعلياً توطين هذا الفن في المملكة ونشر الثقافة السينمائية وسط مجتمع ظل مبتعداً عن تلك الثقافة لعقود طويلة.

ولكن هذا الغياب هو ميزة في حد ذاته، حيث بدأت السينما السعودية من حيث انتهى الآخرون، وأصبح الصانع السينمائي السعودي يرى المشهد السينمائي العالمي بكل تطوراته ومنجزاته الفنية والتقنية، ويخاطب جمهورا من الشباب المتشوق لسحر السينما، وهذا الجمهور البكر يمكن صياغة ذائقته الفنية وتنمية حسه الجمالي ومدركاته الإبداعية بسهولة. بعيداً عن الابتذال والركاكة وبئس الأفكار. فالمجتمع السعودي الذي تحرر لتوه من وطأة التشدد والتزمت والانغلاق الاجتماعي جدير بأن يرى النور من خلال سينما جادة ملهمة تحترم عقله وتشكل وجدانه، وهذه مهمة الأجيال الجديدة من صناع السينما المحملين بالشغف.

خطوات هامة

أولى خطوات صناعة السينما هي إعداد جيل قادر على صياغة أفكاره بصرياً بشكل احترافي وتقني وإبداعي، فنهاك ضرورة كبيرة لوجود معهد سينمائي سعودي وطني بمواصفات عالمية يضاهي معاهد الغرب المتطورة تقنيا وأكاديمياً.

هذا المعهد سيكون النواة الحقيقية لصناعة السينما السعودية، بقدرته على تأهيل الشباب السعودي في جميع مجالات العمل السينمائي من إخراج وتمثيل وتصوير وكتابة سيناريو وديكور ومونتاج وهندسة صوت وجرافيك ومؤثرات وتصميم إنتاج. ويكون لهذا المعهد استديوهاته ومعامله المتطورة القادرة على الإنتاج والمنافسة تيمناً بمعاهد الفيلم الغربية. هذا حلم قريب المنال لا تنقصه الامكانات المادية ولا الرؤية الواعية بضرورة الفن.

فتحت السعودية أبوابها لصناع السينما العالميين في السنوات الثلاث الأخيرة، حيث شهدت المملكة إنتاج العديد من الأفلام العالمية، التي جرى تصويرها في مناطق مختلفة من السعودية، مثل فيلم قندهار”- بطولة جيرارد باتلر، والذي تم تصويره في محافظة العُلا ومدينة جدة؛ وفيلم Cherry الذي تم تصويره أيضًا في محافظة العُلا والعاصمة الرياض. وفيلم محارب الصحراء” من بطولة أنتوني ماكي، والذي صور جزء كبير منه في مدينة تبوك على مدار العام.

وهذه الأفلام وفرت فرص عمل لأكثر 850 فرداً من التقنيين والفنيين المحليين في المملكة خلال فترة التصوير، إلى جانب المئات من الأدوار المساندة والثانوية والمساعدة التي شارك فيها ممثلون سعوديون فاق عددهم الـ 425 سعودياً.

وعلى صعيد الشركات المتعاقدة، تم تعيين نحو 214 شركة سعودية ومحلية متعاقدة لإنجاز أعمال فنية وتقنية ولوجستية وغيرها في هذه الأفلام، كل هذا يدفعنا للحلم بمدينة إنتاج سينمائي مصغرة تكون قبلة فنية للسينما الإقليمية والعالمية.

آفة الذائقة الفنية

تعتزم الشركات التي تملك شاشات العرض السينمائية في المملكة الدخول بقوة في مجال الإنتاج السينمائي وهذا ضروري لدفع عجلة الإنتاج، ولكن لابد من الحظر تجاه هذه الخطوة التي قد تتسبب في تنميط اتجاهات الفيلم السعودي والجنوح بها ناحية الأفلام التجارية السطحية أو أفلام الكوميديا المبتذلة التي كانت سبباً في انهيار سينمات إقليمية لها تاريخ طويل.

وهذا ينطبق أيضا على إعادة تقديم المحتوى الرقمي في أفلام سينمائية تحمل ثيمات وأفكار صناعة المحتوى، وهو ما ينقلنا إلى ضرورة وجود بيئة نقدية تؤسس لثقافة سينمائية واعية، تجعل ذائقة المشاهد قادرة على تذوق الألوان السينمائية المختلفة والحكم على جودتها.

كل ما سبق يمكن تحقيقه وانجازه طالما توفرت الإرادة والرؤية وهما ما يملكهما المشروع السينمائي السعودي في الوقت الراهن.

 

موقع "عين على السينما" في

15.12.2023

 
 
 
 
 

تجلي الروح وانكشافها في ليل الرياض للكلثمي

عساف المسعود

يدعونا علي الكلثمي في فيلمه «مندوب الليل» إلى اكتشاف الرياض من خلال الكاميرا ليأخذنا معه إلى عالم متعدد الطبقات، دون أن نغرق في البحث عن الرمزيات أو المعاني الخفية.

نعم، يستعصي أن تجعل من الرياض في جو من الدراما دون أن تصورها في فصل الشتاء حيث انعكاس أضواء اللوحات الإعلانية على تجمعات المياه في الشوارع ونوافذ السيارات، وذلك السكون الغامض. هذا المشهد الساحر الذي سيجعل أي مخرج في ورطة لانتظاره هذا الفصل من السنة في الرياض ليغذي المشاهد بتنوع ومثالية بصرية

تشارك كلا من الكلثمي والقرعاوي في كتابة الفيلم، لتتشكل ثنائية المخرج والمنتج حيث تجربتهما المشتركة في تلفاز 11، التي جعلت من العمل يتحلى بنوع من الخبرة، بالإضافة إلى تأثر الكلثمي الواضح بالمخرج Martin Scorsese مع طابعه الخاص.

 كما دفعت بنا الكاميرا وبشكل ناعم في بداية الفيلم إلى مساحة مفتوحة من التخمين، عن ماذا يحدث مع «فهد» ليأخذنا بعد ذلك إلى الزمن الأول من القصة.

إن قصة «فهد» التي جسدها الممثل النجيب محمد الدوخي، وفيلم «مندوب الليل» لا يمكن أرشفتها ضمن أفلام المشكلة الاجتماعية، كما لا يمكن أن نوثقها ضمن أفلام ما بعد الحداثة، وذلك لواقعية الأحداث. بالرغم أنه نقل صورة تجاوزت سلطة التقليد والمعروف والعيب والنهاية غير الكلاسيكية، وهذا ما تحتاجه الصناعة السينمائية السعودية.. كان الفيلم يسير على حد المشرط وأتفهم ذلك.

وضع «مندوب الليل» نفسه كأول فيلم يعرض في صالات السينما ويصور الحياة المعاصرة وبأصالة لمدينة الرياض وبلمحة جادة وواقعية، كانت الزاوية البعيدة في أحد المشاهد معبرة بشكل كافٍ وهي تصور منطقة مرتفعة في حي أم الحمام والمدينة المالية تطل في الأفق، لذلك تميز الفيلم بالاكتمال والأمانة والواقعية.

كان «فهد» غير واضح الأهداف في الحياة، حتى إنه تخلى عن أن يكون مديرًا في الشركة لصديقه الذي أسهم في توظيفه، وعندما أخطأ في العمل تخلى عنه وأبعده من الشركة، وهنا تجلت قصة «فهد» الذي سار في أحداث متتالية وتورطه مع إحدى العصابات بهدف الخير لإنقاذ حياته الأسرية ومستقبله كشاب، وتحوله لشخص خاطر بسرقة الكحول من العصابة.

من بداية الفيلم إلى نهايته والخوف يلوح على وجه «فهد»، وقد يكون هذا ما جعله سريع الاشتعال غاضبًا. ويمكن لنا قراءة ذلك في مشهد طفاية الحريق عندما استخدمها للهجوم على اللجنة في الشركة التي طالبته بتقديم استقالته.

عدم وضوح الأهداف، والخوف، وعدم القدرة على التعبير العاطفي لصديقته في العمل بأنه يحبها شكلت من «فهد» هذه الشخصية الجامحة التي قد تقتل في نهاية الفيلم بشكل وحشي كما شاهدنا.

«فهد» ليس شريرًا، فهد كان غاضبًا لا يستطيع التعبير عن مشاعره، لم نعرف كم عمر «فهد» في الفيلم، لكن لو فرضنا أنه من جيل فهو قد مثل تلك الحالة الواسعة التي يعاني منها هذا الجيل بالتحديد، وهي ضعف التواصل أو التعبير عن النفس بشكل غير مألوف للأجيال التي تسبقه.

نعود للكلثمي الذي تفوق في عزل المساحات التي قد تشعرنا بالملل، ونجاح الدوخي في تمثيل هذا الشخص المدعو «فهد». قصة الفيلم بشكل عام ليست فريدة، هي قصة تشابه كثيرًا من القصص في هوليوود، لكن الجديد فيها أنها في الرياض.

كان سياق المشاهد وطريقة تركيبها سلسًا ولم يغفل القائمون على العمل التفاصيل، رغم أن أحد المشاهد، التي اتصل فيها «فهد» على الفتاة التي يحبها ليدعوها لأحد المطاعم الفارهة، وكمية الأحداث إلى لحظة اللقاء، كانت طويلة لتقف دقيقة صمت وتقول.. متى تم تحديد الموعد، هل فاتني شيء هنا.

الكوميديا السوداء تخللت الفيلم، كان هذا الحس من الكوميديا حاضرًا، وتم توظيفه في مكانه الصحيح ومن النوع الذي يدفعك للضحك بعمق لدرجة أن أحدًا لن يسمع صوتك في صالة السينما. من ناحية أخرى، استطاع الفيلم اختيار المشاهد البطيئة بطريقة جيدة لتعميق بعض المعاني

لفت نظري أحد المشاهد كانت فيها مرآة ملقاة في الشارع توقف عندها المخرج بشكل واضح، وكأنها على الأقل بالنسبة إلي تجسد ثورة المرايا التي تشهدها الرياض، بل وأصبحت في بعض الأحيان مزارًا يصطف الناس ليشاهدوا فيها انعكاس رغباتهم.

طرد «فهد» من وظيفته، ووالده يعاني من المرض، وسرق الكحول من العصابة وحاول بيعها لطبقة مختلفة عنه من سكان حي «حطين»، الذي أكد عليها الكاتبان في الفيلم، مصورًا حياتهم بأنهم شابان أصلعان غير جميلين يلبسان الثوب دون شماغ ويبحثان عن المتعة في الكحول والبيتزا.

في نهاية الفيلم اختطفت العصابة «فهدًا» وكان قائد السيارة يقود بتهور. المشهد كان مشوشًا لم يكن «فهد» يتعرض للضرب، لكن كان يستجدي أن يتوقفوا ويعدهم بأن يعيد لهم الكحول. في لحظة قائد السيارة قرر أن يقود بسرعة عالية لم يكن لها مبرر. لم يتضح أن العصابة كانت تحت تأثير أي مسكر أو مخدر، لكن في النهاية انحرفت السيارة عن مسارها ووقعت في الوادي. المشهد باعتقادي هنا كسر قانون النتيجة والسبب.

سقطت السيارة في الوادي ونجا «فهد» وأقدم على قتل الناجي الوحيد من العصابة، وهام على وجهه في الرياض ليقف في إحدى المحطات ينتظر رحلته في الحياة ويستقل الباص مع طبقة العمال الكادحة في مشهد وثق فيه الكلثمي ملامح وجوههم على نمط صور الـphotograp في نهاية مفتوحة لم تحدد مصير «فهد» وموقفه من الحياة.

أخيرًا، كان هناك براعة في الفيلم ورغبة جلية في النجاح وتسجيل علامة فارقة في صناعة الفيلم السعودي.

 

####

 

علي الكلثمي: المخرج الناقد لفيلمه «مندوب الليل»

د. عبدالرحمن أبو شال

لا يخفى على المتابع لنمو المشهد السينمائي بالسعودية أن تلفاز 11 هي من أوائل الشركات التي خلقت اسمها في إنتاج المرئيات بقنواتها على منصة يوتيوب، واسم علي الكلثمي بارز في هذه الأعمال التي أثرت على شريحة كبيرة من الجمهور لتفردها بمواضيعها وأساليب طرحها؛ إذ شكلت هوية غلب عليها الطابع الفكاهي، على الرغم من أن المتابعين لعلي الكلثمي – وربما هذا انطباعي عنه وقد يختلف البعض معي – يعلمون أنه يهوى تنفيذ أعمال أقرب للوثائقيات التي طابعها الجدية والطرح المتزن. مع فيلم مندوب الليل، نرى أول مرة طرحه في قالب درامي من بطولة الفنان محمد الدوخي، الذي مثل قصة شاب سعودي في شوارع الرياض.

غالبًا ما ترتبط الأسماء بالقالب الفني الذي تقدمه، كارتباط أفلام آدم ساندلر بالشخصيات الفكاهية، إلى أن قدم لنا فيلم Uncut Gems، حيث كان الطرح دراميًا، ولكن المشاهد يحضر لهذا الفيلم مشحونًا بتجربته السابقة عن هذا الاسم في مجال الأفلام وينتظر الفكاهة. وكذا الأمر عند حضور «مندوب الليل» في صالة السينما، حيث يحمل المتلقي انطباعًا عامًا عن تلفاز ١١ وإنتاجاته، وينتظر المواقف الفكاهية في لحظاتها وأبرزها لحظة ظهور المخرج نفسه، وهيأ هذا الانتظار المتلقي لأن يجد الفكاهة في شخصية فهد القضعاني، التي هي محور القصة، وكلا الاسمين علي الكلثمي ومحمد الدوخي قد تركا انطباعًا راسخًا في ذهن المتلقي نتيجة جهودهم في «خمبلة» و«كيس» على يوتيوب، ولا ينسى المتابع أثر مدرسة علوم المرجلة.

تحديد القالب دائمًا ما يقابل بعنف إبداعي، وأصفه بالعنف لأنه في حقيقته جهد متمرد يبذله المبدع لكسر القيود التي تفرضها قوالب الأعمال الفنية والنظريات النقدية وتوقعات الجمهور. كل هذه القيود تحتم على المبدع في مجال السينما أن يكون ذا انتقائية عالية من شأنها ضبط العمل خلال مراحل إنتاجه وصولاً إلى غايته، وهي التأثير على الجمهور. لكن بعد عرض الفيلم، ينتهي دور المخرج، لأن الأفلام غير قابلة للاسترجاع أو الاستبدال، وحينها يبدأ دور الناقد. بل إن آراء المخرج وفريق العمل لم تعد لها الأولوية في نقد الفيلم، لأن الرأي هو رأي الجمهور والنقاد، والمخرج انتهت سلطته النقدية عند آخر مراحل الإنتاج وأصبح بعد العرض على كرسي المتلقي. تجربته الإنتاجية تاريخ، وآراؤه مشاركات نقدية قد يخطئ فيها أو يصيب.

ما يقدمه المخرج علي الكلثمي أو الطبيب النفسي يحيى الحسن ينبغي أن يفهم على أنه مساهمة نقدية عن سردية الفيلم لا تقيد تجربة المشاهد واستجابته للشخصيات والموضوعات التي قدمها الفيلم. ولا شك أن شخصية فهد تعاني من علل نفسية واضحة، حتى لو لم يصرح المخرج في ترويجه للفيلم؛ إذ استعان بطبيب نفسي لتشخيص الشخصية، فقدم وبشكل مختصر تشخيصًا نفسيًا لفهد القضعاني. مع ذلك كله، فإن المشاهد للفيلم لا تهمه كل هذه التفاصيل إطلاقًا لضمان تأثير الفيلم عليه؛ لأن الغاية الأساس من المشاهدة هي التأثير والإثارة العاطفية. ويحكم المشاهد على جودة العمل الفني بناء على تأثيره عليه، والذي يزيد عمقًا بحسب ما يستحضره من تجارب وخبرات يلاحظ من خلالها دقة التفاصيل. أما الناقد فيحاكمه للمعايير الفنية ويبدي رأيه ضمن الأحكام الجمعية على العمل.

أما أنا فقد شدني شغفي ومتابعتي لعلي الكلثمي إلى متابعة كل ما ذكره عن فيلم «مندوب الليل» قبل عرضه، وفي عرضه أول ليلة، بت أشاهد التكوين النفسي لشخصية فهد القضعاني وأتساءل: «هل يعي كل من في صالة العرض الآن عمق التجسيد النفسي للشخصية ودقة التفاصيل، أم أنهم هنا بحثًا عن الفكاهة مع علي الكلثمي ومحمد الدوخي، وكون الفيلم من إنتاج تلفاز ١١؟».

 

موقع "سوليوود" في

17.12.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004